نداء الحق لامة الاسلام {{فاعتبروا يا أولي الأبصار}}

 نداء الحق لامة الاسلام {{فاعتبروا يا أولي الأبصار}

Translate

الثلاثاء، 21 فبراير 2023

ج2. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

ج2. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج

اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا احمد بن محمد العتيقى قال سمعت طلحة بن محمد ابن جعفر يقول سمعت ابا بكر بن ابى داود يقول مررت يوما بباب الطاق فاذا رجل يعبر الرؤيا فمر به رجل فأعطاه قطعة وقال له رايت البارحة كأنى اطالب بصداق امرأة ولم اتزوج قط فرد عليه القطعة وقال ليس لهذه جواب فتقدمت اليه فقلت له خذ منه القطعة حتى افسر لك فأخذ القطعة فقلت للرجل انت تطالب بخراج ارض ليست لك فقال هو ذا والله معى العون توفى ابو بكر يوم الاثنين سابع عشر ذى الحجة من هذه السنة وهو ابن ست وثمانين سنة وستة اشهر وايام وصلى عليه زهاء ثلاثمائة الف ثم صار الواصلون يصلون عليه حتى صلى عليه ثمانين مرة حتى انفذ المقتدر بنازوك فخلص جنازته ودفن فى مقابر باب البستان وخلف له ثلاثة بنين وثلاث بنات
348 - محمد بن اسحاق ابو العباس الصيرفى الشاهد حكى عن الزبير بن بكار وتوفى فى شوال هذه السنة
349 - محمد بن جعفر بن محمد بن المهلب ابو الطيب الديباجي سمع يعقوب بن ابراهيم الدورقى والحسن بن عرفة وغيرهما روى عنه ابو بكر الشافعى وابن المظفر الحافظ وكان ثقة ومات فى هذه السنة
350 - محمد بن جعفر بن حمكويه ابو العباس الرازى قدم بغداد وحدث بها عن ابى حاتم الرازى ويحيى بن معاذ حكايات روى عنه ابو حفص الكتانى وغيره
351 - محمد بن جعفر ابو بكر العطار النحوى من اهل المخرم حدث عن الحسن بن عرفة وعباس الدورى روى عنه محمد بن

المظفر وعلى بن عمر الدارقطنى
352 - محمد بن جعفر بن حمدان ابو الحسن القماطرى حدث عن ابى عتبة احمد بن الفرج الحمصى وغيره روى عنه ابن المظفر والدارقطنى
353 - محمد بن السرى ابو بكر النحوى المعروف بابن السراج كان احد العلماء المذكورين بالادب وعلم العربية وصحب المبرد وروى عنه السيرافى والرمانى وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن ابى على عن على بن عيسى ابن على النحوي كان ابو بكر ابن السراج يقرأ عليه كتاب الاصول الذى صنفه فمر فيه باب فاستحسنه بعض الحاضرين فقال هذا والله احسن من كتاب المقتضب فأنكر عليه ابو بكر ذلك وقال لا تقل هذا ومثل ببيت وكان كثيرا ما يمثل فى ما يجرى له من الامور بأبيات حسنة فأنشد حينئذ ... ولكن بكت قبلى فهاج لى البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم ...
قال وحضر فى يوم من الايام بنى له صغير فاظهر من الميل اليه والمحبة له فاكثر فقال له بعض الحاضرين اتحبه فقال متمثلا ... احبه حب الشحيح ماله ... قد كان ذاق الفقر ثم ناله ... توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
354 - نصر الحاجب حجب المقتدر بالله وتقدم عنده وكان دينا عاقلا وخرج الى لقاء القرامطة محتسبا فانفق من مالة مائة الف دينار الى ما اعطاه السلطان فاعل فى الطريق ومات فى هذه السنة فحمل الى بغداد فى تابوت

سنة ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان مؤنسا المظفر دخل بغداد بعد أن لقيه عبد الله بن حمدان ثم من براد للامارة واحكم معه ما أراد فدخل بيته ولم يمض الى دار السلطان فمضى اليه ابو العباس ابن امير المؤمنين ومحمد بن على الوزير وعرفاه شوق امير المؤمنين اليه فاعتذر من تخلفه بعلة شكاها فأرجف الناس بتنكره ووثب الرجالة ببعض حاشيته فواثبهم اصحابه فوقع فى نفس مؤنس ان هذا بأمر السلطان فجلس فى طياره وصار الى باب الشماسية وتلاحق به اصحابه وخرج اليه نازوك فى جيشه فلما بلغ المقتدر ذلك صرف الجيش عن بابه وكاتب مؤنسا وسائر الجيش بازاحة عللهم فى الاموال وخاطب مؤنسا بأجمل خطاب وقال واما نازوك فلست ادرى ما سبب عتبه واستيحاشه والله يغفر له سيىء ظنه واما ابن حمدان فلست اعرف شيئا احفظ له الاعز له عن الدينور وانما أردنا نقله الى ما هو اجل منه وما لاحد من الجماعة عندى الا ما يحب واستظهر كل واحد منهم لنفسه بعد ان لا يخلع الطاعة ولا ينقض بيعة فانى مستسلم لأمر الله عز و جل غير مسلم حقا خصنى الله به فاعل ما فعله عثمان بن عفان رضى الله عنه ولا آتى فى سفك الدماء ما نهى الله عز و جل عنه ولست انتصر الا بالله فسمع العسكر هذا فقالوا نمضى فنسمع ما يقول فاخرج المقتدر جميع من كان يحمل سلاحا وجلس على سريره فى حجره مصحف يقرأ فيه وامر بفتح الابواب واحضر بنيه فاقامهم حول سريره فصار المظفر الى باب الخاصة ثم صرف الناس على حالة جميلة فسروا بالسلامة ورجع المظفر الى داره فلما كان يوم الخميس لثلاث عشرة من المحرم عاود اصحاب نازوك وسائر الفرسان الركوب فى السلاح واخرجوا المظفر على كره منه وغلبه نازوك على التدبير وركب نازوك يوم الجمعة بعد الصلاة والناس معه فى السلاح فوجدوا الابواب مغلقة فأحرقوا بعضها ودخلوا وقد تكاملت عدة

الفرسان اثنى عشر الفا ومبلغ مالهم فى كل شهر خمسمائة الف دينار والرجالة عشرين الفا ومبلغ مالهم عشرون ومائة الف دينار فدخل نازوك واصحابه الدار بخيلهم فدخل المظفر واخرج الخليفة وولده والسيدة الى منزله ونهب الجند الدار ثم وكل المظفر بالقصر واجمع رأى نازوك وعبد الله بن حمدان على اجلاس محمد بن المعتضد فجاؤا به فى ليلة السبت للنصف من المحرم فسلموا عليه بالخلافة ولقب القاهر بالله وقلد ابو على بن مقلة وزارته ونازوك الحجبة مضافا الى الشرطة ونهبت دار السلطان ووجد لأم المقتدر ستمائة الف دينار فحملت وخلع المقتدر من الخلافة يوم السبت النصف من المحرم واشهد على نفسه القضاة بالخلع وسلم الكتاب بذلك الى القاضى ابى عمر محمد بن يوسف فسلمه الى ولده ابى الحسين وقال له احفظه ولا يراه احد من خلق الله فلما اعيد المقتدر الى الخلافة بعد يومين اخذ القاضى ابو عمر الكتاب فسلمه الى المقتدر من يده الى يده وحلف له انه ما رآه من خلق الله غيرى فحسن موقع ذلك المقتدر وشكره وقلده بعد مديدة قضاء القضاة ولما كان من غدبيعة القاهر وهو يوم الاحد جلس القاهر بالله وحضر الوزير ابو على بن مقلة فكتب ابن مقلة الى العمال بخبر تقليده الخلافة ثم شغب الجند يطلبون الارزاق فلما كان يوم الاثنين اجتمعوا وطالبوا وهجموا فقتلوا نازوك وصاحوا مقتدر يا منصور فهرب الوزير والحجاب والحشم وجاء المقتدر فجلس وجىء بالقاهر اليه فأجلسه بين يديه واستدناه وقبل جبينه وقال يا اخى انت لا ذنب لك وقد علمت انك قهرت والقاهر يقول الله الله نفسي نفسي يا امير المؤمنين فقال له وحق رسول الله لاجرى عليك منى سوء ابدا وعاد ابن مقلة فكتب الى الاماكن بخلافة المقتدر وفيها يذرق الحاج منصور الديلمى وسلموا فى طريقهم فلما وصلوا الى مكة وافاهم ابو طاهر الهجرى الى مكة يوم التروية فقتل الحاج فى المسجد الحرام

وفى الفجاج من مكة وقتلهم فى البيت قتلا ذريعا وكان الناس فى الطواف وهم يقتلون وكان فى الجماعة على بن بابويه يطوف فلما قطع الطواف ضربوه بالسيوف فلما وقع أنشد ... ترى المحبين صرعى فى ديارهم ... كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا ...
واقتلع الهجرى الحجر الاسود وقلع قبة بئر زمزم وعرى الكعبة وقلع باب البيت واصعد رجلا من اصحابه ليقلع الميزاب فتردى الرجل على راسه ومات وقتل امير مكة واخذ اموال الناس وطرح القتلى فى بئر زمزم ودفن باقيهم فى مصارعهم وفى المسجد الحرام من غير ان يصلى عليهم وانصرف الى بلده وحمل معه الحجر الاسود فبقى عندهم اكثر من عشرين سنة الى ان ردوه اخبرنا محمد بن ابى طاهر انبأنا على بن المحسن عن ابيه قال حدثنا ابو الحسين عبد الله بن احمد بن عياش القاضى قال اخبرنى بعض اصحابنا انه كان بمكة فى الوقت الذى دخلها ابو طاهر القرمطى ونهبها وسلب البيت وقلع الحجر الاسود والباب وقتل المسلمين فى الطواف وفى المسجد وعمل تلك الاعمال العظيمة قال فرأيت رجلا قد صعد البيت ليقلع الميزاب فلما صار عليه سقط فاندقت عنقه فقال القرمطى لا يصعد اليه احد ودعوه فترك الميزاب ولم يقلع ثم سكنت النائرة بعد يوم او يومين قال فكنت اطوف بالبيت فاذا بقرمطى سكران وقد دخل المسجد بفرسه فصفر له حتى بال فى الطواف وجرد سيفه ليضرب به من لحق وكنت قريبا منه فعدوت فلحق رجلا كان الى جنبى فضربه فقتله ثم وقف وصاح يا حمير اليس قلتم فى هذا البيت من دخله كان آمنا فكيف يكون آمنا وقد قتلته الساعة بحضرتكم قال فخشيت من الرد عليه ان يقتلنى ثم طلبت الشهادة فجئت حتى لصقت به وقبضت على لجامه وجعلت ظهرى مع ركبتيه لئلا يتمكن من ضربى بالسيف ثم قلت اسمع قال قل قلت ان الله عز و جل لم يرد أن من دخله كان آمنا انما اراد من دخله فأمنوه وتوقعت ان يقتلنى فلوى رأس فرسه وخرج

من المسجد وما كلمنى قال المحسن وحدثنى ابو احمد الحارثى قال اخبرنى رجل من اصحاب الحديث اسرته القرامطة سنة الهبير واستعبدته سنين ثم هرب منها لما امكنه قال كان يملكنى رجل منهم يسومنى سوء العذاب ويستخدمنى اعظم خدمة ويعربد على اذا سكر فسكر ليلة واقا منى حياله وقال ما نقول فى محمد هذا صاحبكم فقلت لا ادرى ولكن ما تعلمنى ايها المؤمن اقوله فقال كان رجلا سائسا فما تقول فى ابى بكر قلت لا ادرى قال كان رجل ضعيفا مهينا فما تقول فى عمر قلت لا ادرى قال كان والله فظا غليظا فما تقول فى عثمان قلت لا ادرى قال كان جاهلا احمق فما تقول فى على قلت لا ادرى قال كان ممخرقا أليس يقول ان هاهنا علما لو اصبت له حملة اما كان فى ذلك الخلق العظيم بحضرته من يودع كل واحد منهم كلمة حتى يفرغ ما عنده هل هذه الا مخرقة ونام فلما كان من غد دعانى فقال ما قلت لك البارحة فاريته انى لم افهمه فحذرنى من اعادته والاخبار عنه بذلك فاذا القوم زنادقة لا يؤمنون بالله ولا يفكرون فى احد من الصحابة قال المحسن ويدل على هذا ان ابا طاهر القرمطى دخل الكوفة دفعات فما دخل الى قبر على عليه السلام واجتاز بالحائر فما زار الحسين وقد كانوا يمخرقون بالمهدى ويوهمون انه صاحب المغرب ويراسلون اسماعيل بن محمد صاحب المهدية المقيم بالقيروان ومضت منهم سرية مع الحسن بن ابى منصور بن ابى سعيد فى شوال سنة ستين وثلثمائة فدخلوا دمشق فى ذى القعدة من هذه السنة فقتلوا خلقا ثم خرجوا الى مكة فقتلوا واستباحوا واقاموا الدعوة للمطبع لله فى كل فتح فتحوه وسودوا أعلامهم ورجعوا عما كانوا عليه من المخرقة ضرورة وقالوا لو فطنا لما فطن له ابن بويه الديلمى لاستقامت امورنا وذلك انه ترك المذاهب جانبا وطلب الغلبة والملك فأطاعه الناس وكان من مخاريقهم قبة ينفرد فيها اميرهم وطائفة معه ولم يقاتلوا فاذا كل المقاتلون حمل هو بنفسه وتلك الطائفة على قوم قد كلوا من القتال وكانوا يقولون ان النصر ينزل من هذه القبة وقد جعلوا مدخنة وفحما فاذا ارادوا ان يحملوا صعد احدهم الى القبة

وقدح وجعل النار فى المجمرة واخرج حب الكحل فطرحه على النار فتفرقع فرقعة شديدة ولا يكون له دخان وحملوا ولا يلبث لهم شيء ولا يوقد ذلك الا ان يقول صاحب العسكر نزل النصر فكسر تلك القبة اصحاب جوهر الذى ملك مصر ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
355 - احمد بن محمد بن احمد بن حفص ابو عمرو الحيرى شيخ نيسابور فى عصره فى الرياسة والعدالة والثروة والحديث سمع محمد بن رافع واسحاق بن منصور ومحمد بن يحيى وابا زرعة وابا حاتم فى خلق كثير وتوفى لست خلون من ذى القعدة من هذه السنة
356 - احمد بن مهدى بن رستم اسند الحديث الكثير انبأنا محمد بن ابى القاسم اخبرنا حمد بن احمد اخبرنا ابو نعيم الحافظ قال سمعت ابا محمد بن حيان يقول كان احمد بن مهدى ذا مال كثير نحو ثلثمائة الف درهم فأنفقه كله على العلم وذكر أنه لم يعرف له فراش اربعين سنة وقال ابن حيان وسمعت ابا على احمد بن محمد بن ابراهيم يقول قال احمد بن مهدى جائتنى امرأة ببغداد ليلة من الليالى فذكرت انها من بنات الناس وانها امتحنت بمحنة وقالت اسألك بالله ان تسترنى فقلت وما محنتك قالت اكرهت على نفسى وانا حبلى وذكرت للناس انك زوجى وان ما بى من الحبل منك فلا تفضحنى استرنى سترك الله عز و جل فسكت عنها ومضت فلم اشعر حتى وضعت وجاء امام المحلة فى جماعة من الجيران يهنئونى بالولد فأظهرت لهم التهلل ووزنت فى اليوم الثانى دينارين ودفعتهما الى الامام فقلت ادفع هذا الى تلك المرأة لتنفقه على المولود فانه سبق ما فرق بينى وبينها وكنت ادفع فى كل شهر اليها دينارين على يد الامام واقول هذه نفقة المولود الى ان أتى على ذلك سنتان ثم توفى المولود فجاءنى الناس يعزوننى فكنت اظهر لهم التسليم

والرضا فجاءتنى المرأة ليله من الليالى بعد شهر ومعها تلك الدناير التى كنت ابعث لها بيد الامام فردتها وقالت سترك الله عز و جل كما سترتنى فقلت هذه الدنانير كانت صلة منى للمولود وهى لك فاعمل فيها ما تريدين
357 - اسماعيل بن اسحاق بن ابراهيم مولى بكر بن مضر بن النعمان يكنى ابا احمد كان من الغزاة وله مواقف معروفة فى الروم توفى فى رجب هذه السنة
358 - بدر بن الهيثم ابن خلف بن خالد بن راشد بن الضحاك بن النعمان ابو القاسم اللخمى القاضى الكوفى نزل بغداد وحدث بها عن أبى كريب وغيره روى عنه ابن شاهين ويوسف القواس وكان ثقة من المعمرين وسمع الحديث بعد أن مضى من عمره اربعون سنة انبأنا القزاز قال انبأنا احمد بن على قال حدثنى الازهرى قال ذكر ابو الحسن الدارقطنى ان بدر بن الهيثم عاش مائة وسبع عشرة سنة وكان نبيلا وادرك ابا نعيم الفضل بن دكين ومنا كتب عنه ودخل على على بن عيسى الوزير فرفعه وقال له كم سن القاضى قال ما ادرى كم سنى ولكن قد كان بالكوفة اعجوبة فركبت مع ابى سنة خمس عشرة ومائتين وكان بين الركبتين مائة سنة توفى بدر فى شوال هذه السنة وحمل الى الكوفة فدفن فيها
359 - جعفر بن عبد الله بن جعفر بن مجاشع ابو محمد الختلى حدث عن جماعة وروى عنه ابن المظفر وابو بكر بن شاذان وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
360 - جعفر بن محمد بن ابراهيم بن حبيب ابو بكر المعروف بابن ابى الصعو الصيدلانى حدث عن ابى موسى محمد بن المثنى ومحمد بن منصور الطوسى ويعقوب الدورقى روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة

361 - عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ابن المرزبان بن سابور بن شاهنشاه ابو القاسم ابن بنت احمد بن منيع بغوى الاصل ولد ببغداد سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل سنة اربع عشرة فى رمضان وهو اصح ورأى ابا عبيد ولم يسمع منه وسمع من يحيى بن معين جزءا فأخذه منه موسى بن هارون فرماه فى دجلة وقال اتريد أن تجمع فى الرواية بين الثلاثة احمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلى بن المدينى وكان البغوي يقول احصيت المشايخ الذين لا يروي عنهم اليوم غيرى فكانوا سبعة وثمانين شيخا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت الخطيب اخبرنا على بن المحسن قال سمعت عمر بن احمد الوعظ يقول سمعت عبد الله بن محمد البغوى يقول قرأت بخط جدى احمد بن منيع ولد ابو القاسم ابن بنتى يوم الاثنين فى شهر رمضان سنة اربع عشرة ومائتين واول ما كتب الحديث سنة خمس وعشرين ومائتين عن اسحاق بن اسماعيل الطالقانى قال الخطيب وسمع البغوى على ابن الجعد وخلف بن هشام البزار ومحمد بن عبد الوهاب الحارثى وابا الاحوص محمد بن حيان البغوى وعبيد الله بن محمد بن عائشة التيمى وابا نصر التمار وداود بن عمر الضبى ويحيى بن عبد الحميد الحمانى واحمد بن حنبل وعلى بن المدينى وحاجب ابن الوليد ومحمد بن جعفر الوركانى وبشر بن الوليد القاضى ومحمد بن حسان السمتى ومحرز بن عون وهارون بن معروف وشيبان بن فروخ وسويد بن سعيد وابا خيثمة زهير بن حرب فى آخرين من امثالهم روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد وعلى ابن اسحاق المادرائى وعبد الباقى بن قانع وحبيب بن الحسن القزاز ومحمد بن عمر الجعابى وابو بكر بن مالك القطيعى وعبد الله بن ابراهيم الزينبى وابو حفص بن الزيات ومحمد بن المظفر وابو عمر بن حيويه وابو بكر بن شاذان والدارقطنى وابن شاهين وابو حفص الكتانى وخلق سوى هؤلاء لا يحصون وكان ثقة ثبتا مكثرا فهما عارفا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت الخطيب قال حدثنى على بن

احمد بن على المؤدب حدثنا محمد بن اسحاق النهاوندى حدثنا الحسن بن عبد الرحمن ابن خلاد قال لا يعرف فى الاسلام محدث وازى عبد الله بن محمد البغوى فى قدم السماع فانه توفى فى سنة سبع عشرة وثلثمائة وسمعناه يقول حدثنا اسحاق بن اسماعيل الطالقانى سنة خمس وعشرين ومائتين
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى ابو الوليد الحسن بن محمد الدربندى قال سمعت ابا محمد عبدان بن احمد الخطيب ابن بنت احمد بن عبدان الشيرازى يقول سمعت جدى يقول اجتازا ابو القاسم البغوى بنهر طايق على باب مسجد فسمع صوت مستمل فقال من هذا فقالوا ابن صاعد فقال ذاك الصبى فقالوا نعم قال والله لا ابرح من موضعى حتى املى من هاهنا فصعد الدكة وجلس ورآه اصحاب الحديث فقاموا وتركوا ابن صاعد ثم قال حدثنا احمد ابن حنبل الشيبانى قبل ان يولد المحدثون حدثنا طالوت بن عباد قبل ان يولد المحدثون حدثنا ابو نصر التمار قبل ان يولد المحدثون فأملى ستة عشر حديثا عن ستة عشر شيخا ما كان فى الدنيا من يروى عنهم غيره
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبيد الله بن عمر بن احمد الواعظ قال حدثنا ابى حدثنا عمر بن الحسن بن على بن مالك قال سألت موسى بن هارون عن ابى القاسم بن منيع فقال ثقة صدوق لو جاز لانسان ان يقال له فوق الثقة لقيل له قلت له يا ابا عموان فان هؤلاء يتكلمون فيه قال يحسدونه ابن منيع لا يقول الا الحق
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال حدثنى على بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة بن يوسف يقول سمعت ابا الحسين محمد بن غسان يقول سمعت الأردبيلى يقول سئل ابن أبى حاتم عن ابى القاسم البغوى يدخل فى الصحيح قال نعم قال حمزة سألت ابا بكر بن عبدان عن أبى القاسم البغوى قال لا شك انه يدخل فى الصحيح اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر احمد حدثنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال سمعت الدارقطنى

يقول كان ابو القاسم بن منيع قلما يتكلم على الحديث فاذا تكلم كان كلامه كالمسمار فى الساج قال مؤلف الكتاب هذا كلام العلماء الاثبات فى البغوى وقد تكلم فيه ابو احمد بن عدى بكلام حاسد لا يخفى سوء قصده
اخبرنا ابو منصور بن خيرون اخبرنا اسماعيل بن ابى الفضل الاسماعيلى اخبرنا حمزة بن يوسف بن ابراهيم السهمى اخبرنا ابو احمد عبد الله بن عدى الجرجانى قال كان ابو القاسم عبد الله بن محمد البغوى وراقا فى ابتداء عمره يورق على جده وعمه وغيرهما ووافيت العراق سنة سبع وتسعين وما رأيت فى مجلسه فى ذلك الوقت الا دون العشرة غرباء بعد أن يسألهم بنوه مرة بعد مرة حضور مجلس ابيهم فيقرأ عليهم لفظا وكان مجانهم يقولون فى دار ابن منيع شجرة تحمل داود بن عمرو الضبى من كثرة ما يروى عنه وما علمت ان احدا حدث عن على بن الجعد باكثر مما حدث هو وسمعه القاسم المطرز يوما يقول حدثنا عبيد الله العيشى فقال القاسم فى حرام من يكذب فلما كبر واسن ومات اصحاب الاسناد احتمله الناس واجتمعوا عليه ونفق عندهم ومع نفاقه واسناده كان مجلس ابن صاعد اضعاف مجلسه وحدث بأشياء انكرت عليه وكان معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف قال مؤلف الكتاب رحمه الله هذا كلام لا يخفى انه صادر عن تعصب والوراقة لا تضره وقلة الجمع عليه لا تؤذيه وكلام المجان لا اثر له وقول المطرز خارج عن كلام اهل العلم وقد ذكرنا قصته مع ابن صاعد على ان ابن صاعد قد سمع منه واما الذى انكر عليه فما عرفنا احدا انكر عليه شيئا قط الا انه سها مرة فى حديث ثم اعلمهم انه غلط وهذا لا عيب فيه لأن الآدمى لا يخلو من الغلط اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى العلاء بن أبى المغيرة الاندلسى اخبرنا على بن بقاء الوراق اخبرنا عبد الغنى ابن سعيد الازدى قال سألت ابا بكر محمد بن على النقاش تحفظ شيئا مما اخذ على ابن بنت احمد بن منيع فقال لى كان غلط فى حديث عن محمد بن عبد الوهاب عن ابن شهاب عن ابى اسحاق الشيبانى عن نافع عن ابن عمر فحدث به عن محمد بن عبد الوهاب

وانما سمعه من ابراهيم بن هانىء عن محمد بن عبد الوهاب فأخذه عبد الحميد الوراق بلسانه ودار على اصحاب الحديث وبلغ ذلك ابا القاسم ابن بنت احمد بن منيع فخرج الينا يوما فعرفنا انه غلط فيه وانه اراد أن يكتب حدثنا ابراهيم بن هانىء فمرت يده على العادة فرجع عنه قال ابو بكر ورأيت فيه الانكسار والغم وكان ثقة رحمه الله اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على الخطيب اخبرنا ابن رزق اخبرنا اسماعيل بن على الخطبى قال توفى ابو القاسم بن منيع ليلة الفطر فى سنة سبع عشرة وثلثمائة ودفن يوم الفطر وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرا قال الخطيب ودفن فى مقبرة باب التبن قال المصنف ورأيت فى بعض الروايات انه مات وهو صحيح السمع والبصر والاسنان يطأ الاماء
362 - على بن الحسن بن المغيرة ابو محمد الدقاق سمع اسحاق بن ابى اسرائيل روى عنه ابو بكر بن شاذان وكان ثقة مأمونا توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
363 - محمد بن الحسين بن محمد بن عمار ابو الفضل يعرف بابن ابى سعد الهروى قدم بغداد فحدث بها عن محمد بن عبد الله الانصارى روى عنه ابن المظفر وكان ثقة حافظا اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قرأت فى كتاب ابى القاسم ابن الثلاج بخطه قتل ابو الفضل محمد بن الحسن المعروف بابن ابى الحسين مع اخيه فى يوم الاثنين قبل التروية بيوم فى المسجد الحرام قتلهما القرمطى ابن ابى سعيد الجنابى فى السنة التى دخل القرمطى مكة سنة سبع عشرة وثلثمائة
364 - محمد بن بان بن حبيب ابو بكر الحضرمى ولد سنة خمس وعشرين ومائتين وحدث عن حرملة بن يحيى وغيره وكان رجلا صالحا ثقة نبيلا ثبتا متقللا فقيرا لا يقبل من احد شيئا توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة ثمان عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه هبت ريح من المغرب فى آذار حملت رملا احمر يشبه رمل الصاغة فامتلأت منه اسواق بغداد وسطوحها ومنازلها وقيل انه من جبلى زرود
وفيها قبض المقتدر على ابن على ابن مقلة وكانت مدة وزارته سنتين واربعة اشهر وثلاث ايام واستوزر سليمان بن الحسن بن مخلد وجعل على بن عيسى ناظرا معه وفى جمادى الاولى احترقت دار ابى على ابن مقلة التى فى وجه الزاهر وكان قد انفق عليها مائة الف دينار وانتهب الناس الخشب والرصاص والحديد وفيها حج بالناس عبد السميع بن ايوب بن عبد العزيز الهاشمى وخرجوا بخفارة وبذرته ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر 2
365 - ابراهيم بن احمد بن محمد ابن ابراهيم بن مطرف بن على ابو اسحاق الاستراباذى سمع من ابى خليفة وابى يعلى الموصلى وغيرهما وكان ثقة فقيها فاضلا ثبتا وتوفى فى هذه السنة وهو شاب
366 - احمد بن اسحاق بن البهلول ابن حسان بن سنان ابو جعفر التنوخى أنبارى الاصل ولد فى سنة احدى وثلاثين ومائتين وسمع اباه وابراهيم بن سعيد الجوهرى ومؤمل بن اهاب وابا سعيد الاشج وابا هشام الرفاعى وخلقا كثيرا وكان عنده عن ابى كريب حديث واحد روى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقة فقيها على مذهب ابى حنيفة قيما بالنحو على مذهب الكوفيين فصيح العبارة كثير الحفظ للشعر القديم والحديث والسير والتفسير وكان شاعرا فصيحا لسنا ورعا متخشنا فى القضاء بيته بيت العلم

حمل الناس العلم عن ابيه وجده وعنه وعن ابنه محمد وعن ابن اخيه داود بن الهيثم ابن اسحاق ولى ابو جعفر قضاء الانبار وهبت وطريق الفرات من قبل الموفق بالله فى سنة ست وسبعين ومائتين ثم تقلده للمعتضد ثم تقلد بعض كور الجبل للمكتفى فى سنة اثنتين وتسعين ومائتين ولم يخرج اليها ثم قلده المقتدر فى سنة ست وتسعين ومائتين بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور وطسوجى قطربل ومسكن الانبار وطريق الفرات وهبت ثم اضاف اليه بعد سنين القضاء بكور الاهواز مجموعة لما مات قاضيها وكيع وما زال على هذه الاعمال حتى صرف عنها فى سنة سبع عشرة وثلثمائة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على ابن ابى على عن ابى الحسن احمد بن يوسف الازرق قال حدثنى القاضى ابو طالب محمد بن القاضى ابى جعفر بن البهلول قال كنت مع ابى فى جنازة والى جانبه ابو جعفر الطبرى فأخذ ابى يعظ صاحب المصيبة ويسلبه وينشده اشعارا ويروى له اخبارا فداخله الطبرى فى ذلك وذنب معه ثم اتسع الامر بينهما فى المذاكرة وخرجا الى فنون كثيرة من الآداب والعلم استحسنها الحاضرون وتعالى النهار وافترقنا فقال لى ابى يا بنى تعرف هذا الشيخ الذى داخلنا اليوم فى المذاكرة من هو فقلت هذا ابو جعفر محمد بن جرير الطبري فقال انا لله ما حسنت عشرتى يا بنى فقلت كيف قال الا قلت لي فكنت اذاكره غير تلك المذاكرة هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع فى صنوف العلم وما ذاكرته بحسبها قال ومضت على هذا مدة فحضرنا فى جنازة اخرى فاذا بالطبرى فقلت له ايها القاضى هذا الطبرى قد جاء فأومأ اليه بالجلوس عنده فجلس الى جنبه وأخذ ابى بجاريه فكل ما جاء الى قصيدة ذكر الطبرى منها ابياتا فيقول له ابى هاتها يا ابا جعفر الى آخرها فيتلعثم الطبرى فينشدها ابى الى آخرها وكل ما ذكر شيئا من السير قال ابى هذا كان فى قصة فلان ويوم بنى فلان مر فيه يا ابا جعفر فربما مر وربما

تلعثم فمر أبى فى جميعه فما سكت أبى يومه ذلك الى الظهر وبان للحاضرين تقصير الطبرى عنه ثم قمنا فقال لى ابى الآن شفيت صدرى
انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز انبانا على بن ابى على التنوخى عن ابيه قال حدثنى القاضى ابو الحسين على بن محمد بن ابى جعفر بن البهلول قال طلبت السيدة ام المقتدر من جدى كتاب وقف بضيعة كانت ابتاعتها وكان كتاب الوقف مخزونا فى ديوان القضاء وارادت أخذه لتخرقه وتتملك الوقف ولم يعلم الجد بذلك فحمله الى الدار وقال للقهرمانة قد احضرت الكتاب فأيش ترسم فقالوا تريد أن يكون عندنا فأحسن بالامر فقال لأم موسى القهرمانة تقولين لأم المقتدر السيدة اتقى الله هذا والله مالا طريق اليه ابدا انا خازن المسلمين على ديوان الحكم فان مكنتمونى من خزنة كما يجب والا فاصرفونى وتسلموا الديوان دفعة واحدة فاعملوا فيه ما شئتم واما ان يفعل شىء من هذا على يدى فوالله لا كان ذلك ابدا ولو عرضت على السيف ونهض والكتاب معه وجاء الى طياره وهو لا يشك فى الصرف فصعد الى ابن الفرات وحدثه بالحديث فقال له الا دافعت عن الجواب وعرفتنى حتى اكتب واملى فى ذلك والآن انت مصروف فلا حيلة لى مع السيدة فى امرك قال وادت القهرمانة الرسالة الى السيدة فشكت الى المقتدر فلما كان يوم الموكب خاطبه المقتدر شفاها فى ذلك فكشف له الصورة وقال له مثل ذلك القول والاستعفاء فقال له المقتدر مثلك يا احمد من قلد القضاء اقم على ما انت عليه بارك الله فيك ولا تخف ان ينثلم محلك عندنا قال فلما عاودت السيدة قال لها المقتدر الاحكام مالا طريق الى اللعب به وابن البهلول مأمون علينا محب لدولتنا ولو كان هذا شىء يجوز لما منعتك اياه فقالت السيدة كأن هذا لا يجوز فقال لها لا هذه حيلة من ارباب الوقف على بيعه واعلمها كاتبها ابن عبد الحميد شرح الامر وأن الشراء لا يصح بتخريق كتاب الوقف وان هذا لا يحل فارتجعت المال وفسخت

الشراء وعادت تشكر جدى وانقلب ذلك امرا جميلا عندهم فقال جدى بعد ذلك من قدم امر الله على امر المخلوقين كفاه الله شرهم توفى ابو جعفر ابن البهلول فى ربيع الآخر من هذه السنة
367 - اسماعيل بن سعدان بن يزيد ابو معمر البزاز سمع خلقا كثيرا وروى عنه ابن المظفر الحافظ وكان ثقة وتوفى فى شهر جمادى الآخر من هذه السنة
367
- 368 اسحاق بن محمد ابن مروان ابو العباس الغزال كوفى حدث عن ابيه روى عنه ابن المظفر وقال الدارقطنى لا يحتج بحديثه توفى فى هذه السنة
369 - جعفر بن محمد ابن يعقوب ابو الفضل الصندلى سمع من على بن حرب وغيره روى عنه ابن حيويه والقواس وكان ثقة صالحا دينا سكن باب الشعير وكان يقال انه من الابدال توفى فى صفر هذه السنة
370 - عبد الله بن احمد ابن عتاب ابو محمد العبدي حدث عن احمد بن منصور الرمادي روى عنه ابن حيويه وابن شاهين

وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة
371 - عبد الله بن جعفر ابن احمد بن خشيش ابو العباس الصيرفى سمع يعقوب الدورقى روى عنه الدارقطني وقال هو ثقة توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
372 - عبد الملك بن احمد بن نصر ابن سعيد ابو الحسين الخياط سمع يقوب الدورقي ومحمود بن خداش ويونس ابن عبد الاعلى والربيع بن سليمان المصريين روى عنه اسماعيل الخطى وابن شاهين
235 - وكان ثقة توفى فى شهر رجب من هذه السنة
373 - عبد الواحد بن محمد بن المهتدى بالله ابو احمد الهاشمى سمع يحيى بن ابى طالب روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان راهب بنى هاشم صلاحا ودينا وورعا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
374 - محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع ابن مالك ابوالطيب اللخمى الكوفى ولد سنة اربعين ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن ابى سعيد الاشج وغيره روى عنه ابن المظفر وابن شاذان وابن شاهين والكتانى وكان ثقة يفهم وقد روى ابن عقدة عن الحضرمى انه قال هو كذاب وهذا ليس بصحيح
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الصورى حدثنا ابو طاهر محمد بن محمد بن الحسين المعدل حدثنا ابو الحسن بن سفيان الحافظ قال كان محمد بن الحسين اللخمى ثقة صاحب مذهب حسن وجماعة وامر بالمعروف ونهى عن المنكر وكان مما يطلب للشهادة فيأبى ذلك وتوفى فى هذه السنة وقد قيل توفى سنة عشر وثلثمائة
375 - محمد بن الحسين بن سعيد بن ابان ابو جعفر الهمذانى ويعرف بالطنان قدم بغداد وحدث بها عن احمد بن محمد بن رشد بن المصرى روى عنه الدارقطنى وقال هو ثقة وقال بعض الحفاظ ليس بالمرض توفى فى هذه السنة
376 - يحيى بن محمد بن صاعد ابو محمد مولى ابى جعفر المنصور ولد سنة ثمان وعشرين ومائتين ورحل فى طلب الحديث الى البلاد وكتب وحفظ وسمع لوينا واحمد بن منيع وبندار ومحمد ابن المثنى والبخارى وخلقا كثيرا او اول ما كتب الحديث عن الحسن بن عيسى بن ماسرجس سنة تسع وثلاثين روى عنه من الاكابر عبد الله بن محمد البغوى

والجعابى وابن المظفر وابن حيويه والدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة مأمونا من كبار حفاظ الحديث وممن عنى به وله تصانيف فى السنن تدل على فقهه وفهمه اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى القاضى ابو بكر محمد ابن عمر الداودى قال سمعت شيخا من اصحاب الحديث حسن الهيئة لا احفظ اسمه يقول حضر رجل عند يحيى بن صاعد ليقرأ عليه شيئا من حديثه وكان معه جزء عن ابى القاسم البغوى عن جماعة من شيوخه فغلط فقرأه على ابن صاعد وهو مصغ الى سماعه ثم قال له بعد ايها الشيخ انى غلطت بقراءة هذا الجزء عليك وليس هو من حديثك انما هو من حديث ابى القاسم البغوى فقال له يحيى ما قرأته على هو سماعى من الشيوخ الذين قرأته عنهم ثم قام فأخرج اصوله وأراه كل حديث قرأه على الشيخ الذى هو مكتوب فى الجزء عنه توفى يحيى فى ذى القعدة من هذه السنة وله تسعون سنة ودفن فى باب الكوفة
سنة ثم دخلت سنة تسع عشرة وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قدم مؤنس يوم الخميس لعشر خلون من صفر بالحاج من مكة سالمين وسر الناس بتمام الحج وانفتاح الطريق وتلقوه بأنواع الزينة وضربوا له القباب وكان مؤنس قد بلغه فى انصرافه من مكة ارجاف بقصد ابى طاهر الهجرى طريق الجادة فعدل بالقافلة عنه فتاه فى البرية ووجد فيها آثار عجيبة وعظاما مفرطة فى الكبر وصور الناس من حجارة وحمل بعضها الى الحضرة وحدث بعض من كان معه انه راى امرأة قائمة على تنور وهى من حجر والخبز الذى فى التنور من حجر وقيل هى بلاد عاد وقيل ثمود وفيها قبض على سليمان بن الحسن الوزير وكانت مدة وزارته سنة وشهرين وتسعة ايام ثم استوزر المقتدر أبا القاسم عبيد الله بن محمد الكلواذى ثم عزل وكانت وزارته شهرين وثلاثة ايام ثم استوزر الحسين بن القاسم ثم عزل

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
377 - اسلم بن عبد العزيز ابن هاشم بن خالد ابو الجعد ولى القضاء بالأندلس وتوفى بها فى رجب هذه السنة
378 - جعفر بن محمد بن المغلس ابو القاسم حدث عن حوثرة بن محمد المنقرى وابى سعيد الاشج روى عنه ابن شاهين ويوسف القواس وابو حفص الكتانى وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
379 - الحسن بن على بن احمد ابن بشار بن زياد ابو بكر الشاعر المعروف بابن العلاف حدث عن ابى عمر الدورى وغيره روى عنه ابن شاهين وابن حيويه وغيرهما اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على اخبرنا على بن ابى على المعدل قال حدثنى ابى حدثنا عبد العزيز بن أبى بكر الشاعر قال حدثنى أبى قال كنت ذات ليلة فى دار المعتضد وقد اطلنا الجلوس بحضرته ثم نهضنا الى مجلسنا من حجرة كانت مرسومة بالندماء فلما اخذنا مضاجعنا وهدأت العيون أحسسنا بفتح الابواب والاقفال بسرعة فارتاعت الجماعة لذلك وجلسنا فى فرسنا فدخل الينا خادم من خدم المعتضد فقال ان امير المؤمنين يقول لكم ارقت الليلة بعد انصرافكم فعملت ... ولما انتبهنا للخيال الذى سرى ... اذا الدار قفر والمزار بعيد ...
وقد أرتج على تمامه فأجيزوه ومن اجازه بما يوافق غرضى اجزلت له جائزته وفى الجماعة كل شاعر مجيد مذكور وأديب فاضل مشهور فافحمت الجماعة واطالوا الفكر فقلت مبتدرا ... فقلت لعينى عاودى النوم واهجعى ... لعل خيالا طارقا سيعود ...
فرجع الخادم اليه بهذا الجواب ثم عاد الى فقال امير المؤمنين يقول لك احسنت وما قصرت وقد وقع بينك الموقع الذى اريده وقد امر لك بجائزة وها هى فاخذتها

وازداد غيظ الجماعة منى توفى الحسن بن على فى هذه السنة وقيل فى سنة ثمان عشرة عن مائة سنة
380 - الحسن بن على بن زكريا ابن صالح بن عاصم بن زفر ابو سعيد العدوى البصرى ولد سنة عشر ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن مسدد وهدبة وطالوت وكامل بن طلحة وغيرهم روى عنه الدارقطنى والكتانى وكان واضعا للحديث توفى فى هذه السنة
381 - الحسين بن الحسين بن عبد الرحمن ابو عبد الله الانطاكى قاضى ثغور الشام ويعرف بابن الصابونى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه ابو بكر الشافعى والدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى ببغداد فى هذه السنة
382 - عبد الله بن احمد بن محمود ابو القاسم البلخى من متكلمى المعتزلة البغداد بين صنف فى الكلام كتبا كثيره واقام ببغداد مده طويله وانتشرت بها كتبه ثم عاد الى بلخ فاقام بها الى ان توفى فى شعبان هذه السنة
383 - عبيد الله بن ثابت بن احمد بن خازم ابو الحسن الحريرى مولى بنى تميم كوفى الاصل حدث عن ابى سعيد الاشج روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان محدثا كثير الحديث ثقة فهما وتوفى فى هذه السنة
384 - على بن الحسين بن حرب بن عيسى ويعرف بابن حربويه القاضى سمع الحسن بن عرفة وغيره وروى عنه ابن حيويه

وابن شاهين وكان ثقة عالما أمينا اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على حدثنا الصورى اخبرنا محمد بن عبد الرحمن الازدى حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور حدثنا ابو سعيد بن يونس قال على بن الحسين بن حرب قاضى مصر يكنى ابا عبيد قدم مصر على القضاء واقام بها دهرا طويلا وكان شيئا عجيبا ما راينا مثله قبله ولا بعده وكان يتفقه على مذهب أبى ثور وعزل عن القضاء سنة احدى عشرة وثلثمائة وكان سبب عزله انه كتب يستعفى من القضاء ووجه رسولا الى بغداد يسال فى عزله وكان قد اغلق بابه وامتنع من أن يقضى بين الناس فكتب بعزله واعفى فحدث حين جاء عزله فكتب عنه ورجع الى بغداد وكانت وفاته ببغداد وكان ثقة ثب 2 تا
انبأنا عبد الرحمن بن محمد قال انبأنا احمد بن على قال اخبرنا البرقانى قال ذكرت لابى الحسن الدارقطنى ابا عبيد ابن حربويه فذكر من جلالته وفضله وقال حدث عنه عبد الرحمن النسائى فى الصحيح ولعله مات قبله بعشرين سنة توفى ابو عبيد فى صفر هذه السنة وصلى عليه ابو سعيد الاصطخرى ودفن فى داره
385 - محمد بن ابراهيم بن نيروز ابو بكر الانماطى سمع عمرو بن على ومحمد بن المثنى وغيرهما روى عنه ابو بكر الشافعى وابن المظفر والدارقطنى وغيرهم وذكره يوسف القواس فى جملة شيوخه الثقات وتوفى فى هذه السنة وقيل فى السنة التى قبلها
386 - محمد بن ابراهيم بن محمد بن ابى الحجيم ابو كثير الشيبانى البصرى قدم بغداد وحدث بها عن يونس بن عبد الاعلى والربيع بن سليمان روى عنه ابن المظفر وابن حيويه وابن شاهين وكان ثقة
387 - محمد بن الفضل بن العباس ابو عبد الله البلخى اخبرنا عمر بن ظفر اخبرنا جعفر بن احمد حدثنا عبد العزيز

ابن على اخبرنا ابن جهضم قال حدثنى على بن محمد قال سمعت ابراهيم الخواص يقول قال لى محد بن الفضل ما خطوت اربعين سنة خطوة لغير الله عز و جل وما نطرت اربعين سنة فى شىء استحسنته حياء من الله عز و جل وما امليت على ملكى ثلاثين سنة شيئا ولو فعلت ذلك لاستحييت منهما اسند محمد عن قتيبة وصحب ابن خضرويه وانتقل الى سمرقند فمات بها فى هذه السنة
388 - محمد بن سعد ابو الحسين الوراق صاحب ابى عثمان النيسابورى وكان له علم بالشريعة وكان يتكلم فى دقائق علوم المعاملات اخبرنا ابن ناصر اخبرنا ابو بكر بن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال قال ابو الحسين الوراق من غض بصره عن محرم اورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدى بها سامعوه ومن غض بصره عن شبهة نور الله قلبه بنور يهتدى به الى طريق مرضاته قال السلمى توفى ابو الحسين الوراق بل العشرين والثلثمائة
289 - يحيى بن عبد الله بن موسى ابو زكريا الفارسى كتب بمصر عن الربيع صاحب الشافعى وحدث وكان ثقة صدوقا حسن الصلاة شهد عند القضاه وتوفى بمصرفى فى هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة عشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه كانت شتوتها دفيئة ولم يجمد فيها الماء وكان هواؤها كهواء الربيع فلما جاء الربيع كثرت الامراض الحادة منذ شباط وكثر الموت وعرض الاكثر الناس ذرب
وكان قد ورد الى طريق مكة صاحب لأبى طاهر الهجرى ليجبى الحاج فلم يخرج من الحاج الا نفر يسير رجاله فلما فاته من جباية الحاج ما قدر عطف على الاعراب

فاجتاحهم
وحضر من ناظر عن مرداويج بن زياد الديلمى والتمس ان يقاطع عن الاعمال التى غلب عليها من اعمال المشرقى فكتب له عهده وانفذ له لواء وخلعة
وفى رمضان توفى قاضى القضاة ابو عمر واستخلف ابنه ابو الحسين فى سائر اعماله سوى قضاء القضاة وفى شوال قتل المقتدر بالله وولى القاهر بالله
باب ذكر خلافة القاهر بالله
لما قتل المقتدر وانحدر مؤنس رأى راس المقتدر قال ان قتلتموه والله لنقتلن كلنا فأقل الاشياء ان تظهروا ان ذلك جرى عن غير قصد وان تنصبوا فى الخلافة ابنه ابا العباس فانه اذا جلس فى الخلافة سمحت نفسه ونفس جدته والدة المقتدر باخراج الاموال فغيروا رايه وعدلوا به الى محمد بن المعتضد فاحضر وسنه ثلاثة وثلاثون سنة وحلف لهم وبايعه من حضر من القضاة والقواد ولقب القاهر بالله وذلك فى سحر يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال ويكنى القاهر بالله ابا منصور وامه مولدة يقال لها قبول توفيت قبل خلافته ولد لخمس خلون من جمادى الاولى من سنة سبع وثمانين ومائتين ولما استخلف نقش على سكة العين والورق محمد رسول الله القاهر بالله المنتقم من اعداء الله لدين الله وكان رجلا ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير اسمر معتدل الجسم اصهب الشعر طويل الانف فى مقدم لحيته طول لم يشب الى ان خلع وزرله ابو على ابن مقلة وابو جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله ابو العباس بن الخصيب وحجبه على بن بليق وما زال القاهر بالله باحثا عن مواضع المستترين من ولد المقتدر وامهات اولاده وحرمه والمناظرة لوالدة المقتدر وطلب المال منها على ماسنذكره ان شاء الله تعالى

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
390 - احمد بن عمير ابن جوصاء ابو الحسن الدمشقى كتب عنه وتوفى فى دمشق هذه السنة
291 - ابراهيم بن محمد
ابن على بن طحاء بن على بن مقلة ابو اسحاق التميمى روى عن على بن حرب الطائى وعباس الدورى وكان ثقة فاضلا وذكر ابو الحسن على بن محمد بن حبيب المارودى قال مر ابراهيم بن بطحاء واليه الحسبة بجانبى بغداد بباب قاضى القضاة ابى عمر فرأى الخصوم جلوسا على بابه ينتظرون جلوسه للنظر بينهم وقد تعالى النهار وهجرت الشمس فوقف واستدعى حاجبه وقال تقول لقاضى القضاة الخصوم جلوس بالباب قد بلغتهم الشمس وناذوا بالانتظار فاما جلست لهم او عرفتهم عذرك لينصرفوا ويعودوا
392 - اسماعيل بن عباد ابن القاسم بن عباد ابو على القطان حدث عن على بن حرب وغيره روى عنه ابن شاهين وتوفى فى رمضان هذه السنة
313 - اسحاق بن موسى ابن سعيد الرملى حدث عن ابى داود السجستانى وغيره روى عنه المعافى بن زكريا وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
394 - بكير الشراك احد شيوخ الصوفية كان ينزل بالشونزية اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا

ابو بكر بن ثابت اخبرنا اسماعيل بن احمد الحيرى اخبرنا محمد بن الحسين السلمى قال سمعت الحسين بن احمد يقول بكير الشراك لم ار فى مشايخ الصوفية احسن لزوما للفقر منه مات سنة عشرين وثلثمائة
395 - جعفر المقتدر بالله امير المؤمنين كان قد بلغ الى مؤنس ان المقتدر قد دبر عليه حتى يقبض عليه فغضب واصعد الى الموصل
ووجه رسولا فأخذ الرسول وضرب ووقع الوزير الحسين بن القاسم بقبض املاك مؤنس وملك مؤنس الموصل ثم اقبل الى بغداد فلما بلغ الجند خبره شغبوا على المقتدر فأطلق لهم مالا كثيرا وخرج الى حربه فجعل الجند يتسللون الى مؤنس ثم نادوا باسم مؤنس فأتى مؤنس عبكرا وضرب المقتدر مضربه بباب الشماسة وركب يوم الاربعاء لثلاث بقين من شوال فمر فى الشارع يريد مضربه وعليه قباء فضى مصمت وعليه عمامة سوداء والبردة على كتفيه وبين يديه اعلام الملك والويته وحوله جماعة من الانصار بأيديهم المصاحف وكثر دعاء الناس له ثم جرت الحرب ووافى البربر من اصحاب مؤنس فأحاطوا بالمقتدر وضربه رجل منهم من خلفه ضربة سقط منها الى الارض فقال انا الخليفة فقال البربرى لك اطلب واضجعه فذبحه بالسيف ورفع رأس المقتدر على سيف ثم على خشبة وسلب ثيابه حتى مربه بعض الاكرة فستره بحشيش ثم حفر له فى الموضع ودفنت جثته دون رأسه وذلك برقة الشماسة مما يلى قرية يحيى وكان المقتدر قد اتلف نيفا وسبعين الف الف دينار وذلك اكثر مما جمعه هارون الرشيد وحمل رأسه الى مؤنس وكان سنه يومئذ ثمانيا وثلاثين سنة وشهرا وخمسة ايام وكان قتله فى الساعة الرابعة يوم الاربعاء لثلاث بقين من شوال هذه السنة وكانت خلافته اربعا وعشرين سنة واحد عشر شهرا واربعة عشر يوما من جملتها يومان وثلاث ليال خلع فيها من الخلافة ثم اعيد قال

ابو بكر الصولى عاش المقتدر فى الخلافة اكثر مما عاش الخلفاء قبله فان المعمرين من الخلفاء قبله معاوية وعبد الملك وهشام والمنصور والرشيد والمأمون والمعتمد وزاد عليهم ثم كلهم ماتوا على فرشهم وختم له بالشهادة ومن العجائب انه لم يل الخلافة من اسمه جعفر ويكنى ابا الفضل الا هو والمتوكل وقتل هو يوم الاربعاء والمتوكل ليلة الاربعاء
396 - الحسن بن الربيع ابو على البجلى من اهل الكوفة سمع حماد بن زيد وابن المبارك وابن ادريس وغيرهم روى عنه عباس الدورى وغيره وحنبل وكان ثقة صالحا متعبدا يبيع البوارى
397 - الحسن بن محمد بن عمر بن جعفر بن سنان ابو على النيسابورى حدث عن جماعة وروى عنه يوسف القواس وكان ثقة توفى فى هذه السنة
398 - الحسين بن صالح بن خيران ابو على الفقيه الشافعى كان من افاضل الشيوخ واماثل الفقهاء مع حسن المذهب وقوة الورع واراده السلطان ان يلى القضاء فلم يفعل
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا القاضى ابو العلاء محمد ابن على الواسطى اخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد العسكرى قال اريد ابو على بن خيران للقضاء فامتنع فوكل ابو الحسن على بن عيسى الوزير ببابه وختم فبقى بضع عشرة يوما فشاهدت الموكلين على بابه حتى كلم فأعفاه فقال لى أبى

يا بنى انظر حتى تحدث ان عشت ان انسانا فعل به مثل هذا وامتنع اخبرنا المبارك بن على الصيرفى قال اخبرنا ابو على محمد بن محمد بن المهدي اخبرنا خيران بن احمد بن محمد بن على بن خيران الفقيه قال اخبرنى ابو عبد الله الحسين بن محمد الفقيه الكشفلى ان على بن عيسى وزير المقتدر بالله امرنا زوك صاحب البلد أن يطلب الشيخ ابا على بن خيران الفقيه حتى يعرض عليه قضاء القضاة فاستتر فوكل بباب داره رجاله بضعة عشر يوما حتى احتاج الى الماء فلم يقدر عليه الا من عند الجيران فبلغ الوزير ذلك فأمر بازالة التوكيل عنه وقال فى مجلسه والناس حضور ما اردنا بالشيخ ابى على بن خيران الاخيرا اردنا ان نعلم ان فى مملكتنا رجلا يعرض عليه قضاء القضاة شرقا وغربا وهو لا يقبل توفى ابو على بن خيران فى ذى الحجة من هذه السنة
399 - الحسن بن محمد بن الحسين ابن ابراهيم بن اشكاب ابو الحسين العامرى سمع الزبير بن بكار روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة يسكن باب خراسان توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
400 - عبد الملك بن محمد بن عدى ابو نعيم الفقيه الجرجانى الاستراباذى سافر البلاد وكتب الحديث الكثير سمع احمد بن منصور الرمادى وعلى بن حرب الطائى فى جماعة روى عنه ابن صاعد وكان احد ائمة المسلمين من الحفاظ للشرع مع صدق وورع وضبط وتيقظ وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما يحفظ الحفاظ المسانيد

401 - العباس بن بشر بن عيسى بن الاشعث ابو الفضل المعروف بالرخجى وكان يسكن بالجانب الشرقى وحدث عن يعقوب الدورقى روى عنه ابن شاهين وكان ثقة توفى فى شوال هذه السنة ودفن بالمانكية
402 - محمد بن ابراهيم بن حفص بن شاهين ابو الحسن البزاز حدث عن يوسف بن موسى القطان وغيره وروى عنه الدارقطنى وغيره وذكره يوسف القواس فى جملة شيوخه الثقات اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد بن ابى جعفر القطيعى قال سمعت القاضى ابا الحسن الجراحى يذكر ان ابن شاهين هذا مات فجاءة وقد خرج من الحمام فى عشية يوم الاثنين لخمس خلون من شهر رمضان سنة عشرين وثلثمائة
403 - محمد بن الحسين ابن ازهر بن جبير بن جعفرابو بكر القطاعي الدعاء الاصم حدث عن قعنب ابن محرز الباهلى وعمر بن شبة وغيرهما روى عنه ابو عمر والسماك وكان غير ثقة يروى الموضوعات عن الثقات توفى فى اول هذه السنة
404 - محمد بن الحسن ابن الحسين بن الخطاب بن فرات ابو بكر العجلى ويعرف بالكاراتى حدث عن سعدان بن نصر وغيره روى عنه ابو عمر والسماك وابو بكر بن شاذان احاديث مستقيمة
405 - محمد بن يوسف ابن يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم ابو عمر القاضى الازدى مولى

آل جرير بن حازم ولد بالبصرة لتسع خلون من رجل سنة ثلاث واربعين ومائتين وسمع محمد بن الوليد اليسرى ومحمد بن اسحاق الصاغانى والحسن بن ابى الربيع الجرجانى وزيد بن اخرم فى آخرين روى عنه الدارقطنى وابو بكر الابهرى ويوسف بن عمر القواس وابن حبابة وغيرهم وكان ثقة فاضلا غزير العقل والحلم والذكاء يستوفى المعانى الكثيرة فى الالفاظ اليسيرة ومن سعادته ان المثل يضرب بعقله وسداده وحلمه فيقال فى العاقل الرشيد كأنه ابو عمر القاضى وفى الحليم لو انى ابو عمر القاضى ما صبرت ولى قضاء مدينة المنصور والاعمال المتصلة بها فى سنة اربع وستين وجلس فى جامع المدينة ثم استخلف تائبا عن ابيه على القضاء بالجانب الشرقى وكان يحكم بين اهل المدينة رياسة وبين اهل الجانب الشرقى وكان يحكم بين اهل المدينة رياسة وبين اهل الجانب الشرقي خلافة الى سنة اثنتين وتسعين ومائتين ولما توفى ابو خازم القاضى عن الشرقية نقل ابو عمر عن مدينة المنصور الى قضاء الشرقية فكان على ذلك الى سنة ست وتسعين ثم صرف هو ووالده عن جميع ما كان اليهما وتوفى والده سنة سبع وتسعين ومائتين وما زال ابو عمر ملازما لمنزله الى سنة احدى وثلثمائة فتقلد على بن عيسى الوزارة واشار على المقتدر به فقلده الجانب الشرقى والشرقية وعدة نواحى من السواد والشام والحرمين واليمن وغير ذلك ثم قلده قضاء القضاة سنة سبع عشرة وثلثمائة وحمل الناس عنه علما كثيرا من الحديث وكتب الفقه التى صنفها اسماعيل بن اسحاق وعمل مسند كبيرا ولم ير الناس ببغداد احسن من مجلسه فكان يجلس للحديث وعن يمينه ابو القاسم بن منيع وهو قريب من ابيه فى السن والاسناد وعن يساره ابن صاعد وابو بكر النيسابورى بين يديه وسائر الحفاظ حول سريره
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى على بن ابى على المعدل حدثنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق قال قال لى ابو اسحاق بن جابر الفقيه لما ولى ابو عمر طمعنا فى ان نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه فكنا نستفتى فنقول

امضوا الى القاضى ونراعى ما يحكم به فيدافع عن الاحكام مدافعة احسن من فصل الحكم ثم نجينا الفتاوى فى تلك القصص فنخاف ان تحرج ان لم نفت فتعود الفتاوى اليه فيحكم بما يفتى به الفقهاء فما عثرنا عليه بخطأ قال على وسمعت ابا اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى يقول سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول كنت بحضرة ابى عمر القاضى وجماعة من شهوده وخلفائه فاحضر ثوبا يمانيا قبل فى ثمنه خمسون دينارا فاستحسنه كل من حضر المجلس فقال يا غلام هات القلانسى فجاء فقال اقطع جميع هذا الثوب قلانس واحمل الى كل واحد من اصحابنا قلنسوة ثم التفت اليها فقال انكم استحسنتموه بأجمعكم ولو استحسنه واحد منكم لوهبته له فلما اشتركتم فى استحسانه لم اجد طريقا الى ان يحصل لك واحد شىء منه الا بأن يجعله قلانس يأخذ كل واحد منا واحدة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو بكر البرقانى قال حكى لى الحمدونى ان اسماعيل القاضى ببغداد كان يحب الاجتماع مع ابراهيم الحربى فقيل لابراهيم لو لقيته فقال ما اقصد من له حاجب فقيل ذلك لاسماعيل فنحى الحاجب عن بابه اياما فذكر ذلك لابراهيم فقصده فلما دخل تلقاه ابو عمر محمد بن يوسف القاضى وكان بين يدى اسماعيل غلاما قائما ولما نزع ابراهيم نعله امر ابو عمر غلاما له ان يرفع نعل ابراهيم فى منديل معه فلما طال المجلس بين اسماعيل وابراهيم وجرى بينهما من العلم ما تعجب منه الحاضرون ولما اراد ابراهيم القيام تقدم ابو عمر الى الغلام ان يضع نعله بين يديه من حيث رآها ابراهيم ملفوفة فى المنديل فقال ابراهيم لأبى عمر رفع الله قدرك فى الدنيا والآخرة فقيل ان ابا عمر لما توفى رآه بعضهم فى المنام فقال له ما فعل الله بك فقال ادركتنى دعوة الرجل الصالح ابراهيم الحربى وكما قال الحمدونى توفى ابو عمر يوم الاربعاء لست بقين من رمضان هذه السنة وهو ابن ثمان وسبعين سنة ودفن فى داره رحمه الله

سنة ثم دخلت سنة احدى وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم السبت لاحدى عشرة خلت من صفر جلس القاهر بالله فى الميدان واحضر رجلا قطع الطريق فى دجلة فضرب بحضرته الف سوط ثم ضربت عنقه وضرب جماعة من اصحابه وقطعت ايديهم وارجلهم
وفى يوم الخميس لسبع بقين من صفر خلع القاهر بالله على الوزير ابى على ابن مقلة وكناه وكتب اليه يا ابا على ادام الله امتاعى بك محلك عندى جليل ومكانك من قلبى مكان مكين وانا حامد لمذهبك مرتض لافعالك عارف بنصيحتك ولم اجد مع قصور الاحوال مما اضمره لك ما يزيد فى محلك وكمال سرورك غير تشريفك بالكنية وانا اسأل الله عونا على ما احبه لك وفى جمادى الاخرة وقع الارجاف بان الامير على بن يلبق والحسن بن هارون كاتبه قد عملا على لعن معاوية بن ابى سفيان على المنابر فاضطربت العامة من ذلك وتقدم على بن يلبق حاجب القاهر بالقبض على ابى محمد البرهارى رئيس الحنابلة فهرب واستتر وقبض على اصحابه واحدروا روا الى البصرة ثم خاف على بن يلبق من القاهر الى ان فتش لبنا قد اشترى مخافة ان يكون فيه رقعة وطالب على بن يلبق القاهر بان يسلم اليه كل محبوس عنده من والدة المقتدر وغيرها فسلمهم اليه ونقلهم الى داره واجتمع ابن مقلة وعلى بن يلبق على منع القاهر ارزاق حشمه واكثر ما كان يقام له فطالبه ابن يلبق ان يسلم ما بقى فى يده من الفرش وامتعة والدة المقتدر فسلم ذلك وبيع ومكثت والدة المقتدر عند والدة على بن يلبق مكرمة عشرة ايام وتوقيت ولما تمكن التضييق من القاهر علم فساد نية طريف السبكرى وبشرى ليلبق وابنه على ومنافستها لهما على المراتب فكاتبهما وراسل قوما من الجند وضمن لهم زيادة العطاء وحرضهما على مؤنس ويلبق وبلغ ابى على بن مقلة ان القاهر قد جد فى التدبير عليه وعلى مؤنس ويلبق وابنه فحذرهم وحملهم على

الجد فى التدبير على القاهر وخلعه من الخلافة ثم عقدوا الامر سرا لأبى احمد بن المكتفى ودبروا على القبض على القاهر فأحس القاهر فاحتال عليهم حتى قبض على يلبق ومؤنس واستتر على بن يلبق وابو على ابن مقلة فوجه القاهر الى ابى جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله فاستحضره فى يوم الاحد مستهل شعبان فقلده وزارته وخلع عليه من الغد وطرحت النار فى دار ابى على ابن مقلة ووقع النهب ببغداد وقبض على ابى احمد بن المكتفى واقيم فى باب وسد عليه بالآجر والجص وهو حى ثم وقع على بن يلبق وابوه فاقر بعشرة الآف دينار ثم قتل مؤنس وعلى ابن يلبق وابوه واستقامت الامور للقاهر وتقدم بالمنع من القيان والخمر والنبيذ ومنع اصحاب الناطف ان يعيروا قدورهم لمن يطبخ فيها التمر والزبيب للأنبذة وقبض على المغنين من الرجال والنساء والحرائر والإماء وقبض على جماعة من الجوارى المغنيات وتقدم ببيعهن فى النخاسين على انهن سواذج ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
406 - احمد بن محمد بن سلامة ابن سلمة بن عبد الملك ابو جعفر الطحاوى الفقيه ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين وكان ثبتا فهما فقيها عاقلا من طحا قرية فى صعيد مصر قال ابو سعيد بن يونس توفى فى ليلة الخميس مستهل ذى القعدة من سنة احدى وعشرين وثلاثمائة ولم يخلف مثله
407 - احمد بن محمد بن موسى ابن النضر بن حكيم بن على بن زربى ابو بكر المعروف بابن ابى حامد صاحب بيت المال سمع عباسا الدورى وخلقا كثيرا وروى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقه صدوقا جوادا

اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى عبيد الله بن أبى الفتح قال حدثنا ابو الحسن الدارقطنى قال كان ابو حامد المروروذى قليل الدخول على ابن أبى حامد صاحب بيت المال وكان فى مجلسه رجل من المتفقهة فغاب عنه اياما فسأل عنه فأخبر انه متشاغل بامر قد قطعه عن حضور المجلس فأحضره وسأله عن حاله فذكر انه قد اشترى جارية لنفسه وانه انقطعت به النفقة وضاقت يده فى تلك السنة لانقطاع المادة عنه من بلده وكان عليه دين الجماعة من السوقة فلم يجد قضاء لذلك دون أن باع الجارية فلما قبض الثمن تذكرها وتشوق اليها واستوحش من بعدها عنه حتى لم يمكنه التشاغل بفقه ولا بغيره من شدة قلقه تعلق قلبه بها وذكر أن ابن ابى حامد قد اشتراها فأوجبت الحال مضى ابى حامد الفقيه الى ابن أبى حامد يسأل الاقالة واخذ المال من البائع فلما دخل اليه قام اليه واستقبله واكرمه غاية الاكرام وسأله عن حاله وعن ما جاء له فأخبره ابو حامد بخبر الفقيه وبيع الجارية وسأله قبض المال ورد الجارية على صاحبها فلم يعرف ابن ابى حامد للجارية خبرا ولا كان عنده علم من امرها وذلك ان امرأته كانت قد اشترتها ولم يعلم بذلك مورد تبين في وجهه ثم قام ودخل على امراته يسألها عن جارية اشتريت فى سوق النخاسين على الصفة والنعت فصادف ذلك ان امرأته كانت جالسة والجارية حاضرة وهم يصلحون وجهها وقد زينت بالثياب الحسان والحلى فقالت يا سيدى هذه الجارية التى التمست فسر بذلك سرورا تاما اذ كانت عنده رغبة فى قضاء حاجة أبى حامد فعاد الى أبى حامد وقال له خفت ان لا تكون الجارية فى دارى والآن فهى بحمد الله عندنا والأمر للشيخ اعزه الله فى بابها ثم امر باخراج الجارية فحين اخرجت تغير وجه الفتى تغيرا شديدا فعلم بذلك ان الامر كما ذكره الفقيه من حبه لها وصبابته بها

فقال له ابن ابى حامد هذه جاريتك فقال نعم هذه جاريتى واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها فقال له خذها بارك الله لك فيها فجزاه ابو حامد خيرا وشكره وسأله قبض المال واخبره انه على حاله وقدره ثلاثة الآف درهم فأبى ان يأخذه وطال الكلام فى ذلك فقال ابو حامد انما قصدناك نسأل الاقالة ولم نقصد اخذها على هذا الوجه فقال له ابن ابى حامد هذا رجل فقيه وقد باعها لأجل فقره وحاجته ومتى اخذ المال منه خيف عليه ان يبيعها ثانية ممن لا يردها عليه والمال يكون فى ذمته فاذا جاءه نفقة من بلده جاز ان يرد ذلك فوهب المال له وكان عليها من الحلى والثياب شىء له قدر كبير فقال له ابو حامد ان رأى ايده الله ان يتفضل وينفذ مع الجارية من يقبض هذه الثياب والحلى الذى عليها فما لهذا الفقيه احد ينفذه به على يده فقال سبحان الله هذا شىء اسعفناها به ووهبناه لها سواء ان كانت فى ملكنا او خرجت عن قبضتنا ولسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك فعرف ابو حامد أن الوجه ما قاله فلم يلح عليه بل حسن موقعه من قلبه فلما اراد لينهض ويودعه قال ابن أبى حامد اريد أن اسألها قبل انصرافها عن شىء فقال يا جارية اي ما احب اليك نحن او مولاك هذا الذى باعك وانت الآن له فقالت يا سيدى اما انتم فأحسن الله عونكم وفعل بكم وفعل فقد احسنتم الى واغنيتمونى واما مولاى هذا فلو ملكت منه ما ملك منى ما بعته بالرغائب العظيمة فاستحسن الجماعة ذلك منها وما هى عليه من العقل مع الصبى وودعوه وانصرفوا توفى ابن ابى حامد فى رمضان هذه السنة
408 - سعيد بن محمد ابن احمد بن سعيد ابو عثمان البيع وهو اخو زبير بن محمد الحافظ سمع من جماعة وروى عنه ابن شاهين والدارقطنى وذكره يوسف القواس فى جملة شيوخه الثقات توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة

409 - شغب ام المقتدر بالله كانت لها اموال عظيمة تفوت الاحصاء كان يرتفع لها من ضياعها فى كل عام الف الف دينار وكانت تتصدق بأكثر ذلك وكانت تواظب على مصالح الحاج وتبعث خزانة الشراب والاطباء معهم وتأمر باصلاح الحياض فمرضت وفسد مزاجها ثم هجم عليها قتل ابنها المقتدر فأخبرت انه لم يدفن فجزعت جزعا شديدا ولطمت وامتنعت من الأكل والشرب حتى كادت تتلف فما زالوا يرفقون بها حتى أكلت كسرة بملح ثم دعاها القاهر فقررها بالرفق والتهديد فحلفت له انه لا مال عندها ولا جوهر الا صناديق فيها ثياب ومصوغ وطيب وذكرت انه لو كان عندها مال ما اسلمت ولدها للقتل فضربها بيده وعلقها برجل واحدة فلم يجد عندها غير ما اقرت به فأخذ وكانت قيمته نحوا من مائة وثلاثين الف دينار
اخبرنا محمد بن ابى طاهر البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال عذب القاهر ام المقتدر بصنوف العذاب حتى قيل انه علقها منكسة وكان يجرى بولها على وجهها فقالت له لو كان معنا مال ما جرى فى امرنا من الخلل ما آل الى جلوسك حتى تعاقبنى هذه العقوبة وانا امك فى كتاب الله وانا خلصتك من ابنى فى الدفعة الاولى وقال ابو الحسين بن عياش حدثنى ابو محمد عمى قال انفذنى عمى ابو الحسين بن ابى عمر القاضى وابن الحباب الجوهرى الى القاهر وكان قد طلب شاهدين ليشهدا على ام المقتدر بتوكيلها فى بيع املاكها فدخلنا على القاهر فسلمنا ووقفنا فدفع الينا بعض الخدم كتابا اوله اقرت شغب مولاة المعتضد ام جعفر المقتدر فاذا هو وكالة فى بيع املاكها فقلنا للخادم واين هى فقال وراء الباب فاستأذنا الخليفة فى خطابها فقال افعلوا فقلنا انت ها هنا حتى نقرأ عليك قالت نعم فقرأنا الكتاب عليها وقررناها ثم وقفنا عن كتب الشهادة طلبا لرؤيتها فقال الخليفة

مالكم قلنا يا امير المؤمنين لا يصح لنا الشهادة دون ان نرى المرأة باعيننا ونعرفها فقال افعلوا فسمعنا من وراء الستارة بكاء ونحيبا ورفعت الستارة فقلنا لها انت شغب مولاة المعتضد وام المقتدر فسكتت ساعة ثم قالت نعم فقررناها واسبل الستر فوقفنا عن الشهادة فقال القاهر فأيش بقى قلنا تعرف يا امير المؤمنين انها شغب فقال نعم هذه شغب مولاة ابى وام اخى واوقعنا خطوطنا فى الكتاب ولما رأينا ها رأينا عجوزا دقيقة الجسم سمراء اللون الى البياض والصفرة عليها اثر ضر شديد فما انتفعنا بأنفسنا ذلك اليوم فكرا فى تقلب الزمان وتصرف الحدثان وجئنا واقمنا الشهادة عند ابى الحسين القاضى قال مؤلف الكتاب وتوفيت بعد قتل المقتدر بسبعة اشهر وثمانية ايام وكأنها توفيت فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفنت بالرصافة
410 - جارية شغب ام المقتدر بالله اخبرنا ابو بكر محمد بن عبد الباقى البزاز عن ابى القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو الفرج احمد بن عثمان بن ابراهيم الفقيه المعروف بابن النرسى قال كنت جالسا بحضرة ابى وانا حدث وعنده جماعة فحدثنى حديث وصول النعم الى الناس بالألوان الطريفة وكان ممن حضر صديق لابى فسمعته يحدث ابى قال حضرت عند صديق لى من التجار كان يحزر بمائة الف دينار فى دعوة وكان حسن المروءة فقدم مائدته وعليها ديكيريكة فلم يأكل منها فامتنعنا فقال كلوا فانى اتأذى بأكل هذا اللون فقلنا نساعدك على تركه قال بل اساعدكم على الاكل وأحتمل الاذى فاكل فلما اراد غسل يديه اطال فعددت عليه انه قد غسلها اربعين مرة فقلت يا هذا وسوست فقال هذه الاذية التى

فرقت منها فقلت وما سببها فامتنع من ذكره فالححت عليه فقال مات ابى وسنى عشرون سنة وخلف لى نعمة صغيرة ورأس مال ومتاعا فى دكانه وكان خلفانيا فى الكرخ فقال لى لما حضرته الوفاة يا بنى انه لا وارث لى غيرك ولا دين على مظلمة فاذا انا مت فأحسن جهازى وصدق عنى بكذا وكذا واخرج عنى حجة بكذا وكذا وبارك الله لك فى الباقى ولكن احفظ وصيتى فقلت قل فقال لا تسرف فى مالك فتحتاج الى ما فى ايدى الناس ولا تجده واعلم ان القليل مع الاصلاح كثير والكثير مع الفساد قليل فالزم السوق وكن اول من يدخلها وآخر من يخرج منها وان استطعت ان تدخلها سحر بليل فافعل فانك تستفيد بذلك فوائد تكشفها لك الايام ومات وانفذت وصيته وعملت بما اشار به وكنت ادخل السوق سحرا واخرج منها عشاء فلا اعدم من يجيئنى من يطلب كفنا فلا يجد من قد فتح غيرى فأحكم عليه ومن يبيع شيئا والسوق لم تقم فابيعه له وأشياء من الفوائد ومضى على لزومى السوق سنة وكسر فصار لى بذلك جاه عند اهلها وعرفوا استقامتى فاكرمونى فبينا انا جالس يوما ولم يتكامل السوق اذا بأمرأة راكبة حمارا مصريا وعلى كفله منديل دبيقى وخادم وهى بزى القهرمانة فبلغت آخر السوق ثم رجعت فنزلت عندى فقمت اليها واكرمتها وقلت ما تأمرين وتأملتها فاذا بأمرأة لم ار قبلها ولا بعدها الى الآن احسن منها فى كل شىء فقالت اريد كذا ثيابا طلبتها فسمعت نغمة ورأيت شكلا قتلنى وعشقتها فى الحال اشد العشق فقلت اصبرى حتى يخرج الناس فاخذ لك ذلك فليس عندى الا القليل مما يصلح لك فاخرجت الذى عندى وجلست تحادثنى والسكاكين فى فؤادى من عشقها وكشفت عن انامل رايتها كالطلع ووجه كدارة القمر فقمت لئلا يزيد على الامر فاخذت لها من السوق ما أرادت وكان ثمنه مع مالى نحو خمسمائة دينار فأخذته وركبت ولم تعطنى شيئا وذهب عنى لما تداخلنى من حبها ان امنعها من المتاع الا بالمال واستدل على منزلها ومن

دار من هى فحين غابت عنى وقع لى انها محتالة وان ذلك سبب فقرى فتحيرت فى امرى وقامت قيامتى وكتمت خبرى لئلا افتضح بما للناس على وعملت على بيع ما فى يدى من المتاع واضافته الى ما عندى من الدراهم ودفع اموال الناس اليهم ولزوم البيت والاقتصار على غلة العقار الذى ورثته عن ابي ووطنت نفسى على المحنة واخذت اشرع فى ذلك مدة اسبوع واذا هى قد نزلت عندى فحين رأيتها أنسيت جميع ما جرى على وقمت اليها فقالت يا فتى تأخرنا عنك لشغل عرض لنا وما شككنا فى انك لم تشك اننا احتلنا عليك فقلت قد رفع الله قدرك عن هذا فقالت هات التخت والطيار فأحضرته فأخرجت دنانير عتقا فوفتنى المال بأسره واخرجت تذكرة بأشياء اخر فانفذت الى التجار اموالهم وطلبت منهم ما ارادت وحصلت انا فى الوسط ربحا جيدا واحضر التجار الثياب فقمت وثمنتها معهم لنفسى ثم بعتها عليها بربح عظيم وانا فى خلال ذلك انظر اليها نظر تالف من حبها وهى تنظر الى نظر من قد فطن بذلك ولم تنكره فهممت بخطابها ولم أقدم فاجتمع المتاع وكان ثمنه ألف دينار فأخذته وركبت ولم اسألها عن موضعها فلما غابت عنى قلت هذا الآن هو الحيلة المحكمة اعطتنى خمسة آلاف درهم واخذت الف دينار وليس الا بيع عقارى الآن والحصول على الفقر المدقع ثم سمحت نفسى برؤيتها مع الفقر وتطاولت غيبتها نحو شهر والح التجار على المطالبة فعرضت عقارى على البيع ولازمنى بعض التجار فوزنت جميع ما كنت املكه ورقا وعينا فانا كذلك اذ نزلت عندى فزال عنى جميع ما كنت فيه برؤيتها فاستدعت الطيار والتخت فوزنت المال ورمت الى تذكرة يزيد ما فيها على الفى دينار بكثير فتشاغلت باحضار التجار ودفع اموالهم اليهم واخذ المتاع منهم وطال الحديث بيننا فقالت يا فتى لك زوجة فقلت لا والله ما عرفت امرأة قط واطمعنى ذلك فيها وقلت هذا وقت خطابها

والامساك عنها عجز ولعلها تعود او لا تعود وأردت كلامها فهبتها وقمت كأنى احث التجار على جمع المتاع وأخذت يد الخادم واخرجت له دنانير وسألته ان ياخذها ويقضى لى حاجة
فقال افعل وأبلغ لك محبتك ولا آخذ شيئا فقصصت عليه قصتى وسالته توسط الامر بينى وبينها فضحك وقال انها لك اعشق منك لها ووالله ما بها حاجة الى اكثر هذا الذى تشتريه وانما تجيئك محبة لك وتطريقا الى مطاولتك فخاطبها بظرف ودعنى فانى افرغ لك من الامر فجسر فى بذلك عليها فخاطبتها وكشفت لها عشقى ومحبتى وبكيت فضحكت وتقبلت ذلك احسن تقبل وقالت الخادم يجيئك برسالتى ونهضت ولم تأخذ شيئا من المتاع فرددته على الناس وقد حصل لى مما اشترته اولا وثانيا الوف دراهم ربحا ولم يحملنى النوم تلك الليلة شوقا اليها وخوفا من انقطاع السبب فلما كان بعد ايام جاءنى الخادم فأكرمته وسألته عن خبرها فقال هى والله عليلة من شوقها اليك فقلت اشرح لى امرها فقال هذه مملوكة السيدة ام المقتدر وهى من اخص جواريها بها واشتهت رؤية الناس والدخول والخروج فتوصلت حتى جعلتها قهرمانة وقد والله حدثت السيدة بحديثك وبكت بين يديها وسألتها ان تزوجها منك فقالت السيدة لا افعل او أر هذا الرجل فان كان يستأهلك والالم ادعك ورأيك ويحتاج فى ادخالك الدار بحيلة فان تمت وصلت بها الى تزويجها وان انكشفت ضربت عنقك فى هذا وقد نفذتنى اليك فى هذه الرسالة وقالت لك ان صبرت على هذا والا فلا طريق لك والله الى ولا لى اليك بعدها فحملنى ما فى نفسى ان قلت أصبر فقال اذا كان الليل فاعبر الى المخرم فادخل الى المسجد وبت فيه ففعلت فلما كان السحر اذا انا بطيار قد قدم وخدم قد رقوا صناديق فرغ فحطوها فى المسجد وانصرفوا وخرجت الجارية فصعدت الى المسجد ومعها الخادم الذى اعرفه فجلست وفرقت باقى الخدم فى حوائج واستدعتنى فقبلتنى

وعانقنى طويلا ولم اكن نلت ذلك منها قبله ثم اجلستنى فى بعض الصناديق وقفلته وطلعت الشمس وجاء الخدم بثياب وحوائج من المواضع التى كانت انفذتهم اليها فجعلت ذلك بحضرتهم فى باقى الصناديق ونقلتها وحملتها الى الطيار وانحدروا فلما حصلت فيه ندمت وقلت قتلت نفسى لشهوة واقبلت الومها تارة واشجعها اخرى وانذر النذور على خلاصى واوطن نفسى مرة على القتل الى ان بلغنا الدار وحمل الخدم الصناديق وحمل صندوقى الخادم الذى يعرف الحديث وبادرت بصندوقى امام الصناديق وهى معه والخدم يحملون الباقى ويلحقونها فكل ما جازت بطبقة من الخدم والبوابين قالوا نريد نفتش الصندوق فتصبح عليهم وتقول متى جرى الرسم معي بهذا فيمسكون وروحى فى السياق الى ان انتهت الى خادم خاطبته هى بالاستاد فعلمت انه اجل الخدم فقال لا بد من تفتيش الصندوق الذى معك فخاطبته بلين وذل فلم يجبها وعلمت انها ما ذلت له ولها حيلة واغمى على وانزل الصندوق للفتح فذهب على امرى وبلت فزعا فجرى البول من خلل الصندوق فصاحت يا استاذ اهلكت علينا متاعنا بخمسة الاف دينار فى الصندوق وثياب مصبغات وماء ورد قد انقلب على الثياب والساعة تختلط الوانها وهى هلاكى مع السيدة فقال لها خذى صندوقك الى لعنة الله انت وهو ومرى فصاحت بالخدم احملوه وادخلت الدار فرجعت الى روحى فبينا نحن نمشى اذ قالت واويلاه الخليفة والله فجاءنى اعظم من الاول وسمع كلام خدم وجوارى وهو يقول من بينهم ويلك يا فلانة ايش فى صندوقك ارينى هو فقالت ثياب لستى يا مولاى والساعة افتحه بين يديها وتراه وقالت للخدم أسرعوا ويلكم فاسرعوا وادخلتنى الى حجرة وفتحت عنى وقالت اصعد هذه الدرجة الى الغرف واجلس فيها وفتحت بالعجلة صندوقا آخر فنقلت بعض ما كان فيه الى الصندوق الذى كنت فيه وقفلت الجميع وجاء المقتدر وقال افتحى ففتحته فلم يرضى منه شيئا وخرج فصعدت الى وجعلت ترشفنى وتقبلنى فعشت ونسيت ما جرى وتركتنى وقفلت باب

الحجرة يومها ثم جاءتنى ليلا فاطعمتنى وسقتنى وانصرفت فلما كان من غد جاءتنى فقالت السيدة الساعة تجىء فانظر كيف تخاطبها ثم عادت بعد ساعة مع السيدة فقالت انزل فنزلت فاذا بالسيدة جالسة على كرسى وليس معها الا وصيفتان وصاحبتى فقبلت الارض وقمت بين يديها فقالت اجلس فقلت انا عبد السيدة وخادمها وليس من محلى ان اجلس بحضرتها فتأملتنى وقالت ما اخترت يا فلانة الا حسن الوجه والادب ونهضت فجاءتنى صاحبتى بعد ساعة وقالت ابشر فقد اذنت لى والله فى تزويجك وما بقى الآن عقبة الا الخروج فقلت يسلم الله فلما كان من الغد حملتنى فى الصندوق فخرجت كما دخلت بعد فخاطرة اخرى وفزع نالنى ونزلت فى المسجد ورجعت الى منزلى فتصدقت وحمدت الله على السلامة فلما كان بعد ايام جاءنى الخادم ومعه كيس فيه ثلاثة آلاف دينار عينا وقال امرتنى ستى بانفاذ هذا اليك من مالها وقالت تشترى به ثيابا ومركوبا وخدما وتصلح به ظاهرك وتعال يوم الموكب الى باب العامة وقف حتى تطلب فقد وافقت الخليفة ان تزوجك بحضرته فأجبت عن رقعة كانت معه وأخذت المال واشتريت ما قالوا يسير منه وبقى الاكثر عندى وركبت الى باب العامة فى يوم الموكب بزى حسن وجاء الناس فدخلوا الى الخليفة ووقفت الى ان استدعيت فدخلت فاذا انا بالمقتدر جالس والقواد والقضاة والهاشميون فهبت المجلس وعلمت كيف اسلم وأقف ففعلت فتقدم المقتدر الى بعض القضاة الحاضرين فخطب لى وزوجنى وخرجت من حضرته فلما صرت فى بعض الدهاليز قريبا من الباب عدل بى الى دار عظيمة مفروشة بانواع الفرش الفاخرة وفيها من الآلات والخدم والامتعة والقماش كل شىء لم ار مثله قط فأجلست فيها وتركت وحدى وانصرف من ادخلنى فجلست يومى لا أرى من اعرفه ولم ابرح من موضعى الا الى الصلاة وخدم يدخلون ويخرجون وطعام عظيم ينقل وهم يقولون الليلة تزف فلانة باسم صاحبتى الى زوجها البزاز فلا اصدق فرحا فلما جاء الليل اثر فى الجوع وقفلت الابواب

وبئست من الجارية فقمت اطوف الدار فوقفت على المطبخ ووجدت الطباخين جلوسا فاستطعمتهم فلم يعرفونى وقدرونى بعض الوكلاء فقدموا الى هذا اللون من الطبيخ مع رغيفين فأكلتهما وغسلت يدى باشنان كان فى المطبخ وقدرت انها قد بقيت وعدت الى مكانى فلما جن الليل اذا طبول وزمور واصوات عظيمة واذا بالابواب قد فتحت وصاحبتى قد اهديت الى وجاؤا بها فجلوها على وانا اقدر أن ذلك فى النوم فرحا وتركت معى فى المجلس وتفرق الناس فلما خلونا تقدمت اليها فقبلتها وقبلتنى فشمت لحيتى فرفستنى فرمت بى عن المنصة وقالت انكرت ان تفلح يا عامى يا سفلة وقامت لتخرج فقمت وعلقت بها وقبلت الارض ورجليها وقلت عرفينى ذنبى واعمل بعده ما شئت فقالت ويحك أكلت فلم تغسل يدك فقصصت عليها قصتى فلما بلغت الى آخرها قلت على وعلى فحلفت بطلاقها وطلاق كل امرأة اتزوجها وصدقة مالى وجميع ما املكه والحج ماشيا على قدمى والكفر بالله وكل ما يحلف المسلمون به لا اكلت بعدها ديكيريكة الا غسلت يدى اربعين مرة فاشفقت وتبسمت وصاحت يا جوارى فجاء مقدار عشرة جوار ووصائف وقالت هاتوا شيئا نأكل فقدمت الوان طريفة وطعام من اطعمة الخلفاء فأكلنا وغسلنا ايدينا ومضى الوصائف ثم قمنا الى الفراش فدخلت بها وبت بليلة من ليالى الخلفاء ولم نفترق اسبوعا وكانت يوم الاسبوع وليمة هائلة اجتمع فيها الجوارى فلما كان من غد قالت ان دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها اكثر من هذا فلولا أنه استؤذن فأذن بعد جهد لما تم لنا هذا لأنه شىء لم يفعل قبل هذا مع جارية غيرى لمحبة سيدتى لى وجميع ما تراه فهو هبة من السيدة لى وقد اعطتنى خمسين الف دينار من عين وورق وجوهر ودنانير وذخائر لى خارج القصر كثيرة من كل لون وجميعها لك فاخرج الى منزلك وخذ معك مالا واشتر دارا سرية واسعة الصحن فيها بستان كبير كثير الشجر فاخر الموقع وتحول اليها وعرفنى لأنقل هذا كله اليك فاذا حصل عندك جئتك وسلمت الى عشرة آلاف دينار عينا فحملها الخادم معى فابتعت

الدار وكتبت اليها بالخبر فحملت الى تلك النعمة بأسرها فجميع ما انا فيه منها فأقامت عندى كذا وكذا سنة اعيش معها عيش الخلفاء ولم ادع مع ذلك التجارة فزاد مالى وعظمت منزلتى واثرت حالى وولدت لى هؤلاء الفتيان واومأ الى اولاده ثم ماتت رحمها الله تعالى وبقى على من مضرة الديكيريكة حاضرا ما شاهدته
411 - عبد السلام بن محمد ابن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن ابان مولى عثمان بن عفان وهو ابو هاشم بن ابى على الجبائى المتكلم شيخ المعتزلة ومصنف الكتب على مذاهبهم ولد سنة سبع وسبعين ومائتين وتوفى فى شعبان هذه السنة وكان عمره ستا واربعين سنة وثمانية اشهر واياما
412 - على بن احمد ابن مروان ابو الحسن المقرىء من اهل سامرا ويعرف بابن نقيش سمع الحسن ابن عرفة وعمر بن شبة روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة بسر من رأى
413 - محمد بن الحسن بن دريد ابن عتاهية ابو بكر الأزدى ولد فى سكة صالح بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين ونشأ بعمان وتنقل فى جزائر البحر والبصرة وفارس وطلب الادب وعلم النحو واللغة وكان ابوه من الرؤساء وذوى اليسار وورد بغداد بعد أن اسن فاقام بها الى آخر عمره وحدث عن عبد الرحمن ابن اخى الاصمعى وابى حاتم والرياشى وكان المقدم فى حفظ اللغة والانساب وله شعر كثير روى عنه ابو سعيد السير فى وابو بكر ابن شاذان وابو عبيد الله الرزبانى وغيرهما وكان يقال ابو بكر بن دريد اعلم الشعراء واشعر العلماء اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى على بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة بن

يوسف يقول سألت الدارقطنى عن ابن دريد فقال قد تكلموا فيه قال حمزة وسمعت ابا بكر الابهرى المالكى يقول جلست الى جنب ابن دريد وهو يحدث ومعه جزء فيه قال الاصمعى فكان يقول فى واحد حدثنا الرياشى وفى آخر حدثنا ابو حاتم وفى آخر حدثنا ابن اخى الاصمعى كما يجىء على قلبه وقال ابو منصور الازهرى دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم اعد اليه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كتب الى ابو ذر الهروى سمعت ابن شاهين يقول كنا ندخل على ابن دريد ونستحى مما نرى من العيد ان المعلقة والشراب المصفى موضوع وقد كان جاز التسعين سنة وتوفى يوم الاربعاء لثنتى عشرة ليلة بقيت من شعبان هذه اسنة فلما حملت جنازته اذا بجنازة ابى هاشم الجبائى فقال الناس مات علم اللغة والكلام يموت ابن دريد والجبائى ودفنا جميعا فى الخيزرانية قال الخطيب اخبرنا على بن ابى على عن ابيه قال حدثنى ابو على الحسن بن سهل بن عبد الله الايذجى القاضى قال لما توفى ابو هاشم الجبائى ببغداد واجتمعنا لندفنه فحملناه الى مقابر الخيزران فى يوم مطير ولم يعلم بموته اكثر الناس وكنا جميعة فى الجنازة فبينا نحن ندفنه اذ حملت جنازة اخرى معها جميعة عرفتهم بالادب فقلت لهم جنازة من هذه فقالوا جنازة ابى بكر ابن دريد فذكرت حديث الرشيد لما دفن محمد بن الحسن والكسائى بالرى فى يوم واحد فأخبرت اصحابنا وبكينا على الكلام والعربية طويلا وافترقنا
414 - محمد بن موسى ابو بكر الواسطى اصله من خراسان فرغانة وكان يعرف بابن الفرغانى وهو من قدماء اصحاب الجنيد استوطن مرو اخبرنا ابن ناصر الحافظ قال انبأنا محمد بن عبد الله الواعظ يقول سمعت ابا بكر محمد بن موسى الفرغانى يقول ابتلينا بز ان ليس فيه آداب الاسلام ولا اخلاف الجاهلية ولا اخلاق ذوى المروءة قال السلمى توفى الواسطى بعد العشرين والثلثمائة رحمه الله

415 - ابو جعفر المجذوم كان شديد العزلة عن الخلق وهو من اقران ابى العباس بن عطاء و كرامات اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت اخبرنا محمد بن على ابن الفتح حدثنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت على بن سعيد الصيصى يقول سمعت محمد بن خفيف يقول سمعت ابا الحسين الدراج قال كنت احج فيصحبنى جماعة فكنت احتاج الى القيام معهم والاشتغال بهم فذهبت سنة من السنين وخرجت الى القادسية فدخلت المسجد فاذا رجل فى المحراب مجذوم وعليه من البلا شىء عظيم فلما رآنى سلم على وقال لى يا ابا الحسين عزمت على الحج فقلت نعم على غيظ وكراهية له قال فقال لى فالصحبة فقلت فى نفسى انا هربت من الاصحاء اقع فى يدى مجذوم قلت لا قال لى افعل قلت لا والله لا افعل فقال يا ابا الحسين يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوى فقلت نعم على الانكار عليه قال فتركته فلما صليت العصر مشيت الى ناحية المغيثة فبلغت من الغد ضحوة فلما دخلنا اذا انا بالشيخ فسلم على وقال لى يا ابا الحسين يصنع الله عز و جل للضعيف حتى يتعجب القوى قال فأخذنى شبه الوسواس فى امره قال فلم احس حتى بلغت القرعاء على الغد وبلغت مع الصبح فدخلت المسجد فاذا انا بالشيخ قاعد وقال لى يا ابا الحسين يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوى قال فبادرت اليه فوقعت بين يديه على وجهى فقلت المعذرة الى الله واليك قال لى مالك قلت اخطأت قال ما هو قلت الصحبة قال الست حلفت وانا نكره ان نحنثك قال قلت فأراك فى كل منزل قال ذلك لك قال فذهب عنى الجزع والعب فى كل منزل ليس لى هم الا الدخول الى المسجد فأراه الى ان بلغت المدينة فغاب عنى فلم اره فلما قدمت مكة حضرت أبا بكر الكتانى وابا الحسن المزين فذكرت لهم فقالوا لى يا أحمق ذاك ابو جعفر المجذوم ونحن نسأل الله ان نراه فقالوا ان لقيته فتعلق به لعلنا نراه

قلت نعم فلما خرجنا من منى ومن عرفات لم القه فلما كان يوم الجمرة رميت الجمار فجذبنى انسان وقال لى يا ابا الحسين السلام عليك فلما رايته لحقنى من رؤيته شىء عظيم فصحت وغشى على وذهب عنى وجئت الى مسجد الخيف واخبرت اصحابنا فلما كان يوم الوداع صليت خلف المقام ورفعت يدى فاذا انسان خلفى يجذبنى فقال لى يا ابا الحسين عزمت عليك ان لا تصيح قلت لا أسالك ان تدعو لى فقال سل ما شئت فسألت الله تعالى ثلاث دعوات فأمن على دعائى وغاب عنى فلم اره فسألته عن الادعية فقال اما احداها قلت يا رب حبب الى الفقر فليس شىء فى الدنيا احب الى منه والثانى قلت اللهم لا تجعلنى ابيت ليلة ولى شىء ادخره لغدوانا منذ كذا وكذا سنة مالى شىء ادخره والثالث قلت اللهم اذا اذنت لأوليائك ان ينظروا اليك فاجعلنى منهم وانا ارجو
سنة ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد فى يوم الخميس لثلاث عشر خلت من المحرم كتاب من ابى جعفر محمد بن القاسم الكرخى وكان يتقلد اعمال الخراج والضياع بالبصرة والاهواز بمصير جماعة من الديلم من اصحاب مرداويج الى اصبهان وتسلمهم اباها لمرداويج الديلمى وانه قد خرج قائد جليل من قواده كان يتقلد له البصرة وانه فاز بمال جليل وهرب وصار الى ارجان يقال له على بن بويه وانه كتب اليه بأنه فى طاعة السلطان وانفذ منه كتابا الى الوزير الخصيبى يسأله فى الورود الى الحضرة أو النفوذ الى شراز لينضم الى ياقوت مولى امير المؤمنين المتولى لاعمال المعادن بفارس وكرمان وكان ابو على ابن مقلة قد استتر من القاهرة لخوفه منه وكان القاهر بطاشا وكان ابن مقلة في مدة استتاره يراسل الجند ويغريهم على القاهر ويوحشهم منه ويعرفهم انه قد بنى لهم المطامير وعمل على حبسهم فيها واحتال من جهة منجم يعرف بسيما وكان يخوفه

من القاهر من طريق النجوم فاجتمع الجند وذكروا انه قد صح عندهم ان القاهر قد عمل حبوسا يحبسهم فيها فانهى ذلك الى القاهر فحلف انه لم يفعل ذلك فاتفقوا على القبض على القاهر وتحالفوا فقال لهم سيما ان كنتم على هذا العزم فقوموا بنا الساعة فقالوا بل نؤخره الى غد فانه يوم موكب يجلس فيه للسلام ويظهر لنا فنقبض عليه فقال ان تفرقتم الساعة واخرتم امضاءه الى ساعة اخرى بطل ما دبرتموه فركبوا معه وصاروا الى الدار ورتب على ابوابها غلمانا ووقف هو على باب العامة وأمر بالهجوم فهجموا كلهم من سائر الابواب فى وقت واحد فبلغ الخبر الوزير الخصيبى فخرج فى زى امرأة واستتر فلما دخلوا على القاهر هرب الى سطح حمام فاستتر فيه فوجدوه فقبضوا عليه وصاروا به الى موضع الحبوس فحبسوه ووكلوا بباب البيت جماعة ووقع النهب ببغداد وخلع يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الاولى من هذه السنة وسملت عيناه فى هذا اليوم حتى سالتا جميعا فعمى وارتكب منه امر عظيم لم يستمع بمثله فى الاسلام فكانت خلافته الى هذا اليوم سنة وستة اشهر وسبعة ايام وبقى القاهر محبوسا فى دار السلطان الى سنة ثلاث وثلاثين ثم اخرج الى دار ابن طاهر فكان تارة يحبس وتارى يخلى فخرج يوما فوقف بجامع المنصور يتصدق وقصد بذلك التشنيع فى المستكفى فرآه ابو عبد الله بن ابى موسى فمنعه من ذلك واعطاه خمسمائة درهم
باب ذكر خلافة الراضى بالله
اسمه محمد ويكنى ابا العباس ابن المقتدر ولد ليلة الاربعاء لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين وامه ام ولد رومية تسمى ظلوم ادركت خلافته وكان قصير القامة نحيف الجسم اسمر رقيق السمرة درى اللون اسود الشعر سبطه فى وجهه طول وفى مقدم لحيته تمام وفى شعر هارقة بويع له واقيم القاهر بين يديه فسلم عليه بالخلافة وبعث الراضى الى ابى بكر

الصولى فقال له اختر لى لقبا فاختار له المرتضى فبعث اليه يقول كنت انت قد عرفتنى ان ابراهيم بن المهدى اراد أن يكون له ولى عهد فاحضروا منصور ابن المهدى وسموه المرتضى وما اختار أن تسمى باسم وقع لغيرى ولم يتم امره وقد اخترت الراضى بالله ولما بويع الراضى بالله كتب كتابا لأبى على ابن مقلة وكان قد اختفى فى داره فكبست فاستتر فى بئر فسلم وظهر ومضى الى الراضى فقلده الوزارة وتقدم الى على بن عيسى بمعاونته وامر الراضى باطلاق كل من كان فى حبس القاهر وصودر عيسى طبيب القاهر على مائتى الف دينار وكان القاهر قد اودعه عشرين الف دينار ومائة وخمسين الف درهم والف مثقال عنبر فأعترف وأداها وولى ابو بكر بن رائق امارة الجيش ببغداد وكان الحجاب اصحاب المناطق اربعمائة وثمانين حاجبا
ذكر من طرف من سيرته
كان الراضى سمحا واسع النفس اديبا شاعرا حسن البيان والفصاحة يحب محادثة العلماء سمع من البغوى قبل الخلافة كثيرا ووصله بمال كثير غزير ورفع اليه ان عبد الرحمن بن عيسى قد اجتاز اموالا عظيمة وتقرر عليه مائة الف دينار فحلف ان لا يقنع الا بادائها فكتب الوزير ابو جعفر الكرخى تقسيطا بدأ فيه بنفسه ودخل عليه جعفر بن ورقاء فسلم اليه الدرج وخاطبه ليكتب شيئا فقال انا ادبر الامر وكتب ضمن جعفر بن ورقاء لوكيل امير المؤمنين مائة الف دينار عن عبد الرحمن بن عيسى ونفذبها فلما رأى الراضى الرقعة اغتاظ وخرقها وقال قل له يا اعرابى جلف اردت ان ترى الناس انك واسع النفس وقد عزمت عمن لا حرمته بينك وبينه هذا المال وضاقت نفسى انا عن تركه وهو خادمى فتظهر أنك اكرم منى لا كان هذا فقال ابن ورقاء والله ما اعتمدت ان يقع فى نفسه الا هذا فيفعل ما فعله ولو جرى الامر بخلافه لأديت ما املك

واستمحت الناس اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان للراضى فضائل كثيرة وختم الخلفاء فى امور عدة منها انه آخر خليفة له شعر مدون وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش والاموال وآخر خليفة خطب على المنبر يوم جمعة وآخر خليفة جالس الجلساء ووصل اليه الندماء وآخر خليفة كانت نفقته وجوائزه وعطاياه وجراياته وخزانته ومطابخه ومجالسه وخدمه وحجابه واموره كلها تجرى على ترتيب المتقدمين من الخلفاء وقدروى لنا فى حديث انه وقع حريق بالكرخ فاطلق للهاشميين عشرة آلاف دينار وللعامة اربعين الفا حتى عمروا ما احترق وولع يهدم القصور من دار الخلافة وتصييرها بساتين وله اشعار حسان منها ... لاتعذلى كرمى على الاسراف ... ربح المحامد متجر الاشراف ... اجرى كآبائى الخلائف سابقا ... واشيد ما قد اسست اسلافى ... انى من القوم الذين اكفهم ... معتادة الاخلاف والاتلاف ...
حدثنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال سمعت ابا بكر محمد بن يحيى الصولى يحكى انه دخل على الراضى وهو يبني شيئا او يهدم شيئا فأنشده ابياتا وكان الراضى جالسا على آحرة حيال الصناع قال وكنت انا وجماعة من الجلساء فأمرنا بالجلوس بحضرته فأخذ كل واحد منا آجرة فجلس عليها واتفق أنى اخذت آجرتين ملتصقتين بشىء من اسفيذاج فجلست عليهما فلما قمنا امر أن توزن آجرة كل واحد منا ويدفع اليه وزنها دراهم او دنانير قال ابى الشك منى قال فتضاعفت جائزتى على جوائز الحاضرين يتضاعف وزن آجرتى على وزن آجرهم من اشعاره ... يصفر وجهى اذا تأمله ... طرفى ويحمر وجهه خجلا ... حتى كان الذى بوجنته ... من دم جسمى اليه قد نقلا ...
قال ابو بكر الصولى قد كنت قلت ابياتا وهى ... يا مليح الدلال رفقا بقلب ... يشتكى منك جفوة ملالا

نطق السقم بالذى كان يخفى ... فسل الجسم ان اردت سؤالا ... قد أتاه فى النوم منك خيال ... فرآه كما اشتهيت خيالا ... يتحاماه للضنا ألسن العذ ... ل فأضحى لا يعرف العذالا ...
فأنشدت هذه الابيات للراضى بالله فجذب الدواة وعمل من وقته ... عقل لا يقبل المحالا ... وانت لا تبذل الوصالا ... ضللت فى حبكم فحسبى ... حتى متى اتبع الضلالا ... قد زارنى منكم خيال ... فزدت اذ زارنى خبالا ... رأى خيالا على فراش ... وما أراه رأى خيالا ...
قال الصولى فعجبت والله من سرعة فطنته
وفى هذه السنة عظم امر مرد اويج باصبهان وحدث الناس انه يريد تشعيث الدولة وقصد بغداد وانه مسالم لصاحب البحرين يجتمعان على ذلك وكان يقول انا ارد دولة العجم وابطل ملك العرب ثم أساء السيرة فى اصحابه خصوصا فى الاتراك فتواطؤا على اهلاكه ثم ورد الخبر بأن غلمانه قتلوه وان رئيس الغلمان غلام يعرف بيجكم زعم ابن ياقوت انه هو الذى دبر ذلك وكاتب فيه الغلمان
وفى هذه السنة ارتفع أمر أبى الحسن على بن بويه الديلمى ولبويه قصة عجيبة وهى بداية امورهم فلنذكرها أنبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه حدثنا على بن حسان الأنبارى الكاتب قال لما أنفذنى معز الدولة من بغداد الى ديلمان لأبنى له دورا فى بلدة منها قال لى سل عن رجل من الديلم يقال له ابو الحسين بن شيركوه فاكرمه واعرف حقه وأقرئه سلامى وقل له سمعت وانا صبى بحديث منام كان ابى رآه وفسره هو وانت على مفسر بديلمان ولم اقم عليه للصبى فحدثنى به واحفظه لتعيده على فلما جئت الى ديلمان جاءنى رجل مسلما فعلمت بأنه كان بينه وبين بويه والد الامير صداقة

فأكرمته وعظمته وابلغته رسالة معز الدولة فقال لى كانت بينى وبين بويه مودة وكيدة وهذه داره ودارى متحاذيتان كما ترى واومأ اليهما فقال لى ذات يوم انى قد رأيت رؤيا هالتنى فاطلب لى انسانا يفسر هالى فقلت نحن ها هنا فى مفازة فمن ابن لنا من يفسر ولكن اصبر حتى يجتاز بنا منجم او عالم فنسأله ومضى على هذا الامر شهور فخرجت انا وهو فى بعض الايام الى شاطىء البحر نصطاد سمكا فجلسنا فاصطدنا شيئا كثيرا فحملناه على ظهورنا انا وهو وجئنا فقال لى ليس فى دارى من يعمله فخذ الجميع اليك ليعمل عندك فأخذته وقلت له فتعال الى لنجتمع عليه ففعل فقعدنا انا وهو وعيالى ننظفه ونطبخ بعضه ونشوى الباقى واذا رجل مجتاز يصيح منجم مفسر للرؤيا فقال لى يا ابا الحسين تذكر ما قلته لك بسبب المنام رأيته فقلت بلى فقمت وجئت بالرجل فقال له بويه رأيت ليلة فى منامى كأنى جالس ابول فخرج من ذكرى نار عظيمة كالعمود ثم تشعبت يمنة ويسرة واماما وخلفا حتى ملأت الدنيا وانتبهت فما تفسير هذا فقال له الرجل لا افسرها لك باقل من الف درهم قال فسخرنا منه وقلنا له ويلك نحن فقراء نخرج نصيد سمكا لنأكله والله ما رأينا هذا قط ولا عشره ولكنا نعطيك سمكة من أكبر هذا السمك فرضى بذلك وقال له يكون لك اولاد يفترقون فى الدنيا فيملكونها ويعظم سلطانهم فيها على قدر ما احتوت النار التى رأيتها فى المنام عليه من الدنيا قال فصفعنا الرجل وقلنا سخرت منا واخذت السمكة حراما وقال له بويه ويلك انا صياد فقير كما ترى واولادى هم هؤلاء وأومأ الى على بن بويه وكان اول ما اختط عارضه والحسن وهو دونه واحمد وهو فوق الطفل قليلا ومضت السنون وأنسيت المنام حتى خرج بويه الى خراسان وخرج على بن بويه فبلغنا حديثه وانه قد ملك أرجان ثم ملك فارس كلها فما شعرنا الا بصلاته قد جاءت الى اهله وشيوخ بلد الديلم وجاءنى رسوله يطلبنى فطلبنى فخرجت ومشيت اليه فهالنى ملكه وانسيت المنام وعاملنى من الجميل والصلات بأمر عظيم وقال لى وقد خلونا يا أبا الحسين تذكر منام

أبى الذى ذكرتموه للمفسر وصفعتموه لما فسره لكم فاستدعى عشرة آلاف دينار فدفعها الى وقال هذا من ثمن تلك السمكة خذه فقبلت الارض فقال لى تقبل تدبيري فقلت نعم قال انقذها الى بلد الديلم واشتر بها ضياعا هناك ودعنى ادبر امرك بعدها ففعلت واقمت عنده مدة ثم استأذنته فى الرجوع فقال اقم عندى فانى اقودك واعطيك قطاعا بخمسمائة الف درهم فى السنة فقلت له بلدى احب الى فأحضر عشرة آلاف دينار اخرى فأعطانى اياها وقال لا يعلم احد فاذا حصلت ببلد الديلم فادفن منها خمسة آلاف استظهارا على الزمان وجهز بناتك بخمسة آلاف ثم أعطانى عشرة دنانير وقال احتفظ بهذه ولا تخرجها من يدك فأخذتها فاذا فى كل واحد مائة دينار وعشرة دنانير فودعته وانصرفت قال ابو القاسم فحفظت القصة فلما عدت الى معز الدولة حدثته بالحديث فسر به وتعجب وكان بويه يكنى ابا شجاع وينسب الى سابور ذى الاكتاف وأولاد بويه ثلاثة اكبرهم ابو الحسن على ولقبه عماد الدولة وابو على الحسن ولقبه ركن الدولة وابو الحسين احمد ولقبه معز الدولة لقبهم بهذه الالقاب المستكفى بالله وكانوا فقراء ببلد الديلم ويحكى معز الدولة انه كان يحتطب على رأسه ثم خدموا مردوايج وكان ابو الحسن على بن بويه الديلمى احد قواد مرداويج بن زيار الديلمى وقد ذكرنا حال مرداويج فى سنة خمس عشرة وثلثمائة وكان قد انفذ عليا الى الكرج يستحث له على حمل مال فلما حصل بها استوحش من مرداويج واخذ المال المستخرج لنفسه وهو خمسمائة الف درهم وصار الى همذان فاغفلت ابوابها دونه ففتحها عنوة وقتل من اهلها خلقا كثيرا ثم صار منها الى اصبهان فدخلها وملكها فأنفذ اليه مرداويج جيشا فخرج منها الى ارجان فاستخرج منها نحوا من مائتى الف دينار وصار الى كازرون وبلد سابور فاستخرج نحو خمسمائة الف دينار مع كنوز كثيرة وجدها فزاد عدده وقويت شوكته وملك شيراز وطلب منه اصحابه المال ولم يكن معه ما يرضيهم فأشرف على

انحلال امره فاغنم واستلقى على ظهره مفكرا فاذا حية قد خرجت من سقف ذلك المجلس فدخلت موضعا آخر فدعا الفراشين ليبحثوا عنها فوجدوا ذلك السقف يفضى الى غرفة بين سقفين فأمر بفتحها ففتحت فاذا فيها صناديق من المال والصياغات ما قيمته خمسون الف دينار فأخذ المال وفرقه عليهم فثبت امره وكان قد وصف له خياط يخيط لبعض من كان يحاربه فأحضره وكان بالخياط طرش فظن انه قد سعى به اليه فلما خاطبه فى خياطة الثياب وكان جوابه والله ما لفلان عندى الا اثنا عشر صندوقا فما ادرى ما فيها فتعجب على بن بويه من الجواب ووجه من حملها فوجد فيها مالا عظيما وكان قد ركب يوما وطاف فى خرابات البلد يتأمل ابنيه الاوائل وآثارهم فتهور تحت قوائم فرسه فاستراب بذلك الموضع وامر بالكشف عنه فاذا مال عظيم
ولما تمكن على بن بويه من البلد اراد أن يقاطع السلطان عنه ويتقلده من قبله فراسل الراضى بتلك فأجابه فضمنه بثمانية آلاف درهم خالصة للحمل بعد النفقات والمؤن فانفذ اليه ابن مقلة خلعة ولواء وامر أن لا يسلم اليه حتى يعطى المال فتلقى الرسول فطالبه بالمال فخاشنه وارهبه فاعطاه الخلع وبقى عنده مدة وهو يماطله بالمال حتى توفى الرسول وهو اول الملوك الذين افتتحت بهم الدولة الديلمية وكان عاقلا سخيا شجاعا وتوفى على بشير ازفى سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة
وظهر ببغداد رجل يعرف بابى جعفر محمد بن على الشلمغانى ويعرف بابن ابى العزاقير وكان قد ظهر وحامد بن العباس فى الوزارة وذكر عنه انه يقول بتناسخ اللاهوت وان اللاهوات قد حل فيه فاستتر ثم ظهر فى زمن الراضى وقيل انه يدعى انه اله فاستحضر بحضرة الراضى فانكر ما ادعى عليه وقال انا اباهل من يدعى على هذه المقالة فان لم تنزل العقوبة على من باهلنى بعد ثلاثة ايام واقصاه بسبعة ايام فدمى لكم حلال فانكر هذا القول عليه وقيل يدعى علم الغيب وافتى قوم بان دمه حلال الا ان يتوب من هذه المقالة فضرب ثمانين سوطا ثم قتل وصلب

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
416 - احمد بن عبد الله ابن مسلم بن قتيبة قدم مصر وتولى القضاء بها وحدث عن ابيه بكتبه المصنفة وتوفى بمصر وهو على القضاء فى ربيع الاول من هذه السنة
417 - احمد بن محمد ابن الحارث بن عبد الوارث ابو الحسن يعرف بابن العتاب حدث عن يحيى بن نصر وغيره وكان ثقة يفهم توفى فى ربيع الاخر من هذه السنة
418 - اسحاق بن محمد ابن الفضل بن جابر ابو العباس الزيات سمع يعقوب الدورقى روى عنه الدارقطنى وقال هو صدوق وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
419 - جعفر بن احمد ابن يحيى ابو الفضل السراج حدث عن يونس بن عبد الاعلى وغيره وكان ثقة صالحا توفى فى هذه السنة
420 - حسان بن ابان ابن عثمان ابو على الأيلى اقام بدمياط وحدث بها وولى قضاءها وكان يفهم ما يحدث وتوفى بها فى هذه السنة
421 - محمد بن احمد ابن القاسم ابو على الروذبارى اصله من بغداد وسكن مصر وكان من ابناء

الرؤساء والوزراء والكتبة وصحب الجنيد وسمع الحديث وحفظ منه شيئا كثيرا وتقدم وقد ذكروا فى اسمه غير ما قلنا فمنهم من قال احمد بن محمد ومنهم من قال الحسن بن همام والصحيح ما ذكرنا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال قرأت على محمد بن أبى الحسن الساحلى عن ابى العباس احمد بن محمد النسوى قال سمعت احمد بن احمد الرازي يقول سمعت محمد بن عمر الجعابى الحافظ يقول قصدت عبدان الأهوازى فقصد مسجدا فرأيت شيخا وحده قاعدا فى المسجد حسن الشيبة فذاكرنى باكثر من مائتى حديث فى الابواب وكنت قد سلبت فى الطريق فأعطانى الذى كان عليه فلما دخل عبدان المسجد ورآه اعتنقه وبش به فقلت لهم من هذا الشيخ قالوا هذا ابو على الروذبارى فرأيت من حفظه ما يتعجب منه وحكى عنه ابو عبد الرحمن السلمى انه كان يقول استاذى فى التصوف الجنيد وفى الحديث والفقه ابراهيم الحربى وفى النحو ثعلب اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابراهيم بن هبة الله الجرباذ قانى حدثنا معمر بن احمد الاصبهانى قال بلغنى عن ابى علي الروذبارى انه قال انفقت على الفقراء كذا وكذا الفا فما وضعت شيئا فى يد فقير فانى كنت اضع ما ادفع الى الفقراء فى يدى فيأخذه من يدى حتى تكون يدى تحت ايديهم ولا تكون فوق يدى فقير اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال انشدنا ابو طالب يحيى بن على الدسكرى للروذبارى ... ولو مضى الكل منى لم يكن عجبا ... وانما عجبى للبعض كيف بقى ... ادرك بقية روح فيك قد تلفت ... قبل الفراق فهذا آخر الرمق ...
توفى ابو على الروذبارى فى هذه السنة وقيل فى سنة ثلاث وعشرين
422 - محمد بن احمد ابن محمد بن عبد الله بن ابى الثلج ابو بكر الكاتب ولد فى سنة ثمان وثلاثين ومائتين

وسمع جماعة وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وتوفى فى هذه السنة
423 - محمد بن اسماعيل المعروف بخير النساج يكنى ابا الحسن من كبار الصوفية من اهل سامرا سكن بغداد وصحب سريا وابا حمزة وتاب فى مجلسه ابراهيم الخواص والشبلى اخبرنا عبد الرحمن ابن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا يحيى بن على قا حدثنا عبد العزيز بن ابى الحسن القرميسينى قال سمعت على بن عبد الله الهمذانى يقول حدثنا على بن محمد الفرضى حدثنا ابو الحسين المالكى قال كنت اصحب خير النساج سنين كثيرة ورأيت له من كرامات الله ما يكثر ذكره غير انه قال لى قبل وفاته بثمانية ايام انى اموت يوم الخميس المغرب وادفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى فلا تنساه قال ابو الحسين فانسيته الى يوم الجمعة فلقينى من خبرنى بموته فخرجت لاحضر جنازته فوجدت الناس راجعين فسألتهم لم رجعوا فذكروا انه يدفن بعد الصلاة فبادرت ولم التفت الى قولهم فوجدت الجنازة قد اخرجت قبل الصلاة او كما قال فسألت من حضره عن حاله عند خروج روحه فقال انه لما احتضر غشى عليه ثم فتح عينيه واومأ الى ناحية البيت وقال قف عافاك الله فانما انت عبد مأمور وانا عبد مأمور وما امرت به لايفوتك وما امرت به يفوتنى فدعنى امضى لما امرت به ثم امض لما امرت به فدعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد ثم مات واخبرنى بعض اصحابنا انه رآه فى النوم فقال ما فعل الله بك فقال لا تسألنى انت عن ذا ولكن استرحنا من دنياكم الوضرة بلغ خير النساج من العمر مائة وعشرين سنة وتوفى فى هذه السنة
424 - محمد بن سليمان ابن محمد بن عمرو بن الحسين ابو جعفر الباهلى النعمانى حدث عن احمد بن بديل وغيره وروى عنه الدارقطنى مات بالنعمانية فى هذه السنة

425 - يعقوب بن ابراهيم ابن احمد بن عيسى بن البخترى ابو بكر البزاز ويعرف بالحراب ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين سمع الحسن بن عرفة وعمر بن شبة روى عنه الدارقطنى وقال كان ثقة مأمونا مكثرا توفى يعقوب وهو ساجد ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة
426 - يعقوب بن صالح ابو محمد السيرافى كانت عنده كتب ابى عبيد القاسم بن سلام عن على بن عبد العزيز وكان عنده حديث كثير وحدث وكان ثقة مأمونا كان يبيع لأهل فارس وتجار الهند امتعتهم توفى بمصر فى ربيع الاول من هذه السنة
سنةة ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى ربيع الاول بلغ الوزير ابا على ابن مقلة ان رجلا يعرف بابن شنبوذ يغير حروفا من القرآن فاستحضره واستحضر القاضى ابا الحسين عمر بن محمد وابا بكر بن مجاهد ونوظر بحضرة الوزير فأغلظ القول بمناظرته فضرب بين الهنبازين سبع درر فدعا على ابن مقلة ان تقطع يده ويشتت شمله ثم عرضت عليه الحروف التى قرأ بها فأنكر ما كان شنيعا وقال فيما سوى ذلك قد قرأ به قوم وذلك مثل قوله فأمضوا الى ذكر الله يأخذ كل سفينة صالحة غصبا فاستتابوه فتاب وكتب خطه بذلك فحمل الى المدائن في الليل ليقيم بها اياما ثم يدخل منزله مستخفيا ولا يظهر لئلا تقتله العامة وقيل انه نفى الى البصرة ثم الى الاهواز فمات بها
وفى يوم السبت لثلاث عشرة خلت من ربيع الاول طالب الجند

بارزاقهم وشغبوا وزاد الامر فى هذا وحملوا السلاح وضربوا مضاربهم فى رحبة باب العامة وحاصروا الدار ثم سكنوا
وفى يوم السبت لعشر خلون من جمادى الآخرة ركب بدر الخرشنى صاحب الشرطة فنادى ببغداد فى الجانبين فى اصحاب ابى محمد البربهارى ان لا يجتمع منهم نفسان فى موضع وحبس منهم جماعة واستتر البربهارى
وفى شهر ايار اتصلت الجنوب وعظم الحر وغلظ الغيم وتكاثف فلما كان آخر يوم منه وهو يوم الاحد لخمس بقين من جمادى الآخرة بعد الظهر هبت ريح عظيمة لم ير مثلها واظلمت واسودت الى بعد العصر ثم خفت ثم عاودت الى وقت عشاء الآخرة
وفى جمادى الآخرة عاد الجند فشغبوا وطالبوا بالرزق ونقبوا دار الوزير ودخلوها فملكوها
وفى رمضان ذكر للوزير أن رجلا فى بعض الدور الملاصقة للزاهر يأخذ البيعة على الناس لانسان لا يعرف ويبذل لهم الصلة فتوصل الى معرفته فعرف وعلم انه قد اخذ البيعة لجعفر بن المكتفى وان جماعة من القواد قد اجابوا الى ذلك منهم يانس فقبض على الرجل ومن قدر عليه من جماعته وقبض على جعفر ونهب منزله
وفيها وقع حريق عظيم فى الكرخ فى طرف البزازين فذهبت فيه اموال كثيرة للتجار فاطلق لهم الراضى ثلاثة آلاف دينار
وخرج الناس للحج فى هذه السنة ومعهم لؤلؤ غلام المتهشم يبذرقهم فاعترضه ابو طاهر بن ابى سعيد الجنابى ولم يكن عند لؤلؤ خير منه وانما ظنه بعض الاعراب فحاربه فانهزم لؤلؤ وبه ضربات واكثر ابو طاهر القتل فى الحاج ونهب ورجع من سلم الى بغداد وبطل الحج فى هذه السنة وكانت الوقعة بينه وبين لؤلؤ فى سحر يوم الاربعاء لاثنتى عشرة ليلة خلت من ذى القعدة

وفى هذه الليلة بعينها انقضت النجوم ببغداد من اول الليل الى آخره وبالكوفة ايضا انقضاضا مسرفا لم يعهد مثله ولا ما يقاربه وغلا السعر فى هذه السنة فبلغ الكرا لحنطة مائة وعشرين دينارا ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
427 - ابراهيم بن محمد بن عرفة ابن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب بن ابى صفرة الازدى العتكى ابو عبد الله المعروف بنفطويه حدث عن خلق كثير يروى عنه ابن حيويه والمرزبانى والمعافى وغيرهم وكان صدوقا وله مصنفات اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا احمد بن عمر بن روح حدثنا منصور بن ملاعب الصيرفى قال انشدنا ابراهيم بن عرفة لنفسه ... استغفر الله مما يعلم الله ... ان الشقى لمن لم يرحم الله ... هبه تجاوز لى عن كل مظلمة ... واسوأنا من حيائى يوم القاه ...
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابن رزقويه قال انشدنى احمد ابن عبد الرحمن قال انشدنى ابراهيم بن محمد بن عرفة ... احب من الاخوان كل مؤاتى ... وكل غضيض الطرف عن عثراتى ... يطاوعنى فى كل امراريده ... ويحفظنى حيا وبعد مماتى ... ومن لى به ياليتنى قد اصبته ... اقاسمه مالى ومن حسناتى ...
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت الخطيب قال حدثنى عبيد الله بن احمد ابن عثمان الصيرفى قال قال لنا ابو بكر بن شاذان بكر ابراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه يوما الى درب الرءاسين فلم يعرف الموضع فتقدم الى رجل يبيع البقل فقال له ايها الشيخ كيف الطريق الى درب الرءاسين قال فالتفت البقلى الى جار له فقال يا فلان ألا ترى الى هذا الغلام فعل الله به وصنع فقد احتبس على فقال

وما الذى تريد منه قال لم يبادر فيجيئنى بالسلق باى شىء اصفع هذا الماص بظر امه لا يكنى قال فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشىء اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا الحسن بن ابى بكر عن احمد بن كامل القاضى قال توفى ابراهيم بن عرفة فى يوم الاربعاء لست خلون من صفر سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة ودفن يوم الخميس فى مقابر باب الكوفة وصلى عليه البريهارى رئيس الحنابلة وكان حسن الافتنان فى العوم وذكر أن مولده سنة اربعين ومائتين وكان يخضب بالوسمة
428 - ابراهيم بن حماد بن اسحاق ابن اسماعيل بن حماد بن زيد ابو اسحاق الازدى ولد فى رجب سنة اربعين ومائتين وسمع خلقا كثيرا منهم الحسن بن عرفة وكان ثقة فاضلا عابدا اخبرنا أبو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى الحسن بن محمد الخلال قال قال لنا القاضى ابو الحسين الجراحى ماجئت الى ابراهيم بن حماد قط الا وجدته قائما يصلى او جالسا يقرأ قال الخلال قال ابو بكر النيسابورى ما رأيت اعبد منه توفى فى صفر هذه السنة
429 - اسماعيل بن العباس ابن عمر بن مهران بن فيروز ابو على الوراق ولد سنة اربعين ومائتين وسمع الزبير بن بكار والحسن بن عرفة وعلى بن حرب وغيرهم روى عنه الدارقطنى ووثقه وكان قد حج فى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة ثم رجع فمات فى الطريق وحمل الى بغداد فدفن بها
430 - اسامة بن على بن سعيد ابن بشير ابو رافع الرازى ولد سنة خمسين ومائتين وسمع الحديث واكثر

وكان ثقة وتوفى بمصر فى ذى الحجة من هذه السنة
431 - بندار بن ابراهيم ابن عيسى ابو محمد القاضى كان على قضاء استراباذو وكان محمود الاثر صحيح الديانة فاضلا ثقة امينا روى عن الحارث بن ابى اسامة ومعاذ بن المثنى وبشر بن موسى وغيرهم وتوفى فى هذه السنة
432 - سليمان بن الحسن ابن على بن الجعد بن عبيد الجوهرى يكنى ابا الطيب روى عنه ابن شاهين احاديث مستقيمة وتوفى فى هذه السنة
433 - عبد الله بن محمد ابن سعيد بن زياد ابو محمد المقرىء المعروف بابن الجمال سمع يعقوب الدورقى وعمر بن شبة روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان من الثقات وتوفى فى رمضان هذه السنة
434 - عبيد الله بن عبد الرحمن ابن محمد بن عيسى ابو محمد السكرى سمع زكريا بن يحيى المنقرى صاحب الاصمعى وابن قتيبة روى عنه ابن حيويه والدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة نبيلا توفى فى هذه السنة
435 - عبيد الله بن عبد الصمد ابن المهتدى بالله ابو عبد الله الهاشمى حدث عن سيار بن نصر الحلبى وغيره روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة يتفقه على مذهب الشافعى توفى فى رمضان هذه السنة

436 - عبد الملك بن محمد ابن عدى ابو نعيم الاستراباذى كان مقدما فى الحديث والفقه وتوفى فى هذه السنة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة
437 - عبد الحميد بن سليمان ابو عبد الرحمن الوراق الواسطى نزل بغداد وحدث بها فروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة يفهم الحديث وتوفى فى شوال هذه السنة
438 - عثمان بن اسماعيل ابن بكر ابو القاسم السكرى سمع احمد بن منصور الرمادى روى عنه الدارقطنى وقال كان من الثقات توفى فى هذه السنة
439 - على بن الفضل ابن طاهر بن نصر بن محمد ابو الحسن البلخى كان من الجوالين فى طلب العلم سمع محمد بن الفضل البلخى وابا حاتم الرازى وكان ثقة حافظا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين توفى فى هذه السنة
440 - محمد بن احمد ابن اسد ابو بكر الحافظ يعرف بابن البستنبان هروى الاصل ولد سنة احدى واربعين ومائتين سمع الزبير بن بكار وغيره روى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقة توفى فى رجب هذه السنة

441 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن زياد بن يزيد بن هارون ابو عبد الله الزعفرانى المعروف بابن بليل روى عنه الدارقطنى وكان رجلا صالحا ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا ابو منصور محمد بن عيسى حدثنا صالح بن احمد بن محمد الحافظ قال سمعت محمد بن عبد الله الزعفرانى يقول رأيت النبى صلى الله عليه و سلم فى المنام فى سنة نيف وتسعين ومائتين وفى رأسه ولحيته بياض كثير فقلت يا رسول الله بلغنا انه لم يكن فى رأسك ولحيتك الا شعرات بيض فقال ذلك لدخول سنة ثلثمائة قال صالح وتوفى فى سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة
سنة ثم دخلت سنة اربع وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الجند احدقو بدار الخلافة وضربوا خيمهم فيها وحولها وملكوها وطولب الراضى بأن يخرج فيصلى بالناس ليراه الناس معهم فخرج وصلى وقال فى خطبته اللهم ان هؤلاء الغلمان بطانتى وظهارتى فمن ارادهم بسوء مارده ومن كادهم فكده وقبض الغلمان على الوزير وسألوا الخليفة ان يستوزر غيره فرد الخيار اليهم وقالوا على بن عيسى فاستحضره وعرضت عليه الوزارة فأبى وأشار بأخيه ابى على عبد الرحمن بن عيسى فقلد الوزارة وخلع عليه واحترقت دار ابن مقلة وحمل الى دار عبد الرحمن بن عيسى فضرب حتى صار جسمه كأنه الباذنجان واخذ خطه بألف الف دينار ثم عجز عبد الرحمن ابن عيسى عن تمشية الامور وضاق المال فاستعفى فقبض عليه لسبع خلون من رجب فكانت مدته خمسين يوما وقلد الوزارة ابو جعفر محمد بن القاسم الكرخى ثم عزل وقلد سليمان بن الحسن وكان هذا كله من عمل الاتراك والغلمان ومن العجائب ان دار ابن مقلة احترقت فى مثل اليوم الذى امر فيه باحراق دار

سليمان بن الحسن بباب المحول فى مثل ذلك الشهر بينهما سنة وكتب على حيطان دار ابن مقلة ... احسنت ظنك بالايام اذا حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتى به القدر ... وسالمتك الليالى فاغررت بها ... وعند صفو الليالى يحدث الكدر ...
وغلا السعر فجاع الناس وعدم الخبز خمسة ايام ووقع الطاعون واقترب بذلك الموت وخص ذلك الضعفاء وكان يجعل على النعش اثنين وربما كان بينهما صبى وربما بقى الموت على الطريق على حالهم وربما حفرت حفائر كبار فيلقى فى الحفيرة خلق كثير ومات باصبهان نحو مائتى الف
ووقع حريق بعمان فاحترق من العبيد السود سوى البيض اثنا عشر الفا واربعمائة حمل كافور ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
342 - احمد بن موسى
ابن العباس بن مجاهد ابو بكر المقرىء ولد فى ربيع الآخر سنة خمس واربعين ومائتين وكان شيخ القراء فى وقته والمقدم منهم على اهل عصره وحدث عن خلق كثير وروى عنه الدارقطنى وغيره وكان ثقة مأمونا سكن الجانب الشرقى وكان ثعلب يقول ما بقى فى عصرنا احد أعلم بكتاب الله من ابى بكر بن مجاهد اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا ابو على عبد الرحمن بن محمد ابن فضالة قال سمعت محمد بن عبد الله بن المطلب يقول نفذت الى ابن مجاهد لاقرأ عليه فتقدم رجل وافر اللحية كبير الهامة وابتدأ ليقرأ فقال ترفق يا خليل سمعت محمد بن الجهم يقول سمعت الفراء يقول ادب النفس ثم ادب الدرس اخبرنا القزاز اخبرنا ابن ثابت قال حدثنى ابو الفضل محمد بن عبد العزيز بن المهدى قال سمعت الحسين بن محمد بن خلف المقرىء يقول سمعت ابا الفضل الزهرى يقول

انتبه بى فى الليلة التى مات فيها ابو بكر بن مجاهد قال يابنى ترى من مات الليلة فانى رأيت فى منامى كأن قائلا يقول قد مات الليلة مقوم وحى الله منذ خمسين سنة فلما اصبحنا اذا ابن مجاهد قد مات اخبرنا القزاز قال اخبرنا الخطيب قال اخبرنى محمد بن جعفر بن علان قال اخبرنا عيسى بن محمد الطومارى قال رايت ابا بكر بن مجاهد فى النوم كأنه يقرأ فكأنى اقول له يا سيدى انت ميت وتقرأ وكأنه يقول لى كنت ادعو فى دبر كل صلاة وعند ختم القرآن ان يجلعنى ممن يقرأ فى قبره فأنا ممن يقرأ فى قبره توفى ابن مجاهد يوم الاربعاء وقت العصر واخرج يوم الخميس لعشر بقين من شعبان هذه السنة ودفن فى مقبرة باب البستان وخلف مالا صالحا
443 - احمد بن بقى بن مخلد قاضى القضاة بالاندلس حدث وتوفى بها فى هذه السنة
444 - احمد بن محمد بن موسى الفقيه الجرجانى روى عن أبى حاتم الرازى وغيره وتوفى فى هذه السنة
445 - احمد بن محمد بن موسى بن العباس ابو محمد كان معنيا بامر الاخبار يطلب التواريخ وولى حسبة سوق الرقيق وسوق مصر وكتب عنه توفى فى محرم هذه السنة
446 - احمد بن جعفر بن موسى ابن يحيى بن خالد بن برمك ابو الحسن النديم المعروف بجحظة كان حسن الادب كثير الرواية للاخبار متصرفا فى فنون جمة من العلوم مليح الشعر حاضر النادرة صانعا فى الغناء وتوفى فى هذه السنة ورد تابوته من واسط اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا على بن المحسن حدثنا الحسين ابن محمد بن سليمان الكاتب قال حدثنا حدثنا جحظة قال انشدت عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين قولى

قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان فى العالم من يسمع ... كم واثق بالعمر واريته ... وجامع بددت ما يجمع ...
فقال لى ذنبك الى الزمان الكمال قال ابن المحسن وحدثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب اخبرنى ابو الحسن بن حنش الكاتب قال قال لنا جحظة صك لى بعض الملوك صكا فترددت الى الجهبذ فى قبضه فلما طالت على مدافعته كتبت اليه ... اذا كانت صلاتكم رقاعا ... تخطط بالأنامل والا كف ... ولم تجد الرقاع علي نفعا ... فها خطى خذوه بالف الف ...
قال ابو الحسن وشرب ابى دواء فكتب اليه جحظة رقعة يسأله عن حاله ... ابن لى كيف امسيت ... وما كان من الحال ... وكم سارت بك الناقة ... نحو المنزل الخالى ...
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن ابى على البصرى قال حدثنى ابى قال حدثنى ابو الفرج الاصبهانى قال حدثنى جحظة قال اتصلت على اضافة اتفقت فيها كل ما كنت املكه حتى بقيت ليس فى دارى غير البوارى فاصبحت يوما وانا افلس من طنبور بلا وتر ففكرت كيف اعمل فيه فوقع لى ان اكتب الى محبرة بن ابى عباد الكاتب وكنت اجاوره وكان قد ترك التصرف قبل ذلك بسنتين ولزم بيته وحالفه النقرس فأزمنه حتى صار لا يتمكن من التصرف الا محمولا على الايدى او فى محفة وكان مع ذلك على غاية الظرف وكبر النفس وعظم النعمة وان اتطايب عليه ليدعونى فآخذ منه ما انفقه مدة فكتبت اليه ... ماذا ترى فى جدى ... وبرمة وبوارد ... وقهوة ذات لون ... يحكى خدود الخزائد ... ومسمع ليس يخطى ... من نسل يحيى بن خالد ... ان المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد ...
فما شعرت الا بمحفة محبرة يحملها غلمانه الى دارى وانا جالس على بابى فقلت له

لم جئت ومن دعاك قال انت قلت انما قلت لك ما ذا ترى فى هذا وعنيت فى بيتك وما قلت لك انه فى بيتى وبيتى والله افرغ من فؤاد ام موسى فقال الآن قد جئت ولا ارجع ولكن ادخل اليك واستدعى من دارى ما اريد قلت ذاك اليك فدخل فلم ير فى بيتى الا بارية فقال يا ابا الحسن هذا والله فقر مفضح هذا ضر مدقع ما هذا فقلت هو ما ترى فأنقذ الى داره فاستدعى فرشا وقماشا وجاء فراشه ففرشه وجاؤا من الصفر والشمع وغير ذلك مما يحتاج اليه وجاء طباخه بما كان فى مطبخه وجاء شرابيه بالصوانى والمخروط والفاكهة والبخور وجلس يومه ذلك عندى فلما كان من غد سلم الى غلامه كيسا فيه الفا درهم ورزمة ثياب من فاخر الثياب واستدعى محفته فجلس فيها وشيعته هنية فلما بلغ آخر الصحن قال مكانك يا ابا الحسن احفظ بابك فكل ما فى الدار لك وقال للغلمان اخرجوا فأغلقت الباب على قماش بالوف كثيرة
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الحسن بن ابى طالب قال حدثنا احمد بن محمد بن عمران قال انشدنا جحظة ... قل للذين تحصنوا من راغب ... بمنازل من دونها حجاب ... ان حال دون لقائكم بوابكم ... فالله ليس لبابه بواب ...
اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا محمد بن أبى نصر الحميدى انشدنا ابو غالب محمد بن احمد ابن سهل النحوى قال اخبرنا ابو الحسين بن دينار قال انشدنى ابو الفرج الاصبهانى قال انشدنا جحظة ... لنا صاحب من ابرع الناس فى البخل ... وافضلهم فيه وليس بذى فضل ... دعانى كما يدعو الصديق صديقه ... فجئت كما يأتى الى مثله مثلى ... فلما جلسنا للغداء رأيته ... يرى انما من بعض اعضائه اكلى ... ويغتاظ احيانا ويشتم عبده ... واعلم ان الغيظ والشتم من اجلى ... امد يدى سرا لآكل لقمة ... فليحظنى شزر فأعبث با لبقل ... الى ان جنت كفى لحينى جناية ... وذلك ان الجوع أعدمنى عقل

فاهوت يمينى نحو رجل دجاجة ... فجرت كما جرت يدى رجلها رجلى ...
قال ابو غالب ومما وقع لنا عاليا من شعر جحظة ما انشدناه ابو الحسن الفك بن كلكلة الطنبورى وكان يقول انه بلغ من السن مائة وخمس عشرة سنة قال انشدنا استاذى جحظة لنفسه ... رحلتم فكم من انه بعد حنة ... مبينة للناس حزنى عليكم ... وقد كنت اعتقت الجفون من البكا ... فقد ردها فى الرق شوقى اليكم ...
447 - رضوان بن احمد بن اسحاق بن عطية ابو الحسن التميمى وهو رضوان بن جالينوس وكان احمد يلقب جالينوس سمع رضوان الحسن بن عرفة وابن ابى الدنيا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين والكتانى والمخلص كان ثقة توفى فى هذه السنة
448 - صالح بن محمد بن الفضل الاصبهانى حدث عن جماعة من العلماء من بلده وغيره وروى تاريخ البخارى وكان ثقة وتوفى فى رجب هذه السنة
449 - عبد الله بن احمد بن محمد ابن المغلس ابو الحسن الفقيه الظاهرى اخذ العلم عن ابى بكر بن داود صاحب المذهب ونشر علم داود فى البلاد وصنف على مذهبه وحدث عن جده محمد بن المغلس وعن على بن داود القنطرى وابى قلابة الرقاشى وعبد الله بن احمد بن حنبل فى آخرين وكان ثقة فاضلا فهما اصابته سكتة فتوفى فى هذه السنة
450 - عبد الله بن محمد بن زياد ابن واصل بن ميمون ابو بكر الفقيه النيسابورى مولى ابان بن عثمان بن عفان من اهل نيسابور ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين ورحل فى طلب العلم الى العراق

والشام ومصر وسكن بغداد وحدث بها عن محمد بن يحيى الذهلى وعباس الدورى وخلق كثير روى عنه دعلج وابن حيويه وابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين والمخلص وغيرهم واجتمع له العلم بالفقه والحديث وكان ثقة صالحا قال الدارقطنى لم نر في مشايخنا احفظ منه للاسانيد والمتون وكان فقه المشايخ جالس الربيع والمزنى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت انبأنا ابو سعد المالينى حدثنا يوسف بن عمر بن مسرور قال سمعت ابا بكر النيسابورى يقول أعرف من اقام اربعين سنة لم ينم الليل الا جاثيا ويتقوت كل يوم بخمس حبات ويصلى صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة ثم قال انا هو وهذا كله قبل ان اعرف ام عبد الرحمن ايش اقول لمن زوجنى ثم قال فى اثر هذا ما أراد الله الا الخير انبأنا ابن ناصر عن ابى القاسم ابن البسرى عن ابى عبد الله بن بطة قال كنا نحضر فى مجلس ابى بكر النيسابورى لنسمع منه الزيادات وكان يحزر ان فى المجلس ثلاثين الف محبرة ومضى على هذا مدة يسيرة ثم حضرنا مجلس ابى بكر النجاد وكان يحزر ان فى مجلسه عشرة آلاف محبرة فتعجب الناس من ذلك وقالوا فى هذه المدة ذهب ثلثا الناس توفى ابو بكر النيسابورى فى ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بباب الكوفة
451 - عبد الرحمن بن سعيد ابن هارون ابو صالح الاصبهانى سكن بغداد وحدث بها عن عباس الدورى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
452 - عثمان بن جعفر ابو حاتم ابو عمر والمعروف بابن اللبان الاحول سمع عمر بن شبة روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة

453 - عفان بن سليمان بن ايوب ابو الحسن التاجر سكن مصر وشهد بها عند الحكم فقبلت شهادته وكان من اهل الخير والصلاح وله وقوف بمصر معروفة على اصحاب الحديث وعلى اولاد العشرة من الصحابة وكان تاجرا موسعا عليه توفى بمصر فى شعبان هذه السنة
454 - محمد بن الفضل بن عبد الله ابو ذر التميمى كان رئيس جرجان وله افضال كثيرة وكانت داره مجمع العلماء رحل فى طلب العلم وسمع الكثير وتفقه على مذهب الشافعى وتوفى فى هذه السنة
455 - هارون بن المقتدر بالله توفى فى ربيع الاول واغتم عليه اخوه الراضى بالله غما شديدا وتقدم بأن ينفى بختيشوع بن يحيى المتطبب من بغداد لانه اتهمه فى علاجه فأخرج الى الانبار ثم شفعت فيه والدة الراضى فعفا عنه وأمر برده
سنة ثم دخلت سنة خمس وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه خرج الراضى الى واسط فى المحرم وجرت حرب بين الاتراك استظهر فيها عليهم بحكم وعاد الراضى فى صفر وخلع على بجكم فى ربيع الاول وولى امارة بغداد وعقد له لواء الولاية للمشرق الى خراسان
ومن الحوادث انه صارت فارس فى يد على بن بويه والرى واصبهان والجبل فى يد الحسن بن بويه والموصل وديار بكر وديار ربيعة وديار مضر والجزيرة فى ايدى بنى حمدان ومصر والشام فى يد محمد بن طغج والاندلس فى يد عبد الرحمن بن محمد الاموى من ولد هشام بن عبد الملك وخراسان فى يد نصر بن احمد واليمامة وهجر واعمال البحرين فى يد ابى طاهر سليمان بن الحسن الجنابى القرمطى وطبرستان وجرجان فى يد الديلم ولم يبق فى يد الخليفة غير مدينة السلام وبعض السواد فبطلت دواوين المملكة وضعفت الخلافة

ثم استوزر الراضى ابا الفتح ابن الفضل بن جعفر بن الفرات ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
456 - احمد بن محمد بن الحسن ابو حامد ابن الشرقى ولد فى رجب سنة اربعين ومائتين وسمع بالامصار من شيوخها وكان واحد عصره فى علم الحديث وكان كثير الحج اخبرنا زاهر بن طاهر انبأنا احمد بن الحسين البيهقى اخبرنا ابو عبد الله الحاكم قال سمعت ابا احمد الحسين بن على التميمى يقول سمعت ابا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول ونظر الى ابى حامد الشرقى فقال حياة ابى حامد تحجز بين الناس والكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم توفى فى رمضان هذه السنة
457 - ابراهيم بن عبد الصمد بن موسى ابو اسحاق الهاشمى حدث عن جماعة روى عنه الدارقطنى وابن شاهين فى آخرين وكان يسكن سر من رأى وحدث بها 2 وببغداد وتوفى فى محرم هذه السنة
459 - اسحاق بن محمد بن ابراهيم ابو يعقوب الصيدلانى حدث عن ابى الاشعث احمد المقدام ولم يكن عنده غير حديث واحد وتوفى فى صفر هذه السنة
459 - جعفر بن محمد بن احمد بن الوليد ابو الفضل القافلائى حدث عن محمد بن اسحاق الصاغانى وعلى بن داود القنطرى واحمد بن ابى خيثمة روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان من الثقات وله معرفة فى الحديث وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
460 - جعفر بن محمد بن عبدويه ابو عبد الله المعروف بالبرائى مروى الاصل حدث عن ابراهيم بن هانىء روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة

461 - الحسن بن آدم العسقلانى حدث عن جماعة وكان ثقة وكان يتولى عمالات من صعيد مصر توفى بالفيوم من صعيد مصر فى شوال هذه السنة
462 - الحسن بن عبد الله بن على ابن محمد بن الملك بن ابى الشوارب ابو محمد الاموى ولى قضاء مدينة المنصور بعد عزل ابى الحسين الاشنانى عنها وكانت ولاية الاشنانى لها ثلاثة ايام فحسب اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا على بن المحسن حدثنا طلحة ابن محمد بن جعفر قال بعد الثلاثة ايام التى تقلد فيها ابن الاشنانى مدينة المنصور استقضى المقتدر على مدينة المنصور الحسن بن عبد الله بن على فى يوم الاثنين لست بقين من ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلثمائة وهذا رجل حسن الستر جميل الطريقة قريب الشبه من ابيه وجده فى باب الحكم والسداد فلم يزل واليا على المدينة الى نصف رمضان سنة عشرين وثلثمائة ثم صرفه المقتدر وتوفى فى يوم عاشوراء من سنة خمس وعشرين
463 - عبد الله بن محمد بن سفيان ابو الحسين الخزاز النحوى حدث عن المبرد وثعلب وكان ثقة وله مصنفات فى علوم القرآن غزيرة الفوائد توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
464 - عمر بن احمد بن على بن عبد الرحمن ابو حفص الجوهرى المعروف بابن علك المروزى حدث عن عباس الدورى وغيره روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وكان ثقة صدوقا متقنا متيقظا فقيها ناسكا توفى بمرو فى هذه السنة
465 - محمد بن اسحاق بن يحيى ابو الطيب النحوي يعرف بابن الوشاء كان من اهل الادب حسن التصانيف

مليح الاخبار حدث عن احمد بن عبيد بن ناصح والحارث بن ابى اسامة وثعلب والمبرد وغيرهم
466 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم ابن عيسى بن فروخ ابو بكر المزنى سكن الرقة وحدث بها عن ابى حفص عمرو ابن على الفلاس وغيره وروى عنه ابو بكر الشافعى وابو القاسم الطبرانى وابن المظفر وغيرهم وقال الدارقطنى هو ثقة توفى بعد العشرين والثلثمائة
467 - محمد بن احمد بن قطن ابن خالد بن حيان ابو عيسى السمسار سمع الحسن بن عرفة وغيره روى عنه الدارقطنى والكتانى وكان ثقة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى عبد العزيز بن على الوراق قال ذكر أن ابن قطن ولد فى سنة خمس وثلاثين ومائتين يوم الجمعة وكان يوم عاشوراء وتوفى فى يوم الجمعة لسبع بقين من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثلثمائة
468 - محمد بن احمد بن المهدى ابو عمارة اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدث ابو عمارة عن ابى بكر بن ابى شيبة ولوين وعلى بن الموفق وغيرهم وفى حديثه مناكير وغرائب روى عنه ابو عمر وابن السماك وابو سهل بن زياد القطان ودعلج وابو بكر الشافعى واخبرنا ابو الطيب الطبرى قال قال لنا ابو الحسن الدارقطنى ابو عمارة ضعيف جدا
469 - محمد بن احمد بن هارون ابو بكر العسكرى الفقيه كان يتفقه لابى ثور وحدث عن ابراهيم بن عبد الله بن الجنيد والحسن بن عرفة وعباس الدورى وغيرهم روى عنه الآجرى والدارقطنى ويوسف القواس وغيرهم وتوفى فى شوال من هذه السنة

470 - محمد بن احمد ابن يوسف بن اسماعيل ابو احمد الجريرى حدث عن ابن اخى الاصمعى وغيره ولم يظهر عنه الا الخير توفى فى محرم هذه السنة
471 - محمد بن ابى موسى عيسى ابن احمد بن موسى بن محمد بن ابراهيم ابو عبد الله الهاشمى سمع جعفر الفريابى وكان ثقة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن ابى على قال حدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن محمد الطبرى قال رأيت ثلاثة يتقدمون ثلاثة اصناف من ابناء جنسهم فلا يزاحمهم احد ابو عبد الله الحسين بن احمد الموسوى يتقدم الطالبين فلا يزاحمه احد وابو عبد الله محمد بن ابى موسى الهاشمى يتقدم العباسيين فلا يزاحمه احد وابو بكر الاكفانى يتقدم الشهود فلا يزاحمه احد
472 - محمد بن المسور بن عمر ابن الفضل بن العباس بن عبد المطلب اندلسى 2 الاصل كان فقيها مقدما روى الحديث وتوفى بالاندلس فى هذه السنة
473 - موسى بن عبيد الله بن يحيى ابن خاقان ابو مزاحم كان ابوه وزير المتوكل وسمع ابو مزاحم من عباس الدورى وابى قلابة وعبد الله بن احمد والمروروذى روى عنه الآجرى وابن شاهين وكان ثقة من اهل السنة نقش خاتمه دن بالسنن موسى تعن توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
474 - موسى بن جعفر بن محمد ابو الحسن العثمانى كوفى الاصل ولد سنة اربعين

وسمع الربيع بن سليمان روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة ست وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه خرج الراضى متنزها الى ان حادى بزوعى فاقام يومين ثم رجع وفيها ورد كتاب من ملك الروم الى الراضى وكانت الكتابة بالرومة بالذهب والترجمة بالعربية بالفضة يطلب منه الهدنة وفيه ولما بلغنا ما رزقته ايها الاخ الشريف الجليل من وفور العقل وتمام الادب واجتماع الفضائل اكثر ممن تقدمك من الخلفاء حمدنا الله تعالى اذ جعل فى كل امة من يمتثل امره وقد وجهنا شيئا من الالطاف وهى اقداح وجرار من فضة وذهب وجوهر وقضبان فضة وسقور وثياب سقلاطون ونسيج ومناديل واشياء كثيرة فاخرة فكتب اليهم الجواب بقبول الهدية والاذن فى الفداء وهدنة سنة
وتحدث الناس فى شوال هذه السنة ان رقعة جاءت من ابن مقلة الى الراضى يضمن فيها ابن رائق وابنى مقاتل بالفى الف دينار وانه يقبض عليهم بحيلة لطيفة فقال الراضى صر الى حتى تعرفنى وجه هذا فجاء فعلم ابن رائق فركب فى جيشه الى الدار وقال لا ابرح الا بتسليم ابن مقلة فاخرج فأمر بقطع يده اليمنى وقيل هذا سعى فى الارض بالفساد
ووجد يهودى مع مسلمة وكان اليهودى غلاما لجهبذ يهودى لابن خلف فضربه صاحب الشرطة فلم يرض ابن خلف حتى ضرب صاحب الشرطة بحضرة اليهود فى يوم جمعة فافتتن الناس لذلك وكان امرا قبيحا
وفى هذه السنة وقع الوباء فى البقر وظهر فى الناس جرب وبثور

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
475 - ابراهيم بن داود القصار ابو اسحاق الرقى اخبرنا محمد بن ناصر انبأنا احمد بن على بن خلف حدثنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت ابا بكر بن شاذان يقول سمعت ابراهيم القصار يقول المعرفة اثبات الرب عز و جل خارجا عن كل موهوم وقال اضعف الخلف من ضعف عن رد شهوته واقوى الخلق من قوى على ردها قال السلمى كان ابراهيم من جلة مشايخ الشام من اقران الجنيد عمر وصحبه اكثر مشايخ الشام وكان ملازما للفقر توفى فى سنة ست وعشرين وثلثمائة
476 - احمد بن زياد بن محمد ابن زياد بن عبد الرحمن اللخمى أندلسى وهو من ولد شيطون وهو زياد بن عبد الرحمن صاحب مالك بن أنس وشبطون اول من ادخل فقه مالك الاندلس وعرض عليه القضاء فلم يقبله توفى احمد بالاندلس فى هذه السنة
477 - جبلة بن محمد بن كريز حدث عن يونس بن عبد الاعلى وكان ثقة صدوقا توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
478 - الحسن بن على بن زيد ابن حميد بن عبيد الله بن مقسم ابو محمد مولى على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب من اهل سر من رأى حدث ببغداد عن جماعة روى عنه الدارقطنى وابن بطة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى السنة التى قبلها

479 - شعيب بن محرز ابن عبيد الله بن خلف بن الراجبان ابو الفضل الكاتب حدث عن عمر بن شبة وعلى بن حرب روى عنه الدارقطنى والمخلص وكان ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
480 - عبد الله بن العباس بن جبريل ابو محمد الوراق الشمعى حدث عن على بن حرب روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة توفى فى هذه السنة
481 - عبد الله بن الهيثم بن خالد ابو محمد الخياط الطينى سمع ابراهيم بن الجنيد والحسن بن عرفة روى عنه الدارقطنى ويوسف القواس وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
482 - عبد العزيز بن جعفر ابن بكر بن ابراهيم ابو شيبة يعرف بابن الخوارزمى سمع الحسن بن عرفة روى عنه الدارقطنى وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
483 - محمد بن جعفر بن رميس ابن عمر ابو بكر القصرى سمع ابا علقمة الفروى والحسن بن محمد بن الصباح وغيرهما أنفق فى طلب الحديث الوف دنانير روى عنه الدارقطنى وقال هو من الثقات وتوفى فى هذه السنة سنة 327 ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه خرج الراضى الى الموصل لمحاربة الحسن بن عبد الله بن

حمدان وخرج بحكم فكان ينزل بين يديه بقليل فاستوى ابن رائق على بغداد فدخلها فى الف من القرامطة اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد ابن على بن ثابت اخبرنا التنوخى اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال لما كان فى المحرم سنة سبع وعشرين وثلثمائة خرج الراضى الى الموصل واخرج معه قاضى القضاة ابا الحسين عمر بن محمد بن يوسف وامره ان يستخلف على مدينة السلام باسرها ابا نصر يوسف بن عمر لما علم انه لا احد بعد ابيه يجاريه ولا انسان يساويه فجلس يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم سنة سبع وعشرين فى جامع الرصافة وقرأ عهده بذلك وحكم فتبين للناس من امره ما بهر عقولهم ومضى فى الحكم على سبيل معروفة له ولسلفه وما زال ابو نصر يخلف اباه على القضاء بالحضرة من الوقت الذى ذكرنا الى ان توفى قاضى القضاة قال ابو بكر الصولى ومضى الراضى عاجلا الى الموصل وقد تقدم بحكم فواقع الحسن بن عبد الله فهزمه ثم خرج ابن رائق من بغداد وعاد الراضى اليها
وجاء فى جمادى الاولى وهو أول يوم من اذار بعد المغرب مطر عظيم وبرد كبار فى كل بردة نحو الاوقيتين ودام وسقط بذلك حيطان كثيرة من دور بغداد وظهر جراد كثير وكان الحج قد بطل من سنة سبع عشرة وثلثمائة فلم يحج احد من العراق فلما جاءت سنة سبع وعشرين كاتب ابو على عمر بن يحيى العلوى القرامطة وكانوا يحبونه لشجاعته وكرمه وسألهم ان ياذنوا للحجيج ليسير بهم ويعطيهم من كل جمل خمس دنانير ومن المحمل سبعة دنانير فأذنوا لهم فحج الناس وهى اول سنة مكس فيها الحاج وخرج فى تلك السنة القاضى ابو على ابن ابى هريرة الشافعى فلما طولب بالخفارة لوى راحلته ورجع وقال لم ارجع شحا على الدراهم ولكن قد سقط الحج لهذا المكس ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
484 - الحسن بن القاسم بن دحيم ابو على الدمشقى حدث عن العباس بن الوليد البيروتى وكان اخباريا وله فيها مصنفات

توفى بمصر فى محرم هذه السنة وقا اناف على الثمانين سنة
485 - الحسين بن القاسم بن جعفر ابن محمد بن خالد بن بشر ابو على الكوكبى الكاتب صاحب آداب واخبار حدث عن احمد بن ابى خيثمة وابى العيناء وابن ابى الدنيا وغيرهم روى عنه الدارقطنى والمعافى وابن سويد وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
486 - عثمان بن الخطاب ابن عبد الله ابو عمر البلوى الاشج المغربي المعروف بأبى الدنيا يروى عن على بن ابى طالب قدم بغداد بعد سنة ثلثمائة بسنتين وعلماء النقل لا يثبتون قوله ولا يصدقون خبره اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو بكر احمد بن موسى بن عبد الله الروشتائى حدثنا محمد بن احمد بن محمد بن يعقوب المفيد قال سمعت ابا عمر وعثمان بن الخطاب بن عبد الله البلوى من مدينة بالمغرب يقال لها رندة وهو المعمر ويعرف بابى الدنيا يقول ولدت فى اول خلافة ابى بكر الصديق فلما كان فى زمن على بن ابى طالب خرجت انا وابى نريد لقاءه فلما صرنا قريبا من الكوفة او من الارض التى هو فيها لحقنا عطش شديد فى طريقنا اشفينا منه على الهلكة وكان أبى شيخا كبيرا فقلت له اجلس حتى ادورأنا فى الصحراء او البرية فلعلنى اقدر على ماء او من يدلنى على ماء او ماء المطر فجلس ومضيت اطلب الماء فلما كنت عنه غير بعيد لاح لى ماء فصرت اليه فاذا انا بعين ماء وبين يديها شبيه بالركية او الوادى من مائها فنزعت ثيابى واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتى رويت ثم قلت أمضى فاجىء بأبى فهو

غير بعيد فجئت اليه فقلت قم فقد فرج الله وهذه عين ماء قريب منا ومضينا نحو العين والماء فلم نر شيئا فدرنا نطلب فلم نقدر على شىء واجهد ابى جهدا شديدا فلم يقدر على النهوض لشدة ما لحقه فجلست معه فلم يزل يضطرب حتى مات فاحتلت حتى واريته ثم جئت حتى لقيت اميرالمؤمنين عليا عليه السلام وهو خارج الى صفين وقد اسرجت له بغلة فجئت فأمسكت الركاب ليركب وانكببت لأقبل فخذه فنفحنى الركاب فشجنى فى وجهى شجة قال المفيد ورأيت الشجة فى وجهه واضحة قال ثم سألنى عن خيرى فأخبرته بقصتى وقصة ابى وقصة العين فقال هذه عين لم يشرب منها احد الا وعمر عمرا طويلا فأبشر فانك تعمر ما كنت تجدها بعد شربك منها كما قال المفيد ثم سألناه فحدثنا عن على بن ابى طالب باحاديث ثم لم ازل اتتبعه فى الاوقات فألح عليه حتى يملى على حديثا ثم اعود حتى جمعت منه خمسة عشر حديثا لم يجتمع عنه لغيرى لتتبعى له والحاحى عليه وكان معه شيوخ من بلده فسألتهم عنه فقالوا هو مشهور عندنا بطول العمر حدثنا بذلك آباؤنا عن آبائهم عن اجدادهم وان قوله فى لقيه على بن ابى طالب معلوم عندهم انه كذلك اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابو القاسم عبيد الله بن احمد بن عبد الاعلى بن محمد بن مروان الرقى حدثنا ابو القاسم يوسف بن احمد بن محمد البغدادى وكان شاهدا بالرقة فقلت له ان المفيد حدث عن الاشج عن على ابن ابى طالب فقال ان الاشج دخل بغداد واجتمع الناس عليه فى دار اسحاق واحدقوا به وضايقوه وكنت حاضره فقال لا تؤذونى فانى سمعت على بن ابى طالب يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كل مؤذ فى النار وحدث ببغداد خمسة احاديث حفظت منها ثلاثة هذا احدها وما علمت احدا ببغداد كتب عنه حرفا واحدا ولم يكن عندى بالثقة وقال المفيد بلغنى ان الاشج مات فى سنة سبع وعشرين وثلثمائة وهو راجع الى بلده
487 - محمد بن جعفر ابن محمد بن سهل ابو بكر الخرائطى من اهل سر من رأى سمع ابراهيم بن الجنيد

والحسن بن عرفة وخلقا كثيرا وكان حسن التصنيف سكن الشام وحدث بها وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
488 - محمد بن جعفر ابن محمد بن نوح ابو نعيم الحافظ بغدادى نزل الرملة وحدث بها عن خلق كثير روى عنه محمد بن المظفر الحافظ وتوفى فى هذه السنة
489 - محمد بن جعفر ابن محمد بن الحسن بن المستفاض ابو الحسن بن ابى بكر الفريابى ولد سنة سبع واربعين ومائتين وحدث عن عباس الدورى وخلق كثير روى عنه ابن شاهين وغيره وكان ثقة
490 - محمد بن جعفر ابن احمد بن بكر الرافقى ويعرف بابن الصابونى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه الدارقطنى
491 - يزداد بن عبد الرحمن ابن محمد بن يزداد ابو محمد الكاتب مروزى الاصل سمع ابا سعيد الاشج روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وذكره يوسف القواس فى شيوخه الثقات توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى غرة المحرم ظهرت فى الجو حمرة شديدة من ناحية الشمال والمغرب وظهرت فيها اعمدة بيض غظيمة كثيرة العدد

وفيها ان الخبر ورد بان ابا على الحسن بن بويه الديلمى صار الى واسط فانحدر الراضى وبجكم فانصرف ابو على عن واسط ورجع الراضي الى بغداد وفيها ان بجكم تزوج سارة بنت ابى عبد الله محمد بن احمد بن يعقوب البريدى على صداق مبلغه مائتا الف درهم
وفيها فى شعبان بلغت زيادة الماء فى دجلة تسعة عشر ذراعا وبلغت زيادة الفرات احدى عشر ذراعا
وانبثق بثق من نواحي الانبار فاجتاح القرى وغرق الناس والبهائم والسباع وصب الماء فى الصراة الى بغداد ودخل الشوارع فى الجانب الغربى من بغداد وغرق شارع الانبار فلم يبق فيه منزل وتساقطت الدور والابنية على الصراة وانقطع بعض القنطرة العتيقة والجديدة
وفى هذا الشهر توفى قاضى القضاة ابو الحسين عمر بن محمد وولى ابنه ابو نصر يوسف
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا التنوخى اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال لما كان يوم الخميس لخمس بقين من شعبان خلع الراضى على ابى نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف وقلده الحضرة بأسرها الجانب الشرقى والغربى والمدينة والكرخ وقطعه من اعمال السواد وخلع على اخيه ابى محمد الحسين بن عمر لقضاء اكثر السواد ثم صرف الراضى ابا نصر عن مدينة المنصور بأخيه الحسين فى سنة تسع وعشرين وأقره على الجانب الشرقى وفى يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى الحجة اشهد ابو على بن أبى موسى الهاشمى على نفسه ثلاثين شاهدا من العدول بانه لا يشهد عند القاضى ابى نصر يوسف بن عمر ببغداد وأخذ خطوط الشهود انه عدل مقبول الشهادة وفى يوم الاثنين لثمان بقين من ذى الحجة اسجل القاضى ابو نصر يوسف بن عمر بأن ابا عبد الله بن أبى موسى الهاشمى ساقط الشهادة بشهادة عشرين عدلا عليه بذلك وفى مستهل ذى القعدة وافى رسول أبى طاهر الجنابى القرمطى فاطلق له من

مال السلطان خمسة وعشرون الف دينار من جملة خمسين الف دينار ووفق عليها على ان يبذرق بالحاج فبذرقهم فى هذه السنة
وفى هذا الشهر صرف ابو عبد الله البريدى عن الوزارة واستوزر سليمان بن الحسن وكان البريدى قد ضمن واسطا واعمالها بستمائة الف دينار ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
492 - اسحاق بن محمد ابن اسحاق ابو عيسى الناقد حدث عن الحسن بن عرفة وتوفى فى محرم هذه السنة
493 - جعفر المرتعش
ابو محمد كذلك ذكره ابو بكر الخطيب وقال ابو عبد الرحمن السلمى اسمه عبد الله ابن محمد ابو محمد النيسابورى كان من ذوى الاموال فتخلى عنها وصحب الفقراء مثل الجنيد وأبى حفص وابى عثمان واقام ببغداد حتى صار شيخ الصوفية وكان اقامته بالشونيزية وكانوا يقولون عجائب بغداد ثلاثة اشارات الشبلى ونكت المرتعش وحكايات جعفر الخواص اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا احمد بن على بن خلف انبأنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت ابا الفرج الصائغ يقول قال المرتعش من ظن ان افعاله تنجيه من النار وتبلغه الرضوان فقد جعل لنفسه ولفعله خطرا ومن اعتمد على فضل الله بلغه الله اقصى منازل الرضوان وقيل له ان فلانا يمشى على الماء فقال ان من مكنه الله من مخالفة هواه فهو اعظم من المشى على الماء اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ذكر محمد بن مأمون البلخى انه سمع ابا عبد الله الرزاز يقول حضرت وفاة المرتعش فى مسجد الشونيزية سنة ثمان وعشرين وثلثمائة فقال انظروا ديونى فنظروا فقالوا بضعة عشر درهما فقال انظروا خريقاتى فلما قربت منه قال اجعلوها فى ديونى وأرجو من أن الله يعطيني الكفن ثم قال سألت الله ثلاثا عند موتي فأعطانيها سألته ان يميتنى على الفقر وسألته ان يجعل موتى فى هذا المسجد فقد صحبت فيه اقواما وسألته ان يكون

حولى من آنس به واحبه وغمض عينيه ومات بعد ساعة رحمه الله
494 - الحسن بن احمد بن يزيد ابن عيسى بن الفضل بن بشار المعروف بالاصطخرى قاضى قم ولد سنة اربع واربعين ومائتين وسمع سعدان بن نصر واحمد بن منصور الرمادى وعباسا الدورى روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وكان احد الائمة المذكورين وهو من شيوخ الفقهاء الشافعيين وكان ورعا زاهدا وكتابه الذى الفه يدل على سعة علمه وقوة فهمه وكان متقللا فيقال انه كان قميصه وسراويله وعمامته وطيلسانه من شقة واحدة وله كتاب القضاء لم يصنف مثله توفى فى هذه السنة
495 - الحسن بن ابراهيم ابن عبد الله بن عبد المجيد ابو محمد المقرىء وهو ابن اخت ابى الآذان سمع من جماعة وروى عنه الدارقطنى وقال هو من الثقات توفى فى هذه السنة
496 - الحسن بن سعيد بن الحسن ابن يوسف ابو القاسم الوراق يعرف بابن الهرش مروزى الاصل حدث عن ابراهيم بن هانى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة

497 - الحسين بن محمد بن سعيد ابو عبد الله البزاز المعروف بابن المطبقى ولد فى ربيع الاول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وحدث عن خلاد بن اسلم والربيع بن سليمان ومحمد بن منصور الطوسى روى عنه الخطبى والدارقطنى وابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة ودفن فى داره وبلغ ستا وتسعين سنة وهو صحيح الفهم والعقل والجسم
498 - حامد بن احمد ابن الهيثم ابو الحسين البزاز حدث عن احمد بن منصور الرمادى توفى فى هذه السنة
499 - حامد بن بلال بن الحسن ابو احمد البخارى حدث عن جماعة روى عنه ابو بكر الشافعى وابن شاهين توفى في رجب هذه السنة
500 - حامد بن احمد بن محمد ابو احمد المروزى المعروف بالزيدي كان له عناية بحديث زيد بن ابى أنيسة وجمعة وطلبه فنسب اليه سكن طرسوس ثم قدم بغداد وحدث بها فروى عنه الدارقطنى وكان ثقة مذكورا يالفهم موصوفا بالحفظ توفى فى رمضان هذه السنة
501 - حمزة بن الحسين ابن عمر ابو عيسى السمسار سمع من جماعة روى عنه الخلدى وابن شاهين وكان ثقة وذكر أنه كان يعرف بحمزة واسمه عمر توفى فى هذه السنة

502 - خير مولى عبد الله ابن يحيى بن زهير التغلبى يكنى ابا صالح سمع من بكار بن قتيبة وكان ثقة تقبله القضاة وتحكم بقوله وكان اسود خصيا توفى فى رمضان هذه السنة
503 - عبد الله بن سليمان ابن عيسى بن الهيثم ابو محمد الوراق المعروف بالفامى سمع ابراهيم بن هانىء وعبد الله ابن احمد روى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
504 - على بن احمد ابن الهيثم ابو الحسن البزار حدث عن على بن حرب روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
505 - على بن محمد ابو الحسن المزين الصغير اصله من بغداد وصحب الجنيد وسهل بن عبد الله واقام بمكة مجاورا حتى توفى بها فى هذه السنة اخبرنا ابو بكر بن حبيب العامرى اخبرنا ابو سعد بن أبى صادق اخبرنا ابو عبد الله بن باكويه اخبرنا ابو عبد الله بن خفيف قال سمعت ابا الحسن المزين بمكة يقول كنت فى بادية تبوك فتقدمت الى بئر لأستقى منه فزلقت رجلى فوقعت فى جوف البئر فرأيت فى جوف البئر زاوية واسعة فاصلحت موضعا وجلست عليه وقلت ان كان منى شىء لا افسد الماء على الناس وطابت نفسى وسكن قلبى فبينا انا قاعد اذا بخشخشة فتأملت فاذا انا بأفعى ينزل على فراجعت نفسى فاذا هى ساكنة علي فنزل فداربى وانا هادىء السر لا تضطرب على نفسى ثم لف ذنبه واخرجنى من البئر وحلل عنى ذنبه فلا ادرى ارض ابتلعته او سماء رفعته ثم قمت ومشيت

وثم آخر يقال له
506 - ابو جعفر المزين الكبير
كان بمكة وبها مات وكان من العباد اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن ابى على حدثنا ابراهيم بن احمد الطبرى حدثنا جعفر الخلدى قال ودعت فى بعض حجاتى المزين الكبير فقلت زودنى شيئا فقال ان ضاع منك شىء او اردت ان يجمع الله بينك وبين انسان فقل يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه ان الله لا يخلف الميعاد اجمع بينى وبين كذا وكذا فان الله يجمع بينك وبين ذلك الانسان او ذلك الشىء قال فجئت الى الكتانى فودعته وقلت زودنى فأعطانى فصا عليه نقش كأنه طلسم فقال اذا اغتممت فانظر الى هذا فانه يزول غمك قال فانصرفت فما دعوت الله بتلك الدعوة الا استجيب لى ولا رايت الفص وقد اغتممت الازال غمى فانا ذات يوم قد توجهت اعبر الى الجانب الشرقى من بغداد اذ هاجت ريح عظيمة وانا فى السميرية والفص فى جيبى فأخرجته لانظر اليه فلا ادرى كيف ذهبت منى فى الماء او فى السفينة فاغتممت غما عظيما فدعوت بالدعوة وعبرت فما زلت ادعو بها يومى وليلتى اياما فلما كان بعد ذلك اخرجت صندوقا فيه ثيابى لأغير منها شيئا ففرغت الصندوق فاذا بالفص فى اسفل الصندوق فأخذته وحمدت الله على رجوعه
507 - عمر بن ابى عمر محمد بن يوسف ابن يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم ابو الحسين الازدى ناب عن ابيه فى القضاء وهو ابن عشرين سنة ثم توفى ابوه وهو على القضاء وكان حافظا للقرآن والفقه على مذهب مالك والفرائض والحساب واللغة والنحو والشعر والحديث واقر على القضاء ثم جعل قاضى القضاة الى آخر عمره وصنف مسندا ورزق قوة الفهم وجودة القريحة وشرف الاخلاق قال ابو القاسم بن برهان النحوي كان عدد الشهود فى زمان قاضى القضاة ابى الحسين بن قاضى القضاة

ابى عمر الف وثمانمائة شاهد ليس فيهم من شهد الا بفضيلة محضة فى دين او علم او مال او شرف
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبد الصمد بن محمد بن محمد بن نصر قال قال لنا اسماعيل بن سعيد المعدل كان ابو عمر القاضى يقول ما زلت مروعا من مسأله تجيئنى من السلطان حتى نشأ ابو الحسين ولدى
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على حدثنا التنوخى حدثنا محمد بن عبيد الله النصيبى ان جعفر بن ورقاء حدثهم قال عدت من الحج انا واخي فتأخر عن تهنئتى القاضى ابو عمر وابنه ابو الحسين فكتبت اليهما ... أأستجفى ابا عمرو اشكو ... واستجفى فتاه ابا الحسين ... بأى قضية وبأى حكم ... الحافى قطيعة واصلين ... فما جاء ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقى موجبين ... فان نمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لا خلص مخلصين ... وان نعتب فحق غير أنا ... نجل عن العتاب القاضيين ...
فوصلت الابيات الى ابى عمر وهو على شغل فأنفذها الى ابى الحسين وامره بالجواب عنها فكتب الى ... تجن واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الود ايها الظالم ... ظننت بى جفوة عتبت لها فخلت انى لحبلكم صارم ... حكمت بالظن والشكوك ولا يحكم بالظن فالهوى حاكم ... تركت حق الوداع مطرحا ... وجئت تبغى زيارة القادم ... امران لم يذهبا على فطن ... وانت بالحكم فيهما عالم ... وكل هذا مقال ذى ثقة ... وقلبه من جفائه سالم ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو الطيب الطبرى قال سمعت المعافى بن زكريا يقول كنت احضر مجلس ابى الحسين بن ابى عمر يوم النظر فحضرت يوما انا وجماعة من اهل العلم فى الموضع الذى جرت العادة

بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج قال فدخل اعرابى لعل له حاجة اليه فجلس بقربنا فجاء غراب فقعد على نخلة فى الدار وصاح ثم طار فقال الاعرابى هذا الغراب يقول بأن صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة ايام قال فصحنا عليه وزبرناه فقام وانصرف واحتبس خروج ابى الحسين واذا قد خرج الينا غلام فقال القاضى يستدعيكم قال فقمنا ودخلنا اليه واذا به متغير اللون منكسر البال مغتم فقال اعلموا انى احدثكم بشىء قد شغل قلبى وهو أنى رايت البارحة فى المنام شخصا وهو يقول ... منازل آل حماد بن زيد ... على اهليك والنعم السلام ...
وقد ضاق لذلك صدرى قال فدعونا له وانصرفنا فلما كان اليوم السابع من ذلك اليوم دفن رحمه الله
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال توفى قاضى القضاة يعنى ابا الحسين عمر بن محمد بن يوسف فى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلثمائة وصلى عليه ابنه ابو نصر ودفن الى جانب ابى عمر فى دار الى جانب داره قال ابو بكر الصولى كان هذا القاضى عمر بن محمد قد بلغ من العلوم مبلغا عظيما وقرأ على من كتب اللغة والاخبار ما يقارب عشرة آلاف ورقة وتوفى ابن سبع وثلاثين سنة ووجد عليه الراضى وجدا شديدا حتى كان يبكى بحضرتنا وقال كنت اضيق بالشىء ذرعا فيوسعه على وكان يقول لا بقيت بعده
508 - عثمان بن عبدويه ابو عمرو البزاز الكشى سمع ابراهيم الحربى روى عنه ابو بكر بن ابى موسى القاضى وكان ثقة توفى فى رمضان هذه السنة
509 - محمد بن احمد بن ايوب بن الصلت ابو الحسن المقرىء المعروف بابن شنبوذ حدث عن ابى مسلم الكجى وبشر بن

موسى وخلق كثير من اهل الشام ومصر وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراآت وقرأ بها فصنف ابو بكر الأنبارى وغيره كتبا فى الرد عليه اخبرنا القزاز قال اخبرنا الخطيب قال اخبرنى ابراهيم بن مخلد فيما اذن لى ان ارويه عنه قال اخبرنا اسماعيل بن على الخطبى قال اشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ يقرىء الناس ويقرأ فى المحراب بحروف تخالف المصاحف مما يروي عن ابن مسعود وأبى وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذى جمعه عثمان ويتبع الشواذ فيقرأ بها ويجادل حتى عظم امره وفحش وانكره الناس فوجه السلطان فقبض عليه فى يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة وحمل الى دار الوزير محمد بن على بن مقلة واحضر القضاة والفقهاء والقراء وناظره يعنى الوزير بحضرتهم فأقام على ما ذكر عنه ونصره واستنزله الوزير عن ذلك فأبى ان ينزل عنه او يرجع عما يقرا به من هذه الشواذ المنكرة التى تزيد على المصحف وتخالفه فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس وأشاروا بعقوبته ومعاملته مما يضطره الى الرجوع فأمر بتجريده واقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه فضرب نحو العشر درر ضربا شديدا فلم يصبر واستغاث واذعن بالرجوع والتوبة فخلى عنه واعيدت عليه ثيابه واستتيب فكتب عليه كتاب بتوبته توفى ابن شنبوذ يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من صفر هذه السنة
510 - محمد بن الحسن بن محمد ابن حاتم بن يزيد ابو الحسن المعروف والده بعبيد العجل عن زكريا ابن يحيى المروزى وموسى بن هارون الطوسى روى عنه الدارقطنى اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال بلغنى عن ابى الفتح عبيد الله بن احمد النحوى انه ذكره فقال كان سيء الحال في الحديث توفى يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقين من رجب هذه السنة

511 - محمد بن على بن الحسين بن عبد الله ابو على المعروف بابن مقلة ولدفي شوال ببغداد فى سنة اثنتين وسبعين ومائتين فأول تصرف تصرفه مع ابى عبد الله محمد بن داود بن الجراح وسنه يؤمئذ ست عشرة سنة وذلك فى سنة ثمان وثمانين فأقام بعه ثمانية اشهر ثم انتقل الى ابى الحسن ابن الفرات قبل تقلده الوزارة واجرى له مثل ذلك وكان يسترفق فى ايامه بقضاء الحوائج ثم زاده فى الجراية وولى ابن الفرات الوزارة ثم عزل وأعيد فقلد غير ابن مقلة الكاتبات فسعى به ابن مقلة حتى صرف ثم عاد الى الوزارة فقبض على ابن مقلة صادره على مائة الف دينار ثم آل الامر الى ان وزر لثلاثة خلفاء وزر ابن مقلة للمقتدر فى سنة ست عشرة وثلثمائة وقبض عليه فى آخر سنة سبع عشرة ووزر للقاهر سنة عشرين واستتر عنه خوفا منه سنة احدى وعشرين فلم يظهر حتى بويع للراضى بالله وقال كنت مستترا فى دار أبى الفضل بن مارى النصرانى بدرب القراطيس فسعى بى الى القاهر وعرف موضعى فانى لجالس وقد مضى نصف الليل اخبرتنا زوجة ابن مارى ان الشارع قد امتلا بالمشاعل والخيل فطار عقلى ودخلت بيتا فيه تبن فدخلوه ونبشوه بأيديهم فلم اشك انى مأخوذ فعاهدت الله تعالى انه ان نجانى ان انزع عن ذنوب كثيرة وان تقلدت الوزارة امنت المستترين واطلقت ضياع المنكوبين ووقفت وقوفا على الطالبين فما استتممت نذرى حتى خرج الطلب وكفانى الله امرهم وكان ابن مقلة قد نفى ابا العباس احمد بن عبيد الله الخصيبى وسليمان بن الحسن وكلاهما وزر للمقتدر وتقدم بانفاذهما فى البحر فخب بهما البحر ويئسا من الحياة فقال الخصيبى اللهم انى استغفرك من كل ذنب وخطيئة واتوب اليك من معاودة معاصيك الا من مكروه ابى على ابن مقلة فاننى ان قدرت عليه جازيته عن ليلتى هذه وما حل بى منه فيها وتناهيت فى الاساءة اليه فقال سليمان

ويحك فى هذا الموضع وانت معاين للهلاك تقول هذا فقال لا اخادع ربى واعيد من عمان فلما عزل ابن مقلة فى خلافة الراضى ضمنه الخصيبى بألفى الف دينار وحلت به المكاره من قبله وكان ابن مقلة لما شرع فى بناء داره بالزاهر جمع المنجمين حتى اختاروا له وقتا لبنائه ووضع اساسه بين المغرب والعشاء فكتب اليه بعضهم ... قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا ... واصبر فانك فى اضغاث احلام ... تبنى بانقاض دور الناس مجتهدا ... دارا ستنقض ايضا بعد ايام ... ما زلت تختار سعد المشترى لها ... فلم توق به من نحس بهرام ... ان القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... فى حال نقض ولا فى حال ابرام ...
وكان له بستان عدة اجربه شجر بلا نخل عمل له شبكة ابريسم وكان يفرخ فيه الطيور التى لا تفرخ الا فى الشجر كالقمارى والدباسى والهزارو الببغ والبلابل والطواويس والقبج وكان فيه من الغزلان والبقر اليدوية والنعام والابل وحمير الوحش وبشر بأن طائرا بحريا وقع على طائر يرى فازدوجا وباضا وافقصا فأعطى من بشره بذلك مائة دينار ببشارته وكان بين جحظة الشاعر وبين ابن مقلة صداقة قبل الوزارة فلما استوزر استأذن عليه جحظة فلم يؤذن له فقال ... قل للوزير ادام الله دولته ... اذكر مناد متى والخبز خشكار ... اذ ليس بالباب برذون لنوبتكم ... ولا حمار ولا فى الشط طيار ...
وكان ابن مقلة يوما على المائدة فلما غسل يده راى على ثوبه نقطة صفراء من الحلوى فأخذ القلم وسودها وقال تلك عيب وهذا اثر صناعة وانشد ... انما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرجال ... وجرى على ابن مقلة فى اعتقاله المكاره وأخذ خطه بألف الف دينار واطلق بعد ذلك فكتب الى الراضى انه ان اعاده الى الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف الف دينار وقد ذكرنا انه ضمن بعض الامراء بمال فاستفتى الفقهاء فى

حقه فقال بعضهم هذا قد سعى فى الارض بالفساد فتقطع يده فقطعت وكان ينوح على يده ويقول يدخدمت بها الخلفاء ثلاث دفعات وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع ايدى اللصوص ثم قال ان المحنة قد نشبت بى وهى تؤدينى الى التلف وانشد ... اذا مات بعضك فابك بعضا ... فان البعض من بعض قريب ...
ومن شعر ابن مقلة حين قطعت يده قوله
... ما سئمت الحياة لكن توثقت بأيمانهم فبانت يمينى ... بعث دينى لهم بدنياى حتى ... حرمونى دنياهم بعددينى ... فقد حطت ما استطعت بجهدى ... حفظ ارواحهم فما حفظونى ... ليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتى بانت يمينى فبينى ...
وله ايضا
... اذا اتى الموت لميقاته ... فعد عن قول الاطباء ... وان مضى من انت صب به فالصبر من فعل الالباء ... ما مر شىء من بنى آدم ... امر من فقد الاحباء ...
ثم قطع لسانه بعد ذلك وطال حبسه فلحقه ذرب وكان يستسقى الماء بيده اليسرى وفمه الى ان مات فى شوال سنة ثمان وعشرين وثلثمائة ودفن فى دار السلطان ثم سأل اهله تسليمه اليهم فنبش وسلم اليهم فدفنه ابنه ابو الحسين فى داره ثم نبشته زوجته المعروفة بالدينارية ودفنته فى دارها ومن العجائب انه تقلد الوزارة ثلاث دفعات وسافر في عمره ثلاث مرات واحدة الى الموصل واثنتين فى النفى الى شيراز ودفن بعد موته ثلاث مرات فى ثلاث مواضع
512 - محمد بن القاسم بن محمد ابن بشار بن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن ابن دعامة ابو بكر ابن الانبارى ولد يوم الاحد لاحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة احدى وسبعين ومائتين

وسمع اسماعيل بن اسحاق القاضى والكديمى وثعلبا وغيرهم وكان صدوقا فاضلا دينا من اهل السنة وكان من اعلم الناس بالنحو والادب واكثرهم حفظا له وصنف كتبا كثيرة فى علوم القرآن وغريب الحديث وغير ذلك وذكر عنه انه كان يحفظ ثلثمائة الف بيت من الشواهد فى القرآن وكتب عنه وابو حى انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن ابى على البصرى عن ابيه قال اخبرنى غير واحد ممن شاهد ابا بكر بن الانبارى انه كان يملى من حفظه لا من كتاب وان عادته فى كل ما كتب عنه من العلم كانت هكذا ما املى قط من دفتر
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال سمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول حدثنى ابى عن جدى ان ابا بكر بن الانبارى مرض فدخل عليه اصحابه يعودونه فرأوا من انزعاج ابيه وقلقه عليه امرا عظيما فطيبوا نفسه ورجوه العافية فقال لهم كيف لا اقلق وانزعج لعلة من يحفظ جميع ما ترون واشار لهم الى حيرى مملوءا كتبا قال حمزة وكان مع حفظه زاهدا متواضعا حكى ابو الحسن الدارقطنى انه حضره فى مجلس املاء يوم جمعة فصحف اسما اورده فى اسناد حديث اما كان حيان فقال حبان او كان حبان فقال حيان قال ابو الحسن فاعظمت ان يحمل عن مثله فى فضله وجلالته وهم وهبته ان اقفه على ذلك فلما انقضى الاملاء تقدمت الى المستملى وذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه فقال ابو بكر للمستملى عرف الحاضرين انا صحفنا الاسم الفلانى لما املينا حديث كذا فى الجمعة الماضية ونبهنا ذلك الشاب على الصواب وعرف ذلك الشاب انا رجعنا الى الاصل فوجدناه كما قال
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو العلاء الواسطى قال قال محمد بن جعفر التميمى ما رأينا احفظ من ابى بكر الانبارى ولا اغزر بحرا منه وحدثنى عنه ابو الحسن العروضى قال اجتمعت انا وهو عند الراضى على الطعام وكان قد عرف الطباخ ما يأكل ابو بكر فكان يشوى له قلبه يابسة قال

فأكلنا نحن من أطايب الطعام والوانه وهو يعالج تلك القلية ثم فرغنا وأتينا بحلوى فلم يأكل منها شسئا وقام وقمنا الى الخيش فنام بين الخيشين ونمنا فى خيش ينافس فيه ولم يشرب ماء الى العصر فلما كان مع العصر قال لغلام الوظيفة فجاءه بماء من الحب وترك الماء المزمل بالثلج فغاظنى امره فصحت نصيحة فأمر امير المؤمنين باحضارى وقال ما قصتك فأخبرته وقلت هذا يا امير المؤمنين يحتاج ان يحال بينه وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها قال فضحك وقال له فى هذا لذة وقد صار له الفا فلا يضره ثم قلت يا ابا بكر لم تفعل هذا بنفسك فقال ابقى على حفظى قلت ان الناس قد اكثروا فى حفظك فكم تحفظ قال أحفظ ثلاثة عشر صندوقا قال محمد بن جعفر وهذا مالا يحفظه احد قبله ولا بعده وحدثت انه كان يحفظ عشرين ومائة تفسير من تفاسير القرآن بأسانيدها
وقال لنا ابو الحسن العروضى كان يتردد ابن الانبارى الى اولاد الراضى فسألته جارية عن تفسير رؤيا فقال انا حاقن ثم مضى فلما كان من غد عاد وقد صار معبر للرؤيا وذلك انه مضى من يومه فدرس كتاب الكرمانى وجاء قال وكان يأخذ الرطب فيشمه ويقول اما انك طيب ولكن اطيب منك حفظ ما وهب الله لى من العلم قال محمد بن جعفر وكان يملى من حفظه وقد املى غريب الحديث قيل انه خمسة واربعون الف ورقة وكتاب شرح الكافى وهو نحو الف ورقة وكتاب الهاآت نحو الف ورقة وكتاب الأضداد وما رأيت اكبر منه والجاهليات سبعمائة ورقة والمذكر والمؤنث ما عمل احد اتم منه وكتاب المشكل بلغ فيه الى طه وما اتمه قال وحدثت عنه انه مضى يوما الى النخاسين وجارية تعرض حسنة كاملة الوصف قال فوقعت فى قلبى ثم مضيت الى دار امير المؤمنين الراضى فقال لى اين كنت الى الساعة فعرفته فأمر بعض اسبابه فمضى فاشتراها وحملها الى منزلى فجئت فوجدتها فعلمت

الامر كيف جرى فقلت لها كونى فوق الى ان استبرئك وكنت اطلب مسألة قد اختلطت على فاشتغل قلبى فقلت للخادم خذها وامض بها الى النخاس فليس قدرها ان تشغل قلبى عن علمى فأخذها وامض بها الى النخاس فليس قدرها ان تشغل قلبى عن علمى فأخذها الغلام فقالت دعنى اكلمه بحرفين فقالت انت رجل لك محل وعقل واذا اخرجتنى ولم يتبين لى ذنبى لم آمن ان يظن الناس بى ظنا قبيحا فعرفنيه قبل أن تخرجنى فقلت لها مالك عندى عيب غير أنك شغلتنى عن علمى فقالت هذا سهل عندى وقال فبلغ الراضى امره فقال لا ينبغى ان يكون العلم فى قلب احدا احلى منه فى قلب هذا الرجل ولما وقع فى علة الموت أكل كل شىء كان يشتهى وقال هى علة الموت اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا ابو بكر محمد بن احمد بن عبد الله النحوى قال حدثنى أبى قال سمعت ابا بكر بن الانبارى يقول دخلت المارستان بباب محول فسمعت صوت رجل فى بعض البيوت يقرأ او لم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده فقال انا لا اقف الا على قوله كيف يبدىء الله الخلق فأقف على ا عرفه القوم وأقروا به لأنهم لم يكونوا يقرون باعادة الخلق وأبتدىء بقوله ثم يعيده ليكون خبرا واما قراءة على بن أبى طالب وادكر بعد أمه فهو وجه حسن الامه النسيان واما ابو بكر بن مجاهد فهو امام فى القراءة وأما قراءة الاحمق يعنى ابن شنبوذا ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت الغفور الرحيم فخطأ لأن الله تعالى قد قطع لهم بالعذاب فى قوله ان الله لا يغفر أن يشرك به فقلت لصاحب المارستان من هذا الرجل فقال هذا ابراهيم الموسوس محبوس فقلت ويحك هذا أبى بن كعب افتح الباب عنه ففتح الباب فاذا انا برجل منغمس فى النجاسة والأدهم فى قدميه فقلت السلام عليك فقال كلمة مقولة فقلت ما منعك من رد السلام على فقال السلام أمان وانى اريد أن امتحنك ألست تذكر اجتماعنا عند أبى العباس يعنى ثعلبا فى يوم كذا وفى يوم كذا وعرفنى ما ذكرته وعرفته واذا به رجل من افاضل اهل العلم فقال هذا الذى ترانى منغمسا فيه ما هو فقلت الخرء يا هذا فقال

وما جمعه فقلت خروء فقال لى صدقت وانشد كأن خروء الطير فوق رؤسهم
ثم قال لى والله لو لم تجبنى بالصواب لأطعمتك منه فقلت الحمد لله الذى نجانى منك وتركته وانصرفت انبأنا محمد بن ناصر انبأنا عبد المحسن بن محمد بن على اخبرنا ابو الحسن احمد بن محمد اخبرنا القاضى ابو الحسن على بن عبد الله الدينورى قال قال ابو بكر عبد الله بن على بن عيسى لما مرض ابو بكر ابن الانبارى مرضه الذى توفى فيه انقطع عن الخروج الى المسجد اياما فدخلوا عليه واعتذروا من تأخرهم عنه فقال له واحد من الجماعة تقدم فى أخذ الماء من غد فانى اجيئك بسنان بن ثابت المتطبب وكان يجتمع فى حلقته وجوه الحضرة من اولاد الوزراء والكتاب والامراء والاشراف فلما كان من الغد حضر سنان بن ثابت مع ذلك الرجل فدخل اليه فلما توسط المنزل قال ارونى الماء ما دمت فى الضوء فنظر اليه ثم دخل الى العليل فسأله عن حاله قال له رأيت الماء وهو يدل على اتعابك جسمك وتكلفك امرا عظيما لا يطيقه الناس قال كنت افعل ذلك ولم يعلم من اي نوع فوصف له سنان ما يستعمله ثم خرج فتبعه قوم فقال هو تالف وما فيه حيلة فارفقوا به ثم مضى فلما بعد قلت لابن الانبارى يا استاذ ما الذى كنت تفعله حتى استدل المتطبب عليه من حالك فقال كنت ادرس فى كل جمعة عشرة آلاف ورقة توفى ابو بكر بن الانبارى ليلة النحر من هذه السنة
513 - ام عيسى بنت ابراهيم الحربى كانت عالمة فاضلة تفتى فى الفقه وتوفيت فى رجب هذه السنة ودفنت الى جانب ابيها
سنة ثم دخلت سنة تسع وعشرين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها أن الفرات زادت احد عشر ذراعا وانبثق بثق من نواحى

الانبار فاجتاح القرى وغرقها وغرق الناس والبهائم والوحش والسباع وصب الماء فى الصراة الى بغداد ودخل شوارع الجانب الغربى وغرق شارع باب الانبار فلم يبق منه منزل الا وسقط تساقط الابنية على الصراة وسقطت قنطرة الصراة الجديدة وانقطع بعض العتيقة وزادت دجلة ثمانية عشر ذراعا فى ايار وحزيران
ومرض الراضى فقام فى يومين اربعة عشر رطلا من الدم كذلك قال الصولى ولما اشتدت علته ارسل الى بجكم وهو بواسط يعرفه شدة علته ويسأله ان يعقد ولاية العهد لابنه الاصغر وهو ابو الفضل وتوفى الراضى وتولى الخلافة المتقى لله اخوه
باب ذكر خلافة المتقى لله
واسمه ابراهيم بن المقتدر ويكنى ابا اسحاق وامه ام ولد تسمى خلوب ادركت خلافته وولد فى شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين وكان قد اجتمع الاشراف والقضاة فى دار بحكم وشاوروه فيمن يولون فاتفق عليه فحمل من داره وكانت باعلى الحريم الطاهرى الى دار الخلافة فصعد الى رواق التاج فصلى ركعتين على الارض وجلس على السرير وبايعه الناس وكان استخلافه يوم الاربعاء لعشر بقين من ربيع الاول من هذه السنة
ولم يغدر باحد قط ولا تغير على جاريته التى كانت له قبل الخلافة ولا تسرى عليها وكان حسن الوجه معتدل الخلق قصير الانف ابيض مشربا حمرة فى شعره شقرة وجعودة كث اللحية اشهل العينين ابى النفس لم يشرب النبيذ قط وكان يتعبد ويصوم جدا وكان يقول المصحف نديمى ولا اريد جليسا غيره فغضب الجلساء من هذا حتى قال ابو بكر الصولى واودع هذا الكلام فى كتابه المسمى بالاوراق فقال ما سمع بخليفة قط قال انا لا اريد جليسا انا اجالس المصحف سواه افتراه ظن ان مجالسة المصحف خص بها دون آبائه واعمامه

الخلفاء وان هذا الرأى غمض عليهم وفطن له قال المصنف فاعجبوا لهذا المنكر للصواب ويعلم انه كان هو والجلساء لا يكادون يشرعون فيما ينفع واقله المدح فليته اذ قال هذا لم يثبته فى تصنيف وفى يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى فرغ من المسجد براثا وجمع فيه الجمعة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كان فى الموضع المعروف ببراثا مسجد يجتمع فيه قوم ممن ينسب الى التشبع يقصدونه للصلاة والجلوس فرفع الى المقتدر بالله ان الرافضة يجتمعون فى ذلك المسجد لسب الصحابة والخروج عن الطاعة فأمر بكبسه يوم الجمعة وقت الصلاة فكبس وأخذ من وجد فيه فعوقبوا وحبسوا حبسا طويلا وهدم المسجد حتى سوى بالارض وعفى رسمه ووصل بالمقبره التى تليه ومكث خرابا الى سنة ثمان وعشرين وثلثمائة فامر الامير بحكم باعادة بنائه وتوسيعه واحكامه فبنى بالآجر والجص وسقف بالساج المنقوش ووسع فيه ببعض ما يليه مما ابتيع له من املاك الناس وكتب فى صدره اسم الراضى بالله وكان الناس ينتابونه للصلاة فيه والتبرك ثم امر المتقى بالله بعد بنصب منبر فيه كان فى مدينة المنصور معطلا مخبوءا فى خزانة المسجد عليه اسم هارون الرشيد فنصب فى قبلة المسجد وتقدم الى احمد بن الفضل ابن عبد الملك الهاشمى وكان الامام فى جامع الرصافة بالخروج اليه والصلاة بالناس فيه الجمعة فخرج وخرج الناس من جانبى مدينة السلام حتى حضروا هذا المسجد وكثر الجمع وحضر صاحب الشرطة فاقيمت صلاة الجمعة فيه لثنتى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى سنة تسع وعشرين وثلثمائة وتوالت صلاة الجمعة فيه ثم تعطلت الصلاة فيه بعد الخمسين واربعمائة
وفى يوم الثلاثاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سقط رأس القبة الخضراء بالمدينة اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت انبأنا ابراهيم بن

مخلد اخبرنا اسماعيل بن على الخطبى قال سقط رأس القبة الخضراء التى فى قصر ابى جعفر المنصور لتسع خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وكان تلك الليلة مطر عظيم ورعد هائل وبرق شديد وكانت هذه القبة تاج بغداد وعلم البلد ومأثرة من مآثر بنى العباس عظيمة بنيت اول ملكهم وكان بين بنائها وسقوطها مائة وسبع وثمانون سنة
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن ابى على البصرى قال حدثنى ابى قال قال لى ابو الحسين بن عياش اجتمعت فى ايام المتقى بالله اسحاقات كثيرة فانسحقت خلافة بني العباس فى ايامه وانهدمت قبة المنصور الخضراء التى كان بها فخرهم فقلت له ما كانت الا سحاقات قال كان يكنى ابا اسحاق وكان وزيره القراريطى يكنى ابا اسحاق وكان قاضيه ابن اسحاق الخرقى وكان محتسبه ابو اسحاق ابن بطحاء وكان صاحب شرطته ابو اسحاق بن احمد وكانت داره القديمة دار اسحاق بن ابراهيم المصعبى وكانت الدار نفسها دار اسحاق بن كنداج واشتد الغلاء فى جمادى الاولى وزاد وبلغ الكر الدقيق مائة وثلاثين دينارا واكل الناس النخالة والحشيش وكثر الموت حتى دفن جماعة فى قبر واحد بلا صلاة ولا غسل ورخص العقار والقماش حتى بيع ما ثمنه دنانير بعددها دراهم
وقطع الاكراد على قافلة خرجت الى خراسان فأخذوا منها ما مبلغه ثلاثة آلاف دينار وكان اكثر المال لبجكم وزادت الفرات زيادة لم يعهد مثلها وغرقت العباسية ودخل الماء شوارع بغداد فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة
وفى شوال اجتمعت العامة فى جامع دار السلطان وتظلمت من الديلم ونزولهم فى دورهم بغير أجرة وتعديهم عليهم فى معاملاتهم فلم يقع انكار لذلك فمنعت العامة الامام من الصلاة وكسرت المنبرين وشعث المسجد ومنعهم الديلم من ذلك فقتل من الديلم جماعة
وفى هذا الشهر تقلد ابو اسحاق محمد بن احمد الاسكافى وزارة المتقى وخلع عليه

وفى هذه السنة خرج التشرينات والكانونان وشباط بلا مطر الا مطرة واحدة خفيفة لم يسل منها ميزاب
فوقع الموت فى المواشى والعلل فى الناس وكثرت الحمى ووجع المفاصل ودام حتى تكشف المتجملون وهلك الفقراء واحتاج الناس الى الاستسقاء فرئى منام عجيب اخبرنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن عن ابيه قال حدثنى ابو الحسن احمد بن يوسف الازرق حدثنا ابو محمد الصلحى الكاتب قال نادى منادى المتقى فى زمن خلافته فى الاسواق ان امير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته ان امرأة صالحة رأت النبى صلى الله عليه و سلم فى منامها فشكت احتباس القطر فقال لها قولى للناس يخرجون فى يوم الثلاثاء الادنى ويستسقون ويدعون الله فانه يسقيهم فى يومهم وان امير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج فى يوم الثلاثاء كما امركم رسول الله صلى الله عليه و سلم وان تدعوا وتستسقوا باصلاح من نباتكم واقلاع من ذنوبكم قال فأخبرنى الجم الغفير انهم لما سمعوا النداء ضجت الاسواق بالبكاء والدعاء فشق ذلك على وقلت منام امرأة لا يدرى كيف تأويله وهل يصح ام لا ينادى به خليفة فى اسواق مدينة السلام فان لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفار فليته امر الناس بالخروج ولم يذكر هذا وما زلت قلقا حتى اتى يوم الثلاثاء فقيل لى ان الناس قد خرجوا الى المصلى مع ابى الحسن احمد بن الفضل بن عبد الملك امام الجوامع وخرج واكثر اصحاب السلطان والفقهاء والاشراف فلما كان قبل الظهر ارتفعت سحابة ثم طبقت الآفاق ثم اسبلت عز اليها بمطر جود فرجع الناس حفاة من الوحل وفى هذه السنة لم يمض الحاج الى المدينة لأجل طالبى خرج فى ذلك الصقع ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
514 - احمد بن ابراهيم ابن حماد بن اسحاق بن اسماعيل بن حماد بن زيد ابو عثمان ولى قضاء مصر وقدم

اليها ثم عزل فأقام بها الى ان توفى فى رمضان هذه السنة حدث عن اسماعيل ابن اسحاق القاضى وخلق كثير وكان ثقة كريما حييا
515 - احمد بن ابراهيم ابن تومرد الفقيه تفقه على ابى العباس بن سريج خرج من الحمام فوقع عليه حائط فمات فى هذه السنة
516 - اسحاق بن ابراهيم ابن موسى ابو القاسم الغزال الفقيه ولد فى سنة اربعين ومائتين وحدث عن الحسن بن عرفة ومحمد بن سعد العوفى روى عنه يوسف القواس وتوفى بمصر فى هذه السنة
517 - بجكم التركى كان امير الجيش وكان يلقب امير الامراء قبل ملك بنى بويه وكان عاقلا يفهم بالعربية ولا يتكلم بها ويقول اخاف ان اخطىء والخطأ من الرئيس قبيح وقال ان كنت لا احسن العلم والادب فأحب ان لا يكون في الارض اديب ولا عالم ولا رأس صناعة الا فى جنبتى وتحت اصطناعى وكان قد استوطن واسطا وقرر مع الراضى بالله ان يحمل الى خزانته من ماله فى كل سنة ثمانى مائة الف دينار بعد أن يزيح العلة فى مؤتة خمسة آلاف فارس يقيمون بها واظهر العدل وكان يقول قد نبئت ان العدل اربح للسلطان فى الدنيا والآخرة وبنى دار ضيافة للضعفاء والمساكين بواسط وابتدأ بعمل المارستان ببغداد وهو الذى جدده عضد الدولة وكانت امواله عظيمة فكان يدفنا فى داره وفى الصحارى وكان يأخذ رجالا فى صناديق فيقفلها عليهم ويأخذ صناديق فيها مال ويقود هو بهم الى الصحراء ثم يفتح عليهم فيعاونونه فى دفن المال ثم يعيدهم الى الصناديق فلا يدرون اى موضع حملهم ويقول انما افعل هذا لأنى اخاف ان يحال بيني وبين

دارى فضاعت بموته الدفائن وبعث بجكم الى سنان بن ثابت الطبيب بعد موت الراضى وسأله ان ينحدر اليه الى واسط فانحدر اليه فاكرمه وقال له انى اريد أن اعتمد عليك فى تدبير بدنى وفى امر آخر هو أهم الى من امربدنى وهو امر اخلاقى لثقتى بعقلك ودينك فقد غمتنى غلبة الغضب والغيظ وافراطهما فى حتى اخرج الى ما اندم عليه عند سكوتهما من ضرب وقتل وانا اسألك ان تتفقد ما اعمله فاذا وقفت لى على عيب لم تحتشم ان تصدقنى عنه وتنبهنى عليه ثم ترشدنى الى علاجه فقال له السمع والطاعة انا افعل ذلك ولكن يسمع الامير منى بالعاجل جملة علاج ما انكره من نفسه الى ان آتى بالتفصيل فى اوقاته اعلم ايها الامير انك قد اصبحت وليس فوق يدك يدلاحد من المخلوقين وانك مالك لكل ما تريده قادر على ان تفعله اى وقت اردته لايتهيأ لاحد من المخلوقين منعك منه ولا ان يحول بينك وبين ما تهواه اى وقت اردت واعلم ان الغيظ والغضب يحدث فى الانسان سكرا اشد من سكر النبيذ بكثير فكما ان الانسان يعمل فى وقت السكر من النبيذ مالا يعقل به ولا يذكره اذا صحا ويندم عليه اذا حدث به ويستحيى منه كذلك يحدث له فى وقت السكر من الغيظ بل اشد فاذا ابتدأ بك الغضب فضع فى نفسك ان تؤخر العقوبة الى غد واثقا بان ما تريد ان تعمله فى الوقت لا يفوتك عمله فانك اذا بت ليلتك سكنت فورة غضبك وقد قيل اصح ما يكون الانسان رأيا اذا استدبر ليله واستقبل نهاره فاذا صحوت من سكرك فتأمل الأمر الذى اغضبك وقدم امر الله عز و جل اولا والخوف منه وترك التعرض لسخطه واشف غيظك بمالا يؤثمك فقد قيل ما شفى غيظه من اثم واذكرقدرة الله عليك فانك تحتاج الى رحمته والى اخذه بيدك فى اوقات شدائدك فكما تحب ان يغفر لك كذلك غيرك يؤمل عفوك وفكر باى ليله بات المذنب قلقا لخوفه منك وما يتوقعه من عقوبتك واعرف مقدار ما يصل اليه من السرور بزوال الرعب عنه ومقدار الثواب الذى يحصل لك بذلك واذكر قوله تعالى

الا تحبون ان يغفر الله لكم وانما يشتد عليك ذلك مرتين او ثلاثا ثم تصير عادة لك وخلقا فيسهل فابتدأ بجكم فعلم بما قال له وعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة وببغداد مارستان ورفق بالرعية الا ان مدته لم تطل اخبرنا محمد ابن عبد الباقى البزاز عن ابى القاسم التنوخى عن ابيه قال حدثنى عبد السلام بن الحارث قال جاء رجل من الصوفية الى بجكم فوعظه وتكلم بالفارسية والعربية حتى ابكاه بكاء شديدا فلما ولى قال بجكم لبعض من بحضرته احمل معه الف درهم فحملت واقبل جكم على من بين يديه فقال ما أظنه بقبلها وهذا متخرق بالعباده ايش يعمل يعمل بالدراهم فما كان باسرع من ان رجع الغلام فارغ اليد فقال بجكم اعطيته اياها قال نعم فقال بجكم كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف وخرج بجكم يوما يتصيد فلقى قوما من الاكراد مياسير فشره الى اموالهم فقصدهم فى عدد يسير من غلمانه مستهينا بأمرهم فهربوا بين يديه وتفرقوا فدار غلام منهم من خلفه فطعنه بالرمح وهو لا يعرفه فقتل لتسع بقين من رجب هذه السنةوكانت امارته سنتين وثمانية اشهر وتسعة ايام فركب المتقى الى داره فنزلها ونقل ما فيها وحفر أماكن فيها فحصل له من ماله ما يزيد على الفى الف عينا وورقا وقيل للروز جارية خذوا التراب بأجرتكم فأبوا فأعطوا الفى درهم وغسل التراب فخرج منه ستة وثلاثون الف درهم وقيل ظهر له على الف الف وثلثمائة الف دينار عينا وبيع له من اصناف الاموال من الجواهر والكساء والمراكب والاوانى والرقيق والخف والحافر والسلاح امر عظيم سوى ما نهب وتلف ثم ظهر على مال عظيم فى داره سوى المال الاول مدفون فمن ذلك ستة عشر قمقما ذهبا يحمل القمقم فى الدهق لثقله
518 - جعفر بن احمد ابن يحيى بن عباد الجبار ابو محمد القارىء المؤذن مروزى الاصل سمع من جماعة وروى عنه ابن المظفر والدارقطنى وقال هو ثقة توفى فى هذه السنة

519 - الحسن بن على بن خلف ابو محمد البربهارى جمع العلم والزهد وصحب المروذى وسهلا التسترى وتنزه عن ميراث ابيه لأمر كرهه وكان سبعين الف درهم وكان شديدا على اهل البدع فما زالوا يثقلون قلب السلطان عليه وكان ينزل بباب محول وانتقل الى الجانب الشرقى واستتر عند اخت توزون فبقى نحوا من شهر ثم اخذه قيام الدم فمات فقالت المرأة لخادمها انظر من يغسله وغلقت الابواب حتى لا يعلم احد وجاء الغاسل فغسله ووقف يصلى عليه وحده فاطلعت فاذا الدار ممتلئة رجالا بثياب بيض وخضر فاستدعت الخادم وقالت ما الذى فعلت فقال يا سيدتى رأيت ما رأيت قالت نعم قال هذه مفاتيح الباب وهو مغلق فقالت ادفنوه فى بيتى واذا مت فادفنونى عنده فدفنوه فى دارها وماتت بعده فدفنت هناك والمكان بقرب دار المملكة بالمخرم وكان عمره ستا وتسعين سنة قال شيخنا ابو الحسن ابن الزاغونى وكشف عن قبره بعد سنين وهو صحيح لم يرم وظهرت من قبره روائح الطيب حتى ملأت مدينة السلام
520 - الحسن بن ادريس ابن محمد بن شاذان ابو القاسم القافلائى حدث عن جماعة فروى عنه ابن حيويه والدارقطنى توفى فى هذه السنة
521 - الحسن بن محمد ابن احمد بن ابى الشوك ابو محمد الزيات سمع هلال بن العلاء وغيره وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة توفى فى هذه السنة
522 - عبد الله بن احمد بن ثابت ابو القاسم البزاز حدث عن حفص بن عمر الربالى ويعقوب الدورقى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان صالحا ثقة توفى فى رجب هذه السنة

523 - عبد الله بن طاهر بن حاتم ابو بكر الابهرى صحب يوسف بن الحسين وكان من اقران الشبلى واسند الحديث اخبرنا محمد بن ناصر انبأنا ابو بكر بن خلف انبأنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت محمد بن عبد الله يقول سمعت ابا بكر بن طاهر يقول وسئل ما بال الانسان يحتمل من معلمه مالا يحتمله من أبويه فقال لان ابويه سبب حياته الفانية ومعلمه سبب حياته الباقية
524 - عبد الله بن محمد بن اسحاق ابن يزيد ابو القاسم مروزى الاصل سمع سعدان بن نصر روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى رمضان هذه السنة
525 - عبيد الله بن موسى ابن اسحاق بن موسى ابو الاسود الانصارى الخطمى حدث عن محمد بن سعد العوفى روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
526 - عبد الملك بن يحيى بن الحسين ابو الحسين العطار الزعفرانى يعرف بابن ابى زكار حدث عن على بن داود القنطرى روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
527 - محمد الراضى بالله امير المؤمنين ابن المقتدر توفى ليلة السبت لاربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الاخر على خمس ساعات ماضية من الليل بعلة الاستسقاء وكان من اعظم آفاته كثرة الجماع وغسله القاضى يوسف بن عمر وكانت خلافته ست سنين وعشرة اشهر وعشرة ايام وعمره احدى وثلاثين سنة وثمانية اشهر ودفن فى تربته بالرصافة وكانت تربة عظيمة قد انفقت عليها الاموال والآن قد عمل عندها سور المحلة

فلم يبق لها الا اثر قريب ودفنت عنده امه ظلوم
528 - محمد بن احمد ابن ابى سهل واسمه يزيد بن خالد ابو الحسين الحربى حدث عن ابى العباس بن مسروق روى عنه ابو عبد الله بن بطة وتوفى فى شعبان هذه السنة
529 - محمد بن ايوب ابن المعافى بن العباس ابو بكر الكعبرى حدث عن اسماعيل بن اسحاق القاضى وابراهيم الحربى روى عنه ابن بطة وغيره وكان ثقة صالحا زاهدا وكان ابن بطة يقول ما رأيت افضل من ابى بكر بن ايوب وتوفى فى رمضان هذه السنة
530 - محمد بن حمدويه ابن سهل بن يزداد ابو نصر المروزى روى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى سنة سبع وعشرين والاول اصح
531 - يوسف بن يعقوب ابن اسحاق بن البهلول ابو بكر الازرق التنوخى الكاتب ولد بالانبار سنة ثمان وثلاثين ومائتين وسمع جده اسحاق والزبير بن بكار والحسن بن عرفة وغيرهم وكتب كثيرا من اللغة والنحو والاخبار وكان ازرق العين متخشنا فى دينه كثير الصدقة تصدق بنحو مائة الف دينار وكان امارا بالمعروف روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وآخرون روى عنه ابو الحسن بن المتيم وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة ودفن فى مقابر باب الكوفة وله اثنتان وتسعون سنة نسة 330 ثم دخلت سنة ثلاثين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه ظهر فى المحرم كوكب مذنب رأسه الى المغرب وذنبه

الى المشرق وكان عظيما جدا منتشر الذنب وبقى ثلاثة عشر يوما الى ان اضمحل وفى نصف ربيع الاول بلغ الكر الحنطة مائتين وعشرة دنانير والكر الشعير مائة وعشرين دينارا ثم بلغ الكر الحنطة ثلثمائة وستة عشر دينارا وأكل الضعفاء الميتة ودام الغلاء وكثر الموت وشغل الناس بالمرض والفقر وتقطعت السبل وترك التدافن للموتى واشتغل الناس عن الملاهى واللعب وفى يوم الجمعة لأربع خلون من شهر ربيع الآخر قام رجل من العامة فى الجامع بالرضافة والامام يخطب فلما دعا للمتقى لله قال له العامة كذبت ما هو بالمتقى فأخذ وحمل الى دار السلطان وخرج المتقى فلقى ناصر الدولة ابا محمد بن حمدان حين دخل بغداد وجاء مطر كأفواه القرب وامتلات البلاليع وفاضت ودخل دور الناس وبلغت زيادة دجلة عشرين ذراعا وثلث
ووقعت حرب بين الاتراك والقرامطة بناحية باب حرب وقتل فيها جماعة فانهزم القرامطة وخرجوا عن بغداد وزاد البلاء على الناس ببغداد وكبست منازلهم ليلا ونهارا واحتقر النساء واستتر اكثر العمال لأجل ما طولبوا به مما ليس فى السواد
وخرج اصحاب السلطان الى ما قرب من بغداد فأغارو على مااستحصد من الزرع حتى اضطر ارباب الضياع الى حمل ما حصدوه بسنبله ووقع بين توزون ونوزتكين التركيين فاصعد توزون الى الموصل وانفذ فى طلبه فلم يلحق ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
532 - اسحاق بن محمد
ابو يعقوب النهر جورى صحب الجنيد وغيره وجاور بالحرم سنين وبه مات فى هذه السنة
اخبرنا ابن ناصر اخبرنا ابو بكر بن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت

ابا الحسن الفارسى يقول سمعت ابا يعقوب النهر جورى يقول مفاوز الدنيا تقطع بالاقدام ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب
523 - الحسين بن اسماعيل ابن محمد بن اسماعيل بن سعيد بن ابان ابو عبد الله الضبى القاضى المحاملى ولد فى محرم سنة خمس وثلاثين ومائتين وسمع الحديث وله عشر سنين وشهد عند الحكام وله عشرون سنة وسمع يوسف بن موسى القطان ويعقوب الدورقى والبخارى وخلقا كثيرا وكان عنده سبعون رجلا من اصحاب ابن عيينة روى عنه دعلج وابن المظفر والدارقطنى وكان يحضر مجلسه عشرة آلاف وكان صدوقا اديبا فقيها مقدما فى الفقه والحديث ولى قضاء الكوفة ستين سنة واضيف اليه قضاء فارس واعماله ثم استعفى فأعفى وعقد فى داره مجلسا للنظر فى الفقه فى سنة سبعين ومائتين فلم تزل تتردد اليه الفقهاء الى ان توفى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا احمد بن محمد العتيقى اخبرنا ابو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهرى قال حدثنا القاضى الحسين بن اسماعيل قال كنت عند ابى الحسن بن عبدون وهو يكتب لبدر وعنده جمع فيهم ابو بكر الداودى واحمدابن خالد المادرائى فذكر قصة مناظرته مع الداودى فى التفضيل الى ان قال فقال الداودى والله ما نقدر تذكر مقامات على مع هذه العامة قلت انا والله اعرفها مقامه ببدر وأحد والخندق ويوم خيبر قال فان عرفتها فينبغى ان تقدمه على ابى بكر وعمر قلت قد عرفتها ومنه قد مت ابا بكر وعمر عليه قال من اين قلت ابو بكر كان مع النبى صلى الله عليه و سلم على العريش يوم بدر مقامه مقام الرئيس ينهزم به الجيش وعلى مقامه مقام مبارز والمبارز لا ينهزم به الجيش وجعل يذكر فضائله واذكر فضائل ابى بكر فقلت لا تنكر لهما حقا ولكن الذين اخذنا عنهم القرآن والسنن واصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قدموا ابا بكر فقدمناه لتقديمهم فالتفت احمد بن خالد فقال ما ادرى لم فعلوا هذا قلت ان لم تدر فانا ادرى قال لم فعلوا فقلت ان السودد والرياسة فى الجاهلية

كانت لا تعدو منزلتين اما رجل كانت له عشيرة تحميه واما رجل كان له مال يفضل به ثم جاء الاسلام فجاء باب الدين فمات النبى صلى الله عليه و سلم وليس لأبى بكر مال ولم تكن تيم لها مع عبد مناف ومخزوم تلك الحال فاذا بطل اليسار الذى كانت تترأس به قريش أهل الجاهلية فلم يبق الا باب الدين فقدموه له فافحم توفى المحاملى ربيع الآخر من هذه السنة
534 - على بن محمد بن عبيد بن حسان ابو الحسن البزاز ولد سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسمع عباس الدورى وابا قلابة روى عنه الدارقطنى وكان ثقة فاضلا توفى فى شوال هذه السنة
535 - على بن محمد بن سهل ابو الحسن الصائغ الدينورى اخبرنا ابو بكر العامرى اخبرنا ابو سعد بن ابى صادق قال اخبرنا ابن باكويه قال سمعت الحسين بن احمد الدينورى يقول سمعت ممشاذ يقول خرجت ذات يوم الى الصحراء فبينا انا مار اذا انا بنسر قد فتح جناحيه فتعجبت منه فاطلعت فاذا بأبى الحسن الدينورى الصائغ قائم يصلى والنسر يظلله توفى الصائغ بمصر فى هذه السنة
536 - عبد الغافر بن سلامة ابن احمد بن عبد الغافر بن سلامة بن هاشم الحضرمى من اهل حمص كان جوالا فقدم بغداد فحدث بها عن جماعة فروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن الصلت الا هوازى وهو آخر من روى عنه من البغداديين والقاضى ابو عمر الهاشمي البصرى وهو آخر من روى عنه فى الدنيا كلها وكان ثقة توفى بالبصرة فى هذه السنة

537 - محمد بن احمد بن صالح ابن احمد بن محمد بن حنبل ابو جعفر الشيبانى حدث عن ابيه وعن عمه زهير بن صالح روى عنه الدارقطنى وغيره وتوفى فى هذه السنة
538 - محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم ابو بكر امام مسجد الجامع العتيق بمصر حدث عن ابراهيم بن مرزوق وبكار بن قتيبة وغيرهما وكان نحويا يعلم اولاد الملوك النحو توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
539 - نصر بن احمد ابو القاسم البصرى المعروف بالخبزارزى الشاعر روى عنه المعافى بن زكريا وغيره اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على حدثنا ابو منصور محمد بن محمد بن احمد ابن الحسين بن عبد العزيز العكبرى حدثنا ابو عبد الله الحسين بن محمد المالكى اخبرنا ابو محمد عبد الله بن محمد الاكفانى قال خرجت مع عمى ابى عبد الله الاكفانى الشاعر وابى الحسين بن لنكك وابى عبد الله المفجع وابى الحسن السباك فى بطالة عيد وانا يومئذ صبى اصحبهم فمشوا حتى انتهوا الى نصر بن احمد الخبز أرزى وهو يخبز على طابقه فجلست الجماعة عنده يهنئونه بالعيد ويتعرفون خبره وهو يوقد السعف تحت الطابق فزاد فى الوقود فدخنهم فنهضت الجماعة عند تزايد الدخان فقال نصر بن احمد لابى الحسين بن لنكك متى أراك يا ابا الحسين فقال له ابو الحسين اذا اتسخت ثيابى وكانت ثيابه يومئذ جددا على انقى ما يكون من البياض فمشينا فقال ابو الحسين ابن لنكك يا اصحابنا ان نصرا لا يخلى هذا المجلس الذى مضى لنا معه من شىء يقوله ويجيب ان نبدأه فجلس واستدعى دواة وكتب ... لنصر فى فؤادى فرط حب ... انيف به على كل الصحاب ... أتيناه فبخرنا بخورا ... من السعف المدخن للثياب

فقمت مبادر فظننت نصرا ... اراد بذاك طردى او ذهابى ... فقال متى اراك أبا حسين ... فقلت له اذا اتسخت ثيابى ...
وانفذ الابيات الى نصر فأملى جوابها فقرأناها فاذا هو قد أجاب ... محت ابا الحسين صميم ودى ... فداعبنى بالفاظ عذاب ... اتى وثيابه كقتير شيب ... فعدن له كريعان الشباب ... ظننت جلوسه عندى كعرس ... فجدت له بتمسيك الثياب ... فقلت متى اراك ابا حسين ... فجاوبنى اذا اتسخت ثيابى ... فان كان التقزز فيه فخر ... فلم يكنى الوصى ابا تراب ...
قال مؤلف الكتاب وكان فصيحا اديبا وكان اميا لا يعرف الخط وكان يصنع خبز الارز فنسب اليه توفى في هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة احدى وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه اول المحرم وهو النصف من ايلول قوى الحر حتى أخذ بالانفاس وخرج ايلول كله عن حر شديد ودخل تشرين بمثل ذلك وكان فى اليوم الثامن منه حر لم يكن مثله فى آب وتموز
وفى صفر ورد الخبر بورود الروم الى ارزن وميافارقين وانهم سبوا واحرقوا
وفى ربيع الآخر عقد نكاح لأبى منصور اسحاق بن المتقى بالله على علوية بنت ناصر الدولة ابى محمد بن حمدان على مائة الف درهم وخمسمائة درهم وجرى العقد بحضرة الخليفة وولى العقد على الجارية ابو عبد الله محمد بن ابى موسى الهاشمى ولم يحضر ناصر الدولة وضرب ناصر الدولة سكة فزاد فيها عند ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم وضيق ناصر الدولة على المتقى فى نفقاته وانتزع ضياعه وضياع والدته

وفى اذار من هذه السنة غلت الاسعار حتى اكلوا الكلاب ووقع الوباء ووافى من الجراد الاعرابى الاسود امر عظيم حتى بيع كل خمسين رطلا بدرهم فكان ذلك معونة للفقراء لشدة غلاء الخبز
وفى ذى القعدة خرج المتقى الى الشماسية لصيد السباع وفيها خرج خلق كثير من تجار بغداد مع الحاج للانتقال الى الشام ومصر لاتصال الفتن ببغداد وتواتر المحن عليهم من السلطان
وفيها ورد كتاب من ملك الروم يلتمس منديلا كان لعيسى عليه السلام مسح به وجهه فصارت صورة وجهه فيه وذلك المنديل فى بيعة الرها وانه ان انفذ اليه اطلق من اسارى المسلمين عدد كثيرا فاستؤمر المتقى لله فأمر باجضار الفقهاء والقضاة فقال بعض من حضر هذا المنديل منذ زمان طويل فى هذه البيعة لم يلتمسه ملك من ملوك الروم وفى دفعة الى هذا غضاضة على الاسلام والمسلمون احق بمنديل عيسى عليه السلام فقال على بن عيسى خلاص المسلمين من الاسر أحق فأمر المتقى بتسليم المنديل وتخليص الاسارى قال الصولى ووصل الخبر بأن القرمطى ولد له مولود فأهدى اليه ابو عبد الله البريدي هدايا عظيمة فيها مهد ذهب مرصع بالجوهر وكثر الرفض فنودى ببراءة الذمة ممن ذكر احدا من الصحابة بسوء وورد الخبر بقبول على بن بويه خلع السلطان بفارس ولبسه اياها وحضره حينئذ الشهود والقضاة ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
540 - ابراهيم بن احمد بن سهل ابن احمد بن سهل بن الربيع بن سليمان ابو اسحاق مولى جهينة سمع بكار بن قتيبة وغيره وتوفى فى رجب هذه السنة
541 - حبشون بن موسى ابن ايوب ابو نصر الخلال ولد سنة اربع وثلاثين ومائتين وسمع الحسن بن

عرفة وغيره روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة يسكن باب البصرة توفى فى شعبان هذه السنة
542 - سنان بن ثابت ابو سعيد الطبيب اسلم على يد القاهر بالله ولم يسلم ولده ولا احد من اهل بيته وكان متقدما فى الطب وفى علوم كثيرة ودخل على الخلفاء توفى فى غرة ذى القعدة من هذه السنة
543 - عبد الله بن محمد بن المبارك ابو محمد النيسابورى صحب حمدون القصار وكان له علم بالشريعة وكتب الحديث ورواه توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
544 - على بن اسماعيل بن ابى بشر واسمه اسحاق بن سالم بن اسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن ابى بردة بن ابى موسى ابو الحسن الاشعرى المتكلم ولد سنة ستين ومائتين وتشاغل بالكلام وكان على مذهب المعتزلة زمانا طويلا ثم عن له مخالفتهم واظهر مقالة خبطت عقائد الناس واوجبت الفتن المتصلة وكان الناس لا يختلفون ان هذا المسموع كلام الله وانه نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه و سلم فالائمة المعتمد عليهم قالوا انه قديم والمعتزلة قالوا مخلوق فوافق الأشعرى المعتزلة فى ان هذا مخلوق وقال ليس هذا كلام الله انما كلام الله صفة قائمة بذاته ما نزل ولا هو مما يسمع وما زال منذ اظهر هذا خائفا على نفسه لخلافه اهل السنة حتى انه استجار بدار ابى الحسن التميمى حذرا من القتل ثم نبغ اقوام من السلاطين فتعصبوا لمذاهبه وكثر اتباعه حتى تركت الشافعية معتقد الشافعى ودانوا يقول الاشعرى انبأنا محمد بن ناصر الحافظ ابو الحسين المبارك بن عبد الجبار انبأنا ابو على الحسن بن على بن ابراهيم بن يزداد المقرىء الاهوازى

الدمشقى قال ولد على بن ابى بشر الاشعرى بالبصرة ونشأ بها فأقام بها اكثر عمرو فسمعت ابا الحسن محمد بن محمد الوزان بالبصرة يقول ولد ابن ابى بشر سنة ستين ومائتين ومات سنة نيف وثلاثين وثلثمائة ولم يزل معتزليا اربعين سنة فناضل عن الاعتزال ثم قال بعد ذلك قد رجعت عن الاعتزال قال الاهوازى وسمعت ابا الحسن العسكرى وكان من المخلصين فى مذهب الاشعرى يقول كان الاشعرى تلميذ الجبائى يدرس عليه ويتعلم منه لا يفارقه اربعين سنة قال الاهوازى وسمعت ابا عبد الله الحمرانى سنة خمس وسبعين وثلثمائة يقول لم نشعر يوم جمعة واذا بالاشعرى قد طلع على منبر الجامع بالبصرة بعد صلاة الجمعة ومعه شريط فشده على وسطه ثم قطعه وقال اشهدوا انى تائب مما كنت فيه من القول بالاعتزال وتوفى ببغداد ودفن بمشرعة الروايا قبره اليوم عافىالاثر لا يلتفت اليه
545 - محمد بن احمد بن سعقوب بن شيبة ابن الصلت السدوسى مولاهم ابو بكر سمع جده يعقوب بن شيبة وعباسا الدورى وغيرهما وروى عنه ابو عمر بن مهدى وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى على بن ابى على البصرى أخبرها أبي قال حدثنى ابو بكر عمر بن عبد الملك السقطى قال سمعت ابا بكر ابن يعقوب بن شيبة يحدث قال لما ولدت دخل ابى على امى فقال لها ان المنجمين قد اخذوا مولد هذا الصبى وحبسوه فاذا هو يعيش كذا وكذا وقد حسبتها اياما وقد عزمت ان اعدله لكل يوم دينار مدة عمره فان ذلك يكفى الرجل المتوسط له ولعياله فأعدى له حبا فارغا فأعدته وتركته فى الارض وملأ بالدنانير ثم قال اعدى حبا آخر آجعل فيه مثل هذا استظهارا ففعلت وملأه ثم استدعى حبا آخر وملأه بمثل ما ملأ به كل واحد من الحبين ودفن الجميع فما نفعنى ذلك مع حوادث الزمان فقد احتجت الى ما ترون قال ابو بكر السقطى

ورأيناه فقيرا يجيئنا بلا ازار وتقرأ عليه الحديث ونبره بالشىء بعد الشىء توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
546 - محمد بن احمد بن يعقوب بن احمد ابن محمد بن عبد الملك ابو الفضل الهاشمى من اهل المصيصة ولى القضاء بدسكرة الملك فى طريق خراسان وورد بغداد فحدث بها عن على بن عبد الحميد الغضائرى وأبى عروبة الحرانى واحمد بن عمير بن جوصا وغيرهم وكان سىء الحال فى الحديث
547 - محمد بن مخلد بن حفص ابو عبد الله الدورى العطار ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وكان ينزل الدور وهى محلة فى آخر بغداد بالجانب الشرقى فى اعلى البلد سمع يعقوب ابن ابراهيم الدورقى والزبير بن بكار والحسن بن عرفة ومسلم بن الحجاج فى آخرين روى عنه ابن عقدة والآجرى وابن الجعابى وابن المظفر وابن حيويه والدارقطنى وغيرهم وكان ثقة ذاقهم واسع الرواية مشهور بالديانة مذكورا بالعبادة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا محمد بن عبد العزيز البرذعى اخبرنا احمد بن محمد بن عمران اخبرنا ابو عبد الله محمد بن مخلد قال ماتت والدتى فنزلت فى لحدها فانفرجت لى فرجة عن قبر يلزقها فاذا رجل عليه اكفان جدد على صدره طاقة ياسمين طرية فأخذتها فشممتها فاذا هى اذكى من المسك وشمها جماعة كانوا معى فى الجنازة ثم رددتها الى موضعها وسددت الفرجة توفى ابن مخلد فى جمادى الآخرة من هذه السنة وقد استكمل سبعا وتسعين سنة وثمانية اشهر واحد وعشرين يوما
548 - محمد بن على بن الحسن بن ابى الحديد ابو الحسين حدث عن يونس بن عبد الاعلى ومحمد بن عبد الحكم وبكار بن قتيبة

وكان فقيه على مذهب أبى حنيفة فرضيا عاقلا ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
549 - المجنون البغدادى اخبرنا ابراهيم بن دينار الفقيه عن ابى الوفاء بن عقيل قال سمعت الحسن بن غالب المقرىء يقول سمعت ابا الحسين بن سمعون يقول سمعت ابا بكر الشبلى يقول رايت يوم الجمعة معتوها عند جامع الرصافة قائما عريانا وهو يقول انا مجنون الله انا مجنون الله فقلت له لم لا تدخل الجامع وتتوارى وتصلى فنظر الى وانشد ... يقولون زرنا واقض واجب حقنا ... وقد اسقطت حالى حقوقهم عنى ... اذا هم رأوا حالى ولم يأنفوا لها ... ولم يأنفوا منها أنفت لهم منى ... سنة 332 ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى ربيع الاول دخل الروم راس العين وسبوا من اهلها ثلاثة آلاف انسان ونهبوا البلاد وكان الذى قصدها الدمستق فى ثمانين الفا
وفى جمادى الاولى كثرت الامطار فتساقطت منازل الناس ومات خلق كثير تحت الهدم وما زالت قيمة العقار ببغداد تنقص وزاد الأمر بسبب الغلاء وبلغ الخبز الخشكار ثلاثة ارطال بدرهم والتمر رطلين بدرهم واغلقت عدة حمامات وتعطلت اسواق ومساجد حتى صار يطلب من يسكن الدور بأجرة يعطاها ليحفظها وكثرت الكبسات بالليل من اللصوص بالسلاح والشمع وتحارس الناس بالليل بالبوقات وجاء فى شباط مطر عظيم سبل وبرد كبار وجمعه الثلاجون

وكبسوه وتساقطت الدور وبرد الهواء فى آذار ووقع جليد كثير فاحترق اكثر الزرع ولم يجمد الماء فى شتوة هذه السنة
وورد الخبر فى شوال بموت ابى طاهر سليمان بن الحسن الهجرى فى منزله بهجر وانه جدر فى هذه السنة ومات ولم يحج فى هذه السنة احد من بغداد ولا من خراسان لأجل موت الهجرى فلم يحضر احد من اهل هجر يبذرق الحاج فخاف الناس فأقاموا وكان الذى بقى من اخوة ابى طاهر ثلاثة ابو القاسم سعيد وهو الرئيس الذى يدبر الامور وابو العباس وكان ضعيف البدن كثير الامراض مقبلا على زيادة الكتب وابو يعقوب يوسف وكان مقبلا على اللعب الا ان الثلاثة كانت كلمتهم واحدة والرياسة لجميعهم وكانوا يجتمعون على رأى واحد فيمضونه وكان وزراؤهم سبعة كلهم من بنى سنبر
وفى هذه السنة قتل ابو عبد الله البريدى اخاه ابا يوسف وكان ابو يوسف يتكبر على اخيه ويؤذيه ودفنه بالابلة من غير أن غسله او كفنه واخذ من ماله الف الف ومائتى الف دينار وعشرة آلاف الف درهم واخذ من الكسوة والقرش والآلة قيمة الف الف دينار والف رطل ند وعشرين الف رطل عود منها الفا رطل هندى وصادر العمال على الف الف دينار ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
550 - احمد بن محمد بن سعيد ابن عبد الرحمن ابو العباس الكوفي المعروف بابن عقدة وعقدة لقب ابيه محمد لقب بذلك لأجل تعقيده فى التصريف والنحو وكان عقدة ورعا ناسكا علم ابن هشام الخزاز الادب فوجه ابوه اليه دنانير فردها وقال ما رددتها استقلالا لها ولكن سألنى الصبى ان اعلمه القرآن فاختلط تعليم النحو بتعليم

القرآن فلا استحل ان آخذ منه شيئا ولو دفع الى الدنيا واما ولده ابو العباس فانه سمع الحديث الكثير وكان من اكابر الحفاظ وروى عنه من اكابرهم ابو بكر بن الجعابى وعبد الله بن عدى والطبرانى وابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وقال الدارقطنى اجمع اهل الكوفة انه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود الى زمن ابى العباس بن عقدة احفظ منه قال ابو العباس ودخل البرديجى الكوفة فزعم انه احفظ منى فقلت لا تطول نتقدم الى دكان وراق ونضع القبان وتزن من الكتب ما شئت ثم تلقى علينا فنذكرها فبقى وكان بعض الهاشميين جالسا عند بن عقدة فقال ابن عقدة انا اجيب فى ثلثمائة الف حديث من حديث اهل بيت هذا سوى غيرهم وقال ابن عقدة مرة احفظ من الحديث بالاسانيد والمتون منسقا خمسين ومائتى الف حديث وأذاكر من المسانيد وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع بستمائة الف حديث
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا أحمد بن على بن ثابت قال حدثنى الصورى قال قال لى عبد الغنى بن سعيد سمعت الدارقطنى يقول كان ابو العباس بن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلمون ما عنده قال مؤلف الكتاب ومع هذا الحفظ العظيم وكثرة ما سمع وكتب فانه انتقل من مكان الى مكان فكانت كتبه ستمائة حمل فقد ذمه الناس لأسباب فذكر ابن عدى انه كان يسوى نسخا للاشياخ ويأمرهم بروايتها وقال الدارقطنى ابن عقدة رجل سوء اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على حدثنا على بن محمد بن نصر قال سمعت حمزة بن يوسف يقول سمعت ابا عمر بن حيويه يقول كان ابن عقدة فى جامع براثا يملى مثالب اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم او قال الشيخين يعنى ابا بكر وعمر فتركت حديثه لا احدث عنه بشىء قال المصنف وتوفى ابن عقدة فى ذى القعدة من هذه السنة
551 - الحسن بن يوسف ابن يعقوب بن ميمون ابو على الحداد روى عن يونس بن عبد الاعلى وغيره

وكان امام جامع مصر العتيق وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
552 - سليمان بن الحسن ابو القاسم وزر للراضى ثم ملك المتقى لله فابقاه على حاله وتوفى فى رجب هذه السنة
553 - عبد الله بن احمد ابن اسحاق ابو محمد الجوهرى المصرى سكن بغداد بنهر الدجال وحدث بها عن الربيع بن سليمان المرادى وغيره روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وآخر من روى عنه ابو عمر بن مهدى وكان ثقة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
554 - عبد الله بن محمد ابن احمد ابو بكر البزاز وهو خال ابن الجعابى روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان توزون التركى كان رئيس الجيش وامير الامراء وتقلد الشرطة ببغداد وكانت بينه وبين المتقى وحشه فخرج المتقى الى ناحية الموصل ودخل توزون من واسط الى بغداد فأخد اموال اهل بغداد وأخذ من دعلج العدل مائة الف درهم وأقام المتقى عند بنى حمدان واستدعاهم لحرب توزون فلما أقبلوا على حربه خرج توزون فكسرهم ثم كاتب المتقي يسأله أن يرجع إلى بغداد فلم يقبل واقام بالرقة ثم ظهر له من بنى حمدان تضجر به فبعث الى توزون يطلب الصلح فتلقى توزون ذلك بأتم رغبة فبعث اليه المتقى من يستحلفه فحلف أيمانا مؤكدة ثم اعاد اليه من يعيد اليمين فحلف فلما قدم المتقى فبلغ السندية تلقاه

توزون فقبل الارض وقبل يده ثم ركب وسار معه وقد وكل به وبجماعته الديلم وحصرهم فى مضربه وقبض عليهم واستحضر عبد الله بن المكتفى فبويع له ولقب المستكفى بالله وبايعه المتقى بعد أن اشهد على نفسه بالخلع فى يوم السبت لعشر بقين من صفر هذه السنة وسلم اليه المتقى فأخرج الى جزيرة بين يدى السندية على نهر عيسى فسمل فى يوم خلعه وكانت مدة خلافته ثلاث سنين واحد عشر شهرا ولم يحل الحول على توزون بعد أن فعل ذلك
باب ذكر خلافة المستفكى بالله
واسمه عبد الله بن على المكتفى بن المعتضد ويكنى ابا القاسم ولد فى صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين وولى الخلافة وسنه احد واربعون سنة وسبعة ايام فى سن المنصور حين ولى وكان مليح الشخص ربعة من الرجال ليس بالطويل ولا بالقصير معتدل الجسم حسن الوجه ابيض مشربا بالحمرة اسود الشعر سبط خفيف العارضين أكحل أقنى الانف ولما ولى المستكفى طوق توزون وسوره وخلع عليه وجلس بين يدى المستكفى بالله على كرسى ولم يحج من الناس فى هذه السنة الا نفر يسير مع البكريين ووقف بالناس بمكة عمر بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمى ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
555 - الحسن بن احمد بن سعيد بن انس ابو على المؤذن ويعرف بالمالكى سمع ابا عمر القاضى وغيره وروى عنه العتيقى والتنوخى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
556 - الحسن بن عبد العزيز الهاشمى اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب انبأنا ابراهيم بن مخلد اخبرنا اسماعيل بن على

الخطبى قال توفى الحسن بن عبد العزيز الهاشمى وهو والى الصلاة بالحرمين ومسجد الرصافة ببغداد فى شوال هذه السنة وله من السن خمس وسبعون سنة وشهور
557 - الحسين بن على بن احمد بن عبد الله ابو على الحريرى ويعرف بابن جمعة ولد سنة سبع وخمسين ومائتين وحدث عن ابى بكر بن مالك وأبى الحسن الدارقطنى وابن المظفر وكان ثقه صدوقا وتوفى فى رمضان هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة اربع وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى المحرم لقب المستكفى بالله نفسه امام الحق وضرب ذلك على الدنانير والدراهم فكان يخطب له بلقبين امام الحق والمستكفى بالله
وورد الخبر بأن معز الدولة ابا الحسين احمد بن بويه قد زل بباجسرى فاضطرب الناس واستتر المستكفى بالله وعبر الاتراك الى الجانب الغربى وساروا الى الموصل وبقى الديلم ببغداد ووجه المستكفى بالطاف وفاكهة وطعام لابى الحسين بن بويه ودخل ابو الحسين فلقى المستكفى ووقف بين يديه طويلا واخذ عليه البيعة للمستكفى واستحلف له باغلظ الايمان ولخواصه وحلف المستكفى لابى الحسين بن بويه وأخويه وكتب بذلك كتاب ووقعت فيه الشهادة عليهما ولبس ابو الحسين الخلع وطوق وسور وعقد له لواء وجعل امير الامراء وهو اول ملوك بنى بويه ولقب اخوه الاكبر على عماد الدولة والاوسط ابو على الحسن ركن الدولة وامر أن نضرب القابهم وكناهم على الدنانير والدراهم ونزل الديلم والاتراك دور الناس ولم يكن يعرف ببغداد قبل هذا التنزل فصار من هذا اليوم رسما
انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال ومن اعجب

الاشياء المتولدة فى زمن معز الدولة السعى والصراع وذلك ان معز الدولة احتاج الى السعاة ليجعلهم فيوجا بينه وبين اخيه ركن الدولة الى الرى فيقطعون تلك المسافة البعيدة فى المدة القريبة وأعطى على جودة السعى الرغائب فحرص احداث بغداد وضعفاؤهم على ذلك حتى انهمكوا فيه واسلموا اولادهم اليه فنشأ ركابيان لمعز الدولة يعرف احدهما بمرعوش والآخر بفضل يسعى كل واحد منهما نيفا وثلاثين فرسخا فى يوم من طلوع الشمس الى غروبها يترددون ما بين عكبرا وبغداد وقد رتب على كل فرسخ من الطريق قوم يحضون عليهم فصاروا ائمة السعاة ببغداد وانتسب السعاة اليهم وتعصب الناس لهم واشتهى معز الدولة الصراع فكان يعمل بحضرته حلقة فى ميدانه ويقيم شجرة يابسة تنصب فى الحال ويجعل عليها الثياب الديباج والعتابى والمروزى وتحتها اكياس فيها دراهم ويجمع على سور الميدان المحانيث بالطبور والزمور وعلى باب الميدان الدبادب ويؤذن للعامة فى دخول الميدان فمن غلب اخذ الثياب والشجرة والدراهم ثم دخل فى ذلك احداث بغداد فصار فى كل موضع صراع فاذا برع احدهم صارع بحضرة معز الدولة فان غلب اجريت عليه الجرايات فكم من عين ذهبت بلطمة وكم من رجل اندقت وشغف بعض اصحاب معز الدولة بالسباحة فتعاطاها اهل بغداد حتى احدثوا فيها الطرائف فكان الشاب يسبح قائما وعلى يده كانون فوقه حطب يشتعل تحت قدر الى ان تنضج ثم يأكل منها الى ان يصل الى دار السلطان
وفى ربيع الآخر قلد القاضى ابو السائب عتبة بن عبيد الله القضاء فى الجانب الشرقي واقر القاضى ابو طاهر على الجانب الشرقي
وقلد ابو الحسن محمد بن صالح الهاشمى قضاء مدينة ابى جعفر وفى هذه السنة جمع القاضى ابو الحسن محمد بن صالح الهاشمى ابا عبد الله محمد بن ابى 342

موسى الهاشمى وابا نصر يوسف بن ابى الحسين عمر بن محمد القاضى فى منزله حتى اصطلحا وتعاقدا على التصافى وأخذ كل واحد منهما خط صاحبه بتزكيته وربما توكد الصلح بينهما وكانا قد خرجا الى اقبح المباينة حتى اشهد ابو نصر وهو والى قضاء مدينة السلام على نفسه باسقاط ابى عبد الله وانه غير موضع للشهادة وسعى ابو عبد الله فى صرفه ومعارضته بما يكره حتى تهيأ له فى ذلك ما اراد
وفى يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الآخرة انحدر معز الدولة الى دار الخلافة فسلم على الخليفة وقبل الارض وقبل يد المستكفى وطرح له كرسى فجلس ثم تقدم رجلان من الديلم فمد ايديهما الى المستكفى وطالبا بالرزق

فلما مدا ايديهما ظن انهما يريدان فناولهما يديه تقبيل يده فجذباه فنكساه من السرير ووضعا عمامته فى عنقه وجراه ونهض معز الدولة واضطرب الناس ودخل الديلم الى دور الحرم وحمل المستكفى راجلا الى دار معز الدولة فاعتقل بها وخلع من الخلافة ولهبت الدار حتى لم يبق فيها شيئ وسمل المستكفى وكانت مدته فى الخلافة سنة واربعة اشهر ويومين واحضر الفضل بن المقتدر يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة فبويع ولقب المطيع لله باب ذكر خلافة المطيع لله واسمه الفضل بن المقتدر ويكنى ابا القاسم وامه ام ولد يقال لها مشغلة ادركت

خلافته وكان له يوم بويع ثلاث وثلاثون سنة وخمسة اشهر وايام ولما بويع احضر المستكفى ليسلم عليه بالخلافة واشهد على نفسه بالخلع وصودر خواص المستكفى فاخذ منهم الوف كثيرة ووصل المطيع العباسيين فى يوم بنيف وثلاثين الف دينار على اضافته ووصل خادم من المدينة فذكر ما يلحق حجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم من التفريط وقطع مواد الطيب وغيره عنها فأمر للخادم بعشرين الف درهم وتقدم بحمل الطيب وضم اليه خمسة من الخدم ليكونوا فى خدمة الحجرة ونفذ مع ابى احمد الموسوى قنديلا من ذهب وزنه ستمائة مثقال وتسع قناديل من فضة ليعلقها فى الكعبة
اخبرنا ابن ناصر قال سمعت ابا محمد التميمى يقول سمعت عمى ابا الفضل عبد الواحد ابن عبد العزيز التميمى يقول سمعت المطيع لله يقول وقد احدق به خلق كثير من الحنابلة حزروا ثلاثين الفا فاراد ان يتقرب اليهم فقال سمعت شيخى ابن بنت منيع يقول سمعت احمد بن حنبل يقول اذا مات اصدقاء الرجل ذل وفى يوم الاربعاء لاربع خلون من شعبان وجدت امرأة هاشمية قد سرقت صبيا فشوته فى تنور وهو حى وأكلت بعضه واقرت بذلك وذكرت ان شدة الجوع حملها على ذلك فحبست ثم اخرجت وضربت عنقها ووجدت امرأة اخرى هاشمية ايضا قد اخذت صبية فشقتها بنصفين فطبخت نصفها سكباجا والنصف الآخر بماء وملح فدخل الديلم فذبحوها ثم وجدت ثالثة قد شوت صبيا وأكلت بعضه فقتلت وكان قد بلغ المكوك من الحنطة خمسة وعشرين درهما واضطر الناس الى اكل البزر قطونا كان يؤخذ فيضرب بالماء ثم يبسط على الطابق ويشعل تحته فاذا حمى أكلوا الجيف واذا راثت الدواب اجتمعوا جماعة من الضعفاء على الروث فالتقطوا ما فيه من الحب الشعير فأكلوه وكانت الموتى مطرحين فربما اكلت الكلاب لحومهم وخرج الناس الى البصرة خروجا مسرفا فمات اكثرهم فى الطريق ومات بعضهم بالبصرة وصار العقار والدور تباع برغفان خبز ويأخذ الدلال بحق دلالته بعض الخبز انبأنا محمد بن عبد الباقى

عبد الباقى عن على بن المحسن عن ابيه قال حدثنى ابو الحسين بن عباس القاضى قال حدثنى ابو عبد الله الموسوى العلوى انه باع فى سنة اربع وثلاثين وثلثمائة عند اشتداد الغلاء على معز الدولة وهو مقيم بظاهر بغداد من الجانب الغربى كر حنطة بعشرة آلاف درهم قال ولم اخرج الغلة حتى تسلمت المال
وكانت بين اصحاب معز الدولة ابى الحسين وبين اصحاب ناصر الدولة ابى محمد ابن حمدان حرب بعكبر فخرج معز الدولة ومعه الخليفة المطيع الى عكبرا وذلك فى رابع رمضان ثم حضر معز الدولة المطيع ووكل به فلما كان يوم الاربعاء لعشر خلون من رمضان وافى ناصر الدولة الى بغداد فنزل فى الجانب الغربى فعبر اصحاب معز الدولة اليهم فعبر ناصر الدولة الى الجانب الشرقى ودخل بغداد وجاء معز الدولة فاحتربوا فملك الجانب الغربى باسره الا انه ضاق عليهم العيش فاشترى لمعز الدولة كرا بعشرين الفا ولحق الناس من السواد من جانبى بغداد ضر عظيم ثم ملك معز الدولة الجانب الشرقى فانهوم ناصر الدولة
وفى هذه السنة كثر القمل برستاق التيمرة الكبرى حتى يئس الناس من غلاتهم وانحط من نوع الطير الصفر يزيد على جرم العصفور وكان الطائر يعلق على شجرة فيصفر فيصير الطير حينئذ افواجا فينحط كل فوج منها على ضيعة فيلقط القمل حتى فنى ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
558 - توزون قد ذكرنا اخباره وما صنع بالمتقى توفى لثمان بقين من المحرم ولم يتم له حول بعد فعله القبيح واهماله ما عقد من الايمان
559 - سليمان بن اسحاق ابن ابراهيم بن الخليل ابو ايوب الجلاب سمع ابراهيم الحربى روى عنه ابن حيويه وكان ثقة توفى فى هذه السنة

560 - عبد الله بن احمد بن عبد الله بن بكير ابو القاسم التميمي سمع ابن قتيبة وروى عنه الدارقطنى وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
561 - عمر بن الحسين بن عبد الله ابو القاسم الخرقى صاحب كتاب المختصر فى الفقه على مذهب احمد بن حنبل وكان فقه النفس حسن العبارة بليغا وكانت له مصنفات كثيرة وتخريجات على المذهب لم تظهر لأنه خرج من بغداد لما ظهر سب الصحابة فاودع كتبه في درب سليمان فاحترقت الدار التى كانت فيها الكتب وتوفى بدمشق هذه السنة
562 - محمد بن عيسى بن عبد الله ابو عبد الله يعرف بابن ابى موسى عمى الفقيه على مذهب العراقيين ولاه المتقى لله القضاء ببغداد ثم عزله واعاده المستكفى بالله وكان له علم غزير وسمت حسن ووقار وكان ثقة مشهورا بالفقر لا يطعن عليه فى شىء من ولايته فكبس اللصوص داره وأخذوا جميع ما كان فى منزله ولم يكن شيئا مذكورا وكانوا يقدرون ان له مالا وضربوه ضربة اثخنته وهرب فى السطوح ورمى بنفسه الى ما يجاوره فسقط فمات وذلك فى ربيع الاول من هذه السنة
563 - محمد بن محمد بن احمد بن عبد الله ابو الفضل السلمى الوزير كان فقيها مناظرا وسمع الحديث بخراسان ونيسابور والرى وبغداد والكوفة واملى وكان حافظا وصنف وكان يصوم الاثنين والخميس ولا يدع صلاة الليل ولا التصنيف وولى الوزارة للسلطان وهو على ذلك وكان يسأل الله الشهادة فسمع ليلة جلبة الخيل فقال ما هذا فقالوا غوغاء العسكر قد اجتمعوا يؤلبون ويقولون ان الذنب لك فى تأخير رزقنا فدعا بالحلاق

فحلق رأسه وسخن له الماء فى مصرية وتنور وتنظف واغتسل ولبس الكفن ولم يزل ليلته يصلى وبعث السلطان يمنعهم عنه لم يقبلوا فقتلوه وهو ساجد فى ربيع الاخر من هذه السنة
564 - محمد بن عبد الله ابن طغج ابو بكر كان شجاعا شديد التيقظ فى حروبه وكان جيشه يحتوى على اربعمائة الف رجل وكان له ثمانية آلاف مملوك يحرسونه بالنوبة كل نوبة الف مملوك ويوكل بجانب خيمته الخدم ثم لا يثق حتى يمضى الى خيم الفراشين فينام فيها ولقيه الراضى بالله الا خشيد لانه فرغانى وكان من ملك فرغانة يسمى الاخشيد كما تدعو الروم ملكها قيصر والفرس كسرى واليمن تبع والمسلمون الخليفة وملك اشروسنة يسمى الافشين وملك خوارزم خوارز مشاه وملك الترك خاقان وملك جرجان صول وملك اذربيجان اصبهذ وملك طبرستان سالار توفى بدمشق فى ذى الحجة من هذه السنة
565 - ابو بكر الشبلى وقد اختلفوا فى اسمه ونسبه فقيل دلف بن جعفر وقيل دلف بن جحدر وقيل دلف بن جعترة وقيل دلف بن جعونة وقيل جعفر بن يونس وقيل جحدر بن دلف وهو من اهل اشروسنة من قرية بها يقال لها شبيلة كان خاله امير الامراء بالاسكندرية وولد الشبلى بسر من رأى وكان حاجب الموفق فجعل لطعمته دماوند وكان ابوه حاجب الحجاب حضر الشبلى يوما مجلس خير النساج فتاب ثم رجع الى دماوند فقال ان الموفق ولانى بلدتكم فاجعلونى فى حل ففعلوا وصحب الفقراء وكان الجنيد يقول تاج هؤلاء القوم الشبلى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا على بن محمود الزوزنى قال سمعت على بن المثنى التميمى يقول دخلت على الشبلى فى داره يوما وهو يهيج ويقول

على بعدك لا يصبر ... من عادته القرب ... ولا يقوى على حجبك ... من تيمه الحب ... فان لم ترك العين ... فقد يبصرك القلب ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبد الكريم بن هوزان قال سمعت ابا حاتم محمد بن احمد بن يحيى يقول سمعت عبد الله بن على التميمى يقول سأل جعفر بن نصير بكران الدينورى وكان يخدم الشبلى مالذى رأيت منه يعنى عند وفاته قال قال لى على درهم مظلمة تصدقت عن صاحبه بألوف فما على قلبى شغل اعظم منه ثم قال وضيئنى للصلاة ففعلت فنسيت تخليل لحيته وقد امسك عن لسانه فقبض على يدى وادخلها فى لحيته ثم مات فبكى جعفر وقال ما تقولون فى رجل لم تفته فى آخر عمره ادب من آداب الشريعة عن محمد بن الحسين بن موسى قال سمعت ابا نصر الهروى يقول كان الشبلى يقول انما يحفظ هذا الجانب بى يعنى من الديالمة فمات وهو يوم الجمعة وعبرت الديالمة الى الجانت الشرقى يوم السبت عن ابى الحسين ابن المهتدى قال سمعت ابا حفص عمر بن عبيد بن تعويذ يقول حدثنى ابو بكر غلام الشبلى وكان يعرف ببكير قال وجد الشبلى خفة من وجع كان به فى يوم الجمعة سلخ ذى الحجة سنة اربع وثلاثين وثلثمائة فقال لى بكير تعز الجامع قلت نعم قال فلما حصلنا فى الوراقين من الجانب الشرقى تلقانا رجل شيخ فقال لى بكير غدا يكون لى مع هذا الشيخ شأن من الشأن نقلت يا سيدى من هو فقال لى هذا المقبل واومأ بيده الى الشيخ قال فلما كان فى ليلة السبت قضى رحمة الله عليه فقيل لى فى موضع كذا وكذا شيخ صالح يغسل الموتى فجئت الى الباب فنقرته وقلت سلام عليكم فقال لى مات الشبلى فقلت نعم فخرج الى فاذا هو الشيخ الذى لقينا بالامس فقلت لا اله الا الله فقال لى مالك فقلت يا سيدى سالتك بالله من اين لك بموت الشبلى فقال لى فقدتك ما أبلهك من اين يكون للشبلى انه يكون له معى شأن من الشان اخبرنا ابو القاسم الحريري عن ابى طالب العشارى اخبرنا على بن المظفر الاصبهانى حدثنا ابو القاسم النحاس قال سمعت يوسف

بن يعقوب الاصبهانى يقول قال الادمى القارىء رايت فى المنام كان كل من فى مقبرة الخيزرانية جلوسا على قبورهم فقلت من تنتظرون فقالوا قد وعدنا يجيئنا رجل يدفن عندنا يهب الله محسننا ومسيئنا له قال فبكرت وجلست فاذا بجنازة الشبلى تدفن عندهم
سنة ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها قد ذكرنا ان معز الدولة ابو الحسين بن بويه حصر المطيع ووكل به وان ناصر الدولة ابو محمد بن حمدان جاء الى بغداد يخاصم عن الخليفة فدخل الى بغداد وحارب معز الدولة فعبر معز الدولة الى الجانب الشرقى فملكه فى اول يوم من المحرم فانهزم ناصر الدولة ونهب الديلم باب الطاق وسوق يحيى وقتل من العامة جماعة وخرج نساء وصبيان من بغداد هاربين فى طريق عكبر الأنه وقع للناس ان الديلم اذا ملكوا الجانب الشرقى وضعوا السيف تشفيا من العوام لأنهم كانوا يشتمون معز الدولة والديالمة شتما مسرفا واستعمل معز الدولة الحلم ومنع من القتل الا من هرب من الرجال والنساء والصبيان وتلف فى طريق عكبر من الحر والعطش خلق كثير لأنهم خرجوا مشاة حفاة انبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو الحسن احمد بن يوسف قال لما دخل الديلم من الجانب الغربى الى الجانب الشرقى وخاف الناس السيف هربوا على وجوههم وكانت العذراء والمخباة المترفة من ذوات النعم والصبية والاطفال والعجائز وسائر الناس يخرجون على وجوههم يتعادون يريدون الصحراء وكان ذلك اليوم حار فلا يطيقون المشى قال ابو محمد الصلحى انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة نريد الموصل من بين يدي معز الدولة وقد عبر من الجانب الغربى الى الجانب الشرقى فرأيت مالا احصى من اهل بغداد قد تلفوا بالحر والعطش ونحن نركض هاربين فما شبهته الا بيوم القيامة قال فأخبرنى جماعة انهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها فى حسن الثياب والحلى

وهى تصيح انا ابنة فلان ومعى جوهر وحلى بالف دينار ورحم الله من اخذه منى وسقانى شربة ماء فما يلتفت اليها احد حتى خرت ميتة وبقيت متكشفة والثياب عليها والحلى وما يعرض له احد
ولما استقر معز الدولة ببغداد استحلف المطيع لله انه لا يبغيه سوءا ولا يمالى عليه عدوا ثم ازال عنه التوكيل واعاده الى داره وورد الخبر بدخول ركن الدولة أبى على الحسن بن بويه الرى وملك الجبل بأسره
وفى اول رجب صرف القاضى محمد بن الحسن بن ابى الشوارب عن القضاء بالجانب الغربى من بغداد وتقلد ابو الحسن محمد بن صالح ابن ام شيبان مضافا الى ما كان اليه من قضاء الجانب الشرقى
وفى رمضان وقع بقطربل برد كبار فى كل بردة أوقيتان واكثر فطحن الغلات وذلك فى سابع عشر نيسان ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
666 - الحسن بن حمويه ابن الحسن ابو محمد القاضى الاستراباذى ادرك عمار بن رجاء ولم يكتب عنه وروى عنه محمد بن اسحاق بن راهويه وخلق كثير وكان على قضاء استراباذ مدة طويلة وكان من القوامين بالليل المتهجدين بالاسحار يضرب به المثل فى قضاء حوائج المسلمين والقيام بامرهم بنفسه وماله وجاهه وعقد مجلس الاملاء باستراباذ وكتب عنه اهلها مات فجاءة على صدر جارية وقت الانزال فى هذه السنة
567 - حمزة بن القاسم بن عبد العزيز ابو عمر الهاشمى ولد فى شعبان سنة سبع واربعين ومائتين وكان يتولى الصلاة بالناس فى جامع المنصور ثم تولى امامة جامع الرصافة وحدث عن سعدان بن نصر الدوري وحنبل بن اسحاق روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة

ثبتا ظاهر الصلاح مشهورا بالرواية معروفا بالخير وحسن المذهب توفى فى شعبان هذه السنة ودفن عند قبر معروف
568 - عبد الرحمن بن احمد بن عبد الله ابو عبد الله الختلى سمع ابا العباس البرتى والباغندى وابن ابى الدنيا روى عنه الدارقطنى وكان فهما عارفا ثقة حافظا انتقل الى البصرة فسكنها اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على قال اخبرنى على بن المحسن قال اخبرنى ابى قال دخل الينا ابو عبد الله الختلى الى البصرة صاحب حديث وكان مشهورا بالحفظ فجاء وليس معه شىء من كتبه فحدث شهورا الى ان لحقته كتبه فسمعته يقول حدثت بخمسين الف حديث من حفظى الى ان لحقتنى كتبى
569 - على بن عيسى بن داود ابن الجراح ابو الحسن وزير المقتدر بالله والقاهر بالله ولد سنة خمس واربعين ومائتين وسمع احمد بن بديل الكوفى والحسن بن محمد الزعفرانى وحميد بن الربيع وعمر بن شبة روى عنه الطبرانى وغيره وكان صدوقا فاضلا عفيفا فى ولايته كثير المعروف وقراءة القرآن والصلاة والصيام يحب اهل العلم ويكثر مجالستهم واصله من الفرس وكان داود جده من ديرقنى من وجوه الكبار وكذلك ابوه عيسى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا الازهرى قال قال لى ابو الحسن محمد بن احمد بن رزقويه قال قال لى ابن كامل القاضى سمعت على بن عيسى الوزير يقول كسبت سبعمائة الف دينار اخرجت منها فى هذه الوجوه يعنى وجوه البر ستمائة الف وثمانين الفا
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن المحسن التنوخى حدثنا ابى حدثنا القاضى ابو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة وابو محمد عبد الله بن احمد بن داسة قالا حدثنا ابو سهل ابن زياد القطان صاحب على بن عيسى قال كنت مع على بن عيسى لما نفى الى مكة فلما دخلناها دخلنا فى حر شديد وقد كدنا نتلف

فطاف على بن عيسى وسعى وجاء فالقى نفسه وهو كالميت من الحر والتعب وقلق قلقا شديدا وقال اشتهى على الله شربة ماء مثلوج فقلت له يا سيدنا تعلم ان هذا مالا يوجد بهذا المكان فقال هو كما قلت ولكن نفسى ضاقت عن ستر هذا القول فاستقررت فيه حتى نشأت سحابة فبرقت ورعدت وجاءت بمطر يسير وبرد كثير فبادرت الى الغلمان فقلت اجمعوا فجمعنا منه شيئا عظيما وملأنا منه جرارا كثيرة وجمع اهل مكة منه شيئا عظيما وكان على بن عيسى صائما فلما كان وقت المغرب خرج الى المسجد الحرام ليصلى المغرب فقلت له انت والله مقبل والنكبة زائلة وهذه علامات الاقبال فاشرب الثلج كما طلبت وجئته باقداح مملوءة من اصناف الاسوقة والاشربة مكبوسة بالبرد فاقبل يسقى ذلك من قرب منه من الصوفية والمجاورين والضعفاء ويستزيد ونحن نأتيه بما عندنا واقول له اشرب فيقول حتى يشرب الناس فخبأت مقدار خمسة ارطال وقلت له انه لم يبق شىء فقال الحمد لله ليتنى كنت تمنيت المغفرة فلعلى كنت اجاب فلما دخل البيت لم ازل اداريه حتى شرب منه وتقوت ليلته بباقيه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا القاضى ابو العلاء قال انشدنا القاضى ابو عبد الله ابن ابى جعفر قال انشدنى ابى قال انشدنى الوزير ابو الحسن على بن عيسى لنفسه ... فمن كان عنى سائلا بشماتة ... لما نابنى اوشامتا غير سائل ... فقد ابرزت منى الخطوب ابن حرة ... صبورا على اهوال تلك الزلازل ... وقد روينا عن مكرم بن بكر القاضى قال كنت خصيصا بالوزير ابى الحسن على بن عيسى فدخلت عليه وهو مهموم جدا فسألته عن ذلك فقال كتب الى عاملنا بالثغر ان اسارى المسلمين فى بلد الروم كانوا على رفق وصيانة الى ان ولى آنفا ملك الروم حدثان منهم فعسفا الاسارى واجاعاهم واعرياهم وعاقباهم وطالباهم بالتنصر وانهم فى عذاب شديد ولا حيلة لى فى هذا والخليفة لا يساعدنى فكنت انفق الاموال واجهز الجيوش الى القسطنطينية فقلت هاهنا امر سهل

يبلغ به الغرض فقال قل يا مبارك قلت ان بانطاكية عظيما للنصارى يقال له البطرك وبالقدس آخر يقال له الجاثليق وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم والبلدان فى سلطاننا والرجلان فى ذمتنا فيأمر الوزير باحضارهما ويتقدم اليهما بازالة ما تجدد على الاسارى فان لم يزل لم يطالب بتلك الجريرة غيرهما فكتب يستدعيهما فلما كان بعد شهر جاءنى رسوله فجئت فوجدته مسرورا فقال جزاك الله عن نفسك ودينك وعنى خيرا كان رايك ابرك رأى وأسده هذا رسول العامل قد ورد وقال له خبر بما جرى فقال انقذنى العامل مع رسول البطرك والجاثليق الى القسطنطينية وكتبا الى ملكيها انكما قد خرجتما بما فعلتما عن ملة عيسى عليه السلام وليس لكما الاضرار بالأسارى فانه يخالف دينكما وما يأمركما به المسيح فاما زلتما عن هذا الفعل والا حرمناكما ولعنا كما على هذين الكرسيين فلما وصلنا الى القسطنطينية حجبنا اياما ثم اوصل الرسولان اليهما واستدعيانى فقال الترجمان يقول لكما الملكان الذى بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع وقد اذنا فى دخولك لتشاهدهم على ضد ما قيل وتسمع شكرهم لنا فحملت فرأيت الأسارى وكان وجوههم قد خرجت من القبور تشهد بما كانوا فيه من الضر ورأيت ثيابهم جددا فعلمت انى حجبت تلك الايام لتغير حالهم فقال لى الاسارى نحن شاكرون للملكين فعل الله بهما وصنع واومأ الى بعضهم ان الذى بلغكم كان صحيحا انما خفف عنا لما حصلتم هاهنا فكيف بلغتم امرنا فقلت ولى الوزارة على بن عيسى وبلغه حالكم ففعل كذا وكذا فضجوا بالدعاء والبكاء وسمعت امرأة منهم تقول مريا على بن عيسى لا نسى الله لك هذا الفعل فلما سمع الوزير ذلك اجهش بالبكاء وسجد شكرا لله تعالى فقلت ايها الوزير اسمعك كثيرا تتبرم بالوزارة فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة فشكرنى وانصرفت
اخبرنا ابو بكر بن ابى طاهر عن ابى القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى جماعة من اهل الحضرة ان رجلا عطارا بالكرخ كان مشهورا بالستر

وارتكبه دين فقام عن دكانه ولزم منزله واقبل على الدعاء والصلاة ليالى كثيرة فلما كانت ليلة الجمعة صلى صلاته ودعا ونام قال فأريت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول اقصد على بن عيسى الوزير فقد امرته لك بأربعمائة دينار فخذها واصلح بها امرك قال وكان على قيمة ستمائة دينار فلما كان من غد قلت قد قال النبى صلى الله عليه و سلم من رآنى فى المنام فقد رآنى حقا فان الشيطان لا يتمثل بى فلم لا اقصد الوزير فجئت الباب فمنعت من الوصول اليه فجلست الى ان ضاق صدرى وهممت بالانصراف فخرج صاحبه وكان يعرفنى معرفة ضعيفة فأخبرته فقال يا هذا الوزير والله فى طلبك منذ السحر والى الآن وقد سأل عنك فما عرفك احد والرسل مبثوثة فى طلبك فكن مكانك قال ومضى ودخل فما كان باسرع من ان دعونى قد خلت الى الوزير فقال لى ما اسمك فقلت فلان ابن فلان العطار قال من اهل الكرخ قلت نعم قال يا هذا احسن الله جزاءك فى قصدك اياى فوالله ما ربحت بعيش منذ البارحة جاءنى رسول الله صلى الله عليه و سلم فى منامى فقال اعط فلان بن فلان العطار من الكرخ اربعائة دينار يصلح بها شأنه وكنت اليوم طول نهارى فى طلبك وما عرفك احد ثم قال هاتوا الف دينار فحملوها فقال هذه اربعمائة دينار خذها امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم وستمائة هدية منى لك فقلت ايها الوزير ما احب ان ازاد على عطية رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا فانى ارجو البركة فيه لا فيما عداه فبكى على بن عيسى وقال هذا هو اليقين خذ ما بدا لك فأخذت اربعمائة دينار فانصرفت فقصصت قصتى على صديق لى واريته الدنانير وسألته ان يحضر عزمائى ويتوسط بينى وبينهم ففعل فقالوا نحن نؤخره ثلاث سنين بالمال فليفتح دكانه فقلت لا بل يأخذون منى الثلث من اموالهم وكانت ستمائة فأعطيت كل من له شىء ثلث ماله فكان الذى فرقت بينهم مائتى دينار وفتحت دكانى وادرت المائتين الباقية فى الدكان فما حال الحول الا ومعى الف دينار فقضيت دينى كله وما زالت

حالتى تزيد وتصلح توفى على بن عيسى فى هذه السنة وقيل فى سنة اربع وثلاثين عن تسع وثمانين سنة
570 - محمد بن احمد بن سليمان بن ابى مريم ابو رجاء الاسوانى الشاعر الفقيه كتب عنه على بن عبد العزيز وكان فقيها على مذهب الشافعى وكان فصيحا صينا وله قصيدة تضمن فيها اخبار العالم فذكر قصص الانبياء نبيا نبيا وسئل قبل موته بنحو من سنتين كم بلغت قصيدتك الى الان فقال ثلاثين ومائة الف بيت وقد بقى الطب والفلسفة توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
571 - محمد بن احمد بن سليمان ابو الفضل المعروف بابن القواس حدث عن اسحاق بن سنين الختلى وروى عنه الدارقطنى توفى ببغداد فى اول سنة خمس وثلاثين وقالوا كان ثقة
572 - محمد بن اسماعيل بن اسحاق بن بحر ابو عبد الله الفارسى كان يتفقه على مذهب الشافعى وحدث عن ابى زرعة الدمشقى وغيره وروى عنه الدارقطنى وغيره وآخر من حدث عنه ابو عمر بن مهدى وكان ثقة فاضلا توفى فى هذه السنة
573 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم بن عثمان ابو بكر بن ابى يعقوب المقرىء حدث عن محمد بن عبيد اله المنادى وغيره وكان صدوقا
574 - محمد بن جعفر بن احمد بن يزيد ابو بكر الصيرفى المطيرى من اهل مطيرة سر من رأى سكن بغداد وحدث بها عن الحسن بن عرفة وعلى بن حرب وعباس الدورى وكان حافظا روى عنه الدارقطنى وقال هو ثقة مأمون وابن شاهين قال كان صدوقا ثقة وتوفى فى صفر هذه السنة

575 - هارون بن محمد بن هارون ابن على بن موسى بن عمرو بن جابر بن يزيد بن جابر بن عامر بن اسيد بن تيم بن صبح بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة ابو جعفر والد القاضى ابى عبد الله الحسين بن هارون وكان اسلافه ملوك عمان فى قديم الزمان واول من دخل عمان من ملوك بنى ضبة فتملك بها ثم لم تزل ولده من بعده يرثون هناك السيادة والشرف ويزيد بن جابر ادركه الاسلام فاسلم وحسن اسلامه واول من انتقل منهم من عمان هارون بن محمد فسكن بغداد وحدث بها روى عنه ابنه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا عبد الكريم بن محمد المحاملى اخبرنا على بن عمر الدارقطنى وذكر هارون بن محمد فقال استولى على الفضائل وساد بعمان فى حداثة سنه ثم خرج منها فلقى العلماء بمكة والكوفة والبصرة ودخل مدينة السلام سنة خمس وثلثمائة فعلت منزلته عند السلطان وارتفع قدره وانتشرت مكارمه وعطاياه وانتابه الشعراء من كل موضع وامتد حوه فأكثر واجزل صلاتهم وأنفق امواله فى بر العلماء والافضال عليهم وفى صلات الاشراف والطالبيين والعباسيين وغيرهم واقتناء الكتب المنسوبة وكان مبرزا فى العلم باللغة والشعر والنحو ومعانى القرآن والكلام وكان داره مجمعا لاهل العلم من كل فن الى ان توفى فى سنة خمس وثلاثين وثلثمائة
سنة ثم دخلت سنة ست وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ظهر كوكب مذنب فى صفر من ناحية المشرق طوله نحو ذراعين فمكت عشرة ايام ثم اضمحل
وسار الخليفة ومعز الدولة من واسط فى البرية على الطفوف فلما صار فى البرية ورد على معز الدولة رسول من الهجر بين القرامطة بكتاب منهم اليه باللوم على سلوكه البرية بغير امرهم اذ كانت لهم فلم يجبهم عن الكتاب وقال للرسول يقول لهم ومن انتم حتى تستأذنون فى سلوك البرية وكأنى انما اقصد البصرة

قصدى انما هو بلدكم واليكم اخرج من البصرة بعد فتحى اياها باذن الله وستعرفون خبركم ولما افتتح معز الدولة البصرة قطع عن الخليفة الالفى درهم التى كان يقيمها له فى كل يوم لنفقته وعوضه عنها ضياعا من ضياع البصرة وغيرها وزيادة على قدر ضياع الخليفة بنحو مائتى الف دينار ثم نقص ارتفاعها على ممر السنين الى ان صار خمسين الف دينار فى السنة
وورد الكتاب بتقلد القاضى ابى السائب عتبة بن عبيد الله القضاء فى الجانب الغربى ومدينة ابى جعفر مكان القاضى ابى الحسين محمد بن صالح فاجتمعت له مدينة السلام ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
576 - احمد بن جعفر ابو محمد بن عبيد الله بن يزيد ابو الحسين المعروف بابن المنادى ولد لثمان عشرة ليلة خلت من ربيع الاول سنة ست وخمسين ومائتين وسمع جده محمد بن عبيد الله ومحمد بن اسحاق الصاغانى والعباس بن محمد الدورى وخلقا كثيرا وكان ثقة امينا ثبتا صدوقا ورعا حجة صنف كتبا كثيرة وجمع علوما جمة ولم يسمع الناس من مصنفاته الا اقلها لشراسة خلقه وروى عنه جماعة آخرهم محمد بن فارس الغورى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو الفضل عبيد الله بن احمد الصيرفى قال كان ابو الحسين ابن المنادى صلب الدين حسن الطريقة شرس الاخلاق فلذلك لم تنتشر عنه الرواية قال وقال لى ابو الحسن ابن الصلت كنا نمضى مع ابن قاح الوراق الى ابى الحسين ابن المنادى نسمع منه فاذا وقفنا ببابه خرجت الينا جارية له وقالت كم انتم فنخبرها بعددنا ويؤذن لنا فى الدخول ويحدثنا فحضر مرة انسان علوى وغلام له فلما استأذنا قالت الجارية كم انتم فقلنا نحو الثلاثة عشر وما كنا حسبنا العلوى ولا غلامه فى العدد فدخلنا عليه فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا انصرفوا اليوم فلست احدثكم فانصرفنا

وظننا انه عرض له شغل ثم عدنا اليه مجلسا ثانيا فصرفنا ولم يحدثنا فسألناه بعد عن السبب الذى اوجب ترك التحديث لنا فقال كنتم تذكرون عدتكم فى كل مرة للجارية وتصدقون ثم كذبتم فى المرة الاخيرة ومن كذب فى هذا المقدار لم يؤمن ان يكذب فيما هو اكثر منه قال فاعتذرنا اليه وقلنا نحن نتحفظ فيما بعد فحدثنا او كما قال نقلت من خط ابى يوسف القزوينى قال ابو الحسين اين المنادى من القراء المجودين ومن اصحاب الحديث الكبار وله فى علوم القرآن اربعائة كتاب ونيف واربعون كتابا اعرف منها احد وعشرين كتابا او دونها وسمعت بالباقى وكان من المصنفين ولا نجد فى كلامه شيئا من الحشوبل هو نفى الكلام وجمع بين الرواية والدراية قال مؤلف الكتاب وقد وقع الى من مصنفاته قطعة بخطه وفيها من الفوائد مالا يكاد يوجد فى كتاب ومن تامل مصنفاته عرف قدر الرجل توفى فى محرم هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
577 - ريطة بنت عبيد الله العابدة صحبت ابا عثمان النيسابورى واقرانه وحفظت عنهم من كلامهم وصلت حتى اقعدت وكان مشايخ الزهاد يزورونها وتوفيت فى محرم هذه السنة
578 - عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن ابن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ابو عمر وقيل ابو محمد الخطابى حدث عن الدراوردى روى عنه ابو بكر الاثرم والبغوى وكان ثقة توفى بالبصرة فى هذه السنة
579 - عبد الرحمن بن محمد ابن عبيد الله بن سعد ابو محمد الزهرى ولد سنة سبع وخمسين ومائتين وسمع عباسا الدورى وروى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة

580 - محمد بن احمد بن احمد بن حماد ابو العباس بن الاثرم المقرىء هكذا نسبه الدارقطنى والمحسن بن على التنوخى وابو عمر الهاشمى وكان ابو بكر بن شاذان يسقط جده احمد ويجعل حماد هو الجد ولد فى سنة اربعين ومائتين وسمع الحسن بن عرفة وعلى بن حرب وعباسا الدورى وكتب الناس عنه بانتقاء عمر البصرى وحدث عنه محمد بن المظفر والدارقطنى وغيرهما وهو ثقة وتوفى فى هذه السنة
581 - محمد بن احمد بن ابراهيم ابن قريش بن حازم بن صبيح ابو عبد الله الكاتب يعرف بالحكيمى ولد فى ذى القعدة سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسمع زكريا بن يحيى بن اسد المروزى ومحمد بن اسحاق الصاغانى والعباس بن محمد الدورى فى آخرين روى عنه الدارقطنى وابو عمر بن حيويه وغيرهما قال البرقانى هو ثقة الا انه يروى مناكير اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قرأت بخط ابى الحسن بن الفرات توفى الحكيمى يوم الخميس لاثنتى عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة سنة ست وثلاثين وثلثمائة ودفن يوم الجمعة
582 - محمد بن يحيى بن عبد الله ابن العباس بن محمد بن صول ابو بكر الصولى كان احد العلماء بفنون الآداب حسن المعرفة باخبار الملوك وايام الخلفاء ومآثر الاشراف وطبقات الشعراء وحدث عن ابى داود السجستانى وثعلب والمبرد وابى القيناء والكديمى وابى رويق وخلق كثير وكان واسع الرواية حسن الحفظ حاذقا بتصنيف الكتب وكان له بيت عظيم مملوء كتبا وكان يقول كل هذه الكتب سماعي ونادم جماعة من الخلفاء وصنف سيرهم وله ابوة حسنة فان جده صول واهله كانوا ملوك جرجان ثم راس اولاد صول فى الكتابة وتقلد الاعمال السلطانية

وكان ابو بكر حسن الاعتقاد جميل الطريقة وله شعر حسن روى عنه ابن حيويه وابو الحسن الدارقطنى وغيرهما
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر ابن ثابت قال انشدنى ابو القاسم الازهرى قال انشدنا عبيد الله بن محمد المقرى قال انشدنا ابو بكر الصولى لنفسه ... احببت من اجله من كان يشبهه ... وكل شىءمن المعشوق معشوق ... حتى حكيت بجسمى بما بمقتله ... كأن سقمى من جفنيه مسروق ...
ومن اشعاره
... شكا اليك ما وجد ... من خانه فيك الجلد ... لهفان ان شئت اشتكى ... ظمآن ان شئت ورد ... صب اذا رام الكرى ... نبهه لذع الكمد ... يا ايها الظبى الذى ... تصرع عيناه الاسد ... امالا سراك فدى ... اما لقتلاك قود ... ماذا عن من جارفى ... احكامه لو اقتصد ... ما صره لو انه ... انجز ما كان وعد ... هان عليه سهرى ... فى حبه لما رقد ... واها لغز غره ... انا وصلناه وصد ... بمقلتيه حور ... وقده فيه غيد ...
قال ابو بكر الصولى حضرت باب على بن عيسى الوزير ومعنا جماعة من اجلاء الكتاب فقدمت دواة وكتبت ... خلفت على باب ابن عيسى كأننى ... قضا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... اذا جئت اشكو طول فقرى وخلتى ... يقولان لا تهلك اسى وتجمل ... ففاضت دموع العين من قبح ردهم ... على النحر حتى بل دمعى محملى ... لقد طال تردادى وقصدى اليهم ... فهل عند رسم دار س من معول ... فنم الخبر اليه فاستدعانى وقال يا صولى فهل عند رسم دار س

من معول فاستحييت وقلت ايد الله الوزير ما بقى شىء وانا كما ترى فأمر لى بخمسة آلاف فأخذتها وانصرفت خرج ابو بكر الصولى لاضاقة عن بغداد فتوفى بالبصرة فى هذه السنة
583 - ابنة ابى الحسن المكى انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز اخبرنا ابو القاسم على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى عبيد الله بن احمد بن بكير قال كان لأبى الحسن المكى ابنة مقيمة بمكة اشد ورعا منه وكانت لا تقتات الا ثلاثين درهما ينفذها اليها ابوها فى كل سنة مما يستفضله من ثمن الخوص الذى يسفه ويبيعه فأخبرنى ابن الرواس التمار وكان جاره قال جئته اودعه للحج وأستعرض حاجته وأسأله ان يدعو لى فسلم الى قرطاسا وقال لتسأل بمكة فى الموضع الفلانى عن فلانة وتسلم هذا اليها فعلمت انها ابنته فأخذت القرطاس وجئت فسألت عنها فوجدتها بالعبادة والزهد اشد اشتهارا من أن تخفى فطمعت نفسى ان يصل اليها من مالى شىء يكون لى ثوابه وعلمت اننى ان دفعت اليها ذلك لم نأخذه ففتحت القرطاس وجعلت الثلاثين خمسين درهما ورددته كما كان وسلمته اليها فقالت اى شىء خبر أبى فقلت على السلامة فقالت قد خالط اهل الدنيا وترك الانقطاع الى الله فقلت نعم فقالت خلطت فى هذه الدراهم شيئا من عندك فقلت نعم فمن اين علمت بهذا فقالت ما كان ابى يزيدنى على الثلاثين شيئا لأن حاله لا تحتمل اكثر منها الا أن يكون ترك العبادة فلو أخبرتنى بذلك ما أخذت منه ايضا شيئا ثم قالت لى خذ الجميع فقد عققتنى من حيث قدرت انك بررتنى ولا آخذ مال لا اعرف كيف هو شيئا فقلت خذى منها ثلاثين كما انفذ اليك ابوك وردى الباقى فقالت لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم لأخذتها ولكن قد اختلطت بمالا اعرف جهته فلا آخذ منها شيئا وانا الآن اقتات الى الموسم الآخر من المزابل لان هذه كانت قوتى طول السنة فقد اجعتنى ولولا انك ما قصدت

أذاى لدعوت عليك قال فاغتتمت وعدت الى البصرة وجئت الى ابى الحسن فاخبرته واعتذرت اليه فقال لآخذنها وقد اختلط بغير مالى وقد عققتنى واياها قال فقلت ما اعمل بالدراهم قال لا ادرى فما زلت مدة اعتذر اليه وأسأله ما اعمل بالدراهم فقال لى بعد مدة صدق بها ففعلت
سنة ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه يوم السبت لاحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم تفزع الناس بالليل وتحارسوا وخيل اليهم حيوان يظهر فى الليل فى سطوحهم فتارة يظنونه ذئبا وتارة غيره فيقوا على ذلك ايا ما كثيرة ثم سكنوا وكان ابتداء ذلك من سوق الثلاثاء ثم انتشر فى الجانبين وفى يوم الاثنين لليلتين خلتا من رمضان انتهت زيادة دجلة الى احدى وعشرين ذراعا وثلث فغرقت الضباع والدور التى عليها واشفى الجانب الشرقى على الغرق وهم الناس بالهرب منه ذكرى من توفى فى هذه السنة من الاكابر
584 - احمد بن اسماعيل بن القاسم ابن عاصم ابو جعفر حدث عن ابى بكر بن ابى مريم وعن ابى زرعة الدمشقى بتاريخه ورحل وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
585 - عبد الله بن محمد بن حمدويه ابن نعيم بن الحكم ابو محمد البيع والدابى عبد الله الحاكم اذن ثلاثا وثلاثين سنة وغزا اثنتين وعشرين غزاة وكان يديم الصلاة بالليل وانفق على العلماء والزهاد مائة الف درهم وقد رأى عبد الله بن احمد ومسلم بن الحجاج وروى عنه ابن خزيمة وغيره وتوفى فى هذه السنة وهو ابن ثلاث وتسعين سنة

586 - قدامة بن جعفر بن قدامة ابو الفرج الكاتب له كتاب حسن فى الخراج وصناعة الكتابة وقد سأل ثعلبا عن اشياء
587 - محمد بن الحسن بن يزيد ابن عبيد بن ابى خبزة ابو بكر الرقى قدم بغداد فى سنة ثلاثين وثلثمائة وحدث بها عن هلال بن العلاء وغيره روى عنه الدارقطنى اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ما علمت من حاله الاخيرا
588 - محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد ابو عبد الله الزعفرانى الواسطي سمع ابا بكر بن ابى خيثمة وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
589 - محمد بن على بن عمر ابو على المذكر كان يذكر فى بعض مواضع من نيسابور ويجتمع اليه الخلق وسمع الحديث من مشايخ فلم يقتصر عليهم حتى روى عن مشايخ ابائه الذين لم يسمع منهم ثم لم يقتصر على ذلك حتى حدث عن هؤلاء الشيوخ بما لم يتابع عليه هذا على كبر سنة فانه توفى فى شعبان هذه السنة وهو ابن مائة وسبع سنين
590 - محمد بن مطهر بن عبيد ابو النجاه الفرضى الضرير كان حادقا بالفرائض له فيها مصنفات بعيد المثل وكان فقيها على مذهب مالك وله كتاب مصنف فى الفقه على مذهبه وكان اديبا فطنا وتوفى فى رمضان هذه السنة سنة 338 ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه فى آخر ربيع الاول وقعت فتنة بين اهل السنة والشيعة

ونهبت الكرخ وفى يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة تقلد القاضى ابو السائب عتبة بن عبيد الله الهمذانى قضاء القضاة ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
591 - احمد بن محمد ابن اسماعيل بن يونس ابو جعفر النحوى المعروف بابن النحاس وكان عالما بالنحو حاذقا كتب الحديث خرج الى العراق فلقى اصحاب المبرد وله تصانيف حسان فى تفسير القرآن والنحو توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
592 - ابراهيم بن محمد ابن احمد بن أبى ثابت أبو اسحاق العطار روى عن سعدان بن نصر والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة ولم يكن عنده الا حديث واحد روى عنه ابن المظفر وابن شاهين وكان ثقة سكن دمشق ومات بها فى هذه السنة
593 - عبد الله المستكفى بالله امير المؤمنين ابن على المكتفى بويع فمكث فى الخلافة سنة واربعة اشهر ويومين وخلع وقبض عليه ابو الحسن بن بويه واعتقله فى داره فمات هناك بنفث الدم فى هذه السنة وقيل بل سمله المطيع واعتقله وتوفى وهو ابن ست واربعين سنة وشهرين
594 - على بن حمشاذ ابن سختونه بن نصر ابو الحسن المعدل محدث عصره بنيسابور سافر البلدان وسمع واكثر عن اسماعيل القاضى وطبقته وكان كثير الحديث والتصانيف شديد الاتقان وجمع المسند الكبير فى اربعمائة جزء والانوار مائتين وستين جزأ والتفسير مائتين وثلاثين جزأ وكان ابو بكر بن اسحاق يقول صحبت على بن حمشاذ فى

السفر والحضر فما اعلم ان الملائكة كتبت عليه خطيئة وكان لا يترك قيام الليل وتوفى فى يوم الجمعة رابع عشر شوال من هذه السنة فجاءة دخل الحمام يوم الجمعة فمات فيه من غير مرض
595 - على بن محمد ابن محمد بن احمد بن الحسن ابو الحسن الواعظ ولد فى محرم سنة احدى وخمسين ومائتين وهو بغدادى اقام بمصر مدة طويلة فقيل له المصرى ثم رجع الى بغداد سمع من جماعة بمصر وبغداد روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وابو الحسين بن بشران اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال كان ابو الحسن المصرى ثقة امينا عارفا جمع حديث الليث بن سعد وابن لهيعة وصنف كتبا كثيرة فى الزهد وكان له مجلس يتكلم فيه بلسان الوعظ فحدثنى الازهرى ان ابا الحسن المصرى كان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء وكان يجعل على وجهه برقعا تخوفا ان يفتتن به النساء من حسن وجهه قال الازهرى وحدثت ان ابا بكر النقاش المقرىء حضر مجلسه مستخفيا فلما سمع كلامه قام قائما وشهر نفسه وقال لابى الحسن ايها الشيخ القصص بعدك حرام توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
596 - على بن بويه ابو الحسن اول من ظهر من الديلم وقد ذكرنا مبدأ امره وامر ابيه فى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة وانه ضمن البلاد من الخليفة وتمكن وكان فيه عقل وشجاعة وكانت امارته ست عشرة سنة وكان الخليفة يخاطبه بأمير الامراء وتوفى بشيراز فى هذه السنة وعمره سبع وخمسون سنة
597 - محمد بن عبد الله بن دينار ابو عبد الله المعدل الزاهد من اهل نيسابور روى عنه ابن شاهين وكان ثقة فقيها عارفا بمذهب ابى حنيفة ورغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة وكان يديم

الصام والقيام مع صبره على الفقر وكسب الحلال من عمل يده وكان يحج فى كل عشرة سنين ويغزو فى كل ثلاث سنين وتوفى منصرفه عن الحج يوم الاثنين غرة صفر من هذه السنة ودفن بقرب ابى حنيفة
598 - محمد بن احمد بن موسى ابو المثنى الزاهد المعروف بالدردائى من اهل الكوفة قدم بغداد وحدث بها فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة عن الحسن بن على بن عفان العامرى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كتب الى ابو طاهر محمد بن محمد بن الحسين ابن الصباغ المعدل من الكوفة وحدثنيه محمد بن على الصورى عنه قال اخبرنا ابو الحسن محمد بن احمد بن حماد الحافظ قال مات ابو المثنى الدردائى الفقيه لتسع بقين من رمضان سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة وكان رجلا صالحا احد من يفتى فى الحلال والحرام والدماء ثقة صدوقا وكان يرمى بالقدر وقد جالسته الطويل العريض فما سمعت منه فى هذا شيئا
599 - محمد بن ابراهيم بن احمد ابن صالح بن دينار ابو الحسن البغوي المعدل البغشينى يعرف بابن حبيش لان احمد جده كان يلقب حبيشا ولد فى شعبان سنة اثنتين وخمسين ومائتين وانما سميناه بالبغشينى لانه من قرية من خراسان من مرو الروذ يقال لها بغشة قال وكان المنصور بنى لهم مسجدا وصلى فيه المنصور واستسقى فيه ماء وحدث عن عباس الدورى وغيره روى عنه الدارقطنى وتوفى يوم الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى يوم الاثنين لاحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى بأن سيف الدولة غزا فأوغل فى بلاد الروم وفتح حصونا كثيرة من حصونهم وسبى خلقا كثيرا فلما اراد الخروج من بلاد الروم اخذوا عليه الدرب الذى اراد أن يخرج منه فتلف كل من كان معه من المسلمين اسرا وقتلا وارتجع الروم ما أخذه من السبى وأخذوا خزانته وكراعه وسلاحه وافلت فى عدد يسير وكان معه الف رجل
وفى ذى القعدة رد الحجر الاسود الذى كان ابو طاهر سليمان بن الحسن الهجرى أخذه من الكعبة وعلق على الاصطوانة السابعة من مسجد الكوفة وقد كان بجكم بذل فى رده خمسين الف دينار فلم يرد وقيل أخذناه بأمر واذا ورد الامر برده بذل فى رده خمسين الف دينار فلم يرد وقبل أخذناه بأمر واذا ورد الامر برده رددناه فلما كان فى ذى القعدة كتب اخوة ابى طاهر كتابا يذكرون فيه انهم ردوا الحجر بأمر من أخذوه ليتم مناسك الناس وحجهم فرد الى موضعه ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
600 - احمد بن عبد الله بن على بن اسحاق ابو الحسن الناقد ولد بمصر وحدث عن الربيع بن سليمان وغيره وكان ثقة ظريفا توفى فى صفر هذه السنة
601 - الحسن بن داود بن باب شاذ ابو سعيد المصرى قدم بغداد ودرس فقه ابى حنيفة على الصيمرى ودرس وقرأ بقراآت عدة وحفظ طرفا من علم الادب والحساب والجبر والمقابلة وكان مفرط الذكاء قوى الفهم وكتب الحديث وكان ثقة عزير العقل وكان ابوه يهوديا فاسلم وذكر بالعلم توفى ابو سعيد فى ذى القعدة من هذه السنة ودفن فى مقبرة الشونيزى وما بلغ الاربعين

602 - الحسين بن احمد الناصر ابن يحيى الهادى بن الحسين بن ابراهيم بن اسماعيل بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب ابو عبد الله الكوفى قدم بغداد وحدث بها عن ابيه روى عنه ابن حيويه وكان احد وجوه بنى هاشم وعظمائهم وكبرائهم وصلحائهم ورعا خيرا فاضلا فقيها ثقة صدوقا وكان احد شهود الحاكم ثم ترك الشهادة وتوفى فى هذه السنة
603 - محمد القاهر بالله امير المؤمنين
ابن احمد المعتضد بالله ولى الخلافة سنة وستة اشهر وسبعة ايام وكان بطاشا فخافه كل احد حذر منه وزيره ابو على بن مقله فاستتر واغرى الجند به فخلعوه وسملوا عينيه ثم خرج من دار السلطان فى سنة ثلاث وثلاثين الى دار ابن طاهر توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن الى جنب ابيه المعتضد فى خلافة المطيع وكان عمره اثنتين وخمسين سنة
406 - محمد بن احمد بن عمرو بن عبد الخالق ابن خلاد ابو العباس العتكى البزار سمع خلقا كثيرا وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين وكان ثقة وتوفى يوم الاحد لعشر خلون من شعبان هذه السنة
605 - محمد بن عبد الله بن احمد ابو عبد الله الصفار الاصبهانى محدث عصره بخراسان سمع الكثير وروى عن ابن أبى الدنيا من كتبه وكان مجاب الدعوة ولم يرفع رأسه الى السماء نيفا واربعين سنة وكان يقول اسم امى آمنة واسمى محمد واسم ابى عبد الله فاسمى واسم امى وأبى يوافق اسم رسول الله واسم ابيه وامه توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة اربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بمسير صاحب عمان الى الأبلة يريد البصرة

وورود ابى يعقوب الهجرى لمعاونة صاحب عمان على فتح البصرة فانهزم صاحب عمان من البصرة واستؤسر جماعة من اصحابه وأخذ منه خمسة مراكب ودخل فى ربيع الآخر ابو محمد المهلبى الى بغداد ومعه المراكب والاسارى وفى رمضان وقعت فتنة عظيمة بالكرخ بسبب المذهب
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
اشهب بن عبد العزيز ابن داود بن ابراهيم ابو عمرو العامرى احد الفقهاء منسوب الى عامر بن صعصعة وكذلك قبيصة بن عقبة ويقال العامرى وينسب الى عامر بن لؤى منهم حسل العامرى وعباس وغيرهما ويقال العامرى منسوبا الى عامر بن عدى فى تجيب منهم ابراهيم بن سعيد بن عروة توفى اشهب فى شعبان هذه السنة
607 - عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم ابو الحسن الكرخى كرخ جدان ولد سنة ستين ومائتين وسكن بغداد ودرس بها فقه ابى حنيفة وحدث عن اسماعيل بن اسحاق القاضى روى عنه ابن حيويه وابن شاهين وانتهت اليه رياسة اصحاب ابى حنيفة وانتشر اصحابه فى البلاد وكان متعبدا كثير الصلاة والصوم صبورا على الفقر عزوفا عما فى ايدى الناس الا انه كان رأسا فى الاعتزال
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى الصيمرى قال حدثنى ابو القاسم على بن محمد بن علان الواسطى قال لما اصاب ابا الحسن الكرخى الفالج فى آخر عمره حضرته وحضر اصحابه ابو بكر الدامغانى وابو على الشاشى

وابو عبد الله البصرى فقالوا هذا مرض يحتاج الى نفقة وعلاج وهو مقل لا نحب ان نبدله للناس فيجب ان نكتب الى سيف الدولة ونطلب منه ما ننفق عليه ففعلوا ذلك فأحس ابو الحسن بماهم فيه فسأله عن ذلك فأخبر به فبكى وقال اللهم لا تجعل رزقى الا من حيث عودتنى فمات قبل ان يحمل سيف الدولة له شيئا ثم ورد كتاب سيف الدولة ومعه عشرة آلاف درهم ووعد أن يمد بامثاله فتصدق به توفى الكرخى فى شعبان هذه السنة وصلى عليه ابو تمام الحسن بن محمد الزينبى من اصحابه ودفن بازاء مسجده فى درب ابى زيد على نهر الواسطى
608 - محمد بن احمد بن محمد بن عبد الرحمن ابو الفتح المصرى ولد سنة اربع وسبعين ومائتين وسمع الكثير وكتب واحترقت كتبه دفعات وروى شيئا كثيرا
اخبرنا ابو منصور اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا على الحسن بن احمد الباقلاوي وغيره من اصحابنا يذكرون ان المصرى كان يشترى من الوراقين الكتب التى لم يكن سمعها ويسمع فيها لنفسه توفى المصرى ببغداد يوم الجمعة تاسع محرم هذه السنة
609 - محمد بن صالح بن هانىء بن زيد ابو جعفر الوراق سمع الحديث الكثير وكان له فهم وحفظ وكان من الثقات الزهاد لا يأكل الا من كسب يده قال ابو عبد الله بن يعقوب الحافظ صحبت محمد ابن صالح سنين ما رأيته اتى شيئا لا يرضاه الله ولا سمعت منه شيئا يسأل عنه وكان يقوم الليل وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة احدى واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بحرب جرت بين ابى عبد الله احمد بن عمر بن يحيى العلوى وبين المصريين بمكة وكانت على المصريين وقتل امير مكة وتم الحج

فى هذه السنة على طمأنينة واقام اهل مصر الخطبة للمصرى وقت الظهر يوم عرفة واقام العلوى الخطبة بعد الظهر لركن الدولة ومعز الدولة ورفع الى ابى محمد الحسين بن محمد المهلبى ان رجلا يعرف بالبصرى مات بمدينة السلام وكان اماما للعزا قرية وهو صاحب ابى جعفر محمد بن على المعروف بابن ابى العزاقر وكان يدعى حلول روح ابى جعفر بن ابى العزاقر فيه وانه قد خلف مالا جزيلا وان له اصحابا وثقات يعتقدون فيه الربوبية وان ارواح الانبياء والصديقين حلت فيهم فتقدم بالختم على منزله والقبض على هذه الطائفة وكان فى الطائفة شاب يعرف بابن هرثمة يدعى له ان روح على بن أبى طالب حلت فيه وامرأة يقال لها فاطمة يدعى ان روح فاطمة الصغرى حلت فيها وخادم يدعى ميكائيل وحصل من قبلهم عشرة آلاف درهم وعين تقارب قيمة ذلك وكان المهلبى يسمى هذا المال مال الزنادقة وخلى القوم لئلا ينسب المهلبى الى الانحراف عن الشيعة ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
610 - احمد بن محمد بن زياد ابن بشر بن درهم ابو سعيد ابن الاعرابى البصرى سكن مكة وصار شيخ الحرم صاحب الجنيد والنورى وحسنا المسوحى وغيرهم واسند الحديث وصنف كتبا للصوفية وتوفى بمكة يوم الاحد بين الظهر والعصر لسبع وعشرين خلت من ذى القعدة من هذه السنة
611 - اسماعيل بن محمد بن اسماعيل ابن صالح ابو على الصفار صاحب المبرد سمع الحسن بن عرفة العبدى وعباسا الدورى ومحمد بن عبيد الله المنادى وغيرهم روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن رزقويه وهلال الحفار وابو الحسين بن بشران وكان ثقة قال الدارقطنى صام اسماعيل الصفار اربعة وثمانين رمضانا وكان متعصبا للسنة توفى فى محرم هذه السنة

السنة ودفن بالقرب من قبر معروف بينهما عرض الطريق دون قبر الآدمى وابى عمر الزاهد
612 - اسحاق بن عبد الكريم بن اسحاق ابو يعقوب الصواف سمع من ابى عبد الرحمن النسائى وغيره وكان فقيها مقبولا عند القضاة توفى فى شعبان هذه السنة
613 - شعبة بن الفضل بن سعيد بن سلمة ابو الحسن الثعلبى اسمه سعيد وانما غلب عليه شعبة حدث بمصر عن بشر بن موسى ومحمد بن عثمان بن ابى شيبة روى عنه جماعة وكان ثقة توفى بمصر فى جمادى الآخرة من هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة اثنتين واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى ربيع الآخر بغزاة لسيف الدولة وانه غنم وقتل وسبى واستأسر قسطنطين بن الدمستق وجرت حروب بمكة لأجل الخطبة فانهزم المصريون ذكرى من توفى فى هذه السنة من الاكابر
614 - الحسن بن محمد بن موسى ابن اسحاق بن موسى ابو على الانصارى سمع ابا بكر بن ابى الدنيا والمبرد وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
615 - على بن محمد بن ابى الفهم ابو القاسم التنوخى جد ابى القاسم التنوخى الذى يروى عنه ابو بكر الخطيب ولد بانطاكية فى ذى الحجة من سنة ثمان وسبعين ومائتين وقدم بغداد فى حداثته

فتفقه بها على مذهب ابى حنيفة وسمع من البغوى وغيره وكان يعرف الكلام على مذهب المعتزلة وكان يعرف النحو ويقول الشعر ولى القضاء بالأهواز وتقلد قضاء ايذج من قبل المطيع
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا التنوحى قال اخبرنا ابى قال حدثنا ابى قال سمعت ابى ينشد يوما ولى اذ ذاك خمسة عشر سنة بعض قصيدة دعبل بن على الطويل التى يفخر فيها باليمن ويعدد مناقبهم ويرد على الكميت فيها فخره بنزار وأولها ... أفيقى من ملامك يا ظعينا ... كفاك اللوم مر الاربعينا ...
وهى نحو ستمائة بيت فاشتهيت حفظها لما فيها من مفاخر اهل اليمن فقلت يا سيدى ادفعها الى حتى احفظها فدافعنى فألححت عليه فقال كأنى بك تأخذها فتحفظ منها خمسين بيتا او مائة بيت ثم ترمى بالكتاب وتخلقه على فقلت ادفعها الى فاخرجها وسلمها الى وقد كان كلامه اثر فى فدخلت حجرة لى كانت برسمى فى داره فخلوت فيها ولم اتشاغل يومى وليلتى بشىء عن حفظها فلما كان فى السحر كنت قد فرغت من جميعها واتقنتها فخرجت اليه غدوة على رسمى فجلست بين يديه فقال هى كم حفظت من قصيدة دعبل فقلت حفظتها بأسرها فغضب وقدر أنى كذبته وقال هاتها فأخرجت الدفتر من كمى وفتحه فنظر فيه وانا انشد الى ان مضيت من اكثر من مائة بيت فصفح منها عدة اوراق وقال أنشد من ها هنا فانشدت مقدار مائة بيت آخر فصفح الى ان قارب آخرها بمائة بيت وقال انشد من هاهنا فأنشدته من مائة بيت الى آخرها فهاله ما رآى من حسن حفظى فضمنى اليه وقبل رأسى وعينى وقال يا بنى لا تخبر بهذا احدا فانى اخاف عليك من العين وقال ايضا حفظنى ابى وحفظت بعده من شعر ابى تمام والبحترى سوى ما كنت احفظه لغيرهما من المحدثين والقدماء مائتى قصيدة قال وكان يقول ابى وشيوخنا بالشام من حفظ للطائيين اربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار فى مسلاخ انسان فقلت الشعر وسنى دون العشرين توفى فى ربيع الاول من هذه السنة

616 - القاسم بن القاسم ابن مهدى ابو العباس السيارى ابن بنت احمد بن سيار كان من اهل مرو وكان فقيها عالما كتب الحديث الكثير ورواه توفى فى هذه السنة
617 - محمد بن ابراهيم ابن أبى الحزور أبو بكر حدث عن بشر بن موسى وغيره وتوفى يوم السبت لليلة خلت من ربيع الاول
618 - محمد بن ابراهيم ابن اسحاق بن مهران ابو عبد الله مولى ثقيف هو ابن اخى أبى العباس محمد بن اسحاق السراج النيسابورى ولد ببغداد وسمع بها من الحارث بن أبى اسامة والكديمى وانتقل بآخرة الى الشام فسكن بيت المقدس وحدث بها وكان صدوقا
619 - محمد بن ابراهيم ابن الحسين بن الحسن بن عبد الخالق ابو الفرج البغدادى الفقيه الشافعى يعرف بابن سكرة سكن مصر وحدث بها عن ابى عمر الضرير روى عنه ابو الفتح بن مسرور وذكر انه سمع منه فى سنة خمس وخمسين وثلثمائة وكان فيه لين
620 - محمد بن ابراهيم ابن يحيى بن احمد الخلال حدث عن ابى خليفة الفضل بن الحباب روى عنه ابو الفتح بن مسرور وقال حدثنا بمدينة المنصور وكان ثقة

621 - محمد بن داود ابن سليمان بن جعفر بن بكر الزاهد النيسابورى روى عن الحسن بن سفيان وجعفر الفريابى وأبى عبد الرحمن النسائى وأبى يعلى الموصلى وغيرهم وكان ثقة وسمع منه ابن صاعد والدارقطنى وكان يقال انه من الاولياء وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
622 - محمد بن موسى ابن يعقوب بن المأمون عبد الله بن الرشيد يكنى ابا بكر ولى مكة فى سنة ثمان وستين ومائتين وقدم مصر فحدث بها عن على بن عبد العزيز بالموطأ عن القعنبى عن مالك وحدث عن جماعة وكان ثقة مأمونا وتوفى بمصر فى ذى الحجة من هذه السنة وله اربعة وسبعون سنة تزيد شهرا
سنة ثم دخلت سنة ثلاث واربعين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بوقعة كانت بين الدمستق وسيف الدولة عظيمة وقتل خلق من اصحاب الدمستق ورؤساء بطارقته
وفيها عم الناس امراض وحميات ونزلات واوجاع الحلق وفى ذى الحجة عرض لمعز الدولة مرض وهو الايقاظ الدائم فأرجف به فاضطربت بغداد اضطرابا شديدا واضطر الى الركوب مع علته حتى رآه الناس فسكتوا ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
623 - الحسن بن على ابو على الكاتب المصرى صحب ابا على الروذبارى وغيره وكان ابو عثمان المغربى يعظم امره ويقول

ابو على الكاتب من السالكين اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا ابو بكر بن خلف حدثنا عبد الرحمن السلمى قال قال ابو على روائح نسيم المحبة تفوح من المحبين وان كتموها وتظهر عليهم دلائلها وان اخفوها وتدل عليهم وان ستروها وأنشد ... اذا ما اسرت انفس الناس ذكره ... تبينته فيم ولم يتكلموا ... تطيب به انفاسهم فيذيعها ... وهل سر مسك اودع الريح يكتم ...
624 - على بن محمد بن محمد ابن عقبة بن همام ابو الحسن الشيبانى الكوفى قدم بغداد فحدث بها عن جماعة وروى عنه الدارقطنى وكان ثقة امينا مقبول الشهادة عند الحكام اقام يشهد ثلاثا وسبعين سنة وكان صاحب قراءة وفقه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن الحسين صاحب العباسى حدثنا ابو اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى قال سمعت ابا الحسن على بن محمد بن محمد بن عقبة الشيبانى يقول وقد دخل عليه قاضى القضاة ابو الحسن محمد بن صالح الهاشمى فقال له كنت السفير لوالدك حتى زوجته بوالدتك وحضرت الا ملاك والعرس والولاة وتسليم المكتب وتقلدت القضاء بالكوفة وشهدت عند خليفتك واذنت فى مسجدى نيفا وسبعين سنة واذن جدى نيفا وسبعين سنة وهو مسجد حمزة بن حبيب الزيات توفى الشيبانى فى رمضان هذه السنة
625 - محمد بن على بن حماد ابو العباس الكرخى الأديب كان عالما زاهدا ورعا سمع من عبدان واقرانه وكان يختم القرآن كل يوم ويديم الصوم وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
626 - ابو الخير التيناتى ولا يعرف اسمه اصله من المغرب وسكن قرية من قرى انطاكية يقال لها تينات

ويقال له الاقطع لانه كان مقطوع اليد وذلك لانه عاهد الله تعالى على امر فنكث فأخذ لصوص من الصحراء وأخذ معهم فقطعت يده وقد صحب ابا عبد الله بن الجلاء وغيره من المشايخ
اخبرنا ابو بكر بن حبيب اخبرنا على بن ابى صادق اخبرنا ابن باكويه قال سمعت عبد الواحد بن بكر يقول سمعت محمد بن الفضل يقول خرجت من انطاكية ودخلت تينات ودخلت على ابى الخير الأقطع على غفلة منه بغير اذن فاذا هو يسف زنبيلا فتعجبت فنظر الى وقال يا عدو نفسه ما الذى حملك على هذا فقلت هيجان الوجد لما بى من الشوق اليك فضحك ثم قال لى اقعد لانعد الى شىء من هذا بعد اليوم واستر على فى حياتى
سنة ثم دخلت سنة اربع واربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها انه حدث فى ابتداء المحرم باصبهان علة مركبة من الدم والصفراء فشملت الناس فربما هلك جميع من فى الدار وكان اصلح حالا من تلقاها بالقصد وكانت بقية العلة قد طرأت على الأهواز وبغداد وواسط واقترن بها هناك وباء حتى كان يموت كل يوم الف نفس
وظهر جراد كثير فى حزيران فأتى على الغلات الصيفية والاثمار واضر بالشجر والثمار
وفى هذه السنة عقد معز الدولة لابنه ابى منصور بختيار الرياسة وقلده امرةالامراء فى محرم هذه السنة لأجل مرضه وحج الناس فى هذه السنة من غير بذرتة ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
627 - الحسن بن زيد بن الحسن ابن محمد بن حمزة ابو محمد الجعفرى من اهل وادى القرى ولد سنة احدى وخمسين

ومائتين وقدم بغداد وحدث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه وخرج معه الحاج الى الرى فتوفى فى الطريق فى ربيع الآخر من هذه السنة
628 - عبد الله بن ابراهيم بن محمد ابن عمر بن هرثمة ابو محمد هروى الاصل كان ينزل سوق العطش بالجانب الشرقى وحدث عن الحارث بن أبى اسامة والكديمة والباغندى روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى صفر هذه السنة
629 - عثمان بن احمد بن عبد الله بن يزيد ابو عمرو الدقاق المعروف بابن السماك سمع محمد بن عبيد الله المنادى وحنبل بن اسحاق وخلقا كثيرا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن شاذان وكان ثقة صدوقا ثبتا صالحا كتب المصنفات الكبار بخطه وكان كل ما عنده بخطه توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن فى مقبرة باب الدير وحزر الجمع بخمسين الف انسان
630 - محمد بن احمد بن محمد بن احمد ابو جعفر القاضى السمنانى ولد فى سنة احدى وستين ومائتين وسكن بغداد وحدث بها عن على بن عمر السكرى وروى عن الدارقطنى وابى القاسم بن حبابة وغيرهم وكان ثقة عالما فاضلا سخيا حسن الكلام عراقى المذهب وكان له فى داره مجلس نظر يحضره الفقهاء ويتكلمون وتوفى فى يوم الاثنين سادس ربيع الاول من هذه السنة بالموصل وهو قاضيها
631 - محمد بن احمد بن بطة ابن اسحاق الاصبهانى ابو عبد الله وطنه اصبهان ونزل نيسابور ثم عاد الى وطنه

سمع الكثير وحدث وكان بطة محدثا ايضا وبطة اسم وكنيته ابو سعيد وتوفى ابو عبد الله باصبهان فى هذه السنة وربما اشتبه بابن بطة العكبرى فيقال ابو عبد الله ابن بطة وابو عبد الله بن بطة والفرق اذا لم يذكر الاسم ضم الباء فى حق الاصبهانى وفتحها فى حق العكبرى
632 - محمد بن محمد بن يوسف بن الحجاج ابو النضر الطوسى كان فقيها اديبا عابدا يصوم النهار ويقوم الليل ويتصدق بالفاضل من قوته ويامر بالمعروف وينهى عن المنكر ورحل فى طلب الحديث الى البلدان فسمع الحديث الكثير وكان قد جزأ الليل الى ثلاثة اجزاء فجعل جزءا للتصنيف وجزءا لقراءة القرآن وجزءا للنوم
انبأنا زاهر بن طاهر اخبرنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله محمد بن عبد الله قال سمعت ابا الفضل بن يعقوب العدل يقول سمعت الثقة من اصحابنا يقول رايت ابا النضر فى المنام بعد وفاته بسبع ليال فقلت له وصلت الى ما طلبته قال اى والله نحن عند رسول الله صلى الله عليه و سلم وبشر ابن الحارث يحجبنا بين يديه ويرافقنا فقلت له كيف وجدت مصنفاتك فى الحديث قال قد عرضتها كلها على رسول الله صلى الله عليه و سلم فرضيها توفى ابو النضر فى شعبان هذه السنة
633 - محمد بن احمد ابو بكر الحداد حدث عن ابى يزيد القراطيسى وابى عبد الرحمن النسائى وغيرهما وكان فصيحا حافظا للفقه على مذهب الشافعى عارفا بالنحو والفرائض متعبدا وولى قضاء مصر نيابة توفى يوم قدومه من الحج فى محرم هذه السنة
634 - يحيى بن محمد بن يحيى ابو القاسم القصبانى ولد سنة اربع وستين ومائتين وحدث عن جماعة فروى عنه ابن شاهين وكان ثقة توفى فى صفر هذه السنة

سنة ثم دخلت سنة خمس واربعين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه وزر ابو محمد الحسن بن محمد المهلبى لمعز الدولة فى جمادى الآخرة وورد الخبر فى هذا الشهر ان الروم اوقعوا باهل طرسوس فى البحر وقتلوا منهم الفا وثمانمائة رجل واحرقوا القرى التى حولها وسبوا اهلها
ذكرى من توفى فى هذه السنة من الاكابر
635 - اسماعيل بن يعقوب بن ابراهيم ابو القاسم المعروف بابن الجراب ولد بسر من رأى فى رجب سنة اثنتين وستين ومائتين وسمع ابراهيم الحربى واسماعيل القاضى وغيرهما وانتقل الى مصر فسكنها وحدث بها وحصل حديثه عند اهلها وتوفى فى رمضان هذه السنة وكان ثقة
636 - محمد بن عبد الواحد بن ابى هاشم ابو عمر اللغوى الزاهد المعروف بغلام ثعلب سمع احمد بن عبيد الله النرسى وموسى بن سهل اوشاء او الكديمى وغيرهم وكان غزير العلم كثير الزهد روى عنه ابن رزقويه وابن بشران وآخر من حدث عنه ابو على بن شاذان انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن أبى على عن ابيه قال ومن الرواة الذين لم ير قط احفظ منهم ابو عمر غلام ثعلب أملى من حفظه ثلاثين الف ورقة لغة فيما بلغنى وجميع كتبه التى فى ايدى الناس انما أملاها بغير تصنيف ولسعة حفظه اتهم

بالكذب وكان يسأل عن الشىء الذى يقدر السائل انه قد وضعه فيجيب عنه ثم يسأله غيره بعد سنة على مواطأة فيجيب بذلك الجواب بعينه
اخبرنا بعض اهل بغداد قال كنا نجتاز على قنطرة الصراة نمضى اليه مع جماعة فتذاكروا كذبه فقال بعضهم انا اصحف له القنطرة واسأله عنها فلما صرنا بين يديه قال له ايها الشيخ ما القنطرة عند العرب فقال كذا وذكر شيئا قد انسيته انا قال فتضاحكنا واتممنا المجلس وانصرفنا فلما كان بعد اشهر ذكرنا الحديث فوضعنا رجلا غير ذلك فسأله فقال ما القنطرة فقال اليس قد سئلت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا شهر افقلت هى كذا قال فما درينا فى اي الامرين نعجب فى ذكائه ان كان علما فهو اتساع ظريف وان كان كذبا فى الحال ثم قد حفظه فلما سئل عنه ذكر الوقت والمسألة فأجاب بذلك الجواب فهو اظرف قال ابى وكان معز الدولة قد قلد شرطة بغداد مملوكا تركيا يعرف بخواجا فبلغ ابا عمر الخبر وكان يملى الياقوتة فلما جاؤه قال اكتبوا ياقوتة خواجا الحواج فى اللغة الجوع ثم فرع على هذا بابا فاملاه فاستعظم الناس ذلك وتتبعوه فقال ابو على الحاتمى اخرجنا فى امالى الحامض عن ثعلب عن ابن الاعرابى الخواج الجوع
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حكى رئيس الرؤساء ابو القاسم على بن المحسن عمن حدثه ان ابا عمر الزاهد كان يؤدب ولد القاضى ابى عمر فأملى يوما على الغلام نحوا من ثلاثين مسألة فى اللغة وذكر غريبها وختمها ببيتين من الشعر وحضر ابو بكر بن دريد وابن الانبارى وابن مقسم عند ابى عمر القاضى فعرض عليهم تلك المسائل فما عرفوا منها شيئا وانكروا الشعر فقال لهم القاضى ما تقولون فيها فقال له ابن الانبارى انا مشغول بتصنيف مشكل القرآن ولست اقول شيئا وقال ابن مقسم مثل ذلك لاشتغاله بالقراآت

وقال ابن دريد هذه المسائل من موضوعات ابى عمر ولا اصل لشىء منها فى اللغة وانصرفوا وبلغ ابا عمر ذلك فاجتمع مع القاضى وسأله احصار دواوين جماعة من قدماء الشعراء عينهم له ففتح القاضى خزانته وأخرج له تلك الدواوين فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة ويخرج لها شاهدا من بعض تلك الدواوين ويعرضه على القاضى حتى استوفى جميعها ثم قال وهذان البيتان انشدهما ثعلب بحضرة القاضى وكتبهما القاضى بخطه على ظهر كتاب القاضى فأحضر الكتاب فوجد البيتين على ظهره بخطه كما ذكر ابو عمر وانتهت القصة الى ابن دريد فلم يذكر ابا عمر بلفظه حتى مات
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا عبد الصمد بن محمد الخطيب اخبرنا الحسن بن الحسين الهمذانى قال سمعت ابا الحسن بن المرزبان يقول كان ابن ماسى ينفذ الى ابي عمر كفايته ينفقها على نفسه فقطع عنه ذلك مدة لعذر ثم انقذ اليه ما انقطع جملة وكتب اليه رقعة يعتذر من تأخير ذلك عنه فرده وأمر من بين يديه ان يكتب على ظهر رقعته اكرمتنا فملكتنا ثم اعرضت عنا فارحتنا قال احمد بن على لا شك ان ابن ماسى هو ابراهيم بن ايوب توفى ابو عمر يوم الاحد ودفن يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من ذى القعدة من هذه السنة ودفن فى الصفة المقابلة لقبر معروف ودفن فيها بعده ابو بكر الآدمى وعبد الصمد بن على الطشتى وقبور الثلاثة ظاهرة
637 - محمد بن احمد بن يوسف ابن يعقوب بن بريد ابو بكر الطائى الكوفى الخزاز سمع جماعة وقدم بغداد فحدث بها فروى عنه ابن رزقويه وغيره وكان ثقة وتوفى بدمشق فى رمضان هذه السنة
638 - محمد بن جعفر بن محمد ابن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن على بن ابى طالب ابو الحسن

المعروف بأبى قيراط كان نقيب الطالبيين ببغداد وحدث عن ابيه وعن سليمان ابن على الكاتب روى عنه محمد بن اسماعيل الوراق وتوفى ببغداد فى ذى الحجة من هذه السنة
639 - محمد بن على بن احمد ابن رستم ابو بكر الماذرائى الكاتب ولد بالعراق سنة سبع وخمسين ومائتين وقدم مصر هو واخوه احمد وكانا بمصر مع ابيهما وكان ابوهما يلى خراج مصر لأبى الحسن خمارويه بن احمد وكان محمد قد كتب الحديث ببغداد عن احمد بن عبد الجبار العطاردى وطبقته واحترقت كتبه وبقى من مسموعه شىء عند بعض الكتاب فسمع منه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن قال حدثنى ابى قال حدثنى ابو محمد الصلحى قال حدثنى ابو بكر محمد بن على الماذرائى بمصر وكان شيخا جليلا عظيم المال والجاه والمجد قديم الولاية لكبار الاعمال قد وزر لخمارويه ابن احمد بن طولون وعاش نيفا وتسعين سنة قال كتبت لخمارويه بن احمد وانا حدث فركبتنى الاشغال وقطعنى ترادف الاعمال عن تصفح احوال المتعطلين وتفقدهم وكان ببابى شيخ من مشيخة الكتاب قد طالت عطلته فأغفلت امره فرأيت ابى فى منامى وكأنه يقول لى يا بنى اما تستحى من الله ان تتشاغل بلذاتك وعمالك والناس يتلفون ببابك صبرا او هزلا هذا فلان من شيوخ الكتاب قد افضى امره الى ان تقطع سراويله فما يمكنه ان يشترى بدلة وهو كالميت جوعا وانت لا تنظر فى امره احب ان لا يغفل امره اكثر من هذا قال فانتهبت مذعورا واعتقدت الاحسان الى الشيخ ونمت واصبحت وقد انسيت امر الشيخ فركبت الى خمارويه وانا والله اسير اذا ترايا لى الرجل على دويبة ضعيفة ثم اومأ الى الرجل فانكشف فخذه فاذا هو لابس خفا بلا سراويل فحين وقعت عينى على ذلك ذكرت المنام وقامت قيامتى فوقفت فى موضعى واسند عينه وقلت يا هذا ما حل لك ان تركت اذكارى بأمرك

أما كان فى الدنيا من يوصل لك رقعة اويخاطبنى فيك الآن قد قلدتك الناحية الفلانية واجريت عليك رزقا فى كل شهر وهو مائتا دينار واطلقت لك من خزانتى الف دينار صلة ومعونة على الخروج اليها وامرت لك من الثياب بكذا وكذا فاقبض ذلك واخرج وان حسن اثرك فى تصرفك زدتك وفعلت بك وصنعت قال وضممت اليه غلاما يتنجز له ذلك كله ثم سرت فما انقضى اليوم حتى حسن حاله وخرج الى عمله توفى محمد بن على الماذرائى فى شوال هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة ست واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ركب الخليفة ومعه معز الدولة فسارا فى الصحراء ثم رجعا الى داريهما وفى آخر المحرم كانت فتنة للعامة بالكرخ
وفى التشرينين اصاب الناس اورام الحلق والماشرى وكثر موت الفجاءة وكان من افتصد فى هذين الشهرين انصبت الى ذراعه مادة حادة عظيمة ثم ما سلم مقتصد اما ان مات او يشفى على التلف
ونقص البحر فى هذه السنة ثمانين ذراعا وظهرت فيه جبال وجزائر لا تعرف ولا سمع بها وفى ذى الحجة ورد الخبر بانه كان بالرى ونواحيها زلزلة عظيمة مات فيها خلق كثير من الناس
اخبرنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى القاسم على بن المحسن عن ابيه قال اخبرنى ابو الفرج الاصبهانى ان لصا نقب ببغداد فى زمن الطاعون الذى كان فى سنة ست واربعين وثلثمائة فمات مكانه وهو على النقب وان اسماعيل القاضى لبس سواده ليخرج الى الجامع فيحكم ولبس احد خفيه وجاء ليلبس الآخر فمات ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
640 - احمد بن عبد الله بن الحسن ابو هريرة العدوى كتب ببغداد عن ابى مسلم الكجى وغيره وبمصر عن أبى يزيد

أبى يزيد القراطيسى وكان يورق ويستملى على الشيوخ وكان ثقة توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
641 - ابراهيم بن محمد ابن احمد بن هشام ابو اسحاق البخارى الفقيه سمع جماعة وورد بغداد حاجا فروى عنه من اهلها ابو عمر بن حيويه وعبيد الله بن عثمان الدقاق وتوفى فى هذه السنة
642 - الحسن بن خلف ابن شاذان ابو على الواسطى حدث عن اسحاق الازرق ويزيد بن هارون وغيرهما اخرج عنه البخارى فى صحيحه وتوفى فى هذه السنة ببغداد
643 - الحسين بن ايوب ابن عبد العزيز بن عبد الله ابو عبد الله الهاشمي حدث عن جماعة وروى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة وكان ينزل فى الجانب الشرقى فتوفى فى هذه السنة ودفن في داره
644 - عبيد الله بن احمد ابن عبد الله ابو القاسم المعروف بابن البلخى سمع ابا مسلم الكجى روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة صالحا وتوفى فى رمضان هذه السنة
645 - عبد الصمد بن على ابن محمد بن مكرم ابو الحسين الوكيل المعروف بالطشتى ولد سنة ست وستين ومائتين سمع ابراهيم الحربى وابن أبى الدنيا وغيرهما روى عنه ابو الحسين بن بشران وأبو على بن شاذان وكان ثقة وتوفى فى شعبان هذه السنة ودفن الى جانب أبى عمر الزاهد مقابل معروف الكرخى

646 - محمد بن محمد ابن عبد الله بن خالد ابو جعفر التاجر البغدادى صحيح السماع ثابت الاصول رحل الى مصر والشام فسكن الرى فقيل له الرازى وكان صاحب جمال فلقب بالجمال وقدم خراسان فنزل بنيسابور ثم مضى الى سمرقند وسمع منه الاشياخ الكبار وروى عن عبد الله بن احمد عن ابيه وعن أبى بكر القطربلى عن سرى السقطى وتوفى بسمرقند فى ذى الحجة من هذه السنة
647 - محمد بن يعقوب بن يوسف ابن معقل بن سنان بن عبد الله الاموى مولاهم ابو العباس الاصم ولد سنة سبع واربعين ومائتين ورأى محمد بن يحيى الذهلى ولم يسمع منه ثم سمع من خلق كثر ورحل به ابوه الى اصبهان ومكة ومصر والشام ودمياط والجزيرة وبغداد وغيرها من البلدان فسمع من مشايخها وانصرف الى خراسان وهو ابن ثلاثين سنة وهو محدث كبير وانما ظهر به الصمم بعد انصرافه من المرحلة ثم استحكم حتى كان لا يسمع نهيق الحمار ولم يختلف فى صدته وصحة سماعاته وضبط ابيه لها وكان حسن التدين اذن سبعين سنة فى مسجده وكان يورق ويأكل من كسب يده وربما عابه قوم بأخذ شىء على التحديث وانما كان يفعل هذا ابنه ووراقه فأما هو فانه كان يكره ذلك وحدث ستا وسبعين سنة سمع منه الآباء والابناء وابناء الابناء وكانت الرحلة اليه من البلاد متصلة
انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال خرج علينا ابو العباس الاصم ونحن فى مسجده وقد امتلأت السكة من الناس فلما نظر الى كثرة الناس والغرباء وقد قاموا يطرقون له ويحملون على عوالقهم الى مسجده فلما بلغ المسجد جلس على جدار المسجد وبكى طويلا ثم قال كأنى بهذه السكة ولا يدخلها احد منكم فانى لا اسمع وقد ضعف

البصر وحان الرحيل وانقضى الاجل فما كان الا نحو شهر حتى كف بصره وانقطعت الرحلة وانصرف الغرباء وآل امره الى ان كان يناول قلما فيعلم بذلك انهم يطلبون الرواية فيقرأ احاديث كان يحفظها اربعة عشر حديثا وسبع حكايات توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة سبع واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه كانت زلزلة بغداد فى نيسان وكانت زلازل عظيمة فى حلوان وبلدان الجبل وقم وقاشان فقتلت خلقا كثيرا واخربت
وظهر فى آخر نيسان وايار جراد اتلف الغلات الصيفية والثمار ببغداد واتلف من الغلات الشتوية بديار مضر شيئا عظيما واجتاحت الرطاب والمباطخ وورد الخبر بأن الروم خرجوا الى آمد وميافارقين وفتحوا حصونا كثيرا وقتلوا من المسلمين الفا وخمسمائة رجل
وفى آخر هذه السنة فتح الروم سمياط واخربوها ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
648 - احمد بن ابراهيم بن محمد بن جامع ابو العباس حدث عن ابى الزنباع وغيره وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة
649 - الزبير بن عبد الواحد ابن محمد بن زكريا بن صالح بن ابراهيم ابو عبد الله الاسد اباذى احد من رحل فى طلب الحديث وطاف البلاد شرقا وغربا فسمع خلقا كثيرا منهم الحسن بن سفيان ومحمد بن اسحاق بن خزينة وابو يعلى الموصلى وكان حافظا متقنا مكثرا صدوقا سمع منه ببغداد محمد بن مخلد وكان الزبير اذ ذاك حدثا وصنف الشيوخ والابواب توفى فى ذى الحجة من هذه السنة

650 - عبد الله بن بشران ابن محمد بن بشران بن مهران ابو الطيب القرشى الاموى وهو جد ابى الحسين وابى القاسم ابنى بشران سمع بشر بن موسى ويوسف القاضى وكان ثقة وتولى القضاء بنواحى حلب وتوفى فى هذه السنة
651 - عبد الله بن جعفر بن درستويه ابن المرزبان ابو محمد الفارسى النحوى ولد فى سنة ثمان وخمسين ومائتين حدث عن عباس الدورى والمبرد وابن قتيبة وسكن بغداد الى آخر وفاته وحمل عنه من علوم الادب كتب صنفها روى عنه ابن المظفر والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وابو على بن شاذان اثنى عليه ابو عبد الله بن منده ووثقه وتوفى فى صفر هذه السنة
652 - عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن الحسن بن شهاب ابو طالب العكبرى ولد سنة اربع وستين ومائتين سمع ابا شعيب الحرانى ومحمد بن صالح ابن ذريح وثقه سيف القاضى وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
عبد الوهاب بن محمد بن موسى ابو احمد الغندجانى ولد سنة ست وستين ومائتين وسمع بالأهواز من احمد بن عبدان وببغداد من المخلص وغيره واستوطنها وتوفى بالمبارك فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن بالنعمانية

654 - على بن عبد الرحمن بن عيسى ابن زيد بن ماتى ابو الحسن الكاتب مولى زيد بن على بن الحسين من اهل الكوفة قدم بغداد وحدث عن جماعة روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة وحمل الى الكوفة
محمد بن احمد بن سهل ابو الفضل الصيرفى نيسابورى الاصل حدث عن ابى مسلم الكجى وروى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة توفى فى المحرم من هذه السنة
محمد بن الحسن بن عبد الله ابن على بن عبد الملك بن أبى الشوارب ابو الحسن القرشى ثم الاموى ولد سنة اثنتين وتسعين ومائتين وولى القضاء وبمدينة السلام وحدث عن أبى العباس بن مسروق
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال استخلف المستكفى بالله فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة واستقضى على مدينة المنصور والشرقية ابا الحسن محمد بن الحسن بن ابى الشوارب وذكر طلحة انه كان رجلا واسع الاخلاق كريما جوادا طلابة للحديث قال ثم قبض عليه فى صفر سنة اربع وثلاثين فلما كان فى رجب من هذه السنة قبض عليه المستكفى بالله واستخلف المطيع فقلد ابا الحسن الشرقية والحرمين واليمن ومصر وسر من رأى وقطعة من اعمال السواد وبعض اعمال الشام وشقى الفرات وواسط ثم صرف عن جميع ذلك فى رجب سنة خمس وثلاثين
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب انبأنا ابراهيم بن مخلد اخبرنا اسماعيل بن على ابن على قال وعزل محمد بن الحسن بن ابى الشوارب عن جميع ما كان يتقلده من امر القضاء وامر المستكفى بالقبض عليه ففعل ذلك يوم الثلاثاء لخمس خلون من صفر سنة اربع وثلاثين وكان قبيح الذكر فيما يتولاه من الاعمال منسوبا

الى الاسترشاء فى الاحكام والعمل فيها بما لا يجوز قد شاع ذلك عنه وكثر الحديث به وتوفى فى رمضان هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة ثمان واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى جمادى الاولى اتصلت الفتن بين الشيعة والسنة قتل بينهم خلق ووقع حريق كثير فى باب الطاق
وفيها غرق من الحاج الوارد من الموصل بضعة عشر زورقا كان فيها من الرجال والنساء والصبيان ستمائة نفس ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
657 - احمد بن سلمان ابن الحسن بن اسرائيل بن يونس ابو بكر النجاد ولد سنة ثلاث وخمسين ومائتين وسمع ابا داود والباغندى وابا بكر بن ابى الدنيا وعبد الله بن احمد وخلقا كثيرا وكان يمشى فى طلب الحديث حافيا وجمع المسند وصنف فى السنن كتابا كبيرا وكانت له فى جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان قبل الصلاة وبعدها احداهما للفتوى فى الفقه على مذهب احمد والاخرى لاملاء الحديث روى عنه ابو بكر ابن مالك والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الحسين بن على بن محمد الفقيه قال سمعت ابا اسحاق الطبرى يقول كان احمد بن سلمان يصوم الدهر ويفطر كل ليلة على رغيف ويترك منه لقمة فاذا كان فى الجمعة تصدق بذلك الرغيف وأكل تلك اللقم التى استفضلها توفى ليلة الجمعة لعشر بقين من ذى الحجة من هذه السنة عن خمس وتسعين ودفن قريبا من بشر الحافى
658 - ابراهيم بن شيبان ابو اسحاق القرميسينى شيخ المتصوفة بالجبل صحب ابا عبد الله المغربى وابراهيم

الخواص وكان يقول الخوف اذا سكن القلب احرق مواضع الشهوات فيه وطرد عنه رغبة الدنيا
659 - جعفر بن محمد بن نصير ابن القاسم ابو محمد الخواص المعروف بالخلدى سافر الكثير وسمع الحديث الكثير وروى علما كثيرا روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وخلق كثير وكان صدوقا دينا حج ستين حجة وتوفى فى رمضان هذه السنة
660 - شريرة الرائقية جارية مولدة كانت لابنة ابن حمدون النديم وكانت سمراء موصوفة بحسن الغناء فاشتراها ابو بكر محمد بن رائق من مواليها بثلاثة عشر الف دينار على يد ابى جعفر ابن حمدون واعطى ابا جعفر عن دلالته الف دينار ثم قتل عنها فتزوجها الحسين ابن ابى العلاء ابن سعيد بن حمدان توفيت فى رجب هذه السنة
661 - على بن سهل ابو الحسن البوشنجى لقى ابا عثمان وصحب ابن عطاء والجريرى وكان دينا متعمدا للفقر واسند الحديث وتوفى فى هذه السنة اخبرنا ابن ناصر انبأنا ابن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت ابا العباس محمد بن الحسن البغدادى يقول سألت ابا الحسن البوشنجى عن التصوف فقال اسم ولا حقيقة وقد كان قبل حقيقة ولا اسم
662 - على بن محمد ابن الزبير ابو الحسن القرشى الكوفى ولد سنة اربع وخمسين ومائتين ونزل بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
663 - محمد بن ابراهيم ابن يوسف بن محمد ابو عمر الزجاجى النيسابورى صحب ابا عثمان والجنيد والنورى

والخواص وغيرهم واقام بمكة وصار شيخها حج قريبا من ستين حجة وقيل انه لم يبل ولم يتغوط فى الحرم منذ اربعين سنة وهو به مقيم وتوفى فى هذه السنة
664 - محمد بن اسحاق ابن عبد الرحيم أبو بكر السوسى قدم بغداد فى سنة احدى واربعين وثلثمائة وحدث بها احاديث مستقيمة فروى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وغيرهما وتوفى فى هذه السنة
665 - محمد بن احمد ابن اسحاق بن البهلول بن حسان أبو طالب التنوخى اصله من الانبار سمع ابا مسلم الكجى وبشر بن موسى الأسدى وعبد الله بن احمد بن حنبل وغيرهم اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن التنوخى أخبرنا طلحة بن جعفر الشاهد قال لم يزل احمد بن اسحاق بن البهلول على قضاء المدينة يعنى مدينة المنصور من سنة ست وتسعين ومائتين الى ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلثمائة وكان ربما اعتل فيخلفه ابنه ابو طالب محمد وهو رجل جميل الامر حسن المذهب شديد التصون وممن كتب العلم وحدث بعد ابيه بسنتين أخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى الحسن بن أبى طالب حدثنا على بن عمر والجريرى قال توفى أبو طالب بن البهلول فى يوم الاحد ضحوة لست عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة ثمان واربعين وثلثمائة
666 - محمد بن احمد بن تميم ابو الحسن الخياط القنطرى كان ينزل قنطرة البردان ولد فى صفر سنة تسع وخمسين ومائتين وحدث عن ابى قلابة الرقاشى ومحمد بن سعد العوفى والكديمى وغيرهم توفى يوم الجمعة سلخ شعبان فى هذه السنة قال محمد بن ابى الفوارس كان فيه لين
667 - محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة ابن يزيد بن عبد الملك ابو بكر الآدمى القارىء الشاهد صاحب الألحان كان من احسن

الناص صوتا بالقرآن ولد فى رجب سنة ستين ومائتين وحدث عن احمد بن عبيد ابن ناصح والحارث بن محمد بن ابى اسامة وعبد الله الدورقى ومحمد بن عثمان بن ابى شيبة وغيرهم وروى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وابن بشران وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن حدثنا القاضى ابو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الاسدى قال سمعت أبى يقول حججت فى بعض السنين وحج فى تلك السنة ابو القاسم البغوى وابو بكر الآدمى القارىء فلما صرنا بمدينة الرسول صلى الله عليه و سلم جاءنى ابو القاسم البغوى فقال لى يا ابا بكر هاهنا رجل ضرير قد جمع حلقة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ةقعد يقص ويروى الكذب من الاحاديث الموضوعة والاخبار المفتعلة فان رأيت ان تمضى بنا اليه لننكر عليه ونمنعه فقلت له يا ابا القاسم ان كلامنا لا يؤثر مع هذا الجمع الكثير والخلق العظيم ولسنا ببغداد فيعرف لنا موضعنا ولكن ها هنا امر آخر هو الصواب فاقبلت على أبى بكر الآدمى فقلت له استعذ واقرأ فما هو الا ان ابتدأ بالقراءة حتى انجفلت الحلقة وانفض الناس جميعا فأحاطوا بنا يسمعوا قراءة ابى بكر وتركوا الضرير وحده فسمعته يقول لقائده خذ بيدي هكذا تزول النعم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن قال حدثنى ابى قال حدثنى ابو محمد يحيى بن محمد بن فهد قال حدثنى ذرة الصوفى قال كنت بائتا بكلواذي على سطح عال فلما هدأ الليل قمت لأصلى فسمعت صوتا ضعيفا يجىء من بعد فأصغيت اليه فاذا وتاملته هو صوت لأبى بكر الآدمى القارىء فقدرته منحدرا فى دجلة واصغيت فلم اجد الصوت بقرب ولا يزيد على ذلك ساعة

ثم انقطع فتشككت فى الامر وصليت ونمت وبكرت فدخلت بغداد على ساعتين من النهار او اقل وكنت مجتازا فى السمارية فاذا بأبى بكر الآدمى ينزل الى الشط من دار ابى عبد الله الموسوى العلوى التى تقرب من فرضة جعفر على دجلة فصعدت اليه وسألته عن خبره فأخبرنى بسلامته وقلت اين كنت البارحة فقال فى هذه الدار فقلت قرأت قال نعم قلت اى وقت قال بعد نصف الليل الى قريب من الثلث الآخر قال فنظرت فاذا هو الوقت الذى سمعت فيه صوته بكلواذى فعجبت من ذلك عجبا شديدا بان له فى فقال مالك فقلت انى سمعت صوتك البارحة وانا على سطح بكلواذي وتشككت فلولا انك اخبرتنى الساعة على غير اتفاق ما صدقته قال فاحكها عنى فانا احكيها دائما توفى ابو بكر الآدمى يوم الاربعاء لليلتين بقيتا من ربيع الاول ودفن فى هذا اليوم فى الصفة التى بحذاء معروف الكرخى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال محمد بن ابى الفوارس سنة ثمان واربعين وثلثمائة فيها مات محمد بن جعفر الآدمى وكان قد خلط فيما حدث به
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن ابى على المعدل اخبرنا ابو بكر بن ابى موسى القاضى وابو اسحاق الطبرى وغيرهما قالوا سمعنا ابا جعفر عبد الله بن اسماعيل بن بريه يقول رأيت ابا بكر الآدمى فى النوم بعد موته بمديدة فقلت له ما فعل الله بك فقا لى وقفنى بين يديه وقاسيت شدائد وامورا صعبة فقلت له فتلك الليالى والمواقف والقرآن فقال ما كان شىء اضر على منها لأنها كانت للدنيا فقلت له فالى اى شىء انتهى امرك قال قال لى تعالى آليت على نفسى ان لا اعذب ابناء الثمانين
سنة ثم دخلت سنة تسع واربعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان وقعت فتنة بين السنة والشيعة فى القنطرة الجديدة وتعطلت الجمعة من الغد فى جميع المساجد

الجامعة فى الجانبين سوى مسجد براثا فان الصلاة تمت فيه وقبض على جماعة من بنى هاشم واعتقلوا فى دار الوزير لأنهم كانوا سبب الفتنة واطلقوا من الغد وفى هذا الشهر ورد الخبر بأن ابنا لعيسى بن المكتفى بالله ظهر بناحية أرمينية وموقان وانه يلقب بالمستجير بالله يدعو الى المرتضى من آل رسول الله صلى الله عليه و سلم وانه ليس الصوف وامر بالمعروف وتبعه جماعة فسار الى آذربيجان فغلب على عدة بلدان منها ثم حورب فأخذ
وفى نصف شوال عرضت لمعز الدولة علة فى الكلى فبال الدم وقلق منها قلقا شديدا ثم بال بعد ذلك الرمل ثم الحصى الصغار والرطوبة التى ينعقد منها الرمل والحصى واسلم فى هذه السنة من الاتراك مائتا الف خركاه ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
668 - ازهر بن احمد بن محمد ابو غانم الخرقى حدث عن ابى قلابة الرقاشى روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ينزل بالجانب الشرقى فى سوق العطش وتوفى فى هذه السنة
669 - جعفر بن حرب انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى القاسم بن المحسن عن ابيه ان جعفر بن حرب كان يتقلد الاعمال الكبار للسلطان وكانت نعمته تقارب نعمة الوزارة فاجتاز يوما راكبا فى مواكب له عظيم ونعمة على غاية الوفور ومنزلته بحالها فى نهاية الجلالة فسمع رجلا يقرأ ألم للدين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق فصاح اللهم بلى يكررها دفعات وبكى ثم نزل عن دابته ونزع ثيابه ودخل الى دجلة واستتر بالماء ولم يخرج منه حتى فرق جميع ماله فى المظالم التى كانت عليه وتصدق بالباقى فاجتاز رجل فرآه فى الماء قائما وسمع بخبره فوهب له قميصا ومئزرا فاستتر بهما وخرج وانقطع الى العلم

والعبادة حتى مات
670 - الحسين بن على بن يزيد بن داود ابو على الحافظ النيسابورى ولد سنة سبع وسبعين ومائتين وكان واحد دهره فى الحفظ والاتقان والورع مقدما فى مذاكرة الائمة كثير التصنيف ذكره الدارقطنى فقال امام مهذب وكان مع تقدمه فى العلوم احد الشهود المعدلين بنيسابور ورحل فى طلب الحديث الى الآفاق البعيدة وسمع من الاكابر وكان ابن عقدة لا يتواضع لأحد كتواضعه لابى على وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
671 - حسان بن محمد بن احمد بن هارون ابو الوليد القرشى الفقيه امام اهل الحديث بخراسان فى عصره وازهدهم واكثرهم اجتهادا فى العبادة درس الفقه على ابى العباس ابن سريج وسمع من الحسن بن سفيان وغيره وصنف التصانيف الحسنة
اخبرنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا انبأنا الحاكم ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال سمعت ابا الوليد حسان بن محمد بن احمد القرشى يقول فى مرضه الذى مات فيه قالت لى والدتى كنت حاملا بك وكان للعباس ابن حمزة مجلس فاستأذنت اباك ان احضر مجلسه فى ايام العشر فأذن لى فلما كان فى آخر المجلس قال العباس بن حمزة قوموا وقمت فأخذ العباس يدعو فقلت اللهم هب لى ابنا عالما ثم رجعت الى المنزل فبت تلك الليلة فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلا أتانى فقال ابشرى فان الله قد استجاب دعوتك ووهب لك ولدا ذكرا وجعله عالما ويعيش كما عاش ابوك قالت وكان أبى عاش اثنتين وسبعين سنة قال حسان وهذه قد تمت لى اثنتان وسبعون سنة فعاش بعد هذه الحكاية اربعة ايام توفى ليلة الجمعة خامس ربيع الاول من سنة تسع واربعين وثلثمائة

672 - حمد بن محمد بن ابراهيم ابن الخطاب ابو سليمان الخطابى سمع الكثير وصنف التصانيف منها المعالم شرح فيها سنن أبى داود والاعلام شرح فيها البخارى وغريب الحديث وله فهم مليح وعلم غزير ومعرفة باللغة والمعانى والفقه وله اشعار فمن ذلك قوله ... ما دمت حيا فدار الناس كلهم ... فانما انت فى دار المداراة ... من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى ... عما قليل نديما للندامات ...
673 - عبد الواحد بن عمر ابن محمد بن أبى هشام واسم أبى هشام بشار وكنية عبد الواحد ابو طاهر كان من اعلم الناس بحروف القراآت ووجوه القراآت وله فى ذلك تصانيف وحدث عن جماعة منهم ابو بكر بن أبى داود وابن مجاهد روى عنه ابو الحسن الحمامى وكان ثقة امينا يسكن الجانب الشرقى توفى فى شوال هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
674 - على بن المؤمل ابن الحسن بن عيسى بن ماسرجس ابو القاسم انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال كان يضرب المثل بعقل شيخنا ابى القاسم وكان من اورع مشايخنا وسمع بنيسابور وببغداد وبالكوفة وحدث سنين وحججت معه فى سنة احدى واربعين فكان اكثر الليل يقرأ فى العمارية فاذا نزل قام الى الصلاة لا يشتغل بغير ذلك وما اعلم انى دخلت الطواف الا وجدته يطوف وسمعت ابنه ابا عبد الله يقول ضعف بصر ابى ثلاث سنين ولم يخبرنا به حتى ضعفت العين الاخرى فحينئذ اخبرنا به وتوفى فى صفر هذه السنة

675 - العباس بن محمد ابو محمد الجوهرى حدث عن البغوى وابن ابى داود ابن صاعد روى عنه الحاكم ابو عبد الله النيسابورى وقال كان احد الجوالين فى طلب الحديث بفهم ومعرفة واتقان توفى فى صفر هذه السنة
676 - محمد بن ابراهيم ابن سليمان بن محمد ابو احمد العسال الاصبهانى سمع محمد بن ايوب الرازى وابراهيم ابن زهير الحلوانى وبكر بن سهل الدمياطى ونحوهم اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو القاسم عبد الله بن احمد السوذرجانى باصبهان قال سمعت ابا عبد الله بن مندة يقول كتبت عن الف شيخ ولم ار فيهم اتقن من ابى احمد العسال قال ابو نعيم ولى ابو احمد العسال القضاء وكان من كبار الناس فى الحفظ والاتقان والمعرفة وتوفى فى رمضان سنة تسع واربعين وثلثمائة

النسخ الخطية لهذا المجلد نسخة محفوظة بمكتبة ايا صوفية باسلامبول تحت رقم وهى الاصل وعلامتها ص نسخة محفوظة بمكتبة كوبربلى زاده باسلامبول ايضا تحت رقم وينتهى هذا الجزء منها فى صفحة من هذا المطبوع ولا يوجد منها ما بعد ذلك كما نبهنا عليه بهامش تلك الصفحة وعلامتها كو نسخة برلين يصفها حضرة الدكتور كرنكو بانها قديمة صعبة القراءة ويبتدىء الموجود منها من صحفة كما نبهنا عليه بهامشها وعلامتها استحصل حضرة الدكتور سالم الكرنكوى مصحح الدائرة نقولا من النسختين الاوليين مأخوذة بالتصوير ثم نسخ هذا الجزء بقلمه من نسخة ص وقابله على نسخة كو وعلى نسخة ب ثم ارسله الينا مع النقول التصويرية المأخوذة من النسختين الاوليين فاعدنا المقابلة مرة اخرى لزيادة التوثق
وقد اعتنى الدكتور المذكور بتصحيح الكتاب جهد الطاقة مع مراجعة تاريخ بغداد وتاريخ ابن جرير وشذرات الذهب وغيرها وعلق كثير من الحواشى اثبتنا المهم منها وعلامة حواشيه واتممنا التصحيح حسب الامكان والله المستعان
خاتمة الطبع
الحمد لله على احسانه حمدا يليق بعظمة شأنه والصلاة والسلام على خاتم انبيائه سيدنا محمد وآله وصحبه
وبعد فقد تم بحمد الله تعالى طبع الجزء السادس من كتاب المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم للامام الشهير ابى الفرج ابن الجوزى رحمه الله وهو من انفس كتب التاريخ جمع بين الوقائع والتراجم وكان الطبع بمطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن ادامها الله مصونة عن الفتن والمحن فى ظل الملك المؤيد المعان الذى اشتهر فضله فى كل مكان السلطان بن

السلطان سلطان العلوم مظفر الممالك آصف جاه السابع مير عثمان على خان بهادر لا زالت مملكته بالعز والبقاء دائمة التقدم والارتقاء وهذه الجمعية تحت صدارة ذى الفضائل السنية والمفاخر العلية النواب السير حيدر نوازجنكك بهادر رئيس الجمعية ورئيس الوزارء فى الدولة الآصفية والعالم العامل بقية الافاضل مهدى يارجنكك بهادر عميد الجمعية ووزير المعارف والسياسة فى الدولة الاصفية ومعين امير الجامعة العثمانية والماجد الهمام النواب ناظر يارجنكك بهادر شريك العميد للجمعية وركن العدلية وضمن ادارة العالم المحقق والفاضل المدقق مولانا السيد هاشم الندوى معين عميد الجمعية ومدير دائرة المعارف ادام الله تعالى درجاتهم سامية ومحاسنهم زاكية
وعنى بتصحيحه من افاضل دائرة المعارف وعلمائها مولانا السيد هاشم الندوى ومولانا محمد طه الندوى ومولانا الشيخ عبد الرحمن اليمانى ومولانا محمد عادل القدوسنى ومولانا السيد احمد الله الندوى والسيد حسن جمال الليل المدنى والشيخ احمد بن محمد اليمانى وطبع بعد ملاحظة مولانا العلامة عبد الله العمادى ركن مجلس الدائرة غفر الله ذنوبهم وستر عيوبهم
وكان تمام طبعه يوم السبت العاشر من شهر صفر سنة 1358 ه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد نبيه الامين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين الى يوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
سنة 350
ثم دخلت سنة خمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه اشتدت علة معز الدولة ليلة السبت لاربع خلون من المحرم وامتنع عليه البول كله واشتد قلقه وجزعه ثم بال على ساعة باقية من الليل دما بشدة ثم تبعه البول وخرج مع البول رمل كثير وحصى صغار وخف الالم فلما اصبح سلم داره وغلمانه وكراعه الى ابنه ابى منصور بختيار وفوض الامور اليه وخرج في عدة يسيرة من غلمانه وخاصته ليمضي الى الاهواز ثم اشير عليه بالتوقف فتنقل من مكان الى مكان الى أن عاد الى داره ثم انتقل في جمادى الاولى من داره بسوق الثلاثاء الى البستان المعروف ببستان الصيمرى وأخذ في ان يهدم ما يليه من العقار والابنية الى حدود البيعة واصلح ميدانا وبنى دارا على دجلة في جوار البيعة ومد المسناة وبنى الاصطبلات وقلع الابواب الحديد التي على مدينة ابى جعفر المنصور وابواب الرصافة وقصر الرصافة ونقلها الى داره وهدم سور الحبس المعروف بالجديد ونقل آجره الى داره وبنى به ونقض المعشوق بسر من رأى وحمل آجره وانفق على البناء الى ان مات مائة الف الف دينار وقبض على جماعة فصودروا على مال عظيم فأمر أن يصرف الى بناء الدار والاصطبلات ولحق الناس في هذا الصقع شدة شديدة من التنزل عليهم
وفى يوم الاحد لثمان بقين من شعبان تقلد ابو العباس عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب القضاء بالحضرة من جانبي بغداد والمدينة وقضاء القضاة وخلع عليه من دار السلطان لأن الخليفة امتنع من أن يصل اليه وضرب بين يديه الدبادب على أن يحمل الى خزانة معز الدولة كل سنة مائتي الف درهم وامتنع الخليفة من ان يصل اليه هذا القاضي في موكب او غيره
وفي شوال ورد الخبر بأن نجاء غلام سيف الدولة دخل بلد الروم غازيا وانه

غنم ما قيمته ثلاثون الف دينار وسبى الفى رأس واستأسر خمسمائة في السلاسل وفى شباط جاء برد بنواحي قطر بل وبازائها في الجانب الشرقي في كل بردة
او قيتان واكثر وقتل الطيور والبهائم ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
احمد بن محمد
ابن عبد الله بن زياد ابو سهل القطان حدث عن محمد بن عبيد الله المنادى وغيره وروى عنه ابن رزقويه وكان ثقة
أخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول حدثنى من سمع ابا سهل بن زياد يقول سمى الله المعتزلة كفارا قبل ان يذكر فعلهم فقال يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم اذا ضربوا في الارض او كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا الآية
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الازهري قال قال لي ابو عبد الله ابن بشر القطان ما رأيت رجلا احسن انتزاعا لما اراد عن آي القرآن من ابى سهل بن زياد فقلت لابن بشر وما السبب في ذلك قال كان جارنا وكان يديم الصلاة بالليل وقراءة القرآن ولكثرة درسه صار القرآن نصب عينيه ينتزع منه ما شاء من غير تعب توفى في شعبان هذه السنة ودفن بقرب قبر غير معروف
اسمعيل بن علي
ابن اسمعيل بن بنان ابو محمد الخطبي ولد في محرم سنة تسع وستين ومائتين وسمع الحارث بن ابى اسامة والكديمي وعبد الله بن احمد وغيرهم وروى عنه الدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه وكان ثقة فاضلا نبيلا فهما عارفا بايام

الناس واخبار الخلفاء وصنف تاريخا كبيرا على ترتيب السنين وكان عالما بالأدب ركينا عاقلا ذا رأى يتحرى الصدق
أخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال سمعت الازهري يقول جاء ابو بكر بن مجاهد واسمعيل الخطبي الى منزل أبى عبد الصمد الهاشمى فقدم اسمعيل ابا بكر فتأخر ابو بكر وقدم اسمعيل فلما استأذن اسمعيل اذن له فقال ادخل ومن انا معه اخبرنا ابو منصور اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى عبيد الله بن ابى الفتح قال سمعت ابا الحسن بن رزقويه يذكر عن اسمعيل الخطبى قال وجه الى الراضي بالله ليلة عيد الفطر فحملت اليه راكبا بغلة فدخلت عليه وهو جالس في الشموع فقال لي يا اسمعيل انى قد عزمت في غد على الصلاة بالناس في المصلى فما اقول اذا انتهيت في الخطبة الى الدعاء في نفسى قال فأطرقت ثم قلت يقول امير المؤمنين رب اوزعنى اشكر نعمتك التى انعمت على وعلى والدى وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك فى عبادك الصالحين فقال لى حسبك ثم امرنى بالانصراف واتبعنى بخادم فدفع الى خريطة فيها اربع مائة دينار وكانت الدنانير خمسمائة فأخذ الخادم منها لنفسه مائة دينار او كما قال توفى الخطبى في جمادى الآخرة من هذه السنة
تمام بن محمد بن سليمان
ابن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب ابو بكر ولدسنة تسع وستين ومائتين حدث عن عبد الله بن احمد وغيره وروى عنه ابن رزقويه وتوفى في ذى القعدة من هذه السنة
الحسن بن على
ابن عبيد الله بن الحسن ابو احمد الخلال المعروف بالكوسج حدث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة

الحسين بن القاسم
ابو على الطبرى الفقيه الشافعي
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال درس على ابي على ابن ابى هريرة وبرع فى العلم وسكن وصنف كتاب المحرر وهو اول كتاب صنف فى الخلاف وصنف كتاب الافصاح فى المذهب وكتابا فى الجدل وكتابا فى اصول الفقه وتوفى ببغداد فى سنة خمسين وثلثمائة
عبد الله بن اسمعيل
ابن ابراهيم بن عيسى بن ابى جعفر المنصور ويكنى ابا جعفر ويعرف بابن برية الهاشمى كان امام جامع المنصور وحدث عن ابن ابى الدنيا وغيره وروى عنه ابن رزقويه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن ابى على قال سمعت القاضى ابا بكر بن ابى موسى الهاشمى وابا اسحاق الطبرى ومن لا احصى من شيوخنا يحكون انهم سمعوا ابا جعفر المعروف بابن برية الامام يقول رقى هذا المنبر يعنى منبر مسجد جامع المدينة الواثق فى سنة ثلاثين ومائتين ورقيت هذا المنبر فى سنة ثلاثين وثلثمائة وبين الرقيتين مائة سنة وانا وهو فى القعدد الى المنصور سواء هو الواثق بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور وانا عبد الله بن اسمعيل بن ابراهيم بن عيسى بن منصور توفى ابن برية فى صفر هذه السنة وقيل سنة اثنتين وخمسين
عتبة بن عبيد الله
ابن موسى بن عبيد الله ابو السائب الهمذانى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال عتبة رجل من اهل همذان وكان ابوه عبيد الله تاجرا مستورا دينا اخبرنا جماعة من الهمذانيين انه

كان يؤمهم فى مسجد لهم فوق الثلاثين سنة ونشأ ابو السائب يطلب العلم وغلب عليه فى ابتداء امره علم التصوف والميل الى اهل الزهد ثم خرج عن بلده ولقى العلماء وعنى بفهم القرآن وكتب الحديث وتفقه على مذهب الشافعي واتصلت اسفاره فعرف الامير ابو القاسم ابن ابى الساج خبره وما هو عليه من الفضل فأدخل اليه فرآه فاضلا عاقلا فقلده الحكم بمراغة وتقلد جميع آذربيجان مع مراغة وعظمت حاله وقبض على ابن ابى الساج فعاد الى الجبل وتقلد همذان ثم عاد الى بغداد وتقلد اعمالا جليلة بالكوفة ديار مضر والاهواز وعامة الجبل وقطعة من السواد وتقدم عند قاضي القضاة ابى الحسين بن ابى عمر وسمع شهادته واستشاره فى جميع اموره ولما قبض المستكفى بالله على محمد بن الحسن بن ابى الشوارب قلد ابا السائب مدينة ابى جعفر ثم قتل اللصوص ابا عبد الله محمد بن عيسى وكان قاضيا على الجانب الشرقى تقلد قضاء القضاة فى رجب سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت اخبرنا احمد بن على التوزى قال ولد ابو السائب فى سنة اربع وستين ومائتين وتوفى فى ربيع الآخر سنة خمسين وثلثمائة قال المصنف رحمه الله ودفن فى داره بسوق يحيى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا على بن ابى على المعدل اخبرنا ابو طاهر المخلص اخبرنا ابو بكر احمد بن على الدهنى المعروف بابن القطان قال رأيت ابا السائب عتبة بن عبيد الله قاضى القضاة بعد موته فقلت ما فعل الله بك مع تخليطك بهذا اللفظ فقال غفر لى فقلت فكيف ذاك فقال ان الله تعالى عرض على افعالى القبيحة ثم أمر بى الى الجنة وقال لولا آليت على نفسى ان لا اعذب من جاوز الثمانين لعذبتك ولكنى قد غفرت لك وعفوت عنك اذهبوا به الى الجنة فأدخلتها

محمد بن احمد بن حبيب
ابن احمد بن راجبان ابو بكر الدهقان بغدادى سكن بخار أو حدث بها عن يحيى ابن ابى طالب والحسن بن مكرم وابى قلابة الرقاشى وغيرهم ولد ابو بكر بن حبيب ببغداد سنة ست وستين ومائتين ودخل بخارا سنة سبع وثمانين ومائتين ومات ببخارا يوم السبت غرة رجب سنة خمسين وثلثمائة
سنة
ثم دخلت سنة احدى وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى المحرم بدخول الروم عين زربة فى مائة وستين الف رجل فطلب المسلمون الامان فأمنهم ملك الروم فلما دخل البلد نادى فى اول الليل بان يخرج جميع الناس الى المسجد الجامع وان من تأخر فى منزله قتل فخرج من امكن الخروج فلما اصبح انقذ رجاله فمن وجدوه فى منزله قتلوه فقتلوا خلقا من الرجال والنساء والاطفال وامر بقطع نخل البلد فقطع منه اربعون الف نخلة ونادى فيمن حصل فى الجامع ان يخرجوا حيث شاؤا وان من امسى فيه قتل فخرج الناس مبادرين وتزاحموا فى الابواب فمات بالضغط خلق كثير ومروا على وجوههم حفاة عراة لا يدرون اين يتوجهون فمات اكثرهم فى الطرقات ثم أخذ الاسلحة والامتعة وامر بهدم الجامع وكسر المنبر وهدم سور البلد والمنازل وبقى مقيما فى بلاد اسلام احد وعشرين يوما وفتح حول عين زربة اربعة وخمسين حصنا بعضها بالسيف وبعضها بالامان وقتل خلقا كثيرا من المسلمين ثم أن سيف الدولة أعاد بناء عين زرية
وفى شهر ربيع الآخر كتب العامة على مساجد بغداد لعن معاوية بن ابى سفيان ولعن من غضب فاطمة فدكا ومن اخرج العباس من الشورى ومن نفى اباذر الغفارى ومن منع من دفن الحسن عن جده ولم يمنع معز الدولة من

ذلك وبلغه ان العامة قد محوا هذا المكتوب فأمر أن يكتب لعن الله الظالمين لآل رسول الله من الاولين والآخرين والتصريح باسم معاوية فى اللعن فكتب ذلك
وفى شوال ورد الخبر بأن الروم استأسروا ابا فراس بن سعيد بن حمدان من منبج وكان متقلدا لها
وورد الخبر بأنه وقع فى الجامدة فى آخر يوم من تشرين الثانى برد فى كل بردة رطل ونصف ورطلان
وورد الخبر بأن الدمستق ورد الى حلب بغتة ولم يعلم سيف الدولة فخرج اليه وحاربه فانهزم سيف الدولة وظفر بداره وهى خارج حلب فوجد فيها ثلثمائة وتسعين بدرة دراهم فأخذها ووجد له الف واربعمائة بغل فأخذها وأخذ من خزائن السلاح مالا يحصى واحرق الدار وملك الربض فقاتله اهل حلب من وراء السور فقتل من الروم خلق كثير بالحجارة والمقاليع وسقطت ثلمة من السور على اهل حلب فقتلتهم فطمع الروم فى تلك الثلمة فأكبوا عليها ودفعهم اهل البلد عنها فلما جن الليل اجتمع المسلمون عليها فبنوها وفرغوا منها وعلوا عليها فكبروا ثم ان رجالة الشرط بحلب مضوا الى منازل الناس وخانات التجار لينهبوها فقيل للناس الحقوا منازلكم فانها قد نهبت فنزلوا عن السور واخلوه ومضوا الى منازلهم ليدفعوا عنها فلما رأى الروم السور خاليا تجاسروا واعلى ان صعدوه واشرفوا على البلد فرأوا الفتنة وان بعضهم ينهب بعضا فنزلوا وفتحوا الابواب ودخلوا وثلموا السور فى عدة مواضع ووضعوا فى الناس السيف فقتلوا كل من لقيهم ولم يرفعوا السيف حتى ضجروا وكان فى البلد الف ومائتين رجل من اسارى الروم فتخلصوا وكان سيف الدولة قد أخذ من الروم سبعمائة انسان ليفادى بهم فأخذهم الدمستق وسبى من البلد من المسلمين بضعة عشر الف صبى وصبية وأخذ من النساء ما ارادو من خزائن سيف الدولة وأمتعة التجار مالا يحاط بقيمته فلما لم يبق معه ما يحمل عليه احرق الباقى

واخرب المساجد وعمد الى حباب الزيت فصب فيها الماء حتى فاض الزيت وشربته الأرض واقام فى البلد تسعة ايام وكان معه مائتا الف رجل فيهم ثلاثون الفا بالجواشن وثلاثون الفا من صناع الهدم واربعة الآف بغل عليها حسك حديد يطرحه حول العسكر بالليل وخركاهات ملبسة لبودا حمر لدوابه فلما هم ان ينصرف قال له ابن اخت الملك قد فتحنا هذا البلد وبقيت القلعة فقال قد بلغنا مالم نكن نظنه فدع القلعة فسكانها غزاة قال لا بد قال شأنك فصعد فوقع فيه حجر فمات فلما اتى به الدمستق احضر من كان معه من اسارى المسلمين وكانوا الفين ومائتين فضرب اعناق الجميع
وفى رمضان سقط روشن من دار الوزير ابى محمد الهلبي الى دجلة وكان عليه جماعة من وجوه الدولة منهم ابو اسحاق محمد بن احمد القراريطى فانكسرت فخذه فحمل وجبرت فصلحت ومنهم ابن حاجب النعمان فان نخاع ظهره انقطع فحمل على سرير فأقام عليلا الى الجمعة الثانية ومات
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسن بن محمد
ابن هارون ابو محمد المهلبى من ولد المهلب بن ابى صفرة استوزره معز الدولة ابو الحسين احمد بن بويه فبقى فى وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة اشهر وكان يقول الشعر الحسن وفيه الادب الوافر وكان يطرب على اصطناع الرجل ويهاج لذلك وكان له الحلم والأناة روى ابو اسحاق الصاغانى قال صاغ الوزير ابو محمد المهلبى دواة ومرفعا وحلاهما حلية ثقيلة وكانت طول ذراع وكسر فى عرض شبر فقدمت بين يديه وابو احمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازى جالس عن يمينه وانا جالس إلى جنبه فتذاكرنا سرا حسن الدواة فقال ابو احمد

ما كان احوجنى اليها لأبيعها فانتفع بثمنها فقلت فأى شىء يعمل الوزير قال يدخل فى حرأمه وسمع الوزير ما جرى بيننا باصغائه الينا ثم اجتمعت بأبى احمد من الغد فقال لى عرفت خبر الدواة قلت لا قال فانه جاءنى البارحة رسوله ومعه الدواة ومرفعها ومنديل وعشر قطع ثياب وخمسة آلاف درهم وقال الوزير يقول لك انا عارف بقصور المواد عنك وتضاعف المؤن عليك وقد آثرتك بهذه الدواة لما ظننت من استحسانك لها وجعلت معها ما تكتسى به وتصرفه فى بعض نفقتك فبقيت متعجبا من اتفاق ما تجارينا به وحدث هذا على اثره وتقدم الوزير بصياغة دواة اخرى فصيغت ودخلنا الى مجلسه وتركت بين يديه وهو يوقع منها فنظر الى والى ابى احمد ونحن نلحظها فقال هيه من منكما يريدها على الاعفاء من الدخول فاستحيينا وعلمنا انه كان قد سمع قولنا وقلنا بل يمتع الله الوزير منها ويبقيه ليهب الفا منها توفى ابو محمد المهلبى فى هذه السنة عن اربع وستين سنة ودفن فى مقابر قريش
10 - دعلج بن احمد بن دعلج
ابن عبد الرحمن ابو محمد السجستانى المعدل سمع الحديث ببلاد خراسان والرى وحلوان وبغداد والبصرة ومكة وكان من ذوى اليسار والمشهورين بالبر والافضال وله صدقات جارية ووقوف على اهل الحديث ببغداد ومكة وسجستان وكان قد جاور بمكة زمانا فجاءه قوم من العرب فقالوا ان اخالك من اهل خراسان قتل اخانا فنحن نقتلك به فقال اتقوا الله فان خراسان ليست بمدينة واحدة فاجتمع الناس فخلوا عنه فانتقل الى بغداد فاستوطنها وكان يقول ليس فى الدنيا مثل دارى وذاك انه ليس فى الدنيا مثل بغداد ولا ببغداد مثل القطيعة ولا فى القطيعة مثل درب ابى خلف وليس فى الدرب مثل دارى وحدث ببغداد عن عثمان بن سعيد الدارمى والحسن بن سفيان النسوى وابن

البراء والباغندى وعبد الله بن احمد وخلق كثير روى عنه ابن حيويه والدارقطنى وابن رزقويه وعلى وعبد الملك ابنا بشران وغيرهم وكان ثقة ثبتا مأمونا قبل الحكام شهادته وصنف له الدارقطنى كتبا منها المسند الكبير فكان اذا شك فى حديث ضرب عليه قال الدارقطنى لم ار فى مشائخنا اثبت منه
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى ابو القاسم الازهرى عن ابى عمر بن حيويه قال ادخلنى دعلج الى داره وارانى بدرا من المال معبأة فى منزله وقال يا ابا عمر خذ من هذا ما شئت فشكرت له وقلت له انا فى كفاية عنها ولا حاجة لى فيها
اخبرنا ابو منصور اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى محمد بن على بن عبد الله الحداد عن شيخ سماه قال حضرت يوم جمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور فرأيت رجلا بين يدى في الصف حسن الوقار ظاهر الخشوع دائم الصلاة لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد الى قرب قيام الليل ثم جلس فغلبتنى هيبته ودخلت قلبى محبته ثم اقيمت الصلاة فلم يصل مع الناس الجمعة فكبر على ذلك وتعجبت من حاله وغاظنى فعله فلما قضيت الصلاة تقدمت اليه وقلت ايها الرجل ما رأيت اعجب من امرك اطلت النافلة واحسنتها وتركت الفريضة وضيعتها فقال لى يا هذا ان لى عدوا وبى علة منعتنى من الصلاة قلت وما هى قال انا رجل على دين اختفيت فى منزلى مدة بسببه ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل ان تقام التفت فرأيت صاحبى الذى له الدين على ورآنى فمن خوفه احدثت فى ثيابى وهذا عذرى فأسألك بالله الاسترت على وكتمت امرى فقلت له ومن الذى له عليك الدين فقال دعلج بن احمد وكان الى جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه فسمع هذا القول ومضى فى الوقت الى دعلج فذكر له القصة فقال له دعلج امض الى الرجل واحمله الى الحمام واطرح عليه خلعة من ثيابى واجلسه فى منزلى حتى انصرف من الجامع ففعل الرجل ذلك فلما انصرف دعلج الى منزله امر بالطعام فأحضر وأكل هو

والرجل ثم اخرج حسابه فنظر فيه فاذا عليه خمسة آلاف درهم فقال له انظر لا يكون عليك في الحساب غلط او نسى لك نقده فقال له الرجل لا فضرب دعلج على حسابه وكتب تحته علامة الوفاء ثم احضر الميزان ووزن له خمسة آلاف درهم وقال له اما الحساب الاول فقد احللناك مما بيننا وبينك فيه واسألك ان تقبل هذه الخمسةآلاف درهم وتجعلنا في حل من الروعة التى دخلت قلبك برؤيتك ايانا في المسجد الجامع
أخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى ابو منصور محمد بن محمد بن احمد العكبرى قال حدثنى ابو الحسين احمد ابن الحسين الواعظ قال اودع ابو عبد الله بن ابى موسى الهاشمى عشرة آلاف دينار ليتم فضاقت يده وامتدت اليها فانفقها فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال امر السلطان بفك الحجر عنه وتسليم ماله اليه وتقدم الى ابن ابى موسى بحمل المال ليسلم الى الغلام قال ابن ابى موسى فلما تقدم الى بذلك ضاقت على الارض بما رحبت وتحيرت فى امرى لا اعلم من اى وجه اغرم المال فبكرت من دارى وركبت بغلتى وقصدت الكرخ لا اعلم اين أتوجه وانتهت بى بغلتى الى درب السلولى ووقفت بى على باب مسجد دعلج بن احمد فثنيت رجلى ودخلت المسجد وصليت صلاة الفجر خلفه فلما سلم انفتل الى ورحب بى وقام وقمت معه ودخل الى داره فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة فقال يأكل الشريف فأكلت وانا لا احصل امرى فلما رأى تقصيري قال اراك منقبضا فما الخبر فقصصت عليه قصتى وانى انفقت المال فقال كل فان حاجتك تقضى ثم احضر حلوى فأكلنا فلما رفع الطعام وغسلنا ايدينا قال يا جارية افتحى ذلك الباب فاذا خزانة مملوءة زبلا مجلدة فأخرج الى بعضها وفتحها الى أن اخرج النقد الذى كانت الدنانير منه واستدعى الغلام والتخت والطيار فوزن عشرة آلاف دينار وبدرها وقال يأخذ الشريف هذه فقلت يثبتها الشيخ على فقال افعل وقد كاد عقلى يطير فرحا فركبت بغلتى وتركت الكيس على القربوس وغطيته بطيلسانى

وعدت الى دارى وانحدرت الى السلطان بقلب قوى وجنان ثابت فقلت ما أظن الا أنه قد استشعر فى انى قد اكلت مال اليتيم واستبددت به والمال فقد اخرجته فاحضر قاضى القضاة والشهود والنقباء وولاة العهود واحضر الغلام وفك حجره وسلم المال اليه وعظم الشكر لى والثناء على فلما عدت الى منزلى استدعانى احد الامراء من اولاد الخلافة وكان عظيم الحال فقال قد رغبت فى معاملتك وتضمينك املاكى بيادر ويا نهر الملك فضمنت ذلك بما تقرر بينى وبينه من المال وجاءت السنة ووفيته وحصل فى يدى من الربح ماله قدر كبير وكان ضمانى لهذه الضياع ثلاث سنين فلما مضت حسبت حسابى وقد تحصل فى يدى ثلاثون الف دينار فعزلت عوض العشرة آلاف دينار التى أخذتها من دعلج وحملتها اليه وصليت معه الغداة فلما انفتل من صلاته رأنى ونهض معى الى داره وقدم المائدة والهريسة فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب فلما قضينا الأكل قال لى خبرك حالك فقلت بفضل الله وبفضلك قد افدت بما فعلته معى ثلاثين الف دينار وهذه عشرة آلاف عوض الدنانير التى أخذتها منك فقال يا سبحان الله والله ما خرجت الدنانير عن يدى ونويت آخذ عوضها حل بها الصبيات فقلت له يا شيخ ايش اصل هذا المال حتى تهب لى عشرة آلاف دينار فقال اعلم انى نشأت وحفظت القرآن وسمعت الحديث وكنت اتبرز فوافانى رجل من تجار البحر فقال لى انت دعلج بن احمد فقلت نعم فقال قد رغبت فى تسليم مالى اليك لتتجربه فما سهل الله من فائدة كانت بيننا وما كان من جائحة كانت فى اصل مالى فسلم الى بارنامحات بالف الف درهم وقال لى ابسط يدك ولا تعلم موضعا تنفق فيه هذا المتاع الا حملته اليه ولم يزل يتردد الى سنة بعد سنة يحمل الى مثل هذا والبضاعة تنمى فلما كان فى آخر سنة اجتمعنا قال لى انا كثير الاسفار فى البحر فان قضى الله على بما قضاه على خلقه فهذا المال لك على ان تتصدق منه وتبنى المساجد وتفعل الخير فانا افعل مثل هذا وقد ثمر الله المال فى يدى فاسألك ان تطوى هذا

الحديث ايام حياتى توفى دعلج فى جمادى الآخرة من هذه السنة وهو ابن اربع او خمس وتسعين سنة
عبد الله بن جعفر بن شاذان
ابو الحسين البزاز من اهل الجانب الشرقى حدث عن الكديمى وابراهيم الحربى وعبد الله بن احمد روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
عبد الباقى بن قانع
ابن مرزوق ابو الحسن الاموى مولاهم سمع الحارث بن ابى اسامة وابراهيم الحربى روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وابو على بن شاذان وكان من اهل العلم والفهم والثقة غير انه تغير فى آخر عمره قال الدارفطنى كان يخطىء ويصر على الخطأ توفى فى شوال هذه السنة
محمد بن الحسن بن محمد
ابن زياد بن هارون بن جعفر ابو بكر المغزىء النقاش موصلى الاصل ويقال انه مولى ابى دجانة سماك بن خرشة ولد فى سنة ست وستين ومائتين وكان عالما بحروف القراآت حافظا للتفسير وله تصانيف فيهما سافر الكثير وكتب بالكوفة والبصرة ومكة ومصر والشام والجزيرة والموصل والجبال وبلاد خراسان وما وراء النهر وحدث عن اسحاق بن سنين الختلى وابى مسلم الكجى وخلق كثير روى عنه ابو بكر بن مجاهد والخلدى والدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه فى آخرين و آخر من حدث عنه ابو على بن شاذان وفى حديثه مناكير باسانيد مشهورة وقد كان يتوهم الشىء فيرويه وقد وثقه الدارقطنى على بعض ما أخطأ فيه فرجع عنه
أخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى عبيد الله ابن ابى الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر انه ذكر النقاش فقال كان يكذب فى

الحديث قال احمد وسالت عنه البرقانى فقال كل حديثه منكر
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت ابا الحسين ابن الفضل القطان يقول حضرت ابا بكر النقاش وهو يجود بنفسه فجعل يحرك شفتيه بشىء لا اعلم ما هو ثم نادى بعلو صوته لمثل هذا فليعمل العاملون يرددها ثلاثا ثم خرجت نفسه توفى النقاش فى يوم الثلاثاء ثانى شوال هذه السنة ودفن غداة الاربعاء فى داره وكان يسكن دار القطن
محمد بن سعيد ابو بكر الحربى
الزاهد يعرف بابن الضرير روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا احمد بن سليمان بن على المغزىء اخبرنا عبد الواحد بن ابى الحسن الفقيه قال سمعت ابى يقول سمعت ابا بكر ابن الضرير الزاهد يقول دافعت الشهوات حتى صارت شهوتى المدافعة فحسب توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
محمد بن سهل بن عسكر
ابن عمارة ابو بكر البخارى حدث عن عبد الرزاق وغيره روى عنه ابراهيم الحربى وابن ابى الدنيا والبغوى وابن صاعد وكان ثقة توفى فى شعبان هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى اليوم العاشر من المحرم غلقت الاسواق ببغداد وعطل البيع ولم يذبح القصابون ولا طبخ الهراسون ولا ترك الناس ان يستقوا الماء ونصبت القباب فى الاسواق وعلقت عليها المسوح وخرج النساء منتشرات الشعور يلطمن في الاسواق واقيمت النائحة على الحسين عليه السلام
وفى نصف ربيع الاول ورد الخبر بأن الف رجل من الارمن صاروا الى

الرهافاستاقوا خمسة آلاف رأس من الغنم وخمسمائة من البقر والدواب واستأسروا عشرة انفس وانصرفوا موقرين
وفى جمادى الآخرة قلد ابو بشر عمر بن اكثم القضاء بمدينة السلام بأسرها على ان يتولى ذلك بلا رزق وخلع عليه ورفع عنه ما كان يحمله ابو العباس بن ابى الشوارب وامر أن لا يمضى شيئا من احكام ابى العباس وفى شعبان قلد قضاء القضاة
وفى شعبان مات الدمستق الذى فتح بلدة حلب واسمه نقفور
وفى ليلة الخميس ثامن عشر ذى الحجة وهو يوم غد يرخم اشعلت النيران وضربت الدبادب والبوقات وبكر الناس الى مقابر قريش قال ثابت بن سنان المؤرخ حدثنى جماعة من اهل الموصل ممن اثق به ان بعض بطارقة الأرمن انفذ فى سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة الى ناصر الدولة رجلين من الارمن ملتصقين بينهما خمس وعشرون سنة سليمين ومعهما ابوهما وان الالتصاق كان فى المعدة ولهما بطنان وسرتان ومعدتان واوقات جوعهما وعطشهما تختلف وكذلك اوقات البول والبراز ولكل واحد منهما صدر وكتفان وذراعان ويدان وفخذان وساقان وقدمان واحليل وكان احدهما يميل الى النساء والآخر يميل الى الغلمان وكان احدهما اذا دخل الى المستراح دخل قرينه معه وان ناصر الدولة وهب لهما الفى درهم واراد أن يحدرهما الى بغداد ثم انصرف رأيه عن ذلك
اخبرنا محمد بن أبى طاهر اخبرنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو محمد يحيى بن محمد بن فهد وأبو عمر احمد بن محمد الخلال قالا حدثنا جماعة كثيرة العدد من اهل الموصل وغيرهم ممن كنا نثق بهم ويقع لنا العلم بصحة ما حدثوا به لكثرته وظهوره وتواتره انهم شاهدوا بالموصل سنة نيف واربعين وثلثمائة رجلين انفذ هما صاحب ارمينية الى ناصر الدولة للأعجوبة منهما وكان لهما نحو من ثلاثين سنة وهما ملتزقان من جانب واحد ومن حدفويق الحقو الى دوين الابط

وكان معهما ابوهما فذكر لهم انهما ولداه كذلك توأما تراهما يلبسان قميصين وسراويلين كل واحد منهما لباسهما مفردا الا انهما لم يكن يمكنهما لالتزاق كتفيهما وايديهما فى المشى لضيق ذلك عليهما فيجعل كل واحد منهما يده التى تلىاخاه من جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه ويمشيان كذلك وانما كانا يركبان دابة واحدة ولا يمكن احدهما المنصرف الا ان ينصرف الآخر معه وإذا اراد احدهما الغائط قام الآخر معه وان لم يكن محتاجا وان اباهما حدثهم انه لما ولدا ارادان يفرق بينهما فقيل له انهما يتلفان لأن التزاقهما من جنب الخاصرة وانه لا يجوز ان يسلما فتركهما وكانا مسلمين فاجازهما ناصر الدولة وخلع عليهما وكان الناس بالموصل يصيرون اليهما فيتعجبون منهما ويهبون لهما قال ابو محمد واخبرنى جماعة انهما خرجا الى بلدهما فاعتل احدهما ومات وبقى الآخر اياما حتى انتن واخوه حيي لا يمكنه التصرف ولا يمكن الاب دفن الميت الى ان لحقت الحى علة من الغم والرائحة فمات ايضا فدفنا جميعا وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الاطباء وقال هل من حيلة فى الفصل بينهما فسألهما الاطباء عن الجوع هل تجوعان فى وقت واحد فقال اذا جاع الواحد منا تبعه جوع الاخر بشىء يسير من الزمان وان شرب احدنا دواء مسهلا انحل طبع الآخر بعد ساعة وقد يلحق احدنا الغائط ولا يلحق الآخر ثم يلحقه بعد ساعة فنظروا فاذا لهما جوف واحد وسرة واحدة ومعدة واحدة وكبد واحد وطحال واحد وليس من الالتصاق اضلاع فعلموا انهما ان فصلا تلفا ووجدوا لهما ذكران واربع بيضات وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجر فتخاصما اعظم خصومة حتى ربما حلف احدهما لاكلم الآخر اياما ثم يصطلحان
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
عمر بن اكثم
ابن احمد بن حيان بن بشر ابو بشر الاسدى ولد سنة اربع وثمانين ومائتين وولى

القضاء ببغداد فى ايام المطيع لله من قبل ابى السائب عتبة بن عبيد الله ثم ولى قضاء القضاة بعد ذلك وكان ينتحل مذهب الشافعى رحمه الله ولم يل قضاء القضاة من الشافعيين قبله غير ابى السائب فقط
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد ابن جعفر قال لما افتتح المطيع لله والامير معز الدولة احمد بن بويه البصرة فى سنة ست وثلاثين وثلثمائة خرج القاضي ابو السائب عتبة بن عبيد الله الى البصرة مهنيا لهما وكان يكتب له على الحكم عمر بن اكثم وكان قد نشأ نشوءا حسنا على صيانة تامة فقبل الحكام شهادته ثم كتب للقضاة واستخلفه ابو السائب عند خروجه على الجانب الشرقى ثم جمع البلد لأبى السائب وهو بالبصرة مع المطيع فكتب بذلك الى الحضرة واستخلفه على بغداد بأسرها فأجرى الامور مجاريها فظهرت منه خشونة فانحسم عنه الطمع ثم اصعد ابوالسائب الى الحضرة وعاد ابو بشر الى كتابته وكان جد ابيه حيان قد تقلد القضاء فى نواح كثيرة وتقلد اصبهان ثم تقلد الشرقية فنظرت فاذا ابوبشر قد جلس فى الشرقية فى الموضع الذى جلس فيه عند جد ابيه بعد مائة سنة وتوفى ابو بشر فى ربيع الاول من هذه السنة
محمد بن اسحاق بن مهران
المنقرى يعرف بشاموخ حدث عن ابى العباس البراثى والحسن بن الحباب وعلى ابن حماد الخشاب وحديثه كثير المناكير روى عنه يوسف بن عمر القواس وابن رزقويه وتوفى فى هذه السنة
محمد بن احمد بن موسى
ابن هارون بن الصلت ابو الطيب الاهوازى سكن بغداد وحدث بها عن ابى خليفة الفضل بن الحباب البصرى وغيره روى عنه الدارقطنى وكان صدوقا

وتوفى فى هذه السنة
محمد بن احمد بن يوسف
ابن جعفر ابو الطيب المغزىء يعرف بغلام ابن شنبوذ خرج من بغداد وتغرب وحدث بجرجان واصبهان عن ادريس بن عبد الكريم وابن شنبوذ وغيرهما وتوفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى عاشوراء مثل ما عمل فى السنة الماضية من تعطيل الاسواق واقامة النوح فلما اضحى النهار يومئذ وقعت فتنة عظيمة فى قطيعة ام جعفر وطريق مقابر قريش بين السنة والشيعة ونهب الناس بعضهم بعضا ووقعت بينهم جراحات
وورد الخبر بنزول جيش ضخم من الروم على المصيصة وفيه الدمستق واقام عليها سبعة ايام ونقب فى سورها نيفا وستين نقبا ولم يصل ودافعه اهلها وانصرف اذ قصرت به الميرة بعد أن اقام ببلاد الاسلام خمسة عشر يوما واحرق الدمستق المصيصة واذنة وطرسوس وذلك لمعاونتهم اهل مصيصة على الروم فظفر بهم الروم فقتلوا منهم نحو خمسة آلاف رجل وقتل اهل أذنة وطرسوس من الروم عددا كثيرا وقال الدمستق قبل انصرافه عن المصيصة يا اهل المصيصة انى منصرف عنكم لا لعجز عن فتح مدينتكم ولكن لضيق العلوفة وانا عائد اليكم بعد هذا الوقت فمن اراد منكم الهرب فليهرب قبل رجوعى فمن وجدته قتلته
وورد الخبر فى ربيع الاول ان الغلاء بانطاكية وسائر الثغور اشتد حتى لم يقدر على الخبز وانتقل من الثغور الى دمشق وغيرها خمسون الفا هربا من الغلاء وفى جمادى الاولى ورد الخبر بأن الهجر يين انفذوا سرية الى طبرية واستهدوا

من سيف الدولة حديدا فقلع ابواب الرقة وكانت من حديد وأخذ كل حديد وجد حتى أخذ صنجات الباعة والبقالين فبعثها اليهم حتى كتبوا اليه اننا قد استفنينا
وفى جمادى الآخرة اراد معز الدولة الاصعاد الى الموصل فانحدر الى الخليفة فودعه وخرج وروى هلال بن المحسن الصابى عن ابى الحسن ابن الخراسانى حاجب معز الدولة قال كنت مع معز الدولة بحضرة المطيع فلما تقوض المجلس قال لى قل للخليفة اريد أن اطوف الدار واشاهدها واتأمل صحونها وبساتينها فيتقدم الى من يمشى معى ويطيفنى فقلت له ذلك فتقدم الى خادمه شاهك وحاجبه ابن ابى عمر وفمشيا بين يديه وانا وراءهما بعدنا عن حضرة الخليفة فقالا له لا يجوز ان نتخرق الدار فى اكثر من نفسين او ثلاثة فاختر من تريد واردد الباقين فأخذ ابا جعفر الصيمرى معه ونحن عشرة من غلمانه وحجابه ووقف باقى الجند والحواشى فى صحن السلام ودخلنا ومضى الامير مسرعا فلحقته وجذبت قباءه من خلفه فالتفت الى فقلت له بالفارسية واصحاب الخليفة لا يعرفونها فى اى موضح انت حتى تسترسل هذا الاسترسال وتعدو من غير تحفظ ولا استظهار الا تعلم انه قد فتك فى هذا الدار بالف امير ووزيروما كان غرضك فى ان تطوف وحدك اليس لو وقف لنا عشرة نفر من الخدم او غيرهم فى هذه الممرات الضيقة لاخذونا فقال له الصيمرى قد صدقك فقال قد كان ذلك غلطا والآن فان رجعنا الساعة علم اننا قد فزعنا وخفنا وسقطنا بذلك من اعينهم وضعفت هيبتنا فى صدورهم ولكن احتفوا بى فان مائة من هؤلاء لا يقاومونا ونحن نسرع فى رؤية ما نراه قال فسعينا سعيا حثيثا وانتهينا الى دار فيها صنم من صفر على صورة امرأة وبين يديه اصنام صغار كالوصائف فرأينا من ذلك ما اعجبنا وتحير معز الدولة وسأل عن الصنم فقيل له هذا صنم حمل فى ايام المقتدر بالله من بلد من بلاد الهند لما فتح صاحب عمان ذلك البلد وقيل انه كان يعبد هناك فقال معز الدولة انى قد استحسنت هذا الصنم وشغفت به

ولو كانت مكانه جارية لاشتريتها بمائة الف دينار على قلة رغبتى فى الجوارى واريد أن اطلبه من الخليفة ليكون قريبا منى فأراه فى كل وقت فقال له الصيمرى لا تفعل فانه ينسبك فى ذلك الى ما ترتفع عنه قال وبادرنا بالخروج فما رجعت الينا عقولنا الا بعد اجتماعنا مع اصحابنا ونزل معز الدولة الطيار فقال لابى جعفر الصيمرى قد ازدادت محبتى للمطيع لله وثقتى به لأنه لو كان يضمر لى سوءا او يريده بى لكنا اليوم فى قبضته فقال الصيمرى الامر على ذلك وصعد معز الدولة الى داره وامر بحمل عشرة آلاف درهم الى نقيب الطالبيين ليفرقها فيهم شكر الله على سلامته
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
بكار بن احمد بن بكار
ابن بنان بن بكار بن زياد بن درستويه ابو عيسى المغزىء ولد فى صفر سنة خمس وسبعين ومائتين وحدث عن عبد الله بن احمد وغيره روى عنه ابو الحسن الحمامى وكان ثقة ينزل بالجانب الشرقى فى سوق يحيى وكان زائدا عن ستين سنة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن عند قبر ابى حنيفة فى مقبرة الخيزران
ثوابة بن احمد بن ثوابة
ابن مهران بن عبد الله ابوالحسن الموصلى قدم بغداد وحدث بها عن ابى يعلى احمد ابن على بن المثنى وغيره روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وكان صدوقا وتوفى فى محرم هذه السنة
جعفر بن محمد
بن احمد ابن الحكم ابو محمد المؤدب الواسطى الاصل سمع الباغندى والكديمى وعبد الله ابن احمد روى عنه ابن رزقويه وابو على بن شاذان وكان ثقة كثير الحديث توفى في رمضان هذه السنة

شجاع بن جعفر
ابن احمد ابو الفوارس الوراق الواعظ كان يذكر انه من ولد ابى ايوب الانصارى وحدث عن عباس الدورى وابن ابى خيثمة والكديمى وروى عنه ابو على بن شاذان وتوفى فى هذه السنة
محمد بن اسمعيل بن موسى
ابن هارون ابو الحسين الرازى المكتب سكن بغداد بقصر عيسى وحدث عن ابى حاتم الرازى وابراهيم الحربى وغيرهما وهو ضعيف وله احاديث منكرة منها ما اخبرنا به عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب اخبرنا على بن احمد الرزاز اخبرنا محمد بن اسمعيل بن موسى حدثنا عمرو بن تميم بن سيار حدثنا هوذة بن خليفة عن ابن جريج عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ان سركم ان تزكو صلاتكم فقدموا خياركم قال الخطيب هذا حديث منكر بهذا الاسناد ورجاله كلهم ثقات والحمل فيه على الرازى وكان ابو القاسم هبة الله بن الحسن الطبرى يكذبه فى روايته
محمد بن المهلب
ويلقب بندار ويكنى ابا الحسين الشيرازى كان الشبلى يعظمه وتوفى فى هذه السنة 26 محمد بن محمد بن الحسن ابو عبد الله التروغندى الطوسى صحب ابا عثمان الحيرى وكان عالى الهمة له كرامات توفى فى هذه السنة
27 - محمد بن ابى الطيب
احمد بن ابى القاسم عبد الله بن محمد البغوى يكنى ابا الفتح حدث عن بشر بن موسى وجده البغوى وتوفى فى يوم السبت لاثنتى عشرة بقيت من المحرم من هذه السنة

ابو اسحاق الهجيمى
ولد فى سنة خمسين ومائتين وسمع الحديث واقسم لا يحدث او يجوز المائة فابر الله عز و جل قسمه فجازها وحدث فى المحرم سنة احدى وخمسين وثلاثمائة وتوفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربع وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل فى يوم عاشوراء ما جرت به عادة القوم من اقامة النوح وتعليق المسوح
وفى ليلة السبت الثالث عشر من صفر انكسف القمر كله
وفى ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ربيع الآخر كبس مسجد براثا وقتل فى قوامه نفسان
وفى نيسان جاء برد كبار جدا حكى بعض من يوثق به انه وزن بردة فكان فيها مائة درهم
وفى يوم الاربعاء لاربع خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة تقلد ابو احمد الحسين بن موسى الموسوى نقابة الطالبيين بأسرهم سوى ابى الحسن ابن ابى الطيب وولده فانهم استعفوا منه فرد أمرهم الى ابى الحسن على بن موسى حمولى
وفى سحرة يوم السبت لثمان بقين من جمادى الاولى ماتت اخت معز الدولة فركب الخليفة المطيع لله فى طياره واصعد اليه الى بستان الصيمرى الذى ذكرناه انه بناه فى حوادث تلك السنة وكان صعود الخليفة اليه بسبب تعزيته باخته فلما بلغ معز الدولة صعود الخليفة اليه فى دجلة نزل اليه ووقف فى الدرجة ولم يكلفه الصعود فعزاه الخليفة فشكره معز الدولة وقبل الارض دفعات ثم

انحدر المطيع الى دارالخليفة
وورد الخبر ان ملك الروم جاءالى المصيصةففتحها وقتل من اهلها مقتلة عظيمة وساق من بقى وكانوا نحو مائتى الف وقد ذكرنا انه كان فى العام الماضى اتى نحوها ولم ينل طائلا منها لاجل قلة الميرة عليه وقال ما قال فلما كان فى هذه السنة وهى سنة اربع وخمسين وثلثمائة فتحها عنوة ومضى الى طرسوس طالبا لحصارها فأذعنوا بالطاعة فأعطاهم الامان فدخلها وأمرهم بالانتقال عنها فانتقلوا وجعل المسجد الجامع اصطبلا لدوابه ونقل ما فيه من القناديل الى بلده واحرق المنبر ثم امر بعمارتها فتراجع اهلها وتنصر بعضهم وفى هذه السنة جعل المسير بالحاج الى ابى احمد الحسين بن موسى النقيب وعمل يوم غدير خم ببغداد ما تقدم ذكره من اشعال النار فى ليلته وضرب الدبادب والبوقات وبكور الناس الى مقابر قريش
ذكر من توفى فى هذه السنة من الأكابر
احمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد
ابو الطيب الجعفى الشاعر المعروف المتنبى كان ابوه يعرف بعبدان قال شيخنا ابن ناصر سمعت ابا زكريا يقول سمعت ابا القاسم بن برهان يقول عبدان بفتح العين جمع عبدانة وهى النخلة الطويلة ومن قال عبدان بكسر العين فقد اخطأ ولد المتنبى بالكوفة سنة ثلاث وثلثمائة ونشأ بالشام فأكثر المقام بالبادية وطلب الادب وعلم العربيةوفاق اهل عصره فى الشعر واتصل بالامير ابى الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة فانقطع اليه واكثر القول فى مديحه ثم مضى الى مصر فمدح بها كافور الخادم الاخشيدى ثم ورد بعد ذلك بغداد
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا على بن المحسن

التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابوالحسن محمد بن يحيى العلوى قال كان المتنبى وهو صبى ينزل فى جوارى بالكوفة وكان ابوه يعرف بعبدان السقاء يستقى لنا ولأهل المحلة ونشأ هو محبا للعلم والأدب وصحب الاعراب فجاءنا بعد سنين بدويا قحا وكان تعلم الكتابة والقراءة واكثر من ملازمة الوراقين فأخبرنى وراق كان يجلس اليه قال لى ما رأيت احفظ من هذا الفتى ابن عبدان قلت له كيف قال كان اليوم عندى وقد احضر رجل كتابا من كتب الاصمعى نحو ثلاثين ورقة ليبيعه فاخذ ينظر فيه طويلا فقال له الرجل يا هذا اريد بيعه وقد قطعتنى عن ذلك وان كنت تريد حفظه فهذا ان شاء الله يكون بعد شهر فقال له فان كنت قد حفظته فى هذه المدة مالى عليك قال اهب لك الكتاب قال فأخذت الدفترمن يده فاقبل يتلوه على الى آخره ثم استلمه فجعله فى كمه فقام صاحبه وتعلق به وطالبه بالثمن فقال ما الى ذلك سبيل قد وهبته لى فمنعناه منه وقلنا له انت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه قال المحسن وسألت المتنبى عن نسبه فما اعترف لى به وقال انا رجل اخبط القبائل واطوى البوادى وحدى ومتى انتسبت لم آمن ان يأخذنى بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التى انتسب اليها ومادمت غير منتسب الى احد فانا اسلم على جميعهم قال المحسن واجتمعت بعد موت المتنبى بعد سنين مع القاضى ابى الحسن بن ام شيبان الهاشمى وجرى ذكر المتنبىفقال كنت اعرف اباه بالكوفة شيخا يسمى عبدان يستقى على بعير له وكان جعفيا صحيح النسب فقال وكان المتنبى لما خرج الى كلب فأقام فيهم ادعى انه علوى حسنى ثم ادعى بعد ذلك النبوة ثم عاد يدعى انه علوى الى ان شهد عليه بالشام بالكذب فى الدعوتين وحبس دهرا طويلا واشرف على القتل ثم استتيب واشهد عليه بالتوبة واطلق قال المحسن وحدثنى ابوعلى بن ابى حامد قال سمعت خلقا كثيرا بحلب يحكون وابو الطيب المتنبى بها اذ ذاك انه تنبأ فى بادية السماوة ونواحيها الى ان خرج بها لؤلؤ اميرحمص فقاتله واسره وشرد من كان اجتمع اليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب وحبسه دهرا طويلا فأعتل

وكاد يتلف فسئل فى امره فاستتابه وكتب عليه ببطلان ما ادعاه ورجوعه الى الاسلام قال وكان قد تلا على البوادى كلاما ذكر انه قرآنا انزل عليه فمن ذلك والنجم السيار والفلك الدوار والليل والنهار ان الكافر لفى أخطار امض على سنتك واقف اثر من كان قبلك من المرسلين فان الله قامع بك زيغ من الحد فى دينه وضل عن سبيله قال وكان المتنبى اذا شوغب فى مجلس سيف الدولة تذكر ان له هذا القرآن وامثاله مما يحكى عنه فينكره ويجحده قال وقال ابن خالويه النحوى يوما فى مجلس سيف الدولة لولا ان الآخر جاهر لما رضى ان يدعى بالمتنبى لان متنبى معناه كاذب ومن رضى انه يدعى بالكذب فهو جاهل فقال له انا لست ارضى ان ادعى بهذا وانما يدعونى به من يريد الغض منى ولست اقدر على الامتناع قال المحسن فاما انا فسألته فى الاهواز سنة اربع وخمسين وثلثمائة عن معنى المتنبى فأجابنى بجواب مغالط لى وقال هذا شىء كان فى الحداثة اوجبته الصورة فاستحيينا ان استقصى عليه فأمسكت
ذكر مقتل المتنبى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت الحافظ قال حدثنى على بن ايوب قال خرج المتنبى من بغداد الى فارس فمدح عضد الدولة واقام عنده مديدة ثم رجع من شيراز يريد بغداد فقتل بالطريق بالقرب من النعمانية فى شهر رمضان وقيل فى شعبان من سنة اربع وخمسين وثلثمائة وفى سبب قتله ثلاثة اقوال احدها انه كان معه مال كثير فقتله العرب لأخذ ماله فذكر بعض العلماء انه وصل اليه من عضد الدولة اكثر من مائتى الف درهم والقصيدة قصيدته التى فيها ... ولو انى استطعت حفظت طرفى ... فلم ابصر به حتى اراكا ...
وفى آخرها
... وانى شئت يا طرقى فكونى ... اذاة او نجاحا او هلاكا ...
فجعل قافية البيت الهلاك فهلك وذلك انه ارتحل عن شيراز يحسن حال وكثرة

مال ولم يستصحب خفيرا فخرج عليه اعراب فحاربهم فقتل هو وابنه محمد وبقى من غلمانه وفاز الاعراب بأمواله وكان قتله بشط دجلة فى موضع يعرف بالصافية يوم الاربعاء لثلاث بقين من رمضان سنة اربع وخمسين وثلثمائة واسم قاتله فاتك بن ابى الجهل الاسدى والثانى ان سبب قتله كلمة قالها عن عضد الدولة فدس عليه من قتله وذكر مظفر بن على الكاتب قال اجتمعت برجل من بنى ضبة يكنى ابا رشيد فذكر انه حضر قتل المتنبى وانه كان صبيا حين راهق حينئذ وكان المتنبى قد وفد على عضد الدولة وهو بشيراز ثم صحبه الى الاهواز فأكرمه ووصله بثلاثة آلاف دينار وثلاث كساء فى كل كسوة سبع قطع وثلاثة افراس بسروج محلاة ثم دس عليه من سأله اين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة بن حمدان فقال المتنبى هذا اجزل الا انه عطاء متكلف وكان سيف الدولة يعطى طبعا فاغتاظ عضد الدولة لما نقل اليه هذا واذن لقوم من بنى ضبة فى قتله اذا انصرف قال فمضيت مع ابى وكنا فى ستين راكبا فكمنا فى واد فمر فى الليل ولم يعلم به فلما اصبحنا تبعنا اثره فلحقناه وقد نزل تحت شجرة كمثرى وعندها عين وبين يديه سفرة طعام فلما رآنا قام ونادى هلموا وجوه العرب فلم يجبه احد فأحس بالداهية فركب ومعه ولده وخمسة عشر غلاما له وجمعوا الرجال والجمال والبغل فلو ثبت مع الرجالة لم يقدر عليه ولكنه برز الينا يطاردنا قال فقتل ولده واخذ غلمانه وانهزم يسيرا يسيرا فقال له غلام له اين قولك ... الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم ...
فقال له قتلتنى قتلك الله والله لا انهزمت اليوم ثم رجع كارا علينا فطعن زعيمنا فى عنقه فقتله واختلفت عليه الرماح فقتل فرجعنا الى الغنائم وكنت جائعا فلم يكن لى هم الا السفرة فأخذت آكل منها فجاء أبى فضربنى بالسوط وقال الناس فى الغنائم وانت مع بطنك اكفأ ما فى الصحاف واعطنيها فكفأت ما فيها ودفعتها وكانت فضة ورميت الدجاج والفراخ فى حجرتى والثالث ان

المتنبى هجم على ضبة الاسدى فقال ... ما انصف اليوم ضبه ... وامه الطرطبه ...
فبلغه فأقام له فى الطريق من قتله وقتل ولده وأخذ ما معه وكان ضبة يقطع الطريق ذكره هلال بن المحسن الصابى واشعاره فائقة الحسن محكمة الصناعة وقد ذكرت من منتخبها ابياتا كعادتى عند ذكر كل شاعر اذكره فمن ذلك قوله ... حاشى الرقيب فخانته ضمائره ... وغيض الدمع فانهلت بوادره ... وكاتم الحب يوم البين منهتك ... وصاحب الدمع لا تخفى سرائره ... يا من تحكم فى نفسى فعذبنى ... ومن فؤادى على قتلى يظافره ... تمضى الركائب والابصار شاخصة ... منها الى الملك الميمون طائره ... حلو خلائقه شوس حقائقه ... يحصى الحصى قبل ان يحصى مآثره ... تضيق عن جيشه الدنيا ولو رحبت ... كصدره لم تضق فيها عساكره ... وله ... لك يا منازل فى القلوب منازل ... اقفرت انت وهن منك اواهل ... يعلمن ذاك وما علمت وانما ... اولا كما يبكى عليه العاقل ... وانا الذى اجتلب المنية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل ... اثنى عليك ولو تشاء لقلت لى ... قصرت فالامساك عنى نائل ... لا تجسر الفصحاء تنشد ها هنا ... بيتا ولكنى الهزبر الباسل ... ما نال اهل الجاهلية كلهم ... شعرى ولا سمعت بسحرى بابل ... واذا أتتك مذمتى من ناقص ... فهى الشهادة لى بانى فاضل ... وله ... قد علم البين منا البين اجفانا ... تدمى والف فى ذا القلب احزانا ... قد كنت اشفق من دمعى على بصرى ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا ... تهدى البوارق اخلاف المياه لكم ... وللمحب من التذكار نيرانا ... اذا قدمت على الاحوال شيعنى ... قلب اذا شئت ان يسلاكم خانا

لا استزيدك فيما فيك من كرم ... انا الذى نام ان نبهت يقظانا ... وله ... كل يوم لك احتمال جديد ... ومسير للمجد فيه مقام ... واذا كانت النفوس كبارا ... تعبت فى مرادها الاجسام ... وله ... اجاب دمعى وما الداعى سوى طلل ... دعا فلباه قبل الركب والابل ... ظللت بين اصيحابى اكفكفه ... فظل يسفح بين العذر والعذل ... اشكو النوى ولهم من مقلتى ارق ... كذلك اشكو وما اشكو سوى الكلل ... وما صبابة مشتاق على امل ... من اللقاء كمشتاق بلا امل ... الهجر اقتل لى مما اراقبه ... انا الغريق فما خوفى من البلل ... قد ذقت شدة ايام ولذتها ... فما حصلت على صاب ولا عسل ... وقد ارانى الشباب الروح فى بدنى ... وقد أرانى المشيب الروح فى بدلى ... خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... فى طلعة البدر ما يغنيك عن زحل ... وله ... لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقى ... وللحب مالم يبق منى وما بقى ... وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ... ولكن من يبصر جفونك يعشق ... وبين الرضى والسخط والقرب والنوى ... مجال لدمع المقلة المترقرق ... واحلى الهوى ما شك فى الوصل ربه ... وفى الهجر فهو الدهر يرجو ويتقى ... وما كمد الحساد مما قصدته ... ولكنه من يزحم البحر يغرق ... وله ... من الجاذر فى زى الاعاريب ... حمر الحلى والمطايا والجلابيب ... ان كنت تسأل شكا فى معارفها ... فمن بلاك بتسهيد وتعذيب ... كم زورة لك فى الاعراب خافية ... ادهى وقد رقدوا من زورة الذيب ... ازورهم وسواد الليل يشفع لى ... وانثنى وبياض الصبح يغرى بى

قد وافقوا الوحش فى سكنى مراتعها ... وخالفوها بتقويض وتطيب ... جيرانها وهم شر الجوار لها ... وصحبها وهم شر الا صاحيب ... فؤاد كل محب فى بيوتهم ... ومال كل اخيذ المال مسلوب ... افدى ظباء فلاة ما عرفن بها ... مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب ... ولا برزن من الحمام مائلة ... اوراكهن صقيلات العراقيب ... ومن هوى كل من ليست مموهة ... تركت لون مشيبى غير مخضوب ... كأن كل سؤال فى مسامعه ... قميص يوسف فى اجفان يعقوب ... انت الحبيب ولكنى اعوذ به ... من ان اكون محبا غير محبوب ... 30 على بن محمد بن احمد
ابن اسحاق بن البهلول ابو الحسن التنوخى ولد فى شوال سنة احدى وثلثمائة وكان حافظا للقرآن قرأ على ابى بكر ابن مقسم بحرف حمزة وقرأ على ابن مجاهد بعض القرآن وتفقه على مذهب ابى حنيفة وقرأ من النحو واللغة والاخبار والاشعار وقال الشعر وتقلد القضاء بالانبار وهيت من قبل ابيه ثم ولى من قبل الراضى بالله سنة سبع وعشرين القضاء بطريق خراسان ثم صرف وبقى الى ان قلده ابو السائب عتبة بن عبيد الله فى سنة احدى واربعين وهو يومئذ يتولى قضاء القضاة بالانبار وهيت واضاف له اليهما بعد مدة الكوفة ثم اقره على ذلك ابو العباس بن ابى الشوارب لما ولى قضاء القضاة مدة ثم صرفه ثم لما ولى عمر ابن اكثم قضاء القضاة قلده عسكر مكرم وايذج مدة وحدث فروى عنه المحسن ابن على التنوخى وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
محمد بن الحسن بن يعقوب
ابن الحسن بن الحسين بن مقسم ابو بكر العطار المغزىء ولد سنة خمس وستين ومائتين وسمع ابا مسلم الكجى وثعلبا وادريس بن عبد الكريم الحداد

وغيرهم روى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وغيرهما وكان ثقة من اعرف الناس بالقراآت واحفظهم لنحو الكوفيين وله فى معانى القرآن كتاب سماه كتاب الانوار وما رأيت مثله وله تصانيف عدة ولم يكن له عيب الا انه قرأ بحروف تخالف الاجماع واستخرج لها وجوها من اللغة والمعنى مثل ما ذكر فى كتاب الاحتجاج للقرافى فى قوله تعالى فلما استياسوا منه خلصوا نجيا فقال لو قرىء خلصوا نجبا بالباء لكان جائزا وهذا مع كونه يخالف الاجماع بعيد من المعنى اذ لا وجه للنجابة عند يأسهم من اخيهم انما اجتمعوا ينتاحون وله من هذا الجنس من تصحيف الكلمة واستخراج وجه بعيد لها مع كونها لم يقرأ بها كثير وقد انكر العلماء هذا عليه وارتفع الامر الى السلطان فأحضره واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء فأذعن بالتوبة وكتب محضر بتوبته وشهد عليه جماعة ممن حضر وقيل انه لم ينزع عن تلك الحروف وكان يقرىء بها الى ان مات
اخبرنا بو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على اخبرنا ابو الحسن على بن احمد المقرئى اخبرنا ابو طاهر عبد الواحد بن عمر بن ابى هاشم قال وقد نبغ فى عصرنا هذا فزعم ان كل ما صح عنده وجه فى العربية لحروف من القرآن يوافق خط المصحف فقراءته جائزة فى الصلاة فابتدع بقوله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل واورط نفسه فى مزلة عظمت بها جنايته على الاسلام واهله وحاول الحاق كتاب الله من الباطل مالا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه اذ جعل لأهل الالحاد فى دين الله بسىء رأيه طريقا الى مغالطة اهل الحق بتخير القراآت من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون التمسك بالاثر وقد كان ابو بكر شيخنا نشله من بدعته المضلة باستتابته منها وشهد عليه الحكام والشهود والمقبولين عند الحكام بترك ما اوقع نفسه فيه من الضلالة بعد ان سئل البرهان على صحة ما ذهب اليه فلم يأت بطائل ولم تكن حجته قوية ولا ضعيفة فاستوهب ابو بكر تأديبه من السلطان عند توبته ثم عاود فى وقتنا هذا

الى ما كان ابتدعه واستغوى من اصاغر المسلمين ممن هو فى الغفلة والغباوة ظنا منه ان ذلك يكون للناس دينا وان يجعلوه فيما ابتدعه اماما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو بكر احمد بن محمدالمستملى قال سمعت ابا احمد الفرضى غير مرة يقول رايت فى المنام كأنى فى المسجد الجامع اصلى مع الناس وكأن ابن مقسم قد ولى ظهره القبلة وهو يصلى مستدبرها فأولت ذلك مخالفته الأئمة فيما اختاره من القراآت توفى ابو بكر بن مقسم يوم الخميس لثمان خلون من ربيع الآخر من هذه السنة
محمد بن عبد الله بن ابراهيم
ابن عبدويه بن موسى ابو بكر المعروف بالشافعى ولد بجبل سنة ستين ومائتين وسكن بغداد وسمع محمد بن الجهم وابا قلابة الرقاشى والباغندى وخلقا كثيرا و كان ثقة ثبتا كثير الحديث حسن التصنيف قد روى الحديث قديما فكتب عنه فى زمان ابن صاعد روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وغيرهما من الائمة وآخر من روى عنه ابو طالب بن غيلان حدثنا ابن الحصين عن ابن غيلان عنه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال لما منعت الديلم ببغداد الناس ان يذكروا فضائل الصحابة وكتب سب السلف على المساجد كان الشافعى يتعمد فى ذلك الوقت املاء الفضائل فى جامع المدينة وفى مسجده بباب الشام حسبة وقربة وحدثنى الازهرى انه سمع ابن رزقويه لما حدث يقول ادركتنى دعوة ابى بكر الشافعى انه دعا الله لى بأن ابقى حتى احدث فاستجيب له فى توفى ابو بكر الشافعى فى ذى الحجة من هذه السنة
مكى بن احمد بن سعدويه
ابو بكر البرذعى احد الرحالة فى طلب الحديث وسمع من ابن منيع وابن صاعد وغيرهما وتوفى فى هذه السنة

سنة
ثم دخلت سنة خمس وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل فى عاشوراء ما جرت به عادة القوم من النوح وغيره وورد الخبر بأن بنى سليم قطعوا الطريق على قافلة المغرب ومصر والشام الحاجة الى مكة فى سنة اربع وخمسين وكانت قافلة عظيمة وكان فيها من الحاج التجار والمنتقلين من الشام الى العراق هربا من الروم ومن الامتعة نحو عشرين الف حمل منها دق مصر الف وخمسمائة حمل ومن امتعة المغرب اثنى عشر الف حمل وانه كان فى اعدال الامتعة من الاموال العين والورق ما يكثر مقداره جدا وكان لرجل يعرف بالخواتيمى قاضي طرسوس فيها مائة وعشرون الف دينار وان بنى سليم اخذوا الجمال مع الامتعة وبقى الناص رجالة مقطعا بهم كما اصاب الناس فى الهبير سنة القرمطى فمن الناس من عاد الى مصر ومنهم وهم الاكثر من تلف
وفى جمادى الآخرة وقع برفع المواريث الحشرية وغيرها وفى رجب تم الفداء بين اسيف الدولة والروم وتسلم سيف الدولة ابا فراس بن سعيد بن حمدان وابا الهيثم بن ابى حصين بن القاضي
وفى ليلة السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان انكسف القمر كله وغاب منكسفا
وكتب معز الدولة الى طاهرك بن موسى ان يبنى موضع الحبس الجديد ببغداد مارستانا وعمل على ان يقف عليه وقفا وافرد لذلك مستغلا بالرصافة ببغداد وضياعا بكلواذى وقطر بل وجرجرايا ترتفع بخمسة آلاف دينار وابتدأ طاهرك فبنى المسناة واتمها وابتدأ بالبناء داخلها فمات معز الدولة قبل ان يستتم ذلك
وفى يوم السبت لعشر خلون من شوال ورد الخبر بأن جيشا ورد من خراسان الى الرى قاصدا لغزو الروم وكانوا بضعة عشر الف رجل اتراك وغيرهم وان ركن الدولة حمل اليهم من الدواب والثياب والاطعمة شيئا كثيرا فقبلوه

فلما كان فى يوم من الايام ركب هؤلاء الغزاة الى منازل ابن العميد وزيرركن الدولة بالرى فقتلوا من وجدوا من الديلم ونهبوا دار أبى الفضل بن العميد وزير ركن الدولة وهرب بين ايديهم فحاربهم ركن الدولة فظفر بهم وقتل منهم نحوا من الف وخمسمائة فانكشفوا من بين يديه وأخذوا طريق آذربيجان فأنفذ معز الدولة ابا العباس بن سرخاب الى بغداد خوفا من أن يصير هؤلاء الغزاة اليها فيحدثوا حادثة ورسم له كيف يحترس
وفى هذه السنة حج بالناس ابو احمد النقيب وهو الذى حج بهم فى السنة الحالية
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسين بن داود
ابن على بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب ابو عبد الله العلوى
اخبرنا زاهر بن طاهر ابو القاسم الشحامى قال انبأنا ابو عثمان اسمعيل بن عبد الرحمن الصابونى وابو بكر احمد بن الحسين البهقى وابو عثمان سعيد بن محمد وابو بكر محمد بن عبد العزيز قالوا اخبرنا الحاكم وعبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال كان الحسين بن داود شيخ آل رسول الله صلى الله عليه و سلم فى عصره بخراسان وسنى العلوية فى ايامه وكان من اكثر الناس صلاة وصدقة ومحبة لاصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم صحبته برهة من الدهر فما سمعته ذكر عثمان الا قال امير المؤمنين الشهيد رضى الله عنه وبكى وما سمعته ذكر عائشة الاقال الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله وبكى سمع من جعفر بن احمد الحافظ وعبد الله بن محمد بن شيرويه واكثر عن ابى بكر ابن خزيمة وابى العباس الثققى وهو من اجل بيت للحسنية واكثرهم اجتهادا بخراسان فان داود بن على كان المنعم على آل رسول الله صلى الله عليه و سلم فى عصره وعلى بن عيسى كان ازهد

العلوية فى عصره واكثرهم اجتهادا وكان عيسى يلقب بالفياض من كثرة عطاياه وكان محمد بن القاسم ينادم الرشيد ثم بعده المأمون وكان القاسم راهب آل محمد صلى الله عليه و سلم فى عصره والحسن بن زيد امير المدينة فى عصره واستاذ مالك بن انس وقدر روى عنه فى الموطأ توفى الحسين بن داود يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وثلثمائة بين الظهر والعصر وسمعته فى ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وثلثمائة يقول رأيت رؤيا عجيبة فسألناه عن الرؤيا فقال رأيت فى المنام كأنى على شط البحر فأذا انا بزورق كأنه البرق يمر فقالوا هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت السلام عليك يا رسول الله فقال وعليك السلام فما كان باسرع من ان رأيت زورقا آخر قد اقبل فقالوا هذا امير المؤمنين على بن ابى طالب فقلت السلام عليك يا ابت فقال وعليك السلام فما كان باسرع من ان جاء زورق آخر قد ظهر قالوا الحسن بن على فقلت السلام عليك يا ابت فقال وعليك السلام فما كان باسرع من ان جاز زورق آخر وليس فيه احد فقلت لمن هذا الزورق فقالوا هذا الزورق لك فما اتى عليه بعد هذه الرؤيا الا اقل من شهر حتى توفى
عبد الرحمن بن محمد
ابن متويه ابو القاسم الزاهد البلخى محدث بلخ فى عصره سمع من جماعة وقدم بغداد فى سنة خمسين وثلثمائة حاجا فانتخب عليه محمد بن المظفر وروى عنه ابن رزقويه والحمامى وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
36 - محمد بن الحسين بن على ابن الحسن بن يحيى بن حسان ابن الوضاح ابو عبد الله الأنبارى يعرف بالوضاحى الشاعر انتقل الى خراسان فنزلها وسكن نيسابور وكان يذكر انه سمع الحديث من المحاملى وابن مخلد وابى روق روى عنه الحاكم ابو عبد الله النيسابورى شيئا من شعره وقال كان اشعر من فى وقته ومن شعره ... سقى الله باب الكرخ ربعا ومنزلا ... ومن حله صوب السحاب المجلجل

فلو ان باكى دمنة الدار باللوى ... وجارتها ام الرباب بمأسل ... رأى عرصات الكرخ او حل ارضها ... لأمسك عن ذكر الدخول فحومل ...
توفى محمد الوضاحى بنيسابور فى رمضان هذه السنة
محمد بن احمد بن هارون
ابن محمد الريوندى المعروف بابى بكر الشافعى اخبرنا زاهر بن طاهر انبانا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال سمع ابو بكر الشافعى مع ابى بكر بن اسحاق بن مندة من ابى عبد الله محمد بن ايوب واقرانه بالرى ثم لم يقتصر على ذلك وحدث بالمناكير وروى عن قوم لا يعرفون مثل ابى العكوك الحجازى وغيره فدخلت يوما على ابى محمد عبد الله بن محمد الثقفى فعرض على حديثا باسناد مظلم عن الحجاج بن يوسف قال سمعت سمرة بن جندب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من اراد الله به خيرا فقهه فى الدين فقلت هذا باطل فقال حدثنا به ابو بكر الشافعى فقلت هذا موضوع وانما يقرب به اليك لانك من ولد الحجاج فضحك فلما كان بعد ايام دخل المسجد شيخ لا اعرفه فصلى معى ثم قال جئت فى شىء اعرضه عليك اتعرفنى قلت لا قال انا ابو بكر الشافعى انما بعث بى ابو محمد القفى اليك لأعرض حديثى عليك فلا احدث الا بما ترى فقلت دع اولا ابو العكوك الحجارى واحمد بن عمرو الزنجانى فعندى ان الله تعالى لم يخلفهما ثم اعرض على اصولك لندبر فيها فقال الله الله في فانهما رأس المال كتبت عن ابى العكوك بمكة واحمد بن عمرو ببغداد فقلت اخرج اصولك عنهما ان كان الغلط منى وحدثته ان شيخنا شهد لك بالسماع معه من محمد بن ايوب فلو اقتصرت على ذلك كان اولى بك ففارقنى على هذا فكأننى قلت له زد فيما ابتدأت فانه زاد عليه توفى فى هذه السنة
محمد بن عمر بن سلم
ابن البراء بن سبرة بن سيار ابو بكر قاضى الوصل ويعرف بابن الجعابى ولد

سنة اربع وثمانين ومائتين وحدث عن يوسف القاضى وجعفر الفريابى وخلق كثير وكان احد الحفاظ المجودين صحب ابا العباس ابن عقدة وعنه أخذ الحفظ وله تصانيف كثيرة فى علوم الحديث روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وكان ابو على الحافظ يقول ما رأيت فى البغداديين احفظ منه وقد رأى ابن صاعد وابا بكر النيسابورى وغيرهما
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى ابو الوليد الحسن بن محمد الدربندى قال سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول سمعت ابا بكر الجعابى يقول دخلت الرقة وكان لى ثم قمطر من كتب فانقذت علامى الى ذلك الرجل الذى كتبى عنده فرجع الغلام مغموما فقال ضاعت الكتب فقلت يا بنى لا تغتم فان فيها مائتا الف حديث لا يشكل على منها حديث لا اسنادا ولا متنا انبأنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن ابى على عن ابيه قال ما شاهدنا احفظ من ابى بكر الجعابى وسمعت من يقول انه يحفظ مائتى الف حديث ويجيب فى مثلها الا انه كان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق المتون بألفاظها واكثر الحفاظ يتسمحون فى ذلك وكان يزيد عليهم بحفظ المقطوع والمرسل والحكايات ولعله يحفظ من هذا قريبا مما يحفظ من الحديث المسند وكان اماما فى المعرفة بعلل الحديث وثبات الرجال ومعتلهم وضعفائهم واساميهم وانسابهم وكناهم ومواليدهم واوقات وفاتهم ومذاهبهم وما يطعن به على كل احد وما يوصف به من السداد وكان فى آخر عمره قد انتهى هذا العلم اليه حتى لم يبق فى زمانه من يتقدمه فيه فى الدنيا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن عبد الغالب الضراب قال سمعت ابا الحسن بن رزقويه يقول كان ابن الجعابى يملى فتمتلىء السكة التى يملى فيها والطريق ويحضره ابن المظفر والدارقطنى ولم يكن يملى الاحاديث كلها بطرقها الا من حفظه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الحسن بن محمد الاشقر قال سمعت القاضى ابا عمر القاسم بن جعفر الهاشمى يقول سمعت الجعابى يقول

احفظ اربعمائة الف حديث واذاكر بستمائة الف حديث قال المصنف رحمه الله كان الجعابى يتشيع ويسكن باب البصرة وسئل عن حديثه الدارقطنى فقال خلط وقال البرقانى كان صاحب غرائب ومذهبه معروف فى التشيع وقد حكى عنه قلة دين وشرب الخمر والله اعلم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الازهرى ان ابن الجعابى لما مات صلى عليه فى جامع المنصور وحمل الى مقابر قريش فدفن بها وكانت سكينة نائحة الرافضة تنوح مع جنازته وكان اوصى ان تحرق كتبه فاحرق جميعها احرق معها كتب الناس كانت عنده وقال الأزهرى فحدثنى ابو الحسين بن البواب قال كان لى عند ابن الجعابى مائة وخمسون جزءا فذهبت فى جملة ما احرق توفى ابن الجعابى فى نصف رجب من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ست وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل فى يوم عاشوراء ما يعمله القوم من النوح وغيره وتوفى معز الدولة ابو الحسين احمد بن بويه وتولى ابنه عز الدولة ابو منصور بختيار وفى يوم الخميس لسبع خلون من شعبان خلع على القاضى ابى محمد عبيد الله بن احمد بن معروف وقلد القضاء بالجانب الغربى من بغداد ومدينة المنصور وحريم دار السلطان وقلد القاضى ابو بكر احمد بن سيار القضاء فيما بقى من الجانب الشرقى ببغداد وخلع عليهما وبعد مديدة قلد القاضى ابو محمد بن معروف الاشراف على الحكم والحكام
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
احمد بن بويه
ابوالحسين الملقب معز الدولة قد ذكرنا اخبار بويه واولاده فى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة وان احمد بن بويه كان يحتطب على رأسه ثم ملكوا البلاد

واستولوا عليها وقد ذكرنا احوال ابى الحسين ابن بويه وقدومه الى بغداد فى سنة اربع وثلاثين ودخلوله له على المستكفى وحمله المستكفى الى داره وغير ذلك من احواله الى انه اصعد الى بغداد وخلف بواسطة عسكره وغلمانه والحاجب الكبير سبكتكين على ان يعود بعد عشرين يوما الى واسط فمرض ببغداد ولحقه ذرب وضعف وكان لا يثبت فى معدته طعام فعهد الى ابنه بختيار ولما نزل به الموت امر ان يحمل الى بيت الذهب واستحضر بعض العلماء فتاب على يده فلما حضر وقت الصلاة خرج ذلك الرجل الى مسجد ليصلى فيه فقال له معز الدولة لم لا تصلى ها هنا فقال ان الصلاة فى هذه الدار لا تصح وسأله عن الصحابة فذكر سوابقهم وان عليا عليه السلام زوج ابنته ام كلثوم من عمر بن الخطاب فاستعظم ذلك وقال ما علمت بهذا وتصدق بأكثر ماله واعتق مماليكه ورد كثيرا من الظالم وبكى حتى غشى عليه وحكى ابوالحسين بن الشيبة العلوى قال بينا انا فى دارى على دجلة بمشرعة القصب فى ليلة ذات غيم ورعد وبرق سمعت صوت هاتف يقول ... لما بلغت ابا الحسين ... مراد نفسك فى الطلب ... وامنت من حدث الليالى ... واحتجبت عن النوب ... مدت اليك يدى الردى ... فأخذت من بيت الذهب ...
فأرخت الوقت وكان لأربع ساعات قد مضين من ليلة الثلاثاء سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلثمائة ثم اتصل المطراياما فلما انقشع الغمام وانتشر الناس شاع الخبر بأن معز الدولة توفى فى تلك الليلة وكانت امارته احدى وعشرين سنة واحد عشر شهرا وعمره ثلاث وخمسون سنة وكان قد سد فوهة نهر الرفيل وشق النهر وانات وعمل المغيض بالسندية ورد المواريث الحشرية الى ذوى الارحام
حامد بن محمد
ابن عبد الله بن محمد بن معاذ ابو على الرفاء الهروى سمع ببغداد والكوفة ومكة

وحلوان وهمذان والرى ونيسابور ثم قدم بغداد فحدث فسمع الناس منه بانتخاب الدارقطنى وكان ثقة وتوفى بهراة فى رمضان هذه السنة
عبد الخالق بن الحسن
ابن محمد بن نصر ابو محمد السقطى سمع الباغندى روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة احد الشهود المعدلين وكان البرقانى يثنى عليه ويوثقه وتوفى فى رجب هذه السنة
عمر بن جعفر بن محمد
ابن سلم ابو الفتح الختلى ولد سنة احدى وسبعين ومائتين وسمع الحارث بن ابى اسامة والكديمى والحربى روى عنه ابن رزقويه وكان ثقة صالحا توفى فى شعبان هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
عثمان بن محمد بن بشر
ابو عمر السقطى المعروف بابن شنقة ولد سنة تسع وتسعين ومائتين وحدث عن اسمعيل القاضي وابراهيم الحربى روى عنه ابن رزقويه كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى وكان البرقانى يثنى عليه ويوثقه توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
على بن الحسين بن محمد
بن احمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان ابو الفرج الاصبهانى الكاتب حدث عن محمد بن عبد الله الحضرمى مطين وخلق كثير والغالب عليه رواية الاخبار والآداب وكان عالما بأيام الناس والسير وكان شاعرا وصنف كتبا كثيرة منها الاغانى وكتاب ايام العرب ذكر فيه الفا وسبعمائة يوم روى عنه الدارقطنى وكان يتشيع ومثله لا يوثق بروايته يصرح فى كتبه بما يوجب عليه الفسق وتهون شرب الخمر وربما حكى ذلك عن نفسه ومن تأمل كتاب الاغانى

رأى كل قبيح ومنكر توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
على بن عبد الرحمن
الملقب سيف الدولة توفى فى صفر هذه السنة بعسر البول
محمد بن احمد بن محمد
ابن احمد بن حسنون ابو الحسين المعروف بابن النرسى ولد سنة سبع وستين ومائتين وسمع ابا حفص والكتانى وكان صدوقا ثقة من اهل القرآن حسن الاعتقاد ومات فى صفر هذه السنة ودفن فى مقبرة باب حرب
محمد بن ابراهيم
ابن محمد بن خالد بن عيسى ابو العباس يعرف بالشيرجى مروزى الاصل سمع جعفر بن محمد الفريابى وحدث عنه ابن رزقويه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال محمد بن ابى الفوارس يقول مات ابوالعباس محمد بن ابراهيم المروزى لتسع بقين من ذى الحجة سنة ست وخمسين وثلثمائة وكان شيخا ثقة مستورا لا بأس به
محمد بن ابراهيم بن احمد
ابن ابى الحكم ابو عبد الله الختلى حدث عن ابى مسلم الكجى وغيره روى عنه ابو الحسين بن طلحة النعالى
محمد بن ابراهيم
الفروى سمع ابا مسلم الكجى وروى عنه ابو نعيم الاصبهانى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لى ابو نعيم هذا الشيخ من ولد اسحاق بن ابى فروة وكان شيخا له هيئة حسنة وهو ثقة

محمد بن ابراهيم بن العباس
ابن الفضيل ابو بشر الموصلى قدم بغداد سنة اثنتين وستين وثلثمائة وروى بها عن ابى يعلى الموصلى كتاب معجم شيوخه وسمع منه محمد بن ابى الفوارس
يوسف بن عمر
ابن ابى عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن اسمعيل بن حماد بن زيد ابو نصر الازدى ولد سنة خمس وثلثمائة وولى القضاء بمدينة السلام فى حياة ابيه وبعد وفاته وما زال رئيسا عفيفا نزها نبيلا بارعا فى الادب والكتابة فصيحا عارفا باللغة والشعر تام الهيبة ولا يعرف من القضاة اعرف فى القضاء منه ومن اخيه الحسين فانهما وليا القضاء بالحضرة وكذلك ابوهما عمر وجدهما محمد وابوه يوسف فأما يعقوب فانه ولى قضاء مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم تقلد فارس وما زال ابو نصر واليا على بغداد باسرها فى زمن الراضى الى السنة التى مات فيها الراضى فانه صرفه عن مدينة المنصور باخيه الحسين واقره على الجانب الشرقى والكرخ فلما مات الراضى صرف عن القضاء ببغداد وولى محمد بن عيسى المعروف بأبن أبىموسى الضرير
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى التنوخى قال انشدنى ابوالحسن احمد بن على البتى قال انشدنى ابو نصر يوسف بن عمر القاضى لنفسه ... يا محنة الله كفى ... ان لم تكفى فخفى ... ما آن ان ترحمينا ... من طول هذا النشفى ... ذهبت اطلب بختى ... فقيل لى قد توفى ... ثور ينال الثريا ... وعالم متخفى ... الحمد لله شكرا ... على نقاوة حرفى

توفى ابو نصر فى ذى القعدة من هذه السنة سنة 357 ثم دخلت سنة سبع وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل ببغداد يوم عاشوراء ما جرت عادة القوم من تعطيل الاسواق وتعليق المسوح والنوح وفى غدير خم جرت به عادتهم ايضا
وفى يوم الاثنين لثلاث بقين من ربيع الآخر صرف القاضى ابو محمد عبيد الله ابن معروف عن القضاء فى حريم دار السلطان وتقلده القاضى ابو بكر احمد بن سيار مضافا الى ما كان اليه من الجانب الشرقى وازيد ما كان الى ابن معروف من الاشراف على الحكام والاحكام
وفى ذى القعدة ورد الخبر بأن الروم سبوا من سواد انطاكية اثنى عشر الفا من المسلمين
وورد خبر الحاج بأن اكثر اهل الخراسانية هلكوا وهلكت جمالهم بالعطش ومن سلم منهم وهم الاقل ولم يلحق يوم عرفة ولم يتم لهم الحج وانما تم لنفر يسير من اهل بغداد ولم يرد من مصر غير الامام ونفسين معه ولم يحج من اهل الشام احد وورد من اليمن نفر يسير
وفى تشرين الثانى عرض للناس الماشر و وجع الحلق وكثر الموت فجاءه
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
ابراهيم المتقى لله
امير المؤمنين ابن المقتدر كان قد الجىء الى خلع نفسه على ما ذكرنا فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة ثم عاش بعد ذلك الى ان توفى فى شعبان هذه السنة وعمره يومئذ ستون سنة وايام

الحسين بن محمد
ابن عبيد بن احمد بن مخلد بن ابان ابو عبد الله الدقاق المعروف بابن العسكرى كان ينزل درب الشاكرية من الجانب الشرقى بنهر معلى حدث عن محمد بن عثمان بن ابى شيبة وابن مسروق روى عنه الازهرى والجوهرى والحلال وابو على الواسطى والازجى والتنوخى قال العتيقى كان ثقة امينا وقال ابن ابى الفوارس كان فيه تساهل توفى فى شوال هذه السنة
عبد الرحمن بن العباس
ابن عبد الرحمن بن زكريا ابو القاسم الفامى والد ابى طاهر المخلص سمع الكديمى والحربى وابا شعيب الحرانى ويوسف القاضى روى عنه ابن رزقويه وابو نعيم وكان ثقة واصابه طرش فى آخر عمره وتوفى فى رمضان هذه السنة
عمر بن جعفر
ابن عبد الله بن ابى السرى ابو حفص البصرى الحافظ ولد سنة ثمانين ومائتين وكان الناس يكتبون بافادته ويسمعون بانتخابه على الشيوخ ويقولون هو موفق فى الانتخاب وحدث عن أبى خليفة الفضل بن الحباب وزكريا الساجى والباغندى والبغوى وابن صاعد وروى عنه ابن رزقويه وقد ضعفه قوم
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال كان الدارقطنى يتبع خطأ عمر البصرى فيما انتقاه عن ابى بكر الشافعى خاصة وعمل فيه رسالة فاعتبرتها فرأيت جميع ما ذكره من الاوهام يلزم عمر غير موضعين او ثلاثة وجمع ابو بكر الجعابى اوهام عمر فيما حدث به ونظرت فى ذلك فرأيت اكثر قد حدث به عمر على الصواب بخلاف ما حكى عنه الجعابى سمعت البرقانى يقول كان عمر قد انتخب على ابن الصواف احسبه قال نخوا من عشرين جزءا فقال الدارقطنى تنتخب على ابن الصواف هذا القدر حسب وهوذا انتخب عليه تمام المائة جزء ولا يكون فيما انتخبه حديث واحد فيما انتخبه عمر ففعل ذلك توفى عمر فى جمادى الاولى

عثمان بن الحسين
ابن عبد الله ابو الحسن التميمى الخرقى حدث بمصر ودمشق عن جعفر الفريابى والبغوى وغيرهما وكان ثقة مأمونا توفى ببغداد فى درب سليمان
محمد بن اسحاق بن يعقوب
ابن اسحاق ابو بكر الشيبانى الطبرى قدم بغداد حاجا فى سنة خمسين وثلثمائة وحدث بها عن ابن رزقويه وغيره
محمد بن احمد
ابن على بن مخلد بن ابان ابو عبد الله الجوهرى المحتسب يعرف بابن المحرم كان احد غلمان محمد بن جرير الطبرى وحدث عن محمد بن يوسف بن الطباع والكديمى وغيرهما وروى عنه ابن رزقويه وابن شاذان وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو القاسم الازهرى حدثنا عبيد الله بن عمر البقال قال تزوج شيخنا ابن المحرم قال فما حملت المرأة الى جلست فى بعض الايام على العادة اكتب شيئا والمحبرة بين يدى فجاءت امها فأخذت المحبرة فلم اشعر حتى ضربت بها الارض وكسرتها فقلت لها فى ذلك فقالت بس هذه شر على ابنتى من ثلثمائة ضرة
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سألت ابا بكر البرقانى عن ابن المحرم فقال لا بأس به وسمعت محمد بن ابى الفوارس وقد سئل عنه فقال ضعيف وقال ولد سنة اربع وستين ومائتين ومات فى ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وثلثمائة وكان يقال فى كتبه احاديث مناكير ولم يكن عندهم بذاك

محمد بن جعفر
ابن احمد بن عيسى ابو الطيب الوراق يعرف بابن الكدوش سمع حامد بن محمد بن شعيب البلخى وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابورى وغيرهما وحدث فروى عنه عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال محمد بن ابى الفوارس سنة سبع وخمسين وثلثمائة فيها مات ابو الطيب محمد بن جعفر يعرف بابن الكدوش يوم الاحد لاحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى ومولده سنة ثمانين ومائتين وكان صاحب كتاب وكان ثقة مأمونا مستورا حسن المذهب سمع منه
محمد بن جعفر
ابن دران بن سليمان بن اسحاق بن ابراهيم ابو الطيب يلقب غندرا سمع ابا خليفة الفضل بن الحباب وابا يعلى الموصلى وغيرهما ولقى الجنيد واقرانه وروى عنه الدارقطنى والكتانى وانتقل الى مصر فسكنها وتوفى بها فى هذه السنة وقيل فى سنة ثمان وخمسين
محمد بن الحسين
ابن على بن ابراهيم ابو سليمان الحرانى سكن بغداد وحدث بها عن ابى خليفة وعبدان الاهوازى وابى يعلى الموصلى وغيرهم من اهل الشام ومصر كتب عنه بانتخاب الدارقطنى
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال قال محمد بن ابى الفوارس ابو سليمان الحرانى كان مولده بحران ثم انتقل الى نصيبين فاقام بها وكان شيخا ثقة مستورا حسن المذهب توفى فى يوم الثلاثاء لعشر بقين من رمضان سنة سبع وخمسين وثلثمائة

سنة
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه جرى يوم عاشوراء ما جرت به عادة الشيعة من تعطيل الاسواق واقامة النوح وكذلك فعلوا فى يوم غدير خم
وفى هذه السنة وقع الغلاء وبيع الكر بتسعين دينارا وكان الخبر يعدم وورد الخبر بأن الروم دخلوا كفر توثا فسبوا وقتلوا ثمانمائة انسان ومضوا الى حمص فوجدوا اهلها قد انتقلوا عنها فأحرقوها ونكسوا فى الثغور وسبى نحو من مائة الف انسان فارسي
وفى جمادى الاولى خرج ابو عبد الله بن أبى بكر الآدمى القارى من منزله وأخذ من بعض الصيارف فوق الألف درهم وفقد اربعة ايام لم يعرف له خبر فلما كان يوم الجمعة لاحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى وجد ميتا مطروحا فى الصراة بسرا ويله وخاتمه على اصبعه وليس به جراحة ولا أثر خنق ولا غرق وانما طرح فى الماء بعد أن مات
ودخل جوهر الى مصر يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وخمسين وخطب لبنى عبيد فى الجانبين بفسطاط مصر وسائر اعمالها يوم الجمعة لعشر ليال بقين من شعبان هذه السنة وكان الخاطب فى هذا اليوم عبد السميع بن عمر العباسى

وفى ذى الحجة نقل الامير عز الدولة معز الدولة من داره الى تربة بنيت له فى مقابر قريش

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسن بن علان
ابن ابراهيم بن مروان ابو على الخطاب الفامى ولد سنة اربع وثمانين ومائتين وحدث عن ابى خليفة وجعفر الفريابى حدث عنه ابو نعيم وقال هو ثقة وقال ابن ابى الفوارس كان كثير الحديث ثقة مستورا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
الحسن بن محمد
ابن يحيى بن جعفر ابو محمد العلوى حدث ببغداد فسمع منه ابن رزقويه وابو على ابن شاذن توفى فى هذه السنة وروى احاديث منكرة
الحسن بن محمد
ابن احمد بن كيسان ابو محمد الحربى روى عن اسمعيل بن اسحاق القاضى وغيره

روى عنه ابو على بن شاذان وابو نعيم الاصبهانى وقال كان ثقة توفى فى شوال هذه السنة
حيدرة بن عمر ابو الحسن الزندوردى احد الفقهاء على مذهب داود بن على الظاهرى توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن فى مقابر الخيزران
عبيد الله بن احمد
ابن محمد ابو الفتح النحوي يعرف بجخجخ سمع البغوى وابن دريد روى عنه محمد بن ابى الفوارس وكان ثقة توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
كافور الخادم
استولى على مصر والشام بعد موت سيده وكان سيده ابو بكر محمد بن طنج الاخشيد وكان سيده الاخشيد قد اشتراه بثمانية عشر دينارا وهو الذى قصده المتنبى ومدحه وقد تأملت مدائح المتنبى له فرأيت فيها الكلام موجها يحتمل المدح ويحتمل الذم ولعل المتنبى لعب بعقل ذلك الخادم فأن قوله ... قواصد كافور توارك غيره ...
لا شك ان من يقصد شيئا فقد ترك غيره ولا شك من قصد البحر استقل السواقيا ولكن من لنا انه اراد انك انت البحر وكذلك قوله عدوك مذموم بكل لسان يحتمل انه لا يعاديك الا مثلك ومثلك مذموم وقوله لله سرفى علاك يحتمل أن القضاء جرى بولاية مثلك لا انك تستحق ويقوى هذا الظن انه كان يخرج من عنده فيهجوه وقال ابو جعفر بن مسلم بن طاهر العلوى ما رأيت اكرم من كافور كنت اسايره يوما وهو فى موكب خفيف يريد التنزه وبين يديه عدة جنائب بمراكب ذهب وفضة وخلفه بغال الموكب فسقطت مقرعته من يده ولم يرها ركابيته فنزلت عن دابتى وأخذتها من الارض ودفعتها اليه فقال ايها الشريف اعوذ بالله من بلوغ الغاية ما ظننت ان الزمان

يبلغنى الى أن تفعل بى انت هذا وكاد يبكى فقلت انا صنيعة الاستاذ ووليه فلما بلغ باب داره ودعنى فلما سرت التفت فاذا انا بالجنائب والبغال كلها فقلت ما هذا قالوا امر الاستاذ بحمل هذا اليك فأدخلته دارى وكانت قيمته تزيد على خمسة عشر الف دينار ولى كافور مصر والشام اثنتين وعشرين سنة وخطب فيها للعلويين وتوفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وخمسين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما هو عادتهم من تعطيل الاسواق واقامة النوح واللطم
وورد الخبر فى المحرم بأن الروم وردوا مع تقفور فاحاطوا طوابسور انطاكية وملكوا البلد واخرجوا المشائخ والعجائز والاطفال من البلد وقالوا لهم امضوا حيث أردتم واخذوا الشباب من النساء والغلمان والصبيان فحملوهم على وجه السبى وكانوا اكثر من عشرين الف رجل وكان تقفور ملك الروم قدعثى وقهر بلادا كثيرة من بلاد الاسلام وعظمت هيبته وكان قد تزوج امرأة الملك الذى قبله على كره منها وكان لها ابنان من الملك فعمل تقفور على ان يخصيهما ويهديهما الى البيعة ليستريح منهما ومن ان يكون لهما نسل للملك فبلغ ذلك زوجته فقلقت وارسلت فى انه يسيرا اليها فى زى النساء ومعهما جماعة تثق بهم فى مثل زيهما واوهمت زوجها ان نسوة من اهلها زاروها فى ليلة الميلاد فجؤا وهو نائم فقتلوه واجلس فى الملك الاكبر من ولديها
وفى ربيع الاول صرف القاضى ابو بكر احمد بن سيار عن القضاء فى حريم دار السلطان ورد الى ابى محمد بن معروف
وفى ربيع الآخر ورد الخبر بأن الهجريين نادوا ان لا تخرج قافلة من البصرة الى بلد هجر ولا الى الكوفة فى البرية ولا الى مكة فمن فعل ذلك فلا ذمام له ونقصت دجلة فى هذه السنة نقصانا مفرطا وغارت الآبار وفى ذى الحجة

انقض كوكب عظيم فى اول الليل اضاءت منه الدنيا حتى صار كانه شعاع الشمس وسمع فى انقضاضه صوت كالرعد الشديد وحج بالناس ابو احمد النقيب
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
حبيب بن الحسن
ابن داود بن محمد بن عبد الله ابو القاسم القزاز سمع ابا مسلم الكجى والحسن بن علويه فى جماعة روى عنه الدارقطنى وابن شاهين وابن رزقويه وابو محمد وقال كان ثقة
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى الازهرى عن محمد بن العباس بن الفرات قال كان حبيب القزاز مستورا دفن فى الشونيزية وذكر ان قوما من الرافضة اخرجوه من قبره ليلا وسلبوه كفنه الى ان اعاد له ابنه كفنا واعاد دفنه وقال محمد بن ابى الفوارس توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة وكان ثقة مستورا حسن المذهب
على بن بندار
ابن الحسين ابو الحسن صحب بنيسابور ابا عثمان وابا حفص وبسمرقند محمد ابن الفضل وببلخ محمد بن حامد ويجوزجان ابا على الجوزجانى وبالرى يوسف بن الحسين وببغداد الجنيد وريما وسمنون وابن عطاء والجريرى وبالشام ابا عبد الله ابن الجلاء وبمصر الدقاق والروذبارى وروى الحديث وكان يتكلم على مذهب الصوفية وتوفى فى هذه السنة
محمد بن ابراهيم بن احمد
ابن محمد الاستراباذى كتب الحديث الكثير وخرج ودون الابواب والمشائخ سمع جماعة وتوفى فى هذه السنة
محمد بن احمد بن الحسن
ابن اسحاق بن ابراهيم بن عبد الله ابو على ابن الصواف ولد فى شعبان سنة سبعين

ومائتين وسمع اسحاق بن الحسن الحربى وبشر بن موسى وعبد الله بن احمد بن حنبل وغيرهم روى عنه الدارقطنى وغيره من المتقدمين ومن المتأخرين وابن رزقويه وابن بشران وابن ابى الفوارس وابو نعيم الاصبهانى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سمعت محمد بن ابى الفوارس يقول سمعت ابا الحسن الدارقطنى يقول ما رأت عيناى مثل ابى على ابن الصواف ورجل آخر بمصر لم يسمه ابو الفتح قال ابو الفتح و مات لثلاث خلون من شعبان سنة تسع وخمسين وثلثمائة وله يوم مات تسع وثمانون سنة وكان ثقة مأمونا من اهل التحرز ما رأيت مثله فى التحرز
محارب بن محمد
ابن محارب ابو العلاء القاضى الشافعى من ولد محارب بن دثار حدث عن جعفر الفريابى وغيره وكان ثقة عالما صدوقا وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما جرت به عادتهم من النوح واللطم وتطيل الاسواق
وورد كتاب ابى احمد الحسين بن موسى نقيب الطالبيين من مكة بتمام الحج فى سنة تسع وخمسين وانه لم يرد احد من قبل المغربى وان الخطبة اقيمت للمطيع لله وللهجريين من بعده وانه علق القناديل التى حملها معه خارج البيت وكان واحد منها ذهب وزنه ستمائة مثقال والباقى فضة مدة خمسة ايام حتى رآها الناس ثم ادخلت الى البيت وانه نصب الاعلام الجدد التى حملت معه وعليها اسم الخليفة وفى
اول صفر لحق المطيع سكتة آل الامر فيها الى استرخاء جانبه الايمن وثقل لسانه
وفى جمادى الآخرة ظهر جراد صغير فنسفتها الريح فصارت الارض مفروشة به

وفى شعبان تقلد ابو محمد ابن معروف قضاء القضاة وصرف ابو بكر ابن سيار من الجانب الشرقى وركب معه الوزير ابو الفضل الشيرازى وكان هذا الوزير قد اطلق من حبسه وخلع عليه خلع الوزارة وقبل ابن معروف شهادة ابى سعيد الحسن بن عبد الله السيرافى واستخلفه على الحكم من الجانب الشرقى وقيل ايضا شهادة ابى الحسن على بن عيسى الرمانى النحوى ووثبت العامة بالمطهر بن سليمان فى جامع المدينة و نسبوه الى القول بخلق القرآن
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
سليمان بن احمد الطبرانى اللخمى
ولخم قبيلة نزلت باليمن وبالشام وطبرية موضع بينه وبين بيت المقدس فرسخان فيه ولد عيسى عليه السلام يقال له بيت لحم بالحاء المهملة وكان سليمان من الحفاظ والاشداء فى دين الله تعالى وله الحفظ القوى والتصانيف الحسان وتوفى باصبهان فى هذه السنة ودفن بباب مدينة اصبهان الى جانب قبر حممة الدوسى صاحب النبي صلى الله عليه و سلم
عمر بن احمد
ابن محمد بن حمة ابو حفص الخلال كان احد الشهود المعدلين وحدث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه وكان ثقة وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
محمد بن احمد
ابن ابراهيم ابو عبد الله الاصبهانى سكن بغداد وحدث بها عن محمد بن على بن مخلد والحسن بن محمد الداركى وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سالت ابا نعيم عن هذا الشيخ فقال سمعت منه ببغداد وهو ثقة قال احمد وحدثت عن ابى الحسن ابن الفرات قال توفى ابو عبد الله الاصبهانى فى ذى القعدة سنة ستين وثلثمائة

وكان ثقة جميل الأمر ذا هيئة
محمد بن احمد بن عثمان ابن العبنر بن عثمان بن عبد الجبار ابو نصر المروزى قدم بغداد فحدث بها فى سنة اربع وخمسين وثلثمائة عن محمد بن خزيمة وابى العباس السراج وغيرهما فروى عنه الدارقطنى
محمد بن جعفر
ابن محمد بن الهيثم بن عمران بن يزيد ابو بكر البندار انباري الاصل ولد فى شوال سنة سبع وستين ومائتين وقيل ثمان وستين وسمع من احمد بن الخليل البرجلانى ومحمد بن ابى العوام الرياحى وجعفر بن محمد الصائغ وابى اسمعيل الترمذى وهو آخر من حدث عنهم
اخبرنا القزاز اخبرنا الحطيب قال سألت البرقانى عن ابن الهيثم فقلت هل تكلم فيه احد فقال لا وكان سماعه صحيحا بخط ابيه وقال محمد بن ابى الفوارس توفى يوم عاشوراء فجاءه وكان عنده اسناد انتقى عليه عمر البصرى وكان قريب الامر فيه بعض الشىء وكان له اصول بخط ابيه جياد
محمد بن الحسين
ابن عبد الله ابو بكر الآجرى سمع ابا مسلم الكجى وابا شعيب الحرانى وجعفر الفريابى وخلقا كثيرا وكان ثقة صدوقا دينا وله تصانيف كثيرة وحدث ببغداد قبل سنة ثلاثين وثلثمائة ثم انتقل الى مكة فسكنها الى ان مات بها فى هذه السنة اخبرنا محمد بن ابي طاهر البزاز عن ابيه قال حكى لنا ابو سهل محمود بن عمر العكبرى قال لما وصل ابو بكر الآجرى الى مكة استحسنها واستطابها فتحسن فى نفسه ان قال اللهم احينى فى هذه البلدة ولو سنة فسمع هاتفا يقول يا ابا بكر لم سنة بل ثلاثين سنة فلما كان فى سنة الثلاثين سمع هاتفا يقول يا ابا بكر قد وفينا بالوعد فمات تلك السنة

محمد بن جعفر
ابن محمد بن مظفر ابو عمر والزاهد سمع الكثير ورحل الى البلاد وكان له ضبط واتقان وورع فسمع بنيسابور ابراهيم بن ابى طالب ونظراءه وبالرى محمد بن ايوب البجلى وأقرانه وببغداد جعفر الفريابى وامثاله وبالكوفة عبد الله بن محمد ابن سوار وطبقته وبالبصرة ابا خليفة القاضى وبالاهواز عبدان بن احمد وبالحجاز احمد بن يزيد واقرانه وروى عنه الحفاظ وكان صابرا على الفقر وكان يتجمل بثياب للجمعات ثم ينصرف فيلبس فروا فى الشتاء ويقعد فى مسجده فيعمل ما فيه مصالح الفقراء ويضرب اللبن لقبورهم ويأكل رغيفا بجزرة او بصلة ويحيى الليل وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة وهو ابن خمس وتسعين سنة
محمد بن داود
ابو بكر الصوفى ويعرف بالرقى اصله من الدينور واقام ببغداد مدة ثم انتقل الى دمشق فسكنها وتوفى بها فى جمادى الاولى من هذه السنة وقرأ على ابن مجاهد وسمع الحديث من محمد بن جعفر الخرائطي وصحب ابا عبد الله بن الجلاء والدقاق وعمر فوق المائة سنة
محمد بن صالح
ابن على بن يحيى ابو الحارث الهاشمى يعرف بابن ام شيبان وهو اخو القاضى ابى الحسن محمد بن صالح وكان الاصغر سمع يحيى بن صاعد وغيره ودرس فقه مالك وحدث بخراسان ودخل بخارا فقلد قضاء نسا وتوفى ببغداد وقيل ببخارا فى هذه السنة
محمد بن فرخان
ابن روزبه ابو الطيب الدورى قدم بغداد وحدث بها عن ابيه احاديث منكرة وروى عن الجنيد وابن مسروق وكان فيه ظرف ولياقة غير انهم يتهمونه بوضع الحديث

سنة
ثم دخلت سنة احدى وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عمل ببغداد ما قد صار الرسم به جاريا فى كل يوم عاشوراء من غلق الاسواق وتعطيل البيع والشراء وتعليق المسوح
وانقض فى ليلة الاربعاء تاسع صفر كوكب عظيم له دوى كدوى الرعد وفى جمادى الآخرة مات ابو القاسم سعيد بن ابى سعيد الجنابى بهجر وقام من بعده بالامر اخوه ابو يعقوب يوسف ولم يبق من اولاد ابى سعيد الجنابى غيره وعقد القرامطة الامر بعد ابى يعقوب لستة نفر من اولادهم شركة بينهم وفى هذه السنة وردت كتب الحاج بأن بنى هلال اعترضوهم فقتلوا خلقا كثيرا فبطل الحج ولم يسلم الا من مضى مع الشريف ابى احمد الموسوى على طريق المدينة وتم حجهم
حاشية فى ب بخط مختلف وفيها خروم ونصها
وفى سنة احدى وثلاثين سار المعز لدين الله من القيروان بعد أن ولى جميع اعمال المغرب لمن يثق بهم وسير جوهر اليه ابا جعفر احمد بن نصر بالهدايا من مصر ووفد اليه القاضى ابو طاهر ومعه التجار ووجوه الناس ونزل المعز بقرية بولاق لليلتين خلتا من شهر رمضان فاقام بها وخرج الناس وجماعة الاشراف ووجوه اهل الملل ودخل المعز والمظلة على رأسه وتقدم الناس كلهم اليه وسلموا عليه واحد واحد حتى فرغوا وهو واقف على دابته وخطب الحسن بن زولاق بين يديه خطبة اصغى اليها ولم يزل واقفا حتى فرغ منها وهى الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين الجاحدين العاصين وصلى الله على خير امرىء دعا الى خير دين محمد سيد المرسلين وعلى اهل بيته الطاهرين على رغم انف الراغمين انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة فى القربى ولقد اجترنا على علم على العالمين السلام على امير المؤمنين المعز لدين الله السلام على الامام المنتظر السلام عليك

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
عثمان بن عمر بن خفيف
ابو عمرو المغزىء المعروف بالدراج حدث عن ابى بكر بن ابى داود روى عنه ابن رزقويه وكان من اهل القرآن والفقه والديانة والستر جميل المذهب
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال قال لى البرقانى كان عثمان بدلا من الابدال قال وذكر لى انه قال يوما فى مرضه الذى توفى فيه لرجل كان يخدمه امض فصل ثم ارجع سريعا فانك تجدنى قد مت وكانت صلاة الجمعة قد حضرت فمضى الرجل الى الجامع ورجع اليه بسرعة فوجده قد مات توفى يا مهدى الامة السلام عليك يا خليفة رب العالمين عليك يا صاحب الزمان وصاحب السر والاعلان فضائلك اكثر من ان تحصى انتم اهل البيت وفيكم نزل القرآن وبكم ظهر الايمان وبكم رجم الشيطان وبكم اضمحلت الاباطيل وبكم افتخر على الملائكة جبريل ففرح قائلا من مثلى وانا ابن بيت آل محمد جبريل خادمكم ميكائيل زائركم رحمة الله وبركاته عليكم اهل بيت انه حميد مجيد اليك امير المؤمنين خرجنا منها مهاجرين والى بيعتك جئت عما لك مقتبسين ولعبدك جوهر شاكرين اتقنا مصنفات علمك فنشرنا ما فى العالمين وبثثناها فى امصار المسلمين وشرفنا بها على الناس اجمعين فصلى الله علينا وعلى الناس ولكن اكثر الناس لا يشكرون ثم سار المعز والشريف يحدثه وخرج اليه سائر الرعية واليهود والنصارى وزينت البلد ولم ير احد راكبا الا النعمان بن محمد القاضى ودخل القاهرة ودخل الى قصره ولما بلغ الادوار لله تعالى ودخل اليه القضاة والعلماء وسائر الرعية لتهنئته ومدحه الشعراء وكانت من دخول جوهر ديار مصر الى ان قدم المعز اربع سنين وعشرين يوما وكان يطالعه بالاحوال شيئا فشيئا وفى سنة احدى وستين وثلاثمائة بنى جوهر القائد الجامع المعروف بالازهر بالقاهرة

الدارج فى رمضان هذه السنة
على بن اسحاق بن خلف
ابو الحسن القطان الشاعر المعروف بالزاهى مليح الشعر
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا الخطيب قال انشدنا التنوخى قال انشدنى محمد بن عبيد الله بن احمد الكاتب قال انشدنى على بن اسحاق بن خلف لنفسه ... قم نهنىء عاشقين ... اصبحا مصطلحين ... جمعا بعد فراق ... فجعا منه ببين ... ثم عادا فى سرور ... من صدود امنين ... فهما روح ولكن ... ركبا فى بدنين ... 85 محمد بن الحسن
ابن سعيد الخشاب ابو العباس الصوفى سمع الحديث الكثير وله حكايات عن ابى جعفر الفرغانى وابى بكر الشبلى روى عنه السلمى والحاكم ابوعبد الله وكان قد نزل نيسابور ثم خرج الى مكة فتوفى بها فى هذه السنة
محمد بن حميد
ابن سهيل بن اسمعيل بن شداد ابو بكر المخرمى سمع ابا خليفة الفضل بن الحباب وجعفر الفريابى وابن جرير فى آخرين روى عنه الدارقطنى وابن رزقويه وابو نعيم قال ابو بكر البرقانى هو ضعيف وقال محمد بن ابى الفوارس كان فيه تساهل وشرة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها دخول جموع الروم الى بلاد الاسلام فانهم دخلوا نصيبين

واستباحوا وقتلوا كثيرا من رجالها وسبوا من نسائها وصبيانها واقاموا بها نيفا وعشرين يوما وغلبوا على ديار ربيعة بأسرها وورد الى بغداد خلق كثيرمن اهل تلك البلاد فانتشروا فى الجوامع وكسروا المنابر ومنعوا الخطبة وحاولوا الهجوم على دار المطيع لله واقتلعوا بعض شبابيكها حتى غلقت ابوابها ورماهم الغلمان بالنشاب من رواشنها وحيطانها وخاطبوه بما نسبوه فيه الى العجز عن ما اوجبه الله على الائمة وافحشوا القول ووافق ذلك شخوص عز الدولة من واسط للزيارة فخرج اليه اهل الستر والصيانة من اهل بغداد منهم ابو بكر الرازى الفقيه وابو الحسن على بن عيسى النحوى وابو القاسم الداركى وابن الدقيق الفقيهان وشكوا اليه ما طرق المسلمين من هذه الحادثة فوعدهم بالغزو واستنفر الناس فخرج من العوام عدد الرمل ثم نفذ جيشا فهزم الروم وقتل منهم خلق كثير وأسر اميرهم وجماعة من بطارقته وانفذت رؤس القتلى الى بغداد وكتب معهم كتاب الى المطيع لله يبشر بالفتح
وفى شهر رمضان قتل رجل من صاحب المعونة فى الكرخ فبعث ابو الفضل الشيرازى وكان قد اقامه معز الدولة مقام الوزير من طرح النار من النخاسين الى السماكين فاحترقت اموال عظيمة وجماعة من الرجال والنساء والصبيان فى الدور والحمامات فأحصى ما احترق فكان سبعة عشر الف وثلثمائة دكان وثلثمائة وعشرين دارا اجرة ذلك فى الشهر ثلاثة واربعون الف دينار ودخل فى الجملة ثلاثة وثلاثون مسجدا فقال رجل لأبى الفضل ايها الوزير أريتنا قدرتك ونحن نؤمل الله تعالى ان يرينا قدرته فيك فلم يجبه وكثر الدعاء عليه فوزر بعد معز الدولة لابنه عز الدولة فقبض عليه وسلمه للشريف ابى الحسن محمد بن عمر العلوى فأنفذه الى الكوفة فسقى ذراريح فتقرحت مثانته فمات فى ذى الحجة من هذه السنة
وفى يوم الجمعة الثامن من شهر رمضان دخل ابو تميم معد بن اسمعيل الملقب بالمعز لدين الله مصر ومعه توابيت ابائه وكان قد مهد له ابو الحسن جوهر

الامور وأقام له الدعوة وبنى له القاهرة فنزلها وكان جوهر قد دخل الى مصر سنة ثمان وخمسين ووطأ الأمر للمعز واقام له الخطبة
وخلع المطيع فى هذه السنة على ابى طاهر بن بقية وزير عز الدولة بختيار ولقبه الناصح وكان واسع النفس وكانت وظيفته كل يوم من الملح الف رطل وراتبه من الشمع فى كل شهر الف منا وكان عز الدولة قد استوزر ابا الفضل العباس بن الحسين الشيرازى صهر المهلبى فى سنة سبع وخمسين فبقى فى وزارته سنتين وشهرين وثلاثة ايام وعز له بأبى الفرج محمد بن العباس بن فسانجس فوزر له ثلاثة عشر شهرا وعشرة ايام ثم اعاد ابا الفضل الى الوزارة فصادرالناس واحرق الكرخ فكثر الدعاء عليه فقبض بختيار قيل وكان ابو الحسن محمد بن محمد بن بقية يخدم فى مطبخ معز الدولة وينوب عنه اخوه ابو طاهر بن بقية ثم خدم عز الدولة فى مطبخه وارتفع امره الى ان احتاج اليه الوزير ابو الفضل فى حفظ غيبه عند عز الدولة ثم ضعف امر الوزيرابى الفضل ثم هلك فقلد عز الدولة وزارته ابا طاهر ابن بقية فقال الناس من الغضارة الى الوزارة وكان كريما يغطى كرمه عيوبه ووزر له اربع سنين واحد عشر يوما وتسلمه عضد الدولة وقتله وصلبه وهو ابن نيف وخمسين سنة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
ابراهيم بن محمد
ابن سختويه بن عبد الله ابو اسحاق المزكى النيسابورى سمع من محمد بن اسحاق بن خزيمة ومحمد بن اسحاق السراج وغيرهما وسمع بالرى من عبد الرحمن بن ابى حاتم وغيره وببغداد من ابى حامد الحضرمى وطبقته وبالحجاز من ابى عبيد الله الجيزى ونظرائه وبسرخس من محمد بن عبد الرحمن الدغولى واقرانه وكان ثقة ثبتا مكثرا مواصلا للحج انتخب عليه ببغداد ابو الحسن الدارقطنى وكتب الناس بانتخابه علما كثيرا وروى كتبا كبارا وقد اخبرنا ابو القاسم بن الحصين عن

ابى طالب بن غيلان عنه اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا الحسين بن احمد بن عثمان بن شيطا قال سمعت ابراهيم المزكى يقول أنفقت على الحديث بدرا من الدنانير وقدمت بغداد فى سنة ست عشرة لأسمع من ابن صاعد ومعى خمسون الف درهم بضاعة فرجعت الى نيسابور ومعى اقل من ثلثها انفقت ما ذهب منها على اصحاب الحديث
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال اخبرنى محمد بن على المغزىء عن محمد بن عبد الله الحافظ قال كان ابراهيم بن محمد المزكى من العباد المجتهدين الحجاجين المنفقين على العلماء والمستورين عقد له الاملاء بنيسابور سنة ست وثلاثين وثلثمائة وهو اسود الرأس واللحية وزكى فى تلك السنة وكنا نعد فى مجلسه اربعة عشر محدثا منهم ابو العباس الاصم وتوفى بسو سنقين ليلة الاربعاء غرة شعبان سنة اثنتين وستين وثلثمائة وحمل تابوته فصلينا عليه ودفن فى داره وهو يوم مات ابن سبع وستين سنة وسوسنقين منزل بين همذان وساوة
الحسين بن عمر
ابن ابى عمر القاضى ابو محمد بن ابى الحسين ولاه الراضى قضاء مدينة المنصور وهو حدث السن ثم ولى المتقى فاقره على ذلك الى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلثمائة ثم صرفه فقدم اصبهان وحدث عن البغوى وابن صاعد وولى قضاء يزد وتوفى بها
سعيد بن القاسم
ابن العلاء بن خالد ابو عمر البرذعى قدم بغداد وحدث بها عن جماعة فروى عنه الدارقطنى وكان احدى الحفاظ كتب عن يحيى بن محمد بن مندة وطبقته وتوفى فى هذه السنة
السرى بن احمد
ابن العسرى ابو الحسن الكندى الرفاء الموصلى الشاعر له معان حسان وهو

مجود وله مدائح فى سيف الدولة وغيره من امراء بنى حمدان وكان بينه وبين الخالدين ابى بكر وابى عثمان محمد وسعيد اهاج كثيرة فبالغا فى اذاه وقطعا اسمه من سيف الدولة وغيره فانحدر الى بغداد ومدح الوزير ابا محمد المهلبى فانحدر الخالديان وراءه ودخلا على المهلبى وثلبا وحصلا فى جملة منادميه وجعلا هجيراهما ثلبه فآل به الامر الى عدم القوت وركبه الدين ومات ببغداد
عبد الملك
ابن الحسن بن يوسف ابو عمرو المعدل ويعرف بابن السقطى سمع ابا مسلم الكجى ويوسف القاضى وجعفرا الفريابى والبغوى روى عنه ابو نعيم الحافظ وابو على ابن شاذان وكان ثقة ولم يزل مقبول الشهادة عند القضاة وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وقيل بلغ خمسا وثمانين سنة
محمد بن ابى الحسن
ابن كوثر بن على ابو بحر البربهارى حدث عن محمد بن الفرج الازرق ومحمد بن غالب التمتام وابراهيم الحربى والباغندى والكديمى وغيرهم روى عنه ابن رزقويه والبرقانى وابو نعيم وانتخب عليه الدارقطنى وقال اقتصروا على حديث ابى بحر على ما انتخبته فقد كان له اصل صحيح وسماع صحيح واصل ردىء فحدث بذاك فأفسده
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو بكر البرقانى قال سمعت من ابى بحر و حضرت عنده يوما فقال ابن السرخسى سأريكم ان الشيخ كذاب وقال لأبى بحر ايها الشيخ فلان بن فلان كان ينزل فى الموضع الفلانى هل سمعت منه قال ابو بحر نعم قد سمعت منه قال ابو بكر وكان ابن السرخسى قد اختلق ما سأله عنه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال قرأت على البرقانى وحدثنا عن

ابى بحر فقال اخرج عنه ابو الفتح بن ابى الفوارس فى الصحيح قلت له كذلك فعل ابو نعيم الحافظ فقال ابو بكر ما يساوى ابو بحر عندى كعبا ثم سمعته ذكره مرة اخرى فقال كان كذابا وقال ابن ابى الفوارس كان مخلطا وقال ابو الحسن بن الفرات اظهر منه فى آخر عمره اشياء منكرة منها انه حدث عن يحيى بن ابى طالب وعبدوس المدائنى فغفله قوم من اصحاب الحديث فقروا ذلك عليه وكانت له اصول جيدة فحلط ذلك بغيره وغلبت الغفلة عليه وتوفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه تقلد ابو الحسن محمد بن صالح بن ام شيبان الهاشمى قضاء القضاة صارفا لابى محمد بن معروف وكان ابو محمد قد طولب ببيع دار ابى منصور الشرابى على ابى بكر الاصبهانى الحاجب فامتنع فقيل له ان الوكيل الذى نصبه المطيع يبيع ذلك وليس يراد منك الاسماع الشهود والاسجال بها فامتنع فالزم فاجاب وشرط لنفسه شروطا منها انه لا يرتزق عن الحكم ولا يخلع عليه ولا يأمر مالا يوجبه حكم ولا يشفع اليه فى انفاق حق وفعل مالا يقتضيه شرع وقرر لكاتبه فى كل شهر ثلثمائة درهم و لحاجبه مائة وخمسون درهما وللفارض على بابه مائة درهم ولخازن دار الحكم والاعوان ستمائة درهم وركب الى دار المطيع حتى سلم اليه عهده وركب من غد الى المسجد الجامع فقرئ فيه عهده وتولى انشاءه ابو منصور احمد بن عبد الله الشيرازى وهو يومئذ صاحب ديوان الرسائل ونسخته
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما عهده عبد الله الفضل الامام المطيع لله امير المؤمنين الى محمد بن صالح الهاشمى حين دعا الى ما يتولاه القضاء فى مدينة المنصور والمدينة الشرقية من الجانب الغربى والجانب الشرقى من مدينة السلام والكوفة وشقى الفرات

وواسط وكوخى وطريقى الفرات ودجلة وطرف خراسان وقرميسين وحلوان وديار مضر وديار ربيعة وديار بكر والموصل والحرمين واليمن ودمشق وحمص وجند قنسرين والعواصم ومصر والاسكندرية وجندى فلسطين والاردن واعمال ذلك كلها وما يجرى مع ذلك من الاشراف على ما يختاره لنقابة العباسيين بالكوفة وشقى الفرات واعمال ذلك وما قلده اياه من القضاء وتصلح احوال الحكام واستشراف ما يجرى عليه امر الاحكام من سائر النواحى والامصار والبلاد والاقطار التى تشتمل عليها المملكة وتنتهى اليها الدعوة واقرار من يحمد هديه وطريقته واستبدال من يذم سمته وسجيته نطرا منه للكافة واحتياطا للخاصة والعامة وحنوا على الملة والذمة عن علم انه المقدم فى بيته وشرفه المبرز فى عفافه وظلفه المزكى فى دينه واما نته الموصوف فى ورعه ونزاهته المشار اليه بالعلم والحجى المجمع عليه فى الحلم والنهى البعيد من الادناس اللابس من النقاء إجمل لباس النقى الجيب المحبور بصفاء الغيب العالم بمصالح الدنيا العارف بما يفيد سلامة العقبى امره بتقوى الله فانها الجنة الواقية وان يجعل كتاب الله فى كل ما يعمل فيه رويته ويرتب عليه حكمه وقضيته امامه الذى يفزع اليه وعماده الذى يعتمد عليه وان يتخذ سنة محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم مطلوبا بقصده ومثالا يتبعه وان يراعى الاجماع وان يقتدى بالائمة الراشدين وان يعمل اجتهاده فيما لا يوجد فيه كتاب ولا سنة ولا اجماع وان يحضر مجلس قضائه من يستظهر بعلمه ورأيه وان يسوى بين الخصمين اذا تقدما اليه فى لحظه ولفظه ويوفى كلا منهما نصيبه من انصافه وعدله حتى يامن الضعيف من حيفه وييأس القوى من ميله وامره ان يشرف على اعوانه واصحابه ومن يعتمد عليه من أمنائه واسبابه اشرافا يمنع من التخطى الى السيرة المحظورة ويدفع عن الاشفاف الى المكاسب المحظورة فذكر من هذا الجنس كلاما طويلا
وفى هذه السنة نقلدا ابو محمد عبد الواحد الفضل بن عبد الملك نقابة العاسيين

وصرف القاضى ابا تمام الزينبى منها
وفيها ظهر ما كان المطيع يستره من مرضه وتعذر الحركة عليه وثقل لسانه لأجل فالج ناله قديما فدعاه سبكتكين حاجب معز الدولة الى خلع نفسه وتسليم الأمر الى ولده الطائع ففعل ذلك وعقد له الأمر فى يوم الاربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى القعدة سنة ثلاث وستين فكانت خلافة المطيع الى ان خلع نفسه وسلم الخلافة الى ولده تسعا وعشرين سنة واربعة اشهر واربعة وعشرين يوما فكتب هذا ما اشهد على متضمنه امير المؤمنين الفضل المطيع لله حين نظر لدينه ورعيته وشغل بالعلة الدائمة عن ما كان يراعيه من الامور الدينية اللازمة وانقطع افصاحه عن بعض ما يجب لله عز و جل فى ذلك فرأى اعتزال ما كان اليه من هذا الأمر وتسليمه الى ناهض به قائم بحقه بمن يرى له الرأى عقده له واشهد بذلك طوعا فى يوم الاربعاء الثالث عشر من ذى القعدة سنة ثلاث وستين وثلثمائة فكتب فيه القاضى محمد بن صالح شهد عندى بذلك احمد بن حامد بن محمد وعمر بن محمد بن احمد وطلحة بن محمد بن جعفر وكتب محمد بن صالح وقد انبأنا جماعة من اشياخنا عن ابى منصور بن عبد العزيز قال كان المطيع بعد ان خلع يسمى الشيخ الفاضل
باب ذكر خلافة الطائع لله عز و جل
اسمه عبد الكريم بن المطيع لله ويكنى ابا بكر وامه ام ولد اسمها عتب ادركت خلافته وقد ذكرنا ان المطيع خلع نفسه غير مستكره وولى الطائع فى اليوم الذى خلع فيه المطيع نفسه وكان سنه يوم ولى ثمان واربعين سنة وقيل خمسين ولم يل الامر اكبر سنا منه ولا من له اب حى سوى ابى بكر الصديق والطائع وكلاهما يكنى ابا بكر وكان الطائع ابيض اشقر حسن الجسم شديد القوة وفى رواية انه كان فى دار الخلافة ايل عظيم فكان يقتل بقرنه الدواب والبغال ولا يتمكن احد من مقاومته فاجتاز الطائع لله فرآه وقد شق روايه فقال للخدم امسكوه فسعوا خلفه حتى الجأوه الى مضيق وبادر الطائع فأمسك قرنيه

بيديه فلم يقدر ان يخلصهما واستدعى بنجار فقال ركب المنشار عليهما ففعل فلما بقيا على يسير قطعهما بيده وهرب الايل على وجهه وسقطت فرجية الطائع عن كتفيه فتطأطأ بعض الخدم ليرفع الفرجية فنظر اليه بمؤخر عينه منكر الفلعة فتركها ومضى الطائع وبقيت الفرجية الى آخر النهار ولا يجسر احد على تحريكها من موضها فلما اراد النجار الانصراف حضر خادم وقال خذ الفرجية فأخذها وكانت من الوشى القديم فباعها بمائة وسبعين دينارا ولما ولى الطائع وعليه البردة ومعه الجيش وبين يديه سبكتكين فى يوم الثلاثاء تاسع عشر ذى القعدة ومن غد هذا اليوم خلع على سبكتكين الخلع السلطانية وعقد له لواء الامارة ولقبه نصر الدولة وحضر عيد الاضحى فركب الطائع الى المصلى بالجانب الشرقى وعليه السواد قباء وعمامة وخطب خطبة خفيفة بعد ان صلى بالناس كانت الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله والله اكبر متقربا اليه ومعتمدا عليه ومتوسلا باكرم الخلق لديه الذى صيرنى اماما منصوصا عليه ووهب لى احسن الطاعة فى ما فوضه الى من الخلافة على الامة الله اكبر الله اكبر مقتربا بجميل آلائه فيما اسنده الى من حفظ الامم واموالها وذراريها وقمع بى الأعداء فى حضرها وبواديها وجعلنى خير مستخلف على من فيها الله اكبر الله اكبر تقربا بنحر البدن التى جعلها من شعائره وذكرها فى محكم كتابه واتباعا لسنة نبيه وخليله صلى الله عليه و سلم فى فدية ابينا اسماعيل وقد امر بذبحه فاستسلم لاهراق دمه وسفحه غير جزع فيما نابه ولا نكل عن ما امر به فتقربوا الى الله فى هذا اليوم العظيم بالذبائح فانها من تقوى القلوب الله اكبر الله اكبر وصلى الله على محمد خيرته من خليقته وعلى اهل بيته وعترته وعلى آبائى الخلفاء النجباء وأيدنى بالتوفيق فيما اتولى وسددنى من الخلافة فيما اعطى وانا اخوفكم معشر المسلمين غرور الدنيا فلا تركنوا الى ما يبيد ويفنى ويزول ويبلى وانى اخاف عليكم يوم الوقوف بين يدى الله غدا وصحفكم

تقرأ عليكم فمن اوتى كتابه بيمينه فلا يخاف ظلما ولا هضما اعاذنا الله واياكم من الردى واستعملنا واياكم بأعمال اهل التقوى واستغفر الله لى ولكم ولجميع المسلمين
ثم ان عز الدولة ادخل يده فى اقطاع سبكتكين فجمع سبكتكين الاتراك الذين ببغداد ودعاهم الى طاعته فأجابوه وراسل ابا اسحاق بن معز الدولة يعلمه بالحال ويطعمه ان يعقد له الامر فاستشار والدته فمنعته من ذلك فصار اليها من بغداد من الديلم وصوبوا لها محاربة سبكتكين فحاربوه فقهرهم واستولى على ما كان ببغداد لعز الدولة وثارت العامة تنصر سبكتكين وبعث سبكتكين الى عز الدولة يقول له ان الامر قد خرج عن يدك فأخرج لى عن واسط وبغداد ليكونا لى وتكون البصرة والاهواز لك ولا يفتح بيننا باب حرب وكتب عز الدولة الى عضد الدولة يستنجده فماطله بذلك ثم ان الناس صاروا حزبين فاهل التشيع ينادون بشعار عز الدولة والديلم واهل السنة ينادون بشعار سبكتكين والاتراك واتصلت الحروب وسفكت الدماء وكبست المنازل واحرق الكرخ حريقا ثانيا
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحارث بن ابى العلاء
سعيد بن حمدان ابو فراس العدوى الشاعر كان فيه شجاعة وكرم وله شعر فى نهاية الحسن وقلده سيف الدولة منبج وحران واعمالها فخرج فقاتل الروم فنكى وقتل واسر فبقى فى الاسر سنتين ثم فداه سيف الدولة وقيل انه قتل بعد ذلك وما بلغ اربعين سنة ورثاه سيف الدولة
اخنرنا ابن ناصر اخبرنا على بن احمد بن البسرى عن ابى عبد الله بن بطة قال انشدنى الحسن بن سعيد المقدسي قال انشدنى محمد بن شجاع الحبلى قال انشدنى ابو فراس بن حمدان لنفسه

المرء نصب مصائب لا تنقضى ... حتى يوارى جمسه فى رمسه ... فمؤجل يلقى الردى فى غيره ... ومعجل يلقى الردى فى نفسه ...
قال وكان عند ابى فراس اعرابى فقال اجز هذا بمثله فقال ... من يتمن العمر فليتخذ ... صبرا على فقد احبائه ... ومن يعاجل ير فى نفسه ... ما يتمناه لأعدائه ...
اخذ هذا من قول الحكيم ! من طال عمره فقد احبابه و من قصرت حياته كانت مصيبته في نفسه ومن قول الآخر ! من احب طول البقاء فليتخذ للمصائب قلبا جلدا
اخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر قالا اخبرنا ابو الحسين بن عبد الجبار قال انشدنا القاضى ابو القاسم على بن المحسن التنوخى قال انشدنا ابو الفرج الببغاء قال انشدنا ابو فراس وكتب بها الى غلامين له وهو مأسور ... هل تحسان لى رفيقا رفيقا ... يحفظ الود أو صديقا صديقا ... لا رعى الله يا حبيبى دهرا ... فرقتنا صروفه تفريقا ... بت ابكيكما وان عجيبا ... ان يبيت الاسير يبكي الطليقا ... فاذكرانى وكيف لا تذكرانى ... كل ما استخون الصديق الصديقا ...
ومن شعره المستحسن ... ولى بك من فرط الصبابة آمر ... ودونك من حسن النصون زاجر ... عفافك عنى انما عفة الفتى ... اذا عف عن لذاته وهو قادر ... نفى الهم عنى همة عدوية ... وجاش على صرف الحوادث صابر ... واسمر مما ينبت الخط ذابل ... وابيض مما يصنع الهندباتر ... لعمرك ما الابصار تنفع اهلها ... اذا لم يكن للمبصرين بصائر ... وكيف ينال المجد والجسم وادع ... وكيف يحار المجد والوفر وافر

وله ... غنى النفس لمن يعقل ... خير من غنى المال ... وفضل الناس فى الانفس ... ليس الفضل فى الحال ...
وله ... ماكنت مذ كنت الاطوع خلانى ... ليست مؤاخذة الاخوان من شأنى ... اذا خليلى لم تكثر اساءته ... فاين موقع احسانى وغفرانى ... يجنى الليالى واستحلى جنايته ... حتى ادل على عفوى واحسانى ... يجنى على واحنو دائما ابدا ... لا شىء احسن من حان على جان ...
وله ... مرام الهوى صعب وسهل الهوى وعر ... واعسر ما حاولته الحب والصبر ... اواعدتى بالوعد والموت دونه ... اذا مت عطشانا فلا نزل القطر ... بدوت واهلى حاضرون لاننى ... ارى الداردار الست من اهلها نفر ... وما حاجتى فى المال ابغى وفوره ... اذا لم يفر عوض فلا وفر الوفر ... هو الموت فاختر ما علا لك ذكره ... فلم يمت الانسان ما حسن الذكر ... وقال اصيحابى الفرار او الردى ... فقلت هما امران احلاهما مر ... سيذكرنى قومى اذا جد جدها ... وفى الظلمة الظلماء يفتقد البدر ... ولو سد غيرى ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر ... ونحن اناس لا توسط عندنا ... لنا الصدر دون العالمين او القبر ... تهون علينا فى المعالى نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغلها مهر ...
وقال وقد سمع صوت حمامة وهو مأسور ... اقول وقد ناحت بقربى حمامة ... ايا جارتى ما فاق حالك حالى ... معاذ الهوى ما ذقت طارقة الهوى ... ولا خطرت منك الهموم ببالى ... ايحمل محزون الفؤاد قوادم ... الى غصن نائى المسافة عالى ... تعالى ترى روحا لدى ضعيفة ... تردد فى جسم يعذب بالى

ايضحك مأسور وتبكى طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالى ... لقد كنت اولى منك بالدمع مقلة ... ولكن دمعى فى الحوادث غالى ...
وله أيضا ... ان فى الاسر لصبا ... دمعه فى الخد صب ... هو بالروم مقيم ... وله بالشام قلب ...
وله ايضا ... لقد ضل من تحوى هواه خريدة ... وقد ذل من تقضى عليه كعاب ... ولكننى والحمد لله حازم ... اعز اذا ذلت لهن رقاب ... ولا تملك الحسناء قلبى كله ... وان شملتها رقة وشباب ... واجرى فلا اعطى الهوى فضل مقودى ... واهفوا ولا يخفى على صواب ... بمن يثق الانسان فيما ينوبه ... ومن اين للحر الكريم صحاب ... وقد صار هذا الناس الا اقلهم ... ذئابا على اجسادهن ثياب ... تغابيت عن قومى فظنوا غباوة ... بمفرق اغبانا حصى وتراب ... ولو عرفونى حق معرفتى بهم ... اذا علموا انى شهدت وغابوا ... الى الله اشكو بثنا فى منازل ... تحكم فى اجسادهن كلاب ... فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والانام غضاب ... وليت الذى بينى وبينك عامر ... وبينى وبين العالمين خراب ... 94 عبد العزير بن احمد
ابن جعفر بن يزداد بن معروف ابو بكر الفقيه الحنبلى المعروف بغلام الخلال ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين وحدث عن محمد بن عثمان بن ابى شيبة وموسى ابن هارون وابى خليفة الفضل بن الحباب وجعفر الفريابى ومحمد بن محمد الباغندى والبغوى وابى داود و بن صاعد فى آخرين وله المصنفات الكثيرة على مذهب احمد ابن حنبل
انبأنا احمد بن الحسين بن احمد الفقيه عن القاضى ابى يعلى محمد بن الحسين قال

ابو بكر عبد العزيز له المصنفات الحسنة منها المقنع نحو مائة جزء وكتاب الشافعى نحو مائتى جزء وزاد المسافر وكتاب الخلاف مع الشافعى وكتاب القولين ومختصر الحسبة وله غير ذلك فى التفسير والاصول قال القاضى وبلغنى ان عبد العزيز قال فى علته انا عندكم الى يوم الجمعة فقيل له يعافيك الله فقال سمعت ابا بكر الخلال يقول سمعت ابا بكر المروذى يقول عاش احمد بن حنبل ثمان وسبعين سنة ومات يوم الجمعة ودفن بعد الصلاة وعاش ابو بكر المروذى ثمان وسبعين سنة ومات يوم الجمعة ودفن بعد الصلاة وانا عندكم الى يوم الجمعة ولى ثمان وسبعون سنة فلما كان يوم الجمعة مات ودفن بعد الصلاة وذلك لعشر بقين من شوال سنة ثلاث وستين وثلثمائة وقال غيره لسبع بقين من شوال ودفن عند دار الفيل بمقبرة باب الازج
على بن محمد
ابو الفتح البستى كان شاعرا مجيدا يقصد التطابق والتجانس فى شعره وابيات قصائده قليلة لأجل التجانس وقد انتقيت من جميع ديونه ابياتا مستحسنة فرتبتها على حروف المعجم وهي ... دعنى فلن اخلق ديباجتى ... ولست ابدى للورى حاجتى ... منزلتى يحفظها منزلى ... وباجتى تكرم ديباجتى ...
له ايضا ... يا ايها السائل عن مذهبى ... ليقتدى فيه بمنهاجي ... منهاجى العدل وقمع الهوى ... فهل لمنهاجى من هاجى ...
وله ايضا
... اذا رأيت الوداع فاصبر ... ولا يهمنك البعاد ... وانتظر العود عن قريب ... فان قلب الوداع عادوا ... وله ايضا ... لقاء اكثر من تلقاه اوزار ... فلا تبال اصدوا عنك او زاروا

لهم لديك اذا جاؤك اوطار ... فان قضوها تنحوا عنك اوطاروا ... اخلاقهم فتجنبهن اوعار ... وقربهم ماثم للمرء اوعار ... اوضار اخلاقهم يعدى معاشرهم ... فلا يزول فقد ما من رأوا ضاروا ...
وله ايضا
... دعونى وامرى واختيارى فاننى ... عليم بما امرى واخلق من امرى ... اذا مر بى يوم ولم اصطنع يدا ... ولم استفد علما فما ذاك من عمرى ...
وله ايضا ... كم مذنب قد ضاقنى ... فقرنته صفحا وغفرا ... كم حاسد صابرته ... فقتلته بالصبر صبرا ...
وله ايضا ... اذا خدمت الملوك فالبس من التوقى اعز ملبس ... وادخل عليهم وانت اعمى ... واخرج اذا ما خرجت اخرس ...
وله ايضا ... دعونى وسمتى فى عفافى فأننى ... جعلت عفافى فى حياتى دينى ... واعظم من قطع اليدين على الفتى ... صنيعة برنا لها من يدى دنى ... وله ايضا ... يا خادم الجسم كم تشفى بخدمته ... لتطلب الربح مما فيه خسران ... اقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم انسان ... وله ايضا ... يا ناظر العين قل هل ناظر عينى ... اليك يوما وهل تدنو خطى البين ... الله يعلم انى بعد فرقتكم ... كطائر سلخوه من جناحين ... ولو قدرت ركبت الريح تخونكم ... فان بعدى عنكم قد حنى حينى ... 96 العباس بن الحسين ابو الفضل الشيرازى وزر لعز الدولة بختياربن معز الدولة ابى الحسين وكان

ظالما فقبض عليه فقتل فى ربيع الآخر من هذه السنة وعمره تسع وخمسون سنة ودفن بمشهد على عليه السلام 97 عيسى بن موسى
ابن ابى محمد واسمه محمد بن المتوكل على الله ابو الفضل الهاشمى ولد سنة ثمانين ومائتين وسمع محمد بن خلف بن المرزبان وابا بكر بن ابى داود ولازمه نيفا وعشرين سنة روى عنه ابو على ابن شاذان وكان ثقة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت الخطيب قال قال لى على بن احمد بن عيسى المتوكلى قال لى هلال بن محمد الحفار قال لى جدك عيسى بن موسى مكثت ثلاثين سنة اشتهى ان اشارك العامة فى أكل هريسة السوق فلا اقدر على ذلك لأجل البكور الى سماع الحديث
سنة
ثم دخلت سنة اربع وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى المحرم من المدينة ان اهل العراق وخراسان والكوفة والبصرة بلغوا سميرا فرأوا هلال ذى الحجة على نقصان من ذى القعدة وعرفوا ان لاماء فى الطريق من فيد الى مكة الاصبابة لا يقوم بهم وبجمالهم فعدلوا الى بطن نخل يطلبون مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم فوصلوا اليها يوم الجمعة سادس ذى الحجة فبركت الجمال ولم تنهض فعرفوا فى المسجد وخرجوا فصلوا صلاة العيد فى مصلى النبي صلى الله عليه و سلم وكان امير الحاج ابو منصور محمد بن عمر بن يحيى العلوى وورد الناس الكوفة فى اول المحرم بعد أن لحقهم جهد شديد واقاموا بالكوفة لفساد الطريق ثم خفروا انفسهم واموالهم حتى دخلوا بغداد فى آخر الشهر
وفى يوم الاربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم اوقع العيارون حريقا

بالخشابين من باب الشعير فاحترق اكثر هذا السوق وما يليها من سوق الجزارين واصحاب الحصر وصف البوارى فهلك شىء كثير وزاد امر العيارين فى هذه السنة حتى ركبوا الدواب وتلقبوا بالقواد وغلبوا على الامور وأخذوا الخفائر عن الاسواق والدروب وكان فى جملة العيارين قائد يعرف بأسود الزبد لأنه كان يأوى قنطرة الزبد ويستعظم من حضر وهو عريان لا يتوارى فلما كثر الفساد رأى هذا الاسود من هو اضعف منه قد اخذ السيف فطلب سيفا ونهب واغار و اجتمع اليه جماعة فأخذ الاموال واشترى جارية بألف دينار فلما حصلت عنده حاول منها حاجته فمنعته فقال ما تكرهين منى قالت اكرهك كما انت فقال ما تحبين قالت ان تبيعنى قال او افعل خيرا من ذلك فحملها الى القاضى واعتقها ووهب لها الف دينار فعجب الناس من سماحة اخلاقه اذ لم يجازها على كراهيتها له ثم خرج الى الشام فهلك بها
وفى المحرم ورد الخبر بوقوع الخطبة لأبى تميم معد الملقب بالمعز بمكة والمدينة فى موسم سنة ثلاث وستين وثلثمائة وقطعت خطبة الطائع من يوم الجمعة لعشر بقين من جمادى الاولى الى ان اعيدت فى يوم الجمعة لعشر خلون من رجب فلم يخطب فى هذه المدة لامام وذلك لأجل تشعث جرى بينه وبين عضد الدولة وكان عضد الدولة قد قدم العراق فأعجبه ملكها فوضع الجند ليشغبوا على عز الدولة فشغبوا فأغلق ابوابه فأمر عضد الدولة الاستظهار عليه وذلك يوم الجمعة لأربع ليال بقين من جمادى الآخرة وكتب عن الطائع الى الآفاق باستقرار الأمر لعضد الدولة وخلع عضد الدولة على محمد بن بقية وزير عز الدولة ثم اضطربت الامور على عضد الدولة ولم يبق فى يده غير بغداد فنفذ عضد الدولة الى ركن الدولة يعلمه انه قد خاطر بنفسه وجنده وقد هذب مملكة العراق واستقاد الطائع لله الى داره وان عز الدولة عاص لا يقيم دولة وانه ان خرج من العراق لم يبعد اضطراب الممالك ويسأله المدد فلما بلغه هذه الرسالة غضب فقال للرسول قل له خرجت فى نصرة ابن اخى او فى الطمع فى مملكته فأفرج عضد الدولة

عن بختيار وخرج عضد الدولة إلى فارس وعاد جيش بختيار إليه وفي يوم الخميس لعشر خلون من ذي القعدة تزوج الطائع لله شاه زنان بنت عز الدولة على صداق مائة ألف دينار وخطب خطبة النكاح بحضرتهما أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة القاضي
وفي رجب زادت الأسعار وعدمت الاقوات وبيع الكر من الدقيق الحواري بمائة ونيف وسبعين دينارا والعشرة الامناء من السكر نيف وأربعين درهما والتمر ثلاثة أرطال بدرهم وضاقت العلوفه فبيع الحمل من التبن بعشرة دراهم وأخرج السلطان كراعه إلى السواد
وفي هذه السنة اضطرب أمر الحاج ولم يندب لهم أحد من جهة السلطان وخرجت طائفة من الخراسانية على وجه التغرير والمخاطرة فلحقهم شدة وتأخر البغداديون والتجار وأقام الحج أصحاب المغربي وأقيمت الخطبة له وفي ليلة الإثنين لتسع بقين من ذي القعدة طلع كوكب الذوابة من ناحية المشرق وله شبه الذوابة مستطيلا نحو و محين في رأى العين ولم يزل يطلع في كل ليلة إلى ليلة عشر بقين م من ذي الحجة
وفي يوم الأربعاء سلخ ذي القعدة صرف أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان عن قضاء القضاة وقلده أبو محمد بن معروف وكتب عهده
وفي يوم الأربعاء لتسع بقين من ذي الحجة خلع على الشريف أبي أحمد الحسين ابن موسى الموسوى من دار عز الدولة وقلد نقابة الطالبيين
ذكر من توفى في هذه السنة من الأكابر
سبكتكين حاجب معز الدولة خلع عليه الطائع وطوقه وسوره ولقبه نصر الدولة فسقط سبكتكين من الفرس فانكسر ضلعه فاستدعى ابن الصلت المجبر فرد ضلعه ولازمه إلى أن برأ فأغناه وأعطاه يوم أدخله الحمام ألف دينار وفرسا ومركبا

وخلعه وكان يقدر على الركوب والقيام فى الصلاة والسجود ولا يقدر على الركوع وكان يقول لطبيبه اذا تذكرت عافيتى على يدك فرحت بك ولم اقدر على مكافأتك واذا ذكرت حصول رجليك على ظهرى اشتد غيظى منك توفى يوم الثلاثاء لسبع بقين من المحرم وكانت مدة امارته شهرين وثلاثة عشر يوما وحمل تابوته الى بغداد فدفن فى تربة ابنته بالمحزم وخلف الف الف دينار مطيعية وعشرة آلاف الف درهم وصندوقين فيهما جوهر وستين صندوقا منها خمسةواربعون فيها آنية ذهب وفضة وخمسة عشر فيها بلور ومحكم ومائة وثلاثين مركبا ذهبا منها خمسون وزن كل واحد الف مثقال وستمائة مركب فضة اربعة الآف ثوب ديباجا وعشرة آلاف ثوب دبيقيا وعتابيا وغير ذلك وثلثمائة عدل فيها فرش وثلاثة آلاف رأس دابة وبغلا والف رأس من الجمال وثلثمائة غلام دارية واربعين خادما غير ما ترك عند ابى بكر البزاز صاحبه وكان لسبكتكين هذا دار المملكة اليوم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى هلال بن المحسن قال كانت دار المملكة التى بأعلى المخرم محاذية الفرضة لسبكتكين غلام معز الدولة فنقض عضد الدولة اكثرها ولم يستبق الا البيت الستينى الذى هو فى وسط اروقة من ورائها اروقة من اطرافها قباب معقودة وتنفتح ابوابه الغربية الى دجلة وابوابه الشرقية الى صحن من خلفه بستان ونخل وشجر وكان عضد الدولة جعل الدارا التى هذا البيت فيها دار العامة والبيت برسم جلوس الوزراء وما يتصل به من الاروقة والقباب مواضع للدواوين والصحن منا ما لديلم النوبة فى ليالى الصيف قال هلال وهذه الدار وما تحتوى عليه من البيت المذكور خراب ولقد شاهدت مجلس الوزراء فى ذلك ومحفل من يقصدهم ويحضرهم وقد جعله جلال الدولة اصطبلا اقام فيه دوابه وسواسه واماما بناه عضد الدولة وولده بعده من هذه الدار فهو متماسك على تشعثه قال ابن ثابت ولما ورد طغرل بك الغزى بغداد واستولى عليها عمر هذه الدار وجدد كثيرا مما كان وهي

منها سنة ثمان واربعين واربعمائة فمكثت كذلك الى سنة خمسين واربع مائة ثم احترقت وسلمت اكثر آلاتها ثم عمرت بعد واعيد كما كان وهى منها
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال حدثنى القاضى ابو القاسم على بن المحسن قال سمعت ابى يقول ماشيت الملك عضد الدولة فى دار المملكة بالمخرم التى كانت دار سبكتكين حاجب معز الدولة من قبل وهو يتأمل ما عمل وهدم منها وقد كان أراد ان يزيد فى الميدان السبكتكينى اذرعا ليجعله بستانا ويرد بدل التراب رملا يطرح التراب تحت الروشن على دجلة وقد ابتاع دورا كثيرة كبارا وصغارا ونقضها ورمى حيطانها بالعيلة تخفيفا للمؤنة واضاف عرصاتها الى الميدان وكانت مثل الميدان دفعتين وبنى على الجميع مسناة فقال لى فى هذا اليوم وقد شاهد ما شاهد تدرى ايها القاضى كم انفق على ما قلع من التراب الى هذه الغاية وبناء هذه المسناة السخيفة مع ثمن ما ابتيع من الدور واستضيف قلت اظنه شيئا كثيرا فقال لى هو الى وقتنا هذا تسعمائة الف درهم صحاحا ويحتاج الى مثلها دفعة او دفعتين حتى يتكامل قلع التراب ويحصل موضعه الرمل موازيا لوجه البتسان فلما فرغ من ذلك وصار البستان ارضا بيضاء لا شىء فيها من غرس ولا نبات قال قد انفق على هذا حتى صار كذا اكثر من الفى الف درهم ثم فكر فى ان يجعل شرب البستان من دواليب ينصبها على دجلة وعلم ان الدواليب لا تكفى فأخرج المهندسين الى الانهار التى فى ظاهر الجانب الشرقى من مدينة السلام ليستخرجوا منها نهرا يسيح ماؤه الى داره فلم يجدوا ما ارادوه الا فى نهر الخالص فعلى الارض بين البلد وبينه تعلية امكن معها ان يجرى الماء على قدر من غير ان يحدث به ضرر وعمل تلين عظيمين يساويان سطح ماء الخالص ويرتفعان عن ارض الصحراء اذرعا وشق فى وسطهما نهرا جعل له خورين من جانبيه وداس الجميع بالفيلة دوسا كثيرا حتى قوى واشتد وصلب وتلبد فلما بلغ الى منازل البلد واراد سوق النهر الى داره عمد الى دور السلسلة فدك ارضها دكا قويا ورفع ابواب الدور واوثقها وبنى جوانب النهر طول البلد بالآجر

والكلس والنورة حتى وصل الماء الى الدار وسقى البستان قال ابى وبلغت النفقة على عمل البستان وسوق الماء اليه على ما سمعته من حواشى عضد الدولة خمسة آلاف درهم ولعله قد انفق على ابنية الدار ما اظن مثل ذلك وكان عضد الدولة عازما على ان يهدم الدور التى بين داره وبين الزاهر ويصل الدار بالزاهر فمات قبل ذلك
عبد السلام بن محمد
ابن ابى موسى ابو القاسم المخرمى الصوفى سافر الكثير ولقى الشيوخ وحدث عن ابى بكر بن ابى داؤد وابى عروبة الحرانى روى عنه ابو نعيم الاصبهانى وكان ثقة حسن الاخلاف متزهدا اقام بمكة سنين وتوفى بها فى هذه السنة
الفضل المطيع لله
امير المؤمنين ابن المقتدر قد ذكرنا انه خلع نفسه لاجل مرض لازمه وولى ابنه الطائع واشهد على نفسه القضاة والعدول وكانت خلافته تسعا وعشرين سنة واربعة اشهر واحد وعشرين يوما وخرج الطائع الى واسط وحمل معه اباه المطيع فمات فى العسكر بدير العاقول فى محرم هذه السنة فكان عمره ثلاثا وستين سنة وحمل الى بغداد فدفن بتربة جدته ام المقتدر
محمد بن ابراهيم
ابن محمد ابو بكر الشاهد المعروف بالربيعى حدث عن ابن جرير الطبرى وغيره روى عنه ابو القاسم عبيد الله بن عمر البقال وغيره وقال ابن ابى الفوارس توفى فى سنة اربع وستين وثلثمائة وفيه نظر
محمد بن بدر
ابو بكر كان ابوه يعرف ببدر الحمامى غلام ابن طولون ويسمى بدر الكبير كان اميرا على بلاد فارس كلها وتوفى بتلك النواحى فقام ابنه محمد فى الناحية مقامه

وكتب السلطان اليه بالولاية مكان ابيه وكتب الى من معه من القواد بالسمع والطاعة له فكان اميرا على بلاد فارس مدة ثم قدم بغداد وحدث بها عن بكر ابن سهل الدمياطى وحماد بن مدرك وغيرهما روى عنه الدارقطنى وابو نعيم الاصبهانى وغيرهما وقال ابو نعيم ثقة صحيح السماع
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثت عن ابى الحسن بن الفرات قال توفى محمد بن بدر الحمامى سنة اربع وستين وثلثمائة وكان ثقة ان شاء الله فيما علمته ولم يكن من اهل هذا الشأن يعنى الحديث ولا يحسنه وكان له مذهب فى الرفض قال احمد وببغداد كانت وفاته
محمد بن ثابت
ابن احمد ابو بكر الواسطى قدم بغداد وحدث بها عن عباس الدورى وغيره روى عنه ابن شاهين والكتانى وكان ثقة
سنة
ثم دخلت سنة خمس وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ركن الدولة ابا على كتب الى ولده عضد الدولة ابى شجاع يعرفه انه قد كبرت سنه وقرب منه ما يتوقعه امر الله تعالى وانه يؤثر مشاهدته واجتمعوا فقسم ركن الدولة الممالك بين اولاده فجعل لعضد الدولة فارس وكرمان وارجان ولمؤيد الدولة الرى واصبهان ولفخر الدولة همذان والدينور وجعل لولده ابا العباس فى كنف عضد الدولة واوصاه به
وفى يوم الثلاثاء سادس عشر رجب جلس قاضى القضاة ابو محمد بن معروف فى دار عز الدولة ونظر فى الاحكام لأن عز الدولة اقترح ذلك عليه ليشاهد مجلس حكمه
وفى ذى القعدة خلع على ابى عبد الله احمد بن محمد بن عبيد الله العلوى لامارة الحاج من دار عز الدولة وحج بالناس علوى من جهة العزيز صاحب مصر

واقيمت الدعوة له بمكة والمدينة على رسم المعز أبيه بعد ان حوصر اهل مكة فمنعوا الميرة وقاسوا شدة شديدة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
احمد بن جعفر
ابن مسلم بن راشد ابو بكر الختلى ولد سنة ثمان وسبعين ومائتين سمع ابا مسلم الكجى وعبد الله بن احمد بن حنيل وخلفا كثيرا وكتب من التفاسير والقراءات شيئا كثيرا وكان صالحا دينا مكثرا ثقة ثبتا كتب عنه الدارقطنى وروى عنه ابن رزقويه والبرقانى وابو نعيم الأصبهانى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا ابو القاسم الحسين بن احمد بن عثمان بن شيطا قال حضرنا عند ابى بكر بن مسلم لنسلم عليه فقال له بعض الحاضرين ابقاك الله فقال ما احب البقاء لانى منذ سنة لم احضر الجمعة وهذه الصيفة كلها لم انم بالليل على السطح ومذ شهر لم آكل الخبز انما اسف الفتيت فلست احب الحياة وهذه حالى قال فانصرفنا من عنده فلم يلبث الا يسيرا حتى مات توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن فى باب مقبرة الخيزران الى جانب ابن المنادى
الحسين بن محمد
ابن احمد ابو على الماسر حسبى الحافظ رحل وسمع وكتب الكثير وفى بيته وسلفه بضع عشر محدثا وصنف المسند الكبير فى الف وثلثمائة جزء مهذبا بعلله وجمع حديث الزهرى جمعا لم يسبق اليه وصنف المغازى والقبائل واكثر المشائخ والابواب وخرج على كتاب البخارى ومسلم وكان ثبتا وتوفى يوم الثلاثاء تاسع رجب من هذه السنة

معد بن اسمعيل
ابن عبيد الله ابو تميم صاحب مصر وهو اول من ظهر منهم بالمغرب وتلقب المعز لدين الله وتقلد الامر فى يوم الجمعة تاسع عشرين شوال سنة احدى واربعين وثلثمائة فاقام ناظرا ثلاثا وعشرين سنة وخمسة اشهر وستة وعشرين يوما منها بمصر ثلاث سنين وكان جوهر قد دخل مصر سنة ثمان وخمسين فوطد الامر بمصر لمعد وبنى له القاهرة واقام له الخطبة فدخل الى مصر سنة اثنتين وستين وكان بطاشا احضر يوما ابا بكر النابلسى الزاهد وكان ينزل الاكواخ من ارض دمشق فقال له بلغنا انك قلت اذا كان مع الرجل المسلم عشرة اسهم وجب ان يرمى فى الروم سهما واحدا وفينا تسعة فقال ما قلت هكذا فظن انه رجع عن قوله فقال كيف قلت قال قلت اذا كان معه عشرة وجب ان يرميكم بتسعة ويرمى العاشر فيكم ايضا فانكم غيرتم الملة وقتلتم الصالحين وادعيت نور الألهية فأمر حينئذ ان يشهر فشهر فى اليوم الاول وضرب بالسياط فى اليوم الثانى واخرج فى اليوم الثالث فسلخ سلخه رجل يهودى وكان يقرأ القرآن ولا يتأوه قال اليهودى لداخلنى له رحمة فطعنت بالسكين فى فؤاده حتى مات عاجلا حكى صاحب النابلسى قال مضيت مستخفيا اول يوم فتراءيت له وهو يشهر فقلت ما هذا فقال امتحان فلما كان اليوم الثانى رأيته يضرب فقلت ما هذا فقال كفارات فلما اخرج فى اليوم الثالث يسلخ قلت ما هذا قال ارجو ان تكون درجات وكان كافور الاخشيدى قد بعث الى هذا النابلسى بمال فرده وقال للرسول قل له قال الله اياك نعبد واياك نستعين والاستعانة به تكفى فرد كافور الرسول اليه وقال له اقرأ له ما فى السموات وما فى الارض وما بينهما وما تحت الثرى فأين ذكر كافور هاهنا وهل المال الا له فقال ابو بكر كان رصوفى لا نحن فقبله وكان المعز مغرى بالنجوم فحكم له فاستشار منجميه فأشير عليه ان يعمل سردابا تحت الارض ويتوارى فيه الى ان يجوز الوقت فعمل على ذلك واحضرقواده وقال قد جعلت ولدى نزارا خليفتى

مدة غيبتى ووصى الى ولده وجعل جوهر يدبره ونزل الى السرداب فأقام فى سنة وكانت المغاربة اذا رأت غماما ساريا ترجل الفارس منهم الى الارض واومأ بالسلام تقديرا ان المعز فيه ثم خرج بعد ذلك وجلس للناس واقام مديدة ثم توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ست وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه توفى ابو على بن بويه فى المحرم فوجد عضد الدولة طريقا الى ما كان يخفيه من قصد العراق
وفى ليلة الثلاثاء لست بقين من جمادى الاولى نقلت بنت عز الدولة زوجة الطائع اليه
وبلغت زيادة دجلة فى رمضان وهو الخامس والعشرين من نيسان احد وعشرين ذراعا وانفجر بالزاهد يثق وبباب التبن آخر
وفى شوال ورد ابو بكر محمد بن على بن شاهويه صاحب القرامطة الى الكوفة ومعه الف رجل منهم واقام الدعوة بها وبسوراء والنيل للطائع لله ولعضد الدولة وكانت وقعة بين عضد الدولة وعز الدولة فأسر فيها غلام تركى لعز الدولة لم يكن من قبل بأحظى غلمانه ولا باقربهم منه فجن عليه جنونا وحزن عليه حزنا شديدا وتسلى عن كل شىء الا عنه وزال تماسكه واطرح القرار وامتنع من المطعم والمشرب وانقطع الى البكاء واحتجب عن الناس وكان اذا وصل اليه وزيره او قواده قطعهم بالشكوى لما حل به وحرم على نفسه الجلوس فى الفرش والمخاد وكتب الى عضد الدولة يسأله رد الغلام اليه وكتب الى خواصه المطيفين به يسألهم معونته على ما رغب إليه فصار ضحكة بين الناس وعاتبه الخلق فما ارعوى وانفذ الشريف ابا احمد الحسين بن موسى رسولا اليه فى هذا الامر وبذل له على يده فدية الغلام جاريتين عوادتين لم يكن لهما نظير وقد بذل له فى احدا هما مائة الف فأبى ان يبيعها وقال له ان وقف عليك هذا

الامر فى الفداء فزد ما ترى ولا تفكر فيما بينى وبين عضد الدولة الا فى هذا الغلام فقد رضيت ان آخذه وامضى الى اقصى الارض فلما ادى الرسالة امر عضد الدولة برد الغلام
وفى هذه السنة حج بالناس ابو عبد الله احمد بن ابى الحسين محمد بن عبيد الله العلوى وكذلك الى سنة ثمانين وثلثمائة
وفيها خطب للمغاربة فى مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان فى حاج هذه السنة جميلة بنت ناصر الدولة ابى محمد بن حمدان وكان معها اخواها ابراهم وهبة الله فضرب بحجها المثل فانها استصحبت اربعمائة جمل عليها محامل عدة ولم يعلم فى ايها كانت ونثرت على الكعبة حين شاهدتها عشرة آلاف دينار من ضرب ابيها وكست المجاورين بالحرمين وانفقت الاموال الجزيلة وقتل اخوها فى الطريق فتصدقت بدمه
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
107 - اسمعيل بن نجيد
ابن احمد بن يوسف بن سالم ابو عمر السلمى صحب ابا عثمان ولقى الجنيد وسمع الحديث ورواه وكان ثقة وتوفى فى هذه السنة
اخبرنا محمد بن ناصر انبأنا ابو بكر بن خلف اخبرنا ابو عبد الرحمن السلمى قال سمعت جدى اسمعيل بن نجيد يقول من لم تهذبك رؤيته فاعلم انه غير مهذب انبأنا ا زاهر بن طاهر اخبرنا احمد بن الحسين البيهقى حدثنا ابو عبد الله الحاكم قال سمعت ابا سعيد بن ابى بكر بن ابى عثمان يقول كان جدى طلب شيئا لبعض الثغور وتأخر ذلك عنه وضاق به ذرعا وبكى على رؤس الناس فجاءه ابو عمرو ابن نجيد بعد العتمة ومعه كيس فيه الفا درهم فقال تجعل هذا فى الوجه الذى تأخر ففرح ابو عثمان بذلك ودعا له فلما جلس ابو عثمان قال ايها الناس قد رجوت لابى عمر ومما فعل فانه تاب عن الجماعة فى ذلك الامر وحمل كذا وكذا

فجزاه الله عنى خيرا فقام ابو عمر وعلى رؤس الناس فقال انما جعلت ذلك من مال امى وهى غير راضية فينبغى ان يرد على لأرده اليها فأمر ابو عثمان بذلك الكيس فأخرج ورده اليه على رؤس الناس وتفرق الخلق فلما جن عليه الليل جاء الى ابى عثمان فى مثل ذلك الوقت وقال يمكن ان يجعل هذا فى ذلك الوجه من حيث لا يعلم به غيرنا فبكى ابو عثمان وكان بعد ذلك يقول انا اخشى من همة ابى عمرو
108 - الحسن بن بويه
ابو على ركن الدولة قد ذكرنا انه قسم المملكة بين اولاده الثلاثة توفى عن قولنج عرض له فى ليلة السبت ثامن عشرين محرم هذه السنة وكانت امارته اربعا واربعين سنة وشهرا وتسعة ايام ومدة عمره ثمانا وسبعين سنة
109 - الحسين بن ابى النجم
بدر بن هلال المؤدب روى عن ابى مزاحم الخاقانى روى عنه ابو العلاء الواسطى وكان يؤدب الطائع لله خرج معه الى الاهواز فتوفى فى هذه السنة وكان ثقة جميل الامر
110 - محمد بن اسحاق بن ابراهيم ابن افلح بن رافع بن ابراهيم بن افلح بن عبد الرحمن بن عبيد بن رفاعة بن رافع ابو الحسن الانصارى الزرقى وكان رفاعة احد النقباء عقبيا شهد احدا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان محمد بن اسحاق نقيب الانصار ببغداد وحدث عن البغوى وغيره قال محمد بن ابى الفوارس كان ثقة وعن ابى الحسن بن الفرات قال كان محمد بن اسحاق الزرقى ثقة جميل الامر حافظا لامور الانصار ومناقبهم ومشاهدهم وقد كتبت عنه شيئا يسيرا وذكر لى ان كتبه تلفت وتوفى فى جمادى الآخرة سنة ست وستين وثلثمائة ودفن فى مقابر الانصار عند ابيه

111 - محمد بن الحسن بن احمد
ابن اسمعيل ابو الحسن السراج سمع يوسف بن يعقوب القاضى وابا شعيب الحرانى وابا جعفر الحضرمى وغيرهم وكان شديد الاجتهاد فى العبادة وكان يشبه بابى يونس القوى صلى حتى اقعد ثم بكى حتى عمى وتوفى يوم عاشوراء فى هذه السنة
سنة 367
ثم دخلت سنة سبع وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى صفر الى الكوفة بوفاة ابى يعقوب يوسف ابن الحسن الجنابى القرمطى صاحب هجر فاغلقت اسواق الكوفة ثلاثة ايام وفى ربيع الاول زلزلت بغداد
وفى ربيع الآخر عبر عز الدولة الى الجانب الغربى على جسر عقده ودخل الى قطريل وتفرق عنه ديلمته ودخل اوائل اصحاب عضد الدولة ثم نزل عضد الدولة بالخيم فى الشفيعى وخرج الطائع متلقيا له وضربت القباب المزينة ودخل البلد ثم خرج عضد الدولة ومعه الطائع ليقاتل عز الدولة بختيار فلما اراد الخروج دخل عليه ابو على الفارسى فقال له ما رأيك في صحبتنا فقال انا من رجال الدعاء لا اللقاء فخار الله للملك فى عزيمته وانجح قصده فى نهضته وجعل العافية زاده والظفر تجاهه والملائكة انصاره ثم انشد ... ودعته حيث لا تودعه ... نفس ولكنها تسير معه ... ثم تولى وفى الفؤاد له ... ضيق محل وفى الدموع سعه ...
فقال عضد الدولة بارك الله فيك فانى اثق بطاعتك واتيقن صفاء طويتك وقد انشدنا بعض اشياخنا بفارس ... قالوا له اذ سار جانبه ... فبدلوه البعد بالقرب ... والله ما شطت نوى ظاعن ... سار من العين الى القلب

فدعا له ابو على وقال ائذن مولانا فى نقل هذين البيتين فأذن له فاستملاهما منه فلما خرج للقتال التقوا فأخذ عز الدولة اسيرا وقتل ثم ركب بعد ذلك عضد الدولة الى دار الطائع لله فى يوم الاحد لتسع خلون من جمادى الاولى ومعه اصناف الجند والاشراف والقضاة والشهود والاماثل والوجوه فخلع عليه الخلع السلطانية وتوجه بتاج مرصع بالجوهر وطوقه وسوره وقلده سيفا وعقد له لوائين بيده احدهما مفضض على رسم الامراء والآخر مذهب على رسم ولاة العهود ولم يعقد هذا اللواء الثانى لغيره قبله ممن يجرى مجراه ولقبه تاج الملة مضافا الى عضد الدولة وكتب له عهدا وقرئ العهد بحضرته ولم تجر العادة بذلك وانما كانت العهود تدفع الولاة بحضرة الخلفاء فاذا أخذه الرجل منهم قال له هذا عهدى اليك فاعمل به وحمله على فرس بمركب ذهب وقاد بين يديه آخر بمركب مثله فخرج وجلس فى الطيار الى داره وجلس من الغد بالخلع والتاج على السرير للهناء وتقدم باخراج عشرين الف درهم فى الصدقات ففرقت على سائر الملل وبعث اليه الطائع هدايا كثيرة طريفة فبعث هو خمسمائة جمال وحمل خمسين الف الف دينار والف الف درهم وخمسمائة ثوب انواعا وثلاثين صينية فضة فيها العنبر والمسك والنوافح
وفى شهر رمضان وردت المدود العظيمة بتامرا فقلعت سكر السهلية وتناهت زيادة دجلة حتى انتهت الى احدى وعشرين ذراعا وانفجر بالزاهر من الجانب الشرقى بثق غرق الدور والشوارع وانفجر بثق من الخندق غرق مقابر باب التبن وقطيعة ام جعفر وخرج سكان الدور الشارعة على دجلة منها وغار الماء من آبارها وبلاليعها وانهم الناس نفوسهم خوفا من غرق البلد كله ثم نقص الماء وفى يوم الاحد سابع ذى القعدة كانت بسيراف زلزلة هدمت المنازل واتت على ما فيها من الاموال وهلك بها اكثر من مائتى انسان
وفى هذه السنة جرت لابى الحسين بن سمعون قصة عجيبة مع عضد الدولة اخبرنا بها ابو الحسن علي بن المعافة الفقيه قال حدثنا ابو بكر محمد بن عبد الباقى البزاز قال

اخبرنا القاضى ابو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى اجازة قال حدثنا ابو الحسن على بن نصر بن الصباح قال حدثنا ابو الثناء شكر العضدى قال دخل عضد الدولة الى بغداد وقد هلك اهلها قتلا وحرقا وجوعا للفتن التى اتصلت فيها بين الشيعة والسنة فقال آفة هؤلاء القصاص يغرون بعضهم ببعض ويحرضونهم على سفك دمائهم واخذ اموالهم فنادى فى البلد لا يقص احد فى جامع ولا طريق ولا يتوسل متوسل بأحد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن احب التوسل قرأ القرآن فمن خالف فقد اباح دمه فرفع اليه فى الخبران ابا الحسين ابن سمعون الواعظ جلس على كرسيه يوم الجمعة فى جامع المنصور وتكلم على الناس فأمرنى ان انفذ اليه من يحصله عندى ففعلت فدخل على رجل له هيبة وعلى وجهه نور فلم املك ان قمت اليه واجلسته الى جانبى فسلم ينكر ذلك وجلس غير مكترث واشفقت والله ان يجرى عليه مكروه على يدي فقلت ايها الشيخ ان هذا الملك جلد عظيم وما كنت اوثر مخالفة امره وتجاوز رسمه والآن فانا موصلك اليه فكما تقع عينك عليه فقبل التراب وتلطف فى الجواب اذا سألك واستعن الله عليه نعساه يخلصك منه فقال الخلق والامر لله فمضيت به الى حجرة فى آخر الدار قد جلس فيها الملك منفردا خيفة ان يجرى من ابى الحسين بادرة بكلام فيه غلظ فتسير به الركبان فلما دنوت من الحجرة وقفته وقلت له اياك ان تبرح من مكانك حتى اعود واذا سلمت فليكن بخشوع وخضوع ودخلت لاستأذن له فالتفت فاذا هو واقف الى جانبى قد حول وجهه نحو دار بختيار واستفتح وقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهى ظالمة ان اخذه اليم شديد
ثم حول وجهه نحو الملك وقال بسم الله الرحمن الرحيم ثم جعلنا كم خلائف فى الارض من بعدهم لننظر كيف تعملون واخذ فى وعظه فاتى بالعجب فدمعت عين الملك وما رأيت ذلك منه قط وترك كمه على وجهه وتراجع ابو الحسين فخرج ومضى الى حجرتى فقال الملك امض الى بيت المال وخذ

ثلاثة الاف درهم والى خزانة الكسوة وخذ منها عشرة اثواب وادفع الجميع اليه فان امتنع فقل له فرقها فى فقراء اصحابك قال قبلها فجئنى برأسه فاشتد جزعى وخشيت ان يكون هلاكه على يدى ففعلت وجئته بما امر وقلت له مولانا يقرئك السلام وقال لك استعن بهذه الدراهم فى نفقتك والبس هذه الثياب فقال لى ان هذه الثياب التى على مما قطعه لى ابى منذ اربعين سنة البسها يوم خروجى الى الناس واطويها عند انصرافى عنهم وفيها متعة وبقية ما بقيت ونفقتى من اجرة دار خلفها ابى فما اصنع بهذا قلت هو يأمرك بأن تصرفه فى فقراء اصحابك فقال ما فى اصحابى فقير واصحابه الى هذا افقر من اصحابى فليفرقه عليهم فعدت فأخبرته فقال الحمد لله الذى سلمه منا وسلمنا منه
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
112 - ابراهيم بن محمد ابن احمد بن محمويه ابو القاسم النصر اباذى النيسابورى منسوب الى نصر اباذ بنيسابور وهى محلة من محالها وكذلك ابو نصر النصر اباذى الفقيه وجماعة وثم آخر يقال له ابو عمر ومحمد بن عبد الله النصر اباذى منسوب الى نصر اباذ من الرى كبير القدر يروى الحديث فأما ابو القاسم فانه سمع الحديث الكثير من جماعة منهم مكحول البيروتى وكان ثقة عالما بالحديث روى عنه ابو عبد الرحمن السلمى وابو عبد الله الحاكم وابو العلاء الواسطى وصحب الشبلى وجاور بمكة وتوفى بها فى هذه السنة
113 - بختيار ابو منصور الملك عز الدولة بن معز الدولة ابى الحسين احمد بن بويه ملك بعد موت ابيه وكان احسن الناس واشدهم جسما وقلبا وكان يصرع الثور الجلد بيديه من غير اعوان ولاحبال يقبض على قوائمه ويطرحه الى الارض حتى يذبح وكان من

قوة القلب على امر عظيم يبارز الاسود فى متصيداته وخلع المطيع عليه وطوقه وسوره وكتب عهده فطمع ابن عمه عضد الدولة فى مملكة بغداد فخاصمه فقتل بختيار وكان سنه يومئذ ستا وثلاثين سنة وكانت مدة امارته احدى عشرة سنة وشهورا
114 - عبيد الله
بن عبد الله ابن محمد بن ابى سمرة ابو محمد البندار بغوى الاصل سمع الباغندى روى عنه البرقانى وقال ثقة امين له معرفة وحفظ وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
115 - عثمان بن الحسن
ابن على بن محمد ابو يعلى الوراق يعرف بالطوسى سمع البغوى وابن ابى داود روى عنه البرقانى وقال كان ذا معرفة وفضل له تخريجات وجموع وهو ثقة توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
116 - محمد بن احمد بن عبد الله
ابن نصر بن بجير ابو طاهر الذهلى القاضى ولد سنة تسع وتسعين ومائتين وسمع ابا شعيب الحرانى ويوسف بن يعقوب وثعلبا وغيرهم وولى القضاء بواسط ثم بمدينة المنصور وبالشرقية وكان على مذهب مالك حدث ببغداد وسمع منه الدارقطنى وكان ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت انبأنا ابراهيم بن مخلد انبأنا اسمعيل بن على الخطبى قال صرف الحسين بن عمر بن محمد القاضى عن قضاء مدينة المنصور وولى مكانه ابو طاهر فشهد عند قاضى القضاة عمر بن محمد وله خاصة به ثم ولاه القضاء بواسط الى ان توفى عمر واقام على حاله مدة ثم عز له بحكم عند دخوله واسط ونكبه وصار الى بغداد واقام فى منزله ثم ولى قضاء المدينة واعمالها وكان حسن الستر جميل الامر وقال الصورى كان ابو طاهر قاضيا بمصر وبها توفى سنة سبع وستين وثلثمائة استعفى من القضاء قبل موته

117 - محمد بن الحسن ابن على بن محمد بن عيسى بن يقطين ابو جعفر البزاز سمع ابا خليفة الفضل بن الحباب وابا يعلى الموصلى والباغندى والبغوى وسافر وكتب بالجزيرة والشام وغيرهما من البلدان فاكثر وكان صدوقا فهما روى عنه ابو نعيم الاصبهانى وغيره قال ابو الحسن بن الفرات كان ابو جعفر ثقة وانتقى عليه من الحفاظ عمر البصرى وابن المظفر والدارقطنى وتوفى يوم الاربعاء ودفن يوم الخميس رابع عشرين ربيع الآخر من هذه السنة
118 - محمد بن عبد الرحمن
ابو بكر القاضى المعروف بابن قريعة روى عن ابى بكر ابن الانبارى ولا يعرف له مسند من الحديث وكان حسن الخاطر يأتى الكلام مسجوعا مطبوعا من غير تعمد ولاه ابو السائب عتبة بن عبيد الله القاضى قضاء السندية وغيرها من اعمال الفرات ومشى يوما مع ابن معروف القاضى فدخلا دربا فتأخر ثم قال لابن معروف ان تقدمت فحاجب وان تأخرت فواجب وزحمه يوما حمار عليه راكب فقال ... يا خالق الليل والنهار ... صبرا على الذل والصغار ... كم من جواد بلا حمار ... ومن حمار على حمار ...
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى منصور بن ربيعة الزهرى قال سمعت ابا طاهر العطار قاضى الدينور يقول سمعت ابا سعيد السمرقندى يقول كان ببغداد قائد يلقب بالكينا كنيته ابو اسحاق وكان يخاطب ابن قريعة بالقاضى فندر منه يوما فى المخاطبة ان قال لابن قريعة يا ابا بكر فقال له ابن قريعة لبيك يا ابا اسحاق فقال القائد ما هذا فقال يا هذا انما بكركتك اذا قضيتنا فاذا بكر كتنا تسحقناك فقال القائد ويلاه هذا افضح من الاول
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى محمد بن ابى الحسن قال انشدنى ابو العباس احمد بن على النحوى قال سمعت ابن قريعة ينشد

لى حيلة فيمن ينم ... وليس فى الكذاب حيله ... من كان يخلق ما يقول ... فحيلتى فيه قليلة ...
توفى ابن قريعة ليلة السبت لعشر بقين من جمادى الآخرة من هذه السنة عن خمس وستين سنة
سنة
ثم دخلت سنة ثمان وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الطائع تقدم فى شعبان بأن تقام الخطبة لعضد الدولة على منابر الحضرة تالية للخطبة له فوقع الابتداء بذلك فى يوم الجمعة لتسع بقين منه وبأن تضرب على بابه ببغداد الدبادب فى اوقات الصلوات الثلاث الغداة والمغرب والعشاء وهذان امران لم يكونا من قبل ولا اطلقا لولاة العهود ولاخطب بحضرة السلطان الا له ولا ضربت الدبادب الا على بابه وقد كان معز الدولة احب ان تضرب له الدبادب بمدينة السلام وسأل المطيع لله ذاك فلم يأذن له ودخل عضد الدولة داره بمدينة السلام عائدا من الموصل وتلقاه الطائع بقطربل
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابز
119 - احمد بن جعفر
ابن حمدان بن مالك بن شبيب بن عبد الله ابو بكر القطيعى ولد فى محرم سنة اربع وسبعين ومائتين وابوه يكنى ابا الفضل وحمدان لقب وانما اسمه احمد وكان يسكن قطيعة الدقيق فنسب اليها سمع ابو بكر من ابراهيم بن اسحاق واسحاق بن الحسن الحربيين وبشر بن موسى والكديمى والكجى وعبد الله بن احمد وغيرهم وكان كثير الحديث ثقة روى عن عبد الله بن احمد المسند والزهد والتاريخ والمسائل وغير ذلك
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا ابو طالب محمد بن الحسين بن بكير قال سمعت ابا بكر بن مالك القطيعى يقول كانت والدتى بنت اخى ابى عبد الله بن الجصاص وكان عبد الله بن احمد يجيئنا فيقرأ علينا ما نريد وكان يقعدنى فى حجره حتى

يقال له يؤلمك فيقول انى احبه قال المصنف رحمه الله لما غرقت القطيعة بالماء الاسود غرق بعض كتبه فاستحدث عوضها فتكلم فيه بعضهم وقال كتب من كتاب ليس فيه سماعه ومثل هذا لا يطعن به عليه لانه يجوز ان تكون تلك الكتب قد قرئت عليه وعورض بها اصله وقد روى عنه الائمة كالدارقطنى وابن شاهين والبرقانى وابى نعيم والحاكم ولم يمتنع احد من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال لما اجتمعت بأبى عبد الله الحاكم ذكرت ابن مالك ولينته فانكر على وقال ذلك شيخى وحسن حاله وقد حكى عن ابى الحسن بن الفرات انه قال تغير ابن مالك فى آخر عمره فكان لا يعرف شيئا مما قرئ عليه وتوفى فى هذه السنة ودفن فى مقابر باب حرب قريبا من قبر الامام احمد بن حنبل
120 - تميم بن المعز
قد ذكرنا ان المعز اول من ظهر من المغرب على ديار مصر وكان له اولاد منهم تميم هذا وكان فى تميم فضل ووفاء وكرم وفصاحة وله شعر حسن
اخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الانماطى انبأنا ابو عبد الله محمد بن أبى نصر الحميدي قال حدثنى ابو محمد على بن ابى عمر اليزيدى قال حدثنا ابو بكر محمد بن عبد الواحد الزبيرى قال حدثنى ابو على الحسن بن الاشكرى المصرى قال كنت من جلاس الامير تميم بن المعز وممن غلب عليه جدا فبعث بى الى بغداد فاشتريت له جارية رائعة من افضل ما وجد فى الحسن والغناء فلما وصلت اليه اقام دعوة لجلسائه وانا فيهم ثم وضعت الستارة وامرها بالغناء فغنت ... وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه ... يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنع اركانه ...
وفى غير هذه الرواية زيادة
... فبدا لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظرا اليه وصده سجانه

فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه ...
قال احسنت وطرب تميم وكل من حضر ثم غنت ... سيسليك عما فات اول مفضل ... او ائله محمودة واواخره ... ثنى الله عطفيه والف شخصه ... على البرمذ شدت عليه مآزره ...
فطرب الامير تميم ومن حضر طربا شديدا ثم غنت
... استودع الله فى بغداد لى قمرا ... بالكرخ من فلك الازرار مطلعه ...
فاشتد طرب تميم وافرط جدا ثم قال لها تمنى ماشئت فلك مناك فقالت اتمنى عافية الامير وبقاءه فقال ووالله لا بدلك ان تتمنى فقالت على الوفاء ايها الامير بما اتمنى فقال نعم فقالت اتمنى ان اغنى هذه النوبة ببغداد فاستنقع لون تميم وتغير لونه وتكدر المجلس وقام وقمنا كلنا قال ابن الاشكرى فلحقنى بعض خدمه وقال لى ارجع فالامير يدعوك فرجعت فوجدته جالسا ينتظرنى فسلمت وجلست بين يديه فقال ويحك ارأيت ما امتحنا به قلت نعم ايها الامير قال لا بد من الوفاء لها وما اثق فى هذا بغيرك فتأهب لتحملها الى بغداد فاذا غنت هناك فاصرفها فقلت سمعا وطاعة قال ثم قمت وتأهبت وامرها بالتأهب واصحبها جارية له سوداء تعاد لها وتخدمها وامر بناقة ومحمل فأدخلت فيه وحملها معى ثم سرت الى مكة مع القافلة فقضينا حجنا ثم دخلنا فى قافلة العراق وسرنا فلما وردنا القادسية اتتنى السوداء عنها فقالت تقول لك سيدتى اين نحن فقلت لها نحن نزول بالقادسية فانصرفت اليها فاخبرتها فلم انشب ان سمعت صوتها تدافع بالغناء ... لما وردنا القادسية حيث مجتمع الرفاق ... وشممت من ارض الحجا ... ز نسيم ارواح العراق ... ايقنت لى ولمن احب بجمع شمل واتفاق ... وضحكت من فرح اللقا ... ء كما بكيت من الفراق ...
فتصايح الناس من اقطار القافلة اعيذى بالله اعيذى بالله قال فما سمع لها كلمة

قال ثم نزلنا باليا سرية وبينها وبين بغداد قرب فى بساتين متصلة ينزلها الناس فيبيتون ليلتهم ثم يبكرون لدخول بغداد فلما كان قريب الصباح اذا بالسوداء اتتنى مذعورة فقلت ما لك فقالت ان سيدتى ليست حاضرة فقلت واين هى قالت والله ما ادرى قال فلم احس لها اثرا بعد ودخلت بغداد وقضيت حوائجى منها وانصرفت اليه فأخبرته الخبر فعظم ذلك عليه واغتم له ثم ما زال بعد ذلك ذاكر لها واجما عليها
121 - الحسن بن عبد الله
ابن المرزبان ابو سعيد السيرافى النحوى القاضى سكن بغداد وولى القضاء بها وحدث بها عن عبد الله بن محمد بن زياد وابى بكر بن دريد وغيرهما وكان ابوه مجوسيا واسمه بهزاذ فسماه ابو سعيد عبد الله
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت رئيس الرؤساء ابا القاسم على بن الحسن يذكر ان ابا سعيد السيرافى كان يدرس القرآن والقراءات وعلوم القرآن والنحو واللغة والفقه والفرائض والكلام والشعر والعروض والقوافى والحساب وذكر علو ما سوى هذه وكان من اعلم الناس بنحو البصريين وينتحل مذهب اهل العراق فى الفقه وقرأ على ابى بكر بن مجاهد القرآن وعلى ابن دريد اللغة ودرسا جميعا عليه النحو وقرأ على ابى بكر بن السراج وعلى ابى بكر المبرمان النحو وقرأ احدهما عليه القرآن ودرس الآخر عليه الحساب وكان زاهدا لا يأكل الامن كسب يده فذكر جدى ابو الفرج عنه انه كان لا يخرج الى مجلس الحكم ولا الى مجلس التدريس فى كل يوم الا بعد ان ينسخ عشر ورقات يأخذ اجرتها عشرة دراهم تكون قدر مؤنته ثم يخرج وقال ابن أبى الفوارس كان يذكر عنه الاعتزال ولم نره يظهر من ذلك شيئا وكان نزها عفيفا توفى فى رجب هذه السنة عن اربع وثمانين سنة ودفن فى مقبرة الخيزران
122 - عبد الله بن ابراهيم
ابن يوسف ابو القاسم الزنجانى ويعرف بالابندونى وهى قرية من قرى جرجان

احد الرحالين فى طلب العلم والحديث الى البلاد وكان رفيق ابى احمد بن عدى الحافظ وسكن بغداد وحدث عن ابى يعلى الموصلى والحسن بن سفيان وابن خزيمة وغيرهم روى عنه البرقانى وغيره وكان ثقة ثبتا مصنفا
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت البرقانى ذكر الأبندونى قال كان محدثا قد أكل ملحه وكان زاهدا ولم يكن يحدث غير واحد منفرد فقيل له فى ذلك فقال اصحاب الحديث فيهم سوء ادب فإذا اجتمعوا للسماع تحدثوا وانا لا اصبر على ذلك قال البرقانى ودفع الى يوما قدحا فيه كسر يابسة وامرنى ان احمله الى الباقلاوى ليطرح عليه ماء الباقلاء ففعلت ذلك فلما القى الباقلاوى الماء وقع فى القدح من الباقلاء ثنتان او ثلاث فبادر الباقلاوى الى رفعها فقلت له ويحك ما مقدار هذا حتى ترفعه من القدح فقال هذا الشيخ يعطينى فى كل شهر دانقا حتى ابل له الكسر اليابسة فكيف ادفع اليه الباقلاء مع الماء وجعل البرقانى يصف اشياء من تقلله وزهده وقال كان سيدا فى المحدثين توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
123 - عبد الله بن ورقاء ابو احمد الشيبانى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان ابو احمد الشيبانى من اهل البيوتات واسرته كانوا من اهل الثغور انشدنا القاضى ابو على قال انشدنا الامير ابو احمد ابن ورقاء قال انشدنا ثعلب قال انشدني ابن الاعرابى لاعرابى فى صفة النساء
... هى الضلع العوجاء لست تقيمها ... ألا ان تقويم الضلوع انكسارها ... ايجمعن ضعفا واقتدارا على الفتى ... أليس عجيبا ضعفا واقتدارها ...
توفى ابو احمد فى آخر ذى الحجة من هذه السنة وقد بلغ تسعين سنة
124 - عبد الله بن الحسن
ابن سليمان ابو القاسم المغزىء المعروف بابن النحاس ولد سنة تسعين ومائتين

وسمع احمد بن الحسن الصوفى والبغوى وابن أبى داود روى عنه ابو بكر بن مجاهد وابو الحسن الحمامى والبرقانى وكان ثقة من اهل القرآن والفضل والخير والستر والعقل والحسن والمذهب الجميل توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
125 - عيسى بن حامد ابن بشر بن عيسى ابو الحسن القاضى ويعرف بابن اخت القنيبطى سمع جعفر الفريابى وابن جرير الطبرى وكان احد اصحابه وكان ثقة جميل الامر وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة
126 - محمد بن احمد ابن ابراهيم ابو الحسن الشافعى سمع محمد بن عثمان ابن ابى شيبة توفى فى يوم الخميس سلخ جمادى الاولى من هذه السنة
127 - محمد بن اسحاق ابن محمد بن ابراهيم ابو الحسين السختيانى سمع ابا العباس الثقفى وكان من العباد المجتهدين وكان يحج ويغزو ولا يعلم بذلك اهل بلده فاذا سئل عن غيبته لم يحدث بذلك وتوفى فى رجب هذه السنة وهو ابن ست وستين سنة
128 - محمد بن عيسى ... ابن محمد بن عبد الرحمن ابو احمد الجلودى روى عن ابراهيم بن محمد بن سفيان عن مسلم صحيحه وكان من الزهاد وكان يورق ويأكل من كسب يده وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة وهو ابن ثمانين سنة
129 - محمد بن محمد
ابن يوسف ابو بكر اللحيانى المغزىء نزل نيسابور وادعى دعاوى فى القراءات انبأنا زاهر بن طاهر انبأنا ابو عثمان الصابونى وابو بكر البيهقى قالا اخبرنا الحاكم ابو عبد الله قال سمعت ابا بكر بن الامام يقول قلت لأبى بكر اللحيانى على من

قرأت بالعراق فقال على ابى بكر بن مجاهد فقلت قرأت عليه قبل ان يخضب او بعد ان خضب قال قرأت عليه وقد خضب قلت فقرأت عليه قبل ان يأخذ العصابيده قال كان لا يخرج الا والعصا بيده فقلت يا هذا فوالله الذى لا اله الا هو ما خضب ابو بكر بن مجاهد ولا أخذ العصا بيده قط
سنة
ثم دخلت سنة تسع وستين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قبض على الشريف ابى احمد الحسين بن موسى الموسوى فى صفر وقلد ابو الحسن على بن احمد بن اسحاق العلوى نقابة الطالبيين ببغداد وواسط وابو الفتح احمد بن عمر بن يحيى نقابتهم بالكوفة وابو الحسن احمد بن القاسم المحمدى نقابتهم بالبصرة والاهواز وكان قد استذنب ابو احمد بما ليس بذنب فأرى خطا مزورا على خطه بافشاء الاسرار وقيل له ان عز الدولة اعطاك عقدا فى فداء غلامه فكتمتناه فقال اما الخط فليس بخطى واما العقد فانه قال ان لم يقبل ما دفعت فادفع هذا فلم يجز لى ان اخونه
وفى يوم الاثنين لأربع بقين من صفر قبض عضد الدولة على أبى محمد ابن معروف قاضى القضاة وانفذه الى القلعة بفارس وقلد ابو سعد بشر بن الحسين ما كان اليه من قضاء القضاة واحتج على ابن معروف بالتقصير فى حق عضد الدولة وبانه ينفسح فيما لا ينبغى للقضاة مثله فأجاب عن ذلك فلم يلتفت اليه وفى شعبان ورد رسول للعزيز صاحب مصر الى عضد الدولة بكتاب وما زال يبعث اليه برسالة بعد رسالة فاجابه بما مضمونه صدق الطوية حسن النية
وسأل عضد الدولة الطائع فى مورده الثانى الى الحضرة ان يزيد فى لقبه تاج الملة ويجدد الخلع عليه ويلبسه التاج والحلى المرصع بالجوهر فأجابه الى ذلك وجلس الطائع على سرير الخلافة فى صدر صحن السلام وحوله من خدمه الخواص نحو مائة بالمناطق والسيوف والزينة وبين يديه مصحف عثمان وعلى كتفيه البردة وبيده القضيب وهو متقلد سيف النبى صلى الله عليه و سلم وضرب

ستارة بعثها عضد الدولة وسأل ان يكون حجابا للطائع حتى لا يقع عليه عين احد من الجند قبله ودخل الاتراك و الديلم ولم يكن مع احد منهم حديد ووقف الاشراف واصحاب المراتب من الجانبين فلما وصل عضد الدولة اوذن به الطائع فأذن له فدخل فأمر برفع الستارة فقيل لعضد الدولة قد وقع طرفه عليك فقبل الارض ولم يقبلها احد ممن معه تسليما للرقبة فى تقبيل الارض اليه فارتاع زياد من بين القواد لما شاهد وقال بالفارسية ما هذا ايها الملك أهذا هو الله عز و جل فالتفت الى ابى القاسم عبد العزيز بن يوسف وقال له فهمه وقل له هذا خليفة الله فى الارض ثم استمر يمشى ويقبل الارض تسع مرات والتفت الطائع الى خالص الخادم وقال له استدنه فصعد عضد الدولة وقبل الارض دفعتين فقال له الطائع ادن الى ادن فدنا واكب وقبل رجله وثنى الطائع يمينه عليه وكان بين يديه سريره مما يلى الجانب الايمن للكرسى ولم يجلس فقال له ثانيا اجلس فأومأ ولم يجلس فقال له اقسمت عليك لتجلسن فقبل الكرسى وجلس فقال له الطائع ما كان اشوقنا اليك واتوقنا الى مفاوضتك فقال عذرى معلوم فقال نيتك موثوق بها وعقيدتك مسكون اليها وأومأ برأسه ثم قال له الطائع قد رأيت ان افوض اليك ما وكل الله تعالى الى من امور الرعية فى شرق الارض وغربها وتدبيرها فى جميع جهاتها سوى خاصتى واسبابى وما وراء بابى فتول ذلك مستخيرا بالله تعالى فقال له عضد الدولة يعيننى الله عز و جل على طاعة مولانا وخدمته واريد المطهر وعبد العزيز وجوه القواد الذين دخلوا معى ان يسمعوا لفظ امير المؤمنين فاذنوا وقال الطائع هاتوا الحسين بن موسى ومحمد بن عمرو بن معروف وابن ام شيبان والزينبى فقدموا فأعاد الطائع لله القول بالتفويض اليه والتعويل عليه ثم التفت الى طريف الخادم فقال يا طريف يفاض عليه الخلع ويتوج فنهض عضد الدولة الى الرواق فالبس الخلع فخرج فأومأ ليقبل الارض فلم يطق فقال له الطائع حسبك حسبك وامره بالجلوس على الكرسى ثم استدعى الطائع تقديم الويته فقدم لواء ان واستخار

الطائع لله عز و جل وصلى على رسوله وعقدهما ثم قال يقرأ كتابه فقرأ فقال له الطائع خار الله لنا ولك وللمسلمين آمرك بما أمرك الله به وأنهاك عما نهاك الله عنه وابرأ الى الله مما سوى ذلك انهض على اسم الله واخذ الطائع سيفا كان بين المخدتين اللتين تليانه فقلده اياه مضافا الى السيف الذى قلده مع الخلعة ولما اراد عضد الدولة ان ينصرف قال للطائع انى اتطير ان اعود على عقبى فاسأل ان يؤمر بفتح هذا الباب لى فاذن فى ذلك وشاهد فى الحال نحو ثلثمائة صانع قد اعدهم عضد الدولة حتى هيىء للفرس مسقال وركب وسار الجيش مشاة الى ان خرج من باب الخاصة ثم ركب القواد والجيش وسار فى البلد ثم بعث الطائع اليه بعد ثلاثة ايام هدية فيها غلالة قصب وصينية ذهب وخرداذى بلور وفيه شرب ناقص كأنه قد شرب بعضه وعلى فم الخرداذى خرقة حرير مشدودة مختومة وكاس بلور من هذا الفن فوافى ابو نصر الخازن ومعه من الاموال نحو ما ذكرنا فى دخوله الاول فى السنة الماضية ولما عاد عضد الدولة جلس للتهنيئة فقال ابو اسحاق الصابى على البديهة ... يا عضد الدولة الذى علقت ... يداه من فخره بأعرفه ... ليست للملك تاج ملته ... فصل عرى غربه بمشرفه ... احرزت منك الجديد فى عمر ... اطاله الله غير مخلقه ... يلوح منك الجبين بحاشية ... لحاظنا فى ضياء رونقه ... كأنه الشمس فى انارتها ... ويشبه البدر فى تألقه ... لما رأيت الرجال تنشده ... من كل فحل القريض مغلقه ... الجأت نفسى اليك رؤيتها ... لتطلب المدح طول منطقه ... قال له خاطرى بطمع ان ... تساجل البحر فى تدفقه ... خفف واوجز فقلت مختصرا ... للقول فى جده واصدقه ... يفتخر النحل تحت اخمصه ... فكيف بالتاج فوق مفرقه ...
وفى شهر رمضان بعث الى ضبة بن محمد الاسدى وكان من اكابر الذعار وقد

قتل النفوس ونهب الامول وتحصن بعين التمر نيفا وثلاثين سنة والوصول اليها يصعب فلما طل عليه العسكر هرب وترك اهله وخاصته فأسر اكثرهم وملك البلد
وفى يوم الثلاثاء لتسع بقين من ذى القعدة تزوج الطائع لله بنت عضد الدولة الكبرى وعقد العقد بحضرة الطائع وبمشهد من الاشراف والقضاة والشهود ووجوه الدولة على صداق مبلغه مائة الف دينار وفى رواية مائتى الف دينار والوكيل عن عضد الدولة فى العقد ابو على الحسن بن احمد الفارسى النحوى والخطيب القاضى ابو على المحسن بن على التنوخى
وفى هذا الشهر قلد ابو الفتح احمد بن عمر بن يحيى العلوى الحج وتولاه فى موسم هذه السنة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
130 - احمد بن عطاء
ابن احمد ابو عبد الله الروذ بارى ابن اخت ابى على الروذبارى اسند الحديث وكان يتكلم على مذهب الصوفية توفى بصور فى ذى الحجة من هذه السنة
131 - الحسين بن على ابو عبد الله البصرى يعرف بالجعل سكن بغداد وكان من شيوخ المعتزلة وصنف على مذاهبهم وانتحل فى الفروع مذهب اهل العراق وتوفى فى هذه السنة وصلى عليه ابو على الفارسى ودفن فى تربة استاذه ابى الحسن الكرخى بدرب الحسن بن زيد وكان قد قارب الثمانين سنة
132 - حسنوية ابن الحسين الكردى
كان له مال عظيم وسلطان وكان يخرج اموالا كثيرة فى الصدقات توفى فى قلعته يوم الثلاثاء لليلة خلت من ربيع الآخر من هذه السنة

133 - سعيد بن احمد
ابن محمد بن جعفر ابو عثمان النيسابورى قدم بغداد وحدث بها عن ابى العباس الاصم وغيره فروى عنه ابو العلاء الواسطى وتوفى عند انصرافه من الحج فى جمادى الاولى من هذه السنة
134 - عبد الله بن ابراهيم
ابن ايوب بن ماسى ابو محمد البزاز ولد سنة اربع وسبعين ومائتين سمع ابا مسلم الكجى ويوسف بن يعقوب القاضى روى عنه ابن رزقويه وابو على ابن شاذان وكان ثقة توفى فى رجب هذه السنة
135 - محمد بن صالح
ابن على بن يحيى ابو الحسن الهاشمى ويعرف بابن ام شيبان ولد يوم عاشوراء من سنة اربع وتسعين ومائتين وله اخ يقال له محمد ايضا الا ان هذا هو الاكبر واصله من الكوفة وولى القضاء ببغداد وحدث عن عبد الله بن زيدان وغيره روى عنه البرقانى
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا على بن المحسن اخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر لما نقل المستكفى بالله ابا السائب عن القضاء بمدينة المنصور يوم الاثنين مستهل ربيع الاول سنة اربع وثلاثين وثلثمائة قلد فى هذا اليوم ابا الحسن محمد بن صالح ويعرف هو واهله بنى ام شيبان واسمها كنيتها وهى بنت يحيى بن محمد من اولاد طلحة بن عبيد الله والقاضى ابو الحسن من اهل الكوفة بها ولد ونشأ وكتب الحديث ثم قدم بغداد وقرأ على ابن مجاهد ولقى الشيوخ وصاهر قاضى القضاة ابا عمر محمد بن يوسف على بنت ابنته وابو الحسن رجل عظيم القدر وافر العقل واسع العلم حسن التصنيف ثم قلده المطيع قضاء الشرقية مضافا الى مدينة المنصورة وتوفى فجاءة فى جمادى الاولى من هذه السنة

136 - محمد بن اسحاق ابن محمد ابن اسحاق النعالى سمع على بن دليل وابا سعيد بن رميح النسوى وغيرهما وتوفى قبل سنة سبعين وثلثمائة
137 - ابو الحسين بن احمد
ابن زكرياء بن فارس صاحب المجمل فى اللغة وغيره من الكتب له التصانيف الحسان والعلم الغزير والمعرفة الجيدة باللغة انشدنا محمد بن ناصر قال انشدنا ابو زكرياء يحيى بن على التبريزى لابن فارس ... وقالوا كيف حالك قلت خير ... تقصر حاجة وتفوت حاج ... اذا ازدحمت هموم الصدر قلنا ... عسى يوما يكون لها انفراج ... نديمى هرتى وشفاء نفسى ... دفاتر لى ومعشوقى السراج ...
قال وانشدنا له وذكر انه قالها قبل وفاته بيومين ... يا رب ان ذنوبى قد احطت بها ... علما وبى وبأعلانى وأسرارى ... انا الموحد لكنى المقر بها ... فهب ذنوبى لتوحيدى واقرارى ... سنة 370
ثم دخلت سنة سبعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها ان الصاحب بن عباد ورد الى خدمة عضد الدولة عن مؤيد الدولة وعن نفسه فتلقاه عضد الدولة على بعد من البلد وبالغ فى اكرامه ورسم لأكابر كتابه واصحابه يعظمونه وكانوا يغشونه مدة مقامه ولم يركب هو الى احد منهم وكان غرض عضد الدولة تأنيسه واكرام مؤيد الدولة ووصلت كتب مؤيد الدولة يستطيل مقام الصاحب ويذكر اضطراب الامور ببعده ثم ان عضد الدولة برز الى ظاهر همذان فى ربيع الآخر للمضى الى بغداد وخلع على الصاحب الخلع الجميلة وحمله على فرس بمركب ذهب ونصب له دستا كاملا فى خركاه تتصل بمضاربه واقطعه ضياعا جليلة وحمل الى مؤيد الدولة فى صحبته ألطافا

وورد عضد الدولة الى بغداد فنزل بجسر النهروان فى يوم الاربعاء حادى عشر جمادى الآخرة وطلب من الطائع ان يتلقاه فخرج اليه الطائع من غد هذا اليوم فتلقاه وضربت له قباب وزينت الاسواق قال ابو الحسن على بن عبد العزيز بن حاجب النعمان لم تكن العادة جارية بخروج الخلفاء لتلقى احد من الامراء فلما توفيت فاطمة اخت معز الدولة ابى الحسين ركب المطيع الى معز الدولة يعزيه عنها فنزل معز الدولة وقبل الارض بين يديه واكثر الشكر فلما صار عضد الدولة الى بغداد فى الدفعة الاخيرة مستوليا على الامور فيها انفذ ابا الحسن محمد بن عمر العلوى من معسكره ندبا الى حضرة الطائع فوافى باب دار الخلافة نصف الليل وراسل بأنه قد حضر فى مهم فجلس له الطائع واوصله فقال يا مولانا امير المؤمنين قد ورد هذا الملك وهو من الملوك المتقدمين وجارى مجارى الاكاسرة المعظمين وقد أمل من مولانا التمييز عن من تقدمه والتشريف بالاستقبال الذى يتبين على جميل الرأى فيه فقال الطائع نحن له معتقدون وعليه معتزمون و به قبل السؤال متبرعون فاعلمه ذلك قال ابن حاجب النعمان ولم يكن للطائع نية فى ذلك ولا هم به لانه علم انه لا يجوز رده فأحب ان يجعل المنة ابتداء منه قال محمد بن عمر فعدت الى عضد الدولة من وقتى فعرفته ما جرى فسر به وخرج الطائع من غد فتلقاه فى دجلة قال محمد بن عمر فقال لى عضد الدولة هذه خدمة قد أحسنت القيام بها وبقيت اخرى لا نعرف فيها غيرك وهى منع العوام من لقائنا بدعاء وصياح فقلت يا مولانا تدخل الى البلد قد تطلعت نفوس اهله اليك ثم تريد منهم السكوت فقال ما نعرف فى كفهم سواك وكان اهل بغداد قد تلقوه مرة بالكلام السفيه فما احب ان تدعو تلك الألسنة قال فدعوت اصحاب المعونة وقلت قد امر الملك بكذا وتوعد ما يجرى من ضده بضرب العنق فأشاعوا فى العوام ذلك وخوفوا من ينطق بالقتل فاجتاز عضد الدولة فرأى الامر على ما اراد فعجب من طاعة العوام لمحمد بن عمر فقال هؤلاء اضعاف جندنا وقد اطاعوه فلو اراد بنا سوءا

كان ورأى فى روزنامج الف الف وثلاثمائة الف درهم باسم محمد بن عمر مما أداه من معاملاته فقبض عليه واستولى على امواله
وفى ليلة الخميس الحادى عشر من جمادى الآخرة زفت السيدة بنت عضد الدولة الى الطائع وحمل معها من المال والثياب والاوانى والفرش الكثيرة
وفى هذا الشهر ورد رسول من صاحب اليمن الى عضد الدولة ومعه الهدايا والملاطفات ما كان فى جملته قطعة عنبر وزنها ستة وخمسون رطلا
وزادت دجلة فى هذه السنة زيادة مفرطة والفرات وانفجر بثق وسقطت قناطر الصراة فوقعت الجديدة فى نصف ذى القعدة ووقعت العتيقة بعدها وكان يوم الاربعاء ثم وقع الشروع فى عمل القنطرتين فانفق عليها المال الكثير وبنينا البناء الوثيق
وكان الصيدلاوى رجل يقطع الطريق فاحتال عليه بعض الولاة فدس اليه جماعة من الصعاليك اظهروا الانحياز اليه فلما خالطوه قبضوا عليه وحملوه اسيرا الى الكوفة فقتل وحمل رأسه الى بغداد
وحج بالناس فى هذه السنة ابو الفتح احمد بن عمر بن يحيى العلوى وخطب بمكة والمدينة للمغربى صاحب مصر
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
138 - احمد بن على
ابو بكر الرازى الفقيه امام اهل الرأى فى وقته كان مشهورا بالزهد والورع ورد بغداد فى شبيبته ودرس الفقه على ابى الحسن الكرخى ولم يزل حتى انتهت اليه الرياسة ورحل اليه المتفقهة وخوطب فى ان يلى قضاء القضاة فامتنع واعيد اليه الحطاب فلم يفعل وله تصانيف كثيرة ضمنها احاديث رواها عن ابى العباس الاصم وسليمان الطيرانى وغيرهما
اخبرنا محمد بن عبد الملك انبأنا الخطيب قال حدثنى القاضى ابو عبد الله الصيمرى

قال حدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى قال حدثنى ابو بكر الابهرى قال خاطبنى المطيع على قضاء القضاة وكان السفير فى ذلك ابو الحسن بن ابى عمرو الشرابى فأبيت عليه واشرت بأبى بكر احمد بن على الرازى فاحضر الخطاب على ذلك وسألنى ابو الحسن بن ابى عمر ومعونته عليه فخوطب فامتنع وخلوت به فقال تشير على بذلك فقلت لا ارى لك ذلك ثم قمنا الى بين يدى أبى الحسن ابن أبى عمرو فأعاد خطابه وعدت الى معونته فقال لى اليس قد شاورتك فأشرت على أن لا افعل فوجم ابو الحسن بن ابى عمرو من ذلك فقال تشير علينا بانسان ثم تشير عليه ان لا يفعل قلت نعم امالى فى ذلك اسوة بمالك بن انس اشار على اهل المدينة ان يقدموا نافعا القارئ فى مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم واشار على نافع ان لا يقبل فقيل له فى ذلك فقال اشرت عليكم بنافع لأنى لم اعرف مثله واشرت عليه ان لا يفعل لانه يحصل له اعداء وحساد فكذلك انا اشرت عليكم به لانى لا اعرف مثله واشرت عليه ان لايفعل لانه اسلم لدينه قال الصيمرى وتوفى ابو بكر الرازى فى ذى الحجة سنة سبعين وثلاثمائة وصلى عليه ابو بكر محمد بن موسى الخوارزمى
139 - الزبير بن عبد الواحد
ابن موسى ابو يعلى البغدادى نزيل نيسابور سمع البغوى وابن صاعد وسمع بالبصرة وخوزستان واصبهان وبلاد آذربيجان ثم دخل بلاد خراسان فسمع فيها الكثير ثم انصرف الى البصرة وتوفى بالموصل فى هذه السنة
140 - عبيد الله بن على
ابن جعفر ابو الطيب الدقاق سمع محمد بن سليمان الباهلى روى عنه البرقانى وقال كان شيخا فاضلا ثقة مجودا من اصحاب الحديث توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
141 - عبيد الله بن العباس ابن الوليد بن مسلم ابو احمد السداوى سمع عبد الله بن محمد بن ناجية وابراهيم

ابن موسى الجوزى روى عنه القاضى ابو العلاء وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
142 - محمد بن احمد ابن محمد بن حماد ابو جعفر مولى الهادى بالله ويعرف بابن المتيم سمع خلقا كثيرا وروى عنه ابو بكر البرقانى قال ابو نعيم الاصبهانى لم اسمع فيه الاخيرا وقال ابن ابى الفوارس توفى يوم الثلاثاء لسبع خلون من شوال وكان لا بأس به
143 - محمد بن جعفر
ابن الحسين بن محمد بن زكريا ابو بكر الوراق يلقب غندرا كان جوا لاحداث ببلاد فارس وخراسان عن الباغندى وابن صاعد وابن دريد وغيرهم روى عنه ابو نعيم الاصبهانى وغيره وكان حافظا ثقة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى محمد بن احمد ابن يعقوب عن محمد بن عبد الله بن محمد النيسابورى الحافظ ان غندرا خرج من مروقاصدا بخارا فمات فى المفازة سنة سبعين وثلثمائة هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة احدى وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان عضد الدولة امر بحفر النهر من عمود الخالص وسياقة الماء الى بستان داره فبدئ فى ذلك وحشر الرجال لعمله
وانه كان على صدر زبزب عضد الدولة على صورة السبع من فضة فسرق فى صفر وعجب الناس كيف كان هذا مع هيبة عضد الدولة المفرطة وكونه شديد المعاقبة على اقل جناية ثم قلبت الارض فى البحث عن سارقه فلم يوقف له على خبر ويقال ان صاحب مصر دس من فعل هذا
وفى ربيع الاول وقع حريق بالكرخ من حد درب القراطيس الى بعض البزازين من الجانبين واتى على الأساكفة والحذائين واحترق فيه جماعة من

الناس وبقى لهبه اسبوعا
وفى ذى القعدة تقلد ابو القاسم عيسى بن على بن عيسى كتابة الطائع لله وخلع عليه
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
144 - احمد بن ابراهيم
ابن اسمعيل بن العباس ابو بكر الاسماعيلى الجرجانى طلب الحديث وسافر
اخبرنا اسمعيل بن احمد اخبرنا اسمعيل بن مسعدة اخبرنا حمزة بن يوسف السهمى قال سمعت ابا بكر الاسمعيلي يقول لما ورد نعى محمد بن ايوب الرازى دخلت الداروبكيت وصرخت ومزقت القميص ووضعت التراب على رأسى فاجتمع اهلى وقالوا ما اصابك قلت نعى الى محمد بن ايوب منعتمونى الارتحال اليه فاذنوا لى فى الخروج واصحبونى خالى الى نسا الى الحسن بن سفيان ولم يكن فى وجهى طاقة فقدمت فقرأت عليه المسند وغيره وكانت اول رحلتى فى طلب الحديث وكان للاسماعيلى علم وافر بالنقل وصنف كتابا على صحيح البخارى حدثنا به يحيى ابن ثابت بن بندار عن ابيه عن البرقانى عنه وكان الدارقطنى يقول كنت عزمت غير مرة ان ارحل الى ابى بكر الاسماعيلى فلم ارزق توفى الاسماعيلى يوم السبت غرة رجب سنة احدى وسبعين وثلثمائة عن اربع وتسعين سنة
145 - الحسن بن صالح
ابو محمد السبيعى سمع ابن جرير الطبرى وقاسم المطرز روى عنه الدارقطنى والبرقانى وكان ثقة حافظا مكثرا وكان عسرا فى الرواية ولما كان بآخره عزم على التحديث والاملاء فى مجلس عام فتهيأ لذلك ولم يبق الا تعيين يوم المجلس فمات
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لنا القاضى ابو العلاء محمد بن على الواسطى رأيت ابا الحسن الدارقطنى جالسا بين يدى ابى محمد السبيعي كحوس الصبى بين يدى معلم هيبة له توفى فى ذى الحجة من هذه السنة

109 - الحسن بن على
ابن الحسن بن الهيثم بن طهمان ابو عبد الله الشاهد المعروف بابن البادا ولد سنة اربع وسبعين ومائتين سمع الحسن بن علويه وشعيب بن محمد الذارع وكان عمره سبعا وتسعين سنة منها خمس عشرة سنة فى آخر عمره مقعد اعمى وتوفى فى رجب هذه السنة
147 - الحسن بن يوسف ابن يحيى ابو معاذ البستى روى عنه البرقانى وكان ثقة قال ابن ابى الفوارس توفى فى ذى الحجة من هذه السنة وكان ثقة مستورا جميل المذهب
148 - عبد الله بن ابراهيم ابن جعفر بن بنيان ابو الحسين المعروف بالزينبى ولد فى ذى الحجة سنة ثمان وسبعين ومائتين وكان يسكن ببركة زلزل وحدث عن الحسن بن علويه والفريابى روى عنه البرقانى والتنوخى وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
149 - عبد الله بن الحسن
ابن اسمعيل بن محمد ابو بكر الضبى القاضى
اخبرنا القزاز اخبرنا ابن ثابت اخبرنا عبد الكريم بن احمد الضبى اخبرنا الدارقطنى قال عبد الله بن الحسين ابو بكر القاضى سمع اكثر حديث ابيه وكتب عن ابى بكر النيسابورى وغيره وحدث وولاه امير المؤمنين المتقى القضاء على آمد وارزن وميافارقين وما يلي ذلك فى سنة تسع وعشرين وثلثمائة ثم ولاه المتقى ايضا فى سنة احدى وثلاثين القضاء على طريق الموصل وقطر بل ومسكن وغير ذلك وولاه المطيع لله سنة اربع وثلاثين على الموصل واعمالها وقضاء الحديثة وما يتصل بذلك ثم ولاه المطيع ايضا القضاء على حلب وانطاكية واعمالها وولاه الطائع على ديار بكر وآمد وارزن وميافارقين

وارمينية واعمال ذلك وكان عفيفا نزها فقيها توفى فى هذه السنة
150 - عبد العزيز بن الحارث
ابن اسد بن الليث ابو الحسن التميمى حدث عن ابى بكر بن زياد النيسابورى والقاضى المحاملى ومحمد بن مخلد الدورى ونفطويه وغيرهم وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
اخبرنا احمد بن الحسن بن البنا انبأنا القاضى ابو يعلى ابن الفراء قال ابو الحسن عبد العزيز التميمى رجل جليل القدر وله كلام فى مسائل الخلاف وتصنيف فى الاصول والفرائض قال المصنف وقد تعصب عليه الخطيب وهذا شأنه فى اصاحب احمد فحكى عن ابى القاسم عبد الواحد بن على الاسدى العكبرى ان التميمى وضع حديثا وهذا العكبرى لا يعول على قوله فانه لم يكن من اهل الحديث والعلم انما كان يعرف شيئا من العربية ولم يرو شيئا من الحديث كذلك ذكر عنه الخطيب وكان ايضا معتزليا يقول ان الكفار لا يخلدون فى النار وعنه حكى الطعن فى ابن بطة ايضا وسيأتى القدح فى هذا الاسدى مستوفى فى ترجمة ابن بطة فقد انفق هذا الاسدى مبغضا لاصحاب احمد طاعنا فى اكابرهم وانفق الخطيب يبهرج اذا شاء بعصبية باردة فانه اذا ذكر المتكلمين من المبتدعة عظم القوم وذكر لهم ما يقارب الاستحالة فانه ذكر عن ابن اللبان انه قال حفظت القرآن ولى خمس سنين وحكى عن ابن رزقويه ان التميمى وضع فى مسند آخر حديثين ويجوز ان يكون قد كتب فى بعض المسانيد من مسند آخر ومن مسموعاته من غير ذلك المسند متى كان الشىء محتملا لم يجزأن يقطع على صاحبه بالكذب نعوذ بالله من الاعراض الفاسدة على انها تحول على صاحبها
151 - على بن ابراهيم ابو الحسن الحصرى الصوفى الواعظ بصرى الاصل سكن بغداد وكان شيخ

المتصوفة صحب الشبلى وغيره وبلغنى انه كبر سنة فصعب عليه المجىء الى الجامع فبنى له الرباط المقابل لجامع المنصور ثم عرف بصاحبه الزوزنى كان الحصرى لا يخرج الا من جمعة الى جمعة وله على طريقتهم كلام
انبأنا محمد بن محمد الحافظ انا المبارك بن عبد الجبار الصيرفى انا الحسين بن على ابن غالب المقريء أخبرنا ابو عبد الله الحسين بن احمد بن جعفر البغدادى قال سمعت ابا الحسن على بن ابراهيم الحصرى يقول وجدت من يدعو انما يدعو الله بظاهره ويدعو الى نفسه بباطنه لأنه يحب ان يعظم وان يشار اليه ويعرف موضعه ويثنى عليه الثناء الحسن واذا احب يحبه الخلق له وتعظيمهم اياه فقد دعاهم الى نفسه لا الى ربه وقال ما على منى واى شىء لى فى حتى اخاف عليه وارجو له ان رحم رحم ماله وان عذب عذب ماله توفى الحصرى يوم الجمعة ببغداد فى ذى القعدة من هذه السنة وقد اناف على الثمانين ودفن بمقبرة باب حرب
152 - على بن محمد الأحدب المزور كان يكتب على خط كل احد حتى لا يشك المزور على خطه انه خطه وبلى الناس منه ببلوى عظيمة وختم السلطان على يده مرارا وتوفى يوم الاحد تاسع رجب هذه السنة
153 - محمد بن احمد
ابن روح ابو بكر الحريرى سمع ابراهيم بن عبد الله الزينبى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا ابو بكر البرقانى عن محمد بن احمد الحريرى وسألته عنه فقال ثقة فاضل قال ابن ثابت وحدثت عن ابى الحسن محمد بن العباس بن الفرات قال توفى محمد بن احمد بن روح فى ذى الحجة سنة احدى وسبعين وثلثمائة مستور ثقة

154 - محمد بن احمد
ابن عبد الله بن محمد ابو زيد المروزى الفقيه سمع محمد بن عبد الله السعدى وغيره وكان احد ائمة المسلمين حافظا لمذهب الشافعى حسن النظر مشهورا بالزهد والورع ورد بغداد وحدث بها فسمع منه الدارقطنى
اخبرنا ابو منصور القزاز قال اخبرنا ابو بكر بن على قال اخبرنى محمد بن احمد بن يعقوب عن محمد بن عبد الله بن نعيم النيسابورى قال سمعت ابا بكر البزاز يقول عادلت الفقيه ابا زيد من نيسابور الى مكة فما اعلم ان الملائكة كتبت عليه حطيئة قال ابو نعيم توفى ابو زيد بمرو يوم الخميس الثالث عشر من رجب هذه السنة
155 - محمد بن خلف
ابن جيان بالجيم ابو بكر الفقيه روى عنه البرقانى والتنوخى وغيرهما وكان ثقة توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
156 - محمد بن خفيف
ابو عبد الله الشيرازى صحب الجريرى وابن عطاء وغيرهما وقد ذكرت فى كتابى المسمى بتلبيس ابليس عنه من الحكايات ما يدل على انه كان يذهب مذهب الاباحة
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد فى يوم الخميس ثانى عشر المحرم فتح الماء الذى استخرجه عضد الدولة من الخالص الى داره وبستان الزاهر
وفى يوم الخميس لثلاث خلون من صفر وقيل بل لليلة خلت من ربيع الأخر فتح المارستان الذى انشأه عضد الدولة فى الجانب الغربى من مدينة السلام ورتب فيه الاطباء والمعالجون والخزان والبوابون والوكلاء والناظرون

ونقلت اليه الادوية والاشربة والفرش والآلات
وفى شوال توفى عضد الدولة فكتم اصحابه موته ثم استدعوا ولده صمصام الدولة من الغد الى دار المملكة واخرجوا امر عضد الدولة بتوليته العهد وروسل الطائع فسئل كتب عهده منه ففعل وبعث اليه خلعا ولواء وعهد بامضاء ما قلده اياه ابوه وجلس جلوسا عاما حتى قرئ العهد بين يديه وهنأه الناس واستمرت الحال على اخفاء وفاة عضد الدولة الى ان تمهد الامر
وفى يوم الاثنين لعشر بقين من ذى الحجة قلد ابو القاسم على بن ابى تمام الزينبى نقابة العباسيين والصلاة بالحضرة وخلع عليه
وفى هذا الشهر خلع على ابى منصور بن الفتح العلوى للخروج بالحاج
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
157 - اسحاق بن سعد
ابن الحسن بن سفيان ابو يعقوب النسوى روى عن جده الحسن بن سفيان ومحمد بن اسحاق بن خزيمة وانتقى عليه الدارقطنى وكان ثقة امينا توفى بطريق خراسان مرجعه من الحج
158 - احمد بن جعفر ابو الحسن الخلال كان ثقة مستورا حسن الحال توفى فى رمضان هذه السنة
159 - فناخسرو ابن الحسن بن بويه بن فناخسرو بن تمام بن كوهى بن شيرزيل ابو شجاع الملقب عضد الدولة كذاذ كره الامير ابو نصر بن ماكولا ونسبه الى سابور بن اردشير وكان ابوه يكنى ابا على ويلقب ركن الدولة وهو اول من خوطب فى الاسلام بالملك شاهنشاه وكان دخوله الى بغداد فى ربيع الآخر سنة سبع وستين وثلثمائة وخرج الطائع اليه متلقيا له ولم يتلق سواء ودخل الى الطائع فطوته وسؤره

وشافهه بالولاية وامر ان يخطب له على المنابر ببغداد ولم تجر بذلك عادة لغير الخليفة واذن له فى ضرب الطبل على بابه فى اوقات الصلوات الثلاث ودخل بغداد وقد استولى الخراب عليها وعلى سوادها بانفجار بثوتها وقطع المفسدين طرقاتها فبعث العسكر الى بنى شيبان وكانوا يقطعون الطريق فأوقع بهم واسر منهم ثمانى مائة وسد بثق السهلية وبثق اليهودى وامر الاغنياء بعمارة مسناتهم وان يغرسوا فى كل خراب لا صاحب له وغرس هو الزاهر وهو دار ابى على ابن مقلة وكانت قد صارت تلاوغرس التاجى عند قطربل وحوطه على الف وسبعمائة جريب وامر بحفر الانهار التى اندرست وعمل عليها ارجاء الماء وحول من البادية قوما فاسكنهم بين فارس وكرمان فزرعوا وعمروا البرية وكان ينقل الى بلاده مالا يوجد بها فمما نقله الى كرمان حب النيل وبلغ فى الحماية اقصى حد واخر الخراج الى النوروز العضدى ورفع الجباية عن الحاج واقام لهم السوانى فى الطريق وحفر المصانع والآبار واطلق الصلات لاهل الحرمين ورد رسومهم القديمة واشار السور على مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم وكسا المساجد فادر أرزاق المؤذنين والقراء وربما صدق بثلاين الفا وصدق مرة بثلاثين بدرة وعمل الجسر وبنى القنطرتين العتيقة والجديدة على الصراة فتمت الجديدة بعد وفاته واستحدث المارستان وكان بجكم قد شرع ليعمله فلم يتم وجلب اليه ما يصلح لكل فن وعمل بين يديه سوقا للبزازين ووقف عليه وقوفا كثيرة وعمل له ارحاء بالزبيدية من نهر عيسى ووقفها عليه وكان يبحث عن اشراف الملوك وينقب عن سرائرهم وكانت اخبار الدنيا عنده حتى لو تكلم انسان بمصر رقى اليه حتى ان رجلا بمصر ذكره بكلمة فاحال حتى جاء به ووبخه عليها ثم رده فكان الناس يحترزون فى كلامهم وافعالهم من نسائهم وغلمانهم وكانت له حيل عجيبة فى التوصل الى كشف المشكلات وقد ذكرت منها جملة فى كتاب الاذكياء فكرهت الاعادة وكانت هيبته عظيمة فلو لطم انسان انسانا قابله اقبح مقابلة فانكف الناس عن التظالم وكان غزير العقل شديد التيقظ كثير الفضل بعيد

الهمة محبا للفضائل مجتنبا للرذائل وكان يباكر دخول الحمام فاذا خرج صلى الفجر ودخل اليه اصحابه فاذا ترحل النهار سأل عن الاخبار الواردة فان تأخرت عن وقتها قامت عليه القيامة وسأل عن سبب التعويق فان كان من غير عذر انزل البلايا عليهم حتى ان بعضهم يعوق بمقدار ما تغدى فيضرب وكانت الاخبار تصل من شيراز الى بغداد فى سبعة ايام وتحمل معهم الفواكه الطرية ثم يتغدى والطبيب قائم وهو يسأله عن منافع الأطعمة ومضارها ثم ينام فاذا انتبه صلى الظهر وخرج الى مجلس الندماء والراحة وسماع الغناء وكذلك الى ان يمضى من الليل صدر ثم يأوى الى فراشه فاذا كان يوم موكب برز للأولياء فلقيهم ببشر معه هيبة وكان يقتل ويهلك ظنا منه ان ذلك سياسة فيخرج بذلك الفعل عن مقتضى الشريعة حتى ان جارية شغلت قلبه بميله اليها عن تدبير المملكة فأمر بتغريقها وأخذ بطيخا من رجل غلام غصبا فضربه بسيف فقطعه نصفين وكان يحب العلم والعلماء ويجرى الرسوم للفقهاء والادباء والقراء فرغب الناس فى العلم وكان هو يتشاغل بالعلم فوجد له فى تذكرة اذا فرغنا من حل اوقليدس كله تصدقت بعشرين الف درهم واذا فرغنا من كتاب ابى على النحوى تصدقت بخمسين الف درهم وكل ابن يولد لنا كما نحب اتصدق بعشرة آلاف درهم فان كان من فلانة فبخمسين الف درهم وكل بنت فبخمسة آلاف فان كان منها فبثلاثين الفا وكان يحب الشعر فمدح كثيرا وكان يؤثر مجالسة الادباء على منادمة الامراء وقال شعرا كثيرا فمن شعره ... يا طيب رائحة من نفحة الخيرى ... اذا تمزق جلباب الدياجير ... كان مارش بالما وردا و عبقت ... فيه دواخين ند عند تبخير ... كان اوراته فى القداجنحة ... صفر وحمر وبيض من زنابير ...
ومن شعره وقد خرج الى بستان وقال لو ساعدنا غيث فجاء المطر فقال ... ليس شرب الكأس الا فى المطر ... وغناء من جوار فى السحر ... غانيات سالبات للنهى ... ناعمات فى تضاعيف الوتر

راقصات زاهرات نجل ... رافلات فى افانين الحبر ... مطربات محسنات مجن ... رافضات الهم ابان الفكر ... مبرزات الكأس من محزنها ... مسقيات الخمر من فاق البشر ... عضد الدولة وابن ركنها ... مالك الاملاك غلاب القدر ... سهل الله له بغيته ... فى ملوك الارض ما دار القمر ... وأراه الخير فى أولاده ... ليساس الملك منه بالغرر ...
وقالوا انه مذ قال غلاب القدر لم يفلح وليس شعره بالفائق فلم اكتب منه غير ما كتبت واهدى اليك بنو اسحاق لصابىء استرلابافى يوم مهرجان وكتب معه ... اهدى اليك بنو الاملاك واختلفوا ... فى مهرجان جديد انت مبليه ... لكن عبدك ابراهيم حين رأى ... علو قدرك عن شىء تدانيه ... لم يرض بالارض مهداة اليك فقد ... اهدى لك الفلك الاعلى بما فيه ...
وكان قد طلب حسان دخله فى السنة فاذا هو ثلثمائة الف الف وعشرين الف الف درهم فقال اريد ان ابلغ به الى ثلثمائة وستين الف الف درهم ليكون دخلنا فى كل يوم الف الف درهم وفى رواية انه كان يرتفع له كل عام اثنان وثلاثون الف الف دينار ومائتا الف درهم وكان له كرمان وفارس وعمان وخوزستان والعراق والموصل وديار بكر وحران ومنبج وكان مع صدقاته وايصاله ينظر فى الدنيار وينافس فى القيراط واقام مكوسا ومنع ان يعمل فى الآلة واثر آثار من الظلم فلما احتضر عضد الدولة جعل يتمثل بقول القاسم بن عبيد الله ... قتلت صناديد الرجال فلم ادع ... عدوا ولم امهل على ظنة خلقا

واخليت دور الملك فى كل نازل ... فشردتهم غربا وبددتهم شرقا ... فلما بلغت النجم عزا ورفعة ... وصارت رقاب الخلق اجمع لى رقا ... رمانى الردى سهما فأخمد جمرتى ... فها انا ذا فى حفرتى عاطلا ملقى ... فأذهبت دنياى ودينى سفاهة ... فمن ذا الذى منى بمصرعة أشقى ...
ثم جعل يقول ما اغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه فرددها الى ان توفى فى آخر يوم الاثنين من شوال هذه السنة عن سبع واربعين سنة واحد عشر شهرا او ثلاثة ايام وفل بل عن ثمانية واربعين سنة وستة اشهر وخسمة عشر يوما واخفى خبره ودفن فى دار المملكة الى ان خرجت السنة وتقررت قواعد المملكة لولده ثم اظهرن وفاته وحمل الى مشهد على عليه السلام وسنذكر تمام ما يتعلق به فى السنة المقبلة فلما توفى بلغ خبره الى بعض مجلس العلماء وفيه جماعة من اكابر اهل العلم فتذاكروا الكلمات التى قالها الحكماء عند موت الاسكندر وقد رويت لنا من طرق مختلفة الالفاظ ونحن نذكر احسنها وذاك ان الاسكندر لما مات قام عند تابوته جماعة من الحكماء فقال احدهم سلك الاسكندر طريق من فنى وفى موته عبرة لمن بقى وقال الثانى خلف الاسكندر ماله لغيره ونحكم فيه بغير حكمه وقال الثالث اصبح الاسكندر مشتغلا بما عاين وهو بالاعمال يوم الجراء اشغل وقال الرابع كنت مثلى حديثا وانا مثلك وشيكا وقال الخامس ان هذا الشخص كان لكم واعظا ولم يعظكم قط بأفضل من مصرعه وقال السادس كان الاسكندر كحلم نائم انقضى او كظل غمام انجلى وقال السابع لأن كنت امس لا يأمنك احد لقد اصبحت البوم وما يخالك احد وقال الثامن هذه الدنيا الطويلة العريضة طويت فى ذراعين وقال التاسع اجاهل كنت بالموت فنعذرك ام عالم به فنلومك وقال العاشر كفى للعامة اسوة بموت الملوك وكفى للملوك عظة بموت العامة وقال بعض من حضر المجلس الذى اشنع فيه بموت عضد الدولة وتذكرت فيه هذه الكلمات فلو قلتم انتم مثلها لكان ذلك يؤثر عنكم فقال احدهم لقد وزن هذا الشخص الدنيا مثقالها

واعطاها فوق قيمتها وحسبك انه طلب الربح فيها فخسر روحه فيها وقال الثانى من استيقظ للدنيا فهذا نومه ومن حلم فيها فهذا انتباهه وقال الثالث ما رأيت غافلا فى غفلته ولا غافلا فى عقله مثله لقد كان ينقض جانبا وهو يظن انه مبرم ويغرم وهو يظن انه غانم وقال الرابع من جد للدنيا هزلت به ومن هزل راغبا عنها جدت له وقال الخامس ترك هذا الدنيا شاغرة ورحل عنها بلا زاد ولا راحلة وقال السادس ان ماء اطفأ هذه النار لعظيم وان ريحا زعزعت هذا الركن لعصوف وقال السابع انما سلبك من قدر عليك وقال الثامن وكان معتبرا فى حياته لما صار عبرة فى مماته وقال التاسع الصاعد فى درجاتها الى سفال والنازل فى درجاتها الى معال وقال العاشر كيف غفلت عن كيد هذا الامر حتى نفذ فيك وهلا اتخذت دونه جنة تقيك ان فيك لعبرة للمعتبرين وانك لآية للمستبصرين
160 - محمد بن اسحاق ابن هبة الله بن ابراهيم بن المهتدى بالله ابو احمد الهاشمى حدث عن الحسين بن يحيى بن عياش القطان روى عنه عبد العزيز الأزجى وتوفى فى ليلة الجمعة لاربع بقين من شوال هذه السنة
161 - محمد بن احمد
ابن تميم ابو نصر السرخسى قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن ادريس الشامى واحمد بن اسحاق السرخسى وروى عنه ابن رزقويه وغيره وكان ثقة
162 - محمد بن جعفر
ابن احمد بن جعفر بن الحسن بن وهب ابو بكر الحريرى المعدل ويعرف بزوج الحرة وسمع ابن جرير الطبرى والبغوى وابن ابى داود والعباس بن يوسف الشكلى روى عنه ابن رزقويه والبرقانى وابن شاذان قال البرقانى هو بغدادى جليل احد العدول الثقات

حدثنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا على بن المحسن القاضى قال حدثنى ابى قال حدثنى الامير ابو الفضل جعفر بن المكتفى بالله قال كانت بنت بدرمولى المعتضد زوجة امير المؤمنين المقتدر بالله فأقامت عنده سنين وكان لها مكرما وعليها مفضلا الافضال العظيم فما ثلت حالها وانضاف ذلك الى عظيم نعمتها الموروثة وقتل المقتدر فافلتت من النكبة وسلم لها جميع اموالها وذخائرها حتى لم يذهب لها شىء وخرجت عن الدار وكان يدخل الى مطبخها حدث يحمل فيه على رأسه يعرف بمحمد بن جعفر وكان حركا فيقف على القهرمانة بخدمته فنقلوه الى ان صار وكيل المطبخ وبلغها خبره ورأته فردت اليه الوكالة فى غير المطبخ وترقى امره حتى صار ينظر فى ضياعها وعقارها وغلب عليها حتى صارت تكلمه من وراء ستر وخلف باب وزاد اختصاصه بها حتى علق بقلبها فاستدعته الى تزويجها فلم يجسر على ذلك فجسرته وبذلت له مالا حتى تم لها ذلك وقد كانت حاله تأثلت بها واعطته لما ارادت ذلك منه اموالا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة لئلا يمنعها اولياؤها منه لفقره وانه ليس بكفوء ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوجوها منه واعترض الاولياء فغالبتهم بالحكم والدراهم فتم له ذلك ولها فأقام معها سنين ثم ماتت فحصل له من مالها نحو ثلثمائة الف دينار فهو يتقلب الى الآن فيها قال ابى قد رأيت انا هذا الرجل وهو شيخ عاقل شاهد مقبول توصل بالمال الى ان قبله ابو السائب القاضى حتى اقر فى يده وتوف الحرة ووصيتها لانها وصت اليه فى مالها ووقوفها وهو الى الآن لا يعرف الا بزوج الحرة وانما سميت الحرة لاجل تزويج المقتدر بها وكذا عادة الخلفاء لغلبة المماليك عليهم اذا كانت لهم زوجة قيل لها الحرة قال ابن ثابت قال لنا ابو على بن شاذان كان محمد بن جعفر زوج الحرة جارنا وسمعت منه مجالس من امانيه وكان يحضره فى مجلس الحديث القاضى الجراحى وابو الحسين ابن المظفر والدارقطنى وابن حيويه وغيرهم من الشيوخ وتوفى ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة لأربع خلون من صفر هذه السنة ودفن بالقرب من قبر معروف الكرخى وحضرت مع ابى الصلاة عليه

163 - منصور بن احمد
ابن هارون الفقيه ابو صادق سمع من جماعة ولم يحدث قط وكان من الزهاد الهاربين من الرياسات وقال الزهديات وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وهو ابن خمس وستين سنة
سنة 373
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه في يوم عاشوراء وهو عاشر المحرم اظهرت وفاة عضد الدولة وحمل تابوته الى المشهد الغربى ودفن فى تربة بنيت له هناك وكتب على قبره فى ملبن ساج هذا قبر عضد الدولة وتاج الملة ابى شجاع ابن ركن الدولة احب مجاورة هذا الامام التقى لطمعه فى الحلاص يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها والحمد لله وصلى الله على محمد وعترته الطاهرة
وتولى امره وحمله ابو الحسن على بن احمد بن اسحاق العلوى النقيب وجلس صمصام الدولة للعزاء به بالنياب السود على الارض وجاءه الطائع لله معزيا ولطم عليه فى دوره والاسواق اللطم الشديد المتصل اياما كثيرة فلما انقضى ذلك ركب صمصام الدولة الى دار الخلافة يوم السبت لسبع بقين من الشهر وخلع عليه فيها الحلع السبع والعمامة السوداء وسور وطوق وتوج وعقد له لواءان ولقب شمس الملة وحمل على فرس بمركب من ذهب وقيد بين يديه مثله وقرىء عهده بتقليده الامور فيما بلغته الدعوة فى جميع الممالك ونزل من هناك فى الطيار الى دار المملكة واخذت له البيعة على جميع الاولياء بالطاعة واخلاص النية فى المناصحة واطلق له رسومها وكوتب الولاة والعمال واصحاب النواحى والاطراف بأخذ البيعة على من قبلهم من الاحفاد
وفى ليلة الاربعاء السادس عشر من صفر انقض كوكب عظيم الضوء وكانت عقيبة دوى كالرعد

وورد الخبر بوفاة مؤيد الدولة ابى منصور بويه بن ركن الدولة بجرجان فجلس صمصام الدولة للعزاء به فى يوم الخميس لثمان بقين من رمضان وجاءه الطائع لله معزيا ولما اشتدت علة مؤيد الدولة قال له الصاحب ابو القاسم اسمعيل ابن عباد لو عهد امير الامراء في الامر الى من يراه عهدا كان تسكن الجند اليه عاجلا الى ان يتفضل الله بعافيته وقيامه الى تدبير مملكته كان ذلك من الاستظهار الذى لا ضرر فيه فقال انا فى شغل عما تخاطبنى عليه وما لهذا الملك قدر مع انتهاء الانسان الى مثل ما انا فيه فافعلوا ما بدا لكم ان تفعلوه ثم اشفى فقال له الصاحب تب يا مولانا من كل ما فرطت فيه وتبرأ من هذه الاموال التى لست على ثقة من طيبها وحصولها من حلها واعتقد متى اقامك الله وعافاك ان تصرفها فى وجوهها وترد كل ظلامة تعرفها ففعل ذلك وتلفظ به ومات فكتب الصاحب فى الوقت الى اخيه فخر الدولة ابى الحسن على بن ركن الدولة بالاسراع والتعجيل وانفذ اليه خاتم مؤيد الدولة وارسل بعض ثقاته حتى استحلفه على الحفظ والوفاء بالعهد فأسرع فلما وصل وانتظم له الامر قال له الصاحب قد بلغك الله يا مولانا وبلغنى فيك ما املته ومن حقوق خدمتى لك اجابتى الى ما انا مؤثر له من ملازمة دارى واعتزال الحندية والتوفر على امر الله تعالى فقال له لا تقل هذا فاننى ما اريد هذا الملك الا بك ولا يجوز ان يستقيم لي فيه امر الا بك واذا كرهت ملابسة الامور كرهت انا ذلك وانصرفت فقبل الارض وقال الامر لك فاستوزره وخلع عليه الخلع السنية
وزادت الاسعار فى هذه السنة زيادة مفرطة ولحق الناس مجاعة عظيمة وبلغ الكر الحنطة فى رمضان ثلاثة آلاف درهم تاجية وبلغ فى ذى القعدة اربعة آلاف وثمانمائة درهم وضج الناس وكسروا منابر الجوامع ومنعوا الصلاة فى عدة جمع ومات خلق من الضعفاء جوعا على الطريق ثم تناقصت الاسعار فى ذى الحجة
وفى هذه السنة وفى القرامطة الى البصرة لما حدث من طمعهم بعد وفاة عضد

الدولة فصالحوا على مال اعطوه وانصرفوا
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
164 - احمد بن عبد العزيز ابو بكر العكبرى روى عن ابى خليفة الساجى وغيره وكان ثقة مأمونا توفى بعكبرا فى رجب هذه السنة
165 - بوية ابو منصور الملقب مؤيد الدولة ابن ركن الدولة كان وزيره الصاحب بن عباد فضبطه مملكته واحسن التدبير وكان قد تزوج بنت عمه زبيدة بنت معز الدولة ابى الحسين فأنفق فى عرسه سبعمائة الف دينار و وتوفى بجرجان فى ثالث عشر شعبان هذه السنة وكانت علته الحوانيق وكان عمره ثلاثا واربعين سنة وشهرا وامارته سبع وستين شهرا وخمسة عشر يوما
166 - جعفر الضرير المقرئ بباب الشام توفى فى ذى القعدة من هذه السنة وكان ثقة
167 - سعيد بن سلام
ابو عثمان المغربى ولد بقيروان فى قرية يقال لها كركنت ولقى الشيوخ بمصر ودخل بلاد الشام وصحب ابا الخير الاقطع وجاور بمكة سنين وكان لا يظهر فى المواسم وكانت له كرامات وكان ابو سليمان الخطابى يقول ان كان فى هذا العصر من المحدثين احد فأبو عثمان
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا ابو سعيد الحسن بن على بن احمد الشيرازى قال سمعت ابا مسلم غالب بن على الرازى يقول سمعت ابا عثمان المغربى يقول كنت ببغداد وكان بى وجع من ركبتى حتى نزل الى مثانتى فاشتد وجعى وكنت استغيث بالله فنادانى بعض الحن ما استفاثنك بالله وغوثه بعد

فلما سمعت ذلك رفعت صوتى وزدت فى مقالتى حتى سمع اهل الدارصوتى فما كان الا بعد ساعة فجاء البول وقدم الى سطل اهريق فيه الماء فخرج منى شىء بقوة فضرب وسط السطل حتى سمعت له صوتا فاذا هو حجر قد خرج من مثانتى وذهب الوجع عنى فقلت ما اسرع الغوث وكذا الظن به توفى ابو عثمان بنيسابور فى جمادى الاولى من هذه السنة ودفن الى جنب ابى عثمان الحيرى
168 - عبد الله بن احمد ابن ماهيزذ ابو محمد الاصبهانى يعرف بالظريف سكن بغداد وحدث بها عن الباغندى والبغوى وابن ابى داود روى عنه البرقانى ولازحى وكان ثقة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد بن عمر بن روح النهروانى قال ذكرنا عبد الله بن احمد بن ماهيزذ انه ولد فى سنة ثلاث او اربع وسبعين ومائتين قال ودخلت بغداد سنة سبع وتسعين ومائتين وحججت في سنة ثلاث وثلثمائة وصمت ثمانية وثمانين رمضانا
169 - عبد الله بن محمد
ابن عبد الله بن عثمان بن المختار ابو محمد المزنى الواسطى ويعرف بابن السقاء سمع عبدان وابا يعلى الموصلى والبغوى وابن ابى داود وكان فهما حافظا ورد بغداد فحدث بها مجالسه كلها من حفظه بحضرة ابن المظفر والدارقطنى وكانا يقولان ما رأينا معه كتابا انما حدثنا حفظا وما أخذنا عليه خطأ فى شىء غير انه حدث عن ابى يعلى بحديث فى القلب منه شىء قال ابو العلاء الواسطى فلما عدت الى واسط اخبرته فأخرج الحديث واصله بخط الصبى توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربع وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا عبد الله بن سعدان ان شرع فى اصلاح ما بين صمصام الدولة وفخر الدولة وخوطب الطائع لله على ما يجدده لفخر الدولة من الخلع

والعهد واللقب ففعل وجلس لذلك واحضرت الخلع وقرئ عهده وبعثت اليه وفى شهر رجب كان عرس فى درب رباح فوقعت الدار فهلك كثير من النساء واخرجن من تحت الهدم بالحلى والزينة فكانت المصيبة عامة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
170 - ابراهيم بن احمد
بن جعفر بن موسى ابو اسحاق المقرئ الحرفى من اهل الجانب الشرقى كان ينزل سوق يحيى وحدث عن جماعة وروى عنه التنوخى والجوهرى وكان ثقة صالحا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
171 - اسحاق بن سعد ابن الحسين بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز ابو يعقوب الشيبانى النسوى وله سنة ثلاث وتسعين ومائتين روى عن جده الحسن وعن محمد بن اسحاق السراج ومحمد بن اسحاق بن خزيمة كتب عنه الناس بانتخاب الدارقطنى وكان ثقة توفى فى هذه السنة
172 - عبد الله بن موسى ابن اسحاق ابو العباس الهاشمى روى عن ابن بنت منيع وابن ابى داود وقاسم المطرز وابى خبيب البرتى وغيرهم وكان ثقة امينا من اهل القرآن والحديث توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
173 - محمد بن احمد
ابن بالويه ابو على النيسابورى المعدل سمع عبد الله بن محمد بن شيرويه و محمد بن اسحاق بن خزيمة ومحمد بن اسحاق السراج وغيرهم وكان ثقة وتوفى بنيسابور يوم الخميس سلخ شوال هذه السنة عن اربع وتسعين سنة
174 - محمد بن احمد
ابن محمد بن عبدان بن فضال ابو الفرج الاسدى ولد فى سنة تسع وتسعين

ومائتين وسمع الباغندى وابا عمر القاضى وابا بكر ابن ابى داود
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر ابن ثابت اخبرنا العتيقى قال توفى ابو الفرج ابن عبدان فى ذى الحجة سنة اربع وسبعين وثلثمائة وكان ثقة مأمونا
175 - محمد بن احمد
ابن يحيى بن عبد الله بن اسمعيل ابو على البزاز العطشى سمع جعفر بن محمد الفريابى وابا يعلى الموصلى وابن جرير الطبرى والباغندى وغيرهم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال اخبرنا احمد ابن محمد العتيقى قال سنة اربع وسبعين وثلثمائة فيها مات ابو على العطشى فى ذى الحجة وكان ثقة مأمونا
176 - محمد بن جعفر ابن الحسن بن سليمان بن على بن صالح صاحب المصلى يكنى ابا الفرج حدث عن الهيثم بن خلف الدورى والباغندى وخلق كثير روى عنه ابو الحسن النعيمى وابو القاسم التنوخى احاديث تدل على سوء ضبطه وضعف حاله وهو سىء الحال عندهم توفى فى هذه السنة بالبصرة
177 - محمد بن الحسنن ابن محمد ابو عبد الله الرازى السراجى سمع ابن ابى حاتم وعيره روى عنه ابن رزقويه والبرقانى وقال هو ثقة وقال العتيقى كان ثقة امينا مستورا توفى فى ليلة الجمعة الثانى من ذى القعدة في هذه السنة
178 - محمد بن الحسين ابن احمد بن الحسين ابو الفتح الازدى الموصلى روى عن ابى يعلى الموصلى وابن جرير الطبرى وابى عروبة والباغندى وغيرهم وكان حافظا وله تصانيف فى علوم الحديث

اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على الخطيب قال حدثنى ابو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الارموى قال رأيت اهل الموصل يوهنون ابا الفتح لازدى جدا ولا يعدونه شيئا قال وحدثنى محمد بن صدقة ان ابا الفتح قدم بغداد على الامير يعنى ابن بويه فوضع له حديثا ان جبريل عليه السلام كان ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم فى صورته بأجازة واعطاه دراهم كثيرة قال الخطيب وسألت ابا بكر العرقاني فاشار الى انه كان ضعيفا قال ورأيته فى جامع المدينة وأصحاب الحديث لا يرفعون به راسا ويتجنبونه توفى فى هذه السنة وبعضهم يقول فى سنة تسع وستين وثلثمائة
179 - محمد بن الحسين
ابن ابراهيم بن مهران ابو بكر الحربى سمع ابا جعفر بن بريه ودعلج بن احمد روى عنه الازهرى وقال كان شيخا صالحا
سنة
ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قدم فى يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الاول خلع الطائع لله على صمصام الدولة وطوته وسوره وحمله على فرس بمركب ذهب وقاد بين يديه مثله
وفى ربيع الاول ورد الخبر من الكوفة بورود اسحاق وجعفر الهجريين وهما من القرامطة الذين يدعون بالسادة فى جموع كثيرة وكان دخولهما اياها على وجه التغلب واقاموا الخطبة لشرف الدولة واعتزوا الى ملك الجهة فوقع الانزعاج الشديد من ذلك لما كان تمكن من النفوس من هيبة هولاء القوم وانهم ممن لا يصطلى بنارهم ولأن جماعة من الملوك كانوا يصانعونهم حتى عضد الدولة اقطعهم بواسط ناحية واقطعهم عز الدولة قبله بشقى الفرات اقطاعا وانتشر اصحابهما فى النواحى واكبوا على تناول الغلات واستخراج المال فنفذ

من بغداد عسكر طردهم وبطل ناموسهم
وفى ذى الحجة ورد كتاب من الرى بوفاة ابن مؤيد الدولة فجلس صمصام الدولة للعزاء به وركب الطائع الى تعزيته فى سفينة لا بسا للسواد وعلى رأسه شمسة والقراء والاولياء فى الزبازب فقدم الى مشرعة دار الملك ونزل صمصام الدولة وقبل الارض بين يديه ورده بعد خطاب تردد بينهما فى العزاء والشكر
وفى هذه السنة هم صمصام الدولة ان يجعل على الثياب الابريسميات والقطنيات التى تنسج ببغداد ونواحيها ضريبة وكان ابو الفتح الرازى قد كثر ما يحصل من هذا الوجه وبذل تحصيل الف الف درهم منه فى كل سنة فاجتمع الناس فى جامع المنصور وعزموا على المنع من صلاة الجمعة وكاد البلد يفتتن فاعفوا من احداث هذا الرسم
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
180 - الحسن بن الحسين
ابن ابى هريرة الفقيه ابو على القاضى كان احد اصحاب الشافعى وله مسائل فى الورع محفوظة توفى فى رجب هذه السنة
181 - الحسن بن على ابن داود بن خلف ابو على المطرز المصرى ولد سنة تسعين ومائتين قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن بدر الباهلى وغيره روى عنه البرقانى وابو العلاء الواسطى وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى وكان ثقة وتوفى بمكة فى صفر هذه السنة
182 - الحسين بن على
ابن محمد بن يحيى ابو احمد النيسابورى ويقال له حسينك ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين ورباه ابو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة فسمع منه الحديث ومن غيره

بنيسابور وسمع ببغداد والكوفة روى عنه ابو بكر البرقانى وقال كان ثقة جليلا وحجة واكثر اثار نيسابور منوطة باهل بيته
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنى محمد بن على المقرئ عن محمد بن عبد الله الحافظ النيسابورى قال كان حسينك تربية ابى بكر ابن خزيمة وجاره الأدنى وفى حجره من حين ولد الى ان توفى ابو بكر وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وكان ابن خزيمة اذا نخلف عن مجالس السلاطين بعث بالحسين نائبا عنه وكان يقدمه على جميع اولاه ويقرأ له وحده مالا يقرأه لغيره وكان يحكى ابا بكر فى وضوءه وصلاته فانى ما رأيت فى الاغنياء احسن طهارة وصلاة منه ولقد صحبته قريبا من ثلاثين سنة فى الحضر والسفروفى والحر وفى البرد فما رايته ترك صلاة الليل وكان يقرأ فى كل ليلة سبعا من القرآن ولا يفوته ذلك وكانت صدقاته دائمة فى السر والعلانية ولما وقع الاستنفار لطرسوس دخلت عليه وهو يبكى ويقول قد دخل الطاغى ثغر المسلمين طرسوس وليس فى الخزانة ذهب ولا فضة ثم باع ضيعتين نفيستين من اجل ضياعه بخمسين الف درهم واحرج عشرة من الغزاة المتطوعة الاجلاد بدلا عن نفسه وسمعته غير مرة يقول اللهم انك تلم انى لادخر ما ادخره ولا اقتنى هذه الضباع الا للاستغناء عن خلقك والاحسان الى اهل السنة والمستورين توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة وصلى عليه ابو احمد بنيسابور
183 - عبيد الله بن محمد
ابن احمد بن محمد ابو الحسين الشيبانى المعروف بالحوشبى سمع ابا بكر بن ابى داود روى عنه البرقانى والتنوخى وكان ثقة ثبتا مستورا امينا توفى فى ذى القعدة من هذه السنة
184 - عبد الرحمن بن محمد
ابن عبد الله بن مهران ابو مسلم سمع الباغندى والبغوى ورحل الى الشام والى

بغداد والى خراسان وما وراء النهر فكتب وجمع وكان متقنا حافظا ثبتا مع ورع وتدين وزهد وتصون وكان الدارقطنى وغيره يعظمونه وخرج الى مكة فتوفى بها فى هذه السنة ودفن قريبا من الفضيل
185 - عبد الملك بن ابراهيم القرميسينى
سمع ابن صاعد وروى عنه ابو القاسم التنوخى وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
186 - عبد العزيز بن جعفر ابن محمد بن عبد الحميد ابو القاسم الخرقى سمع احمد بن الحسن الصوفى والهيثم ابن خلف الدورى روى عنه البرقانى والعتيقى والتنوخى والجوهرى وكان ثقة امينا وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
187 - عبد العزيز بن عبد الله
ابن محمد ابو القاسم الداركى الفقيه الشافعى نزل نيسابور عدة سنين ودرس الفقه ثم صار الى بغداد فسكنها الى حين موته وحدث بها وكان امينا وانتهت رياسة اصحاب الشافعى اليه وكان يدرس فى مسجد دعلج بدرب ابي خلف من قطيعة الربيع وله حلقة فى جامع المدينة للفتوى والنظر روى عنه الأزهرى والخلال والازجى والعتيقى والتنوخى وكان ثقة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب اخبرنا ابو الطيب الطبرى قال سمعت ابا حامد الاسفرائينى يقول ما رأيت افقه من الداركى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت عيسى بن احمد بن عثمان الهمذانى يقول كان عبد العزيز الداركى اذا جاءته مسألة تفكر طويلا ثم افتى فيها فربما كانت فتواه خلاف مذهب الشافعى وابى حنيفة فيقال له فى ذلك فيقول ويحكم حدث فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا وكذا والأخذ بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم اولى من الاخذ بقول الشافعى وابى حنيفة

اذا خالفاه توفى الداركى فى شوال هذه السنة عن نيف وسبعين سنة ودفن بمقبرة الشونيزى
188 - عمر بن محمد
ابن على بن يحيى بن موسى ابو حفص الناقد المعروف بالزيات ولد سنة ست وثمانين ومائتين سمع جعفر الفريابى وخلقا كثيرا وروى عنه البرقانى والازهرى والجوهرى وكان ثقة صدوقا متكثرا متقنا توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بالشونيزية
189 - على بن الحسن ابن على ابو الحسن الجراحى روى عنه جابر بن شعيب البلخى وغيره وكان خيرا حسن المذهب توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
190 - محمد بن احمد ابن حسنويه ابو سهل النيسابورى ويعرف بالحسنوى اديب تفقه على مذهب الشافعى وسمع الحديث من جماعة وحدث فى البلاد وكان من التاركين لما لا يعنيهم المشتغلين بأنفسهم وتوفى فى صفر وهو ابن تسع وخمسين ودفن فى مقبرة الخيزران
191 - محمد بن الحسن
ابن سليمان ابو بكر القزوينى وحدث عن جعفر الفريابى وابن ذريح والبغوى وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا عنه على بن محمد بن الحسن المالكى وكان عنده جزء عنه وكان فى اكثر الاحاديث تخليط فى الاسانيد والمتون توفى ابو بكر القزوينى يوم الخميس غرة شعبان هذه السنة
192 - محمد بن الحسن ابن محمد بن جعفر بن حفص ابو الفضل الكاتب حدث عن المحاملى وابن مخلد

والمصرى وغيرهم روى عنه عبد العزيز الازجى وكان صالحا دينا
193 - محمد بن عبد الله
ابن صالح ابو بكر الفقيه المالكى الابهرى ولد سنة تسع وثمانين ومائتين وروى عن ابن ابى عروبة والباغندى وابن ابى داود وغيرهم روى عنه البرقانى وله تصانيف فى شرح مذهب مالك وذكره محمد بن ابى الفوارس فقال كان ثقة امينا مستورا وانتهت اليه الرياسة فى مذهب مالك
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا القاضى ابو العلاء الواسطى قال كان ابو بكر الابهرى معظما عند سائر علماء وقته لا يشهد محضرا الا كان هو المقدم فيه واذا جلس قاضى القضاة ابو الحسن ابن ام شيبان اقعده عن يمينه والخلق كلهم من القضاة والشهود والفقهاء دونه وسئل ان يلى القضاء فامتنع فاستشير فيمن يصلح لذلك قال ابو بكر احمد بن على الرازى وكان الرازى يزيد حاله على منزلة الرهبان فى العبادة فاريد للقضاء فامتنع واشار بأن يولى الابهرى فلما لم يجب واحد منهما الى القضاء ولى غيرهما توفى فى شوال هذه السنة
194 - محمد بن نصر
ابن مكرم ابو العباس الشاهد روى عن البغوى وغيره وكان ثقة مقدما فى الشهادة توفي في شعبان هذه السنة
سنة 376 ثم دخلت سنة ست وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه كثر الموت فى المحرم بالحميات الحادة فهلك من الناس خلق كثير
وفى ليلة الاثلاثاء لتسع خلون من ربيع الاول وهى ليلة العشرين من تموز وافى مطر كثير مفرط ببرق

وفى رجب زاد السعر فبيعت الكارة الدقيق الخشكار بنيف وتسعين درهما وفى هذا الشهر ورد الخبر بزلزلة كانت بالموصل هدمت كثيرا من المنازل واهلكت خلقا كثيرا من الناس
وكان الامر قد صلح بين صمصام الدولة واخيه شرف الدولة وجلس الطائع فى صفر وبعث الخلع الى شرف الدولة ثم ان العسكر مال الى شرف الدولة وتركوا صمصام الدولة فانحدر صمصام الدولة الى شرف الدولة راضيا بما يعامله به فلما وصل اليه قبل الارض بين يديه ثلاث دفعات ثم قبل يده فقال له شرف الدولة كيف انت وكيف حالك فى طريقك ما عملت الا بالصواب فى ورودك تمض وتغير ثيابك تتودع من تعبك فحمل الى خيمة وخركاه قد ضربا له بغير سرادق فجلس واجما نادما واجتمع عسكر شرف الدولة من الديلم تسعة عشر الفا وكان الاتراك ثلاثة آلاف غلام فاستطال الديلم فخاصمهم الاتراك فكانت بينهم وقعة فانهزم الديلم وقتل منهم ثلاثة آلاف فى رمضان فأخذ الديلم يذكرون صمصام الدولة فقيل لشرف الدولة اقتلته فما تأمنهم وقدم شرف الدولة بغداد فركب الطائع اليه يهنئه بالسلامة ثم خفى خبر صمصام الدولة وذلك انه حمل الى القلعة ثم نفذ بفراش ليكحله فوصل الفراش وقد توفى شرف الدولة فكحله فالعجب امضاء امر ملك قد مات
وفى ذى الحجة قبل قاضى القضاة ابو محمد بن معروف شهادة ابى الحسن الدارقطنى وابى محمد بن عقبة وذكر ابن ابى الفوارس ان الدارقطنى ندم على شهادته وقال كان يقبل قولى على رسول الله صلى الله عليه و سلم بانفرادى فصار ولا يقبل قولى على بقلى الا مع آخر
ومنع شرف الدولة من المصادرة ورد على الناس املاكهم
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
195 - الحسين بن جعفر
ابن محمد ابو القاسم الواعظ المعروف بالوزان سمع البغوى وابا عمر القاضى وابن

ابى داود وابن صاعد والمحاملى وابن عقدة روى عنه الازهرى والازجى وكان يسكن سوق العطش وكان ثقة امينا صالحا ستيرا توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
196 - الحسين بن محمد ابن عبد الله ابو عبد الله الصيرفى حدث عن محمد بن مخلد الدورى والنجاد وكان ثقة امينا من امناء القضاة ينزل بينى سليم وتوفى فى هذه السنة
197 - عبيد الله بن احمد ابن يعقوب ابو الحسين ويعرف بابن البواب سمع الباغندى والبغوى روى عنه الازهرى والعتيقى وكان ثقة مامونا وتوفى فى رمضان هذه السنة
198 - عمر بن محمد ابن ابراهيم ابو القاسم البجلى ويعرف بابن سنيك ولد سنة احدى وتسعين ومائتين واول ما سمع الحديث فى سنة ثلثمائة سمع الباغندى والبغوى وروى عنه الازهرى والتنوخى وكان يسكن باب الازج وقيل ابو السائب قاضى القضاة شهادته ثم استخلفه ابو محمد بن معروف على الحكم بسوق الثلاثاء وحريم دار الخلافة وكان ثقة عدلا وتوفى فى رجب هذه السنة
199 - محمد بن احمد
ابن محمد بن ابى صالح ابو بكر نزل بلخ واقام بها حتى مات وحدث هناك عن ابن شعيب الحرانى ويوسف بن يعقوب القاضى وابى يعلى الموصلى
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن ثابت قال حدثنى ابو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبى قال مات ابو بكر بن ابى صالح ببلخ فى سنة ست وسبعين وثلثمائة قال وكان واهيا عند اهل بلخ وتكلم فيه ابو اسحاق المستملى وغيره

200 - محمد بن جعفر
ابن محمد ابو الفتح الهمذانى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ويعرف بابن المراغى سكن بغداد وروى بها عن ابى جعفر احمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة حدث عنه القاضى ابو الحسين محمد ابن احمد بن القاسم المحاملى وذكر انه سمع منه فى سنة احدى وسبعين وثلثمائة وكان من اهل الادب عالما بالنحو واللغة وله كتاب صنفه وسماه كتاب البهجة على مثال الكامل للمبرد
201 - محمد بن احمد
ابن حمدان بن على بن عبد الله بن مسنان الزاهد ابو عمرو الحيرى سمع جماعة من العلماء وصحب جماعة من الزهاد وكان عالما بالقراءات والنحو وكان متعبدا وكان المسجد منزله نيفا وثلاثين سنة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة وقالت له زوجته حين وفاته قد قربت ولادتى فقال سلميه الى الله تعالى فقد جاؤا ببراءتى من السماء وتشهد ومات فى الحال
202 - محمد بن عبد الله ابن عبد العزيز بن شاذان ابو بكر الرازى المذكر جمع من كلام التصوف واكثر ثم انتسب الى محمد بن ايوب بن يحيى الضريبسى البجلى ومحمد بن ايوب لم يعقب ولدا ذكرا قال الحاكم ابو عبد الله فلقيته فذكرت له ذلك فانزجر وترك ذلك النسب ثم رايته بعد يحدث بالمسانيد وما كان يحدث بها قبل ذلك وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
203 - محمد بن حماد
ابن اسحاق بن اسمعيل بن حماد بن زيد الازدى القاضى حدث عن سليمان بن عبد العزيز المدينى واستقضى على البصرة قيل يوسف بن يعقوب والدأبى عمرو

وضم اليه قضاء واسط وكور دجلة وكان يلزم الموفق بالله حيث كان ثم توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الوزير ابو منصور محمد بن الحسن فتلقاه القواد والحجاب والحواشى والكتاب ووجوه اهل بغداد فلما قارب تلقاه شرف الدولة بالشفيعى يوم السبت لست خلون من المحرم ووصل فى صحبته عشرون الف الف درهم وثياب وآلات كثيرة وكان يغلب عليه الخير وايثار العدل وكان اذا سمع الاذان ترك جميع شغله وتوفر على اداء فرضه وكان يكثر التقليد والعزل ولا يترك عاملا يقيم فى ناحية سنة
وفى يوم السبت ثامن عشر صفر عقد مجلس حضره الاشراف والقضاة والشهود وجددت فيه التوثقة بين الطائع لله وشرف الدولة
وفى يوم السبت الثانى من ربيع الاول ركب شرف الدولة الى دار الطائع لله فى الطيار بعد أن ضربت القباب على شاطىء دجلة وزينت الدور التى عليها من الجانبين بأحسن زينة وخلع عليه الخلع السلطانية وتوجه وطوقه وسوره وعقد له لوائين واستخلفه على ما وراء بابه وقرىء عهده بمسمع منه ومن الناس على طبقاتهم وخرج من حضرته فدخل الى اخته زوجة الطائع فأقام عندها الى العصر وانصرف والعسكر والناس مقيمون على انتظاره ولما حمل اللواء تخرق ووقعت قطعة منه فتطير من ذلك فقال الطائع له لم تتخرق وانما انفصلت قطعة منه وحملتها الريح وتأويل هذه الحال انك تملك مهب الرياح وكان فى جملة من حضر مع شرف الدولة ابو محمد عبيد الله بن احمد بن معروف فلما رآه الطائع لله قال له ... مرحبا بالأحبة القادمينا ... اوحشونا وطال ما آنسونا ...
فقبل الارض وشكر ودعا وجلس شرف الدولة فى داره للتهنئة يوم الاثنين

لأربع خلون من الشهر وعليه الخلع وبين يديه لواء ان مركوزان ابيض واسود ووصل اليه العامة والخاصة ورد شرف الدولة على الشريف ابى الحسن محمد بن عمر جميع املاكه وخراج املاكه فى كل سنة الفى الف وخمسمائة الف درهم ورد على الشريف ابى احمد الموسوى جميع املاكه ورفع امر المصادرات وسد طرق السعايات
وفى شهر ربيع الاول بيعت الكارة من الدقيق الخشكار بمائة وخمسة وستين درهما وجلا الناس عن بغداد ثم زاد السعر فى ربيع الآخر فبلغ ثمن الكارة الخشكار مائتين واربعين درهما
وفى يوم السبت لليلتين بقيتا من ربيع الآخر توفيت والدة شرف الدولة وكانت امرأة تركية ام ولد فركب اليه الطائع لله فى الماء معزيا بها
وفى شعبان ولد لشرف الدولة ولدان ذكران توأمان كنى احدهما ابا حرب وسماه سلاروكنى الآخر ابا منصور وسماه فناخسرو
وفى هذه السنة بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه فظفر بهم بدر وانهزموا واستولى بدر بعد ذلك على الجبل واعماله وفى ذى الحجة وقع مع الغلاء وباء عظيم ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
204 - احمد بن يوسف ابن يعقوب بن اسحاق بن البهلول التنوخى الازرق الانبارى الكاتب توفى يوم الجمعة لأربع بقين من المحرم
205 - احمد بن محمد ابن بشر الشاهد توفى فى يوم الجمعة تاسع عشر المحرم والاصح سابع عشر

206 - احمد بن العلاء
ابو نصر الشيرازى الكاتب توفى يوم الاربعاء لعشر بقين من رجب
207 - احمد بن الحسين ابن على ابو حامد المروزى ويعرف بابن الطبرى كان ابوه من اهل همذان سمع من جماعة من المحدثين وكان احد العباد المجتهدين والعلماء المتقنين حافظا للحديث بصيرا بالأثر ورد بغداد فى حداثته فتفقه بها ودرس على ابى الحسن الكرخى مذهب ابى حنيفة ثم عاد الى خراسان فولى بها قضاء القضاة وصنف الكتب والتاريخ ثم دخل بغداد وقد علت سنه فحدث بها وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى روى عنه البرقانى ووثقه توفى بمروفى صفر هذه السنة سنة سبع وسبعين وبعضهم يقول فى سنة ثلاث وسبعين
208 - اسحاق بن المقتدر بالله ابو محمد ولد سنة سبع عشرة وثلثمائة وتوفى ليلة الجمعة سابع عشر ذى القعدة وغسله ابو بكر بن أبى موسى الهاشمى وصلى عليه ابنه القادر بالله وهو اذ ذاك امير ودفن فى تربة شغب جدته والدة المقتدر بالله وانفذ الطائع خواص خدمه وحجابه لتعزية ابنه القادر وركب الاشراف والقضاة مع جنازته وانقذ شرف الدولة وزيره ابا منصور فى جماعة الى الطائع للتعزية والاعتذار لشكوى يجدها
209 - جعفر بن المكتفى بالله
كان فاضلا توفى يوم الثلاثاء سابع صفر هذه السنة
210 - جعفر بن محمد ابن احمد بن اسحاق بن البهلول بن حسان ابو محمد بن ابى طالب التنوخى اصله من الانبار وولد ببغداد فى سنة ثلاث وثلثمائة وقرأ القراءات وكتب الحديث

وحدث عن البغوى وابن أبى داود وابى عمر القاضى وابن صاعد وعرض عليه القضاء والشهادة فأباهما تورعا وصلاحا روى عنه ابو على التنوخى وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
211 - الحسن بن احمد
ابن عبد الغفار بن سليمان ابو على الفارسى النحوى ولد ببلده فسا وسمع شيئا من الحديث فروى عنه الجوهرى والتنوخى وقد اتهمه قوم بالاعتزال
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال قال لى التنوخى ولد ابو على الحسن بن احمد النحوى الفارسى بفسا وقدم بغداد فاستوطنها وسمعنا منه فى رجب سنة خمس وسبعين وثلثمائة وعلت منزلته فى النحو حتى قال قوم من تلامذته هو فوق المبرد واعلم منه وصنف كتبا عجيبة حسنة لم يسبق الى مثلها واشتهر ذكره فى الآفاق وبرع له غلمان حذاق مثل عثمان بن جنى وعلى بن عيسى الشيرازى وغيرهما وخدم الملوك ونفق عليهم وتقدم عند عضد الدولة فسمعت ابى يقول سمعت عضد الدولة يقول انا غلام ابى على النحوى فى النحو توفى فى ربيع الاول من هذه السنة ودفن بالشونيزيه عن نيف وتسعين سنة
212 - ستيتة
بنت القاضى ابى عبد الله الحسين بن اسمعيل الضبى المحاملى تكنى امة الواحد اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لنا احمد بن عبد الله ابن الحسين بن اسمعيل المحاملى اسمها ستيتة وهى ام القاضى ابى الحسين محمد بن احمد بن القاسم بن اسمعيل المحاملى وكانت فاضلة عالمة من احفظ الناس للفقه على مذهب الشافعى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو اسحاق الشيرازى قال سمعت ابا بكر البرقانى يقول كانت بنت المحاملى تفتى مع أبى على

ابن أبى هريرة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا عبد الكريم بن محمد بن احمد الضبى اخبرنا ابو الحسن الدارقطنى قال امة الواحد بنت الحسين بن اسمعيل بن محمد القاضى المحاملى سمعت اباها واسمعيل بن العباس الوراق وعبد الغافر ابن سلامة الحمصى وابا الحسن المصرى وحمزة الهاشمى وغيرهم وحفظت القرآن والفقه على مذهب الشافعى والفرائض وحسابها والدور والنحو وغير ذلك من العلوم كانت فاضلة فى نفسها كثيرة الصدقة مسارعة فى الخيرات حدثت وكتب عنها الحديث وتوفيت فى شهر رمضان سنة سبع وسبعين وثلثمائة
213 - عبيد الله بن محمد ابن عابد بن الحسين ابو محمد الخلال ولد سنة احدى وتسعين ومائتين وسمع الباغندى وروى عنه الازهرى وكان ثقة توفى فى شوال هذه السنة
214 - عبد الواحد ابن على بن محمد بن احمد بن خشيش ابو القاسم الوراق ولد سنة احدى وثمانين ومائتين وسمع البغوى وابن صاعد روى عنه الخلال وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
215 - عبد الوهاب
ابن الطائع لله توفى ليلة الاربعاء ثامن عشر ربيع الآخر ودفن فى التربة التى بناها الطائع لله بالرصافة بازاء تربة جدته شغب
216 - على بن احمد ابن ابراهيم بن ثابت ابو القاسم الربعى قدم بغداد وحدث بها فروى عنه ابو العلاء

الواسطى كان ثقة حافظا توفى بالرى فى هذه السنة
217 - على بن محمد
ابن احمد بن نصير بن عرفة ابو الحسن الثقفى الوراق ويعرف بابن لؤلؤ ولد سنة احدى وثمانين ومائتين وسمع الفريابى وخلقا كثيرا وقد حدثنا ابو بكر بن عبد الباقى عن الجوهرى عنه وكان ثقة صدوقا فأخذ على قراءة الحديث الشىء اليسير
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت التنوخى يقول حضرت عند ابى الحسن ابن لؤلؤ مع ابى الحسين البيضاوى لنقرأ عليه وكان قد ذكر له عدد من يحضر السماع ودفعنا اليه دراهم كنا قد وافقناه عليها فرأى فى جملتنا واحدا زائدا على العدد الذى ذكر له فامر باخراجه فجلس الرجل فى الدهليز وجعل البيضاوى يقرأ ويرفع صوته ليسمع الرجل فقال ابن لؤلؤ يا ابا الحسن أتعاطى على وانا بغدادى باب طاقى وراق صاحب حديث شيعى ازرق كوسج ثم امر جاريته ان تدق فى الهاون اشنانا حتى لا يصل صوت البيضاوى بالقراءة الى الرجل توفى فى محرم هذه السنة
218 - محمد بن احمد
ابن الحسين بن القاسم بن الغطريف الجهم ابو احمد الرباطى الجرجانى
حدثنا ابوالحسين بن ابى الطيب الطبرى عنه وكان ابو بكر الاسمعيلى يقول فى حقه لا اعرفه الا صواما قواما وتوفى فى رجب هذه السنة
219 - محمد بن جعفر ابن زيد ابو الطيب المكتب حدث عن البغوى حدث عنه ابنه عبد الغفار وكان يقول ولد ابى سنة احدى وثلثمائة ومات فى شعبان سنة سبع وسبعين وثلثمائة

220 - محمد بن زيد
ابن على بن جعفر بن محمد بن مروان ابو عبد الله الابزارى روى عنه الازهرى والتنوخى والجوهرى
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا احمد بن محمد العتيقى قال سنة سبع وسبعين وثلثمائة فيها توفى ابو عبد الله ابن مروان بالكوفة فى صفر وكان ثقة مأمونا انتقى عليه الدارقطنى وسمعنا منه ببغداد
221 - محمد بن محمد
ابن عبد الله بن ادريس بن الحسن بن متويه ابو عبد الله الاستراباذى سمع من ابيه وجده وسافر الكثير وتفقه وكان من افاضل الناس دينا وزهدا وامانة وورعا متهجدا بالليل متمسكا بمكارم الاخلاق وتوفى فى رمضان هذه السنة
سنة 378
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها غلاء الاسعار وعدم الاقوات وظهور الموت والاغلال فى المحرم وبيعت الكارة الدقيق بستين درهما
وفى هذا الوقت تقدم السلطان شرف الدولة برصد الكواكب السبعة فى مسيرها وتنقلها فى بروجها على مثل ما كان المأمون فعله فى ايامه فبنى بيتا فى دار المملكة فى آخر البستان محكما ورصد ما كتب به محضرا اخذ فيه خطوط من يعرف الهندسة بحسن صناعة هذا الموضع لهذا البيت
وفى شعبان كثرت الرياح العواصف وجاءت بفم الصلح وقت العصر من يوم الخميس لخمس بقين منه ريح شبهت بالتنين حتى خرقت دجلة حتى ذكرانه بانت ارضها من ممر الريح وهدمت قطعة من المسجد الجامع واهلكت جماعة من الناس وغرقت كثيرا من السفن الكبيرة المملوءة بالامتعة واحتملت زورقا منحدرا وفيه دواب وعدة سفن وطرحت ذلك فى ارض جوخى فشوهد

بعد ايام وفى هذه السنة لحق الناس بالبصرة حر عظيم وجنوب فتساقط الناس فى الشوارع وماتوا فى الطرقات
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
222 - الحسين بن على
ابن ثابت ابو عبد الله المقرىء ولد اعمى وكان حافظا يحضر مجلس ابن الأنبارى فيحفظ ما يمليه وهو صاحب القصيدة فى قراءة السبعة عملها فى حياة النقاش فأعجب بها النقاش وشيوخ زمانه وكان ظريفا حسن الزى توفى فى رمضان هذه السنة
223 - الخليل بن احمد القاضى شيخ اهل الرأى فى عصره وكان متقدما فى علم الفقه والوعظ وسمع الحديث من محمد بن اسحاق بن خزيمة واقرانه وسمع بالعراق البغوى وابن صاعد واقرانهما وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
224 - زياد بن محمد ابن زياد بن الهيثم ابو العباس الخرجانى روى عن الحسن بن محمد الداركى وغيره توفى فى هذه السنة وهذا الخرجانى بخاء يتلوها بعد الراء جيم فأما الخرخانى بخائين معجمتين فمنهم ابو جعفر محمد بن ابراهيم بن الحسن الخرخانى روى عن البغوى وهى قرية من قرى قومس فأما الجرجانى بجيمين فخلق كثير نزلوا جرجان فأمر الحرجانى بحاء مهملة وبعد الراء جيم فبلد بقرب من الشوش وقم يشكل فى هذا الهوجانى بهاء مهملة وبعدها واو ثم جيم وهو منسوب الى قرية من بلاد المغرب ويشبه بهذا مثله فى الخط الجوجانى بجيمين والواو بينهما مشددا احد رساتيق نيسابور كان منها ابو العلاء صاعد بن محمد القاضى وابو عمر الفارانى وقد يكتبها بعض الناس بالسين والاصل ما ذكرناه وربما

نسبوا الى مجتمع التمر فقالوا جوخان بجيم وخاء
225 - سليمان بن محمد ابن احمد بن ابى ايوب ابو القاسم ولد سنة ثمان وتسعين ومائتين وسمع البغوى والباغندى وابن ابى داود روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة يشهد عند الحكام عدلا مقبول من اهل بيت الشهادة والستر والفقه توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة ودفن فى مقبرة الخيزران
226 - عبيد الله بن احمد
ابن محمد ابو العباس الكاتب كان اديبا شاعرا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا التنوخى قال انشدنى ابو العباس الكاتب قال انشدنا ابو بكر ابن الانبارى ... وكم من قائل قد قال دعه ... فلم يك وده لك بالسليم ... فقلت اذا جزيت الغدر غدرا ... فما فضل الكريم على اللئيم ... واين الالف تعطفنى عليه ... واين رعاية الحق القديم ...
قال التنوخى وانشدنى ايضا
... لىصديق قد ضيع من سوء عهده ... ورمانى الزمان منه بصد ... كان وجدى به فصار عليه ... وطريف زوال وجد بوجد ...
227 - عبد العزيز ابن احمد بن على بن ابى صابر ابو محمد الصيرفى الجهبذ سمع ابن ابى داود وابن صاعد روى عنه الخلال و الجوهرى وكان ثقة وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
228 - محمد بن اسمعيل ابن العباس ابو بكر الوراق المستملى يروى عن اسمعيل الحاسب وغيره وكان ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة

239 - محمد بن اسحاق ابن محمد بن اسحاق بن عيسى بن طارق ابو بكر القطيعى الناقد سمع الباغندى والبغوى وابن صاعد وغيرهم وروى عنه ابن شاذان وغيره قال محمد بن ابى الفوارس كان يدعى الحفظ وفيه بعض التساهل توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
230 - محمد بن احمد
ابن عمران بن موسى بن هارون بن دينار ابو بكر الجشمى المطرز سمع خلقا كثيرا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لى الازهرى كان هذا الشيخ قريبا منا ينزل فى التسترين وسمعت منه وكان ثقة
231 - محمد بن احمد
ابن محمد بن يعقوب ابو بكر المفيد ولد ببغداد سنة اربع وثمانين ومائتين سكن جرجرايا وبها قبره وكان من الحفاظ وسماه موسى بن هارون المفيد وسافر الكثير وحدث عن ابى يعلى الموصلى وخلق لا يحصون وروى مناكير وعن مشائخ مجهولين منهم الحسن بن عبيد الله العبدى حدث عن عفان وعبد الله ابن رجاء ومحمد بن كثير وعمرو بن مرزوق ومسدد واحمد بن عبد الرحمن السقطى روى عنه جزءا عن يزيد بن هارون وهذا السقطى لا يعرف وقد روى عن الدارقطنى انه قال قد حدثنا جماعة عن هذا السقطى الا ان الحكاية عن الدارقطنى لا يثبت
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كان شيخنا ابو بكر البرقانى قد اخرج فى مسنده الصحيح عن المفيد حديثا واحدا فكان كلما قرئ اعتذر من روايته عنه وذكر ان ذلك الحديث لم يقع اليه الا من جهته فأخرجه عنه وسألته عنه فقال ليس بحجة وقال لنا البرقانى رحلت الى المفيد فكتبت عنه

الموطأ فلما رجعت الى بغداد قال لى ابو بكر بن ابى سعد اخلف الله عليك نفقتك فدفعته الى بعض الناس فأخذت بدله بياضا قال الخطيب روى المفيد الموطأ عن الحسن بن عبيد الله العبدى عن القعنبى فاشار ابن ابى سعد الى ان نفقة البرقانى ضاعت فى رحلته لأن العبدى مجهول لا يعرف وتوفى المفيد فى ربيع الآخر من هذه السنة
232 - محمد بن احمد
ابن ابى مسلم واسمه محمد بن على بن مهران ابو الحسن الاصبهانى فى الاصل سمع الباغندى وطبقته روى عنه ابنه ابو احمد عبيد الله بن محمد الفرضى وكان ثقة
233 - محمد بن عبيد الله ابن الشخير ابو بكر روى عن الباغندى والبغوى وغيرهما وكان ثقة امينا توفى فى رجب هذه السنة
234 - محمد بن اسمعيل
ابن العباس بن محمد بن عمر بن مهران بن مسرور ابو بكر المستملى الوراق ولد ببغداد سنة ثلاث وتسعين ومائتين وسمع اباه والباغندى والبغوى وغيرهم روى عنه الدارقطنى والبرقانى والازهرى وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال سألت ابا بكر البرقانى عن ابن اسمعيل فقال ثقة تقة وقال ابن ابى الفوارس ابن اسمعيل متيقظ ثقة حسن المعرفة وكانت كتبه قد ضاعت واستحدث من كتب الناس فيه بعض التساهل قال وحدثنى الازهرى قال كان ابن اسمعيل حافظا الاانه لين فى الرواية وذلك ان ابا القاسم ابن زوج الحرة كان عنده صحف كثيرة عن يحيى بن صاعد من مسنده وجموعه وكان ابن اسمعيل شيخا فقيرا يحضر دار ابى القاسم كثيرا فقال له ان هذه الكتب كلها سماعى من ابن صاعد فقرأها عليه ابو القاسم من غير ان يكون سماعه فيها ولاله اصول بها قال الخطيب وقد اشتريت قطعة من تلك الكتب فرأيت الامر

فيها على ما حكى لى الازهرى لم اجد لابن اسمعيل سماعا فيها ولا رأيت علامات الاصلاح والمعارضة فى شىء منها
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى ابو الحسين احمد بن عمر القاضى قال سمعت ابا بكر بن اسمعيل الوراق يقول دققت على ابى محمد بن صاعد بابه فقال من ذا فقلت انا ابو بكر بن ابى على يحيى هاهنا فسمعته يقول للجارية هاتى النعل حتى اخرج الى هذا الجاهل الذى يكنى نفسه ويكنى اباه ويسمينى انا فأصفعه قال الخطيب ذكرت هذه الحكاية لبعض شيوخنا فقال كان فى ابن اسمعيل سلامة توفى ابن اسمعيل يوم الاحد لاثنتى عشرة بقين من ربيع الآخر من هذه السنة
235 - محمد بن محمد ابن احمد بن اسحاق ابو احمد الحافظ القاضى امام عصره فى صنعة الحديث سمع بنيسابور ابا بكر بن خزيمة وابا العباس الثقفى واقرانهما وخرج الى طبرستان والرى وبغداد والكوفة والحجاز والجزيرة والشام وسمع من اشياخها وصنف كتبا كثيرة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وهو ابن ثلاث وتسعين سنة ودفن فى داره موضع جلوسه للتصنيف عند كتبه
236 - محمد بن العباس ابن احمد بن محمد بن عصم ابو عبد الله بن ابى ذهل الضبى ويعرف بالعصمى سمع بهراة ونيسابور والرى وبغداد من خلق كثير سمع منه الدارقطنى والبرقانى وكان ثبتا ثقة رئيسا من ذوى الاقدار كثير الافضال على الفقهاء والقراء وكانت تضرب له دنانير فى كل دينار دينار ونصف واكثر فيتصدق بها ويقول ان الفقير يفرح اذا ناولته كاغذافيتوهم ان فيه فضة ثم يفتحه فيفرح اذا رأى صفرة الدينار ثم يزنه فيفرح اذا زاد على المثقال استشهد العصمى برستاق من رساتيق نيسابور فى هذه السنة واوصى ان يحمل تابوته الى هراة فحمل ثم قبر

237 - مطرف بن الحسين
ابن احمد ابو على الاستراباذى سمع أباه وجده وخلقا كثيرا وكان فاضلا عالما دينا ظريفا يرجع اليه فى المعضلات من المسائل توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وسبعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر فى المحرم بأن ابن الجراح الطائى خرج على الحاج بين سميراء وفيد ونازلهم ثم صالحهم على ثلثمائة الف درهم وشىء من الثياب المصرية والامتعة اليمنية فأخذه وانصرف
وفيها انتقل السلطان شرف الدولة الى قصر معز الدولة بباب الشماسية لأن الاطباء اشاروا عليه وزعموا ان الهواء هناك اصح وكان قد ابتدأ به المرض من سنة ثمان وسبعين من فساد مزاج فشغب الديلم وطلبوا ارزاقهم فعاد الى داره وراسلهم وقبض على جماعة اتهموا بالسعى فى الفساد
وفى يوم الاثنين لثمان بقين من جمادى الآخرة انفذ الطائع لله الرئيس ابا الحسن على بن عبد العزيز بن حاجب النعمان كاتبه الى دار القادر بالله وهو امير ليقبض عليه فهرب منه وكان السبب انه لما توفى اسحاق بن المقتدر والد القادر جرت بين القادروبين آمنة اخته بنت معجبة منازعة فى ضيعة واتفق ان عرض للطائع علة صعبة ثم ابل منها فسعت آمنة بالقادر الى الطائع وقالت انه شرع فى تقلد الخلافة الخلافة عند مرضك وراسل ارباب الدولة فظن ذلك حقا فتغير رأيه فيه وانفذ ابن حاجب النعمان فى جماعة للقبض عليه وكان يسكن الحريم الطاهرى فقالوا امير المؤمنين يستدعيك فقام وقال له الى ان البس ثيابا تصلح للقاء الخليفة فعلق به ومنعه فعرف الحرم ما يراد به فانتزعوه من يده وبادر الى سرداب فتخلص منهم فعادوا الىالطائع وعرفوه الصورة وانحدر القادر بالله الى

البطيحة فأقام بها عند مهذب الدولة الى ان قبض بهاء الدر ولة على الطائع واظهر أمر القادر
وفى جمادى الاولى زاد مرض شرف الدولة وتوفى وعهد الى ولده ابى نصر فاجتمع العسكر وطالبوه برسم البيعة فخوطبوا فى ان يقنع كل واحد بخمسمائة درهم والى ستمائة فأبوا فخاطبهم ابو نصر واعلمهم خلو الخزائن ووعدهم ان يكسروا الاوانى ويعطيهم وتردد بين ابى نصر وبين الطائع مراسلات انتهت الى ان حلف كل واحد منهما لصاحبه على التصافى وصحة العقيدة وكل ذلك فى يوم السبت سادس جمادى الآخرة وركب الطائع لله الطيار وسار الى دار المملكة بالمخرم لتعزية ابى نصر والشطان منغصان بالنظارة فنزل الامير ابو نصر متشحا بكساء طبرى والديلم والاتراك بين يديه وحواليه الى المشرعة التى قدم اليها الطيار وقبل الارض وقبلها العسكر بتقبيله وصعد الرئيس ابو الحسن على بن عبد العزيز الى الامير ابى نصر فأدى اليه رسالة الطائع بالتعزية فقبل الارض ثانيا وشكر ودعا فعاد ابو الحسن الى الطائع فاعلمه شكره ودعاءه وعاود الصعود الى ابى نصر لوداعه عن الطائع لله تقبل الارض ثالثا وانحدر الطيار على مثل ما اصعد ورجع الامير ابو نصر الى داره فلما كان يوم السبت عاشر هذا الشهر ركب الامير ابو نصر الى حضرة الطائع وحضر الاشراف والفقهاء وجلس الطائع لله فى الرواق الذى فى صحن السلام متقلداسيفا وادخل السلطان الى بيت فى جانب الرواق مما يلى دجلة وخلع عليه فيه الخلع السلطانية وخرج وعليه سبع طاقات اعلاها سواد وعلى رأسه عمامة سوداء وفى عنقه طوق كبير وفى يده سواران ومشى الحجاب بين يديه بالسيوف والمناطق فلما حصل بين يدى الطائع قبل الارض فأومأ اليه الطائع بالجلوس وطرح له كرسى فقبل الارض دفعة ثانية وجلس وقرأ ابو الحسن على بن عبد العزيز عهده وقدم الى الطائع لواءاه حتى عقدهما بيده ولقب بهاء الدولة وضياء الملة فسار بين يديه العسكر كله الى باب الشماسية فى القباب المنصوبة وانحدر فى الطيار الى

دار المملكة وأقر الوزير ابا منصور ابن صالحان على الوزارة وخلع عليه
وفى هذه السنة عمر مهذب الدولة على بن نصر السقايات بواسط فغرم عليها ستة آلاف وفيها بنى جامع القطيعة
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى هلال بن المحسن الكاتب ان الناس تحدثوا فى سنة تسع وسبعين وثلثمائة بأن امرأة من اهل الجانب الشرقى رأت فى منامها النبى صلى الله عليه و سلم كأنه يخبرها بأنها تموت من غد عصرا وانه يصلى فى مسجد بقطيعة ام جعفر من الجانب الغربى فى القافلائين ووضع كفه فى حائط القبلة وانها ذكرت هذه الرؤية عند انتباهها من نومها فقصد الموضع ووجد اثر الكف وماتت المرأة فى ذلك الوقت وعمر المسجد ووسعه ابو احمد الموسوى بعد ذلك وبناه واستأذن الطائع لله فى أن يجعل مسجدا يصلى فيه الجمعات واحتج بأنه من وراء خندق يقطع بينه وبين البلد ويصير به ذلك السقع بلدا آخر فأذن له فى ذلك وصار جامعا يصلى فيه الجمعات
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
238 - الحسين بن احمد ابن محمد بن دينار بن موسى ابو القاسم الدقاق ولد فى ربيع الاول سنة اربع وثلثمائة سمع البغوى وابن أبى داود روى عنه ابو محمد الحلال قال الازهرى كان ثقة وتوفى فى ذى القعدة من هذه السنة
239 - شرف الدولة ابن عضد الدولة كان يميل الى الخير وازال المصادرات وكان مرضه الاستسقاء وفساد المزاج فامتنع من الحمية ووافق هواه فى التخليط فتوفى عصر يوم الجمعة ثانى جمادى الآخرة من هذه السنة وحمل الى المشهد بالكوفة فدفن فى تربة عضد الدولة وكان مدة عمره ثمانى وعشرين سنة وخمسة اشهر ومدة ملكه

ببغداد سنتين وثمانية اشهر
240 - طاهر بن محمد ابن سهلوية بن الحارث بن يزيد بن بحر ابو الحسين النيسابورى قدم بغداد حاجا وحدث بها عن جماعة روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة عدلا مقبول الشهادة عند الحكام توفى فى هذه السنة ببغداد وله سبعون سنة
241 - محمد بن اسحاق ابن ابراهيم بن يزيد بن مهران ابو بكر الصفار الضرير ولد فى شوال سنة تسع وثمانين ومائتين سمع البغوى وغيره وروى عنه الدارقطنى والتنوخى وقال سمعت منه فى سنة احدى وسبعين وقال البرقانى شيخ ثقة فاضل اصله من الشام
242 - محمد بن احمد
ابن ابى طالب على بن محمد بن محمد بن الجهم الكاتب يكنى ابا الفياض حدث عن البغوى وغيره
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال ذكر ابن ابى الفوارس ابا الفياض فقال كان فيه تساهل فى الحديث وقال لى ابو على ابن المذهب مات ابو الفياض يوم الاربعاء التاسع عشر من ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وثلثمائة وكان ابوه قد مات قبله بخمسة ايام وماتت والدته بعد ابيه بيومين
243 - محمد بن احمد
ابن على ابو الفتوح المعروف بالحداد
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال كان هذا الرجل يورق بالأجرة وحدث عن احمد بن سليمان النجاد وابى بكر الشافعى وعلى بن

ابراهيم بن حماد القاضى وغيرهم حدثنا عنه القاضى ابو الحسين بن المهتدى وقال لى كان عبدا صالحا واثنى عليه ثناء حسنا
244 - محمد بن احمد
ابن العباس بن احمد بن خلاد ابو جعفر السلمى نقاش الفضة ولد للنصف من جمادى الاولى سنة اربع وتسعين ومائتين وسمع الباغندى والبغوى وابن صاعد وابن مجاهد فى آخرين
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سألت الأزهرى عن ابى جعفر النقاش فقال ثقة قال وكان احد المتكلمين على مذهب الاشعرى ومنه تعلم ابو على بن شاذان الكلام
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا العتيقى قال سنة تسع وسبعين وثلثمائة فيها توفى ابو جعفر النقاش لست خلون من المحرم وكان ثقة
245 - محمد بن جعفر
ابن العباس بن جعفر ابو بكر النجاد سمع محمد بن هارون المجدر وابا حامد الحضرى وابن صاعد وابا بكر النيسابورى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت حدثنا عنه الحسن بن محمد الخلال وذكر لى انه كان يلقب غندرا قال وكان ثقة فهما يحفظ القرآن حفظا حسنا وتوفى فى محرم هذه السنة
246 - محمد بن جعفر ابن محمد بن عبد الكريم بن بديل ابو الفضل الخزاعى الجرجانى قدم بغداد وحدث بها عن يوسف بن يعقوب النجيرمى وابى بكر الاسماعيلى وغيرهما وروى عنه التنوخى

اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان الخزاعى شديد العناية بعلم القراءات ورأيته له مصنفا يشتمل على أسانيد القراءات المذكورة فيه على عدة من الاجزاء فأعظمت ذلك واستنكرته حتى ذكر لى بعض من يعتنى بعلوم القرآن انه كان يختلط تخليطا قبيحا ولم يكن على ما يرويه مأمونا وحكى لى القاضى ابو العلاء الواسطى عنه انه وضع كتابا فى الحروف ونسبه الى ابى حنيفة قال ابو العلاء فأخذت خط الدارقطنى وجماعة من اهل العلم بأن ذلك الكتاب موضوع لا اصل له فكبر ذلك عليه وخرج من بغداد الى الجبل ثم بلغنى ان حاله اشتهرت عند اهل الجبل وسقطت هناك منزلته قال ابو العلاء كتبت عنه بواسط وذكر لى ان اسمه كميل ثم غير اسمه بعد وتسمى محمدا
247 - محمد بن المظفر
ابن موسى بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن سلمة بن اياس ابو الحسين البزاز ولد فى محرم سنة ست وثمانين ومائتين واول سماعه للحديث فى محرم سنة ثلثمائة سافر الكثير سمع بحران ودمشق ومصر وبغداد وروى عن ابن جرير والبغوى وخلق كثير وروى عنه الدارقطنى وابن شاهين والخلال والازهرى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى ابو بكر البرقانى قال كتب الدارقطنى عن ابن مظفر الف حديث والف حديث والف حديث فعده ذلك مرات حدثنا عبد الرحمن ثنا احمد بن على قال حدثنى محمد بن عمر ابن اسمعيل القاضى قال رأيت اباالحسن الدارقطنى يعظم ابا الحسين بن المظفر ويجله ولا يستند بحضرته وقد روى عنه أشياء كثيرة
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال اخبرنى احمد بن على المحتسب قال اخبرنا محمد بن ابى الفوارس قال كان محمد بن المظفر ثقة امينا مأمونا حسن الحفظ وانتهى اليه الحديث وحفظه وعلمه وكان قديما ينتقى على الشيوخ وكان متقدما عندهم توفى ابن المظفر يوم الجمعة ودفن يوم السبت لثلاث خلون من

جمادى الاولى من هذه السنة وقيل توفى فى جمادى الآخرة عن نيف وتسعين سنة
سنة
ثم دخلت سنة ثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه قلد ابو احمد الحسين بن موسى الموسوى نقابة الطالبيين والنظر فى المظالم وامارة الحاج وكتب عهده على جميع ذلك واستخلف له ولداه المرتضى ابو القاسم والرضى ابو الحسن على النقابة وخلع عليهما من دار الخلافة
وفيها زاد أمر العيارين فى جانبى بغداد مدينة السلام ووقعت بينهم حروب وعظمت الفتنة واتصل القتال بين الكرخ وباب البصرة وصار فى كل حرب امير وفى كل كل محلة متقدم وأخذت الاموال وتواترت العملات واتصلت الكبسات واحرق بعضهم محال بعض وتوسط الشريف ابو احمد الموسوى الأمر
وفيها وقع حريق عظيم نهارا فى نهر الدجاج ورواضعه فذهب من عقار الناس واموالهم شىء كثير
وفى هذه السنة حج بالناس ابو عبد الله احمد بن محمد بن عبيد الله العلوى نيابة عن الشريف ابى احمد الموسوى
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
248 - ابراهيم بن احمد ابن بشران بن زكريا ابو اسحاق الصيرفى سمع البغوى وابن صاعد وغيرهما انتقى عليه الدارقطنى وكان ثقة توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
249 - البهلول بن محمد ابن احمد بن اسحاق البهلول بن حسان ابو القاسم التنوخى الانبارى ولد ببغداد

سنة احدى وثلاثين وثلثمائة فسكنها وحدث بها فروى عنه ابو القاسم التنوخى وكان ينزل سكة بالمدينة يعرف بسكة ابى العباس الطوسى وتوفى فى رجب هذه السنة
250 - الحسين بن محمد
ابن الحسين ابو بكر المعروف بابن المحاملى سمع القاضى المحاملى وابن عقدة روى عنه الجوهرى وتوفى فى شعبان هذه السنة
251 - حمدون بن احمد
ابن سلم ابو جعفر السمسار وهو ابن بنت سعدويه الواسطى روى عن جماعة وروى عنه ابو بكر الشافعى ذكره الدارقطنى فقال لا بأس به وتوفى فى صفر هذه السنة
252 - طلحة بن محمد ابن جعفر ابو القاسم الشاهد من قدماء اصحاب ابن مجاهد ولد سنة احدى وتسعين ومائتين وشهد عند ابى السائب القاضى وكان مقدما فى وقته على الشهود وحدث عن البغوى وغيره وكان يذهب الى الاعتزال توفى فى شوال هذه السنة
253 - عبد الله بن محمد ابن احمد بن عقبة ابو محمد القاضى سمع ابا بكر النيسابورى وروى عنه ابو القاسم الازهرى وكان ثقة مأمونا ذا هيئة وتوفى يوم الجمعة وقت طلوع الشمس واخرجت جنازته قبل الصلاة وذلك فى سادس عشر ربيع الاول من هذه السنة
254 - عبيد الله بن محمد ابن احمد ابو القاسم التوزى حدث عن البغوى روى عنه الأزهرى وكان ثقة

وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
255 - عبيد الله بن عبد الله ابن محمد ابو القاسم السرخسى التاجر روى عن المحاملى وابن مخلد وانتقل الى بخارا فأقام بها الىان توفى فى رجب هذه السنة وكان ثقة
256 - عبد الواحد بن محمد ابن الحسن بن شاذان ابو القاسم سمع البغوى وكان ثقة توفى فى هذه السنة
257 - على بن عمرو الحريرى حدث عن ابى عروبة وكان ثقة توفى فجاءة وهو يصلى فى ربيع الآخر
258 - محمد بن ابراهيم
ابن حمدان بن ابرهيم بن يونس بن نيطرا ابو بكر قاضى دير العاقول حدث ببغداد عن جده حمدان و البغوى وابن صاعد وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر الخطيب قال حدثنا عنه الازهرى والتنوخى وسألتهما عنه فقالا ثقة وحدثنى الازهرى قال جاءنا الخبر من دير العاقول ان ابن نيطرا توفى فى ربيع الآخر من هذه السنة اعنى سنة ثمانين وثلثمائة
259 - يعقوب بن يوسف ابو الفرج وزير صاحب مصر الملقب بالعزيز كان عالى الهمة عظيم الهيبة ناصحا لصاحبه فوض الامر اليه فلما مرض ركب اليه صاحب مصر عائدا فقال يا يعقوب وددت ان تباع فابتاعك بملكى او تفدى فأفديك فهل من حاجة توصى بها فبكى يعقوب وقبل يده ووضعها على عينه وقال اما فيما يخصنى فلا فانك

أرعى لحقى من ان استرعيك وارأف بمخلفى من ان اوصيك ولكن فيا يتعلق بدولتك سالم الروم ما سالموك واقنع من الحمدانية بالدعوة والسكة ولا تبق على المفرج بن دغفل الخراج متى امكنت فيه الفرصة ثم توفى فأمر صاحب مصر أن يدفن فى قصره فى قبة كان بناها لنفسه وحضر جنازته فصلى عليه والحده بيده وحزن واغلق ديوانه اياما سنة 381
ثم دخلت سنة احدى وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا الحسين محمد بن قاضى القضاة ابى محمد عبيد الله بن احمد ابن معروف قلد ما كان الى ابى بكر من الاعمال وقرىء عهده على ذلك بحضرة ابيه فى داره الشطانية بمشهد من الاشراف والقضاة والفقهاء والوجوه
وفى يوم السبت تاسع عشر رمضان قبض على الطائع فى داره وكان السبب ان ابا الحسن بن المعلم وكان من خواص بهاء الدولة ركب الى الطائع ووصى وقد دخوله ان لا يمنع احد من الحجاب ثم سار بهاء الدولة فى الجيش فدخل وقد جلس الطائع فى صدر الرواق من دار السلام متقلدا سيفا فلما قرب منه بهاء الدولة قبل الأرض وطرح له كرسى فجلس عليه وتقدم اصحاب بهاء الدولة فجذبوا الطائع بحمائل سيفه من سريره وتكاثر الديلم فلف فى كساء وحمل الى بعض الزبازب واصعد به الى الخزانة فى دار المملكة واختلط الناس وقدر أكثر الجيش ومن ليس عنده علم بهذا ان القبض على بهاء الدولة وتشاغلوا بالنهب وأخذ ثياب من حضر من الاشراف والشهود وقبض على ابي الحسن علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان فى آخرين الى ان قرر عليهم مال فاستولى منهم واحتيط على الحجر والخزائن والخدم والحواشى وخرست الاخت زوجة الطائع وانصرف بهاء الدولة الى داره واظهر امر القادر بالله ونودى بذلك فى الاسواق وكتب الى الطائع كتاب بخلع نفسه وتسليمه الأمر الى القادر بالله وشهد عليه

الاشراف والقضاة وذلك فى يوم الاحد ثانى يوم القبض وانفذ الى القادر واذن الطائع والكتاب عليه بخلعه نفسه وتسليمه الأمر الى القادر بالله وحث على المبادرة وشغب الديلم والاتراك يطالبون برسم البيعة وخرجوا الى قبر النذور وترددت الرسل بينهم وبين بهاء الدولة ومنعوا من الخطبة باسم القادر فى يوم الجمعة لخمس بقين من الشهر فقيل اللهم اصلح عبدك وخليفتك القادر بالله ولم يسم ثم أرضى الوجوه والاكابر ووقع السكون وأخذت البيعة على الجماعة واتفقت الكلمة على الرضا والطاعة واقيمت الخطبة فى يوم الجمعة الثالث من رمضان باسم القادر وحول من دار الخلافة جميع ما كان فيها من المال والثياب والاوانى والمصاغ والفروش والآلات والعدد والسلاح والخدم والجوارى والدواب والرصاص والرخام والخشب الساج والتماثيل وطاف بهاء الدولة دار الخلافة مجلسا مجلسا واستقراها موضعا موضعا وانتخب للخاصة والعامة فدخلوها وشعثوا ابنيتها وقلعوا من ابوابها وشبابيكها ثم منعوا بعد ذلك وقام مهذب الدولة ابو الحسن على بن نصر الذى كان القادر هرب اليه بالبطائح بتجهيزه وحمل اليه من المال والفروش والآلات اكثر شىء واحسنه واعطاه طيارا كان بناه لنفسه وشيعه فلما وصل الى واسط اجتمع الجند وطالبوه برسم البيعة ومنعوه من اصعاده الا بعد اطلاق مالها وجرت معهم خطوب انتهت الى ان وعدوا باجرائهم مجرى البغداديين فيما يتقرر عليه امورهم فرضوا وسار وكان مقامه بالبطيحة منذ حصل فيها الى ان خرج عنها سنتين واحد عشر شهرا وقيل سنتين واربعة اشهر واحد عشر يوما
اخبرنا محمد بن ابى منصور اخبرنا محمد بن ابى نصر الحميدى اخبرنا ابو الحسن محمد ابن هلال بن المحسن قال اخبرنى ابى قال حدثنى ابو الحسين محمد بن الحسن بن محفوظ قال حدثنى الوزير ابو العباس عيسى بن ماسر جس قال حدثنى ابو القاسم هبة الله ابن عيسى كاتب مهذب الدولة قال لما ورد القادر بالله البطيحة واقام عندنا كنت اغشاه يومين فى كل اسبوع كالنوبة فى خدمته فاذا حضرت تناهى فى الادناء لى

والاحفاء بى والرفع من مجلسى والزيادة فى بسطى واجتهد فى تقبيل يده فيمنعنيها ولا يمكننى منها فاتفق ان دخلت ذلك يوما على رسمى فوجدته متأهبا تأهبا لم اعرف سببه ولا جرت له به عادة ولم أرمنه ما عودنيه من الاكرام والرفع من مجلسى والاقبال على والبسط وجلست دون موضعى فما انكر ذلك منى ورمت تقبيل يده فمدها الى وشاهدت من امره وفعله ما اشتد وجومى له واختلفت فى الظنون فيه وقلت له عند رؤيتى ما رأيته وانكارى ما أنكرته أيؤذن لى فى الكلام قال قل قلت أرى اليوم من الانقباض عنى ما قد اوحشنى وخفت ان يكون لزلة كانت منى فان يكن ذلك فمن حكم التفضل اشعارى به لأطاب بالعذر مخرجا منه واستعين بالاخلاق الشريفة فى العفو عنه فأجابنى بوقار اسمع اخبرك رأيت البارحة فى منامى كأن نهركم هذا وأومأ الى نهر الصليق قد اتسع حتى صار فى عرض دجلة دفعات وكأننى متعجب من ذلك وسرت على ضفتيه متاملا لأمره ومستظرفا لعظمه فرأيت دستاهيج قنطرة فقلت ترى من قد حدث نفسه بعمل قنطرة فى هذا الموضع وعلى هذا البحر الكبير وصعدته وكان وثيقا محكما ومددت عينى فاذا بازائه مثله فزال عنى الشك فى انهما دستاهيج قنطرة واقبلت اصعد واصوب فىالتعجب وبينا انا واقف عليه رأيت شخصا قد قابلنى من ذلك الجانب الآخر ونادانى يا احمد تريد ان تعبر قلت نعم فمد يده حتى وصلت الى وأخذنى وعبرنى فهالنى امره وفعله وقلت له وقد تعاظمنى امره من انت قال على بن ابى طالب وهذا الامر صائر اليك ويطول عمرك فيه فأحسن فى ولدى وشيعتى فما انتهى الخليفة الى هذا المكان حتى سمعنا صياح الملاحين وضجيج ناس فسألنا عن ذلك فقيل ورد ابو على الحسن بن محمد بن نصر ومعه جماعة واذا هم الواردون للاصعاد به وقد تقررت الخلافة له وانفذ اليه معهم قطعة من اذن الطائع لله فعاودت تقبيل يده ورجله وخاطبته بامرة المؤمنين وبايعته وكان من اصعاده واصعادى معه ما كان قال هلال وجدت كتابا كتبه القادر بالله من الصليق الى بهاء الدولة نسخته

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله احمد الامام القادر بالله امير المؤمنين الى بهاء الدولة وضياء الملة ابى نصر بن عضد الدولة وتاج الملة مولى امير المؤمنين سلام عليك فان امير المؤمنين يحمد اليك الله الذى لا اله الا هو ويسأله ان يصلى على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه و سلم تسليما اما بعد اطال الله بقاءك وادام عزك وتأييدك واحسن امتاع امير المؤمنين بك وبالنعمة فيك وعندك فان كتابك الوارد فى صحبة الحسن بن محمد بن نصر رعاه الله عرض على امير المؤمنين تاليا لما تقدمه وشافعا ما سبقه ومتضمنا مثل ما حواه الكتاب قبله من اجماع المسلمين قبلك الخاص والعام بمشهد منك على خلع العاصى المتلقب بالطائع عن الامامة ونزعه عن منصب الخلافة لبوائسه المستمرة وسوء نيته المدخولة ولشهادته على نفسه بنكوله وعجزه وابرائه الكافة من بيعته وخروجهم من عهده وذمته ومبادرة الكبير والصغير الى المبايعة لامير المؤمنين واصفاقهم واتفاقهم عليها بانشراح فى صدورهم وانفساح من آمالهم واستتباب ذلك بتلطفك من حسن الارتياد للمسلمين وانتظامه بغضبك لله ولامير المؤمنين حتى ناديت بشعاره فى الآفاق واقمت الدعوة لله فى الاقطار ورفعت من شأن الحق ما كان العاصى خفضه وقمت من عماد الدين ما كان المخلوع رفضه ووقف امير المؤمنين على ذلك كله واحاط علمه بجميعه ووجدك ادام الله تأييدك قد انفردت بهذه المأثرة واستحققت بها من الله تعالى جليل الاثرة ومن امير المؤمنين سنى المنزلة وعلى المرتبة وكانت هذه المنزلة عليك موقوفة كما كانت الظنون فيها اليك مصروفة حتى فزت بها ما يقابلك فى الدنيا ذكره وفخره وفى الآخرة ثوابه واجره فأحسن الله عن هذه الافعال مكافأتك واجزل عاجلا وآجلا مجازاتك وشملك من توفيقه وتسديده ومعونته وتأييده بما يديم نصر امير المؤمنين بك وظفره على يدك وجعلك ابدا مخصوصا بفضل السابقة فى ولائه متوحدا بتقدم القدم فى اصفائه فقد اصبحت وامسيت سيف امير المؤمنين لأعدائه

والحاظى دون غيرك بجميل رأيك والمستبد بحماية حوزته ورعاية رعيته والسفارة بينه وبين ودائع الله عنده وقد برزت راية امير المؤمنين عن الصليق متوجهة نحو سريره الذى حرسته ومستقر عزه الذى شيدته ودار مملكته التى انت عمادها ورحى دولته التى انت قطبها معتقدا لك ما يعتقد فى المخلص طاعة ومشايعة والمهذب نية وطوية من صنوف الاختصاص الذى لا يضرب معك فيه بسهم دان ولا قاص وتوفى على كل سالف ويفوت كل انف ويعجز كل مناو ويفحم كل مسام ومساو ولا يبقى احد الا علم انه منزاح عنك غير متواز لك فأحببت لمحلك وقصر خطأه عن مجازاتك ووقع دون موقعك وتزحزح لك عن موضعك وقد وجد امير المؤمنين الحسن بن محمد بن نصر كلأه الله مصدقا بفعله وصفك محققا ثناءك مستوجبا لما اهلته ورشحته للقيام به من المسيرفى خدمته والحقوق فيما يبديه له وعلم امير المؤمنين انك لم تتلقه الا بأوثق خواصك فى نفسك واوفرهم عندك فاحمد فى ذلك اعتمادك واضافه الى سوالف امثاله منك فاعلم ذلك ادام الله تأييدك واجر على عادتك الحسناء وطريقتك المثلى فى النيابة تبقى وواصل حضرة امير المؤمنين بالانهاء والمطالعة ان شاء الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته كتب ليلة الاحد لثلاث ليال بقين من شعبان سنة احدى وثمانين وثلثمائة
باب ذكر خلافة القادر بالله
واسمه احمد بن اسحاق بن المقتدر ويكنى ابا العباس واسم امه تمنى مولاة عبد الواحد بن المقتدر وكانت من اهل الدين ولد فى يوم الثلاثاء التاسع من ربيع الاول سنة ست وثلاثين وثلثمائة وتقلد الخلافة بعد أن قبض الطائع وخلع وكان القادر حسن الطريقة كثير المعروف ماثلا الى الخير والتدين ولما رحل القادر عن البطيحة فوصل الى جبل فى عاشر رمضان وانحدر بهاء الدولة ووجوه الأولياء واماثل الناس لاستقباله فدخل دار الخلافة ليلة الاحد

ثانى عشر رمضان سنة احدى وثمانين وجلس من الغد جلوسا عاما وهنىء وأنشد بين يديه المديح ومن ذلك قصيدة الرضى التى اولها ... شرف الخلافة يا بنى العباس ... اليوم جدده ابو العباس ... ذا الطود ابقاه الزمان ذخيرة ... من ذلك الجبل العظيم الراسى ...
وحمل الى القادر بعض الفروش والآلات المأخوذة من الطائع واستكتب له ابو الفضل محمد بن احمد الديلمى وجعل استاذ الدار عبد الواحد بن الحسين الشيرازى وفى يوم الخميس لتسع بقين من شوال جمع الاشراف والقضاة والشهود فى مجلس القادر حتى سمعوا يمينه لبهاء الدولة بالوفاء وخلوص النية ولفظه بتقليده ما وراء بابه مما تقام فيه الدعوة وذلك بعد أن حلف له بهاء الدولة على صدقه والطاعة والقيام بشروط البيعة
ذكر طرف من سيرة القادر بالله
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت الخطيب قال رأيت القادر دفعات وكان ابيض حسن الجسم كث اللحية طويلها يخضب وكان من اهل الستر والديانة وادامة التهجد بالليل وكثرة البر والصدقات على صفة اشتهرت عنه وعرف بها عند كل أحد مع حسن المذهب وصحة الاعتقاد وكان صنف كتابا فيه الاصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب اصحاب الحديث واورد فى كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وافكار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن وكان الكتاب يقرأ فى كل جمعة فىحلقة اصحاب الحديث بجامع المهدى ويحضر الناس سماعه ذكر محمد بن عبد الملك الهمدانى ان القادر بالله كان يلبس زى العوام ويقصد الاماكن المعروفة بالبركة كقبر معروف وتربة ابن بشار وقال الحسين بن هارون القاضى كان بالكرخ يتيم لم يثبت رشده وله دكان كثير النعمة وأمرنى ابن حاجب النعمان ان افك عنه الحجر ليبتاع صاحب له الدكان منه فلم افعل فأنفده يستدعينى فقلت لغلامه تقدمنى حتى اعبر ففعل فجئت الى قبر معروف فدعوت الله ان يكفينى امره وجئت

الى قبر ابن بشار ففعلت ذلك فرآنى شيخ فقال ايها القاضى على من تدعو فقلت على ابن حاجب النعمان امرنى بكذا وكذا فأمسك الشيخ عنى وعبرت الى ابن حاجب النعمان فجعل يخاطبنى خطابا غليظا فى فك الحجر عن الصبى ولا يقبل منى عذرا واذا قد اتاه خادم بتوقيع ففتحه وقرأه وتغير لونه ثم عدل من الغلظة الى الاعتذار وقال كتبت الى الخليفة قصة فقلت لا فعلمت ان الشيخ كان القادر بالله وانه عبر الى داره فوقع اليه بما اوجب اعتذاره قال وكان القادر يوصل الرسوم فى كل سنة الى أربابها من غير ان يكتب احد منهم قصة فان كان احد منهم قد مات اعيد ما يخصه الى ورثته وبعث يوما الى ابن القزوينى الزاهد ليسأله ان ينفذ اليه من طعامه الذى يأكله قال ابن الهمذانى فأنفذ ابن القزوينى طبقا من الخلاف فيه غضائر لطاف فيها باذنجان مقلو وخل وباقلاء ودبس وعلى ذلك رغيفان من خبز البيت وشدد ذلك فى مئزر قطن فتناول الخليفة من كل لون منه وفرق الباقى وبعث الى ابن القزوينى مائتى دينار فلما كان بعد ايام انفذ الخليفة بالفراش يلتمس من ابن القزوينى انفاذ شىء من افطاره فأنفذ طبقا جديدا وفيه زبادى جياد وفيها فراريج وقطعة فالوذج وخبز سميذ ودجاجة مشوية وقد غطى ذلك بفوطة جديدة فلما وصل ذلك الى الخليفة تعجب وقال قد كلفنا الرجل مالم تجربه عادته فانفذ اليه لم يكن بك حاجة الى الكلفة فقال ما تكلفت وانما اعتمدت ما أمرنى الله به اذا وسع الله على وسعت على نفسى واذا ضيق ضيقت وقد كان من انعام امير المؤمنين ما عدت به على نفسى وجيرانى فتعجب القادر بالله من دينه وعقله ولم يزل يواصله بالعطاء وكان القادر يقسم الطعام الذى يهيألافطاره ثلاثة اقسام فقسم يتركه بين يديه وقسم يحمل الى جامع الرصافة وقسم الى جامع المدينة فيفرق على المجاورين فاتفق ان الفراش حمل الى جامع المدينة جونة فيها طعام ففرقه على المنقطعين فأخذوا الاشاب فانه رد ذلك فلما صلوا صلاة المغرب صلى الفراش معهم فرأى ذلك الشاب قد خرج من الجامع فتبعه فوقف على باب

فاستطعم فأطعموه كسيرات فأخذها وعاد الى الجامع فتعلق به الفراش وقال ويحك الا تستحى ينفذ اليك خليفة الله فى ارضه بطعام حلال فترده وتخرج فتستطعم من الابواب فقال والله ما رددته الالأنك عرضته على قبل الافطار وكنت غير محتاج اليه حينئذ فلما جاء وقت الافطار استطعمت عند الحاجة فعاد الفراش فأخبر القادر فبكى وقال له راع مثل هذا واغتنم أجره واقم الى وقت الافطار وادفع اليه ما يفطر عليه
حدثنا ابراهيم بن دينار الفقيه قال حدثنى ابو سعد عبد الوهاب بن حمزة باسناد له عن ابى الحسن الابهرى قال بعثنى بهاء الدولة من الأهواز فىرسالة الى القادر بالله فلما اذن لى فى الدخول عليه سمعته ينشد هذه الأبيات ... سبق القضاء بكل ما هو كائن ... والله يا هذا لرزقك ضامن ... تغنى بما تكفى وتترك ما به ... تعيى كأنك للحوادث آمن ... اوما ترى الدنيا ومصرع اهلها ... فاعمل ليوم فراقها يا خائن ... واعلم بانك لا ابا لك في الذى ... اصبحت تجمعه لغيرك خازن ... يا عامر الدنيا أتعمر منزلا ... لم يبق فيه مع المنية ساكن ... الموت شئ انت تعلم انه ... حق وانت بذكره متهاون ... ان المنية لا تؤامر من اتت ... فى نفسه يوما ولا تستأذن ...
فقلت الحمد لله الذى وفق امير المؤمنين لانشاء مثل هذه الابيات وتدبر معانيها والعمل بمضمونها فقال يا ابا الحسن بل لله المنة علينا اذ الهمنا بذكره ووفقنا لشكره ألم تسمع الى قول الحسن البصرى وقد ذكر عنده اهل المعاصى فقال هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم وفى ذى القعدة لقب القادر بالله بهاء الدولة بغياث الأمة وخطب له بذلك على المنابر مضافا الى القابه
ونقل بهاء الدولة اخته زوجة الطائع لله الى دار بمشرعة الصخر واقام لها اقامات كافية واقطعها اقطاعات فلم تزل كذلك حتى ماتت
وفى يوم الثانى عشر من ذى الحجة وهو يوم الغدير جرت فتنة بين اهل الكرخ

وباب البصرة واستظهر أهل باب البصرة وخرقوا اعلام السلطان فقتل يومئذ جماعة اتهموا بفعل ذلك وصلبوا على القنطرة فقامت الهيبة وارتدعوا وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحسن محمد بن الحسن بن يحيى العلوى وكذلك سنة اثنتين وثلاث وكان امير مكة ابو الفتوح الحسن بن جعفر العلوى فاتفق ان ابا القاسم بن المغربى حضر عند حسان بن المفرج بن الجراح الطائى فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر وقال لا مغمز فى نسب ابى الفتوح والصواب ان تنصبه اماما فوافقه ومضى المغربى الى مكة فأطمع ابا الفتوح فى الملك وسهل عليه الأمر فاصفى الى قوله وبايعه شيوخ الحسنيين وحسن له ابو القاسم المغربى ان أخذ قبلة البيت وما فيه من فضة وضربه دراهم فاتفق انه توفى بجدة رجل يعرف بالمطوعى وعنده اموال للهند والصين وخلف مالا عظيما فأوصى لابى الفتوح بمائة الف دينار ليصون بها تركته والودائع التى عنده فحمله المغربى على الاستيلاء على التركة فخطب لنفسه بمكة وتسمى بالراشد بالله وصار لاحقا بآل الجراح فلما قرب من الرملة تلقاه العرب وقبلوا الارض بين يديه وسلموا عليه بأمير المؤمنين ولقيهم راكبا على فرس متقلدا سيفا زعم انه ذو الفقار وفى يده قضيب ذكر انه قضيب رسول الله صلى الله عليه و سلم وحوله جماعة من بنى عمه وبين يديه الف عبد اسود فنزل الرملة ونادى بايضاء العدل والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فبلغ العزيز هذا فانزعج وكتب الى حسان ملطفات وبذل له بذولا كثيرة وآل المفرج واستمال آل الجراح كلهم وحمل الى اولاد المفرج اموالا جزيلة حتى فلهما عن ذلك الجمع وكتب الى ابن عم ابى الفتوح فولاه الحرمين وانفذ له ولشيوخ بنى حسن مالا وكان حسان قد انفذ والدته الى مصر بتذكرة تتضمن اعراضا له وسأل فى جملتها ان يهدى له جارية من اماء القصر فأجابه العزيز الى ما سأل وبعث اليه خمسين الف دينار واهدى له جارية

جهزها بمال عظيم فعادت والدته بالرغائب له ولأبيه فسر بذلك واظهر طاعة العزيز ولبس خلعة وعرف ابو الفتوح الحال فأيس معها من نفسه وركب الى المفرج مستجيرا به وقال انما فارقت نعمتى وابديت للعزيز صفحتى سكونا الى ذمامك وانا الآن خائف من غدر حسان فأبلغنى مأمنى وسيرنى الى وطنى فرده الى مكة وكاتب العزيز صاحب مصر واعتذر اليه فعذره
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
260 - احمد بن محمد
ابن الفضل بن جعفر بن محمد بن الجراح ابو بكر الخزاز روى عن جماعة منهم ابن دريد وابن الانبارى وكان ثقة صدوقا فاضلا اديبا كثير الكتب ظاهر الثروة اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت الخطيب حدثنا التنوخى قال كان ابو بكر الجراح يقول كتبى بعشرة آلاف درهم وجاريتى بعشرة آلاف درهم وسلاحى بعشرة آلاف درهم ودوابى بعشرة آلاف درهم قال التنوخى وكان احد الفرسان يلبس اداته ويركب فرسه ويخرج الى الميدان ويطارد الفرسان فيه توفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
261 - احمد بن الحسين
ابن مهران ابو بكر المقرئ توفى فى شوال هذه السنة انبأنا زاهر بن طاهر اخبرنا احمد بن الحسين البيهقى اخبرنا ابو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال توفى ابو بكر احمد بن الحسين بن مهران المقرئ يوم الاربعاء سابع عشرين شوال سنة احدى وثمانين وثلثمائة وهو ابن سنه وثمانين سنة وتوفى فى ذلك اليوم ابو الحسن العامرى صاحب الفلسفة قال فحدثنى عمر بن احمد الزاهد قال سمعت الثقة من اصحابنا يذكر انه رأى ابا بكر احمد بن الحسين بن مهران فى المنام فى الليلة التى دفن فيها قال فقلت له ايها الاستاذ ما فعل الله بك فقال ان الله عز و جل اقام ابا الحسن العامرى بازائى وقال هذا فداءك من النار

الحسين بن عمر
ابن عمران بن حبيش ابو عبد الله الضراب ويعرف بابن الضرير ولد سنة تسع وتسعين ومائتين فروى عن الباغندى وروى عنه الازهرى والتنوخى وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة وكان ثقة
263 - عبيد الله بن احمد
ابن معروف ابو محمد ولد سنة ست وثلثمائة وولى قضاء القضاة ببغداد وحدث عن ابن صاعد وغيره روى عنه الخلال والازهرى وابو جعفر بن المسلمة وكان من العلماء الثقات العقلاء الفطناء الألباء وكان وسيم المنظر مليح الملبس مهيبا عفيفا عن الاموال
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا القاسم التنوخى يقول كان الصاحب ابو القاسم ابن عباد يقول كنت اشتهى ان ادخل بغداد واشاهد جراءة محمد بن عمر العلوى وتنسك ابى احمد الموسوى وظرف ابى محمد بن معروف اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال كان لأبى محمد بن معروف فى كل سنة مجلسان يجلس فيهما للحديث اول يوم المحرم واول يوم من رجب ولم يكن له سماع كثير وكان مجردا فى مذهب الاعتزال وكان عفيفا نزها فى القضاء لم ير مثله فى عفته ونزاهته توفى فى صفر سنة احدى وثمانين وثلثمائة وصلى عليه فى داره ابو احمد الموسوى وكبر عليه خمسا ثم حمل الى جامع المنصور وصلى عليه ابنه وكبر عليه اربعا ثم حمل الى داره على شاطىء دجلة فدفن فيها
264 - عبيد الله بن عبد الرحمن ابن محمد بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ابو الفضل الزهرى ولد سنة تسعين ومائتين وسمع جعفر بن محمد الفريابى وابا القاسم وخلقا كثيرا روى عنه البرقانى والخلال والازهرى وكان ثقة من الصالحين اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال سمعت ابا الفضل

الزهرى يقول حضرت مجلس جعفر بن محمد الفريابى وفيه عشرة آلاف رجل فلم يبق غيرى وجعل يبكى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا التنوخى سأل ابي ابا الحسن الدارقطنى وانا اسمع عن ابى الفضل الزهرى فقال هو ثقة صدوق صاحب كتاب وليس بينه وبين عبد الرحمن بن عوف الا من قد روى عنه الحديث ثم قال الخطيب حدثنا الصورى قال حدثنى بعض الشيوخ انه حضر مجلس القاضى ابى محمد بن معروف يوما فدخل ابو الفضل الزهرى وكان ابو الحسين بن المظفر حاضرا فقام عن مكانه وأجلس ابا الفضل فيه ولم يكن ابن معروف يعرف ابا الفضل فاقبل عليه ابن المظفر فقال ايها القاضى هذا الشيخ من ولد عبد الرحمن بن عوف وهو محدث وآباؤه كلهم محدثون الى عبد الرحمن ابن عوف ثم قال ابن المظفر حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد الزهرى والد هذا الشيخ وحدثنا فلان عن ابيه محمد بن عبيد الله وحدثنا فلان عن جده عبيد الله بن سعد ولم يزل يروى لكل واحد من آباء ابى الفضل حديثا حتى انتهى الى عبد الرحمن بن عوف توفى ابو الفضل فى ربيع الاخر من هذه السنة
265 - يحيى بن محمد
ابن الروزبهان ابو زكريا يعرف بالدنبائى جد عبيد الله بن احمد بن عثمان الصيرفى لأمه من اهل واسط
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنا عنه ابن بنته ابو القاسم الازهرى قال سمعته يقول ما رفعت ذيلى على حرام قط
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا الحسن على بن محمد الكوكبى المعلم كان قد استولى على امور

السلطان كلها ومنع اهل الكرخ وباب الطاق من النوح فى عاشوراء وتعليق المسوح ووقع من قبله ايضا باسقاط جميع من قبل من الشهود بعد ابن محمد بن معروف وان لا يقبل فى الشهادة الا من كان ارتضاه وكان السبب فى هذا انه لما توفى ابن معروف كثر قبول الشهود بالبذل والشفاعات حتى بلغت عدة الشهود ثلثمائة وثلاثة انفس فقيل لابى الحسن متى تكلمت فى هذا حصل لك منهم جملة فوقع بذلك ثم عادو وقع بقبولهم فى نصف
صفر وفى هذا الشهر شرع ابو الحسن فى حفر الانهار المخترقة لاسواق الكرخ وما يتصل به وجبى من أرباب العقار مالا جزيلا
وفى يوم الاثنين لعشر بقين من جمادى الآخرة شغب الديلم والاتراك وخرجوا بالخيم الى باب الشماسية وراسلوا بهاء الدولة بالشكوى من أبى الحسن بن المعلم وتعديد ما يعاملهم به وطالبوه بتسليمه اليهم وكان ابو الحسن قد استولى على الامور والمقرب من قربه والمبعد من أبعده فنقل على كبار الجند أمره وقصر هو فى مراعاة امورهم وانضاف الى ذلك ما يعامل به الديلم فضجوا وخرجوا فأجابهم السلطان بالتلطف ووعدهم بازالة ما شكوه وان يقتصر بأبى الحسن ابن المعلم على خدمته فى خاصه ويتولى هو النظر فى امورهم والقيام بتدبيرهم فاعادوا الرسالة بأنهم لا يقنعون بهذا القول ولا يرضون الا بتسليمه فأعاد الجواب بانه يبعده عن مملكته الى حيث يكون فيه مبقيا على مهجته راعيا لحقوق خدمته وقال ما يحسن فى ان اسلمه للقتل وقد طالت صحبته لى واذا كفيتكم امره فقد بلغتم مرادكم فكانت الرسالة الثالثة التوعد بالانحدار والمسير الى شيراز وقال بكران لبهاء الدولة وهو كان المتوسط ما بينه وبين العسكر أيها الملك ان الامر على خلاف ما تقدره فاختر بين بقاء أبى الحسن او ابقاء دولتك فقبض عليه حينئذ وعلى اصحابه واخذ ما كان فى داره من مال وثياب وجوار وغلمان واقام الجند على انهم لا يرجعون من مخيمهم الا بتسليمه فركب اليهم يوم الخميس لسبع بقين من الشهر ليسألهم الدخول والاقتصار على ما فعله به من القبض

والاعتقال فلم يقم منهم أحد اليه ولاخدمه وعاد وقد أقاموا على المطالبة به وترك الرجوع الا بعد تسليمه فسلم الى ابى حرب شيرزيل وهو خال بهاء الدولة فسقى السم دفعتين فلم يعمل فيه فخنق بحبل الستارة ودفن بالمخرم
وفى ليلة الاحد الثالث من رجب سلم المخلوع الى القادر بالله فأنزله حجرة من حجر خاصته ووكل به من يحفظه من ثقات خدمته واحسن ضيافته ومراعاة اموره وكان يطالب من زيادة الخدمة ما كان يطالب به ايام الخلافة فتزاح علله فى جميع ما يطلبه وانه حمل اليه فى بعض الايام طيب من العطارين فقال من هذا يتطيب ابو العباس قالوا نعم فقال قولوا له فى الموضع الفلانى من الدار كندوج فيه طيب مما كنت استعمله فانفذ لى بعضه وقدم اليه يوما عدسية فقال ما هذا قالوا عدس وسلق فقال أوقدأكل ابو العباس من هذا قالوا نعم فقال قولوا له لما اردت أن تأكل عدسية لم اختفيت ايام هذا الامير وما كانت العدسية تعوذك لو لم تتقلد الخلافة فعند ذلك امر القادر بالله ان تفرد له جارية من طباخاته تحضر له ما يلتمسه كل يوم وقدم اليه فى بعض الايام تين فى مراكز فرفسه برجله فقال ما تعودنا ان يقدم ين ايدينا مسلوج وقدمت بين يديه فى بعض الليالى شمعة قد احترق بعضها فأنكرها ودفعها الى الفراش فحمل غيرها وكان على هذه الحال الى أن توفى
وكان بهاء الدولة قد قبض على وزيره ابى نصر سابور ثم اطلقه فالتجأ الى البطيحة وأقام عند مهذب الدولة على بن نصر خوفا من ابن المعلم الى ان قبض بهاء الدولة على ابى القاسم على بن احمد الابرقوهى الوزير ثم استدعى ابا نصر سابور من البطيحة فى سنة اثنتين وثمانين وجمع بينه فى الوزارة وبين ابى منصور ابن صالحان فخلع عليهما فى يوم الاحد تاسع شعبان وكانا يتناوبان فى الوزارة وفى يوم الجمعة ثامن عشر شوال تجددت الفتنة فى الكرخ فركب ابو الفتح محمد بن الحسن الحاجب وقتل وصلب فسكن البلد وقامت الهيبة
وفى ليلة الاثنين لتسع بقين من شوال ولد الامير ابو الفضل محمد بن القادر

بالله وامه ام ولد اسمها علم وهو الذى جعل ولى العهد ولقب الغالب بالله
وفى هذا الوقت غلت الاسعار وبيع الرطل من الخبز باربعين درهم والحوزة بدرهم
وفى ذى القعدة ورد صاحب الاصيفر الاعرابى وبذل الخدمة فى تسيير الحاج الى مكة وحراستهم صادرين وواردين وأعيد اقامة الخطبة للخليفة القادر من حد اليمامة والبحرين الى الكوفة فقبل ذلك منه وحمل الى خلعة ولواء
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
266 - ابراهيم بن عبد السلام
ابن محمد بن شاكر ابو اسحاق الوشاء حدث عن ابى كريب وغيره روى عنه اسمعيل الخطبى وابو بكر الشافعى والطبرانى وانتقل الى مصر فحدث بها ومات هناك فى هذه السنة
267 - عبد الله بن عثمان
ابن محمد بن على بن بنان ابو محمد الصفار سمع ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمى والمحاملى وابن مخلد روى عنه الازهرى والعتيقى والتنوخى وكان ثقة وتوفى فى محرم هذه السنة
268 - عمر بن احمد بن هارون ابو حفص المعروف بابن الآجرى سمع ابا عمر القاضى وابا بكر النيسابورى روى عنه الازهر والخلال وكان دينا ثقة امينا صالحا وتوفى فى هذه السنة
269 - محمد بن العباس ابن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ ابو عمر الخزاز المعروف بابن حيويه ولد فى ذى القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين وسمع الباغندى والبغوى وابن صاعد وخلقا

كثيرا وانتقى عليه الدارقطنى وكان ثقة دينا كثير السماع كثير الكتابة للحديث كتب الكتب الكبار بيده كالطبقات والمغازى وغير ذلك وكان ذا يقظة ومروءة روى عنه البرقانى والخلال والتنوخى والجوهرى وغيرهم وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
270 - محمد بن عبد الرحيم
ابو بكر المازنى الكاتب حدث عن البغوى وغيره وكان ثقة مأمونا توفى فى ربيع الاخر من هذه السنة
سنة 383
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان القادر بالله تقدم بعمارة مسجد الحربية وكسوته واجرائه مجرى الجوامع فى الصلاة
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على الخطيب قال ذكر لى هلال بن المحسن ان ابا بكر محمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمى كان بنى مسجدا بالحربية فى ايام المطيع لله ليكون جامعا يخطب فيها فمنع المطيع من ذلك ومكث المسجد على تلك الحالة حتى استخلف القادر بالله فاستفتى الفقهاء فى أمره فأجمعوا على جواز الصلاة فيه فرسم أن يعمر ويكسى وينصب فيه منبر ورتب اماما يصلى فيه الجمعة وذلك فى شهر ربيع الآخر فى سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة قال ابو بكر الخطيب فأدركت صلاة الجمعة وهى تقام ببغداد فى مسجد المدينة والرصافة ومسجد دار الخلافة ومسجد براثا ومسجد قطيعة ام جعفر ومسجد الحربية ولم يزل على هذا الى سنة احدى وخمسين واربعمائة ثم تعطلت فى مسجد براثا فلم يصل فيه
وفى يوم الاربعاء لاربع بقين من جمادى الاولى وقع الفراغ من الجسر الذى عمله بهاء الدولة فى مشرعة القطانين بحضرة دار مؤنس واجتاز عليه من الغد ماشيا وقد زين بالمطارد

وفى يوم الجمعة الثانى عشر من جمادى الآخرة شغب الديلم شغبا شديدا لاجل فساد النقد وغلاء السعر وتأخر العطاء ومنعوا من الصلاة بجامع الرصافة فلما كان بكرة السبت قصدوا دار ابى نصر سابور بباب خراسان وهجموا فنهبوها وافلت من بين ايديهم هاربا على السطوح وثارت بذلك فتنة دخلها العامة ورجع الديلم فراسلوا بهاء الدولة بالتماس ابى نصر سابور و ابى الفرج محمد بن على الخازن وكان ناظرا فى خزانة المال ودار الضرب وتردد القول معهم الى ان وعدوا بالاطلاق وتغير النقد
وفى الخميس الثانى من ذى الحجة عقد للخليفة القادر بالله على سكينة بنت بهاء الدولة بصداق مبلغه مائة الف دينار وكان الاملاك بحضرته والولى الشريف ابو احمد الحسين بن موسى الموسوى وتوفيت قبل النقلة
وفى هذا الشهر بلغ الكرا لحنطة ستةآلاف وستمائة درهم غياثية والكارة الدقيق مائتين وستين درهما
وفيها ابتاع ابو نصر سابور بن اردشير دارا فى الكرخ بين السورين وعمرها وبيضها وسماها دار العلم ووقفها على اهله ونقل اليها كتبا كثيرة ابتاعها وجمعها وعمل لها فهرستا ورد النظر فى امورها ومراعاتها والاحتياط عليها الى الشريفين ابى الحسين محمد بن الحسين بن ابى شيبة وابى عبد الله محمد بن احمد الحسنى والقاضى ابى عبد الله الحسين بن هارون الضبى وكلف الشيخ ابا بكر محمد بن موسى الخوارزمى فضل عناية بها
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
271 - احمد بن ابراهيم ابن الحسن بن شاذان بن حرب بن مهران ابو بكر البزاز ولد فى ربيع الاول سنة ثمان وتسعين ومائتين وسمع البغوى وابن أبى داود وابن صاعد وابن دريد وخلقا كثيرا وروى عنه الدارقطنى والبرقانى والازهرى والخلال وغيرهم

وكان ثقة ثبتا صحيح السماع كثير الحديث والكتب اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال سمعت ابا القاسم التنوخى يقول سئل ابن شاذان أسمعت من محمد بن محمد الباغندى شيئا فقال لا اعلم انى سمعت منه شيئا ثم وجد سماعه من الباغندى فسألوا ان يحدث به فلم يفعل توفى فى شوال هذه السنة
272 - جعفر بن محمد ابن على بن الحسين ابو محمد الطاهرى ينسب الى طاهر بن الحسين حدث عن البغوى وابن صاعد روى عنه الغشارى وكان ثقة ينزل شارع دار الرقيق توفى فى شوال هذه السنة
273 - طاهر بن محمد ابن عبد الله ابو عبد الله البغدادى نزل نيسابور وحدث بها روى عنه ابو عبد الله الحاكم وكان من اظرف من رأينا من العراقيين واحسنهم كتابة واكثرهم فائدة وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة
274 - على بن القاسم ابن الفضل بن شاذان ابو الحسين القاضى ثقة توفى بالرى فى رمضان هذه السنة
275 - محمد بن ابراهيم ابن سلمة ابو الحسن الكهيلى حدث عن مطين وكان سماعه صحيحا ومضى على سداد وامر جميل توفى بالكوفة فى هذه السنة
276 - محمد بن عبد الله
ابن يحيى ابو بكر الدقاق المعروف بالصابونى كان ثقة مأمونا توفى فى شوال هذه السنة
سنة 384 ثم دخلت سنة اربع وثمانين وثلثمائة

فمن الحوادث فيها ان القاضى ابا محمد عبد الله بن محمد بن الاكفانى قبل شهادة ابى القاسم على بن المحسن التنوخى فى المحرم وشهادة ابى بكر بن الاخضر فى رجب وفى صفر قبل القاضى ابو عبد الله الضبى شهادة ابى العلاء محمد بن على بن يعقوب الواسطى وفيه قوى امر العيارين واتصل القتال بين الكرخ وباب البصرة وظهر العيار المعروف بعزيز من باب البصرة واستفحل امره والتحق به كثير من الذعار وطرح النار فى المحال وطلب اصحاب الشرط ثم صالح اهل الكرخ وقصد سوق التمارين وطلب بضرائب الامتعة وجبى ارتفاع الاسواق الباقية وكاشف السلطان واصحابه ونادى فيهم وكان ينزل الى السفن فيطالب بالضرائب واصحاب السلطان يرونه من الجانب الآخر فأمر السلطان بطلب العيارين فهربوا من بين يديه
وفى ذى القعدة عزل ابو احمد الموسوى وصرف الرضى والمرتضى عن النقابة وكان ينوبان عن أبيهما ابى احمد
وفى يوم الاربعاء رابع ذى الحجة ورد الخبر برجوع الحاج الحاج من الطريق وكان السبب انهم لما حصلوا بين زبالة والثعلبية اعترضهم الاصيفر الاعرابى ومنعهم الجواز وذكر ان الدنانير التى اعطيها عام اول كانت دراهم مطلية وانه لا يفرج لهم عن الطريق الا بعد ان يعطوه رسمه لسنتين وتردد الامر الى ان ضاق الوقت فعادوا وكان الذى سار بهم ابو الحسن محمد بن الحسن العلوى فعادوا ولم يحج فى هذه السنة ايضا اهل الشام واليمن وانما حج اهل مصر والمغرب خاصة
وفى يوم السبت سابع ذى الحجة قبل ابو عبد الله الضبى شهادة ابى عبد الله ابن المهتدى الخطيب
وفى يوم الاثنين تاسع ذى الحجة قلد الشريف ابو الحسن محمد بن على بن ابى تمام الزينبى نقابة العباسيين وقرأ عهده ابو الفضل يوسف بن سليمان بحضرة القادر بالله وحضره القضاة والشهود والاشراف والاكابر
وفى هذه السنة عقد لمهذب الدولة على بن نصر على بنت بهاء الدولة بن عضد

الدولة وعقد الامير ابو منصور بن بهاء الدولة على بنت مهذب الدولة على بن نصر كل عقد منهما على صداق مبلغه مائة اله دينار
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
277 - الطيب بن يمن
ابن عبد الله ابو القاسم مولى المعتضد بالله ولد سنة سبع وتسعين ومائتين وسمع البغوى روى عنه الصيمرى والجوهرى والتنوخى والعتيقى وقال هو ثقة صحيح الاصول توفى فى رجب هذه السنة
278 - عبيد الله بن محمد ابن على بن عبد الرحمن ابو محمد الكاتب المعروف بابن الجرادى مروزى الاصل حدث عن البغوى وابن دريد وابن الانبارى روى عنه التنوخى والعشارى وكان فاضلا صاحب كتب كثيرة وتوفى فى هذه السنة وقيل فى السنة التى قبلها
279 - عبيد الله بن محمد ابن نافع بن مكرم ابو العباس البستى الزاهد ورث عن آبائه اموالا كثيرة فأنفقها فى الخير وكان كثيرالتعبد بقى سبعين سنة لا يستند الى حائظ ولا الى غيره ولا يتكىء على وسادة وحج من نيسابور حافيا راجلا دخل الشام والرملة واقام ببيت المقدس اشهرا ثم خرج الى مصر وبلاد المغرب ثم حج من المغرب وانصرف الى بست فتصدق ببقية املاكه فلما مرض جعل يتلوى فقيل له ما هذا الوجع فقال اى وجع بين يدى امور هائلة ولا ادرى كيف انجو وتوفى فى محرم هذه السنة وهو ابن خمس وثمانين سنة فلما مات رأى رجل فى المنام رجلا من الموتى فقال له من بالباب فقال ليس على الباب اجل من عبيد الله الزاهد ورأت امرأة من الزاهدات امها فى المنام قد تزينت ولبست احسن الثياب

فقالت لها ما السبب فى هذا فقالت لنا عيد ان عبيد الله الزاهد تقدم علينا
280 - على بن الحسين
ابن محمويه بن زيد ابو الحسن الصوفى سمع وحدث ولقى الزهاد الاكابر وصحب ابا الخير الاقطع ثم لازم مسجد جده ابى على بن زيد بنيسابور على التجريد الى ان توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
281 - على بن القاضى ابى تمام الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن القاسم الزينبى كان نقيب العباسيين وصاحب الصلاة وهو اول من جمع بين الصلاة والنقابة فى سنة ثمانين وثلثمائة واستخلف له ابنه ابو الحسن الملقب بنظام الحضرتين بعد ذلك على الصلاة وخلع عليه توفى فى هذه السنة
282 - على بن عيسى ابن على بن عبد الله ابو الحسن النحوى المعروف بالرمانى ولد سنة ست وتسعين ومائتين وحدث عن ابن دريد وكانت له يد فى النحو والفقه والكلام والمنطق وله تفسير كبير وشهد عند ابى محمد بن معروف روى عنه التنوخى والجوهرى وتوفى فى هذه السنة ودفن بالشونيزية عند قبر أبى على الفارسى وتوفى عن ثمان وثمانين سنة
283 - محمد بن العباس
ابن احمد بن محمد بن الفرات ابو الحسن سمع محمد بن مخلد وابا الحسن المصرى وخلقا كثيرا وكتب الكتب الكثيرة وكان ثقة مأمونا
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان ابو الحسن ابن الفرات ثقة كتب الكتب الكثيرة وجمع مالم يجمعه احد فى وقته قال وبلغنى انه كان عنده عن على بن محمد المصرى وحده الف جزء وانه كتب مائة تفسير ومائة تاريخ

ولم يخرج عنه الا الشىء اليسير حدثنا عنه ابراهيم بن عمرالبرمكى وحدثنى الازهرى قال خلف ابن الفرات ثمانية عشر صندوقا مملوءة كتبا اكثرها بخطه سوى ما سرق من كتبه وكتابه هو الحجة فى صحة النقل وجودة الضبط وكان مولده فى سنة بضع عشرة وثلثمائة ومكث يكتب الحديث من قبل سنة ثلاثين وثلثمائة الى ان مات وكانت له جارية تعارضه بما يكتبه ومات فى شوال سنة اربع وثمانين وثلثمائة
284 - محمد بن عمران ابن موسى بن عبيد الله ابو عبيد الله الكاتب المعروف بالمرزبانى حدث عن البغوى وابن دريد وابن الانبارى ونفطويه وغيرهم روى عنه الصيمرى والتنوخى والجوهرى وغيرهم وكان صاحب اخبار ورواية للآداب وصنف كتبا كثيرة مستحسنة فى فنون وكان أشياخه يحضرون عنده فى داره فيسمعهم ويسمع منهم وكان عنده خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لاهل العلم الذين يبيتون عنده وكان عضد الدولة يجتاز على داره فيقف ببابه حتى يخرج اليه فيسلم عليه وكان ابو على الفارسى يقول هو من محاسن الدنيا وقد اختلفت فيه مشائخ المحدثين قال الازهرى ما كان ثقة وقال العتيقى كان ثقة قال مؤلف الكتاب رحمه الله كانت آفته ثلاثا الميل الى التشيع والى الاعتزال وتخليط المسموع بالاجازة والا فليس بداخل فى الكذابين وتوفى فى شوال هذه السنة عن ثمان وثمانين سنةوصلى عليه ابو بكر الخوارزمى ودفن بالجانب الشرقى
285 - محمد بن عثمان ابن عبيد الله بن الخطاب ابو الطيب الصيدلانى حدث عن البغوى وغيره وكان ثقة مأمونا توفى فى ذى الحجة من هذه السنة
286 - منصور بن ملاعب حدث عن البغوى وغيره وكان ثقة مامونا توفى فى محرم هذه السنة

287 - المحسن بن على
ابن محمد بن ابى الفهم ابو على التنوخى القاضى ولد بالبصرة وسمع بها من جماعة ونزل بغداد فاقام بها وحدث وكان سماعه صحيحا وكان اديبا شاعرا اخباريا اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنا ابن المحسن بن على قال قال ابى مولدى سنة سبع وعشرين وثلثمائة بالبصرة وكان مولده فى ليلة الاحد لاربع بقين من ربيع الاول واول سماعه الحديث فى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة واول ما تقلد القضاء من قبل ابى السائب عتبة بن عبيد الله بالقصر وبسورا فى سنة تسع واربعين ثم ولاه المطيع لله القضاء بعسكر مكرم وايذج ورامهرمز وتقلد بعد ذلك اعمالا كثيرة فى نواح مختلفة وتوفى ببغداد ليلة الاثنين لخمس بقين من المحرم سنة اربع وثمانين وثلثمائة
سنة 385
ثم دخلت سنة خمس وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه عاد ابو القاسم على بن احمد الابرقوهى من البطيحة الى حضرة بهاء الدولة للوزارة واستقر ذلك بوساطة مهذب الدولة على بن نصر بعد ان اشترط بهاء الدولة ان يمشى الامر على يده والا اعاده محروسا الى البطيحة ثم ان امره وقف وعاد الى البطيحة لأن جميع الحاشية تطابقت على فساد امره فكاد بهاء الدولة ان يقبض عليه فذكر الشريف ابو احمد العهد المستقر مع مهذب الدولة وان الغد ربه مكاشفة ولمهذب الدولة بالقبح ففسح فى عوده مع الشريف ابى احمد الى البطيحة
وفيها حج بالناس ابو عبد الله احمد بن محمد بن عبيد الله العلوى وكذلك فى سنة ست وسبع وثمان وبعث فى السنة بدر بن حسنويه تسعة آلاف دينار لتدفع الى الأصيفر عوضا عما كان يأخذه من الحاج وجعل ذلك رسما له من ماله وبعث

ذلك له الى سنة ثلاث واربعمائة
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
288 - ابراهيم بن محمد ابن الفتح المصيصى ويعرف بالحلى ولد بالمصيصة وسكن بغداد وحدث بها وكان حافظا ضريرا فروى عنه من اهلها ابو بكر البرقانى والازهرى وغيرهما وكان ثقة صدوقا وتوفى فى هذه السنة ودفن بمقبرة الشونيزية
289 - اسمعيل بن عباد
ابو القاسم ويلقب كافى الكفاة الصاحب وزر لمؤيد الدولة وقصده ابو الفتح ابن ذى الكفايتين فأزاله عن الوزارة ثم نصر عليه عليه وعاد الى الوزارة
انبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا على بن المحسن التنوخى عن ابيه قال حدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن على بن سعيد النصيبى قال كان ابو الفتح ابن الملقب بذى الكفايتين قد تداخله فى بعض العشايا سرور فاستدعى ندماءه وعبى لهم مجلسا عظيما بالآت الذهب والفضة وفاخر الزجاج والصينى والآلات الحسنة والطيب والفاكهة الكثيرة واحضر المطرب وشرب بقية يومه وعامة ليلته ثم عمل شعرا انشده ندماءه وغنى به فى الحال وهو ... دعوت المنا ودعوت الطلا ... فلما اجابا دعوت القدح ... وقلت لايام شرخ الشباب ... الى فهذا اوان الفرح ... اذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح ...
قال وكان هذا بعد تدبيره على الصاحب ابى القاسم بن عباد حتى ابعده عن كتبه صاحبة الامير مؤيد الدولة وسيره عن حضرته بالرى الى اصفهان وانفرد هو بتدبير الامور لمؤيد الدولة كما كان لركن الدولة فلما غنى الشعر استطابه وشرب عليه الى ان سكر ثم قال لغلمانه غطوا المجلس ولا تسقطوا شيئا منه لاصطبح فى غدليله وقال لندمائه باكرونى ولا تتاخروا فقد اشتهيت الصبوح وقام الى

بيت منامه وانصرف الندماء فدعاه مؤيد الدولة فى السحر فلم يشك انه لمهم فقبض عليه وانفذ الى داره من أخذ جميع ما فيها وتطاولت به النكبة حتى مات فيها ثم عاد ابن عباد الى وزارة مؤيد الدولة ثم وزر لأخيه فخر الدولة فبقى في الوزارة ثمانية عشر سنة وشهور ( وفتح خمسين قلعة سلمها الى فخر الدولة لم يجتمع منها الى ابيه وكان الصاحب عالما بفنون من العلوم كثيرة ) لم يقاربه فى ذلك وزير وله التصانيف الحسان والنثر البالغ وجمع كتبا عظيمة حتى كان يحتاج نقلها على اربعمائة حمل وكان يخالط العلماء والادباء ويقول لهم نحن بالنهار سلطان وبالليل اخوان وسمع الحديث واملى وروى ابو الحسن على بن محمد الطبرى المعروف بكيا قال سمعت ابا الفضل زيد بن صالح الحنفى يقول لما عزم الصاحب اسمعيل بن عباد على الاملاء وكان حينئذ فى الوزارة خرج يوما متطلسا متحنكا بزى اهل العلم فقال قد علمتم قدمى فى العلم فاقروا له بذلك فقال وانا متلبس بهذا الامر وجميع ما انفقته من صغرى الى وقتى هذا من مال أبى وجدى ومع هذا فلا أخلو من تبعات اشهد الله واشهذكم أنى تائب الى الله من كل ذنب أذنبته واتخذ لنفسه بيتا وسماه بيت التوبة ولبث اسبوعا على ذلك ثم اخذ خطوط الفقهاء بصحة توبته ثم خرج فقعد للإملاء وحضر الخلق الكثير وكان المستملى الواحد ينضاف اليه ستة كل يبلغ صاحبه فكتب الناس حتى القاضى عبد الجبار وكان الصاحب ينفذ كل سنة الى بغداد خمسة آلاف دينار تفرق فى الفقهاء واهل الادب وكان لا تأخذه فى الله لومة لائم ويبغض من يميل الى الفلسفة واهدى اليه العميرى القاضى بقزوين كتبا وكتب معها ... العميرى عبد كافى الكفاة ... وان اعتد فى وجوه القضاة ... خدم المجلس الرفيع بكتب ... مفعمات من حسنها مترعات ...
فوقع تحتها ... قد قبلنا من الجميع كتابا ... ورددنا لوقتنا الباقيات ... لست استغنم الكثير فطبعى ... قول خذ ليس مذهبى قول هات

فاستدعى يوما شرابا فجىء بقدح فما أراد أن يشرب قال له بعض خواصه لا تشربه فانه مسموم فقال وما الشاهد على صحة قولك قال ان تجربه على من اعطاكه قال لا استحل ذلك قال فجربه على دجاجة قال ان التمثيل بالحيوان لا يجوز فرد القدح وامر بصب ما فيه وقال للغلام لا تدخل دارى وامر بافراد جراية عليه ومرض بالأهواز عن سحج عرض له فكان اذا قام عن الطست يترك الى جانبه عشرة دنانير حتى لا يتبرم به الفراشون فكانوا يتمنون دوام علنه فلما برأ أنهب الفقراء ما حوت داره فكان هذا يخرج بدواج وهذا بمركب وهذا بتور الشمع فأخذ من داره ما يقارب خمسين الف دينار فلما مرض مرض الموت كان امراء الديلم ووجوه الحواشى معاودون بابه ويقبلون الارض وينصرفون وجاءه فخر الدولة دفعات فلما يئس من نفسه قال لفخر الدولة قد خدمتك الخدمة التى استفرغت فيها الوسع وسرت فى دولتك السيرة التى حصلت لك حسن الذكر بها فان اجريت الامور بعدى على رسومها علم ان ذلك منك ونسب الجميل فيه اليك واستمرت الا حدوثه الطيبة بذلك ونسيت انا فى اثناء ما يثنى به عليك وان غيرت ذلك وعدلت عنه كنت المذكور بما تقدم والمشكور عليه وقدح فى دولتك وذكرك ما يسع ايقاعك فأظهر له قبول رايه توفى فى مساء يوم الجمعة لست بقين من صفر هذه السنة وكان الصاحب افضل وزراء الدولة الديلمية وجميع ملكهم كان مائة وعشرين سنة وزرلهم فيها جماعة فيهم معان حسنة ولكن لم يكن من يذكر عنه العلم كما يذكر عن الصاحب
290 - الحسن بن حامد
ابن الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد بن الحسن بن حامد ابو محمد الاديب سمع على بن محمد بن سعيد الموصلى وكان تاجرا ممولا نزل عليه المتنبى حين قدم بغداد وكان القيم باموره فقال له لو كنت مادحا تاجرا لمدحتك روى عنه الصورى وكان صدوقا
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنى الجوهرى والتنوخى قالا

انشدنا ابو محمد الحسن بن حامد لنفسه ... سريت المعالى غير منتظر بها ... كسادا ولا سوقا تقام لها اخرى ... وما انا من اهل المكاس وكلما ... توفرت الاثمان كنت لها اشرى ...
291 - داود بن سليمان ابن داود بن محمد ابو الحسن البزاز سمع الحسين بن اسمعيل المحاملى روى عنه التنوخى والعشارى والعتيقى وقال كان جارنا فى قطيعة الربيع وكان شيخا نبيلا ثقة توفى فى محرم هذه السنة
292 - عمر بن احمد
ابن عثمان بن محمد بن ايوب بن ازداذ ابو حفص الواعظ المعروف بابن شاهين ولد فى صفر سنة سبع وتسعين ومائتين وسمع شعيب بن محمد الذارع وابا خبيب البرتى ومحمد بن محمد الباغندى وابا بكر بن ابى داود وخلقا كثيرا وكان ثقة امينا يسكن الجانب الشرقى
اخبرنا ابو منصورالقزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا ابو الفتح عبد الكريم ابن محمد المحاملى قال ذكر لنا ابن شاهين قال اول ما كتبت الحديث بيدى سنة ثمان وثلثمائة وكان لى احدى عشرة سنة وكذا كتب ثلاثة من شيوخى فى هذه السن فتبركت بهم ابو القاسم البغوى وابو محمد بن صاعد وابو بكر بن ابى داود وقال المصنف وكذلك انا كتبت الحديث ولى احدى عشرة سنة وسمعت قبل ذلك
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا القاضى ابو الحسين محمد بن على بن محمد الهاشمى قال قال لنا ابو حفص بن شاهين صنفت ثلثمائة مصنف وثلاثين مصنفا احدها التفسير الكبير الف جزء والمسند الف وخمسمائة جزء والتاريخ مائة وخمسين جزءا والزهدمائة جزء
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا القاضى ابو بكر محمد بن عمر بن اسمعيل الداودى

قال سمعت ابا حفص بن شاهين يقول يوما حسبت ما اشتريت من الحبر الى هذا الوقت فكان سبعمائة درهم قال الداودى وكنا نشترى الحبر اربعة ارطال بدرهم قال وقد مكث ابن شاهين بعد ذلك يكتب زمانا توفى ابن شاهين الحادى والعشرين من ذى الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
293 - على بن عمر
ابن احمد بن مهدى بن مسعود بن دينار بن عبد الله ابو الحسن الحافظ الدارقطنى ولد سنة ست وثلثمائة وقيل سنة خمس وسمع البغوى وابن ابى داود وابن صاعد وخلقا كثيرا وكان فريد عصره وامام وقته انتهى اليه علم الأثر والمعرفة باسماء الرجال وعلل الحديث وسلم ذلك له انفرد بالحفظ ايضا من تأثير حفظه انه املى علل المسند من حفظه على البرقانى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان ابو منصور ابراهيم ابن الحسن بن حمكان الصيرفى وسمع كثيرا واراد ان يصنف مسندا معللا وكان الدارقطنى يحضر عنده فى كل اسبوع يوما يتعلم على الاحاديث فى اصوله وينقلها ابو بكر البرقانى ويملى عليه الدارقطنى علل الحديث حتى خرج من ذلك شيئا كثيرا وتوفى ابو منصور قبل استتمامه فنقل البرقانى كلام الدارقطنى فهو كتاب العلل الذى يرويه الناس عن الدارقطنى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى الازهرى قال قال رأيت محمد بن ابى الفوارس وقد سأل الدارقطنىعن علة حديث او اسم فيه فأجابه ثم قال يا ابا الفتح ليس بين المشرق والمغرب من يعرف هذا غيرى
اخبرنا ابو منصور القزاز ثنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى الازهرى قال بلغنى ان الدارقطنى حضر فى حداثته مجلس اسمعيل الصفار فجعل ينسخ جزءا كان معه واسمعيل يملى فقال له بعض الحاضرين لا يصح سماعك وانت تنسخ فقال الدارقطنى فهمى للاملاء خلاف فهمك ثم قال تحفظ كم املى الشيخ من حديث الى الان قال لا فقال الدارقطنى املى ثمانية عشر حديثا فعددت الاحاديث

فوجدت كما قال ثم قال ابو الحسن الحديث الاول منها عن فلان عن فلان ومتنه كذا والحديث الثانى عن فلان عن فلان ومتنه كذا ولم يزل يذكر اسانيد الاحاديث ومتونها على ترتيبها فى الاملاء حتى أتى على آخرها فتعجب الناس منه قال المصنف رحمه الله وقد كان الحاكم ابو عبد الله يقول ما رأى الدارقطنى مثل نفسه
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت اخبرنا الصورى قال سمعت رجاء بن محمد بن عيسى المعدل يقول سألت الدارقطنى فقلت رأى الشيخ مثل نفسه فقال لى قال الله تعالى فلا تزكوا أنفسكم قلت لم ارد هذا وانما اردت ان اعلمه لأقول رأيت شيخا لم ير مثل نفسه فقال ان كان فى فن واحد فقد رأيت من هو افضل منى وأما من اجتمع ما اجتمع فى فلا قال المصنف رحمه الله كان الدارقطنى قد اجتمع له مع علم الحديث والمعرفة بالقراءات والنحو والفقه والشعر مع الامانة والعدالة وصحة العقيدة
سمعت ابا الفضل بن ناصر يقول سمعت ثابت بن بندار يقول سمعت ابا الحسن العتيقى يقول قال الدارقطنى كنت انا والكتانى نسمع الحديث فكانوا يقولون يخرج الكتانى محدث البلد ويخرج الدارقطنى مقرئ البلد فخرجت انا محدثا والكتانى مقرئا
اخبرنا ابو القاسم الحريرى عن ابى طالب العشارى قال توفى الدارقطنى آخر نهار يوم الثلاثاء سابع ذى القعدة سنة خمس وثمانين وثلثمائة ودفن فى مقبرة معروف يوم الاربعاء وكان مولده لخمس خلون من ذى القعدة سنة ست وثلثمائة وله تسع وسبعون سنة ويومان
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على حدثنا ابو نصر على بن هبة الله بن ماكولا قال رأيت فى المنام كأنىأسأل عن حال ابى الحسن الدارقطنى فى الآخرة وما آل اليه امره فقيل ذلك يدعى فى الجنة الامام
294 - عباد بن العباس ابن عباد ابو الحسن الطالقانى والد الصاحب اسمعيل بن عباد سمع ابا خليفة الفضل

ابن الحباب وغيره وصنف كتابا فى احكام القرآن وروى عنه ابنه ابو القاسم الوزير وابو بكر بن مردويه وطالقان التى ينسب اليها ولاية بين قزوين وابهر وهى عدة قرى يقع عليها هذا الاسم وثم بلدة من بلاد خراسان خرج منها جماعة كثيرة من المحدثين يقال لها طالقان توفى عباد فى هذه السنة
295 - عقيل بن محمد
ابو الحسن الأحنف العكبرى كان أديبا شاعرا مليح القول روى عنه ابو على ابن شهاب ديوان شعره
انبأنا ابن ناصر انبأنا الحسن بن احمد قال انشدنى على بن عبد الواحد للاحنف العكبرى ... اقضى على من الآجل ... عذل العذول اذا عذل ... واشد من عذل العذو ... ل صدود ألف قد وصل ... واشد من هذا وذا ... طلب النوال من السفل ...
انشدنا محمد بن ناصر الحافظ قال انشدنى الرئيس ابو الثناء على بن ابى منصور الكاتب قال انشدنى بعض من اثق به وذكر انها للاحنف العكبرى ولم اسمع فى معناها مثلها وهى ... من اراد الملك والرا ... حة من هم طويل ... فليكن فردا من النا ... س ويرضى بالقليل ... ويرى ان قليلا ... نافعا غير قليل ... ويرى بالحرم ان الحزم ... فى ترك الفضول ... ويداوى مرض الوحدة بالصبر الجميل ... لا يمارى احدا ما ... عاش فى قال وقيل ... يلزم الصمت فان الصمت تهذيب العقول ... يذر الكبر لأهليه ... ويرضى بالخمول ... اىعيش لامرىء يصبح فى حال ذليل ... بين قصد وعدو ... ومداراة جهول

واعتلال من صديق ... وتحن عن ملول ... واحتراس من ظنون السوء وعذل عذول ... ومما شاة بغيض ومقاساة ثقيل ... اف من معرفة الناس ... على كل سبيل ... وتمام الامر لا تعرف سمحا من بخيل ... فاذا اكل هذا ... كان فى ملك جليل ...
296 - محمد بن عبد الله
ابن سكرة ابو الحسن الهاشمى من ولد على بن المهدى كان شاعرا مطبوع القول
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا الخطيب قال انشدنى على بن المحسن قال انشدنى ابو الحسن بن سكرة يقول دخلت حماما وخرجت وقد سرق مداسى فعدت الى دارى حافيا وانا اقول ... اليك اذم حمام ابن موسى ... وان فاق المنى طيبا وحرا ... تكاثرت اللصوص عليه حتى ... ليحفى من يطيف به ويعرا ... ولم افقد به ثوبا ولكن ... دخلت محمدا وخرجت بشرا ...
ومن اشعاره فى القاضى ابى السائب ... ان شئت ان تبصر اعجوبة ... من جور احكام ابى السائب ... فاعمد من الليل الى صرة ... وقرر الامر مع الحاجب ... حتى ترى مروان يقضى له ... على على بن أبى طالب ...
توفى ابن سكرة فى ربيع الاول من هذه السنة
297 - محمد بن عبيد ابو عمر الاصبهانى حدث عن شيوخ اصبهان وكان ثقة مأمونا وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة

298 - يوسف بن عمر ابن مسروق ابو الفتح القواس ولد سنة ثلثمائة سمع البغوى وابن ابى داود وابن صاعد وغيرهم روى عنه الخلال والعشارى والتنوخى وغيرهم وكان ثقة صالحا زاهدا صدوقا وكان يقال انه من الابدال وانه مجاب الدعوة قال الدارقطنى كنا نتبرك بيوسف القواس وهو صبى توفى يوم الجمعة لثلاث بقين من ربيع الاول من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
299 - يوسف بن ابى سعيد
السيرافى يكنى ابا محمد كان نحويا وتمم شرح ابيه لكتاب سيبويه وكان يرجع الى علم ودين وتوفى فى ربيع الاول من هذه السنة وله خمس وخمسون سنة
سنة 386
ثم دخلت سنة ست وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان اهل البصرة فى شهر المحرم ادعوا انهم كشفوا عن قبر عتيق فوجدوا فيه ميتا طريا بثيابه وسيفه وانه الزبير بن العوام فأخرجوه وكفنوه ودفنوه بالمريد بين الدربين وبنى عيه الاثير ابو المسك عنبر بناء وجعل الموضع مسجدا ونقلت اليه القناديل والآلات والحصر والسمادات واقيم فيه قوام وحفظه ووقف عليه وقوفا
وفى يوم الاحد ثانى شوال خلع القادر بالله على ابى الحسن ابن حاجب النعمان واظهر امره فى كتابه له
وفيها قلد ابو عبد الله احمد بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن المهتدى بالله الصلاة فى جامع المنصور وابو بكر التمام بن محمد بن هارون بن المطلب الصلاة فى جامع الرصافة
وفى هذه السنة حج بالناس ابو عبد الله بن عبيد الله العلوى وحمل ابو النجم بدر بن حسنويه وكان امير الجبل خمسة آلاف دينار من وجوه القوافل من

الخراسانية لتدفع الى الاصيفر عوضا عما كان يجبى له من الحاج فى كل سنة وجعل ذلك رسمازادفيه من بعد حتى بلغ تسعة آلاف دينار ومائتى دينار واوصل حمل ذلك الى حين وفاته ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
300 - احمد بن ابراهيم
ابن محمد بن يحيى بن سختويه ابو حامد بن ابى اسحاق المزكى النيسابورى سمع ابا العباس الاصم وطبقته ورد بغداد وكتب عن اسمعيل بن محمد الصفار وخرج الى مكة فسمع ابا سعيد ابن الاعرابى ورجع الى نيسابور ولم يزل معروفا بالعبادة من زمن الصبى الى ان توفى روى عنه محمد بن المظفر الحافظ والازهرى والقاضى ابو العلاء وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ قال اخبرنى محمد بن على المقرئ عن الحاكم ابى عبد الله النيسابورى قال توفى ابو حامد احمد بن ابراهيم المزكى ليلة الاثنين الثالث عشر من شعبان سنة ست وثمانين وكان مولده سنة ثلاث وعشرين وصام الدهر تسعا وعشرين سنة وعندى ان الملك لم يكتب عليه خطيئة وحدثنى ابو عبد الله بن ابى اسحاق انه رأى اخاه ابا حامد فى المنام فى نعمة وراحة وصفها فسأله عن حاله فقال لقد انعم على فان اردت اللحوق بى فالزم ما كنت عليه
301 - عبد الله بن احمد ابن مالك ابو محمد البيع سمع ابا بكر بن ابى داود وغيره روى عنه العتيقى والعشارى وكان ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
302 - على بن عمر
ابن محمد بن الحسن بن شاذان بن ابراهيم ابو اسحاق الحميرى ويعرف بالسكرى

وبالصيرفى وبالكيال وبالحربى ولد سنة ست وتسعين ومائتين وسمع احمد بن عبدالجبار الصوفى الطبرى والازهرى العتيقى والتنوخى واول سماعه فى سنة ثلاث وثلثمائة وسمع الباغذى والبغوى وخلقا كثيرا روى عنه ابوالطيب وقال الازهرى هو صدوق ولكن بعض اهل الحديث قرأ عليه ما لم يكن سماعه واما هو فى نفسه فثقة وقد طعن فيه البرقانى ذهب بصره فى آخر عمره وتوفى فى شوال هذه السنة
303 - محمد بن على
ابن عطية ابو طالب المكى حدث عن على بن احمد المصيصى وابى بكر المفيد وغيرهما روى عنه عبد العزيز بن على الازجى وغيره وكان من الزهاد المتعبدين قال العتيقى كان رجلا صالحا مجتهدا صنف كتابا سماه قوت القلوب وذكر فيه احاديث لا اصل لها وكان يعظ الناس فى الجامع ببغداد
انبأنا على بن عبيد الله عن ابى محمد التميمى قال دخل عبد الصمد على ابى طالب المكى وعاتبه على اباحته السماع فأنشد ابو طالب ... فيا ليل كم فيك من متعة ... ويا صبح ليتك لم تقترب ...
فخرج عبد الصمد مغضبا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال قال لى ابو طاهر محمد ابن على العلاف كان ابوطالب المكى من اهل الجبل ونشأ بمكة ودخل البصرة بعد وفاة ابى الحسن بن سالم فانتمى الى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه من مجلس الوعظ فخلط فى كلامه وحفظ عنه انه قال ليس على المخلوقين اضر من الخالق فبدعه الناس و هجروه فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك سمعت شيخنا اباالقاسم اسمعيل بن احمد السمرقندى يقول سمعت شيخنا ابا على محمد بن احمد بن المسلمة يقول سمعت شيخنا ابا القاسم بن بشران يقول دخلت على شيخنا ابو طالب المكى وقت وفاته فقلت له اوصنى فقال اذا علمت انه

قد ختم لى بخير فاذا اخرجت جنازتى فانثر على سكرا ولوزا وقل هذا للحاذق فقلت من اين اعلم قال خذ يدى وقت وفاتى فاذا قبضت بيدي على يدك فاعلم انه قد ختم الله بخير واذا لم اقبض على يدك وسيبت يدك من يدى فاعلم انه لم يختم لى بخير قال شيخنا ابو القاسم فقعدت عنده فلما كان عند وفاته قبض على يدى قبضا شديدا فلما اخرجت جنازته نثرت عليه سكرا ولوزا وقلت هذا للحاذق كما امرنى توفى ابو طالب فى جمادى الآخرة من هذه السنة
نزار بن معد
ابو تميم ويكنى نزار ابا منصور ويلقب بالعزيز وهو صاحب مصر ولد بالقيروان وولى احدى وعشرين سنة وخمسة اشهر واياما وكان قد ولى عيسى نسطورس النصرانى واستناب بالشام يهوديا يعرف بميشا فاستولى اهل هاتين الملتين على المسلمين فكتبت امرأةالى العزيز بالذى اعز اليهود بميشا والنصارى بعيسى بن نسطورس واذل المسلمين بك الا نظرت فى امرى فقبض على اليهودى والنصرانى واخذ من عيسى ثلثمائة الف دينار توفى فى رمضان هذه السنة وعمره اثنتان واربعون سنة
بنت عضد الدولة
التى كانت زوجة الطائع لله توفيت يوم الخميس لثلاث بقين من المحرم وحملت تركتها الى بهاء الدولة وكان فيها جوهر كثير
سنة ثم دخلت سنة سبع وثمانين وثلثمائة فمن الحوادث فيها أن فخر الدولة أبو الحسن على بن ركن الدولة توفي بالري فرتب ولده رستم في الأمر بعده وهو يومئذ ابن أربع سنين وأخذت له البيعة على الجند وحطت الأموال في الزبل للتفرقة على الجند

ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
306 - جعفر بن محمد ابن الفضل بن عبد الله ابو القاسم الدقاق ويعرف بابن المارستانى ولد ببغداد سنة ثمان وثلثمائة ثم سافر ثم قدم بغداد من مصر وحدث عن ابى بكر بن مجاهد روى عنه الخلال وابن المذهب لكن الدارقطنى والصورى كذباه وتوفى فى هذه السنة
307 - الحسن بن عبد الله
ابن سعيد ابو احمد العسكرى الراوية العلامة صاحب الفضل الغزير والتصنيف الحسن الكثير فى الادب واللغة والامثال وكان يميل الى المعتزلة
اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ اخبرنا ابو زكريا يحيى بن على التبريزى قال حكى لنا ابو عبد الله الحسن بن محمد بن الحسن الحلوانى قال حدثنى ابو الحسن على بن المظفر ابن بدر البندنيجى قال كنت اقرأ بالبصرة على الشيوخ فلما دخلت سنة تسع وسبعين بلغنى حياة ابى احمد العسكرى فقصدته فقرأت عليه فوصل فخر الدولة والصاحب ابن عباد فبينا نحن جلوس نقرأ عليه وصل اليه ركابى ومعه رقعة ففضها وقرأها وكتب على ظهرها جوابها فقلت له ايها الشيخ ما هذه الرقعة فقال رقعة الصاحب كتب الى ... ولما أبيتم ان تزوروا وقلتم ... ضعفنا فما تقوى على الوخدان ... أتيناكم من بعد أرض نزوركم ... فكم منزل بكر لنا وعوان ... نناشدكم هل من قرى لنزيلكم ... بطول جوار لا بملء جفان ...
قلت فما كتبت فى جوابه قال كتبت ... أروم نهوضا ثم بثنى عزيمتى ... قعود واعضائى من الرجفان ... فضمنت بنت ابن الرشيد كأنما ... تعمد تشبيهى به وعنانى

اهم بأمر الحزم لو استطيعه ... وقد حيل بين العنز والنزوان ...
ثم نهض وقال لا بد من الحمل على النفس فان الصاحب لا يقنعه هذا فركب بفلة فلم يتمكن من الوصول الى الصاحب لاستيلاء الخيم فصعد تلعة فرفع صوته بقول ابى تمام ... مالى ارى القبة الفيحاء مقفلة ... دونى وقد طال ما استفتحت مقفلها ... كأنها جنة الفردوس معرضة ... وليس لى عمل زاك فادخلها ...
قال فناداه الصاحب ادخلها ابا احمد فلك السابقة الاولى فتبادر اليه اصحابه فحملوه حتى جلس بين يديه فسأله عن مسألة فقال ابو احمد الخبير صادفت فقال الصاحب يا ابا احمد تغرب فى كل شىء حتى فى المثل فقال تفاءلته عن السقوط بحضرة مولانا وانما كلام العرب على الخبير سقطت توفى ابو احمد يوم التروية من هذه السنة
308 - الحسين بن محمد ابن سليمان ابو عبد الله الكاتب ولد سنة اثنتين وثلثمائة حدث عن البغوى وابن صاعد وابى بكر النيسابورى وابن الانبارى روى عن الازهرى والصيمرى والعتيقى وكان صدوقا ثقة يسكن مدينة المنصور توفى فى هذه السنة
309 - عبد الله بن محمد
ابن عبد الله بن ابراهيم بن عبيد الله بن زياد بن مهران ابو القاسم الشاهد المعروف بابن الثلاج حلوانى الاصل حدث عن البغوى وابن ابى داود وابن صاعد روى عنه الصيمرى والتنوخى والازهرى والعتيقى وغيرهم
اخبرنا ابو منصو القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على بن ثابت قال حدثنى التنوخى قال قال لنا ابن الثلاج ما باع احد من سلفينا ثلجا قط وانما كانوا بحلوان وكان

جدى مترفا فكان يجمع له فى كل سنة ثلج كثير لنفسه فاجتاز الموفق او غيره من الخلفاء فطلب ثلجا فلم يوجد الا عند جدى واهدى اليه منه فوقع منه موقعا لطيفا وطلبه منه اياما كثيرة طول مقامه وكان يحمله اليه فقال اطلبوا عبد الله الثلاج واطلبوا ثلجا من عند عبد الله الثلاج فعرف بالثلاج وغلب عليه قال المصنف وقد ضعفه المحدثون منهم الدارقطنى ونسبوه الى انه يركب الاسانيد ويضع الحديث على الرجال
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى الازهرى قال كان ابو القاسم ابن الثلاج مخلطا فى الحديث يدعى مالم يسمع ويضع الحديث
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال حدثنى احمد بن محمد العتيقى قال ذكر ابو عبد الله ابن بكير ان ابا سعد الادريسى لما قدم بغداد قال لاصحاب الحديث ان كان ها هنا شيخ له جموع وفوائد فأفيدونى عنه فدلوه على ابى القاسم ابن الثلاج فلما اجتمع معه اخرج اليه جمعة لحديث قبض العلم وانا فيه حدثنى ابو سعد عبد الرحمن بن محمد الادريسى فقال الادريسى اين سمعت من هذا الشيخ فقال هذا شيخ قدم علينا حاجا فسمعنا منه فقال ايها الشيخ انا ابو سعد عبد الرحمن بن محمد الادريسى وهذا حديثى ووالله ما رأيتك ولا اجتمعت معك قبل هذا الوقت فخجل ابن الثلاج وقال العتيقى ثم اجتمعت مع ابى سعد الادريسى فحدثنى بهذه القصة كما حدثنى بها ابن بكير عنه توفى ابن الثلاج فى ربيع الاول من هذه السنة فجاءة
310 - عبيد الله بن محمد ابن محمد بن حمدان ابو عبد الله العكبرى المعروف بابن بطة ولد يوم الاثنين لاربع خلون من شوال سنة اربع وثلثمائة وسمع ابا القاسم البغوى ويحيى بن صاعد وابا بكر النيسابورى وخلقا كثيرا وسافر البلاد البعيدة فى طلب العلم روى عنه ابو الفتح بن ابى الفوارس والازجى والبرمكى وغيرهم واثنى عليه العلماء الاكابر

اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى القاضى ابو حامد احمد بن محمد الدلوى قال لما رجع ابو عبد الله ابن بطة من الرحلة لازم بيته اربعين سنة فلم ير منها فى سوق ولا روئى مفطرا الا فى يومى الاضحى والفطر وكان امارا بالمعروف ولم يبلغه خبر منكر الا غيره او كما قال
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال كان ابن بطة شيخا صالحا مستجاب الدعوة اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن على قال لم ار فى شيوخ اصحاب الحديث ولا فى غيرهم احسن هيئة من ابن بطة
انبأنا ابو بكر محمد بن عبد الباقى عن ابى محمد الحسن بن على الجوهرى قال سمعت اخى ابا عبد الله الحسين بن على يقول رأيت النبي صلى الله عليه و سلم فى المنام فقلت يا رسول الله قد اختلفت علينا المذاهب فبمن نقتدى فقال لى عليك بأبى عبد الله بن بطة فلما اصبحت لبست ثيابى واصعدت الى عكبرا فدخلت اليه فلما رآنى تبسم وقال لى صدق رسول الله صدق رسول الله صدق رسول الله يقولها ثلاثا قال المصنف وقد تعصب له الخطيب بعد ان نقل عن مشائخه الاكابر مدحه فغمزه بأشياء منها انه قال كتب الى ابو ذر عبد بن احمد الهروى من مكة يذكر انه سمع نصرا الاندلسى يقول خرجنا الى عكبرا فكتبت عن ابن بطة كتاب السنن لرجاء بن مرجى عن حفص بن عمر الأردبيلى عن رجاء فأخبرت الدارقطنى فقال هذا محال دخل رجاء بغداد سنة اربعين ودخل حفص سنة خمسين ومائتين فكيف سمع منه قال الخطيب وحدثنى عبد الواحد الاسدى انه لما انكر الدارقطنى هذا تتبع ابن بطة النسخ التى كتبت عنه وغير الرواية وجعلها عن ابى الراجيان عن فتح بن شخرف عن رجاء وجواب هذا ان ابا ذر كان من الاشاعرة المبغضين وهو اول من ادخل الحرم مذهب الاشعرى ولا يقبل جرحه لحنبلى يعتقد كفره واما عبد الواحد الاسدى فهو ابن برهان وكان معتزليا قال الخطيب كان ابن برهان يذكر انه سمع من ابن بطة ولم يرو شيئا وانما كانت له معرفة بالنحو واللغة وقال ابن عقيل كان ابن برهان يختار مذهب مرجئة المعتزلة وينفى

الخلود فى حق الكفار ويقول دوام العقاب فى حق من لا يجوز عليه التشفى لا وجه له مع ما قد وصف به نفسه من الرحمة وهذا انما يوجد فى الشاهد لما يعترى الغضبان من طلب الانتقام وهذا يستحيل فى حقه قال ابن عقيل وهذا كلام نرده على قائله ما قد ذكره وذكل انه اخذ صفات البارى من صفات الشاهد وذكر ان المثير للغضب ما يدخل على قلب الغضبان من غليان الدم طلبا للانتقام واوجب بذلك منع دوام العقاب حيث لا يوجد فى حقه سبحانه التشفى والشاهد يرد عليه ما ذكره لان المانع من التشفى علبه الرحمة والرأفة وكلاهما رفعه طبع وليس البارى بهذا الوصف ولا رحمته وغضبه من اوصاف المخلوقين بشىء وهذا الذى ذكره من عدم التشفى وفورة الغضب كما يمنع دخوله عليه من الدوام يمنع من دخوله ووصفه ينبغى بهذه الطريقة ان يمنع اصل الوعيد ويحيله فى حقه سبحانه كسائر المستحيلات عليه ولا يختلف نفس وجودها ودوامها فلا افسد اعتقادا ممن أخذ صفات الله من صفاتنا وقاس افعاله على افعالنا قال المصنف فمن كان اعتقاده يخالف اجماع المسلمين فهو خارج عن الاسلام فكيف يقبل قوله وقال محمد بن عبد الملك الهمذانى كان ابن برهان يميل الى المرد الملاح ويقبلهم وروى الخطيب عن ابى القاسم التنوخى قال اراد ابى ان يخرجنى من عكبرا الاسمع من ابن بطة كتاب المعجم للبغوى فجاءه ابو عبد الله بن بكير وقال له لا تفعل فان ابن بطة لم يسمع المعجم من البغوى وجواب هذا من ثلاثة اوجه احدها ان التنوخى كان معتزليا يميل الى الرفض فكيف يقبل قوله فى سنى والثانى ان هذه الشهادة على نفى فمن اين له انه لم يسمع واذا قال ابن بطة سمعت فالاثبات مقدم والثالث من اين له انه ان كان لم يسمع انه يرويه فمن الجائز انه لو مضى اليه قال له ليس بسماعى وانما ارويه اجازة فما ابله هذا الطاعن بهذا انما وجه الطعن ان يقول قد رواه وليس بسماعه قال الخطيب وحدثنى ابو الفضل ابن خيرون قال رأيت كتاب ابن بطة بمعجم البغوى فى نسخة كانت لغيره قد حك سماع وكتب سماعه عليها قال انظر الى طعن المحدثين اتراه اذا حصلت للانسان نسخة فحك اسم صاحبها

وكتب سماع نفسه وهى سماعه ايوجب هذا طعنا ومن اين له انه لم يعارض بهذا اصل سماعه ولقد قرأت بخط ابى القاسم ابن الفراء اخى القاضى ابى يعلى قال قابلت اصل ابن بطة بالمعجم فرأيت سماعه فى كل جزء الا انى لم ار الجزء الثالث اصلا
واخبرنا اسمعيل بن احمد السمرقندى اخبرنا ابو القاسم على بن احمد بن البسرى عن ابى عبد الله بن بطة قال كان لأبى ببغداد شركاء وفيهم رجل يعرف بابى بكر فقال لأبى ابعث الى بغداد ابنك ليسمع الحديث فقال ابنى صغير فقال انا احمله معى فحملنى الى بغداد فجئت الى ابن منيع وهو يقرأ عليه الحديث فقال لى بعضهم سل الشيخ يخرج اليك معجمة فسألت ابنه او ابن بنته فقال انه يريد دراهم فأعطيناه ثم قرأنا عليه كتاب المعجم فى نفر خاص فى مدة عشرة ايام او اقل او اكثر وذلك فى سنة خمس عشرة او ست عشرة واذكره وقد قال حدثنا اسحاق بن اسمعيل الطالقانى فى سنة اربع وعشرين ومائتين فقال المستملى خذوا هذا قبل ان يولد كل محدث على وجه الارض وسمعت المستملى وهو ابو عبد الله بن مهران يقول له من ذكرت يا ثلث الاسلام قال المصنف فاذا كان ابن بطة يقول سمعت المعجم وقد ثبت صدقه وروى سماعه فكيف يدفع هذا بنفى فيقال ما سمع فالقادح بهذا لا يخلوا ما ان يكون قليل الدين او قليل الفهم فيكون مارأى سماعه فى نسخة او مارآه حاضرا مع طبقته فينفى عنه السماع قال الخطيب وحدثنى عبد الواحد بن برهان قال قال لى محمد بن ابى الفوارس روى ابن بطة عن البغوى عن مصعب عن مالك عن الزهرى عن انس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال طلب العلم فريضة على كل مسلم قال الخطيب هذا باطل من حديث مالك والحمل فيه على ابن بطة قال المصنف وجواب هذا من وجهين احدهما ان هذا لا يصح عن ابن برهان قال شيخنا ابو محمد عبد الله بن على المقرئ شاهدت بخط الشيخ ابى القاسم بن برهان وكان الخط بيد الشيخ ابى الكرم النحوى بما حكاه عنى احمد بن ثابت الخطيب من القدح فى الشيخ الزاهد ابى عبد الله

ابن بطة لا اصل له وهو شيخى وعنه أخذت العلم فى البداية والثانى انه لو صح فقد ذكرنا القدح فى ابن برهان فيقال حينئذ للخطيب لم قبلت قول من يعتقد مذهب المعتزلة وان الكفار لا يخلدون فيخرج بذلك الى الكفر بخرقه الاجماع فيمن شهدت له بالسفر الطويل وطلب العلم وحكيت عن العلماء انه الصالح المجاب الدعوة أفلا تستحيى من الله ان تجعل الحمل عليه فى حديث ذكره عنه ابن برهان ولا تجعل الحمل على ابن برهان نعوذ بالله من الهوى توفى عبد الله ابن بطة بعكبرا فى محرم هذه السنة
311 - على بن عبد العزيز ابن مردك ابو الحسن البرذعى حدث عن عبد الرحمن بن أبى حاتم وغيره وكان احد الباعة الكبار ببغداد فترك الدنيا ولزم المسجد واشتغل بالعبادة واريد على الشهادة فامتنع وتوفى فى محرم هذه السنة
312 - على بن محمد ابن احمد بن شوكر ابو الحسن المعدل سمع البغوى وابن صاعد روى عنه الخلال والتنوخى وكان ثقة كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى توفى فى هذه السنة
313 - على ابو الحسن الملقب فخر الدولة بن ابى الملقب ركن الدولة بن بويه اقطعه ابوه بلدانا وكان فى ملك فلما توفىاخوه مؤيد الدولة كتب اليه الصاحب ابن عباد يأمره بالاسراع فأسرع وملك مكان اخيه واستوزر الصاحب وكان شجاعا ولقبه الطائع بفلك الامة وتوفى فى شعبان هذه السنة وكانت امارته ثلاث عشرة سنة وعشرة اشهر وسبعة وعشرين يوما وكان عمره ستا واربعين سنة وخمسة ايام وكان حين اشتد مرضه قد صعد به الى قلعة فبقى فيها اياما يعلل ثم مات وكانت الخزائن مغلقة محتومة وقد جعلت مفاتيحها فى كيس من حديد وسمره وحصلت

عنده ولده رستم فلم يوجد له فى ليلة وفاته ما يكفن فيه وتعذر النزول الى البلد لشدة شغب وقع بين الجند فابتيع من قيم الجامع الذى تحت القلعة ثوب ولف فيه وكان قد اراح لتشاغل الناس باختلاف الجند فلم يمكنهم لذلك القرب منه ولا مباشرة دفنه فشد بالحبال وجر على درج القلعة من بعد حتى تقطع وكان يقول فى حياته قد جمعت من الاموال لولدى ما يكفيهم ويكفى عسكرهم خمس عشرة سنة اذا لم يكن لهم مادة الا من الحاصل وكان قد ترك الفى الف دينار وثمانمائة الف وخمسة وسبعين الفا ومائتين واربعة وثمانين دينارا وكان فى خزانته من الجوهر والبواقيت واللؤلؤ والبلخش اربع عشرة الف وخمسمائة وعشرين قطعة قيمتها ثلاثة آلاف الف دينار ومن اوانى الذهب ما وزنه الف الف دينار ومن اوانى الفضة ما وزنه ثلاثة آلاف الف ومن الثياب ثلاثة آلاف حمل وخزانة السلاح الفا حمل وخزانة الفرش الف وخمسمائة حمل
314 - محمد بن احمد
ابن اسمعيل بن عنبس بن اسمعيل ابوالحسين الواعظ المعروف بابن سمعون ولد فى سنة ثلثمائة وروى عن عبد الله بن ابى داود السجستانى ومحمد بن مخلد الدورى وخلق كثير واملى الحديث وكان يعظ الناس ويقال له الناطق بالحكمة وله كلام حسن وتدقيق فى باب المعاملات وكانت له فراسة وكرامات فحكى ان الرصاص الزاهد كان يقبل رجل ابن سمعون دائما فلا يمنعه فقيل له فى ذلك فقال كان فى دارى صبية خرج فى رجلها الشوكة فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فى النوم فقال لى قل لابن سمعون يضع رجله عليها فانها تبرأ فلما كان من الغد بكرت اليه فرأيته قد لبس ثيابه فسلمت عليه فقال بسم الله فقلت لعل له حاجة امضى معه واعرض عليه فى الطريق حديث الصبية فجاء الى دارى فقال بسم الله فدخلت واخرجت الصبية اليه وقد طرحت عليها شيئا فترك رجله

عليها وانصرف وقامت الجارية معافاة فانا اقبل رجله ابدا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال حدثنى رئيس الرؤساء ابو القاسم على بن الحسن قال حدثنى ابو طاهر محمد بن على بن العلاف قال حضرت ابا الحسين بن سمعون يوما فى مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم وكان ابو الفتح القواس جالسا الى جنب الكرسى فغشيه النعاس ونام فأمسك ابو الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ ابو الفتح ورفع رأسه فقال له ابو الحسين رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فى نومك قال نعم فقال ابو الحسين لذلك امسكت عن الكلام خوفا ان تنزعج وتنقطع ما كنت فيه قال وحدثنى رئيس الرؤساء قال حكى لى ابو على بن ابى موسى الهاشمى قال حكى دجى مولى الطائع لله قال امرنى الطائع ان اوجه الى ابن سمعون فاحضره دار الخلافة ورأيت الطائع على صفة من الغضب وكان ذا حدة فبعثت الى ابن سمعون وانا مشغول القلب لأجله فلما حضرا علمت الطائع حضوره فجلس مجلسه واذن له فى الدخول فدخل وسلم عيله بالخلافة ثم أخذ فى وعظه فأول ما ابتدأ به ان قال روى عن أمير المؤمنين على بن ابى طالب رضي الله عنه وذكر خبرا واحاديث بعده ثم قال روى عن امير المؤمنين على بن ابى طالب كرم الله وجهه وذكر عنه خبرا ولم يزل يجرى فى ديوان الوعظ حتى بكى الطائع وسمع شهيقه وابتل منديل بين يديه بدموعه وامسك ابن سمعون حينئذ ودفع الى الطائع درجا فيه طيب وغيره فدفعته اليه وانصرف وعدت الى حضرةالطائع فقلت يا مولاى رأيتك على صفة شديدة من الغضب على ابن سمعون ثم انتقلت عن تلك الصفة عند حضوره فما السبب فقال رفع الى عنه انه يتنقص بعلى بن أبى طالب فأحببت ان اتيقن عند حضوره لأقابله عليه ان صح منه فلما حضر بين يدي افتتح كلامه بذكر على بن ابى طالب والصلاة عليه واعاد وابدأ فى ذلك وقد كان له مندوحة فى الرواية عن غيره وترك الابتداء به فعلمت انه وقف لما تزول به عنه الظنة وتبرأ ساحته عندى ولعله كوشف بذلك او كما قال وقد ذكرنا لابن سمعون قصة مع عضد الدولة

قد سبقت
اخبرنا ابو المعمر الانصارى اخبرنا محفوظ بن احمد قال قال لنا ابو على الحسن بن غالب الحربى سمعت ابا سعد احمد بن المنازل البزاز يقول سمعت عمى محمد بن احمد يقول رأيت فى المنام رسول الله صلى الله عليه و سلم فى جامع الخليفة والى جنبه رجل متكهل فسألت عنه فقيل هو عيسى بن مريم وهو يقول للنبى صلى الله عليه و سلم أليس من أمتى الأحبار أليس من امتى الرهبان أليس من امتى اصحاب الصوامع مع فدخل ابو الحسين بن سمعون فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم فى امتك مثل هذا فسكت وانتبهت وحكى ابن الهمذانى ان ابن سمعون ذكر على كرسيه فى ليلة النصف من رمضان الحلوا وكانت مزنة جارية ابى سعيد الصائغ حاضرة وهو تاجر مشهور بكثرة المال ومنزله بدرب رياح فلما امسى أتاه غلام ومعه خمسمائة خشكنا نكة فكسر واحدة فوجد فيها دينارا فكسر الجميع واخرج الدنانير وحملها بنفسه الى ابى سعيد الصائغ وقال قد جئتك فى سبب وأريد ان يكون جوابك قبول قولى وان لا تنكر على اهل الدار واخبره بالدنانير فقال له ابو سعيد اعيذك بالله ان يحضر مجلسك من فيه ريبة والله ما تركت المرأة الدنانير الا بحضرتى وتساعدنا جميعا على هذا العمل
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا احمد بن محمد العتيقى قال سنة سبع وثمانين وثلثمائة توفى فيها ابو الحسين ابن سمعون يوم النصف من ذى القعدة وكان ثقة مأمونا قال ابن ثابت وذكر لى غير العتيقى انه توفى يوم الخميس الرابع عشر من ذى القعدة ودفن بداره بشارع العتابيين فلم يزل هناك مدفونا حتى نقل يوم الخميس الحادى عشر من رجب سنة ست وعشرين واربعمائة فدفن بباب حرب قال المصنف صلى على ابن سمعون فى جامع المنصور ثم دفن فى داره سنين ثم أخرج الى مقبرة احمد واكفانه لم تبل
315 - محمد بن احمد ابن محمد ابو عمر الانماطى المروزى قدم بغداد حاجا فى سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تطبيق بنوك اسئلة الثانوية العامة في الكيمياء 3ث

قال الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الظَّوَاهِر الْوَارِدَة بِدُخُولِ الْجَنَّة بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَ...