ج3. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج
وحدث بها عن ابى العباس الاصم وقد اخبرنا
القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا العتيقى عنه
316 - محمد بن احمد
ابن محمد بن الحسن ابو الفتح الخواص
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال ابو بكر احمد بن سليمان بن على المقرئ كان
هذا الخواص شيخا فاضلا حضر عند ابى اسحاق الطبرى فسمعت منه
317 - محمد بن احمد
ابن محمد بن جعفر ابوالحسن الادمى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال لى ابو طاهر حمزة بن محمد لم يكن الآدمى هذا
صدوقا فى الحديث كان يسمع لنفسه فى كتب لم يسمعها فسألت البرقانى عنه فقال ما علمت
منه الاخير اكان قديما غير انه كان يطلق لسانه فى الناس ويتكلم فى ابن المظفر
والدارقطنى
318 - موسى بن عيسى ابن عبد الله ابو القاسم السراج ولد سنة خمس وتسعين ومائتين
سمع الباغندى وابن أبى داود وروى عنه الازهرى والعتيقى وكان ثقة مأمونا توفى فى
محرم هذه السنة
319 - نوح بن منصور ابن نوح بن نصر بن احمد بن اسماعيل ابو القاسم السامانى كان
ملك خراسان وغزنة وما وراء النهر ولى وله ثلاثة عشر سنة فبقى واليا احدى وعشرين
سنة وتسعة اشهر وتوفى فى رجب هذه السنة فولى بعده ابنه ابو الحارث
منصور فبقى سنة وتسعة اشهر ثم قبض عليه
خواصه واجلسوا اخاه عبد الملك فقصدهم محمود بن سبكتكين فكسرهم وهربوا منه الى
بخارا ثم اتاهم ايلك مظهرا لنصرتهم فقبض عليهم وعلى جميع السامانية فى سنة تسع
وثمانين وانقرض ملكهم وكان ملكهم مائة سنة وسنتين وشهورا سنة 388
ثم دخلت سنة ثمان وثمانين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان القادر بالله قبض على ابى الحسن على بن عبد العزيز فى يوم
السبت لليلة بقيت من رمضان وقلد كتابته ابا العلاء سعيد بن الحسن بن تريك فاقام
على خدمته نيفا وسبعين يوما ثم صرفه واعاد ابا الحسن
وفى يوم الخميس خامس عشر ذى الحجة وافى برد شديد وجمد الماء منه جمودا ثخينا لم
يعهد مثله حتى جمدت جوب الحمامات وبول الدواب والخيل والنبيذ
وفى هذه السنة جلس القادر بالله للرسولين الواردين من ابى طالب رستم بن فخر الدولة
وابى النجم بدر بن حسنويه وكنى ابا طالب ولقبه مجدالدولة وكهف الامة وكنى ابا
النجم ولقبه نصر الدولة وعهد لابى طالب على الرى واعمالها وعقد له لواء وحمل اليه
الخلع السلطانية الكاملة وعهد لبدر على اعماله وتصرف بالجبل وعقد له لواء وحمل
اليه الخلع الجميلة وذلك بسؤال بهاء الدولة وكتابه فاما مجد الدولة فانه لبس الخلع
وتلقب واما بدر فقد كان سأل ان يلقب بناصر الدولة فلما عدل به عنه توقف عن اللقب
ثم اجيب فيما بعد سؤاله فلقب بناصر الدين والدولة
وفيها هرب عبد الله بن جعفر المعروف بابن الوثاب من الاعتقال وكان منتسبا الى
الطائع فلما قبض على الطائع وخلع هرب هذا وتنقل فى البلاد وصار الى البطيحة واقام
عند مهذب الدولة ثم خرج وتنقل فنفذ القادر من احضره
مقبوضا عليه وحبس ثم هرب فمضى الى كيلان
وادعى انه هو الطائع لله وذكر لهم علامات عرفها بحكم انسه بدار الخلافة فقبلوه
وعظموه وزوجه محمد بن العباس احد امرائهم ابنته وشد منه واقام له الدعوة فى بلده
وأطاعه اهل نواح أخر وأدوا اليه العشر الذى يؤدونه الى من يتولى امر دينهم ثم ورد
قوم منهم الى بغداد فانكشف لهم حاله فانصرف عنهم
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
320 - الحسين بن احمد
ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن بكير ابو عبد الله الصيرفى ولد سنة سبع وعشرين
وثلثمائة وسمع اسمعيل الصفار وابا عمرو بن السماك والنجاد والخلدى وابا بكر
الشافعى روى عنه ابن شاهين والازهرى والتنوخى وكان حافظا وروى حديثا فكتبه عنه
الدارقطنى وابن شاهين
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قال لى الازهرى كنت احضر عند ابى عبد الله ابن
بكير وبين يديه اجزاء كبار قد خرج فيها احاديث فانظر فى بعضها فيقول ايما احب اليك
تذكرلى متن ما تريد من هذه الاحاديث حتى اخبرك باسناده او تذكرلى اسناده حتى اخبرك
بمتنه فكنت اذكر له المتون فيخبرنى بالاسانيد من حفظه كما فى كتابه وفعلت هذا
مرارا كثيرة قال وكان ثقة فحسدوه فتكلموا فيه قال الخطيب وممن تكلم فيه ابن ابى
الفوارس فقال كان يتساهل فى الحديث ويلحق فى اصول الشيوخ ما ليس فها ويصل المقاطيع
ويزيد الاسماء فى الاسانيد توفى فى ربيع الاخر من هذه السنة
321 - عبد العزيز بن يوسف الحكار ابو القاسم كان كاتب الانشاء لعضد الدولة ثم وزر
لابنه بهاء الدولة خمسة اشهر وكان يقول الشعر وتوفى فى شوال هذه السنة
322 - صمصام الدولة ابن عضد الدولة خرج
عليه ابو نصر بن بختيار فاراد الصعود الى القلعة فلم يفتح له حافظها فراسل الاكراد
وتوثق فيهم وسار معهم بخزائنه وذخائره فلما بعدوا به عطفوا فنهبوا جميع ما صحبه
وهرب فوافاه اصحاب ابن بختيار فقتلوه وذلك فى ذى الحجة من هذه السنة وكانت مدة
عمره خمسا وثلاثين سنة وسبعة اشهر وترك رأسه فى طست بين يدى ابن بختيار فقال هذه
سنة سنها ابوك
323 - عبيد الله بن عمرو ابن محمد بن المنتاب ابو القاسم الهمذانى ولد سنة احدى
وثلثمائة وسمع ابن صاعد وابن السماك روى عنه التنوخى والعتيقى وكان ثقة وتوفى فى
هذه السنة
324 - محمد بن احمد
ابن ابراهيم ابو الفرج المقرئ المعروف بغلام الشنبوذى ولد فى سنة ثلثمائة وروى عن
ابى الحسن بن شنبوذ وغيره كتبا فى القراءات وتكلم الناس فى رواياته واساء
الدارقطنى القول فيه والثناء عليه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا الفضل عبيد الله بن احمد بن على الصيرفى
يذكر ابا الفرج الشنبوذى فعظم امره ووصف علمه بالقراءات وحفظه للتفسير وقال سمعته
يقول احفظ خمسين الف بيت من الشعر شواهد للقرآن توفى ابو الفرج الشنبوذى فى صفر
هذه السنة وقيل فى سنة سبع وثمانين
325 - محمد بن احمد
ابن محمى ابو بكر الجوهرى ولد سنة احد وثلثمائة وسمع البغوى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سألت الازهرى عنه فقال ثقة وكذلك قال العتيقى ثقة
مأمون توفى فى شعبان هذه السنة
326 - محمد بن الحسن ابن احمد بن قشيش
ابو بكر السمسار سمع اسمعيل بن محمد الصفار وابا عمرو بن السماك وابا بكر النجاد
والخلدى وكان صدوقا من اهل القرآن ويذهب فى الفقه مذهب احمد بن حنبل وتوفى اول
محرم هذه السنة
327 - محمد بن الحسن ابن جعفر بن محمد البحيرى قدم بغداد وحدث بها روى عنه القاضى
ابو العلاء الواسطى
328 - محمد بن الحسن ابن عبدان بن الحسن بن مهران ابو بكر سمع البغوى وابن صاعد
والمحاملى اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى عنه عبيد الله بن احمد بن عثمان
الصيرفى وسالته عنه فقالت أكان ثقة فقال فوق الثقة توفى فى هذه السنة
329 - محمد بن الحسن ابن محمد بن احمد بن محمويه حدث ببغداد عن البغوى وابن مجاهد
وأبى داود روى عنه القاضى ابو عبد الله الصيمرى
330 - محمد بن الحسن ابن المظفر ابو على اللغوى المعروف بالحاتمى روى عن أبى عمر الزاهد
وغيره اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى عنه على بن المحسن التنوخى قال لى
مات يوم الاربعاء لثلاث بقين من ربيع الاخر من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلثمائة فمن الحوادث فيها انه انقض فى يوم الاحد لعشر
بقين من ربيع الاول كوكب
كبير ضحوة النهار وفى يوم الخميس للنصف
من جمادى الاولى خلع على الشريف ابى الحسن محمد بن على الحسن الزينبى ولقب نقيب
النقباء وقد كانت جرت عادة الشيعة في الكرخ وباب الطاق بنصب القباب وتعليق الثياب
واظهار الزينة فى يوم الغدير واشعال النار فى ليلته ونحر جمل فى صبيحتة فارادت
الطائفة الاخرى ان تعمل فى مقابلة هذا شيئا فادعت ان اليوم الثامن من يوم الغدير
كان اليوم الذى حصل النبى صلى الله عليه و سلم فى الغار وابو بكر معه فعملت فيه
مثل ما عملت الشيعة فى يوم الغدير وجعلت بازاء يوم عاشوراء يوما بعده بثمانية ايام
نسبته الى مقتل مصعب بن الزبير وزارت قبره بمسكن كما يزار قبر الحسين عليه السلام
وكان ابتداء ما عمل يوم الغار يوم الجمعة لاربع بقين من ذى الحجة
وفى هذه السنة وافى برد شديد مع غيم مطبق وريح معزق متصلة فهلك من النخل فى سواد
بغداد الوف كثيرة وسلم ما سلم ضعيفا فلم يرجع الى حاله وحمله الا بعد سنين
وفيها حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر وكذلك الى سنة ثلاث وتسعين وحج
الشريفان الرضى والمرتضى واعتاقهم ابن الجراح الطائى فاعطوه تسعة آلاف دينار من
اموالهم ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
331 - الحسن بن على ابن احمد بن عون ابو محمد الحريرى سمع القاضى المحاملى وحدث
عنه العتيقى وقال توفى فى جمادى الاولى من سنة تسع وثمانين وثلثمائة وكان ثقة
332 - زاهر بن احمد ابن محمد بن عيسى ابو محمد السرخسى الفقيه المحدث شيخ عصره
بخراسان قرأ على
ابن مجاهد وسمع البغوى وابن صاعد وغيرهما
وتفقه على ابى اسحاق المروزى وتعلم الادب من أبى بكر ابن الانبارى وتوفى فى ربيع
الاخر من هذه السنة وهو ابن ست وتسعين سنة
333 - عبيد الله بن محمد ابن اسحاق بن سليمان بن مخلد بن ابراهيم بن مروان ابو
القاسم البزاز ويعرف بابن حبابة ولد ببغداد سنة تسع وتسعين ومائتين وسمع البغوى
وابن أبى داود وكان ثقة مامونا وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وصلى عليه ابو
حامد الاسفراينى ودفن فى تربة ملاصقة بسور باب البصرة مقابل جامع المنصور
334 - عبد الله بن عتاب ابن محمد بن عبد الله ابو القاسم العبدى سمع الحسين بن
اسمعيل المحاملى روى عنه ابو العلاء الواسطى وانتقى عليه الدارقطنى جزءا وكان ثقة
مأمونا توفى فى هذه السنة
335 - عبيد الله بن خليفة ابن شداد ابو احمد البلدى روى عنه الازهرى وكان صدوقا
ثقة توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة تسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ظهر فى ارض سجستان معدن الذهب كانوا يحفرون فيه آبارا
ويخرجون من التراب الذهب الاحمر
وفيها فى يوم الخميس لسبع بقين من شوال قلد القاضى ابو عبد الله الحسين بن هارون
الضبى مدينة المنصور مضافة الى الكرخ والكوفة وشقى الفرات وقلد القاضى ابو محمد
عبد الله ابن محمد الاكفانى الرصافة واعمالها عوضا عن
المدينة التى كان يليها وقلد القضاء ابو الحسن الخرزى طريقى دجلة وخراسان مضافا الى عمله بالحضرة وقرئت عهودهم على ذلك وولى ابو خازم محمد بن الحسن الواسطى القضاء بواسط واعمالها وقرئ عهده بالموكب بدار الخلافة وكتب الامام القادر بالله لمحمد بن عبد الله بن الحسن وقد ولاه بلاد جيلان كتابا اختصرته وفيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله احمد الامام القادر بالله امير المؤمنين الى محمد بن عبد الله بن الحسن حين بلا حقائق اخباره واستشعر مواقع آثاره وانهى الى امير المؤمنين رسوخه فى العلم وسمته بالفهم فاستخار الله عز و جل فيما يعتمده عليه وسأله التسديد فيما يفوضه اليه فقلده الصلاة والخطابة على المنابر والقضاء والحكم ببلاد جيلان اسودها وابيضها وما توفيق امير المؤمنين الا بالله عليه توكله اليه فى كل حال موئله وحسب امير المؤمنين الله ونعم الوكيل امره بخشية الله فانها مزية العلماء ومراقبته فانها خاصة الادباء وتقواه ما استطاع فانها سكة من اطاع وجنة من تجاذبه الاطماع وان يأخذ لامر الله أهبته ويعدله عدته ولا يترخص فيه فيفرط ولا يضيع وظيفة من وظائفه فيتورط وان يستعمل نفسه فى المهل ويؤذنها بقرب الاجل ولا يغرها انه منظر وان عصى فيغفر فقد قال الله تعالى حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذى الطول لا اله الا هو اليه المصير وامره بقراءة القرآن وتلاوته والمحافظة عليه ودراسته وامره بمداومة الطهر فانه أمان من الفقر ولا يقنع به فى الجوارح او أن يكون مثله فيما بين الجوائح فان النقاء هناك هو النقاء الذى يتم به البهاء وحينئذ تكمل الطهارة وتزول الادران وامره بمراعاة مواقيت الصلاة للجمع فاذا حانت سعى اليها واذا وجبت جميع اليها بالأذان الذى يسمع به مؤذنوه الملأ والاقامة الذى يقوم به فرض الله عز و جل وامره بالاحسان فى الموعظة مستقصيا للمناصحة وامره بالنداء على المنابر وفى سائر المحافل والمعاقل بالشعار إلا على والفرض الا وفى من ذكر
دولة امير المؤمنين وحث الامة على طاعته
اجمعين قال الله عز و جل اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم وان يديم
التصفح لأحوال البلاد التى ولى فيها ما وليه من قواعد الشريعة وليقابل نعمة الله
بشكر الصنيعة فان وجد فيها نافرا عن فريضة الدعوة الشريفة القادرية اجتذبه اليها
بالموعظة الحسنة والدلالة الصريحة فان استبصر لرشده وراجع المفروض بجهده فقد فاز
وغنم وان تشاوس وعند استنفر عليه الامم وقمعه بما يوجبه الحكم وامره بصلوات
الاعياد والخسوف والاستسقاء وأمره ان يكون لامر الله متأهبا ولنزول الموت مترقبا
ولطروقه متوقعا وأمره ان لا يخلى عن ما فوضه اليه من ظهير يستنيبه وأمره أن يتبع
شرائع الاسلام وان يواصل تلاوة القرآن ويستنبط منه ويهتدى به فانه جلاء للبصائر
ومنار الحكم ولسان البلاغة وامره ان يخلى ذهنة اذا انتدب للنظر ويقضى امامه كل وطر
ويأخذ لجوارحه بحفظ بقيتها فان القلب اذا اكتنفه المآرب يعرض له التعب وامره
بالجلوس للخصوم فى مساجد الجوامع ليتساووا فى لقائه وان يقسم لحظه ولفظه بين
جمهورهم وأمره بالنظر فى الامور بالعدل وامره بانتخاب الشهود والفحص عن احوالهم
وأمره بالتناهى فى تفقد الايتام فانهم أسراء الاسلام وامره بتعهد الوقوف واجراء
احوالها على ما يوجبه التوقيف من أربابها هذا عهد امير المؤمنين اليك وحجته المنعم
بها عليك وتذكرته المستودعة فوائد توفيقه فانصب لمحاورته واصخ لمخاطبته واغرس
مواعظه فى قلبك تجن من ثمرها الفوز عند ربك وكتب على بن عبد العزيز بن ابراهيم فى
شهر ربيع الاول سنة تسعين وثلثمائة ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
336 - احمد بن محمد ابن ابى موسى ابو بكر الهاشمى القاضى ولد سنة خمس عشرة
وثلثمائة سمع من
جماعة وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطنى
وكان مالكى المذهب ثقة مأمونا وتقلد قضاء المدائن وسر من رأى ونصيبين وديار ربيعة
وغيرها من البلاد وتولى خطابة جامع المنصور مدة وتوفى فى محرم هذه السنة ودفن فى
داره
337 - عبيد الله بن عثمان ابن يحيى ابو القاسم الدقاق المعروف بابن جنيقا كذا ذكره
الخطيب بالنون وهو جد القاضى ابى يعلى ابن الفراء لأمه قال ابو على البردانى قال
لنا القاضى ابو يعلى الناس يقولون جنيقا بالنون وهو غلط انما هو جليقا باللام روى
عنه الازهرى والعتيقى وكان صحيح السماع ثبت الرواية قال محمد بن ابى الفوارس كان
ثقة مأمونا حسن الخلق ما رأينا مثله فى معناه وتوفى فى رجب هذه السنة
338 - الحسين بن محمد ابن خلف ابو عبد الله الفراء احد الشهود المعدلين وهو والد
القاضى ابى يعلى حدث عن جماعة روى عنه ابنه ابو خازم محمد بن الحسين وكان رجلا
صالحا على مذهب ابى حنيفة توفى فى شعبان هذه السنة
339 - عبد الله بن احمد ابن على بن ابى طالب ابو القاسم البغدادى ولد سنة سبع
وثلثمائة ونزل مصر وروى بها الحديث عن جماعة فسمع عنه عبد الغنى بن سعيد وكان ثقة
وتوفى فى محرم هذه السنة
340 - عمر بن ابراهيم ابن احمد ابو حفص
المقرئ المعروف بالكتانى ولد سنة ثلثمائة وسمع البغوى وابن صاعد وابن مجاهد وغيرهم
روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج وتوفى في رجب هذه السنة
الجمعة الثامن والعشرين من شعبان هذه السنة
341 - علي بن عبد الله ابن محمد بن عبيد أبو الحسن الزجاج الشاهد حدث عن عن حبشون
بن موسى الخلال روى عنه التنوخي وقال سمعته يقول ولدت في رمضان سنة خمس وتسعين
ومائتين وكان نبيلا فاضلا من قراء القرآن وتوفي في هذه السنة
342 - محمد بن عبد الله ابن الحسن بن عبد الله بن هارون أبو الحسين الدقاق المعروف
بابن أخي سمى سمع البغوي وروى عنه الأزهري والعشاري ولد يوم الثلاثاء عاشر صفر
أربع وثلثمائة ولم يزل يكتب الحديث إلى أن مات وكان ثقة مأمونا دينا فاضلا وكان
حسن الاخلاق مكث أربع وأربعين سنة لم ينم على ظهر سطح وتوفي ليلة الجمعة الثامن
والعشرين من شعبان هذه السنة
343 - محمد بن عمر ابن يحيى بن الحسين بن احمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن
على بن الحسين ابن على بن ابى طالب ابو الحسن العلوى الكوفى ولد فى سنة خمس عشرة
وثلثمائة وسمع ابا العباس بن عقدة روى عنه ابو العلاء الواسطى والخلال سكن بغداد
وكان المقدم على الطالبيين فى وقته مع كثرة المال والضياع وكان يخدم عضد الدولة
وناب عن بنى بويه وكان داره تلى قصر بنى المأمون وكان عضد الدولة يغيظه منه كثرة
ماله وعلو همته ونفوذ أمره ولما دخل عضد الدولة الى بغداد سنة سبعين قال له امنع
العوام من لقائنا بالدعاء والصياح ففعل فعجب من
طاعة العوام له ولما ورد رسول القرامطة الى الكوفة امر عضد الدولة وزيره المطهر بن عبد الله ان يتقدم الى الشريف ابى الحسن ليكاتب نوابه بالكوفة بانزال الرسول واكرامه فتقدم بذلك سرا الى صاحبه وكتب على طائر كوفى بما رسم ووصل الطائر وكتب الجواب على بغدادى واتاه رسوله بالرقعة وما مضى غير ساعات فقال له الوزير امرك الملك عضد الدولة بأمر فأخرته فينبغى ان تنهض الى دارك وتقدم بمكاتبة نوابك حتى يعود الجواب فى اليوم السادس وتعرضه عليه فقال له قد كتبت وورد الجواب وعرضه عليه ودخل الى عضد الدولة فأخبره فانزعج لذلك وبلغه انه طوق قنينة بلور للشرب بحب قيمته مائة الف دينار فنقم عليه لذلك ورأى عضد الدولة فى روزنامج الف الف وثلثمائة الف باسم محمد بن عمر مما أداه من معاملاته بفارس فاعتقله بها واستولى على امواله فبقى فى الاعتقال سنين حتى اطلقه شرف الدولة ابو الفوارس ابن عضد الدولة فأقام معه وأشار عليه بطلب المملكة فتم له ذلك ودخل معه بغداد وتزايدت حاله فى ايامه ورفع ابو الحسن على بن طاهر عامل شقى الفرات الى شرف الدولة ان ابن عمر زرع فى سنة ثمان وسبعين ثمانمائة الف جريب وانه يستغل ضياعه الفى الف دينار فدخل ابن عمر على شرف الدولة فقال يا مولانا والله ما خاطبت بمولانا ملكا سواك ولا قبلت الارض لملك غيرك لأنك اخرجتنىمن محبسى وحفظت روحى ورددت على ضياعى وقد احببت ان اجعل النصف مما املكه لولدك وجميع ما يبلغك عنى صحيح فقال له شرف الدولة لو كان ارتفاعك اضعافه كان قليلا لك وقد وفرالله عليك مالك واغنى ولدى عن مداخلتك فكن على حالك وهرب ابن طاهر الى مصر فلم يعد حتى مات ابن عمر وصادر بهاء الدولة ابو نصر بن عضد الدولة الشريف ابا الحسن على الف الف دينار عينا وأخذ منه شيئا آخر واعتقله سنتين وعشرة اشهر ولزمه يوم اطلاقه تسعون الف دينار ثم استنابه ببغداد الوزير
ابو نصر سابور وأخد من تركته خمسين الف
دينار ونصف املاكه وارتفع لورثته الفا كر ومائتان اصنافا وتسعة عشر الف دينار ثم
نقل الى الكوفة فدفن بها انبأنا محمد بن عبد الباقى البزاز انبأنا ابو القاسم على
بن المحسن عن ابيه قال حدثنى ابوالقاسم عبد الله بن احمد الاسكافى قال سمعت ابا
الحسن محمد بن عمر العلوى يقول انه لما بنى داره بالكوفة وكان فيها حائط عظيم
العلو فبينا البناء قائم على اعلاه لاصلاحه سقط الى الارض فارتفع الضجيج استعظاما
للحال لان العادة لم تجر بسلامة من يسقط عن مثل ذلك الحائط فقام الرجل سالما
لاقلبةبه واراد العود الى الحائط ليتم البناء على الحائط فقال له الشريف ابو الحسن
قد شاع سقوطك من اعلى الحائط واهلك لا يصدقون سلامتك ولست احب ان يردوا الى بابى
صوارخ فامض الى اهلك ليشاهدوا سلامتك وعد الى شغلك فمضى مسرعا فثر بعتبة الباب فسقط
ميتا توفىالشريف لعشر خلون من ربيع الاول من هذه السنة وعمره خمس وسبعون سنة ودفن
فى حجرة بدرب المنصور بالكرخ وحضرنا جنازته
344 - محمد بن يوسف ابن محمد بن الجنيد الكشى الجرجانى وكش قرية من قرى جرجان على
طريق الجبل معروفة على ثلاثة فراسخ من جرجان سمع من ابى نعيم الاستراباذى ومكى بن
عبدان وكان يفهم ويحفظ وحدث ببغداد وأملى بالبصرة وانتقل الى مكة فحدث بها سنين
الى ان توفى فى هذه السنة بها
345 - المعافى بن زكريا ابن يحيى بن حميد بن حماد بن داود ابو الفرج النهرواتي
القاضى المعروف بابن طراز ولد سنة خمس وثلثمائة وكان عالما بالنحو واللغة واصناف
الآداب والفقه وكان يذهب مذهب محمد بن جرير الطبرى وحدث عن البغوى وابن صاعد وخلق
كثير وكان ثقة وناب فى القضاء وهو صاحب كتاب الجليس
والانيس وكان ابو محمد يقول اذا حضر
المعافى فقد حضرت العلوم كلها ولو ان رجلا اوصى بثلث ماله لأعلم الناس لوجب ان
يدفع الى المعافى
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على قال حدثنى احمد بن عمر ابن
روح ان المعافى بن زكريا حضر فى دار بعض الرؤساء وكان هناك جماعة من اهل العلم
والادب فقالوا له فى اي نوع من العلم نتذاكر فقال المعالى لذلك الرئيس خزانتك قد
جمعت انواع العلوم واصناف الادب فان رأيت بأن تبعث بالغلام اليها وتأمره ان يفتح
بابها ويضرب بيده الى اى كتاب قرب منها فيحمله ثم نفتحه وننظر فى اي نوع هو
فنتذاكره ونتجارى فيه قال ابن روح وهذا يدل على ان المعافى كان له انس بسائر
العلوم
واخبرنا ابو منصور القزاز قال اخبرنا ابن ثابت قال انشدنا ابو الطيب الطبرى قال
انشدنا المعافى بن زكريا لنفسه ... الاقل لمن كان لىحاسدا ... أتدرى على من اسأت
الأدب ... اسأت على الله فى مفعله ... لأنك لم ترض لى ما وهب ... فجازاك عنى بأن
زادنى ... وسد عليك وجوه الطلب ...
توفى المعافى فى ذى الحجة من هذه السنة
346 - امة السلام بنت القاضى ابى بكر احمد بن كامل بن خلف بن شجرة وتكنى ام الفتح
ولدت سنة ثمان وتسعين ومائتين فى رجب وسمعت محمد بن اسمعيل البصلانى ومحمد ابن
الحسين بن حميد بن الربيع روى عنها الازهرى والتنوخى وابو يعلى ابن الفراء وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت الازهرى والتنوخى وذكرا امة السلام
بنت احمد القاضى فأثنيا عليها ثناء حسنا ووصفاها بالديانة والعقل والفضل توفيت فى
رجب هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة احدى وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان القادر بالله جلس للحاج الخراسانية واعلمهم انه قد جعل الامير
ابا الفضل ابنه ولى عهده ولقبه الغالب بالله وقرئت عليهم الكتب المنشأة بذلك وحضر
الاشراف والشهود والفقهاء وكان لهذا الولد يومئذ ثمانى سنين واربعة اشهر وايام
وكتب الى البلاد ان يخطب له بعده وكان السبب فى هذه العجلة ان عبد الله بن عثمان
الواثقى من ولد الواثق كان من الشهود وكانت اليه الخطابة فحدث بينه وبين القاضى
ابى على التنوخى وحشة فقيل له لو استصلحته فقال انا مفكر كيف اطفىء شمع هذا الملك
وآخذ ملكه ثم اتفق انه خرج الى خراسان واستغوى بعض السلاطين وانفق وهو ورجل آخر
كبير القدر على ان افتعلا كتابا عن الخليفة بتقيلد الواثقى العهد بعده فخطب له بعد
القادر وكتب الى القادر فغاظه ورتب ابا الفضل فى ولاية العهد واثبت فسق الواثقى ثم
قدم بغداد مستخفيا ثم انحدر الى البصرة ثم مضى الى فارس وبلاد الترك ونفذت كتب
القادر تتبعه فهرب الى خوارزم ثم قصد بعض السلاطين فرقاه الى قلعة فلم يزل بها حتى
مات
وفى يوم الجمعة الخامس من جمادى الآخرة توفى القاضى ابو الحسن عبد العزيز ابن احمد
الخرزى واقر ابنه ابو القاسم على عمله وقرئ عهده بذلك فى يوم الاثنين لليلة بقيت
منه ثم صرف بعد مديدة قريبة
وفى يوم الخميس ثامن عشر ذى القعدة ولد الامير ابو جعفر عبد الله بن القادر بالله
وهو القائم
وفيها حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوى ذكر من توفى فى هذه السنة
من الاكابر
347 - جعفر بن الفضل
ابن جعفر بن محمد بن الفرات ابو الفضل
المعروف بابن حنزابة الوزير ولد فى ذى الحجة سنةثمان وثلثمائة ونزل مصر وتقلد
الوزارة لأميرها كافور وكان ابوه وزير المقتدر وحدث عن محمد بن هارون الحضرمى
وطبقته من البغداديين وكان يذكر انه سمع من البغوى مجلسا ولم يكن عنده فكان يقول
من جاءنى به اغنيته وكان يملى الحديث بمصر فخرج اليه الدارقطنى واقام عنده مدة
فصنف له المسند وحصل له من جهته مال كثير وروى عنه الدارقطنى فى كتاب المديح وغيره
احاديث
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى محمد بن احمد اللخمى
بالانبار قال انشدنى ابوالقاسم عمر بن عيسى المسعودى بمصر قال انشدنا الوزير ابو
الفضل جعفر بن الفرات ابن حنزابة لنفسه ... من اخمل النفس احياها وروحها ... ولم
يبت طاويا منها على ضجر ... ان الرياح اذا اشتدت عواصفها ... فليس ترمى سوى العالى
من الشجر ... توفي جعفر في ربيع الاول من هذه السنة
348 - الحسين بن احمد ابن الحجاج ابو عبد الله الشاعر كان من اولاد العمال والكتاب
وكانت اليه حسبه بغداد فى ايام عز الدولة فاستخلف عليها ستة انفس كلهم لا خير فيه
ثم تشاغل بالشعر وتفرد بالسخف الذى يدل على خساسة النفس فحصل الاموال به وصار ممن
يتقى لسانه وحمل اليه صاحب مصر عن مديح مدحه به الف دينار مغربية وقد افرد ابو
الحسن الرضى من شعره ما خلا عن السخف وهو شعر حسن
اخبرنا ابو الحسن محمد بن احمد الصائغ
اخبرنا ابو على محمد بن وشاح قال انشدنا ابو عبد الله بن الحجاج لنفسه ... قالوا
غدا العيد فاستبشر به فرحا ... فقلت مالى وما للعيد والفرح ... قد كان ذا و النوى
لم تمس نازلة ... بعقوتى وغراب البين لم يصح ... ايام لم يخترم قربى المنون ولم
... يغد الشتات على شمل ولم يرح ... فاليوم بعدك قلبى غير منفسح ... لما يسر وصدرى
غير منشرح ... وطائر ناح فى خضراء مؤنقة ... على شفا جدول بالعشب متشح ... بالعمر من
واسط والليل ما هبطت ... فيه النجوم وضوء الصبح لم يلح ... بكى وناح ولولا انه شجن
... بشجو قلبى المعنى فيك لم ينح ... بينى وبينك ود ليس يخلقه ... بعد المزار وعهد
غير مطرح ... فما ذكرتك والاقداح دائرة ... الا مزجت بدمعى باكيا قدحى ... ولا
سمعت لصوت فيه ذكر نوى ... الا عصيت عليه كل مقترح ...
توفى ابن الحجاج بالنيل فى جمادى الآخرة من هذه السنة ورثاه الرضى بقوله ... نعوه
على ضمن قلبى به ... فلله ماذا نعى الناعيان ... رضيع صفاء له شعبة ... من القلب
مثل رضيع اللبان ... بكيتك للشرد السائرا ... ت تعبق الفاظها بالمعانى ... وما كنت
احسب ان المنون ... تفل مضارب ذاك اللسان ... لبيك الزمان طويلا عليك ... فقد كنت
خفة روح الزمان ...
ورءاه ابو الفضل ابن الخازن فى المنام بعد موته فقال ما صنع الله بك فقال
افسد حسن مذهبى ... فى الشعر سوء المذهب
... وحملى الجد على ... ظهر حصان اللعب ... لم يرض مولاى على ... بسب اصحاب النبى
... وقال لى ويلك يا ... احمق لم لم تتب ... من بغض قوم من رجا ... ولاء هم لم يخب
... رمت الرضى جهلا بما ... اصلاك نار الغضب ...
349 - عبد العزيز بن احمد ابو الحسن الخرزى القاضى كان يقضى بالمخرم وحريم دار الخلافة
وباب الازج والنهروانات وطريق حراسان وكان على مذهب داود الاصفهانى وتقدم اليه
وكيلان فى حكومة فاختصما فبكى احدهما فقال القاضى ارنى الوكالة فأراه اياها
فتأملها ثم قال ما رأيت فيها انه جعل اليك ان تبكى عنه فنهض الوكيل وضحك الحاضرون
توفى الخرزى فى هذه السنة
350 - عيسى بن الوزير على بن عيسى بن داود بن الجراح ابو القاسم ولد فى رمضان سنة
اثنتين وثلثمائة وزر ابوه المعلوم فضله ونظر هو للطائع وكتب له وروى عن البغوى
وابن ابى داود وابن صاعد وابن دريد وغيرهم وروى عنه الازهرى والخلال والصيمرى
وغيرهم وكان ثبت السماع صحيح الكتاب واملى الحديث وكان عارفا بالمنطق فرموه بشىء
من مذهب الفلاسفة
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن ثابت قال انشدنى ابو يعلى ابن الفراء قال انشدنى
عيسى بن الوزير على بن عيسى لنفسه ... رب ميت قد صار بالعلم حيا ... ومبقى قد حاز
جهلا وغيا ... فاقتنوا العلم كى تنالوا خلودا ... لا تعدوا الحياة فى الجهل شيا
اخبرنا محمد بن عبد الباقى عن ابى محمد
الجوهرى قال انقطعت عن زيارة ابى القاسم عيسى بن على ثم قصدته فلما نظر الى قال
... رأيت جفاء الدهر لى فجفوتنى ... كأنك غضبانا على مع الدهر ...
قال وخرج الينا يوما فقال الله بيننا وبين على بن الجهم فقلت من هو على بن الجهم
قال الشاعر قلت ورآه سيدنا قال لا ولكن له بيت آذانا به وانشدنا هذا ... ولا عار
ان زالت عن الحر نعمة ... ولكن عار أن يزول التجمل ...
توفى عيسى فى هذه السنة ودفن فى داره
سنة 392 ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان العوام ثاروا فى يوم الاثنين سابع ربيع الآخر بالنصارى فنهبوا
البيعة بقطيعة الدقيق وأحرقوها فسقطت على جماعة من المسلمين رجال وصبيان ونساء
فهلكوا
وفى شعبان قبض على الموفق ابى على الحسن بن محمد بن اسمعيل وحمل الى القلعة وفى
رمضان عظمت الفتنة ببغداد وكثرت العملات وانتشر الدعار
وفى ليلةالاربعاء لثمان بقين من رمضان طلع كوكب الذؤابة
وفى ليلة الاثنين ثالث ذى القعدة انقض كوكب كضوء القمر ليلة التمام ومضى الضياء
وبقى جرمه يتموج نحو ذراعين في ذراع برأى العين وتشقق بعد ساعة
وفى يوم الثلاثاء الحادى عشر منه تكامل دخول الخراسانية بغداد وعبروا باسرهم الى
الجانب الغربى ثم توقفوا عن التوجه نحو البلاد لفساد الطريق وانتشار العرب وعادوا
الى بلادهم وبطل الحج من المشرق فى هذه السنة
وفى يوم الاثنين التاسع من ذى الحجة ولد الامير ابو الحسن وابو الحسين ابنا بهاء
الدولة توأمين فعاش ابو الحسين بضع سنين ومات وبقى ابو على وملك الامرة بالحضرة
فلقب مشرف الدولة
وزاد امر العيارين والفساد ببغداد وكان
فيهم من هو عباسى وعلوى فواصلوا العملات واخذوا الاموال وقتلوا واشرف الناس معهم
على خطه صعبة فبعث بهاء الدولة عميد الجيوش ابا على بن استاذ هرمز الى العراق
ليدبر امورها فدخلها يوم الثلاثاء سابع عشر ذى الحجة فزينت له بغداد خوفا منه فكان
يقرن بين العباسى والعلوى ويفرقها نهارا وغرق جماعة من حواشى الاتراك ومنع السنة
والشيعة من اظهار مذهب ونفى بعد ذلك ابن المعلم فقيه الشيعة عن البلد فقامت هيبته ذكر
من توفى فى هذه السنة من الاكابر
351 - اسمعيل بن سعيد ابن اسمعيل بن محمد بن سويد ابو القاسم المعدل من اهل الجانب
الشرقى حدث عن ابن دريد وابن الانبارى والكوكبى وغيرهم قال حمزة بن محمد بن طاهر
كان ثقة وقال الخطيب كان يلحق سماعه وقال ابن ابى الفوارس كان فيه تساهل فى الحديث
والدين توفى فى محرم هذه السنة ودفن بالخيزرانية
352 - عثمان بن جنى ابو الفتح الموصلى النحوى اللغوى اخبرنا ابو منصور القزاز
اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال عثمان بن جنى له كتب مصنفة فى علم النحو ابدع فيها
واحسن منها التلقين واللمع والتعاقب فى العربية وشرح القوافى والمذكر والمؤنث وسر
الصناعة والخصائص وغير ذلك وكان يقول الشعر ويجيد نظمه وابوه جنى كان عبدا روميا
مملوكا لسليمان بن فهد بن احمد الازدى الموصلى وانشدنى يحيى بن على التبريزى
لعثمان بن جنى ... فان اصبح بلا نسب فعلمى فعلمى فى الورى نسبى ... على أنى اؤول
الى ... قروم سادة نجب ... قياصرة اذا نطقوا ... ارم الدهر فى الخطب
أولاك دعا النبى لهم ... كفى شرفا دعانى
نبى ...
سكن ابن جنى بغداد ودرس بها العلم الى ان مات وكانت وفاته ببغداد على ما ذكر احمد
بن على التوزى فى يوم الجمعة لليلتين بقيتا من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة
353 - على بن عبد العزيز ابو الحسن الجرجانى القاضى بالرى سمع الحديث الكثير وترقى
فى العلوم فأقر له الناس بالتفرد وله اشعار حسان انبأنا ابو بكر محمد بن عبد
الباقى البزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا عبد الله بن على بن حمويه اخبرنا
احمد بن عبد الرحمن الشيرازى قال انشدنا القاضى ابو الحسن على بن عبد العزيز
الجرجانى لنفسه ... يقولون لى فيك انقباض وانما ... رأوا رجلا عن موقف الذل احجما
... أرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن اكرمته عزة النفس اكرما ... ولم اقض حق
العلم ان كان كلما ... بدا طمع صيرته لى سلما ... اذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ...
ولكن نفس الحر تحتمل الظما ... ولم ابتذل فى خدمة العلم مهجتى ... لأخدم من لاقيت
لكن لأخدما ... أأشقى به غرسا واجنبه ذله ... إذن فاتباع الجهل قد كان احزما ...
ولو أن اهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه فى النفوس لعظما ... ولكن اذلوه فهان
ودنسوا ... محياه بالاطماع حتى تجهما ...
انشدنا ابو نصر احمد بن محمد الطوسى قال انشدنى ابو يوسف القزوينى قال انشدنى
والدى قال انشدنى القاضى ابو الحسن على بن عبد العزيز الجرجانى لنفسه ... اذا شئت
ان تستقرض المال منفقا ... على شهوات النفس فى زمن العسر ... فسل نفسك الاقراض من
كيس صبرها ... عليك وانظارا الى زمن اليسر ... فان فعلت كنت الغنى وان ابت ... فكل
ممنوع بعدها واسع العذر ...
اخبرنا اسمعيل بن احمد انبأنا سعد بن على الزنجانى كتابة من مكة قال انشدنى عبد
الله بن محمد بن احمد الواعظ قال انشدنى قاضى القضاة على بن عبد العزيز
الجرجانى لنفسه ... ما تطعمت لذة العيش
حتى ... صرن للنفس والكتاب جليسا ... ليس شىء اعز عندى من العلم ... فلم ابتغى
سواه انيسا ... انما الذل فىمخالطة النا ... س فدعهم وعش عزيزا رئيسا ...
توفى على بن عبد العزيز فى هذه السنة بالرى وحمل تابوته الى جرجان فدفن بها
354 - محمد بن محمد ابن جعفر ابو بكر الدقاق الشافعى وكان ينوب فى القضاء عن ابى
عبد الله الحسين ابن هارون الضبى وكانت فيه دعابة فحكى انه دخل الحمام بغير مئزر
فبلغ ذلك الضبى فظن انه فعله لفقره فبعث اليه ميازر كثيرة فرئى بعد ذلك فى الحمام
بغير مئزر فسأله الضبى عن سبب فعله فقال يا سيدى يأخذنى به ضيق النفس توفى الدقاق
فى هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة فمن الحوادث فيها ان عميد الجيوش منع اهل
الكرخ وباب الطاق فى عاشوراء من النوح فى الشاهد وتعليق المسوح فى الاسواق
فامتنعوا ومنع اهل باب البصرة وباب الشعير من مثل ذلك فيما نسبوه الى مقتل مصعب بن
الزبير بن العوام وقبض بهاء الدولة على وزيره ابى غالب محمد بن خلف يوم الخميس
لخمس بقين من المحرم وقرر عليه مائة الف دينار قاسانية
وفى هذا الشهر قبض مهذب الدولة ابو الحسن على بن نصر على سابور بن اردشير لامر
اتهمه به فأقام فى الاعتقال الى ان ملك البطيحة ابو العباس بن واصل فاطلقه
وفى اوائل صفر غلت الاسعار وعدمت الحنطة وبلغ الكر من الحنطة مائة
وعشرين دينارا وفيها برز عميد الجيوش الى
النجمى ومضى الى سورا واستدعى سند الدولة ابا الحسن على بن مزيد وقرر عليه اربعين
الف دينار فى كل سنة عن بلاده وأقره عليها ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
355 - ابراهيم بن احمد ابن محمد ابو اسحاق الطبرى قرأ القرآن وسمع الكثير من
الحديث وكان فقيها على مذهب مالك من المعدلين وكان شيخ الشهود ومقدمهم وكان كريما
مفضلا على اهل العلم خرج له الدارقطنى خمسمائة جزء وعليه قرأ الرضى القرآن فقال له
يوما ايها الشريف اين مقامك فقال فى دار ابى بباب المحول فقال له مثلك لا يقيم
بدار ابيه ونحله الدار التى بالبركة فى الكرخ فامتنع الرضى وقال لم اقبل من غير
ابى قط شيئا فقال له حقى عليك اعظم لأنى حفظتك كتاب الله فقبلها اخبرنا القزاز
اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنى على بن ابى على المعدل قال قصد ابو الحسين بن
سمعون ابا اسحاق ابراهيم بن احمد الطبرى ليهنئه بقدومه من البصرة فجلس فى الموضع
الذى جرت عادة ابى اسحاق بالجلوس فيه لصلاة الجمعة من جامع المدينة ولم يكن وافى
فلما جاء والتقيا قام اليه وسلم عليه وقال له بعد أن جلسا ... الصبر الا عنك محمود
... والعيش الا بك منكود ... ويوم تأتى سالما غانما ... يوم على الاخوان مسعود ...
مذغبت غاب الخير من عندنا ... وان تعد فالخير مردود ... توفي الطبري في هذه السنة
356 - ادريس بن على ابن اسحاق بن يعقوب بن زنجويه ابو القاسم المؤدب كان يسكن
الحربية وحدث عن ابى حامد محمد بن هارون الحضرمى وابراهيم بن عبد الصمد الهاشمى
وابى بكر بن الأنبارى وقرأ على ابن شنبوذ
روى عنه الازهرى والطناجيرى وكان ثقة مأمونا توفى فى رمضان هذه السنة
357 - الحسن بن القاسم ابن محمد بن يحيى ابو على المخزومى المؤدب ولد سنة احدى
وثلثمائة وحدث عن ابن ابى داود وابن مجاهد روى عنه الخلال والازهرى وكان ثقة وتوفى
فى رمضان فى هذه السنة وبعضهم يقول فى سنة اثنتين وتسعين ودفن فى مقبرة باب حرب
358 - عبد الكريم الطائع لله امير المؤمنين ابن المطيع لله ذكرنا كيف قبض عليه
بهاء الدولة ابو نصر بن عضد الدولة وكيف خلع واعتقل وحمل الى دار المملكة ونفذ الى
القادر الكتاب عليه بخلعه نفسه ثم سلم بعد ذلك الى القادر فأقام عنده الى ان توفى
ليلة عيد الفطر من هذه السنة وقد بلغ ستا وسبعين سنة وكانت خلافته سبع عشرة سنة
وتسعة اشهر وايام وصلى عليه القادر وكبر خمسا وحمل الى الرصافة فدفن فيها وشيعه
الاكابر والخدم ورثاه الرضى فقال ... اى طود لك من اى جبال ... لقحت أرض به بعد
حيال ... ما رأى حى نزار قبلها ... جبلا سار على ايدى الرجال ... واذا رامى
المقادير رمى ... فد روع المرء اعوان النصال ... ايها القبر الذى امسى به ... عاطل
الارض جميعا وهو حالى ... لم يواروا بك ميتا انما ... افرغوا فيك ذنوبا من نوال
... عزمن امسى مفدى ظهره ... اخذ الاهبة يوما للزيال ... لا أرى الدمع كفاء لجوى
... ليس ان الدمع من بعدك غالى ... وبرغمى ان كسوناك الثرى ... وفرشناك زرابى
الرمال
وهجرناك على ضن الهوى ... رب هجران على
غير تقالى ... لا تقل تلك قبور انما ... هى اصداف على غر لآلى ...
359 - عثمان بن محمد ابن احمد بن العباس ابو عمر والقارىء المخرمى سمع اسمعيل
الصفار والبرذعى والخلدى وسمع الكثير من الأصم وروى حديثا عن ابن شاهين فدلسه فقال
حدثنا عمر بن احمد النقاش فقال له ابن شاهين انا نقاش فقال الست تنقش الكتاب بالخط
روى عنه العتيقى وقال هو شيخ ثقة من اهل القرآن وكان حسن الصوت مع كبر سنه وتوفى
بالدينور فى هذه السنة
360 - كوهى بن الحسن ابن يوسف بن يعقوب ابو محمد الفارسى روى عنه الازجى والصيمرى
وكان ثقة وتوفى فى شوال هذه السنة
361 - محمد بن ثابت ابن عبد الله ابو الحسن الصيرفى سمع ابا عمر وابن السماك وغيره
وروى عنه عبيد الله ابن احمد بن عثمان الصيرفى وتوفى عمرو بن فى يوم السبت سابع
رمضان هذه السنة
362 - محمد بن عبد الرحمن ابن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا أبو طاهر المخلص ولد
سنة خمس وثلثمائة وسمع البغوي وابن صاعد وخلقا كثيرا وأول سماعه في ذي القعدة سنة
اثنتي عشرة روى عنه البرتاني والأزهري والخلال والتنوخي وغيرهم وكان ثقة من
الصالحين وتوفي في رمضان هذه السنة عن ثمان وثمانين سنة
363 - محمد بن عبد الله أبو الحسن السلامي الشاعر وله شعر مليح منه قوله في الدرع
يا رب سابغة حبتنى نعمة ... كافأتها
بالسوء غير مفند ... أضحت تصون عن المنايا مهجتي ... وظللت أبذ لها لكل مهند ...
ومدح عضد الدولة بقصيدة يقول فيها ... وكنت وعزمى والظلام وصارمى ... ثلاثة اشياء
كما اجتمع النسر ... وبشرت آمالى بملك هو الورى ... ودار هي الذنيا ويوم هو الدهر
...
364 - ميمونة بنت ساقولة الواعظة اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ انبأنا ابو على محمد
بن محمد بن عبد العزيز بن المهدى قال اخبرنى ابى قال سمعت ميمونة بنت ساقولة
الواعظة تقول هذا قميصى اليوم له سبع واربعون سنة البسه وما تخرق غزلته امى وصبغته
بماء السنابك الثوب اذا لم يعص الله فيه لم يتخرق سريعا وسمعتها تقول آذانا جار
لنا فصليت ركعتين وقرأت من فاتحة كل سورة آية حتى ختمت القرآن وقلت اللهم اكفنا
امره ثم نمت ففتحت عينى فرأيت النجوم مصطفة فقرأت فسيكفيكهم الله وهو السميع
العليم فلما كان سحر قام ذلك الانسان لينزل فزلقت قدمه فوقع فمات واخبرنى ابنها
عبد الصمد قال كان فى دارنا حائط له جوف فقلت لها استدعى البناء فقالت هات رقعة
والدواة فناولتها فكتبت فيها شيئا وقالت دعه نقب منه ففعلت فبقى الحائط نحوا من
عشرين سنة فلما ماتت ذكرت ذلك القرطاس فقمت فأخذته لأقرأه فوقع الحائط واذا فى
الرقعة ان الله يمسك السموات والارض ان تزولا بسم الله يا ممسك السموات والارض
أمسكه توفيت ميمونة فى هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة اربع وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الشريف ابا احمد الحسين بن موسى قلده بهاء الدولة قضاء القضاة
والحج والمظالم ونقابة الطالبيين وكان التقليد له بشيراز وكتب له منها
عهد على جميع ذلك ولقب بالطاهر الاوحد ذى المناقب فلم ينظر فى قضاء القضاة لامتناع القادر بالله من الاذن له وترددت فى هذا اقوال انتهت الى الوقوف وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوى وكان فى جملة الحاج ابو الحسين بن الرفاء وابو عبد الله بن الدجاجى وكانا من احسن الناس قراءة فاعترض الحاج الأصيفر المنتفقى وحاصرهم بالباطنة وعول على نهبهم فقالوا من يمضى اليه ويقرر معه شيئا نعطيه فندبوا ابا الحسين بن الرفاء وابا عبد الله ابن الدجاجى فدخلا اليه وقرءا بين يديه فقال لهما كيف عيشكما ببغداد فقالا نعم العيش يصلنا من اهلنا الخلع والصلات والهدايا فقال هل وهبوا لكما الف الف دينار فى صرة فقالا لا ولا الف دينار فى موضع فقال لهما قد وهبت لكما الحاج واموالهم وذلك يزيد على الف الف دينار فشكروه وانصرفوا من عنده ووفى للحاج بذلك ولما قرءا بعرفات على جبل الرحمة قال اهل مكة واهل مصر والشام ما سمعنا عنكم يا أهل بغداد تبذيرا مثل هذا يكون عندكم مثل هذين الشخصين فتستصحبوا بهما معا فان هلكا فبأى شىء تتجملون كان ينبغى ان تستصحبوا كل سنة واحدا ولما حجوا عول الامير على ترك زيارة المدينة واعتذر بقعود الاعراب فى طريقه وما يلزمه من الخفارات عند تعويقه فتقدما الحاج ووقفا عند الميل الذى عند يسار الراجع من مكة ويرى من بعيد كأنه عنق طائر ومنه يعدل القاصد من مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم ويسير فى سبخة من ورائها صفينة فقرءا ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه فعند ذلك ضج الناس بالبكاء ولوت الجمال اعناقها نحوهما وقصد بهم الامير
المدينة ولما ورد ابو الحسين بن بويه
بغداد اخذ هذين القارئين ومعهما ابو عبد الله بن البهلول وكان قارئا محسنا فرتبهم
لصلاة التراويح به وهم احداث وكانوا يتناوبون الصلاة ويأتم بهم ورغب لأجلهم فى
صلاة التراويح وكان ابو الحسين بن الرفاء تلميذ ابى الحسن بن الخشاب وكان ابن
الخشاب مليح الصوت حسن التلاوة وانه قرأ فى جامع الرصافة فى بعض الليالى الاحياء
الم يأن للذين ءامنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله فتواجد صوفى وقال بلى قد آن ثم جلس
وبكى طويلا وسكت سكتة طالت فحرك فاذا به ميت وكان ابن الخشاب تلميذ ابى بكر بن
الآدمى الموصوف بطيب التلاوة
وجرى مثل هذا لابى عبد الله ابن البهلول قال فأنبأنا احمد بن على ابن المحاملى قال
سمعت ابا الحسين محمد بن على ابن المهتدى يقول قرأ ابو عبد الله ابن البهلول يوما
فى دار القطان فى الجامع بعد الصلاة يوم الجمعة الم يأن للذين ءامنوا ان تخشع
قلوبهم لذكر الله فقام رجل من اهل عكبرا فقال له كيف قرأت يا ابا عبد الله فردد
عليه فقال الرجل بلى والله فسقط ميتا
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
365 - الحسن بن محمد ابن اسمعيل ابو على الاسكافى ويلقب بالموفق كان متقدما عند
بهاء الدولة ابى نصر فولاه بغداد فقبض على اليهود وأخذ منهم دنانير وهرب الى
البطيحة فأقام بها سنتين ثم خرج منها فوزر لبهاء الدولة وكان شهما فى الحروب
منصورا فيها فأخذ بلاد فارس ممن استولى عليها وارتفع امره حتى قال قائل لبهاء
الدولة زينك الله يا مولانا فى عين الموفق فبالغ فى عقوبته ثم قتله فى هذه السنة
وله تسع واربعون سنة
366 - عبد السلام بن على ابن محمد بن عمر ابو احمد المؤدب حدث عن ابى بكر
النيسابورى وابن مجاهد
روى عنه الازهرى والعتيقى وقال هو ثقة
مأمون توفى فى رجب هذه السنة ودفن فى مقبرة معروف وكان ينزل درب الآجر من نهر طابق
سنة ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد فى ليلة الخميس لسبع بقين من المحرم اوائل الحاج من مكة
بعد أن اعتاقهم ابن الجراح الطائى فى طريقهم ولزمهم تسعة آلاف دينار مضافة الى رسم
الاصيفر الذي يقوم به بدر بن حسنويه وقد سبق ذكر ذلك وفيها حج بالناس جعفر بن شعيب
السلار ولحقهم عطش فى طريقهم فهلك خلق كثير ولحق قوم منهم الحج ذكر من توفى فى هذه
السنة من الاكابر
367 - اسحاق بن محمد ابن حمدان بن محمد بن نوح ابو ابراهيم المهلبى الخطيب ويعرف
بالجبنى من اهل بخارا روى عنه الازهرى وكان احد الفقهاء على مذهب ابى حنيفة وتوفى
فى ذى القعدة من هذه السنة
368 - الحسين بن محمد ابن اسمعيل بن محمد بن ابى عائذ ابو القاسم الكوفى ولد سنة
سبع وعشرين وثلثمائة وسمع من جماعة وروى عنه ابو القاسم التنوخى وقال كان ثقة كثير
الحديث جيد المعرفة وولى القضاء بالكوفة من قبل ابى وكان فقيها على مذهب ابى حنيفة
وكان يحفظ القرآن ويحسن قطعة من الفرائض وعلم القضاء قيما بذلك وكان زاهدا عفيفا
توفى فى صفر هذه السنة
369 - عبد الله بن محمد ابن جعفر بن قيس
ابو الحسين البزاز سمع محمد بن مخلد وابا الحسين بن المنادى وابا العباس بن عقدة
روى عنه العتيقى وقال توفى فى شوال هذه السنة وكان ثقة
370 - محمد بن احمد ابن محمد بن موسى بن جعفر ابو نصر البخارى المعروف بالملاحمى
ولد سنة اثنتى عشرة وثلثمائة وقدم بغداد وحدث بها عن محمود بن اسحاق عن البخارى
وروى عن الهيثم بن كليب وغيره وسمع منه الدارقطنى وكان من اعيان اصحاب الحديث
وحفاظهم وتوفى ببخارا يوم السبت السابع من شعبان هذه السنة
371 - محمد بن ابى اسمعيل واسمه على بن الحسين بن الحسن بن القاسم ابو الحسن
العلوى ولد بهمذان ونشأ ببغداد وكتب الحديث عن جعفر الخلدى وغيره وسمع بنيسابور من
الاصم وغيره ودرس فقه الشافعى عن ابى على بن ابى هريرة وسافر الى الشام وصحب
الصوفية وصار كبيرا فيهم وحج مرات على الوحدة وتوفى ببلخ فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ست وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه طلع كوكب كبير يشبه الزهرة فى كبره واضاءته عن يسرة القبلة
يتموج وله شعاع على الارض كشعاع القمر وذلك فى ليلة الجمعة مستهل شعبان وثبت الى
النصف من ذى القعدة ثم غاب
وفى هذه السنة ولى ابو محمد بن الاكفانى قضاء جميع بغداد وجلس القادر لأبى المنيع
قرواش بن ابى حسان ولقبه بمعتمد الدولة وتفرد قرواش بالامارة وفيها حج بالناس محمد
بن محمد بن عمر العلوى وخطب بمكة والمدينة للحاكم صاحب مصر على الرسم فى ذلك وامر
الناس فى الحرمين بالقيام عند ذكره وفعل
مثل ذلك بمصر وكان اذا ذكرنا قاموا
وسجدوا فى السوق ومواضع الاجتماع ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
372 - اسمعيل بن احمد ابن ابراهيم بن اسمعيل ابوسعد الجرجانى المعروف بالاسماعيلى
ورد بغداد غير مرة وكان آخر وروده والدارقطنى حى وحدث عن ابيه ابى بكر الاسماعيلى
والاصم وعبد الله بن عدى روى عنه الخلال والتنوخى وكان ثقة فاضلا فقيها على مذهب
الشافعى عارفا بالعربية سخيا جوادا يفضل على اهل العلم وكان له ورع والرياسة
بجرجان الى اليوم فى ولده واهل بيته
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت ابا الطيب الطبرى يقول
ورد ابو سعد الاسماعيلى بغداد وعقد له الفقهاء مجلسين فولى احدهما ابو حامد
الاسفرائنى وتولى الآخر ابو محمد البافى فبعث البافى الى القاضى ابى الفرج المعافى
بن زكريا بابنه ابى الفضل يسأله حضور المجلس فكتب على يده هذين البيتين ... اذا
اكرم القاضى الجليل وليه ... وصاحبه الفاه للشكر موضعا ... ولى حاجة يأتى بنيى
بذكرها ... ويسأله فيها التطول اجمعا ...
فأجابه ابو الفرج
... دعا الشيخ مطواعا سميعا لأمره ... يؤاتيه باعا حيث يرسم اصبعا ... وها انا غاد
فى غد نحو داره ... ابادر ما قد حده لى مسرعا ...
توفى الاسماعيلى بجرجان فى ربيع الاخر من هذه السنة وكان فى صلاة المغرب فقرأ اياك
نعبد واياك نستعين
373 - على بن محمد ابن يوسف بن يعقوب ابو الحسن المقرئ المعروف بابن العلاف سمع
على بن محمد
المصرى وقرأ على ابى طاهر بن ابى هاشم
وكان احد شهود القاضى ابى محمد بن الاكفانى روى عنه عبد العزيز الازجى وتوفى فى
شوال هذه السنة
374 - محمد بن احمد ابن محمد بن جعفر بن محمد بن بحير ابو عمرو المزكى من اهل
نيسابور يعرف بالبحيرى رحل فى طلب العلم الى العراق والحجاز وورد بغداد فحدث بها
سنة ثمانين وثلثمائة وكان ثقة حافظا مبرزا فى المذاكرة وتوفى بنيسابور فى شعبان
هذه السنة وهو ابن ثلاث وستين
375 - محمد بن الحسن ابن الفضل بن المأمون ابو الفضل الهاشمى سمع ابا بكر الانبارى
والنيسابورى روى عنه البرقانى وغيره وقال العتيقى هو ثقة توفى يوم السبت سلخ ربيع
الآخر من هذه السنة وله ست وثمانون سنة
376 - محمد بن الحسن ابن عمر بن الحسن ابو الحسين المؤدب يعرف بابن ابى حسان حدث
عن ابى العباس بن عقدة وغيره روى عنه العتيقى
377 - محمد بن اسحاق ابن محمد بن يحيى بن منده ابو عبد الله الحافظ الاصبهانى من
بيت الحديث والحفظ سمع من اصحاب ابى مسعود ويونس بن حبيب وابى العباس المحبوبى
وسافر البلاد وكتب الكثير وصنف التاريخ والشيوخ وتوفى باصبهان فى صفر هذه السنة
اخبرنا عبد الله بن على المقرئ اخبرنا عبد الله بن عطاء الهروى قال سمعت ابا محمد
الحسن بن احمد السمرقندى يقول سمعت ابا
العباس جعفر بن محمد بن المعتز الحافظ يقول ما رأيت احفظ من ابى عبد الله بن منده
وسألته يوما كم يكون سماع الشيخ فقال يكون خمسة آلاف منا
سنة
ثم دخلت سنة سبع وتسعين وثلمثائة
فمن الحوادث فيها خروج ابى ركوة وما جرى له مع الحاكم وهذا رجل اموى من ولد هشام
بن عبد الملك واسمه الوليد وانما كنى بأبى ركوة لركوة كانت معه فى اسفاره يحملها على
مذهب الصوفية وكان قد لقى الشيوخ وكتب الحديث بمصر وانتقل الى مكة ثم الى اليمن ثم
عاد الى الشام وهو فى خلال اسفاره يدعو الى القائم من ولد هشام بن عبد الملك ويأخذ
البيعة على من يجد عنده انقيادا وقبولا ثم نزل حلة وصار معلما واجتمع عنده صبيان
العرب وتظاهر بالنسك ودعا جماعة منهم فوافقوه ثم اعلمهم انه هو الامام الذى يدعو
اليه وقد امر بالظهور ووعد النصر فخاطبوه بالامامة ولقب نفسه الثائر بأمر الله
المنتصر من اعداء الله وعرف هذا بعض الولاة فكتب الى الحاكم يستأذنه فى طلبه قبل
ان تقوى شوكته فأمره باطراح الفكر فى امره لئلا يجعل له سوقا وكان يخبر عن
الغائبات فيقول انه يكون كذا وكذا ثم لقيه ذلك الوالى فى جمع فهزمهم وحصل من
اموالهم ما قويت به حاله فدخل برقة فجمع له اهلها مائتى الف دينار وقبض على رجل
يهودى اتهمه بودائع عنده فأخذ منه مائتى الف دينار ونقش السكة باسمه والقابه وركب
يوم الجمعة وخطب ولعن الحاكم فجمع له الحاكم ستة عشر الفا وبعث عليهم الفضل بن عبد
الله فنهض وأخذ معه ثلثمائة
الف دينار لنفقاته ونفقات العسكر وحمل
اليه الحاكم خمسمائة الف دينار وخمسة آلاف قطعة ثيابا وقال اجعل هذا عدة معك فلما
سار تلقاه ابو ركوة فرام مناجزته والفضل يتعلل ويراوغ فقال اصحاب ابى ركوة قد
بذلنا نفوسنا دونك ولم يبق فضل لمعاودة حرب وما دمت بين ظهرانينا فنحن مطلوبون
لأجلك فخذ لنفسك وانظر اى بلد تريد لنحملك اليه فقال تسلمون الى فارسين يصحباننى
الى بلاد النوبة فان بينى وبينهم عهدا وذما ما فأوصلوه بلاد النوبة فبعث الفضل
وراءه فتسلموه فحمل الى الحاكم فأركبه جملا وشهره ثم قتله وقدم الحاكم الفضل
واقطعه اقطاعات كثيرة وبلغ فى اكرامه الى ان عاده دفعتين فى علة عرضت له فلما ابل
وعوفى قتله
وفى يوم الاثنين لاربع خلون من جمادى الاولى اظهر ورود كتاب من حضرة بهاء الدولة
بتقليد ابى الحسن محمد بن الحسين بن موسى النقابة والحج وتلقيبه بالرضى ذى الحسبين
وفى هذه السنة لقب الشريف ابو القاسم اخوه بالمرتضى ذى المجدين ولقب الشريف ابو
الحسين الزينبى بالرضا ذى الفخرين
وفى رمضان هذه السنة قلد سند الدولة ابو الحسن على بن مزيد ما كان لقرواش وخلع
عليه ولقب سند الدولة
وفيها ثارت على الحاج ريح سوداء بالثعلبية اظلمت الدنيا منها حتى لم ير بعضهم بعضا
واصابهم عطش شديد واعتاقهم ابن الجراح على مال طلبه وضاق الوقت فعادوا الى الكوفة
ووصل اوائلهم الى بغداد فى يوم التروية ولم يتم الحج فى هذه السنة ذكر من توفى فى
هذه السنة من الاكابر
378 - عبد الرحمن بن عمر ابن احمد ابو الحسين المعدل المعروف بابن حمة الخلال سمع
الحسين بن اسمعيل
المحاملى روى عنه البرقانى والازهرى وكان
ثقة وتوفى فى جمادى الاولى من هذه السنة وصلى عليه ابو حامد الاسفراينى ودفن
بالشونيزى
379 - عبد الصمدبن عمر ابن محمد بن اسحاق ابو القاسم الدينورى الواعظ الزاهد قرأ
القرآن ودرس فقه الشافعى على ابى سعيد الاصطخرى وسمع الحديث من ابى بكر النجاد
وروى عنه الازجى والصيمرى وكان ثقة ولزم طريقة يضرب بها المثل من المجاهدة للنفس
واستعمال الجد المحض والتعفف والتقشف والامر بالمعروف والنهى عن المنكر
اخبرنا محمد بن عبد الباقى انبأنا على بن المحسن التنوخى قال كان عبد الصمد يدق
السعد فى العطارين ويذهب مذهب التدين والتصون والتعفف والتقشف فسمع عطارا يهوديا
يقول لابنه يا بنى قد جربت هؤلاء المسلمين فما وجدت فيهم ثقة فتركه عبد الصمد
اياما ثم جاءه فقال ايها الرجل تستأجرنى لحفظ دكانك قال نعم وكم تأخذ منى قال
ثلاثة ارطال خبز ودانقين فضة كل يوم قال قد رضيت قال فاعطنى الخبز ادرارا واجمع لى
الفضة عندك فانى اريدها لكسوتى فعمل معه سنة فلما انقضت جاءه فحاسبه فقال انظر الى
دكانك قال قد نظرت قال فهل وجدت خيانة او خللا قال لا والله قال فانى لم ارد العمل
معك وانما سمعتك تقول لولدك فى الوقت الفلانى انك لم ترفى المسلمين امينا فأردت ان
انقض عليك قولك واعلمك انه اذا كان مثلى وانا احد الفقراء على هذه الصورة فغيرى من
المسلمين عل مثلها وما هو اكثر منها ثم ارقه واقام على دق السعد مدة وعرفه الناس
واشتهر بفعله ودينه عندهم وانقطع لى الوعظ وحضور الجوامع وكثر اصحابه وشاع ذكره
وكان ينكر على من سمع القضيب
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد
بن على قال حدثنى على بن محمد بن الحسن المالكى قال جاء رجل الى عبد الصمد
بمائةدينار ليدفعها اليه فقال انا غنى عنها فقال ففرقها على اصحابك هؤلاء فقال
ضعها على الارض ففعل فقال عبد الصمد للجماعة من احتاج منكم الى شىء فليأخذ على قدر
حاجته فتوزعتها الجماعة على صفات مختلفة من القلة والكثرة ولم يمسها هو بيده ثم
جاءه ابنه بعد ساعة فطلب منه شيئا فقال له اذهب الى البقال فخذ منه على ربع رطل
تمر وبلغنا عن عبد الصمد انه اشترى يوما دجاجة وفاكهة وحلوى فرآه بعض اصحابه فتعجب
فمشى وراءه فطرق باب ارامل وايتام فأعطاهم ذلك ثم التفت فرآه فقال له المتقى يزاحم
ارباب الشهوات ويؤثر بها فى الخلوات حتى لا يتعب بها جسمه ولا يظهر بتركها اسمه
توفى عبد الصمد بدرب شماس من نهر القلائين بالجانب الغربى يوم الثلاثاء لسبع بقين
من ذى الحجة من هذه السنة
وقيل توفى ليلا وكان يقول فى حالة نزعه سيدى لهذه الساعة خبأتك صلى عليه بجامع المنصور
ودفن فى مقبرة الامام احمد
380 - ابو العباس بن واصل كان يخدم الكرج وكان يخرج له فى الحساب انه يملك فكانوا
يهزؤن به ويقول له بعضهم اذا صرت ملكا فاستخذ منى ويقول الآخر اخلع على والآخر
يقول عاقبنى فصار ملكا وملك سيراف ثم البصرة وقصد الاهواز وهزم بهاء الدولة وملك
البطيحة واخرج عنها مهذب الدولة على بن نصر الى بغداد بعد ان كان قد لجأ اليه فى
بعض الاحوال فخرج بهاء الدولة بما امكنه من امواله وأخذت امواله فى الطريق واضطر
الى ان ركب بقرة ودخل ابن واصل فأخذ اموال مهذب الدولة ثم ان فخر الملك ابا غالب
قصد ابن واصل فاستجار ابن واصل بحسان بن ثمال الخفاجى فصيره الى مشهد على عليه
السلام فتصدق هناك بصدقات كثيرة وسار من المشهد قاصدا بدر بن حسنويه لصداقة كانت
بينهما فكبسه ابو الفتح بن عناز فسلمه الى اصحاب بهاء الدولة بعد ان
حلف له على الحراسة فحمل اليه فقتله
بواسط فى صفر هذه السنة
سنة ثم دخلت سنة ثمان وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها ان الثلج وقع ببغداد فى يوم الاربعاء الحادى عشر من ربيع الاول
فعلا على وجه الارض ذراعا فى موضع وذراعا ونصفا واقام اسبوعا لم يذب رماه الناس عن
سطوحهم بالرفوش الى الشوارع والدروب وابتدأ يذوب وبقيت منه بقايا فى موضع نحو
عشرين يوما وبلغ سقوطه الى تكريت ووردت الكتب من واسط بسقوطه فيها بين البطيحة
وبين البصرة والكوفة وعبادان ومهروبان
وفى هذا الشهر كثرت العملات ببغداد وكبس الذعار عدة مواضع وقصد قوم منهم مسجد
براثا ليلة الجمعة واخذوا حصره وستوره وقناديله فجد اصحاب الشرطة فى طلبهم فظفروا
ببعضهم فشهروا وعرفوا وكحلوا وقطعوا
وفى يوم الاحد عاشر رجب جرت فتنة بين اهل الكرخ والفقهاء بقطيعة الربيع وكان السبب
ان بعض الهاشميين من اهل باب البصرة قصدوا ابا عبد الله محمد بن النعمان المعروف
بابن المعلم وكان فقيه الشيعة فى مسجده بدرب رياح وتعرض به تعرضا امتعض منه اصحابه
فساروا واستنفروا اهل الكرخ وصاروا الى دار القاضى ابى محمد بن الاكفانى وابى حامد
الاسفراينى فسبوهما وطلبوا الفقهاء ليواقعوا بهم ونشات من ذلك فتنة عظيمة واتفق
انه احضر مصحفا ذكر انه مصحف ابن مسعود وهو يخالف المصاحف فجمع الاشراف والقضاة
والفقهاء فى يوم الجمعة لليلة بقيت من رجب وعرض المصحف عليهم فأشار ابو حامد
الاسفراينى والفقهاء بتحريفه ففعل ذلك بمحضرهم فلما كان فى شعبان كتب الى الخليفة
بأن رجلا من اهل جسر النهروان حضر المشهد بالحائر ليلة النصف ودعا على من احرق
المصحف وسبه فتقدم بطلبه فأخذ فرسم قتله فتكلم اهل الكرخ فى هذا المقتول لأنه من
الشيعة ووقع القتال بينهم وبين اهل باب
البصرة وباب الشعير والقلائين وقصد احداث
الكرخ باب دار ابى حامد فانتقل عنها ونزل دار القطن وصاحوا حاكم يا منصور فبلغ ذلك
الخليفة فاحفظه وانفذ الخول الذين على بابه لمعاونة اهل الستة وساعدهم الغلمان
وضعف اهل الكرخ واحرق ما يلى بنهر الدجاج ثم اجتمع الاشراف والتجار الى دار
الخليفة فسألوه العفو عما فعل السفهاء فعفا عنهم فبلغ الخبر الى عميد الجيوش فسار
ودخل بغداد فراسل ابا عبد الله ابن المعلم فقيه الشيعة بان يخرج عن البلد ولا
يساكنه ووكل به فخرج فى ليلة الاحد لسبع بقين من رمضان وتقدم بالقبض على من كانت
له يد فى الفتنة فضرب قوم وحبس قوم ورجع ابو حامد الى داره ومنع القصاص من الجلوس
فسأل على بن مزيد فى ابن المعلم فرد ورسم للقصاص عودهم الى عادتهم من الكلام بعد
ان شرط عليهم ترك التعرض للفتن
وفى يوم الاثنين ثالث شعبان وافى مطر ومعه برد فى الواحدة منها خمسة دراهم ونحوها
وفى ليلة الاحد سادس عشر شعبان حدثت زلزلة عظيمة بالدينور وورد الخبر بانها هدمت
المنازل وهلك فيها اكثر من ستة عشر الف انسان غير من خاست به الارض وطمه الهدم
وخرج السالمون الى الصحراء فأقاموا فى اكواخ عملوها وذهب من الاثاث والمتاع فيما
تهذم مالا يحصى
وورد الخبر فى سادس عشر رمضان بهبوب عاصف من الريح سوداء بدقوقا قلعت المنازل
والنخل والزيتون وخرج الناس لأجلها من منازلهم وقتلت جماعة وورد الخبر من تكريت
بنحو ذلك وورد الخبر من شيراز بعصوف ريح سوداء احرقت الزروع وهدمت قطعة من البلد
وان رجفة كانت بسيراف والسيف غرق فيها عدة مراكب واهلكت كثيرا من الناس
وورد الخبر من واسط وشقى الفرات انه ورد فى هذين الصقعين برد عظيم كان وزن الواحدة
منه مائة وسته دراهم وجاء ببغداد فى يوم الاثنين لثمان بقين من رمضان وهو سلخ ايار
مطر كثير جرت منه المآزيب
وفى هذه السنة ورد الخبر بأن الحاكم صاحب مصر هدم بيعة قمامة وهذه البيعة تجاور بيت المقدس وهى عظيمة القدر عند النصارى وكانوا يخرجون فى كل سنة من المواضع فى العماريات الى بيت المقدس لحضور فصحهم وربما جاء ملك الروم وكبراء بطارقته متنكرا ويحملون اليها الاموال والثياب والستور والفروش ويصوغون لها القناديل والاوانى الذهب والفضة واجتمع فيها مع الزمان مال عظيم فاذا اجتمعوا يوم الفصح اظهروا زينتهم ونصبوا صلبانهم ويعلق القوم القناديل فى بيت المذبح ويجعلون فيها دهن الزيتون ويجعلون بين كل قنديلين كالخيط من الحديد متصلا ويطلونه بدهن البلسان ويقرب بعض القوم النار من خيط منها بحيث لا يعلم الحاضرون فيشعلونه وينتقل من القناديل فيشعل الكل ويظن من حضر انها نار نزلت من السماء فيكثر تكبيرهم وضجيجهم فلما وصفت هذه الحالة للحاكم تقدم بان يكتب الى والى الرملة والى احمد بن يعقوب الداعى بأن يقصدوا بيت المقدس ويستصحبا الاشراف والقضاة والشهود ووجوه البلد وينزلا ببيعة قمامة ويبيحا العامة نهبها وأخذ ما فيها ويتقدما بنقضها وتعفيه أثرها وبلغ الخبر النصارى فأخرجوا ما في البيعة من جوهر وثياب وذهب وفضة فأنتهب ما بقي وهدمت ثم جاز الحاكم إلى موضع فيه ثلاث بيع تعظمها النصارى على أعلاها الصلبان الظاهرة فضجت العامة إليه فنقض منها شيئا بيده ثم أمرهم بنقضها ورجع إلى منزله فكتب بنقض جميع البيع والكنائس وبني مساجد مكانها فهدمت الوف وأمر بالنداء بمصر في أهل الذمة من أراد الدخول في الإسلام دخل ومن أراد الانتقال إلى الروم كان آمنا إلى أن يخرج ويصل أو المقام على أن يلبس الغيار ويلزم ما شرط عليه في ذلك أقام وشرط على النصارى تعليق الصلبان ظاهرة على صدورهم وعلى اليهود تمثال رأس عجل والامتناع من ركوب الخيل فعملوا صلبان الذهب والفضة فأنكر الحاكم ذلك وامر المحتسبين ان يأخذوا النصارى بتعليق صلبان الخشب الذى يكون قدر الواحد منها اربعة ارطال واليهود بتعليق
خشبة كالمدقة وزنها ستة ارطال وان تشد فى
اعناقهم اجراس عند دخولهم الحمامات ليتميزوا بها عن المسلمين ففعل ذلك ثم انه قبيل
قتله اذن فى اعادة بناء البيع والكنائس واذن لمن اسلم منهم ان يعود الى دينه وقال
ننزه مساجدنا عمن لانية له فى الاسلام وهذا غلط قبيح منه وقلة علم فانه لا يجوز ان
يمكن من اسلم من الارتداد ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
381 - احمد بن ابراهيم ابو العباس الضبى توفى فى صفر هذه السنة وكان اوصى ان يدفن
فى مشهد كربلاء وبعث ابنه الى ابى بكر الخوارزمى شيخ الحنفيين يسأله ان يبتاع له
تربة يدفن بها ويقوم بامره فبذل للشريف ابى احمد والد الرضى خمسمائة دينار مغربية
ثمن تربة فقال هذا رجل لجأ الى جوار جدى فلاآخذ لتربته ثمنا واخرج التابوت من
بغداد وشيعه بنفسه ومعه الاشراف والفقهاء وصلوا عليه بمسجد براثا وأصحبه خمسين
رجلا من رجالة بباب
382 - الحسين بن هارون ابو عبد الله الضبى القاضى ولد سنة عشرين وثلثمائة وكان
اليه القضاء بربع الكرخ ثم صار اليه القضاء بالجانب الغربى جميعه والكوفة وشقى
الفرات وحدث عن الحسين المحاملى وابن عقدة وكان فاضلا دينا ثقة حجة عفيفا عارفا
بالقضاء والحكم بليغا فى الكتابة وولى القضاء نيابة عن ابن معروف فى سنة ست وسبعين
ثم وليه رياسة ثم عزل الضبى عن القضاء فى سنة سبع وسبعين فانحدر الى البصرة وتوفى
بها فى شوال هذه السنة
383 - عبد الله بن محمد ابو محمد البخارى المعروف بالبافى الخوارزمى كان من افقه
اهل وقته على
مذهب الشافعى تفقه على ابى القاسم
الداركى ودرس مكانه وله معرفة بالأدب وفصاحة وشعر مطبوع يقوله من غير كلفة ويعمل
الخطب ويكتب الكتب الطوال من غير روية
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثنا البرقانى قال قصد ابو محمد البافى
صديقا له ليزوره فى داره فلم يجده فاستدعى بياضا ودواة فكتب اليه ... كم حضرنا
وليس يقضى التلاقى ... نسأل الله خير هذا الفراق ... ان اغب لم تغب وان لم نغب ...
غبت كأن افتراقنا باتفاق ... توفي البافى في محرم هذه السنة
384 - عبيد الله بن احمد ابن على بن الحسين ابو القاسم المقرئ المعروف بابن
الصيدلانى ولد سنة تسع وثلاثمائة وسمع ابن صاعد وهو احد من حدث عنه من الثقات روى
عنه الازهرى وكان صالحا مأمونا ثقة توفى فى رجب هذه السنة ودفن فى مقبرة احمد بن
حنبل
385 - عبيد الله بن عثمان ابن على ابو زرعة البناء الصيدلانى ولد سنة سبع عشرة
وثلاثمائة وسمع القاضى المحاملى روى عنه الازهرى والعتيقى وكان ثقة مأمونا وتوفى
فى هذه السنة
386 - عبد الواحد بن نصر ابن محمد ابو الفرج المخزومى الشاعر الملقب بالببغاء كان
اديبا فاضلا وكاتبا مترسلا وشاعرا مجيدا لطيفا
اخبرنا عبد الرحن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنا ابو نصر احمد بن
عبد الله قال انشدنا ابو الفرج عبد الواحد بن نصر لنفسه ... يامن تشابه منه الخلق
والخلق ... فما تسافر الا نحوه الحدق ... ترديد دمعى فى خديك مختلس ... وسقم جسمى
من جفنيك مسترق
لم يبق لى رمق اشكو صواك به ... وانما
يشتكى من به رمق ...
اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا محمد بن ابى نصر الحميدى قال انشدنا ابو غالب محمد بن
احمد بن بشران قال انشدنا ابو الفرج المخزومى المعروف بالببغاء لنفسه ... طمعت ثم
رأيت اليأس اجمل لى ... تنزها فخصمت الشوق بالجلد ... تبدلت وتبدلنا وأخسرنا ...
من ابتغى خلفا يسلى فلم يجد ...
قال وانشدنا ابو غالب عن ابى الفرج الببغاء قال انها من مشهور شعره الى عميد
الجيوش ولم نسمعها منه ... سألت زمانى بمن استغيث ... فقال استغث بعميد الجيوش ...
فناديت مالى به حرمة ... فجاوب حوشيت من ذا وحوشى ... رجاؤك اياه يدنيك منه ...
ولو كنت بالصين او بالعريش ... نبت بى دارى وفر العبيد ... واودت ثيابى وبعت فروشى
... وكنت القب بالببغاء ... قديما فقد مزق الدهر ريشى ... وكان غذائى نقى الارز
... فها انا مقتنع بالحشيش ...
وكتب اليه ابو اسحاق ابراهيم بن هلال الصابى من الحبس وكان قد زاره فى محبسه ...
ابا الفرج اسلم وابق وانعم ولا تزل ... يزيدك صرف الدهر حظا اذا نقص ... مضت مدة
استام ودك غاليا ... فأرخصته والبيع غال ومرتخص ... وآنستنى من محبسى بزيارة ...
شفت قرما من صاحب له قد خلص ... ولكنما كانت كشجو لطائر ... فواقا كما يستفرض
الفارض الفرص ... فاحسبك استوحشت من ضيق موضعى ... واوحشت خوفا من تذكرك القفص ...
كذا الكرز اللماح ينجو بنفسه ... اذا عاين الاشراك تنصب للقنص ... فحوشيت باقس
الطيور فصاحة ... اذا انشد المنظوم ودرس القصص ... من المنشر الاشغى ومن حزة الهدى
... ومن بندق الرامى ومن قصة المقص ... ومن صعدة فيها من الدهر لهذم ... لفرسانكم
عند الطراش بها قعص
فهذى دواهى الطير وقيت شرها ... اذا
الدهر من احداثه جرع الغصص ...
فكتب اليه الببغاء جوابه ... ابا حامد مذيمم المجد ما نقص ... وبدر تمام مذ تكامل
ما نقص ... ستخلص من هذا السرار وانما ... هلال يوارى بالسرار فما خلص ... برأفة
تاج الملة الملك الذى ... بسودده فى خطة المشترى خصص ... تقنصت بالانصاف شكرى ولم
اكن ... علمت بأن الحر بالبر يقتنص ... وصادفت امتى فرصة فانتهزتها ... بلقياك اذ
بالحزم تنتهز الفرص ... اتتنى القوافى الباهرات بحمل البدايع من مستحسن الجد
والرخص ... فقابلت زهر الروض منها ولم يجد ... واخرزت درالبحر فيها ولم اغص ...
وان كنت بالببغاء قدما ملقبا ... فكم لقب بالجور لا العدل مخترص ... وبعد فما اخشى
تقنص جارح ... وقلبك لى وغر وصدرك لى قفص ...
توفى الببغاء فى شعبان هذه السنة
387 - محمد بن يحيى ابو عبد الله الجرجانى كان زاهدا عالما مناظرا لابى بكر الرازى
وكان يدرس فى اول قطيعة الربيع وفلج فى آخر عمره ومات فى هذه السنة ودفن الى جنب
ابى حنيفة
سنة
ثم دخلت سنة تسع وتسعين وثلثمائة
فمن الحوادث فيها انه انقض فى وقت المغرب من يوم الاربعاء مستهل رجب كوكب عظيم
الضوء وتقطع ثلاث قطع اخذت كل قطعة جانبا
وفى يوم الثلاثاء ثالث عشر شعبان عصفت ريح شديدة والقت رملا احمر فى الدور والطرق
وفيها صرف ابو عمر بن عبد الواحد عن قضاء البصرة وقلد ابو الحسن بن
ابى الشوارب وقال العصفرى الشاعر ...
عندى حديث ظريف ... بمثله يتغنا ... من قاضيين يعزى ... هذا وهذا يهنا ... فذا
يقول اكرهونا ... وذا يقول استرحنا ... ويكذبان ونهذى ... فمن يصدق منا ...
وفيها بلغ الحاج الثعلبية فهبت عليهم ريح سوداء اظلمت منها الدنيا حتى لم ير بعضهم
بعضا وكان ذلك فى شهر آب واصابهم عطش شديد واعتاقهم ابن الجراح الطائى فعادوا
ووصلوا بغداد يوم عرفة وأخذ بنو رعب الهلاليون وكانوا ستمائة رجل حاج البصرة
وأخذوا منهم زيادة على الف الف دينار ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
388 - تمنى ام القادر بالله اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى عبيد الله بن
احمد بن عثمان الصيرفى ان ام القادر بالله مولاة عبد الواحد ابن المقتدر بالله قال
وكانت من اهل الدين والفضل والخير توفيت يوم الخميس الثانى والعشرين من شعبان وصلى
عليها القادر بالله فى داره ثم حملت بعد صلاة عشاء الآخرة فى ليلة السبت الرابع
والعشرين من شعبان سنة تسع تسعين وثلثمائة فى الطيار الى الرصافة فدفنت هناك
389 - الحين بن حيدرة ابن عمر بن الحسين ابو الخطاب الداودى الشاهد كان ينزل
الجانب الشرقى وحدث عن الحسين ابن اسمعيل ابن المحاملى وغيره روى عنه الازجى وكان
ثقة وتوفى فى ربيع الآخر من هذه السنة
390 - عبد الله بن بكر ابن محمد بن الحسين ابو احمد الطبرانى سمع ببغداد وبمكة من
جماعة وكان مكثرا
سمع منه الدارقطنى وعبد الغنى وعاد الى
الشام واستوطن موضعا يعرف بالاكواخ عند بانياس فى اصل جبل فأقام هناك يتعبد الى ان
توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
391 - محمد بن احمد ابن على ابو مسلم كاتب الوزير ابى الفضل ابن حنزابة نزل بمصر
وحدث بها عن البغوى وابن ابى داود وابن صاعد وابن دريد وابن مجاهد وابن عرفة
وغيرهم وكان اخر من بقى من اصحاب البغوى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنى الصورى قال حدثنى ابو الحسين العطار وكيل
ابى مسلم الكاتب وكان من اهل العلم والمعرفة بالحديث وكتب وجمع ولم يكن بمصر بعد
عبد الغنى افهم منه وقال ما رأيت فى اصول ابى مسلم عن البغوى شيئا صحيحا غير جزء
واحد كان سماعه فيه صحيحا وما عدا ذلك مفسود قال الصورى وقد اطلع منه على تخليط
ومات فى آخر هذه السنة
392 - محمد بن على ابن اسحاق ويعرف اسحاق بالمهلوس بن العباس بن اسحاق بن موسى بن
جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب يكنى محمد ابا طالب ولد سنة ست
عشرة وثلثمائة وكان احد الزهاد وكان القادر بالله يعظمه لدينه وحسن طريقته وقد روى
عن الشبلى وتوفى فى جمادى الآخرة من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الماء نقص فى شهر ربيع الاول من دجلة نقصانا لم يعهد مثله
وظهرت فيها جزائر لم تكن قبل وامتنع سير السفن فيها من اوانا والراشدية من اعالى
دجلة وانفذ بمن كرى هذا الموضع وكان كرى دجلة مما استظرف وعجب منه لأنه لم تكر
دجلة الا فى هذه السنة
وفى جمادى الاولى بدىء ببناء السور على
المشهد بالحائروكان ابو محمد الحسن بن الفضل بن سهلان قد زار هذا المشهد وأحب ان
يؤثر فيه مؤثرا ثم ما نذر لأجله ان يعمل عليه سورا حصينا مانعا لكثرة من يطرق
الموضع من العرب وشرع فى قضاء هذا النذر ففعل وعمل السور واحكم وعلى عرض ونصبت
عليه ابواب وثيقة وبعضها حديد وتمم وفرغ منه وتحصن المشهد به وحسن الاثر فيه
وفى رمضان ارجف بالخليفة القادر بالله فجلس للناس فى يوم جمعة بعد الصلاة وعليه
البردة وبيده القضيب وحضر ابو حامد الاسفرائنى وسأل ابو الحسن ابن حاجب النعمان
الخليفة ان يقرأ آيات من القرآن ليسمعها الناس فقرأ بصوت عال مسموع لئن لم ينته
المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك
فيها الا قليلا ملعونين اينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا فبكى الناس وانصرفوا ودعو
وفى هذه السنة ورد الخبر بأن الحاكم انفذ الى دار جعفر بن محمد الصادق بالمدينة من
فتحها وأخذ مصحفا وآلات كانت فيها ولم يتعرض لهذه الدار احد منذ وفاة جعفر وكان
الحاكم قد انفذ فى هذه السنة رجلاومعه رسوم الحسنيين والحسينيين وزادهم فيها ورسم
له ان يحضرهم ويعلمهم اشارة لفتح الدار والنظر الى ما فيها من آثار جعفر وحمل ذلك
الى حضرته ليراه ويرده الى مكانه ووعدهم على ذلك الزيادة فى البر فأجابوه ففتحت
فوجد فيها مصحف وقعب من خشب مطوق بحديد ودرقة خيزران وحربة وسرير فجمع وحمل ومضى
معه جماعة من العلويين فلما وصلوا اطلق لهم النفقات القريبة ورد عليهم السرير وأخذ
الباقى وقال انا احق به
فانصرفوا ذامين له واضاف الناس هذا الى ما كان يفعله من الامور التى خرق بها
العادات فدعى عليه فأمر بعمارة دار العلم واحضر فيها العلماء والمحدثين وعمر
الجامع وبالغ فى ذلك فاتصل الدعاء له فبقى كذلك ثلاث سنين ثم أخذ
يقتل اهل العلم واغلق دار العلم ومنع من
كل ما فسح فيه
وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلوى ذكر من توفى فى
هذه السنة من الاكابر
393 - الحسين بن موسى ابن محمد بن ابراهيم بن موسى بن جعفر ابو احمد الموسوى ولد
سنة اربع وثلاثمائة وكان يلقب بالطاهر وبذى المناقب ولقب بالاوحد وخاطبه بهاء
الدولة بالطاهر الاوحد وولاه قضاء القضاة فلم يمكنه القادر بالله ولى النقابة فى
سنة اربع وخمسين وثلاثمائة ثم صرفه ابو الفضل العباس بن الحسين ابن الحسين
الشيرازى وزير عز الدولة سنة ستين وقلد ابا محمد بن الناصر العدوى ثم اعيد ابو
احمد الى النقابة لما مات عضد الدولة فى صفر سنة ست وسبعين ثم مرض فقلد مكانه ابو
الحسين على بن احمد بن احمد بن اسحاق ثم ولى ابو الفتح محمد بن عمر وولى مع
النقابة طريق الحج وحج بالناس مرات ثم توفى وبقى الطالبيون بغير نقيب فأعيد ابو
احمد واضيف اليه المظالم والحج واستخلف له ولداه المرتضى والرضى وخلع عليهما فى
سنة اربع وثمانين ثم عزل وولى ابو الحسن محمد بن الحسين الزيدى ثم اعيد ابو احمد
وهى الولاية الخامسة فلم يزل وليا حتى توفى وكان قد خالفته الامراض واضر فتوفى فى
هذه السنة عن سبع وتسعين سنة وصلى عليه ابنه المرتضى ودفن فى داره ثم نقل الى مشهد
الحسين ورثاه ابنه المرتضى فقال ... سلام الله تنقله الليالى ... ويهديه الغدو الى
الرواح ... على جدث تشبث من لوى ... بينبوع العبادة والصلاح ... فتى لم يرو الا من
حلال ... ولم يك زاده غير المباح ... ولا دنست له ازربوزر ... ولا علت له راح براح
خفيف الظهر من ثقل الخطايا ... وعريان
الجوانح من جناح ... مشوف فى الامور الى مداها ... ومدلول على باب النجاح ... من
القوم الذين لهم قلوب ... بذكر الله عامرة النواح ... بأجسام من التقوى عراض ...
لمبصرها وأديان صحاح ...
394 - الحجاج بن هرمزفنة ابو جعفر كان قد استنابه بهاء الدولة بالعراق وندبه لحرب
الاعراب والاكراد وكان متقدما فى ايام عضد الدولة واولاده عارفا بالحرب وكانت له
هيبة عظيمة وشجاعة معروفة وآراء صائبة وخرج عن بغداد فى رمضان سنة اثنتين وتسعين
وثلاثمائة فوقعت بها الفتن وكثرت العملات وتوفى بالاهواز فى ربيع الاول من هذه
السنة عن مائة سنة وخمس سنين
395 - ابو عبد الله القمى المصرى التاجر كان ذا مال غزير وكان يزار الخزانة بمصر
فاشتملت وصيته على الف الف ونيف مالا صامتا ومتاعا وجواهر وتوفى فى ذى القعدة من
هذه السنة عند توجهه من مصر الى مكة وحمل عند وفاته الى المدينة ودفن بالبقيع فى
جوار الحسن بن على عليه السلام
396 - ابو الحسين بن الرفاء القارى المجيد قد ذكرنا من احواله فى الحج سنة اربع
وتسعين وثلثمائة توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة احدى واربعين
فمن الحوادث فيها انه ورد الخبر بأن ابا المنيع قرواش بن المقلد جمع اهل الموصل
واظهر عندهم طاعة الحاكم صاحب مصر وعرفهم ما عزم عليه من اقامة الدعوة
له ودعاهم الى قبول ذلك فأجابوه جواب الرعية المملوكة وأسروا الاباء والكراهية واحضر الخاطب فى يوم الجمعة الرابع من المحرم فخلع عليه واعطاه النسخة ما يخطب به فكانت الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله وله الحمد الذى انجلت بنوره غمرات الغضب وانقدت بقدرته اركان النصب واطلع بنوره شمس الحق من الغرب الذى محا بعد له جور الظلمة وقصم بقوته ظهر الغشمة فعاد الامر الى نصابه والحق الى اربابه الباين بذاته المنفرد بصفاته الظاهر بآياته المتوحد بدلالاته لم تفته الاوقات فتسبقه الازمنة ولم تشبه الصور فتحويه الامكنة ولم تره العيون فتصفه الالسنة سبق كل موجود وجوده وفات كل جود جوده واستقر فى كل عقل توحيده وقام فى كل مرأى شهيده احمده بما يجب على اوليائه الشاكرين تحميده واستعينه على القيام بما يشاء ويريده واشهد له بما شهد اصفياؤه وشهوده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة لا يشوبها دنس الشرك ولا يعتريها وهم الشك خالصة من الادهان قائمة بالطاعة والاذعان واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه اصطفاه واختاره لهداية الخلق واقامة الحق فبلغ الرسالة وهدى من الضلالة والناس حينئذ من الهوى غافلون وعن سبيل الحق ضالون فأنقذهم من عبادة الاوثان وامرهم بطاعة الرحمن حتى قامت حجج الله وآياته وتمت بالتبليغ كلماته صلى الله عليه وعلى اول مستجيب له على امير المؤمنين وسيد الوصيين اساس الفضل والرحمة وعماد العلم والحكمة واصل الشجرة الكرام البررة النابتة فى الارومة المقدسة المطهرة وعلى خلفائه الاغصان البواسق من تلك الشجرة وعلى ما خلص منها وزكا من الثمرة ايها الناس اتقو الله حق تقاته وارغبوا فى ثوابه واحذروا من عقابه فقد ترون ما يتلى عليكم فى كتابه قال الله تعالى يوم ندعو كل اناس بامامهم وقال يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم فالحذر الحذر ايها الناس فكأن قد افضت بكم الدنيا الى الآخرة وقد بان اشراطها ولاح سراطها ومناقشة حسابها والعرض على كتابها فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره
ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره اركبوا سفينة نجاتكم قبل ان تغرقوا واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واعلموا انه يعلم ما فى انفسكم فاحذروه وانيبوا الى الله خير الانابة واجيبوا داعى باب الاجابة قبل ان تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله وان كنت لمن الساخرين او تقول لو ان الله هدانى لكنت من المتقين او تقول ما حين ترى العذاب لو ان لى كرة فاكون من المحسنين تيقظوا من الغفلة والفترة قبل الندامة والحسرة وتمنى الكرة والتماس الخلاص ولات حين مناص واطيعوا امامكم ترشدوا وتمسكوا بولاة العهد تهتدوا فقد نصب لكم علما لتهتدوا به وسبيلا لتقتدوا به جعلنا الله واياكم ممن تبع مراده وجعل الايمان زاده والهمه تقواه ورشاده واستغفر الله العظيم ولكم ولجميع المسلمين ثم جلس وقام فقال الحمد لله ذى الجلال وخالق الانام ومقدر الاقسام المنفرد بالبقاء والدوام فالق الاصباح وخالق الاشباح وفاطر الارواح احمده اولا وآخرا واستشهده باطنا وظاهرا واستعين به الها قادرا واستنصره وليا ناصرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله شهادة من اقر بوحدانيته ايمانا واعترف بربوبيته اتيانا وعلم برهان ما يدعو اليه وعرف حقيقة الدلالة عليه اللهم صل على وليك الازهر وصديقك الاكبر على بن ابى طالب ابى الائمة الراشدين المهتدين اللهم صل على السبطين الطاهرين الحسن والحسين وعلى الائمة الابرار الصفوة الاخيار من اقام منهم وظهر ومن خاف منهم واستتر اللهم صل على الامام المهدى بك والذى بلغ بأمرك واظهر حجتك ونهض بالعدل فى بلادك هاديا لعبادك اللهم صل على القائم بامرك وعلى المنصور بنصرك اللذين بذلا نفوسهما فى رضاك وجاهد أعداءك اللهم صل على المعز لدينك المجاهد فى سبيلك المظهر لآياتك الحقية والحجة العلية اللهم صل على العزيز بك الذى مهدت به البلاد وهديت به العباد اللهم اجعل توافى صلواتك وزواكى بركاتك على سيدنا ومولانا امام الزمان وحصن الايمان وصاحب
الدعوة العلوية والملة النبوية عبدك
ووليك المنصور ابى على الحاكم بامر الله امير المؤمنين كما صليت على آبائه
الراشدين واكرمت اولياءك المهتدين اللهم اعنه على ما وليته واحفظه فيما استر عيته
وبارك له فيما اتيته وانصر جيوشه واعل اعلامه فى مشارق الارض ومغاربها انك على كل
شىء قدير وكان السبب فى هذا ان رسل الحاكم ومكاتباته كانت تتردد الى قرواش ترددا
اوجبت استمالته فأقام له الدعوة بالموصل على ما ذكرناه وانحدر الى الانبار فتقدم
الى الخطيب باقامتها فهرب الخطيب الى الكوفة فأقامها بها يوم الجمعة ثانى ربيع
الاول وانفذ الى القصر والمدائن فأقيمت بها فى يوم الجمعة التاسع من هذا الشهر
وكشف قرواش وجهه بالخلاف واظهر المباينة وأدخل يده فى المعاملات السلطانية وخبط
الناس خبطة المخارقة وورد على الخليفة من هذا ما أزعجه فراسل عميد الجيوش وكاتب
بهاء الدولة وانفذ اليه ابا بكر محمد بن الطيب المتكلم رسولا وحمله قولا طويلا
فقال والله ان عندنا من هذا الامر اكثر مما عند امير المؤمنين لان الفساد علينا به
اكثر وقد كاتبنا ابا على وتقدمنا باطلاق مائة الف دينار يستعين بها على نفقات
العسكر وان دعت الحاجة الى مسيرنا كنا اول طالع على امير المؤمنين ثم نفذ الى
قرواش فى ذلك فاعتذر ووثق من نفسه فى ازالة ذلك ووثق له فى ترك المؤاخذة به ثم وقع
الرضا عنه واقيمت الخطبة للقادر بالله وكان الحاكم قد نفذ الى قرواش ما قيمته
ثلاثون الف دينار فسار الرسول فتلقاه قطع الخطبة بالرقة فكتب الى الحاكم يعرفه
فكتب دع ما معك عند والى الرقة
وفى يوم الخميس لسبع بقين من صفر انقض كوكب فى وقت العصر من الجانب الغربى الى سمت
دار الخلافة من الجانب الشرقى لم ير أعظم منه
ولخمس بقين من رجب زادت دجلة وامتدت الزيادة الى رمضان فبلغت احدى وعشرين ذراعا
ودخل الماء اكثر الدور الشاطئة وقطيعة الدقيق وباب التبن وباب الشعير وباب الطاق
وفاض على مسجد الكف بقطيعة الدقيق فخربه
واحتمل اجذعه وسقوفه وتفجرت البثوق وغرقت
القرى والحصون وفيها ورد الوزير ابو غالب بن خلف الى بغداد وقد رد اليه امر العراق
ولقب فخر الملك
وفيها قلد ابو محمد مكرم كرمان مضافة الى عمان
وفيها عصى ابو الفتوح الحسن بن جعفر العلوى على الحاكم ودعا الى نفسه وتلقب
بالراشد بالله ولم يحج فى هذه السنة احد من العراق ذكر من توفى فى هذه السنة من
الاكابر
397 - ابراهيم بن محمد
ابن عبيد ابو مسعود الدمشقى الحافظ سافر الكثير وسمع وكتب ببغداد والكوفة والبصرة
وواسط والاهواز واصبهان وبلاد خراسان وكان له عناية بالصحيحين فعمل تعليقة اطراف
الكتابين ولم ير الا اليسير وكان صدوقا دينا ورعا فهما روى عنه ابو القاسم الطبرى
توفى ببغداد هذه السنة واوصى الى ابى حامد الاسفراينى فصلى عليه ودفن فى مقبرة
جامع المنصور قريبا من السكك
398 - آدم بن محمد ابو القاسم العكبرى المعدل حدث عن النجاد وابن قانع وعمر بن
جعفر بن مسلم وغيرهم وتوفى فى صفر هذه السنة
399 - الحسن بن ابى جعفر استاذ هرمز يكنى ابا على ويلقب عميد الجيوش ولد سنة خمسين
وثلثمائة وكان ابوه من حجاب عضد الدولة وجعل ابنه ابا على برسم خدمة ابنه صمصام
الدولة فخدم صمصام الدولة وبهاء الدولة وولاه بهاء الدولة تدبير العراق فقدم سنة
اثنتين وتسعين وثلثمائة والفتن كثيرة والذعار قد انتشر وافقتل وأغرق خلقا
كثيرا وأقام الهيبة ومنع اهل الكرخ يوم
عاشوراء من النياحة وتعليق المسوح وأهل باب البصرة من زيارة قبر مصعب وأعطى بعض
غلمانه صينية فضة فيها دنانير وقال خذها على رأسك وسر من النجمى الى الماصر الا
على فان اعترضك معترض فاعطه اياها واعرف الموضع الذى أخذت منك فيه فجاءه وقد انتصف
الليل وقال قد مشيت البلد جميعه فلم يلقني أحد وأدخل الرخجي على عميد الجيوش سبعين
مجلدة خزا ومنديلا كثيرا فيه مال وقال مات نصراني من أهل مصر وخلف هذا وليس له
وارث فقال عميد الجيوش من حكم الاستظهار أن يترك هذا بحاله فإن حضر وارث وإلا أخذ
فقال الرخجي يحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يبين الحال فقال لا يجوز أن يدخل خزانة
السلطان ما لم يصح استحقاقه فكتب من بمصر باستحقاق تلك التركة فجاء أخو الميت
وأوصل الكتاب من مصر بأنه أخو المتوفي فصادف عميد الجيوش واقفا على روشن داره يصلى
الفجر فظنه نقيبا فدفع إليه الكتاب وسأله أيضا له إلى صاحب الخبر فقضى له حاجته
فدخل صاحب الخبر الى عميد الجيوش ضاحكا وقال يا مولانا قد صرفت عنك اليوم نفعا
ومرفقا فان السوادى قال لى عند قضاء حاجته باى شىء اخدم النقيب الذى اوصل كتابى
اليك فقلت ويحك هذا عميد الجيوش فقال لى هذا الذى تهابه ملوك الاطراف وكثر الدعاء
له فلما كان بعد مدة ورد كتاب ابن القمى التاجر من مصر على عميد الجيوش يعرفه ان
ذلك الرجل حضر فى مجمع من التجار وحكى القصة فضج الناس بالدعاء وقالوا ليتنا كنا
فى جواره وظله ففرح عميد الجيوش وقال قد احسن المكافأة بقى عميد الجيوش واليا على
العراق ثمانى سنين وسبعة اشهر واحد عشر يوما وهو الذى يقول فيه الببغاء كما ذكرنا
فى ترجمته ... سألت زمانى بمن استغيث ... فقال استغث بعميد الجيوش ...
وتوفى فى هذه السنة عن احدى وخمسين سنة وتولى ابو الحسن الرضى بامره ودفن بمقابر
قريش
400 - الحسين بن المظفر ابن احمد بن عبد
الله بن كنداج ابو عبد الله سمع اسمعيل بن محمد الصفار والخلدى وابن كامل القاضى
روى عنه البرقانى وقال ليس به بأس كان من اولاد المحدثين وكان يعرف توفى فى ذى
الحجة من هذه السنة
401 - خلف بن محمد ابن على بن حمدون ابو محمد الواسطى سمع الكثير ورافق ابا الفتح
ابن ابى الفوارس فى رحلته فسمع بجرجان ودخل بلاد حراسان وعاد الى بغداد ثم خرج الى
الشام ودخل مصر وكتب الناس بانتخابه وخرج اطراف الصحيحين وكان له حفظ ومعرفة ونزل
بعد ذلك ناحية الرملة فاشتغل بالتجارة وترك النظر فى العلم الى ان مات هناك روى
عنه الازهرى
402 - عبيد الله بن احمد ابن الذيل ابو احمد الكاتب حدث عن اسمعيل الصفار روى عنه
الخلال وكان ثقة توفى فى محرم هذه السنة ودفن وراء الجامع بمدينة المنصور
403 - عبد الله بن عمر ابن محمد ابو الفرج المصاحفى سمع ابا طاهر بن أبى هاشم
المقرىء وكان ثقة توفى فى شعبان هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة اثنتين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان فخر الملك اذن لأهل الكرخ وباب الطاق فى عمل عاشوراء فعلقوا
المسوح واقاموا النياحة فى المشاهد
وفى ربيع الآخر امر القادر بالله بعمارة
مسجد الكف بقطيعة الدقيق واعادة ابنيته ففعل ذلك وعمل لموضع الكف ملبن من صندل
وضبب بفضة وعمل بين يديه درا بزينات
وفى هذا الشهر كتب فى ديوان الحلافة محاضر فى معنى الذين بمصر والقدح فى انسابهم
ومذاهبهم وكانت نسخة ما قرئ منها ببغداد وأخذت فيه خطوط الاشراف والقضاء والفقهاء
والصالحين والمعدلين والثقات والامائل بما عندهم من العلم والمعرفة بنسب الديصانية
وهم منسوبون الى ديصان بن سعيد الخرمى احزاب الكافر بن ونطف الشياطين شهادة متقرب
الى الله جلت عظمته وممتعض للدين والاسلام ومعتقد اظهار ما اوجب الله تعالى على
العلماء ان يبينوه للناس ولا يكتمونه شهدوا جميعا ان الناجم بمصر وهو منصور بن
نزار المتلقب بالحاكم حكم لله عليه بالبوار والدمار والخزى والنكال والاستيصال ابن
معد بن اسمعيل ابن عبد الرحمن بن سعيد لا اسعده الله فانه لما صار الى الغرب تسمى
بعبيد الله وتلقب بالمهدى ومن تقدمه من سلفه الارجاس الأنجاس عليه وعليهم لعنة
الله ولعنة اللاعنين ادعياء خوارج لا نسب لهم في ولد على بن ابى طالب ولا يتعلقون
منه بسبب وانه منزه عن باطلهم وان الذى ادعوه من الانتساب اليه باطل وزور وانهم لا
يعلمون ان احدا من اهل بيوتات الطالبيين توقف عن اطلاق القول فى هؤلاء الخوارج
انهم ادعياء وقد كان هذا الانكار لباطلهم ودعواهم شائعا بالحرمين وفى اول امرهم
بالغرب منتشرا انتشارا يمنع من ان يتدلس على احد كذبهم او يذهب وهم الى تصديقهم
وان هذا الناجم بمصر هو وسلفه كفار وفساق فجار ملحدون زنادقة معطلون وللاسلام
جاحدون ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون قد عطلوا الحدود واباحوا الفروج واحلوا
الخمور وسفكوا الدماء وسبوا الانبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية وكتب فى ربيع
الآخر من سنة اثنتين واربعمائة وقد كتب خطه فى المحضر خلق كثير من العلويين
المرتضى والرضى وابن الازرق الموسوى وابو طاهر بن ابى الطيب ومحمد
ابن محمد بن عمر وابن ابى يعلى ومن
القضاة ابو محمد ابن الاكفانى وابو القاسم الخرزى وابو العباس السورى ومن الفقهاء
ابو حامد الاسفرائينى وابو محمد الكشفلى وابو الحسين القدورى وابو عبد الله
الصيمرى وابو عبد الله البيضاوى وابو على بن حكمان ومن الشهداء ابو القاسم التنوخى
وقرئ بالبصرة وكتب فيه خلق كثير
وفى رجب وشعبان ورمضان واصل فخر الملك الصدقات والحمول الى المشاهد بمقابر قريش
والحائر والكوفة وفرق الثياب والتمور والنفقات فى العيد على الضعفاء وركب الى
الصلاة فى الجوامع واعطى الخطباء والقواد والمؤذنين الثياب والدنانير وتقدم ليلة
الفطر يتأمل من فى حبوس القضاء فمن كان محبوسا على دينار وعشرة قضى ومن كان اكثر
من ذلك كفر واخرج ليعود بعد التعبيد واوغر بتمييز من فى حبس المعونة واطلاق من
صغرت جنايته ووقعت توبته فكثر الدعاء له فى المساجد والاسواق
وفى رمضان تقدم فخر الملك بنقض الدار المعزية بحصيرة شارع دار الدقيق واستيثاق عمارتها
وتغيير أبنيتها وعمل دورا لحواشى جوارها فانفق عليها الجملة الكثيرة وحملت اليها
الآلات من كل بلد وجعل فيها المجالس الواسعة والحجر الكثيرة والابنية الرائقة
واستعملت لها الفروش بفارس والاهواز على مقادير بيوتها ومجالسها وعمل على الانتقال
اليها وسكناها ثم استبعد موضعها ورآه نائبا عن الكرخ فجعلها متنزها فى الخلوات
ومرسومة بالسمط والدعوات
وفى ليلة الاربعاء خامس شوال عصفت ريح سوداء فرمت من النخل اكثر من عشرة آلاف رأس
وورد كتاب من يمين الدولة محمود بن سبكتكين الى الخليفة بأنه غزا قوما من الكفار
فقطع اليهم مفازة من رمل واصابه واصحابه العطش كادوا يهلكون منه
ثم تفضل الله سبحانه عليهم بسحابة أظلتهم
ومطرت وشربوا وسقوا ووصلوا الى القوم وهم خلق عظيم ومعهم ستمائة فيل فظفر بهم وأخذ
غنائمهم وعاد وكان ابو الحسين عبد الله بن دنجا عاملا على البصرة وكان ملقبا بذى
الرتبتين وكان بينه وبين أبى سعد بن ماكولا وحشة فمرض ابو سعد مرضا صعبا فأنفذ ابو
الحسين فوكل بداره ثم اعتل ابو الحسين ومات وتماثل ابو سعد فأنفذ الى داره بأولئك
الموكلين حتى احتاطوا على ماله وقبضوا على اصحابه
وفى ذى الحجة ورد كتاب أبى الحارث محمد بن محمد بن عمر بان ريحا سوداء هاجت عند
حصول الحاج بزبالى وفقدوا الماء فهلك منهم خلق كثير وبلغت المزادة من الماء مائة
درهم وتخفر جماعة ببنى خفاجة ورجعوا الى الكوفة وعمل الغدير والغار على سكون
وطمأنينة واظهرت الفتيان من التعليق شيئا كثيرا واستعمل اهل السنة بالأتراك
فأعاروهم الثياب والفروش الحسان والمصاغ والاسلحة ذكر من توفى فى هذه السنة من
الاكابر
404 - احمد بن عبد الله ابن الخضر بن مسرور ابو الحسين المعدل المعروف بابن
السوسنجردى سمع ابا عمر وابن السماك واحمد بن سلمان النجاد وابا بكر الشافعى
وغيرهم وكان ثقة دينا حسن الاعتقاد شديدا فى السنة واجتاز يوما فى الكرخ فسمع سب
بعض الصحابة فجعل على نفسه ان لا يمشى فى الكرخ وكان يسكن باب الشام فلم يعبر
قنطرة الصراة حتى مات توفى فى رجب هذه السنة عن نيف وثمانين سنة اخبرنا عبد الرحمن
بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن الحسين العكبرى قال سمعت عبد القادر
بن محمد بن يوسف يقول رأيت ابا الحسن الحمامى المقرئ فى المنام فقلت ما فعل الله
بك قال انا فى الجنة قلت وابى قال وابوك معنا فقلت وجدنا يعنى ابا الحسين
السوسنجردى فقال فى الحظيرة قلت
حظيرة القدس قال نعم او كما قال
405 - اسمعيل بن الحسين ابن على بن الحسن بن هارون ابو محمد البخارى الفقيه الزاهد
ورد بغداد حاجا مرارا وحدث بها عن جماعة روى عنه عبد العزيز الازجى توفى فى شعبان
هذه السنة
406 - الحسن بن الحسين ابن على بن العباس بن اسمعيل بن ابى سهل بن نوبخت ابو محمد
النوبختى الكاتب ولد فى سنة عشرين وثلثمائة حدث عن على بن عبد الله بن مبشر
الواسطى والقاضى المحاملى وكان سماعه صحيحا روى عنه البرقانى والازهرى والتنوخى
ققال البرقانى كان معتزليا وكان يتشيع الا انه يتبين انه صدوق وقال الازهرى كان
رافضيا ردىء المذهب وقال العتيقى كان ثقة فى الحديث يذهب الى الاعتزال وتوفى فى ذى
القعدة من هذه السنة
407 - الحسن بن القاسم ابن الحسن بن العلاء بن الحسن ابو على الدباس واصله من شهر
زور روى عنه الازهرى والخلال وكان ثقة توفى فى صفر هذه السنة
408 - عثمان بن عيسى ابو عمر والباقلاوى كان احد الزهاد المتعبدين المؤثرين للخلوة
المنعكفين على الذكر وكان قوته من نخلات له وقيل من كسب البوارى وكان لا يخرج الا
يوم الجمعة للصلاة
اخبرنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى الحسين ابن المهتدى قال كان عثمان له مغتسل
وجنازة فى المسجد وكان يصلى بينهما وكنت اصلى به فى شهر رمضان فقرأت ليلة سورة
الحاقة حتى اتيت الى هذه الاية فيومئذ وقعت الواقعة فصاح وسقط مغشيا عليه فما بقى
فى المسجد احد الا انتحب وكان يتعمم بشاروفة وكان يأكل
من كسب البوارى وكان قد سأله السعيد
التركى ان يصل اليه منه شىء فأبى فقال له اذا ابيت فتأذن لى ان اشترى دهنا نشعله
فى المسجد وكان مأواه المسجد ما كان يخرج منه الا يوم الجمعة فأجاب الى ذلك فلما
عاد الرسول على انه يحمل اليه دهنا قال له لا تجئنى بشىء آخر قد أظلم على البيت
اخبرنا محمد بن ابى طاهر عن ابى القاسم التنوخى قال قصدته لشدة وقعت فيها فطرقت
بابه فقال من قلت مضطرا فقال ادع ربك يجبك فدعوت على بابه وعدت وقد كفيت ما خفته
توفى لسبع بقين من رمضان هذه السنة ودفن فى مقبرة جامع المنصور
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى على بن الحسين ابن جداء
العكبرى قال سمعت عرس الخباز يقول لما دفن عثمان الباقلاوى رأيت فى المنام بعض من
هو مدفون فى جوار قبره فقلت كيف فرحكم بجوار عثمان فقال وان عثمان لما جىء به
سمعنا قائلا يقول الفردوس الاعلى او كما قال
409 - على بن احمد ابن محمد بن يوسف ابو الحسن القاضى السامرى من اهل سر من رأى
سمع ابراهيم ابن عبد الصمد الهاشمى وكان ثقة صدوقا صالحا
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثنا عنه ابن بنته ابو الحسين محمد بن احمد ابن
حسنون النرسى قال لنا ما رأيت جدى مفطرا بنهار قط توفى فى هذه السنة
410 - محمد بن بكران ابن عمران بن موسى بن المبارك ابو عبد الله البزاز ويعرف بابن
الرازى سمع الحسين بن اسمعيل المحاملى ومحمد بن مخلد
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر الخطيب حدثنا عنه البرقانى وسالته عنه
فقال ثقة وقال العتيقى ثقة وحدثنى عبد الله بن على قال توفى يوم
الخميس لعشر بقين من جمادى الآخرة من هذه
السنة ودفن بالشونيزية
411 - محمد بن جعفر ابن محمد بن هارون بن فروة بن ناجية ابو الحسن التميمى النحوى
المعروف بابن النجار من اهل الكوفة ولد سنة ثلاث وثلثمائة بالكوفة وقدم بغداد وحدث
بها عن ابن دريد ونفطويه والصولى وغيرهم
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على اخبرنا العتيقى قال ابن النجار ثقة
توفى بالكوفة فى جمادى الاولى من هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ثلاث واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه قلد الراضى ابو الحسن الموسوى يوم الجمعة السادس عشر من
المحرم نقابة نقباء الطالبيين فى سائر الممالك وورد له عهد بذلك من حضرة بهاء
الدولة وقرئ فى دار فخر الملك بحضرته بعد ان جمع الأكابر من الاشراف والقضاة
والعلماء والجند وخلعت عليه خلعة سوداء وهو اول طالبى خلع عليه السواد
وفى يوم الاربعاء سادس صفر خرج فخر الملك الى بثق اليهودى بالنهروان فعمل فيه حتى
احكمه وأخذ بيده باقة قصب فطرحها فوافقه الناس وحملوا التراب على رؤسهم ووقع فى
بعض الخسوف والفوارات رجلان من السوادية فطرح التراب والقصب عليهما فهلكا وكان فخر
الملك ساهرا ليلته قائما على رجله والرجال يعملون حتى ثبت السكر ثم رتب العمال فى
كل رستاق وعمر البلاد فارتفع فى تلك السنة بحق السلطان بضعة عشر الف كر وخمسون الف
دينار
وفى هذا الشهر ورد الخبر على فخر الملك من الكوفة بان ابا فليتة ابن القوى سبق
الحاج الى واقصة فى ستمائة رجل فنزح الماء فى مصانع البرمكى والريان
وغورها وطرح فى الآبار الحنظل واقام
يراصد ورودهم فلما وردوا العقبة فى يوم الثلاثاء لاثنتى عشرة ليلة خلت من صفر
اعتقلهم هناك ومنعهم الاجتياز وطالبهم بخمسين الف دينار فامتنعوا من تقرير امره
على شىء وضعفوا عن الصبر وبلغ منهم العطش فهجم عليهم فلم يكن عندهم دفع ولا منع
فاحتوى على الجمال والاحمال والاموال فهلك من الناس الكثير وقيل هلك خمسة عشر الف
انسان ولم يفلت الا العدد اليسير وافلت ابو الحارث بن عمر العلوى وهو اميرهم فى
نفر من الكبار على اسوأ حال وفى آخر رمق خلص بالتخفير من العرب وركوب الغرر فى
المشى على القدم وكان فخر الملك حينئذ مقيما على سد البسق فورد عليه من هذه الامر
اعظم مورد وكاتب عامل الكوفة بأن يحسن الى من سلم ونصبهم وكاتب على بن مزيد وامره
ان يطلب العرب الذين فعلوا هذا ويوقع بهم بما يشفى الصدر منهم وندب من يخرج
لمعاونته فسار ابن مزيد فلحق القوم فى البرية وقد قاربوا البصرة فأوقع بهم وقتل
كثيرا منهم واسر ابن القوى ابا فليتة والاشتر واربعة عشر رجلا من وجوه بنى خفاجة
ووجد الاحمال والاموال قد تمزقت وأخذ كل فريق من ذلك الجمع طرفا فانتزع ما امكنه
انتزاعه وعاد الى الكوفة وبعث بالأسراء الى بغداد فشهروا واودعوا الحبس واجيع منهم
جماعة واطعموا المالح وتركوا على دجلة حتى شاهدوا الماء حسرة وماتوا عطشا هناك
واوقع ابو الحسن بن مزيد بخفاجة بعد سنين فافلت من اسروه من الحاج وكانوا قد
جعلوهم رعاة لأغنامهم فعادوا وقد قسمت تركاتهم وتزوجت نساؤهم
وفى ليلة الاربعاء لثلاث بقين من صفر وقت العشاء انقض كوكب كبير الجرم عن يمنة
القبلة وملأ الارض ضوءه واستعظم الناس ما رأوه منه
وفى شعبان وقعت بالكوفة صاعقة فى اثناء رعد وبرق فسقطت على حائط فرمت به وفى رمضان
انقض كوكب من المشرق الى المغرب غلب ضوؤه ضوء القمر وتقطع قطعا وبقى ساعة طويلة
وفى شوال توفيت بنت ابى نوح الاهوازى
الطبيب زوجة ابى نصر بن اسرائيل كاتب المناصح ابى الهيجاء فاخرجت جنازتها نهارا
ومعها النوائح والطبول والزمور والرهبان والصلبان والشموع فقام رجل من الهاشميين
فانكر ذلك ورجم الجنازة فوثب احد غلمان المناصح بالهاشمى فضربه بدبوس على رأسه
فشجه فسال دمه وهرب النصارى بالجنازة الى بيعة دار الروم فتبعهم المسلمون ونهبوا
البيعة واكثر دور النصارى المجاورة لها وعاد ابن اسرائيل الى داره فهجموا عليه
فهرب منهم واخرج ابن اسرائيل مستخفيا حتى اوصل الى دار المناصح وثارت الفتنة بين
العامة وغلمان المناصح وزادت ورفعت المصاحف فى الاسواق وغلقت ابواب المساجد وقصد
الناس دار الخليفة على سبيل الاستنفار وركب ذو العادتين ابو غالب الى دار المناصح
فاقام بها ووردت رسالة الخليفة الى المناصح بانكار ما جرى وتعظيم الامر فيه
وبالتماس ابن اسرائيل وتسليمه فامتنع المناصح من ذلك فغاظ الخليفة امتناعه وتقدم
باصلاح الطيار للخروج عن البلد وجمع الهاشميين الى داره واجتمعت العوام فى يوم
الجمعة وقصدوا دار المناصح ودفع غلمانه فقتل رجل ذكر انه علوى فزادت الشناعة
وامتنع الناس من صلاة الجمعة وظفرت العامة بقوم من النصارى فقتلوهم وترددت الرسائل
الى المناصح الى ان بذل حمل ابن اسرائيل الى دار الخلافة فكف العامة عن ذلك والزم
اهل الذمة الغيار ثم افرج عن ابن اسرائيل فى ذى القعدة
وفى ذى القعدة بعث يمين الدولة ابو القاسم محمود الى حضرة الخليفة كتابا ورد اليه
من الحاكم صاحب مصر يدعوه فيه الى طاعته والدخول فى بيعته وقد خرقه وبصق فى وسطه
وفى هذه السنة قرئ عهد ابى نصر بن مروان الكردى على آمد وميافارقين وديار بكر وخلع
عليه الطوق والسوار ولقب نصير الدولة
وفيها ورد دحاج خراسان ووقف الامر فى توجههم الىمكة لفساد فى الطريق
وغيبة فخر الملك فانصرفوا وبطل الحج من
خراسان والعرق
وفيها خلع على ابى الحسن على بن مزيد وهو اول من تقدم من اهل بيته
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
412 - احمد بن على ابو الحسن البتى كان يكتب للقادر عنه مقامه بالبطيحة ولما وصلته
البيعة كتب عنه الى بهاء الدولة وكان البتى حافظا للقرآن تاليا له مليح المذاكرة
بالاخبار والآداب عجيب النادرة ظريف التماجن انحدر مع الرضى والمرتضى وابن ابى الريان
وجماعة من الاكابر لاستقبال بعض الملوك فخرج عليهم اللصوص ورموهم بالحذاقات وجعلوا
يقولون ادخلوا يا ازواج القحاب فقال البتى ما خرج هؤلاء علينا الا بعين قالوا ومن
اين علمت قال والا فمن اين علموا انا ازواج قحاب وكان البتى صاحب الخبر والبريد فى
الديوان القادرى توفى فى شعبان هذه السنة
413 - اسمعيل بن عمر ابن محمد بن ابراهيم المعروف بابن نسنبك كان من ولد جرير بن
عبد الله وكان يسكن باب الازج وتقلد النظر فى الحكم هناك وحدث عن ابى بكر الشافعى
وكان ثقة توفى فى ذى القعدة من هذه السنة ودفن بباب الازج
414 - اسمعيل بن الحسن ابن عبد الله بن الهيثم الصرصرى من اهل صرصر سمع الحسين بن
اسمعيل المحاملى وابا العباس بن عقدة وغيرهما روى عنه البرقانى وقال هو ثقة وتوفى
ببغداد فى هذه السنة وصلى عليه ابو حامد الاسفرائينى فى مشهد سوق الطعام وحمل الى
صرصر
415 - الحسن بن حامد ابن على بن مروان ابو عبد الله الوراق الحنبلى كان مدرس اصحاب
احمد وفقيههم
فى زمانه وله المصنفات الكبار منها كتاب
الجامع نحو اربعمائة جزء يشتمل على اختلاف الفقهاء وله مصنفات فى اصول الدين
والفقه وهو شيخ القاضى ابى يعلى ابن الفراء وكان معظما فى النفوس مقدما عند السلطان
والعامة وحدث عن ابى بكر الشافعى وابن مالك القطيعى وغيرهما وكان ينسخ باجرة
ويتقوت بذلك وخرج فى هذه السنة الى مكة فجرى من العرب ما قد ذكرناه فاستند الى حجر
فجاءه رجل بقليل من ماء وقد اشفى على التلف فقال من اين هذا فقال ما هذا وقته فقال
بلى هذا وقته عند لقاء الله تعالى فتوفىبقرب واقصة
416 - الحسين بن الحسن ابن محمد ابو عبد الله الحليمى ولد بجرجان وحمل الى بخارا
وكتب الحديث وتفقه وصار رئيس المحدثين ببخارا وتوفى القضاء وتوفى فى هذه السنة
417 - فيروز ابو نصر الملقب بهاء الدولة هو الذى قبض على الطائع جمع من الاموال
مالم يجمعه احد من بنى بويه وكان يبخل بالدرهم الواحد ويؤثر المصادرات وتوفى
بأرجان فى جمادى الآخرة من هذه السنة وكانت امارته اربعا وعشرين سنة وثلاثة ايام
وعمره اثنتين واربعين سنة وستة اشهر وعشرين يوما وكان مرضه الصرع وحمل الى الكوفة
فدفن بالمشهد
418 - قابوس بن وشمكير كان اصحابه قد تغيروا عليه حين سطا بهم وترك الرفق وقتل
خواصه فاجتمع نفر منهم الى ابنه منوجهر واعلموه انهم قد عزموا على قتل قابوس وانه
ان لم يقبض عليه قرنوه به فقبض عليه ورقاه القلعة ومنعه ما يتدثر به فى شدة البرد
فهلك وكان قد حكم على نفسه فى النجوم ان منيته على يد ولده فأبعد ولده دارا لما
كان يرى من عقوقه فبعد وقرب منوجهر لما كان ير من طاعته وكانت منيته بسببه ومن شعر
قابوس
خطرات ذكرك تستثير مودتى ... فاحس منها
فى الفؤاد دبيبا ... لا عضولى الا وفيه صبابة ... فكأن اعضاى خلقن قلوبا ...
419 - محمد بن محمد ابن عمر ابو الحارث العلوى كانت اليه نقابة العلويين بالكوفة
وكان اليه تسيير الحاج فسيرهم عشر سنين وتوفى فى هذه السنة
420 - محمد بن الطيب ابن محمد ابو بكر الباقلاوى سمع الحديث من ابى بكر بن مالك
القطيعى وابى محمد ابن ماسى وابى احمد النيسابورى الا انه كان متكلما على مذهب
الاشعرى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على الحافظ اخبرنا ابو القاسم على بن
الحسن بن ابى عثمان وغيره ان عضد الدولة كان قد بث القاضى ابا بكر الباقلاوى فى
رسالة الى ملك الروم فلما ورد مدينته عرف الملك خبره وبين له محله فى العلم فأفكر
الملك فى امره وعلم انه لا يفكر له اذا دخل عليه كما جرى رسم الرعية ان يقبل الارض
بين يدي الملوك ثم نتجت له الفكرة ان يضع سريره الذى يجلس عليه وراء باب لطيف لا
يمكن احد ان يدخل منه الا راكعا ليدخل القاضى منه على تلك الحال عوضا من تكفيره بين
يديه فلما وضع سريره فى ذلك الموضع امر بادخال القاضى من الباب فسار حتى وصل الى
المكان فلما رآه تفكر فيه ثم فطن بالقصة فأدار ظهره وحنى رأسه ودخل من الباب وهو
يمشى الى خلفه وقد استقبل الملك بدبره حتى صار بين يديه ثم رفع رأسه ونصب ظهره
وأدار وجهه حينئذ الى الملك فعجب من فطنته ووقعت له الهيبة فى نفسه توفى ابو بكر
الباقلاوى يوم السبت لسبع بقين من ذى القعدة من هذه السنة ودفن فى داره بدرب
المجوس من نهر طابق ثم نقل بعد ذلك فدفن فى مقبرة باب حرب
421 - محمد بن موسى ابن محمد ابو بكر
الخوارزمى شيخ اهل الرأى وفقيههم سمع الحديث من ابى بكر الشافعى وغيره ودرس الفقه
على ابى بكر احمد بن على الرازى وانتهى اليه الرياسة فى مذهب ابى حنيفة وكان معظما
عند الملوك وكان من تلامذته الرضى والصيمرى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سمعت ابا بكر البرقانى
يذكر ابا بكر الخوارزمى بالجميل فسألته عن مذهبه فى الاصول فقال سمعته يقول ديننا
دين العجائز ولسنا فى الكلام فى شىء قال البرقانى وكان له امام يصلى به حنبلى ووصف
لنا البرقانى حسن اعتقاده وجميل طريقته قال ابن ثابت وحدثنى القاضى ابو عبد الله
الصيمرى قال ثم صار امام اصحاب ابى حنيفة ومدرسهم ومفتيهم شيخنا ابو بكر محمد بن
موسى الخوارزمى وما شهد الناس مثله فى حسن الفتوى والاصابة فيها وحسن التدريس وقد
دعى الى ولاية الحكم مرارا فامتنع منه وتوفى ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادى
الاولى سنة ثلاث واربعمائة ودفن فى منزله بدرب عبدة
422 - ورام التركى ابو المذكور الامير توفى واقام ابنه ابو الفتح مقامه سنة 404 ثم
دخلت سنة أربع وأربعمائة فمن الحوادث فيها أنه في يوم الخميس غرة ربيع الأول انحدر
فخر الملك إلى دار الخلافة فلما صعد من الزبزب تلقاه أبو الحسن على بن عبد العزيز
بن حاجب النعمان وقبل الأرض بين يديه مرارا وفعل من كان معه من الحجاب وقدم الدار
مثل ذلك وقدمت له دابة فركبها من المشرعة إلى الموضع الذي نزل فيه عضد الدولة من
دار السلام ودخل والحجاب قدامه واجلس في الرواق الذي دون
قبة الخمار وجلس الخليفة في القبة ودعا
فخر الملك ووصل الناس بعده على مراتبهم ثم زحموا ودخلوا بأسرهم فامتلأ الموضع كثر
البوش واللفظ وامتنع على الحجاب ان يمسكو الابواب فقال الخليفة يا فخر الملك امنع
من هذا الاختلاط فأخذ دبوسا ورد كثيرا من الناس وأخرجهم ووكل النقباء والستريين
بباب القبة وقرأ ابو الحسن على بن عبد العزيز عهد سلطان الدولة بالتقليد له
والألقاب فلما فرغ منه اوقع الخليفة علامته فيه واحضرت الخلع فكانت سبعا على
العادة ومعممة سوداء وسيفا وتاجا مرصعا وسوارين وطوقا وكل ذلك مصوغ من ذهب وفرسين
بمركبين من ذهب ولوائين تولى الخليفة عقدهما بيده ثم اعطاه سيفا وقال للخادم قلده
به فهو بزله ولعقبه يفتح به شرق الارض وغربها وفى هذه السنة حج بالناس ابو الحسن
محمد بن الحسن ابن الاقساسى وكذلك فى سنة خمس وست
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
الحسين بن احمد ابن جعفر ابو عبد الله المعروف بابن البغدادى سمع الحديث وكان
زاهدا عابدا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت بعض الشيوخ الصالحين
يقول كان ابو عبد الله ابن البغدادى لا يزال يخرج الينا وقد انشق رأسه وانفتحت
جبهته فقيل له كيف ذلك قال كان لا ينام الا عن غلبة ولم يخلو ان يكون بين يديه
محبرة او قدح او شىء من الاشياء موضوعا فاذا غلبه النوم سقط على ما يكون بين يديه
فيؤثر فى جبهته أثرا وكان لا يدخل الحمام ولا يحلق رأسه لكن يقص شعره اذا طال
بالجلم وكان يغسل ثيابه بالماء حسب من غير صابون وكان يأكل خبز الشعير فقيل له فى
ذلك فقال الشعير والحنطة عندى سواء توفى فى شعبان هذه السنة ودفن فى مقبرة باب حرب
424 - الحسين بن عثمان ابن على ابو عبد
الله الضرير المقرئ المجاهدى بغدادى سكن دمشق كان يذكر ان ابن مجاهد لقنه القرآن
وهو آخر من مات من اصحاب ابن مجاهد وكان قد جاوز المائة توفى فى جمادى الاولى من
هذه السنة ودفن فى مقابر الفراديس
425 - على بن سعيد الاصطخرى احد شيوخ المعتزلة صنف للقادر بالله الرد على الباطنية
واجرى عليه جراية سنية فلما توفى نقل جرايته الى ابنته وكان ينزل درب رياح وكانت
وفاته فى هذه السنة عن نيف وثمانين سنة 405 سنة ثم دخلت سنة خمس واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الكتاب فى يوم الثلاثاء الخامس من المحرم من الموقف بمكة
بسلامة الناس وتمام الحج على يدى رجلين من بنى خفاجة فخلع عليها فطيف بهما البلد
فبينما هما كذلك حضر رجل ذكر ان اباه ورد من مكة بهذا الكتاب وان هذين البدويين
اعترضاه فى طريقه وقتلاه واخذا الكتاب منه ووردابه فتقدم الى فخر الملك بالقبض
عليهما ومعاقبتهما وحبسهما واطلق لولد المقتول ضلة
وفى جمادى الآخرة ورد الخبر بأن الحاكم صاحب مصر حظر على النساء الخروج من منازلهن
والاطلاع على سطوحهن ودخول الحمامات ومنع الاساكفة من عمل الخفاف لهن وقتل عدة
نسوة خالفن امره فى ذلك وكان الحاكم قد لهج بالركوب بالليل يطوف الاسواق ورتب فى
كل درب اصحاب اخيار يطالعونه بما يعرفونه ورتبوا لهم عجائز يدخلن الدور ويرفعن
اليهم اخبار النساء وان فلانة يحب فلانه وفلانة تحب فلانا وان تلك تجتمع مع صديقها
وهذا مع صاحبته فكان اصحاب الاخبار يرفعون اليه ذلك فينفذ من يقبض على المرأة التى
سمع عنها مثل ذلك فاذا
اجتمع عنده جماعة منهن امر بتغريقهن فافتصح الناس وضجوا من ذلك فأمر برفعه والنداء بأنه متى خرجت المرأة من منزلها أباحت دمها ورأى بعد النداء عجائز ظاهرات فغرقهن فكانت المرأة اذا ماتت كتب وليها رقعة الى قاضى القضاء يلتمس غاسلة لغسلها فتوقع الى صاحب المعونة اذا صح عندك وفاة المرأة المذكورة امرت رجلين من ثقاتك ان يحملوا الغاسلة تغسلها ثم تعاد الى منزلها ثم هم بتغيير هذه السنة فاتفق ان مر قاضى القضاة مالك بن سعيد الفارقى ببعض المحال فنادته امرأة من روزنة لها واقسمت عليه بالحاكم وآبائه ان يقف لها فوقت فبكت بكاء شديدا وقالت الى اخ لا املك غيره وعرفت انه فى آخر الرمق وانا اقسم عليك الا أمرت بحملى اليه لأشاهده قبل ان يقضى نحبه فرحمها ورق لها وأمر رجلين من اصحابه ان يحملاها الى الموضع الذى تدلهما عليه فأغلقت باب دارها وتركت المفتاح عند جارة لها وقالت سلميه الى زوجى ومضت الى باب فدقته فدخلت وقالت للرجلين انصرفا وكانت الدار لرجل يهواها وتهواه فلما رآها سربها فأخبرته بالحيلة التى نمت بها فلما انصرف زوجها آخر النهار وجد بابه مغلقا فسأل الجيران فاخبروه بالحال وبما جرى لها مع قاضى القضاة فدخل الى بيته فبات فى اقبح ليلة ثم باكر فى غد دار قاضى القضاة فأعلن بالاستغاثة فأحضر فقال انا زوج المرأة التى فعلت امس فى بابها ما فعلته ومالها اخ وما أفارقك حتى تردها الى فعظم على قاضى القضاة ما سمعه وخاف الحاكم وسطوته ان لم يصدقه فركب فى الحال واستصحب الرجل ودخل على الحاكم وهو مرعوب فسأله عن قصته فقال يا أمير المؤمنين لا بد بعفوك مما تم على امس قال وما هو فشرح له الحال فأمر باحضار الرجل فأدخل فأخبره بالحال فأمر قاضى القضاة ان يركب ويستصحب الرجلين الذى انفذ بهما مع المرأة حتى يرشداه الى الدار ليشاهد ما هو عليه ويقبض على القوم ويجملهم ففعل فوجد المرأة والرجل نائمين فى ازارواحد على سكر فحملا الى الحاكم فسأل المرأة عن الحال فأحالت على الشيطان وما حسنه لها وسأل الرجل فقال هذه امرأة هجمت
على وزعمت انها خلو من زوج وانى لو لم
أتزوجها سعت بى اليك لتقتلنى فاستحللتها بموافقة جرت بينى وبينها فتقدم الحاكم ان
تلف المرأة فى بارية وتحرق وان يضرب الرجل الف سوط وعاد الحاكم يتشدد على النساء
ويمنعهن من الظهور الى ان قتل
وفى يوم الاثنين لليلة بقيت من رجب ورد ابو الحسن احمد بن ابى الشوارب وقلد قضاء
القضاة من الحضرة وذلك انه لما توفى ابو محمد بن الأكفانى سمى فخر الملك لذلك
جماعة وانقذ ثبتا باسمائهم الى حضرة الخليفة ليكون الاختيار اليه فى التعيين على
من يعين عليه فوقع الاختيار على ابى الحسن ابن ابى الشوارب فولى
وفى هذه السنة قلد على بن مزيد اعمال بنى دبيس بالجزيرة الأسدية وخلع فخر الملك
على هلال بن بدر واعاده الى ولايته
وفيها عمر فخر الملك مسجد الشرقية ونصب عليه شبابيك من حديد وجرت النفقة على
يدىابى الحسن على بن المنذر المحتسب ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
426 - بكر بن شاذان ابن بكر ابو القاسم المقرئ الواعظ ولد سنة اثنتين وعشرين
وثلثمائة وسمع جعفر الخلدى وابا بكر الشافعى وقرأ القرآن على جماعة روى عنه
الازهرى والخلال وكان ثقة امينا صالحا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى الحسن بن غالب
المقرئ ان بكر بن شاذان وابا الفضل التميمى جرى بينهما كلام فبدر من ابى الفضل
كلمة ثقلت على بكر وانصرفا ثم ندم التميمى فقصد ابا بكر بن يوسف فقال له قد كلمت
بكرا بشىء جفا عليه وندمت على ذلك واريد ان تجمع بينى وبينه فقال له ابن يوسف سوف
يخرج لصلاة العصر فخرج بكر وجاء الى ابن
يوسف والتميمى عنده فقال له التميمى
اسألك ان تجعلنى فى حل فقال سبحان الله ما فارقتك حتى احللتك وانصرف فقال التميمى
قال لى والدى يا عبد الواحد احذر ان تخاصم من اذا نمت كان منتبها قال ابن غالب
وكان لبكر ورد من الليل لا يخل به توفى فى شوال هذه السنة وله نيف وثمانون سنة ولم
تفته جمعة قط غير الجمعة التى مات فى غدها لأنه مات فى غداة يوم السبت ودفن فى
مقبرة احمد
427 - بدر بن حسنويه ابن الحسين ابو النجم الكردى من اهل الجبل رتبه عضد الدولة
ابو شجاع بعد موت حسنويه فكانت له الولاية على الجبل وهمذان والدينور وبروجرد
ونهاوند واسداباذ وغير ذلك وقامت هيبته بالشجاعة والسياسة والعدل وكثرة الصدقة
وكناه القادر ابا النجم ولقبه ناصر الدولة وعقد له لواء وانفذه اليه وكانت اعماله
آمنة فاذا وقف حمل فى البرية تركه صاحبه ومضى فجاء بما يحمله عليه ولما عاث قومه
فى البلاد عمل لم دعوة وقدم فيها انواع الطبائخ ولم يقدم خبزا فجلسوا ينتظرون
الخبز فقال كلوا قالوا فأين الخبز قال فاذا كنتم تعلمون انه لا بد لكم منه فلم
افسدتم الحرث لئن يعترض احدكم بصاحب زرع لأقابلنه بسفك دمه واجتاز يوما برجل محتطب
وقد حمل الحطب على ظهره وهو يبكى فقال له مالك قال انى ما استطعمت البارحة طعاما
وكان معى رغيفان اريد اتفدى بهما وابيع الحطب واتقوت بثمنه انا وعيالى فاجتازنى
احد الفرسان فأخذ الرغيفين فقال هل تعرفه قال بوجهه فجاء به الى مضيق فوقف معه حتى
اجتاز العسكر فمر صاحبه فقال هذا فأمر بدران ينزل عن فرسه وألزمه حمل الحطب على
ظهره فى البلد وبيعه وتسليم ثمنه الى صاحبه جزاء لما فعل فرام الرجل ان يفتدى نفسه
بمال حتى بلغ بوزن الحطب دراهم فلم يقبل منه حتى فعل ما امره به فقامت الهيبة فى
النفوس ولم يقدم بعدها احد من اصحابه على شىء وكانت جراياته وصدقاته متصلة على
الفقهاء والاشراف والقضاة والشهود والايتام والضعفاء وكان
يصرف كل سنة الف دينار الى عشرين رجلا
يحجون عن والدته وعن عضد الدولة لانه كان السبب فى ملكه وكان يتصدق فى كل جمعة
بعشرة الآف درهم على الضعفاء والارامل ويصرف فى كل سنة ثلاثة آلاف دينار الى
الاساكفة والحذائين بين همذان وبغداد ليقيموا للمنقطعين من الحاج الاحذية وكان
يصرف الى تكفين الموتى كل شهر عشرين الف درهم ويعمر القناطر واستحدث فى اعماله
ثلاثة الآف مسجد وخان للغرباء ولم يمر بماء جار الا بنى عنده قرية وكان ينفذ كل
سنة فى الصدقات على أهل الحرمين وخفر الطريق ومصالحها مائة الف دينار وكان ينفق
على عمارة المصانع وتنقية الآبار وجمع العلوفة فى الطريق وكان يعطى سكان المنازل
رسوما لقيامها ويحمل الى الحرمين والكوفة وبغداد ما يفرق على الاشراف والفقهاء
والقراء والفقراء واهل البيوتات فلما توفى انقطع ذلك وأثر احوال اهله ووقف امر
الحج وكان يكثر من الصلاة والتسبيح ولا يقطع بره عن احد لذنب فان مات اعاد ذلك على
ولده وكان يرتفع الى خزانته فى كل سنة بعد المؤن والصدقات عشرون الف درهم لانه كان
يعمر الاماكن ويعدل وكان له من الدواب المرتبطة الف وسبعمائة وفى الجشير عشرون الف
رأس وكان بدر قدر حاصر حسن بن مسعود الكردى فضجر اصحابه من طول الحصار فجاءه رجل
كردى فقال قد عزموا على قتلك فقال من هؤلاء الكلاب حتى يقدموا على ذلك فعاوده فقال
لا اريد نصحك فهجموا عليه فقتلوه ونهبوا معسكره توفى فى هذه السنة وكانت مدة
امارته اثنتين وثلاثين سنة وحمل الى مشهد امير المؤمنين على عليه السلام فدفن به
ووجد فى قلعته اربعة عشر الف بدرة عينا واربعين الف بدرة ورقا
428 - الحسن بن الحسين ابن حمكان ابو على الهمذانى احد فقهاء الشافعية نزل بغداد
بقرب دار القطن فى نهر طابق وحدث عن الخلدى والنقاش وغيرهما من البغداديين
والبصريين وكان
فى شبيبته قدعنى بالحديث وقال كتبت
بالبصرة عن اربعمائة ونيف وسبعين شيخا ثم طلب الفقه بعد فدرس على ابى حامد
المروروذى روى عنه الازهرى وقال كان ضعيفا ليس بشىء فى الحديث توفى فى جمادى
الاولى من هذه السنة ودفن فى منزله
429 - عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن ابراهيم ابو محمد الاسدى المعروف بابن
الاكفانى ولد سنة ست عشرة وثلثمائة وحدث عن القاضى المحاملى ومحمد بن مخلد وابن
عقدة وغيرهم روى عنه البرقانى والتنوخي
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال قال لى التنوخى قال لى ابو
اسحاق الطبرى من قال ان احدا انفق على العلم مائة الف دينار غير ابى محمد ابن
الاكفانى فقد كذب وقال لى التنوخى ولى ابن الاكفانى قضاء مدينة المنصور ثم ولى
قضاء باب الطاق وضم اليه سوق الثلاثاء ثم جمع له قضاء جميع بغداد فى سنة ست وتسعين
وثلثمائة توفى ابو محمد الاكفانى فى صفر هذه السنة عن خمس وثمانين سنة ولى منها
القضاء اربعين سنة نيابة ورياسة ودفن فى داره بنهر البزازين
430 - عبد الرحمن بن محمد ابن محمد بن عبد الله بن ادريس ابو سعد الحافظ
الاستراباذى ويعرف بالادريسى كان ابوه من استراباذ وسكن هو سمرقند وكان احد من رحل
فى طلب العلم وعنى بالحديث وسمع من الاصم وصنف تاريخ سمرقند وعرضه على الدارقطنى
فقال هذا كتاب حسن وحدث ببغداد فسمع منه الازهرى والتنوخى وكان ثقة وتوفى فى هذه
السنة
431 - عبد السلام بن الحسين ابن محمد ابن احمد البصرى اللغوى ولد سنة تسع وعشرين
وثلثمائة سمع من جماعة وحدث ببغداد وكان صدوقا عالما اديبا قارئا للقرآن عارفا
بالقراءات وكان
يتولى النظ ببغداد فى دار الكتب وكان
سمحا جوادا وربما جاءه السائل وليس معه شىء يعطيه فيدفع اليه بعض كتبه التى لها
قيمة كثيرة وتوفى فى محرم هذه السنة ودفن بالشونيزية عند قبر ابى على الفارسى
432 - عبد الغفار بن عبد الرحمن ابو بكر الدينورى الفقيه كان آخر من افتى على مذهب
سفيان الثورى ببغداد فى جامع المنصور وكان اليه النظر فى الجامع والقيام بأمره
توفى فى شوال هذه السنة ودفن فى المقبرة خلف الجامع
433 - عبد العزيز بن عمر ابن محمد بن نباته ابو نصر السعدى الشاعر له شعر موصوف اخبرنا
عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنا على بن محمد بن الحسن
الحربى قال انشدنا ابو نصر بن نباتة لنفسه ... واذا عجزت عن العدو فداره ... وامزح
له ان المزاح وفاق ... فالنار بالماء الذى هو ضده ... تعطى النضاج وطبعها الاحراق
... توفى ابو نصر فى شوال هذه السنة
434 - محمد بن عبد الله ابن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم ابو عبد الله الحاكم
الضبى يعرف بابن البيع من اهل نيسابور ولد فى سنة احدى وعشرين وثلثمائة واول سماعه
فى سنة ثلاثين وكان من اهل الفضل والعلم والحفظ للحديث وله فى علوم الحديث مصنفات
قدم بغداد وحدث عن ابى عمرو بن السماك والنجاد ودعلج وغيرهم ثم عاد فوردها وقد علت
سنه فحدث بها عن ابى العباس الاصم وغيره روى عنه الدارقطنى وابن ابى الفوارس
وغيرهما وكان ثقة الا انه قد اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال
كان ابن البيع يميل الى التشيع فحدثنى ابو اسحاق ابراهيم بن محمد الارموى قال جمع
الحاكم ابو عبد الله احاديث
زعم انها صحاح على شرط البخارى ومسلم
يلزمهما اخراجها فى صحيحهما منها حديث الطائر ومن كنت مولاه فعلى مولاه فانكر عليه
اصحاب الحديث ولم يلتفتوا فيه الى قوله ولا صوبوه فى فعله انبأنا محمد بن ناصر
انبأنا محمد بن طاهر المقدسى الحافظ قال قال ابو عبد الله الحاكم حديث الطائر لم
يخرج فى الصحيح وهو صحيح قال ابن ناصر حديث موضوع انما جاء من سقاط اهل الكوفة عن
المشاهير والمجاهيل عن انس وغيره قال ابن طاهر فلا يخلو الحاكم من امرين اما انه
يجهل الصحيح فلا يعتمد على ما يقوله واما يعلمه ثم يقول خلافه فيكون معاندا كذبا
انبأنا محمد بن عبد الباقى عن ابى محمد التميمى عن ابى عبد الرحمن السلمى قال دخلت
على الحاكم ابى عبد الله وهو فى داره لا يمكنه الخروج الى المسجد من جهة اصحاب ابى
عبد الله بن كرام وذلك انهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج فقلت له لو خرجت وامليت
فى فضائل هذا الرجل يعنى معاوية لاسترحت من هذه المحنة فقال لا يجىء من قلبى لا
يجىء من قلبى لا يجيء من قلبي توفى الحاكم بنيسابور فى صفر هذه السنة
435 - هبة الله بن عيسى كاتب مهذب الدولة على بن نصر البطائحى كان وزيره ومدبر
امره وكان من اشد الكتاب ومترسليهم وكان يفضل على الادباء والعلماء ومن شعره ...
اضن بليلى وهى غير سخية ... تبخل ليلى بالهوى واجود ... واعذل فى ليلى ولست بمنته
... واعلم انى مخطىء وأعود ...
وقد ذكرنا خدمته للقادر وملاطفته له حين اقام عندهم بالبطيحة وتحديث القادر له
بالمنام الذى رآه توفى فى ربيع الاول من هذه السنة
436 - يوسف بن محمد ابن كج ابو القاسم كان من شيوخ الشافعيين وكانت له نعمة عظيمة
وولى القضاء بالدينور واعمال بدر بن حسنوبه فلما تغيرت البلاد بهلاك بدر بن
حسنويه قتله قوم من العيارين ليلة سبع
وعشرين من رمضان هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة ست واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه وقع فى يوم الثلاثاء غرة المحرم فتنة بين العوام كان سببها
ان اهل الكرخ جازوا بباب الشعير فتولع بهم اهله فاقتتلوا وتعدى القتال الى
القلائين فأنفذ فخر الملك الشريف المرتضى وغيره فأنكروا على اهل الكرخ ما يجرى من
سفهائهم واستقر الامر على كفهم وشرط عليهم ان لا يعلقوا فى عاشوراء مسوحا ولا
يقيموا نوحا
وفى هذا الشهر ورد الخبر بوقوع الوباء فى البصرة حتى عجز الحفارون عن حفر القبور
وانه أظلت البلد سحابة فى حزيران فأمطرت مطرا كثيرا
وفى يوم السبت الثالث من صفر قلد الشريف المرتضى ابو القاسم الموسوى الحج والمظالم
ونقابة نقباء الطالبيين وجميع ما كان الى اخيه الرضى وجمع الناس لقراءة عهده فى
الدار الملكية وحضر فخر الملك والاشراف والقضاة والفقهاء وكان فى العهد هذا ما
عاهد عبد الله ابو العباس احمد الامام القادر بالله امير المؤمنين الى على بن موسى
العلوى حين قربته اليه الانساب الزكية وقدمته لديه الاسباب القوية واستظل معه
باغصان الدوحة الكريمة واختص عنده بوسائل الحرمة الوكيدة فقلد الحج والنقابة وامره
بتقوى الله وذكر كلاما فيه طول من ايصائه بالخير واللطف فيما استرعى
وفى آخر صفر ورد خبر الحاج بعد تأخره بهلاك الكثير منهم وكانوا عشرين الفا فسلم
ستة آلاف وان الأمر اشتد بهم حتى شربوا ابوال الجمال وأكلوا لحومها وفى ذى القعدة
ورد الحاج الخراسانية ووقف امر الحاج لضيق الوقت وانه لم يرتب مع العرب ما يقع الى
مثله سكون
وفيها ورد الخبر ان محمودا غزا الهند وغره ادلاؤه واضلوه الطريق فحصل فى مياه فاضت
من البحر فغرق كثير ممن كان معه وخاض الماء بنفسه اياما
ثم تخلص وعاد الى خراسان ذكر من توفى فى
هذه السنة من الاكابر
437 - احمد بن محمد ابن احمد ابو حامد الاسفرائينى
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال قدم ابو حامد الاسفرائينى
بغداد وهو حدث فدرس فقه الشافعى على ابى الحسن ابن المرزبان ثم على ابى القاسم
الداركى فاقام ببغداد مشتغلا بالعلم حتى انتهت اليه الرياسة وعظم جاهه عند الملوك
والعوام وحدث عن ابى بكر الاسماعيلى وغيره حدثنا عنه الخلال والازجي وكان ثقة وقد
رأيته غير مرة وحضرت تدريسه فى مسجد عبد الله ابن المبارك وهو المسجد الذى فى صدر
قطيعة الربيع وسمعت من يذكرانه كان يحضر تدريسه سبعمائة متفقه وكان الناس يقولون
لو رآه الشافعى لفرح به قال المصنف وقد ذكر انه كان يقصده فخر الملك ابو غالب
وغيره من الاكابر وكان يحمل اليه من البلاد الزكوات والصدقات فيفرقها وكان يجرى
على فقراء اصحابه فى كل شهر مائة وستين دينارا واعطى الحاج فى بعض السنين اربعة
عشر الف دينار
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب حدثنا محمد بن روق الاسدى قال سمعت ابا الحسين ابن
القدورى يقول ما رأيت فى الشافعيين افقه من ابى حامد
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد قال حدثنى ابراهيم بن على الشيرازى قال سألت القاضى أبا
عبد الله الصيمرى من أنظر من رأيت من الفقهاء فقال ابو حامد الاسفرائينى
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد قال مات ابو حامد ليلة السبت لاحدى عشرة ليلة بقيت من
شوال سنة ست واربعمائة ودفن من الغد وصليت على جنازته فى الصحراء وكان امام جنازته
فى الصلاة ابو عبد الله بن المهتدى خطيب جامع
المنصور وكان يوما مشهودا بكثرة الناس
وعظم الحزن عليه وشدة البكاء ودفن فى داره الى ان نقل منها ودفن بباب حرب سنة ست
عشرة واربعمائة قال المصنف وبلغ من العمر احدى وستين سنة وشهورا
438 - عبد الرحمن بن محمد ابن احمد بن على بن مهران ابو احمد بن ابى مسلم الفرضى
المقرىء سمع القاضى المحاملى ويوسف بن يعقوب وحضر مجلس ابى بكر ابن الانبارى وكان
اماما ثقة ورعا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال حدثنى ابو القاسم منصور
ابن عمر الفقيه الكرخى قال لم ار فى الشيوخ من يعلم العلم لله خالصا لا يشوبه شىء
من الدنيا غير ابى احمد الفرضى فانه كان يكره ادنى سبب حتى المديح لأجل العلم وكان
قد اجتمعت فيه أدوات الرياسة من قراءات واسناد وحالة متسعة من الدنيا وكان اورع
الخلق وكان يبتدىء كل يوم بتدريس القرآن ويحضر عنده الشيخ الكبير وذو الهيئة فتقدم
على الحديث لأجل سبقه فاذا فرغ من اقراء القرآن ولى قراءة الحديث علينا بنفسه فلا
يزال كذلك حتى يستنفيذ قوته ويبلغ النهاية فى جهده فى القراءة ثم يضع الكتاب من
يده فحينئذ يقطع المجلس وينصرف وكنت اجالسه وأطيل القعود معه وهو على حالة واحدة
لا يتحرك ولا يعبث بشىء من اعضائه ولا يغير شيئا من هيئته حتى افارقه قال وبلغنى
انه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف ولم ار فى الشيوخ مثله
اخبرنا عبد الرحمن بن احمد اخبرنا احمد بن على قال حدثنى عيسى بن احمد الهمذانى
قال سمعت على بن عبد الواحد بن مهدى يقول اختلفت الى ابى احمد الفرضى ثلاث عشرة
سنة لم أره ضحك فيها غير انه قرأ علينا يوما كتاب الانبساط فأراد ان يضحك فغطى فمه
وكان اذا جاء الى أبى حامد الاسفرائينى قام ابو حامد
من مجلسه ومشى الى باب مسجده حافيا
مستقبلاله قال وكتب ابو حامد مع رجل خراسانى كتابا الى أبى احمد يشفع له أن يأخذ
عليه القرآن فظن ابو احمد انها مسألة قد استفتى فيها فلما قرأ الكتاب غضب ورماه عن
يده وقال لا اقرىء القرآن بشفاعة او كما قال توفى ابو احمد فى شوال هذه السنة ودفن
فى مقبرة جامع المدينة وقد بلغ ثنتين وثمانين سنة
439 - عبد الملك بن ابى عثمان واسم ابى عثمان محمد بن ابراهيم ويكنى عبد الملك أبا
س سعيد الواعظ من اهل نيسابور حدث عن أبى عمرو بن مطر واسمعيل بن نجيد روى عنه
الازهرى والأزجى والتنوخى وكان ثقة صالحا ورعا زاهدا وتوفى فى هذه السنة
440 - محمد بن الحسين بن موسى ابن محمد بن موسى بن ابرهيم بن موسى بن جعفر بن محمد
بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ابو الحسن العلوى ولد سنة تسع وخمسين
وثلثمائة ولقبه بهاء الدولة بالرضى ذى الحسبين ولقب اخاه بالمرتضى ذى المجدين وكان
الرضى نقيب الطالبيين ببغداد حفظ القرآن فى مدة يسيرة بعد ان جاوز ثلاثين سنة وعرف
من الفقه والفرائض طرفا قويا وكان عالما فاضلا وشاعرا مترسلا عفيفا عالى الهمة
متدينا اشترى في بعض الأيام جزازا من امرأة بخمسة دراهم فوجد فيه جزءا بخط أبي على
بن مقلة فقال للدلال احضر المرأة فأحضرها فقال قد وجدت في الجزاز جزءا بخط ابن
مقلة فإن أردت الجزء فخذيه وإن اخترت ثمنه فهذه خمسة دراهم فأخذتها ودعت له
وانصرفت وكان سخيا جوادا أخبرني اسماعيل بن أحمد عن أبي غالب بن بشران قال حدثني
الخالع قال مدحت الرضى بقصيدة فجاءني غلامه بتسعة وأربعين درهما فقلت لا شك أن
الغلام
قد خانني فلما كان بعد أيام اجتزت بسوق
العروس فرأيت رجلا يقول لآخر أتشتري هذا الصحن فإنه يساوي خمسة دنانير ولقد أخرج
من دار الرضى فبيع بتسعة واربعين درهما فعلمت انى مدحته وهو مضيق فباع الصحن وأنفذ
الثمن الى وكان شعر الرضى غاية فى الحسن
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب بحضرة
ابى الحسين بن محفوظ وكان احد الرؤساء يقول سمعت جماعة من اهل العلم بالادب يقولون
ان الرضى اشعر قريش فقال ابن محفوظ هذا صحيح وقد كان فى قريش من يجيد القول الا ان
شعره قليل فأما مجيد مكثر فليس الا الرضى اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال
انشدنى القاضى ابو العلاء الواسطى قال انشدنا الرضى لنفسه ... اشتر العز بما شئت
... فما العز بغالى ... بالقصار الصفران شئت ... او السمر الطوال ... ليس بالمغبون
عقلا ... من شرى عزا بمال ... انما يدخر الما ... ل لحاجات الرجال ... والفتى من
جعل الأموال ... أثمان المعالى ... وله ... فى الناس غير مطهر ... والحر معدوم
النظير ... والغسل يخبث بعضه ... ما كل ماء للطهور ... لك دون اعراض الرجال ...
حمية الرجل الغيور ... ولماء كفك فى المحول ... طلاقة العام المطير ... آثار شكرك
فى فمى ... وسليم ودك فى ضميرى ... وله ... الا اتى حسرة الحاسدين ... وما حسرة
العجم الا العرب ... فلا لبسوا غير هذا الشعار ... ولا رزقوا غير هذا اللقب
وله ... ذنبى الى البهم الكوادن اننى
لطرف المطهم والاغر الاقرح ... يولينى خزر العيون لاننى ... غلست فى طلب العلا
وتصبحوا ... وجذبت بالطول الذى لم يجذبوا ... ومنحت بالغرب الذى لم يمنحوا ... لو
لم يكن لى فى العيون مهابة ... لم تطعن الاعداء فى ويقدحوا ... نظروا بعين عداوة
لو أنها عين الهوى لاستحسنوا ما استقبحوا ... وله ... يا طائر البان غريدا على فنن
... ما هاج نوحك لى يا طائر البان ... هل انت مبلغ من هام الفؤاد به ... ان الطليق
يؤدى حاجة العانى ... ضمانة ما جناها غير مقلته ... يوم الوداع واشواقى الى الجانى
... لولا تذكر ايامى بذى سلم ... وعند رامة اوطارى واوطانى ... لما قدحت بنار
الوجد فى كبدى ... ولا بللت بماء الدمع أجفانى ...
واشعاره كثيرة مستحسنة وانما ذكرت منها هذا وجرت للرضى قصة مع القادر بالله فى
ابيات رفع اليه انه قالها وهى هذه
... كم مقامى على الهوان وعندى ... مقول قاطع وانف حمى ... واباء محلق بى عن الضيم
كما راع طائر وحشى ... اى عذر له الى المجد ان ذ ... ل غلام فى غمده المشرفى ...
البس الذل فى ديار الاعادى ... وبمصر الخليفة العلوى ... من ابوه ابى ومولاه مولا
... ى اذا ضامنى البعيد القصى ... لف عرقى بعرته سيد النا ... س جميعا محمد وعلى
... ان خوفى من ذلك الربع امن ... واوامى بذلك الوردرى ... قد يذل العزيز مالم
يشمر ... لا نطلاق وقد يضام الأبى ... كالذى يقبس الظلام وقد اقمر ... من خلفه
الهلال المضى ... ولما كتب اصحاب الاخبار بهذه الى القادر وغاظه امرها واستدعى
القاضى ابا بكر
محمد بن الطيب وأنفذه الى الشريف الطاهر
ابى احمد برسالة فى هذا المعنى فقال القاضى ابو بكر فى الرسالة قد علمت موضعك منا
ومنزلتك عندنا ومالا نزال من الاعتداد بك والثقة بصدق الموالاة منك وما تقدم لك فى
الدولة العباسية من خدم سابقة ومواقف محمودة وليس يجوز ان تكون على خليقة نرضاها
ويكون ولدك على ما يضادها وقد بلغنا انه قال شعرا هو كذا فياليت شعرنا على أى مقام
ذل اقام وما الذى دعاه الى هذا المقال وهو ناظر فى النقابة والحج فيما هو اجل
الاعمال واقصاها علوا فى المنزلة وعساه لو كان بمصر لما خرج من جملة الرعية وما
رأينا على بلوغ الامتعاض منا مبلغه ان نخرج بهذا الولد عن شكواه اليك واصلاحه على
يديك فقال الشريف الطاهر والله ما عرفت هذا ولا انا واولادى والا خدم الحضرة
المقدسة المعترفون بالحق لها والنعمة منها وكان فى حكم التفضل على يهذب هذا الولد
بانفاذ من يحمله الى الدار العزيزة ثم يتقدم فى تأديبه بما يفعل بأهل الغرة
والحداثة فقال له القاضى ابو بكر الشريف يفعل فى ذلك ما يراه الحضرة المقدسة فيزول
ما خامرها به ثم استدعى الشريف ابنيه المرتضى والرضى وعاتب الرضى العتاب المستوفى
فقال له ما قلت هذه الابيات ولا اعرفها فقال له اذا كنت تنكرها فاكتب خطك للخليفة
بمثل ما كنت كتبت به فى امر صاحب مصر واذكره بما أذكره به من الادعاء فى نسبه فقال
لا افعل فقال له كأنك تكذبنى بالامتناع من مثل قولى فقال ما اكذبك ولكنى اخاف
الديلم ومن للرجل من الدعاة بهذه البلاد فقال يال العجب تخاف من هو منك على بلاد
بعيدة وتراقبه وتسخط من انت بمرأى منه ومسمع وهو قادر عليك وعلى اهلك وتردد القول
بينهما حتى غلظ الرضى فى الجواب فصاح الطاهر ابو محمد وقام الرضى وحلف الطاهر ان
لا يقيم معه فى بلد وآل الامر الى انفاذ القاضى ابى بكر وابى حامد الاسفرائينى
واخذا اليمين على الرضى انه لم يقل الشعر المنسوب اليه ولا يعرفه واندرجت القصة
على هذا توفى الرضى يوم الاحد لست خلون من محرم هذه السنة وحضر الوزير
فخر الملك وجميع الاشراف والقضاة والشهود
والاعيان ودفن فى داره بمسجد الانباريين ومضى اخوه المرتضى الى المشهد بمقابر قريش
لأنه لم يستطع ان ينظر الى تابوته ودفنه وصلى عليه الوزير فخر الملك فى الدار مع
جماعة امهم ابو عبد الله ابن المهلوس العلوى ثم دخل الناس افواجا فصلوا عليه وركب
فخر الملك فى آخر النهار فعزى المرتضى والزمه العود الى داره ففعل وكان مما رثاه
اخوه المرتضى ... يال الرجال لفجعة جذ من يدى ... ووددتها ذهبت على برأسى ... ما
زلت آبى وردها حتى أتت ... فحسوتها فى بعض ما انا حاسى ... ومطلتها زمنا فلما صممت
... لم يثنها مطلى وطول مكاسى ... لا تنكرن من فيض دمعى عبرة ... والدمع خير مساعد
ومواسى ... واها لعمرك من قصير طاهر ... ولرب عمر طال بالأ رجاس ... سنة 407
ثم دخلت سنة سبع واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه فى شهر ربيع الاول احترق مشهد الحسين عليه السلام والأروقة
وكان السبب ان القوام اشعلوا شمعتين كبيرتين فسقطتا فى جوف الليل على التأزير
فأحرقتاه وتعدت النار
وفى عشر بقين من هذا الشهر احترق نهر طابق ودار الركن اليمانى من البيت الحرام
وسقوط حائط بين يدى قبر النبى صلى الله عليه و سلم ووقوع القبة الكبيرة على الصخرة
ببيت المقدس وبأن حريقا وقع فى بعض الجامع بسامرا
وفى الشهر اتصلت الفتنة بين الشيعة والسنة بواسط ونهبت محال الشيعة والزيدية بواسط
واحترقت وهرب وجوه الشيعة والعلويين فقصدوا على ابن مزيد واستنصروه
وفى ربيع الآخر خلع على ابى محمد الحسن بن الفضل الرامهرمزى خلع الوزارة من قبل
سلطان الدولة وهو الذى بنى سور الحائر بمشهد الحسين
وكانت فى هذه السنة وقعة بين سلطان الدولة
ابى شجاع واخيه ابى الفوارس انهزم فيها ابو الفوارس بعد أن حصل شيراز وملكها
وفى هذه السنة ملك محمود بن سبكتكين خوارزم ونقل اهلها الى الهند ولم يحج الناس فى
هذه السنة من خراسان ولا العراق
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
441 - احمد بن محمد ابن يوسف بن محمد بن دوست ابو عبد الله البزاز ولد فى صفر سنة
ثلاث وعشرين وثلثمائة وحدث عن محمد بن جعفر المطيرى واسمعيل الصفار والبرذعى
وغيرهم وكان مكثرا من الحديث عارفا به حافظا له املى الحديث من حفظه وابن شاهين
والمخلص حين تكلموا فيه بشىء لا يؤثر فقال الازهرى رأيت كتبه كلها طرية وكان يذكر
ان اصوله العتق غرقت وهذا ليس بشىء لأنه من الجائز ان يكون قد قابل بالطرية نسخا
قد قرئت عليه وقد كان الرجل يملى من حفظه فيجوز ان يكون حافظا لما ذهب
اخبرنا القزاز اخبرنا ابن ثابت قال حدثنى عيسى بن احمد بن عثمان الهمذانى قال سمعت
حمزة بن محمد بن طاهر يقول مكث ابن دوست سبع عشرة سنة يملى الحديث عارفا بالفقه
على مذهب مالك وكان عنده عن اسمعيل الصفار وحده صندوق سوى ما كان عنده عن غيره قال
وكان يذاكر بحضرة الدارقطنى ويتكلم فى علم الحديث فتكلم فيه الدارقطنى بذلك السبب
وكان محمد ابن ابى الفوارس ينكر مضينا اليه وسماعنا منه ثم جاء بعد ذلك وسمع منه
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على الخطيب قال حدثنى ابو عبد الله الصورى قال قال
حمزة بن محمد بن طاهر قلت لخالى ابى عبد الله بن دوست اراك تملى المجالس من حفظك
فلم لا تملى من كتابك فقال لى انظر فيما امليت فان كان فى ذلك خطأ لم امل من حفظى
وان كان جميعه صوابا فما الحاجة الى الكناب توفى ابو عبد الله
ابن دوست فى رمضان هذه السنة ودفن حذاء
منارة جامع المنصور
442 - محمد بن احمد ابن خلف بن خاقان ابو الطيب العكبرى سكن بغداد وحدث بها عن
محمد بن ايوب الزاهد وابراهيم بن على الباقلاوى وغيرهما
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال سألت ابا القاسم عبد
الواحد بن على بن برهان عنه فعرفه وثقه واثنى عليه ثناء حسنا وقال كان صدوقا قال
ابن ثابت وحدثنى عنه ابو منصور بن عبد العزيز العكبرى وقال لى ولد بعكبرا فى سنة
ثلاث عشرة وثلثمائة وسمعنا منه ببغداد وبعكبرا ومات ببغداد سنة سبع واربعمائة
443 - محمد بن احمد ابن القاسم بن اسمعيل ابو الحسين الضبى القاضي المعروف المعروف
بالمحاملى سمع اسماعيل ابن محمد وابا عمرو بن السماك وابا بكر النجاد وابا عمر
الزاهد وكان ثقة صادقا خيرا
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن على بن ثابت اخبرنا عبد الكريم بن محمد
الضبى اخبرنا ابو الحسن الدارقطنى قال محمد بن احمد بن القاسم ابو الحسين المحاملى
الفقيه الشافعى حفظ القرآن والفرائض وحسابها والدور ودرس الفقه على مذهب الامام
الشافعى وكتب الحديث ولزم العلم ونشا فيه وهو عندى ممن يزداد خيرا كل يوم مولده
سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة قال ابن ثابت مات ابو الحسين يوم الخميس العاشر من
رجب سنة سبع واربعمائة
444 - محمد بن الحسين ابن محمد بن الهيثم ابو عمر البسطامى الواعظ الفقيه على مذهب
الشافعى كان مناظرا وكان ابو حامد يجله ولى قضاء نيسابور وحدث عن الطبرانى وغيره
وتوفى بنيسابور فى هذه السنة
445 - محمد بن على ابن خلف ابو غالب الوزير الملقب فخر الملك من اهل واسط وكان ابوه صيرفيا فتنقلت به الاحوال الى خدمة بهاء الدولة ابن عضد الدولة وحمل اليه اموال بدر بن حسنويه وحصل لنفسه منها الكثير ولما خلعت عليه خلع الوزارة اعطى كل واحد من صغار الحواشى مائة دينار ودستا من الثياب واعطى حراس دار الملك السودان كل واحد عشرين دينارا وكانوا يزيدون على الخمسين وسد البثوق وعمر سواد الكوفة وعمل الجسر ببغداد وكان قد نسى وبطل وعمل له درابزينات وعمر المارستان وداره باعلى الحريم الطاهرى يقال لها الفخرية وهذه الدار كانت للمتقى لله وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة وخربت فعمرها فخر الملك وأنفق عليها اموالا كثيرة وفرغ منها فى رمضان سنة اثنتين واربعمائة وعصفت فى تلك السنة ريح فقصفت ببغداد زائدا على عشرين الف نخلة فاستعمل فخر الملك اكثرها فى أبنيته وكان كثير الصلاة والصلات يجرى على الفقهاء ما بين بغداد وشيراز وكسا فى يوم الف فقير وسن تفرقة الحلوى فى النصف من رمضان واهمل بعض الواجبات فعوقب سريعا وذلك ان بعض خواصه قتل رجلا ظلما فتصدقت له زوجة المقتول تستغيث ولا يلتفت اليها فلقيته ليلة فى مشهد باب التبن وقد حضر للزيارة فقالت له يا فخر الملك القصص التى كنت ارفعها اليك ولا تلتفت اليها قد صرت ارفعها الى الله تعالى وانا منتظرة خروج التوقيع من جهته فلما قبض عليه قال لا شك ان توقيعها قد خرج وقتله سلطان الدولة بن بهاء الدولة بالاهواز فى هذه السنة وكان عمره اثنتين وخمسين سنة واشهر واخذ من ماله ما بلغ ستمائة ونيفا وثلاثين الف دينار سوى الضياعات والثياب والفروش والآلات وقيل انه وجد له الف الف ومائتا الف دينار مطيعية وكان استخراج ماله عجيبا وذلك ان أبا على الرخجى اثار هذه الاموال وكانت ودائع عند الناس وكان فخر الملك قد احتجر لنفسه من قلعة بدر بن حسنويه ما يزيد على ثلاثة آلاف الف دينار واودعها جماعة
فوقف الرخجى على تذكرة له فاستخرجها من
غير ضرب بعصا على ما نذكر فى ترجمة الرخجى وقد ذكر فيها اقواما اودع قد لحن
بأسمائهم وكنى عن القابهم
سنة
ثم دخلت سنة ثمان واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الفتنة بين الشيعة والسنة تفاقمت وعمل اهل نهر القلائين بابا
على موضعهم وعمل اهل الكرخ بابا على الدقاقين مما يليهم وقتل الناس على هذين
البابين وركب المقدام ابو مقاتل وكان على الشرطة ليدخل الكرخ فمنعه اهلها
والعيارون الذين فيها وقاتلوه فاحرق الدكاكين واطراف نهر الدجاج ولم يتهيأ له
الدخول
وفى هذه السنة استتاب القادر المبتدعة
اخبرنا سعد الله بن على البزاز اخبرنا ابو بكر الطريثيثى اخبرنا هبة الله بن الحسن
الطبرى قال وفى سنة ثمان واربعمائة استتاب القادر بالله امير المؤمنين فقهاء
المعتزلة الحنفية فأظهروا الرجوع وتبرؤا من الاعتزال ثم نهاهم عن الكلام والتدريس
والمناظرة فى الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للاسلام وأخذ خطوطهم بذلك وانهم
متى خالفوه حل بهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به امثالهم وامتثل يمين الدولة
وامين الملة ابو القاسم محمود امر امير المؤمنين واستن بسننه فى اعماله التى
استخلفه عليها من خراسان وغيرها فى قتل المعتزلة والرافضة والاسماعيلية والقرامطة
والجهمية والمشبهة وصلبهم وحبسهم ونفاهم وامر بلعنهم على منابر المسلمين وايعاد كل
طائفة من اهل البدع وطردهم عن ديارهم وصار ذلك سنة فى الاسلام
وفيها عقد سلطان الدولة على جبارة بنت قرواش بن المقلد بصداق مبلغه خمسون الف
دينار
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
446 - اسمعيل بن الحسن ابن على بن عباس ابو على الصيرفى روى عنه الصيمرى والازجى
وكان صدوقا توفى فى رمضان هذه السنة ودفن بمقبرة العباسية بالجانب الشرقى
447 - الحسن بن محمد ابن يحيى ابو محمد المقرئ المعروف بابن الفحام القحام من اهل
سر من رأى حدث عن اسمعيل الصفار وقرأ لقرآن على النقاش وكان ينفقه للشافعى وكان
يرمى بالتشيع وتوفى بسر من رأى فى هذه السنة
448 - شباشى الحاجب يكنى ابا طاهر المشطب مولى شرف الدولة ابى الفوارس بن عضد
الدولة لقبه بهاء الدولة ابو نصر بالسعيد ذى العضدين ولقبه ابو الهيجا بختكين
الجرجانى بالمناصح واشرك بينهما فى مراعاة امور الاتراك ببغداد وكان السعيد كثير
الصدقة فائض المعروف حتى ان اهل بغداد اذار رأوا من لبس قميصا جديدا قالوا رحم
الله السعيد لانه كان يكسو اليتامى والضعفاء وهو الذى بنى قنطرة الخندق والياسرية
والزياتين ووقف جبايتها على المارستان وكان ارتفاعها اربعين كرا والف دينار ووقف
على الجسر خان النرسى بالكرخ ووقف عليه لربحى بالقفص وسد بثق الخالص وحفر ذابة
دجيل وساق الماء منها الى مقابر قريش وعمل المشهد بكوخ ودربه بقرب واسط وحفر
المصانع عنده وفى طريقه وله آبار كثيرة بطريق مكة وكان الاصبهسلارية قد اخرجوا يوم
العيد الجنائب بمراكب الذهب واظهروا الزينة فقال له بعض اصحابه لو كان لنا
شىء اظهرناه فقال له الا انه ليس فى
جنائبهم قنطرة الياسرية والخندق توفى فى شوال هذه السنة ودفن فى مقبرة الامام احمد
بن حنبل فى تربة معروفة به ووصى ان لا يبنى عليه فخالفوه وبنوا قبة فسقطت واتفق
بعد تسعين سنة حمل ميت الى المقبرة فتبعه النساء فتقدمتهن عجوز الى تربة السعيد
فلطمت ووافقتها النساء وعدن الى بيوتهن فانتبهت العجوز من منامها مذعورة وقالت
رأيت تركيا بيده دبوس وقد خرج من التربة فاراد ان يضربنى وقال اتيت من البعد الى
تربتى فلطمت وصويحباتك فيها أبينى وبينك قرابة فلقد آذيتمونى فسألوا عن التربة
فاذا هى تربة السعيد فتجنبها النساء بعد ذلك
449 - على بن مزيد ولى الولايات والاعمال وقصد فى آخر امره السلطان فاعتل فى طريقه
فبعث ابنه ابا الاغر دبيسا للنيابة عنه وكتب يسأل تقليده ولاية عهده واقرار اعماله
فى يده فاجيب وخلع على دبيس وكتب له المنشور بالولاية توفى فى هذه السنة
سنة
ثم دخلت سنة تسع واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه قرئ يوم الخميس السابع عشر من المحرم فى الموكب بدار الخلافة
كتاب بمذاهب السنة وقيل فيه من قال ان القرآن مخلوق فهو كافر حلال الدم
وفى يوم الخميس النصف من جمادى الاولى فاض ماء البحر المالح ووافى الى الابلة ودخل
الى البصرة بعد يومين
وفى شوال تقلد ابو محمد على بن احمد بن بشر الخراسانى القضاء بالبصرة وكان قبل ذلك
قاضى البطيحة
وورد الخراسانية والناس مع المختار الى على بن عبيد الله ورجعوا من شاطىء الفرات
ولم يعبروا التأخر الامر فى عقد الجسر وضيق الوقت
وفيها دخل سلطان الدولة بغداد ونظر ابو
القاسم جعفر بن محمد بن فسانجس فى الوزارة ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
450 - رجاء بن عيسى
ابن محمد ابو العباس الانصناوى وانصنا قرية من قرى صعيد مصر ولد سنة سبع وعشرين
وسمع جماعة من شيوخ مصر بغداد وقدم فحدث بها فسمع منه ابو عبد الله بن بكير
والعتيقى وكان فقيها مالكيا فرضيا ثقة فى الحديث متحريا فى الرواية مقبول الشهادة
عند القضاة وتوفى بمصر فى هذه السنة
451 - عبد الله بن محمد ابن ابى علان ابو احمد قاضى الاهواز مولده سنة احدى وعشرين
وثلثمائة وله مصنفات كثيرة من جملتها معجزات النبى صلى الله عليه و سلم جمع له
فيها الف معجزة وهو احد شيوخ المعتزلة وكان يؤدى خراج ضياعه بالاهواز تسعين الف
دينار وكان اصهاره يؤدون ثلاثين الف دينار وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة عن تسع
وثمانين سنة
452 - على بن نصر ابو الحسن الملقب مهذب الدولة صاحب البطائح كان له كرم ووفاء
وكان الناس يلتجؤن اليه فى الشدائد واكبر فخره نزول القادر عليه وخدمته اياه الى
ان جاءته الخلافة قال الوزير ابو شجاع توجت الايام مفرق فخاره بمقام القادر بالله
فى جواره وصاغت له المنقبة حسبا وصارت له الى استحقاق المدح سببا كان يرتفع له من
اقطاعه تسعة الآف وستمائة كر من الحنطة وثلاثة عشر الف وثلثمائة وسبعون كرا من
الشعير وثمانية الآف كر من الارز ومن الورق الفا الف وسبعمائة الف وخمسون الفا
وكان بعض بلاده تضمن بعشرة آلاف دينار تزوج بنت الملك بهاء الدولة وأعانه نوائبه
وأقرضه
اموالا كثيرة وولى البطائح اثنتين
وثلاثين سنة وشهورا وكان سبب موته انه افتصد وانتفخ ساعده واخذه داء الحمرة توفى
فى جمادى الاولى من هذه السنة عن اثنتين وسبعين سنة
453 - عبد الغنى بن سعيد ابن على بن سعيد بن بشران بن مروان بن عبد العزيز ابو
محمد الازدى المصرى الحافظ كان عالما بالحديث وأسماء الرجال متقنا قال الطيورى ما
رأت عيناى مثله فى معناه
اخبرنا ابن ناصر اخبرنا المبارك بن عبد الجبار وابو الفضل بن خيرون قالا اخبرنا
ابو عبد الله الصورى قال قال لى عبد الغنى بن سعيد ولدت لليلتين بقيتا من ذى
القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة وتوفى فى صفر سنة تسع واربعمائة قال الصورى
وقال لى ابو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبى يزيد الازدى قال لى أبى خرجنا
يوما مع الدارقطنى من عند ابى جعفر الحسين فلقيه عبد الغنى بن سعيد فسلم على ابى
الحسن فقال يا أصحابنا ما التقيت من مرة مع شابكم هذا فانصرفت عنه الا بفائدة او
كما قال الصورى وقال لى ابو الفتح منصور بن على الطرسوسى وكان شيخا صالحا لما اراد
ابو الحسن الدارقطنى الخروج من عندنا من مصر خرجنا معه نودعه فلما ودعنا بكينا
فقال لم تبكون فقلنا نبكى لما فقدناه من علمك وعد مناه من فوائدك قال تقولون هذا
وعندكم عبد الغنى وفيه الخلف قال الصورى وقال لى ابو بكر البرقانى سألت الدارقطنى
بعد قدومه من مصر هل رأيت فى طريقك من يفهم شيئا من العلم فقال لى ما رأيت فى طول
طريقى احدا الا شابا بمصر يقال له عبد الغنى كأنه شعلة نار وجعل يفخم امره ويرفع
ذكره
اخبرنا ابن ناصر اخبرنا المبارك بن عبد الجبار اخبرنا ابو عبد الله الصورى اخبرنا
عبد الغنى الحافظ قال لما وصل كتابى الذى عملته فى اغلاط ابى عبد الله الحاكم
أجابنى بالشكر عليه وذكر انه املاه على الناس وضمن كتابه الى الاعتراف بالفائدة
وبانه لا يذكرها لى غنى وان ابا العباس محمد بن يعقوب الاصم حدثهم قال
حدثنا العباس بن محمد الدورى قال سمعت
ابا عبيد يقول من شكر العلم ان يستفيد الشىء فاذا ذكر لك قلت حقى على كذا وكذا ولم
يكن لى به علم حتى افادنى فلان كذا وكذا فهذا شكر العلم
454 - محمد بن أمير المؤمنين القادر بالله يكنى ابا الفضل وكان ابوه رشحه للخلافة
وجعله ولى عهده ولقبه الغالب بالله ونقش على السكة اسمه ودعى له فى الخطبة بولاية
العهد بعده ثم ادركه اجله فتوفى فى رمضان هذه السنة وكان مولده فى ليلة الاثنين
لسبع بقين من شوال سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة ودفن بالرصافة
455 - محمد بن ابراهيم ابن محمد بن يزيد ابو الفتح البزاز الطرسوسى يعرف بابن
البصرى سمع خلقا كثيرا وروى عنه البرقانى والازهرى وغيرهما واستوطن بيت المقدس
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على قال قال لى محمد بن على الصورى وقد سمع من محمد
بن ابراهيم كان ثقة ومات ببيت المقدس
سنة
ثم دخلت سنة عشر واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الى القادر بالله كتاب من يمين الدولة ابى القاسم محمود
ابن سبكتكين يذكر فيه ما افتتحه من بلاد الهند ووصل اليه من اموالهم وغنائمهم فقال
فيه ان كتاب العبد صدر من مستقره بغزنة للنصف من المحرم سنة عشر والدين فى ايام
سيدنا ومولانا الامير القادر بالله امير المؤمنين مخصوص بمزيد الاظهار والشرك
مقهور بجميع الاطراف والاقطار وانتدب العبد لتنفيذ أوامره العالية وتمهيد مراسمه
السامية وتابع الوقائع على كفار السند والهند فرتب بنواحى غزنة العبد محمدا مع
خمسة عشر الف فارس وعشرة آلاف راجل وانهض
العبد مسعودا مع عشرة آلاف فارس وعشرة
آلاف راجل وشحن بلخ وطخرستان بارسلان حاجب مع اثنتى عشر الف فارس وعشرة آلاف راجل
وضبط ولاية خوارزم بالتونتاش الحاجب مع عشرين الف فارس وعشرين الف راجل وانتخب
ثلاثين الف فارس وعشرة آلاف راجل لصحبة راية الاسلام وانضم اليه جماهير المطوعة
وخرج العبد من غزنة يوم السبت الثالث عشر من جمادى الاولى سنة تسع بقلب منشرح لطلب
الشهادة ونفس مشتاقة الى درك الشهادة ففتح قلاعا وحصونا واسلم زهاء عشرين الفا من
عباد الوثن وسلموا قدر الف الف درهم من المورق ووقع الاحتواء على ثلاثين فيلة وبلغ
عدد الهالكين منهم خمسين ألفا ووافى العبد مدينة لهم عاين فيها زهاء ألف قصر مشيد
وألف بيت للأصنام ومبلغ ما في الصنم ثمانية وتسعون ألف مثقال وثلثمائة مثقا وقلع
من الأصنام الفضية زيادة على ألف صنم ولهم صنم معظم يؤرخون مدته لعظم جهالتهم
بثلثمائة ألف عام وقد بنوا حول تلك الأصنام زهاء عشرة آلاف بيت للأصنام المنصوبة
واعتنى العبد بتخريب هذه المدينة اعتناء تاما وعمها المجاهدون بالاحراق فلم يبق
منها إلا الرسول وحين وجد الفراغ لاستيفاء الغنائم حصل منها عشرون ألف ألف درهم
وافرد خمس الرقيق فبلغ ثلاثة وخمسين الفا واستعرض ثلثمائة وستة وخمسين فيلا
وفى ربيع الاول جلس القادر بالله وقرىء عهد الملك ابى الفوارس ولقب قوم الدولة
وحملت اليه الخلع بولاية كرمان وتأخر الحاج الخراسانية وتوقف الأمر من العراق وفى
هذه السنة مات الاصيفر المنتفقى الذى كان يخفر الحاج وفى يوم الاربعاء تاسع ذى
الحجة نشأت ريح شديدة كالزلزلة وورد معها رمل أحمر وفيها قبض على الوزير ابن
فسانجس وعلى اخوته
ذكر من توفى فى هذه السنة من الاكابر
456 - احمد بن موسى ابن مردوية بن فورك ابو بكر الحافظ الاصبهانى توفى فى رمضان
هذه السنة
457 - ابراهيم بن محمد ابن جعفر بن اسحاق الباقرحى ولد سنة خمس وعشرين وثلثمائة
وسمع الحسين ابن يحيى بن عياش وعلى بن محمد المصرى فى آخرين وكان صدوقا حسن النقل
جيد الضبط من اهل العلم والمعرفة والادب واستخلفه القاضى ابو بكر بن منير على
الفرضة وشهد عنده وشهد عند ابى عبد الله الضبى وابى محمد الاكفانى وكان ينتحل فى
الفقه مذهب ابن جرير وكان يسكن الجانب الشرقى وتوفى فى ذى الحجة من هذه السنة ودفن
بقرب قبر أبى حنيفة
458 - تركان بن الفرج ابن تركان بن بنان ابو الحسين الباقلاوى كان يسكن باب الشام
وحدث عن ابى بكر الشافعى وابن مقسم وكان صدوقا توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
459 - الحسين بن قلابوس ابن عبد الله ابو عبد الله التركى سمع ابا الفضل الزهرى
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان شيخنا دينا فقيرا مستورا وتوفى فى رجب هذه
السنة
460 - عبيد الله بن احمد ابن جعفر ابو تغلب القاضى له شعر ورسائل وكان بينه وبين
الوزير المغربى مكاتبات وكان ينوب عن ابى خازم القاضى فى الجانب الشرقى من واسط
توفى فى جمادى الاولى من هذه السنة
461 - عبد الصمد بن بابك ابوالقاسم الشاعر وشعره مستحسن قدم على الصاحب بن عباد
فقال انت ابن بابك فقال انا ابن بابك توفى فى شوال هذه السنة
462 - عبد الواحد بن محمد ابو عمر بن مهدى اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز
اخبرنا ابو بكر الخطيب قال عبد الواحد بن محمد ابن عبد الله بن مهدى بن خشنام بن
النعمان بن مخلد ابو عمر البزار الفارسى كازرونى الاصل سمع القاضى المحاملى ومحمد
بن مخلد وابن عياش القطان وعبد الله بن احمد بن اسحاق الجوهرى ومحمد بن اسمعيل
الفارسى ومحمد بن احمد بن يقوب بن شيبة وابا العباس بن عقدة واسمعيل بن محمد
الصفار ومحمد بن عمر والرزاز وابا عمر وبن السماك كتبنا عنه وكان ثقة امينا يسكن درب
الزعفرانى قال وسمعت محمد بن على بن مخلد الوراق يذكر ان مولده فى سنة ثمان عشرة
وثلثمائة ومات فجاءة فى يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء النصف من رجب سنة عشر
واربعمائة ودفن فى مقبرة باب حرب
463 - عبد الواحد بن عبد العزيز ابن الحارث بن راشد ابو الفضل التميمى حدث عن
النجاد والبغوى وابن الجعابى قال الخطيب كتبنا عنه وكان صدوقا توفى فى ذى القعدة
من هذه السنة ودفن الى جنب قبر احمد بن حنبل وصلى عليه نحو خمسين الفا
464 - عبد الواحد بن محمد ابن عثمان ابو القاسم البجلى من ولد جرير بن عبد الله
سمع النجاد والخلدى وقلد القضاء على مواضع وكان ثقة توفى فى رجب هذه السنة
465 - محمد بن اسد ابن على بن سعيد ابو
الحسن الكاتب المقرىء سمع ابا بكر النجاد وجعفر الخلدى وغيرهما وكان صدوقا وتوفى
يوم الاحد لليلتين خلتا من المحرم ودفن بالشونيزى
466 - محمد بن المظفر ابن عبد الله ابو الحسن المعدل المعروف بابن السراج روى عن
ابى بكر النجاد وغيره
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن على بن ثابت قال انشدنا محمد بن المظفر قال انشدنى
ابو اسحاق ابراهيم بن هلال الصابى لنفسه ... قد كنت للحدة من ناظرى ... أرى السهى
فى الليلة المقمرة ... الآن ما أبصر بدر الدجى ... الا بعين تشتكى الشبكره ...
لأننى انظر منها وقد ... غير منى الدهر ما غيره ... ومن طوى الستين من عمره ...
راى أمورا فيه مستنكره ... وان تخطاها رأى بعدها ... من حادثات النقص مالم يره ...
توفى ابن المظفر فى جمادى الاولى من هذه السنة
467 - هبة الله بن سلامة
ابو القاسم الضرير المفسر كان من احفظ الناس لتفسير القرآن وكان له حلقة فى جامع
المنصور وقد سمع الحديث من أبى بكر بن مالك القطيعى وغيره
انبأنا محمد بن ابى طاهر البزاز عن ابى طالب العشارى حدثنا هبة الله بن المقرىء
حدثنا هبة الله بن سلامة المفسر قال كان لنا شيخ نقرأ عليه فى باب محول فمات بعض
اصحابه فرآه الشيخ فى النوم فقال ما فعل الله بك قال غفر لى قال فما حالك مع منكر
ونكير قال يا استاذ لما أجلسانى وقالا من ربك من نبيك الهمنى الله عز و جل ان قلت
لهما بحق ابى بكر وعمر دعانى فقال احدهما للآخر قد اقسم
علينا بعظيم دعه فتركانى وانصرفا توفى
هبة الله فى هذه السنة فى رجب ودفن فى مقبرة جامع المنصور
سنة
ثم دخلت سنة احدى عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه فى يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من شوال فقد الحاكم صاحب مصر
وكان يواصل الركوب ليلا ونهارا ويتصدى له الناس فيقف عليهم ويسمع منهم وكان
المصريون موتورون منه فكانوا يدسون اليه الرقاع المختومة بالدعاء والسب له
ولأسلافه والوقوع فيه وفى حرمه حتى انتهى فعلهم فى ذلك الى ان عملوا تمثال امرأة
من قراطيس بخف وازوار ونصبوها فى بعض الطريق وتركوا فى يدها رقعة مختومة تتضمن كل لعن
وشتيمة فلما اجتاز بها لم يشك انها امرأة وان الرقعة رقعة ظلامة فتقدم فأخذها من
يدها ففتحها فرأى فى اولها ما استعظمه فقال انظروا هذه المرأة من هى فقيل انها
مثال معمول من قراطيس فقرأ الرقعة كلها وعاد الى القاهرة ودخل الى قصره وتقدم
باستدعاء القواد والعرفاء فلما حضروا امرهم بالمصير الى مصر وضربها بالنار ونهبها
وقتل من ظفروا به من اهلها فتوجهوا لذلك وعرف المصريون ذلك فقاتلوا عن نفوسهم
قتالا بلغوا فيه غاية وسعهم ولحق النهب والنار الاطراف والسواحل التى لم يكن فى
اهلها قوة على امتناع ولا قوة على دفاع واستمرت الحرب بين العبيد والرعية ثلاثة
ايام والحاكم يركب كل يوم ويشاهد النار ويسمع الصياح ويسأل عن ذلك فيقال له العبيد
يحرقون مصر وينهبونها والنار تعمل فى الموضع الفلانى والموضع الفلانى فيظهر التوجع
ويقول من امرهم بهذا لعنهم الله فلما كان فى اليوم الثالث اجتمع الاشراف والشيوخ
فى الجوامع ورفعوا المصاحف وعجوا بالبكاء وابتهلوا الى الله تعالى فى الدعاء
فرحمهم المشارقة والاتراك فانحازوا اليهم وقاتلوا معهم وارسلوا الى الحاكم يقولون
نحن عبيدك ومماليكك وهذا البلد بلدك وفيه
حرمنا واولادنا وما علمنا ان اهله جنوا جناية تقتضى سوء المقابلة فان كان هناك
باطن لا نعرفه أشعرتنا به وانتظرت علينا الى ان نخرج اموالنا وعيالنا وان كان ما
عليه هؤلاء العبيد مخالفا لرايك اطلعتنا فى معاملتهم بما تعامل به المفسد فاجابهم
بانى ما اردت ذلك ولا اذنت لهم وقد اذنت لكم فى نصرتهم والايقاع بمن يتعرض بهم
وراسل العبيد سرابان كونوا على امركم وحمل اليهم سلاحا قواهم به فاقتتلوا واعادوا
الرسالة انا قد عرفنا غرضك انه اهلاك هذا البلد وما يجوز ان نسلم انفسنا واشاروا
الى بعض الوعيد فى قصد القاهرة فلما رآهم مستظهرين ركب حماره ووقف بين الفريقين
واومأ الى العبيد بالانصراف وسكن الآخرين فقبلوا ذلك وشكروه وسكنت الفتنة وكان قدر
ما احرق من مصر ثلثها ونهب نصفها وتتبع المصريون من اخذ من زوجاتهم وبناتهم
وابتاعوا من العبيد بعد ان فضحوهن حتى قتل منهن نفوسهن خوفا من عار الفواحش
المرتكبة منهن ثم زاد ظلم الحاكم وعن له ان يدعى الربوبية فصار قوم من الجهال اذا
رأوه يقولون له يا واحدنا يا احدنا يا محيى يا مميت وكان قد اسلم جماعة من اليهود
فكانوا يقولون انا نريد ان نعاود شرعنا الاول فيفسح لهم فى الارتداد واوحش اخته
بمراسلات قبيحة وقال لها قد وقع الى انك تدخل الرجال اليك فراسلت قائدا يقال له
ابن دواس كان شديد الخوف من الحاكم ان يقتله فقالت انى اريد ان القاك اما ان تتنكر
لى وتاتيني واما ان اجىء انا اليك فجاءت اليه فقبل الارض بين يديها وخلوا فقالت له
لقد جئتك فى امر احرس نفسى ونفسك فقال انا خادمك فقالت انت تعلم ما يعتقده اخى فيك
وانه متى تمكن منك لم يبق عليك وانا كذلك ونحن معه على خطر عظيم وقد انضاف الى ذلك
ما قد تظاهر به وهتكه الناموس الذى قد اقامه آباؤنا وزيادة جنونه وحمله نفسه على
مالا يصبر المسلمون على مثله فأنا خائفة أن يثور الناس علينا فيقتلوه ويقتلونا
وتنقضى هذه الدولة اقبح انقضاء قال صدقت فما الرأى قالت تحلف لى واحلف لك
على كتمان ما جرى بيننا من السر وتعاضدنى على ما فيه الراحة من هذا الرجل فقال لها السمع والطاعة فتحالفا على قتله وانهما يقيمان ولده مقامه وتكون انت صاحب جيشه ومديره وانا فلا غرض لى الاسلامة المهجة فأقطعته ما يحصل مائة الف وقالت اختر لى عبدين من عبيدك تثق بهما على سرك وتعتمد عليهما فى مهمك فاحضرها عبدين موصوفين بالامانة والشهامة فاستحلفتهما على كتمان ما تخرج به اليهما فحلفا فوهبت لهما الف دينار ووقعت لهما باقطاع وقالت اريد منكما ان تصعدا غدا الى الجبل فتكتما فيه فان نوبة الحاكم ان يصعد غدا وليس معه الا الركابى وصبى وينفرد بنفسه فاذا قرب منكما خرجتما فقتلتماه وقتلتما الصبى وسلمت اليهما سكينين من عمل المغاربة وقررت ذلك معهما وكان الحاكم ينظر فى النجوم فنظر فى مولده وقد حكم عليه بقطع فى هذا الوقت وقيل فيه انه متى تجاوزه عاش تتمة نيف وثمانين سنة فلما كانت تلك الليلة احضر والدته وقال لها على فى هذه قطع عظيم وكأنى بك قد تهتكت وملكت مع اختى فاننى ما اخاف عليك اضر منها فتسلمى هذا المفتاح فهو لهذه الخزانة ولى فيها صناديق تشتمل على ثلاثمائة الف دينار فحولها الى قصرك لتكون ذخيرة لك فقبلت الارض وبكت وقالت له اذا كنت تتصور هذا فارحمنى ودع ركوبك الليلة فقال افعل وكان من رسمه ان يطوف كل ليلة حول القصر من اول الليل الى الصباح فى الف رجل فقعد تلك الليلة الى مضى صدر من الليل ثم ضجر واحب الركوب فرفقت به والدته وقالت اطلب النوم يا مولانا فنام ثم انتبه وقد بقى من الليل ثلثه فقال ان لم اركب واتفرج خرجت روحى وصعد الى الجبل وليس معه الا الصبى فخرج العبدان فطرحاه الى الأرض وقطعا يده وشقا جوفه ولفاه فى كساء وحملاه الى ابن دواس بعد ان قتلا الصبى فحمله ابن دواس الى اخته فدفنته فى مجلسها وكتمت امره واحضرت الوزير وعرفته الحال واستكتمته واستحلفته على الطاعة ورسمت له مكاتبة ولى العهد عن الحاكم وكان بدمشق بالمبادرة وانفذت
الى احد القواد يقيم فى الطريق فاذا وصل
ولى العهد قبض عليه وعدل به الى تنيس وكتبت الى عامل تنيس عن الحاكم بأن يحمل ما
قد اجتمع عنده وكان الف الف دينار والفى الف درهم وفقد الناس الحاكم فماجوا فى
اليوم الثالث وقصدوا الجبل فلم يقفوا على أثر فعادوا الى اخته فسألوها عنه فقالت
قد كان راسلنى قبل ركوبه واعلمنى انه يغيب سبعة ايام فانصرفوا على طمأنينة ورتبت
ركابيه بمضمون ويعودون كأنهم يقصدون موضعا ويقولون لكل من يسألهم فارقناه فى
الموضع الفلانى وهو عائد يوم كذا ولم تزل الاخت تدعو فى هذه الايام وجوه القواد
وتستحلفهم وتعطيهم والبست ابا الحسن على ابن الحاكم افخر الملابس واستدعت ابن دواس
وقالت له المعول فى قيام هذه الدولة عليك وتدبيرها موكول اليك وهذا الصبى ولدك
فينبغى ان تنتهى فى الخدمة الى غاية وسعك فقبل الارض ووعد بالاخلاص فى الطاعة
وأخرجت الصبى وقد لقبته الظاهر لاعزاز دين الله والبسته تاج المعز جد أبيه وأقيمت
المأتم على الحاكم ثلاثة ايام ورتبت الامور ترتيبا مهذبا وخلعت على ابن دواس خلعا
كثيرة وشرفته تشريفا عظيما فخرج فجلس معظما فلما تعالى النهار خرج نسيم صاحب الستر
والسيف ومعه مائة رجل كانوا مختصين بركاب السلطان ويحملون سيوفا بين يديه وكانوا
يتولون قتل من يؤمر بقتله فسلموا الى ابن دواس يكونون بحكمه وتقدمت الاخت الى نسيم
ان يضبظ ابواب القصر بالخدم ففعل وقالت له اخرج وقف بين يدى ابن دواس وقل يا عبيد
مولانا الظاهر يقول لكم هذا قاتل مولانا الحاكم واعملهم بالسيف ومرهم بقتله ففعل
ثم قتلت جماعة ممن اطلع على سرها فعظمت هيبتها وكان عمر الحاكم سبعا وثلاثين سنة
ومدة ولايته خمسا وعشرين سنة
وفى هذه السنة ولى ابو تمام بن ابى خازم القضاء بواسط من قبل قاضى القضاة ابى
الحسن ابن ابى الشوارب
وفيها انحدر سلطان الدولة الى واسط وخلع على ابى محمد بن سهلان الوزير
وامره ان يضرب الطبل فى اوقات الصلاة ثم
قبض عليه وكحل بعد ذلك
ووقع حرب بين السلاطين عند واسط عند واسط فاشتدت مجاعتهم فقطعوا عشرين الف رأس من
النخل فأكلوا جمارها ودقوا الاجذاع واستفوها واكلوا البغال والكلاب وبيع الكر
الحنطة بالف دينار فاشانية وبطل الحج في هذه السنة ذكر من توفى فى هذه السنة من
الاكابر
468 - احمد بن موسى ابن عبد الله بن اسحاق ابو بكر الزاهد المعروف بالروشنائى من
اهل مصراثا وهى قرية تحت كلواذى سمع ابا بكر بن مالك القطيعى وابا محمد بن ماسى
وغيرهما
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن على الحافظ قال احمد بن موسى
الروشنائى نعم العبد كان فيه فضل وديانة وصلاح وعبادة كتبت عنه فى قريته وكان له
بيت الى جنب مسجده فيدخله ويغلقه على نفسه ويشتغل بالعبادة ولا يخرج منه الا لصلاة
الجماعة وكان شيخنا ابو الحسين بن بشران يزوره فى الاحيان ويقيم عنده العدد من
الايام متبركا برؤيته مستروحا الى مشاهدته
توفى بمصراثا فى رجب هذه السنة خرج الناس من بغداد حتى حضروا الصلاة عليه وكان
الجمع كثيرا جدا ودفن فى قريته
469 - الحسين بن الحسين ابن على بن المنذر ابو القاسم القاضى ولد سنة احدى وثلاثين
وثلثمائة وسمع اسمعيل الصفار وابا عمرو بن السماك والنجاد والخلدى وغيرهم وكان
صدوقا ضابطا صحيح النقل كثير الكتاب حسن الفهم وخلف القاضى ابا عبد الله الحسين بن
هارون الضبى على القضاء ببغداد ثم خرج الى ميافارقين فتولى القضاء هناك سنين كثيرة
ثم عاد الى بغداد واقام يحدث بها الى حين وفاته وتوفى فى شعبان هذه السنة
نجز الجزء الثالث من كتاب المنتظم فى
تاريخ الملوك والامم لابن الجوزى الواعظ بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وحسبنا الله
ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم ورضى الله عن
اصحاب رسول الله اجمعين والحمد لله رب العالمين
ويتلوه فى الذى يليه ثم دخلت سنة اثنتى عشرة واربعمائة فمن الحوادث فيها انه كان
حاج العراق قد تأخر عن الحج
النسخ الخطية لهذا المجلد نسخة محفوظة
بمكتبة ايا صوفية باسلامبول تحت رقم وهى الاصل وعلامتها ص نسخة برلين يصفها حضرة
الدكتور كرنكو بأنها قديمة صعبة القراءة وعلامتها ب استحصل حضرة الدكتور سالم
الكرنكوى مصحح الدائرة نقولا من النسخة الاولى مأخوذة بالتصوير ثم نسخ هذا الجزء
بقلمه من نسخة ص ثم قابله على نسخة ب ثم ارسله الينا مع النقول التصويرية المأخوذة
من النسخة الاولى فاعدنا المقابلة مرة اخرى لزيادة التوثق
وقد اعتنى الدكتور المذكور بتصحيح الكتاب جهد الطاقة مع مراجعة تاريخ بغداد وتاريخ
ابن جرير وشذرات الذهب وغيرها وعلم كثيرا من الحواشى اثبتنا المهم منها وعلامة
حواشيه ك واتممنا التصحيح حسب الامكان والله المستعان
خاتمة الطبع الحمد لله على احسانه حمدا يليق بعظمة شأنه والصلاة والسلام على خاتم
انبيائه سيدنا محمد وآله وصحبه
وبعد فقد تم بحمد الله تعالى طبع الجزء السابع من كتاب المنتظم فى تاريخ الملوك
والامم للامام الشهير ابى الفرج ابن الجوزى رحمه الله وهو من انفس كتب التاريخ جمع
بين الوقائع والتراجم وكان الطبع بمطبعة الجمعية العلمية الشهيرة بدائرة المعارف
العثمانية بحيدرا آباد الدكن ادامها الله مصونة عن الفتن والمحن فى ظل الملك
المؤيد المعان الذى اشتهر فضله فى كل مكان السلطان بن
صدارة ذى الفضائل السنية والمفاخر العلية
النواب السير حيدرنواز جنك بهادر رئيس الجمعية ورئيس الوزراء فى الدولة الاصفية
والعالم العامل بقية الافاضل النواب محمد يارجنك بهادر وتحت اعتماد الماجد الاريب
الشريف النسيب النواب مهدى يارجنك بهادر عميد الجمعية و وزير المعارف والمالية فى
الدولة الآصفية ومعين امير الجامعة العثمانية وضمن ادارة العالم المحقق والفاضل
المدقق مولانا السيد هاشم الندوى معين عميد الجمعية مدير دائرة المعارف ادام الله
تعالى درجاتهم سامية ومحاسنهم زاكية
وعنى بتصحيحه من افاضل دائرة المعارف وعلمائها مولانا السيد هاشم الندوى ومولانا
محمد طه الندوى ومولانا الشيخ عبد الرحمن اليمانى ومولانا محمد عادل القدوسى
ومولانا السيد احمد الله الندوى والسيد حسن جمال الليل المدنى والشيخ احمد بن محمد
اليمانى وطبع بعد ملاحظة مولانا العلامة عبد الله العمادى عضو مجلس الدائرة غفر
الله ذنوبهم وستر عيوبهم
وكان تمام طبعه يوم الاربعاء تاسع عشر من شهر المحرم الحرام سنة 1359 وآخر دعوانا
ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد نبيه الامين وعلى
آله وصحبه الطيبين الطاهرين الى يوم الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
سنة ثم دخلت سنة اثنتى عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه كان حاج العراق تأخر عن الحج سنة عشر وسنة احدى عشرة فلما
جاءت سنة اثنتى عشرة قصد جماعة من الناس يمين الدولة إبا القاسم محمود ابن سبكتكين
وقالوا له انت سلطان الاسلام واعظم ملوك الأرض وفي كل سنة تفتتح من بلاد الكفر
قطعة والثواب في فتح مكة اعظم والتشاغل به اوجب وقد كان بدر بن حسنويه وما في
اصحابك الامن هو اكبر شأنا منه يسير الحاج بما له وتدبيره عشرين سنة فانظر الله
تعالى واجعل لهذا الأمر حظا من اهتمامك فتقدم الى أبي محمد الناصحي قاضي القضاة في
مملكته بالتأهب للحج ونادى في سائر اعمال خراسان بالتأهب للسير واطلق للعرب في
البادية ثلاثين الف دينار وسلمها الى الناصحي سوى ما أطلقه من الصدقات فحج بهم ابو
الحسن الأقساسى فلما بلغوا فيد حاصرهم العرب فبذل لهم الناصحى خمسة آلاف دينار
فلما لم يقنعوا وصمموا على أخذ الحاج وكان متقدمهم رجل يقال له جماز بن عدي بضما
العين من بني نبهان وكان جبارا فركب فرسه وعليه درعه وبيده رمحه وجال جولة يرهب
بها وكان في جماعة السمرقنديين غلام بعرف بابن عفان بوصف بجودة الرمى فرماه بنبلة
فوصلت الى قلبه فسقط ميتا وأفلت الحاج وساروا فحجوا وعادوا سالمين
وفي هذه السنة قلد القاضي ابو جعفر محمد بن احمد السمناني في الحسبة والمواريث
وقرأ لوزير ابن حاجب النعمان عهده وركب بالسواد وخلع على أبي علي الحسن ابن الحسين
الرخجي خلع الوزارة ولقب مؤيد الملك وقبض قرواش بن المقلد على أبي القاسم المغربي
الوزير وأطلقه وعلي أبي سليمان بن فهد فقتل سليمان نفسه
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
أحمد بن محمد بن احمد ابن عبدالله بن اسماعيل بن حفص ابو سعد الماليني الصوفي وما
لين قرية من قرى هراة احد الرحالين في طلب الحديث والمكثرين منه رحل الى البلاد
الكثيرة وسمع من اشياخ كثيرى العدد وكتبه من الكتب الطوال والمصنفات الكبار ثم رحل
الى مصر فمات بها في شوال هذه السنة وكان ثقة متقنا صدوقا صالحا
2 - الحسن بن الحسين بن محمد ابن الحسين بن رامين ابو محمد القاضي الاستراباذي نزل
بغداد وحدث عن أبي بكر الاسماعيلي وغيره كان صدوقا فقيها فاضلا صالحا توفى في هذه
السنة
3 - الحسن بن منصور ابو غالب الوزير الملقب ذا السعادتين ولد بسيراف سنة اثنتين
وخمسين وثلثمائة وتقلبت به الامور حتى صحب فخر الملك ولقبه سلطان الدولة وزير
الوزراء نجاح الملوك وخلع عليه وجعله ناظرا في بغداد فلما قطعت خطبة سلطان الدولة
وخطب لمشرف الدولة ألزم ابا غالب بالانحدار مع الديلم الى خوزستان فانحدر معهم
فلما وصل الى الا هواز نادى الديلم بشعار سلطان الدولة وهجموا علي ابي غالب فقتلوه
فكانت وزارته ثمانية عشر شهرا أو ثلاثة ايام وعمره ستون سنة وخمسة اشهر وصودر ابنه
على ثمانين الف دينار فلما بلغ سلطان الدولة قبل ابي غالب سكن قلبه واطمأن وقال
المطرز يرثى ابا غالب
... ابا غالب من للمعالي اذا دعت ... ومن عنك يسعى سعيها ويثيب ... ومن للمذاكي
يصطلين بغارة ... بها السيف عار والسنان خضيب ... فتى يستجير الملك ان صرخت به
الحوادث او حنت عليه خطوب ... ومن يكشف الغمى عنه بعزمه لها في قلوب النائبات وجيب
4 - الحسين بن عمرو ابو عبد الله الغزال
سمع ابن السماك والنجاد والخلدي والنقاش قال ابو بكر الخطيب كتبت عنه وكان شيخا
صالحا كثير البكاء عند الذكر ومنزله في شارع دار الرقيق وتوفي في ذي الحجة من هذه
السنة ودفن في مقبرة باب حرب
5 - محمد بن عمر ابو القاسم القزاز الحربي سمع النجاد يروى عنه الخطيب وقال كان
ثقة يقرئ القرآن ويصوم الدهر وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في مقبرة باب
حرب
6 - محمد بن عمر العنبري الشاعر كان ظريفا اديبا طلق النفس حسن الشعر اخبرنا عبد
الرحمن ابن محمد اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت قال انشدني ابو منصور محمد بن
محمد ابن عبد العزيز العكبري قال انشدني ابو بكر العنبري لنفسه
... اني نظرت الى الزما ... ن واهله نظرا كفاني ... فعرفته وعرفتهم ... وعرفت عزي
من هواني ... فلذاك اطرح الصديق فلا اراه ولا يراني ... وزهدت فيما في يديه ودونه
نيل الأماني ... فتعجبوا لمقالة ... وهب الا قاصى للاداني ... وانسل من بين الزحا
... م فما له في الخلق ثاني ...
وكان العنبري يتصوف ثم بان له عيوب الصوفية فذ مهم بقصائد قد كتبتها في تلبيس
ابليس توفي العنبري يوم الخميس ثاني عشر جمادي الاولى من هذه السنة
7 - محمد بن احمد بن محمد
ابن احمد بن رزق بن عبد الله بن يزيد بن خالد ابو الحسن البزاز المعروف بابن
رزقرية كان يذكر له نسبا في همدان سمع
اسماعيل بن محمد الصفار وابا الحسن المصري 1 وخلقا كثيرا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال سمعته يقول ولدت يوم
السبت لست خلون من ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلثمائة واول من سمعت منه الصفار واول
ماكتبت سنة سبع وثلاثين قال ابن ثابت كان ابن رزقوية يذكر انه درس الفقه وعلق على
مذهب الشافعي وكان ثقة صدوقا كثير السماع والكتاب حسن الاعتقاد جميل المذهب مديما
لتلاوة القرآن شديدا على اهل البدع ومكث يملي في جامع المدينة من بعد سنة ثمانين
وثلاثمائة الى قبل وفاته بمديدة وهو اول شيخ كتبت عنه واول ما سمعت منه في سنة
ثلاث واربعمائة كتبت عنه 2 املاء مجلسا واحدا ثم انقطعت عنه الى سنة ست وعدت
فوجدته قد كف بصره فلا زمته الى آخر عمره وسمعته يقول والله ما احب الحياة في
الدنيا لكسب ولا تجارة ولكن احبها الذكر الله تعالى ولقراءتي عليكم الحديث هذا قول
أبي بكر الخطيب وسمعت البرقاني يسأل عنه فقال ثقة وسمعت الازهري يذكر أن بعض
الوزراء دخل بغداد ففرق مالا كثيرا على اهل العلم وكان ابن رزقويه في من وجه اليه
من ذلك المال نقبلوا كلهم سواه فانه رده تورعا وظلف نفس وكانت وفاته غداة يوم
الاثنين سادس عشر جمادي الاولى سنة اثنتي عشرة واربعمائة ودفن في يومه بعد صلاة
الظهر في مقبرة باب الدير بالقرب من معروف الكرخي
8 - محمد بن احمد
ابن محمد بن فارس بن سهل ابو الفتح بن ابي الفوارس كان جده سهل يكنى ابا الفوارس
ولد ابو الفتح في سحر يوم الاحد لثمان بقين من شوال سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة
وسمع من ابي بكر النقاش والشافعي وابي علي بن الصواف وخلق كثير وسافر في طلب
الحديث الى البلاد وكتب الكثير وجمع وكان
ذا حفظ ومعرفة وامانة وثقة مشهورا
بالصلاح وكتب الناس عنه بانتخابه على الشيوخ وحدث عنه البرقاني وهبة الله الطبري
وكان يسكن بالجانب الشرقي ويملى في جامع الرصافة وتوفي يوم الاربعاء سادس عشر ذي
القعدة من هذه السنة ودفن الى جنب احمد بن حنبل غير أن بينهما قبور التميميين
الثلاثة كذا قال القزاز عن الخطيب
9 - محمد بن ابراهيم
ابن حوران بن بكران ابو بكر الحداد سمع ابا بكر الشافعي وروى عن ابي جعفر ابن بريه
كتاب المبتدأ لوهب وكان صدونا
10 - محمد بن الحسن
ابن محمد ابو العلاء الوراق ولد سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وسمع اسماعيل بن محمد
الصفار واحمد بن كامل القاضي وغيرهما وكان ثقة وكان ينزل في الجانب الشرقي ناحية
سوق يحيى وتوفي يوم الخميس ثاني عشرين ربيع الاول من هذه السنة ودفن في الخيزرانية
11 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن موسى ابو عبد الرحمن السلمى النيسابوري روى عن ابي العباس الاصم وغيره
وروى عنه مشايخ البغدادين الازهري والعشارى وغيرهما وكانت له عناية بأخبار الصوفية
فصنف لهم تفسيرا وسننا وتاريخا وجمع شيوخا وتراجم وابوابا وله بنيسابور دويرة
معروفة يسكنها الصوفية وفيها قبره وتوفي يوم الاحد ثالث شعبان من هذه السنة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت قال قال لي محمد بن
يوسف القطان النيسابوري كان ابو عبد الرحمن غير ثقة ولم يكن سمع من الاصم الاشيئا
يسيرا فلما مات الحاكم ابو عبد الله بن البيع حدث عن الاصم بتاريخ يحيى ابن معين
وبأشياء كثيرة سواها وكان يضع للصوفية الأحاديث
12 - ابو عبد الله بن الدجاجي
القارى المجود قد ذكرنا بعض حاله في الحج سنة اربع وتسعين وثلثمائة توفي في هذه
السنة
13 - ابو علي الحسن
ابن علي الدقاق النيسابوري كان يعظ ويتكلم على الاحوال والمعرفة
اخبرنا ابو الحسن علي بن احمد بن الحسن الموحد حدثنا ابو سعد عبد الرحمن بن مامون
بن علي المتولي النيسابوري اخبرنا ابو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال
سمعت الاستاذ ابا علي الحسن بن علي الدقاق يقول في قوله من تواضع لغنى لأجل دنياه
ذهب ثلثا دينه قال لأنه تواضع له بلسانه وخدمه بأركانه فلو تواضع له بقلبه ذهب
دينه كله 2 وقال عليك بطريق السلامة وإياك والتطلع لطرق البلاء ثم أنشد
... ذريني تجئني منيتي 2 مطمئنة ... ولم أتجشم هول تلك الموارد ... رأيت عليات 3
الامور منوطة ... بمستودعات في بطون الاساود ... وقال وعند القوم ان سرور الطلب
اتم من فرح الوجود لان فرح الوجود يخطر الزوال وحال الطلب برجاء الوصال وقال في
قوله اذكروني اذكركم اذكروني اليوم وانتم احياء اذكركم وانتم تحت التراب ان
الاحباب اذا اقفرت ديار احبابهم قالوا سقيا لسكانها ورعيا لقطانها كذلك الحق
سبحانه اذا اتت علينا الاعوام ونحن في التراب رحيم 4 ... يقول سقيا لعبادي وقال
البلاء الاكبر أن تريد ولا تراد وتدنو وترد الى البعاد وقال في حفت الجنة بالمكاره
اذا كان المخلوق لا وصول اليه الا يتحمل المشاق فما ظنك بمن لم يزل وقد قال في
الكعبة لم تكونوا بالغية الا بشق الانفس ثم انشد ... لولا المشقة ساد الناس كلهم
... الجود يفقر والاقدام قتال ...
قال يعقوب يا اسفي علي يوسف ويوسف يقول انت ولي وانشد
جننا بليلى وهي جنت بغيرنا ... وأخرى بنا
مجنونة لا نريدها ...
سنة 413
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في بوم الثلاثاء خامس عشر ذي القعدة فتح المارستان المؤيدى
الذي بناه مؤيد الملك ابو علي الحسن الرخجي وزير مشرف الدولة بواسط وحملت اليه الادوية
والاشربة ورتب له الخزان والاطباء والوكلاء ووقفت عليه الوقوف وجعلت على المعاملات
السلطانية مشاهرة
وفي هذه السنة في زمن الحج عمد بعض الحاج المصريين الى الحجر الاسود فضربه بدبوس
كان في يده حتى شعثه وكسر قطعا منه وعاجله الناس فقتلوه وثار المكيون بالمصريين
ونهبوهم وقتلوا قوما منهم وركب ابو الفتوح الحسن ابن جعفر فاطفأ الفتنة ودفع عن
المصريين قال هلال بن المحسن وقيل ان الفاعل مافعله الا وهو من الجهلة الذين كان
الحاكم استغواهم وأفسد اديانهم وقيل كان ذلك في سنة اربع عشرة قال وقرأت في كتاب
كتب بمصر في هذا المعنى كان من جملة من دعاه الخوف الى الانتزاح رجل من اهل البصرة
اهوج اثول سار مع الحجيج الى مكة فرقا من السيف وتسترا بالحج فلما وصل اعلن الكفر
واظهر ما كان يخفيه فقصد الحجر الاسود فضربه بدبوس في يده اطارت شظايا ووصلت بعد
ذلك ثم ان هذا الكافر عوجل بالقتل
اخبرنا شيخنا محمد بن ناصر الحافظ قال اخبرنا ابو الغنائم مجمد بن علي بن ميمون
النرسي انبأنا ابو عبد الله محمد بن عبد الرحمن العلوي في سنة ثلاث عشرة واربعمائة
كسر الحجر الاسود لما صليت الجمعة يوم النفر الاول ولم يكن رجع الناس بعد من منى
قام رجل ممن ورد من ناحية مصر باحدى يديه سيف مسلول وبالاخر ى دبوس بعد ماقضى
الامام الصلاة فقصد ذلك الحجر ليستلمه على الرسم فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات
متوالية بالدبوس وقال الى متى يعبد الحجر ولا محمد ولا علي يمنعنى عما افعله فاني
اهدم هذا البيت وارفعه
فاتقى اكثر الحاضرين وتراجعوا عنه وكاد
يفلت وكان رجلا تام المقامة احمر اللون اشقر الشعر سمين الجسم وكان على باب المسجد
عشرة من الفرسان على ان ينصروه فاحتسب رجل من اهل اليمن اومن اهل مكة او من غيرها
فوجأه بخنجر واحتوشه الناس فقتلوه وقطعوه وأحرقوه بالنار وقتل من اتهم بمصاحبته
ومعاونته علىذلك المنكر جماعة وأحرقوا بالنار وثارت الفتنة وكان الظاهر من القتلى
اكثر من عشرين غير ما اختفى منهم وألحوا في ذلك اليوم على المغاربة والمصريين
بالنهب والسلب وعلي غيرهم في طريق منى الى البلد وفي يوم النفر الثاني اضطرب الناس
وماجوا وقالوا انه قد اخذ في اصحاب الخبيث لعنه الله اربعة انفس اعترفوا بانهم
مائة بايعوا على ذلك وضربت اعناق هؤلاء الاربعة وتقشر بعض وجه الحجر في وسطه من
تلك الضربات وتخشن وزعم بعض الحاج أنه سقط من الحجر ثلاث قطع واحدة فوق آخرى فكأنه
يثقب ثلاث ثقب ما يدخل الأنملة في كل ثقبة وتساقطت منه شظايا مثل الاظفار وطارت
منه شقوق بيمنا وشمالا وخرج مكسره احمر يضرب الى الصفرة محببا مثل الخشخاش فأقام
الحجر علي ذلك يومين ثم ان بني شيبة جمعوا ما وجدوه مما سقط منه وعجنوه بالمسك
واللك وحشوا تلك المواضع وطلوها بطلاء من ذلك فهو بين لمن تأمله وهو على حاله
اليوم
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
14 - عمر بن محمد
ابن عمر ابو علي العلوي سكن بغداد وحدث بها وقد ذكرنا حال ابيه وتوسعه في الدنيا
وكان لعمر هذا مال كثير فقبض عليه قرواش بن المقلد وأخذ منه مائة الف دينار وتوفي
في هذه السنة واستولى السلطان على اكثر امواله وضياعه
15 - دجى بن عبد الله
ابو الحسن الخادم الاسود الخصي مولى الطائع لله كان قريبا منه وخصيصا به
يسفر بينه وبين الملوك سمع ابا الفضل بن
المامون وغيره وكان سماعه صحيحا وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة
16 - علي بن هلال
ابو الحسن المعروف بابن البواب صاحب الخط الحسن صحب ابن سمعون وكان يقص بجامع
المدينة وبلغنا ان ابا الحسن البتي دخل دار فخر الملك ابي غالب فوجد ابن البواب
جالسا في عتبة باب ينتظر خروج الملك فقال جلوس الاستاذ في العتب رعاية للنسب فحرد
ابن البواب وقال لو أن إلى من أمر الدنيا شيئا ما مكنت مثلك في الدخول فقال البتى
ما تترك صنعه الشيخ رحمة الله توفي ابو الحسن يوم السبت ثاني جمادي الآخرة من هذه
السنة ودفن بمقبرة باب حرب ورثي بابيات منها هذه
... فللقلوب التي ابهجتها حزن ... وللعيون التي أقررتها سهر ... وما لعيش وقد
ودعته أرج ... ولا لليل وقد فارقته سحر ...
17 - علي بن عيسى
ابن سليمان بن محمد بن سليمان بن ابان ابو الحسن الفارسي المعروف بالسكري الشاعر
اصله من نفر وهو بلد على النرس من بلاد الفرس ولد ببغداد في صفر سنة سبع وخمسين
وثلثمائة وكان يحفظ القرآن والقراآت وكان متفننا في الآداب وصحب القاضي ابا بكر بن
الطيب واكثر شعره في مدح الصحابة والرد على الرافضة والنقص على شعرائهم توفي في
يوم الثلاثاء سلخ شعبان وقيل يوم الاثنين لثلاث بقين من شعبان ودفن في مقبرة باب
الدير في الموضع المعروف بتل صافي مقابل قبر معروف وأمر أن يكتب في لوح وينقش على
قبره ابيات قالها وهي ... نفس يا نفس كم تمادين في الغى ... وتأتين بالفعل المعيب
... راقبي الله واحذري موضع العر ... ض وخافي يوم الحساب العصيب
لا يغرنك السلامة في العيش فان السليم
رهن الخطوب ... كل حي فللمنون ولا يد ... فع بأس المنون كيد الأريب ... واعلمى ان
للمنية وقتا ... سوف يأتي عجلان غير هيوب ... فأعدى لذلك اليوم زادا ... وجوابا
لله غير كذوب ... ان حب الصديق في موقف الحشر ... أمان للخائف المطلوب
18 - محمد بن احمد بن محمد
ابن منصور ابو جعفر البيع ويعرف بالعتيقي
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال ذكرلي ابنه ابو الحسن انه ولد برويان سنة احدى
وثلاثين وثلثمائة وحمل الى طرسوس وهو ابن سبع سنين فنشأ بها وسمع الحديث من شيخ
كان بها يعرف بالخواتيمي ولم يزل حتى غلبت الروم على البلد فانتقل الى دمشق ثم ورد
بغداد فسكنها حتى مات بها في يوم الخميس الثاني والعشرين من المحرم سنة ثلاث عشرة واربعمائة
قال ابو الحسن وحدثني بشيء يسير وسمعت منه
19 - محمد بن احمد بن يوسف
ابن وصيف ابو بكر الصياد ولد في محرم سنة خمس وثلاثين وثلثمائة وسمع ابا بكر
الشافعي والقطيعي وغيرهما وكان ثقة صدوقا خير انتخب عليه ابن أبي الفوارس وتوفي
يوم الجمعة لخمس خلون من ربيع الاول سنة ثلاث عشرة
20 - محمد بن محمد بن النعمان
ابو الله المعروف بابن المعلم شيخ الإمامية وعالمها صنف على مذهبهم ومن اصحابه
المرتضى وكان لابن المعلم مجلس نظر بداره بدرب رياح يحضره كافة العلماء وكانت له
منزلة عند امراء الاطراف يميلهم الى مذهبه توفي في رمضان هذه السنة ورثاه المرتضى
فقال
من لفضل أخرجت منه خبيئا ومعان فضضت عنها
ختاما ... من ينير العقول من بعد ما كنا همو دأ ويفتح الا فهاما ... من يعير
الصديق رأيا اذا ما ... سله في الخطوب كان حساما ...
ودفن في مقبرة
سنة 414
ثم دخلت سنة اربع عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه لما سار مشرف الدولة مصعدا الى بغداد روسل الخليفة القادر في
البروز لتلقيه فتلقاه من الزلاقة ولم يكن تلقي احدا من الملوك قبله وخرج في يوم
الاثنين لليلتين بقيتا من المحرم فركب في الطيار وعليه السواد والبردة ومن جانبه
الأيمن الامير ابو جعفر ومن جانبه الايسر الامير ابو القاسم وبين يديه ابو الحسن
علي بن عبد العزيز وحوالي القبة المرتضى ابو القاسم الموسوي وأبو الحسن الزينبي
وقاضي القضاة ابن أبي الشوارب وفي الزبازب المسودة من العباسين والقضاة والقراء
والفقهاء فنزل مشرف الدولة في زبزبة ومعه خواصه وصعدوا الى الطيار وقد طرح أنجره
فوقف فقبل الارض دفعة ثانية وسأله الخليفة عن خبره وعرفه استيحاشه لبعده وانسه
الآن بقربه والعسكر واقف بأسره في شاطىء دجلة والعامة في الجانبين والسماريات وقام
مشرف الدولة فنزل في زبزبة واصعد الطيار
وفي يوم الجمعة لثلاث بقين من شعبان غدر خليفة بن هراج الكلابي بالقافلة الواردة
معه وفي خفارته من مصر وعدل بها الى حلته فأناخ جمالها وأخذ احمالها وصرف اربابها
على اسوأ حال وكانت تشتمل على نيف واربعين حملا بزا وثلاثين الف دينار مغربية وعرف
الخبر قرواش فركب في رمضان من الأنبار وتوجه نحوه فهزم قرواش وتمزقت العرب بالمال
وفي هذه السنة ورد كتاب من يمين الدولة ابي القاسم محمود بن سبكتين الى القادر
بالله يذكر له غزوة في بلاد الهند وانه اوغل في بلادهم حتى جاء الى قلعة
عد فيها ستمائة صنم وقال أتيت قلعة ليس
لها في الدنيا نظير وما الظن بقلعة تسع خمسمائة الف انسان وخمسمائة فيل وعشرين الف
دابة ويقوم لهذا العدد بما يكفيه من علوفة وطعام واعان الله حتى طلبوا الامان
فآمنت ملكهم وأقررته على ولايته بخراج قرر عليه وانفذ هدايا كثيرة وفيلة ومن الطرف
الغريبة طائر على هيئة القمرى ومن خاصته انه اذا حضر على الخوان وكان في شيء مما
قدم سم دمعت عينه وجرى منها ماء تحجروحك فطلى بما يحك منه الجراحات ذوات الأفواه
الواسعة فيلحمها فتقبلت هديته وانقلب العبد بنعمة من الله وفضله
ووزر ابو القاسم المغربي لمشرف الدولة بعد الرخجى فقال رجل لكون الوزير كان مشغولا
بالنحو
... ويل وعول وويه ... لدوله إبن بويه ... سياسة الملك ليست ... ما جاء عن سيبويه
...
وفي هذه السنة حج بالناس ابو الحسن محمد بن الحسن الاقساسى العلوي وعاد على طريق
الشام لاضطراب الجادة
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر * 21 الحسين بن فضل
ابن سهلان ابو محمد الرامهرمزى وزر لسلطان الدولة وبني سور الحائر من مشهد الحسين
عليه السلام في سنة ثلاث واربعمائة وقتل في شعبان هذه السنة عن ثلاث وخمسين سنة
22 - الحسين بن محمد
ابو عبدالله الكشفلى الطبري تفقه على ابي القاسم الداركي وكان فهما فاضلا ودرس بعد
ابي حامد في مسجده وهو مسجد عبدالله بن المبارك بقطيعة الربيع وكان يقرء عليه فقيه
من اهل بلخ فتأخرت نفقته فأضربه ذلك فشكا حاله
الى الكشفلى فأخذه ودخل على رجل من
التجار بالقطيعة يقال له ابن برويه وسأله أن يقرضه شيئا حتى تأتي نفقته من بلده
فأمر بتقديم الطعام فلما اكلوا تقدم الى جارية فاحضرت زنفيلجة فوزن منها عشرين
دينارا ودفعها اليه وخرج الكشفلى وهو يشكره ورأى الفقيه قد تغير فسأله عن حاله
فأخبره انه قد هوى الجارية التي حملت الزنفيلجة فعاد الكشفلى الى ابن برويه فقال
له قد وقعنا في قصة أخرى قال ما هي فأخبره بحال الفقيه مع الجارية فسلمها اليه
وقال ربما كان في قلبها منه مثل ما في قلبه لها ووصل الفقيه من ابيه ستمائة دينار
توفي الكشفلى في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقابر باب حرب
23 - الحسين بن الحسن
ابن محمد بن القاسم ابو عبدالله المخزومي الغضائري سمع الصولي وابن السماك والنجاد
والخلدي وكان ثقة توفي في محرم هذه السنة ودفن بقرب قبر احمد بن حنبل
24 - علي بن عبدالله
ابن جهضم ابو الحسن الصوفي صاحب بهجة الاسرار وكان شيخ الصوفية توفي بمكة وقد
ذكروا انه كان كذابا ويقال انه وضع صلاة الرغائب وانبأنا شيخنا ابن ناصر عن ابي
الفضل بن خيرون قال قد تكلموا فيه
25 - القاسم بن جعفر
ابن عبد الواحد ابو عمر الهاشمي البصري قدم بغداد في سنة احدى وسبعين وقبلت شهادته
ثم قدمها مع ابي محمد بن معروف في سنة سبع وسبعين
وكانت ولادته سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة
سمع عبد الغافر بن سلامة وابا علي اللؤلؤي في خق وكان ثقة أمينا وولى القضاء
بالبصرة وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة
26 - محمد بن احمد
ابن الحسين بن يحيى ابو الفرج القاضي الشافعي يعرف بابن سميكة حدث عن ابي بكر
النجاد وابي علي بن الصواف وحبيب بن الحسن القزاز وغيرهم اخبرنا القزاز اخبرنا ابن
ثابت الخطيب قال كتبنا عنه بانقاء محمد بن ابي الفوارس وكان ثقة وتوفي يوم
الثلاثاء ودفن يوم الاربعاء لست خلون من شهر ربيع الاول سنة اربع عشرة واربعمائة
ودفن في مقبرة باب حرب
27 - محمد بن احمد
ابو جعفر النسفي كان عالما بالفقه على مذهب ابي حنيفة وصنف تعليقه مشهورة وكان فقيرا
متزهدا فبات ليلة مكروبا من الاضاقة فوقع له فرع من فروع مذهبه فأعجب فقام قائما
يرقص في داره ويقول ابن الملوك وابناء الملوك فسألته زوجته عن حاله فأخبرها فتعجبت
توفي في شعبان هذه السنة
28 - هلال بن محمد
ابن جعفر بن سعدان ابو الفتح الحفار ولد سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة سمع إسماعيل
الصفر وابا عمرو بن السماك والنجار وابن الصواف وكان صدوقا ينزل بالجانب الشرقي
قريبا من الحطابين توفي في صفر هذه السنة
سنة 415
ثم دخلت سنة خمس عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الوزير المغربي جمع الاتراك والمولدين ليحلفوا لمشرف الدولة
وكلف مشرف الدولة المرتضى ونظام الحضرتين ابا الحسن الزينبي وقاضي القضاة وابا
الحسن بن ابي الشوارب وجماعة من الشهود الحضور فاحلفت
طائفة من القوم فظن الخليفة ان التحالف
لنية مدخولة في حقه فبعث من دار الخليفة من منع الباقين بأن يحلفوا وانكر على
المرتضى والزينبي وقاضي القضاة حضورهم بلا اذن واستدعوا الى دار الخلافة وسرح
الطيار واظهر عزم الخليفة على الركوب وتأدى ذلك الى مشرف الدولة وانزعج منه ولم
يعرف السبب فيه فبحث عن ذلك اذابه انه اتصل بالخليفة ان هذا التحالف عليه فترددت
الرسائل باستحالة ذلك وانتهى الامر الى ان حلف مشرف الدولة على الطاعة والمخالصة
للخليفة وكان وقوع اليمين في يوم الخميس الحادي عشر من صفر وتولى اخذها واستيفاءها
القاضي ابو جعفر السمناني ثم حلف الخليفة لمشرف الدولة
وفي رجب وقع العقد لمشرف الدولة على بنت علاء الدولة ابي جعفر بن كاكويه وكان الصداق
خمسين الف دينار
وفي هذه السنة تأخر الحاج الخراسانية للاشفاق من فساد طريق مكة وفيها حج بالناس
ابو الحسن الاقساسى وحج معه حسنك صاحب محمود بن سبكتكين فنفذ اليهما صاحب مصر خلعا
وصلة فسارا الى العراق ولم يدخل حسنك بغداد خوفا ان ينكر عليه من دار الخلافة فكوتب
محمود بن سبكتكين بما فعله حسنك فنفذ برسوله ومعه الخلع المصرية فاحرقت على باب
النوبي وعاد الحاج على طريق الشام وورد كثير منهم في السفن من طريق الفرات وجاء
قوم على الظهر الى اوانا وذاك لأنهم عللوا العرب في ممرهم بأنا سنرضيكم فخافوا ان
يصيروا في ايديهم بحكمهم فعرجوا الى تلك الطريق لطلب السلامة
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
29 - احمد بن محمد
ابن عمر بن الحسن بن عبيد بن عمرو بن خالد بن الرفيل ابو الفرج المعدل المعروف
بابن المسلمة ولد في سنة سبع وثلاثين وثلثمائة وسمع أباه واحمد
ابن كامل والنجاد والخطبي ودعلج بن احمد
وغيرهم وكان ثقة يسكن في الجانب الشرقي بدرب سليم ويملى في كل سنة مجلسا واحدا في
اول المحرم وكان عاقلا فاضلا كثير المعروف وداره مألفا لاهل العلم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال حدثني رئيس الروساء أبو
القاسم علي بن الحسن بن احمد بن محمد قال كان جدي يختلف في درس الفقه الى ابي بكر
الرازي وكان يصوم الدهر وكان يقرأ كل يوم سبع القرآن بالنهار ويعيده بعينه في
ليلته في ورده قال رئيس الرؤساء ورأيت ابا الحسين القدوري الفقيه بعد موته في
المنام فقلت له كيف حالك فتغير وجهه ودق حتى صار كهيئة الوجه المرئي في السيف دقة
وطولا واشار الى صعوبة الامر فقلت كيف حال الشيخ ابي الفرج يعني جده فعاد وجهه الى
ما كان عليه وقال لي ومن مثل الشيخ ابي الفرج ذاك ثم رفع يده الى السماء فقلت في
نفسي يريد بهذا قول الله تعالى وهم في الغرفات آمنون توفي ابو الفرج ابن المسلمة
في ذي القعدة من هذه السنة
30 - احمد بن محمد بن احمد
ابن القاسم ابو الحسن المحاملي كان ابوه احد الشهود ببغداد وتفقه على ابي حامد
وبرع وصنف المصنفات المشهورة وكان ابو حامد يقول هو احفظ للفقه مني وتوفي في ربيع
الآخر من هذه السنة وهو شاب
31 - سلطان الدولة
ابن بهاء الدولة توفي بشيراز عن اثنتين وثلاثين سنة وخمسة اشهر
32 - عبيد الله بن عمر
ابن علي بن الأشرس ابو القاسم الفقيه المقرىء المعروف بابن البقال سمع النجاد وابا
علي ابن الصواف قال الخطيب سمعنا منه بانتفاء ابن ابي الفوارس وكان ثقة
وتوفي في صفر هذه السنة ودفن في مقبرة
باب حرب
33 - عبيد الله بن عبدالله
ابن الحسين ابو القاسم الخفاف المعروف بابن النقيب
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال رأى الشبلي وسمع من ابي طالب ابن البهلول وكان
سماعه صحيحا وكان شديدا في السنة وبلغني انه جلس للتهنئة لما مات ابن المعلم شيخ
الرافضة وقال ما ابالي اي وقت مت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم قال وسمعت رئيس
الروساء ابا القاسم وكان ينزل في جواره ناحية الرصافة قال مكث كذا وكذا سنة ذهب
عني حفظ عددها كثره يصلي الفجر على وضوء العشاء ويحيى الليل بالتهجد قال الخطيب
وسألته عن مولده فقال ولدت سنة خمس وثلثمائة ومات ابو بكر بن مجاهد في سنة اربع
وعشرين ولي تسع عشرة سنة وأذكر من الخلفاء المقتدر والقاهر والراضي والمتقى
والمستكفى والمطيع والطائع والقادر والغالب خطب له بولاية العهد توفي ابن النقيب
في سلخ شعبان هذه السنة
34 - عمر بن عبدالله
ابن عمر بن تعويذ ابو حفص الدلال توفي في هذه السنة قال المصنف سمعت ابا الفضل
الارموي يقول سمعت ابا الحسن بن المهتدى يقول سمعت عمر ابن عبد الله بن تعويذ يقول
سمعت الشبلي يقول ... وقد كان شيء يسمى السرور ... قديما سمعنا به ما فعل ...
خليلي ان دام هم النفوس ... قليلا على ما نراه قتل ... مؤمل دنيا لتبقى له ...
فمات المؤمل قبل الامل ...
35 - علي بن محمد
ابن عبدالله بن بشران بن محمد بن بشر بن مهران ابو الحسين المعدل سمع علي بن
المصري واسماعيل بن محمد الصفا والحسين بن صفوان وغيرهم وكان صدوقا
ثقة ثبتا حسن الاخلاق تام المروءة توفي
في شعبان هذه السنة وقيل في رجب عن سبع وثمانين سنة ودفن بباب حرب
36 - عبي بن عبد الصمد
ابو الحسن الشيرازي ويعرف بابن أبي علي تولى حجبة القادر بالله في شوال سنة تسع
وثمانين وثلثمائة فلم يزل على ولايته الى سنة ثمان واربعمائة وكثرت الفتن فجاء الى
دار الخليفة واظهر التوبة من العمل وأشهد على نفسه بذلك في الموكب فولى بعده ابو
مقاتل فأراد دخول الكرخ فمنعه أهلها فاحرق الدكاكين والجعافرة فصارت تلولا فعاد
علي بن أبي علي الى الولاية في سنة تسع واربعمائة وقتل الموسومين بالفتن من الشيعة
والسنة ونفى ابن المعلم ففيه الامامية وجماعة من الوعاظ واهل السنة ونسبهم الى
معاونة اهل الفتن فقامت الهيبة وسكن البلد فلما ولي ابو القاسم المغربي الوزارة
صادر علي بن أي علي على خمسة آلاف دينار مغربية والف عليه العيارين فقتلوه على باب
درب الديزج ليلة النصف من رجب هذه السنة وتولى المعونة بعده ابو علي الحسن بن احمد
غلام ابن الهدهد وكان مهيار الشاعر الحي والمطرز الشاعر كوسجا
37 - محمد بن المظفر
ابن علي بن حرب أبو بكر الدينوري الصالح توفي في ذي الحجة من هذه السنة
38 - محمد بن الحسن
ابو الحسن الأقساسى العلوي وهو من ولد محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن على حج
بالناس سنين كثيرة نيابة عن المرتضى الموسوى وله شعر مليخ ومنه قوله في غلام اسمه
بدر ... يا بدر وجهك بدر ... وغنج عينيك سحر
وماء خديك ورد ... وماء ثغرك خمر ...
امرت عنك بصبر ... وليس لي عنك صبر ... تأمرني بالتسلى ... مالي مع الشوق امر ...
توفي في هذه السنة ورثاه المرتضى بأبيات منها قوله
... وقد خطف الموت كل الرجال ... ومثلك من بيننا ما خطف ... وما كنت الا ابي
الجنان ... على الضيم محتميا بالانف ... خليا من العار صفر الازار ... مدى الدهر
من دنس او نطف ...
39 - محمد بن احمد
ابن عمر بن علي ابو الحسن ويعرف بابن الصابوني ولد سنة احدى وثلاثين وثلثمائة وسمع
ابا بكر الشافعي وغيره وكان صدوقا وتوفي يوم الخميس السادس عشر من رجب ودفن في
مقبرة باب الشام
40 - محمد بن احمد
ابن محمد بن احمد بن الفرج بن بي طاهر ابو عبدالله الدقاق ويعرف بابن البياض ولد
في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائه وسمع احمد بن سلمان وجعفر الخلدي وابا بكر
الشافعي وغيرهم
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن ثابت قال كان الدقاق شيخا فاضلا دينا صالحا ثقة من
اهل القرآن ومات في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان سنة خمس عشرة واربعمائة
41 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن الفضل ابو الحسين الازرق القطان سمع اسماعيل الصفار وابا عمرو بن
السماك وابا بكر النجاد وجعفر الخلدي في آخرين وكان ثقة وتوفي في رمضان هذه السنة
ودفن في مقبرة باب الدير
سنة 416
ثم دخلت سنة ست عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان العيارين انبسطوا انبساطا اسرفوا فيه وخرقوا هيبة السلطان
وواصلوا العملات واراقوا الدماء
وفي ربيع الآخر توفي الملك مشرف الدولة ونهبت الخزائن واستقر الامر على تولية جلال
الدولة ابي طاهر فخطب له على المنابر وهو بالبصرة فخلع على شرف الملك ابن ماكولا
وزيره ولقبه علم الدين سعد الدولة امين الملة شرف الملك وهو اول من لقب بالالقاب
الكثيرة ثم تاخر اصعاده لما عليه الامور من الانتشار واعلم بان الملك يحتاج الى
المال وليس عنده فاظهر الجند الخوض في امر الملك ابي كاليجار ثم تظاهروا بعقد
الأمر له وانحدر الاصفهسلارية الى دار الخلافة وراسلوا الخليفة وعددوا ما عاملهم
به جلال الدولة من اغفال امرهم واهمال تدبيرهم وانهم قد عدلوا الى ابي كاليجار اذ
كان ولى عهد ابيه سلطان الدولة الذي استخلفه بهاء الدولة عليهم فتوقف الجواب ثم
عادوا فقيل لهم نحن مؤثرون لما تؤثرونه وخرج الامر باقامة الخطبة للملك ابي
كاليجار واقيمت له في يوم الجمعة سادس عشر شوال فكوتب جلال الدولة بذلك فاصعد من
واسط
وكان صاحب مصر قد انفذ الى يمين الدولة محمود بن سبكتكين خلعة مع ابي العباس احمد
بن محمد الرشيدي الملقب زين القضاة الى الخليفة فجلس القادر بالله في يوم الخميس
لتسع بقين من جمادي الآخرة لأبي العباس الرشيدي بعد أن جمع القضاة والشهود
والفقهاء والاماثل واحضر ابو العباس ما كان حمله صاحب مصر وأدى رسالة يمين الدولة
بأنه الخادم المخلص الذي يرى الطاعة فرضا ويبرأ من كل ما يخالف الدولة العباسية
فلما كان فيما بعد هذا اليوم اخرجت الثياب الى باب النوبي وحفرت حفرة طرح فيها
الخطيب ووضعت الثياب
فوقه وضربت بالنار وابو الحسن علي بن عبد
العزيز والحجاب حاضرون والعوام ينظرون وسبك المركب فخرج وزن فضة اربعة الآف
وخمسمائة واثنتين وستين درهما فتصدق به على ضعفاء بني هاشم
وفي هذه السنة زاد امر العيارين وكبسوا دور الناس نهارا وفي الليل بالمشاعل
والموكبيات وكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره ويستخرجونها منه بالضرب كما
يفعل المصادرون ولا يجد المستغيث مغيثا ظاهرا وانبسطوا على الاتراك وخرج اصحاب
الشرط من ابلد وقتل كثير من المتصلين بهم وعملت الابواب واوثقت على الدروب ولم يغن
ذلك شيئا واحرقت دار الشريف المرتضى على الصراة وقلع هو باقيها وانتقل الى درب
جميل وكان الاتراك قد احرقوا طاق الحراني لفتنة جرت بينهم وبين العيارين والعامة
وكان هذا الاختلاط من شهر رجب سنة خمس عشرة الى آخر ست عشرة وغلت الاسعار وفي هذه
السنة بيع الكر بثمانين دينارا فخرج خلق من اوطانهم وتأخر في هذه السنة ورود الحاج
الخراسانية فلم يحج احد من خراسان ولا العراق
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
42 - سابور بن اردشير
وزر لبهاء الدولة ابي نصر بن عضد الدولة ثلاث مرات وكان كاتبا شديدا وابتاع دارا
بين السورين في سنة احدى وثمانين وثلثمائة وحمل اليها كتب العلم من كل فن وسماها
دار العلم وكان فيها اكثر من عشرة آلاف مجلد ووقف عليها الوقوف وبقيت سبعين سنة
واحرقت عند مجيء طغرلبك في سنة خمسين واربعمائة ووزر لشرف الدولة بن عضد الدولة
وكان عفيفا عن الاموال كثير الخير سليم الباطن وكان اذ سمع الاذان ترك ما هو فيه
من الاشتغال وقام الي الصلاة ولم يعبأ بشيء الا انه كان يكثر الولاية والعزل فولى
بعض العمال عكيرا
فقال له أيها الوزير كيف ترى أستاجر
السمارية مصعدا ومنحدرا فتبسم وقال امض ساكنا وتوفي ببغداد هذه السنة وقد قارب
السبعين
43 - عثمان النيسابوري
الخركوشي الواعظ كان يعظ الناس وله كتاب صنفه في الوعظ من ابرد الاشياء وفيه
احاديث كثيرة موضوعة وكلمات مرذولة لكنه قد كان فيه خير دخل على القادر في سنة ست
وتسعين وثلثمائة فوقف بين يديه وقال اطال الله بقاء امير المؤمنين حدثني فلان عن
فلان عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال لكل امام دعوة مجابة فان رأى امير
المؤمنين ان يخصني في هذا اليوم بدعوة فقال له بارك الله عليك وفيك وكان له حشمة
عظيمة ومحلته حمى يلجأ اليها وكان محمود بن سبكتكين اذا رآه يقوم له ويستقبله اذا
قصده فدخل عليه محمود يوما وقال له قد ضاق صدري كيف قد صرت تكدى فقال كيف قال
بلغني أنك تأخذ اموال الضعفاء وهذا هو الكدية وكان محمود قد سقط على اهل نيسابور
شيئا فكف عن ذلك ووقع بنيسابور حرف فأخذ يغسل الموتى ويواريهم فغسل عشرة آلاف
44 - محمد بن الحسن
ابن صالحان ابو منصور وزر لشرف الدولة أبي الفوارس بن عضد الدولة ثم لأخيه بهاء
الدولة وكان يحب الخير والعلماء ويميل الى العدل ويفضل على الناس واذا سمع الاذان
ترك شغله ونهض لأداء الفرض وكان له مجلس نظر يحضر اهل العلم وكان يعطى العلماء والشعراء
وتوفي ببغداد في رمضان هذه السنة عن ست وسبعين سنة وكان ابو علي اسماعيل الموفق
يخلف ابا منصور فأتاه بشر بن هارون النصراني فقال اني قد هجوت الوزير ابا منصور
بابيات فيها ... قالوا مضيت الى الوزير ... فقلت بظر ام الوزير ... يلقى الكرام
نعم واما ذا فيلقى جوف بئر
فقال لو سمعها منك لحمدت امرك معه فقال
ما عليك ان انشدتها اياه قال ما تؤثر قال مائة درهم وعشرة اقفزة حنطة فدخل على
الوزير وقال له قد انعمت على بما تقصر شكري عنه وقد حسدني قوم على قربي منك وقالوا
أبيانا على لساني فيك فأخاف ان تصدق ذلك اذا سمعته فقال لا تخف فما الابيات فأنشده
اياه فضحك وخرج وكتب له علي ابو بالدراهم والحنطة على وكيله فدافعه فكتب إليه
... ايها السيد الكريم الجليل ... هل الى نظرة اليك سبيل ... فأناجك باشتكاء وكيل
... ليس حسبي وليس نعم الوكيل ...
45 - مشرف الدولة
ابو علي بن بهاء الدولة أصابه مرض حاد فتوفي لثمان بقين من ربيع الأول عن ثلاث
وعشرين سنة وثلاثة اشهر واربعة عشر يوما وكانت مدة امارته خمس سنين وشهرا وخمسة
وعشرين يوما
سنة 417
ثم دخلت سنة سبع عشر واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الاصفهسلارية وردوا الى بغداد فراسلوا العيارين وكانوا قد
كثروا بالانصراف عن البلد فلم يلتفتوا الى هذه المراسلة وخرجوا الى مضارب
الاصفهسلارية وصاحوا وشتموا ووقعت حرب طوال النهار واصبح الجند على غيظ وحنق
فلبسوا السلاح وضربوا الدبادب كما يفعل في الحرب ودخلوا الكرخ ووقعت النار فأحرق
من الدكاكين الى النحاسين وبعض باب السماكين وسائر الابواب التي كانوا يتحصنون بها
ونهبت الكرخ في هذا اليوم وهو يوم الاحد لعشر بقين من المحرم وأخذ الشيء الكثير من
القطيعة ودرب رياح وفيه كانت دار أبي يعلى ابن الموصلي رئيس العيارين وأخذ من درب
أبي خلف الاموال خص بها من دار ابن زيرك البيع وقلعت الابواب من درب
عون وسائر اسواق الكرخ السالمة من الحريق
واصبح الناس في اليوم الثالث على خطة صعبة وكان ما انتهبه العوام من غير اهل الكرخ
اكثر مما نهبه الاتراك ومضى المرتضى مستوحشا بما جرى الى دار الخليفة فانحدر
الاصفهسلارية وسألوا التقدم اليه بالرجوع فخلع عليه ثم تقدم اليه بالعود ثم حفظت
المحال واتسعت المصادرات وقرر على الكرخ مائة الف دينار
وفي ربيع الآخر شهد ابو عبدالله الحسين بن علي الصيمري عند قاضي القضاة ابن ابي
الشوارب بعد ان استتابه عماد ذكر عنه من الاعتزل
وفي شهر رمضان انقض كوكب عظيم الضوء كان له دوى كدوي الرعد وجاء في هذه السنة برد
لم يعهد مثله منذ يوم الثلاثاء سلخ شوال والى يوم الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة
على الدوام وجمد الماء طول هذه المدة ثخينا حتى في حافات دجلة والانهار الواسعة
واما السواقي ومجاري الماء فانها كانت تجمد طولا وعرضا وقاسى الناس من هذه شدة
وامتنع كثير منهم من التصرف والحركة وتأخرت الزيادة في دجلة والفرات وامتنع المطر
فوقفت العمارة فلم يزرع في السواد الا القليل وفي هذه السنة اعتقل جلال الدولة ابا
سعد بن ماكولة وزيره واستوزر ابن عمه ابا علي بن ماكولة
وتأخر الحاج الخراسانية في هذه السنة وبطل الحج من خراسان والعراق
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
46 - احمد بن محمد
ابن عبدالله بن العباس بن محمد بن عبدالله بن ابي الشوارب ابو الحسن القرشي الاموي
ولي قضاء البصرة قديما ثم قضاء القضاة بعد أبي محمد بن الاكفاني في ثالث شعبان سنة
خمس واربعمائة ولم يزل على القضاء الى حين وفاته وكان عفيفا
نزها وقد سمع من ابي عمر الزاهد وعبد
الباقي بن قانع الا انه لم يحدث
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال حدثني القاضي ابو العلاء الواسطي قال ان المتوكل
دعا محمد بن عبد الملك بن ابي الشوارب واحمد بن المعدل وابراهيم التيمي من البصرة
وعوض على كل واحد منهم قضاء القضاة فاحتج محمد بن عبد الملك بالسن العالية وغير
ذلك واحتج احمد بن المعدل بضعف البصر وغير ذلك وامتنع ابراهيم التيمي فقال لم يبق
غيرك وجزم عليه فولى فنزل حال ابراهيم التيمي عند اهل العلم وعلت حالة الآخرين قال
ابو العلاء فيرى الناس ان بركة امتناع محمد بن عبد الملك دخلت على ولده فولى منهم
ربعة وعشرون قاضيا منهم ثمانية تقلدوا قضاء القضاة وآخرهم ابو الحسن احمد بن محمد
وما رأينا مثله جلالة ونزاهة وصيانة وشرفا
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا الخطيب قال حدثني القاضي ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب
البصري قال كان بيني وبين القاضي ابي الحسن ابن ابي الشوارب بالبصرة أنس كثير
وامتزاج شديد حتى كان يعدني ولد أو أعده والدا فما علمت له سر قط اوظهر عليه استحي
منه وكان بالبصرة رجل من وجوهها واسع الحال كثير المال جدا يعرف بابن نصر بن
عبدويه فقال لي وقد دخلت عليه عائدا له في علة الموت في صدري سر واريد اطلاعك عليه
لما ولى القاضي ابو الحسن بن أبي الشوارب القضاء بالبصرة في ايام بهاء الدولة وكان
بيني وبينه من المودة ما شهرته تغنى عن ذكره مضيت اليه وقلت له قد علمت ان هذا
الامر الذي تقلدته يحتاج فيه الى مؤن كثيرة وامور لا يقدر عليها وقد احضرتك مائتي
دينار وتعلم انني ممن لا يطلب قضاء ولا شهادة ولا بيني وبين احد خصومة احتاج اليها
في الترافع اليك وان حدث بي حدث اقتضى الترافع اليك فبالله عليك الا حكمت علي في
ذلك بما يجب على يهودي لو كان في موضعي واسألك ان تقبض مني هذه الدنانير تستعين
بها على امرك فان قبلتها بسبب المودة التي بيننا فأنت في حل منها في الدنيا
والآخرة وان كرهت قبولها على هذه الوجه فهي قرض لي عليك فقال اعلم
ان الأمر كما ذكرته ووالله اني لمحتاج
اليها ولكن لا يراني الله قبلت اعانة على هذا الأمر واسألك بالله ان اطلعت احدا
على هذا السر ما دامت في الدنيا فوالله ما ذكرت لأحد قبل هذا الوقت قال ابن حبيب
ومات من يومه ذلك توفي ابن ابي الشوارب في شوال هذه السنة
47 - ابراهيم بن عبد الواحد
ابن محمد بن الحباب ابو القاسم الدلال سمع محمد بن عبدالله الشافعي وغيره وكان ثقة
يسكن الجانب الشرقي وتوفي في صفر هذه السنة
48 - جعفر بن بابي
ابو مسلم الختلى سمع ابن بطة ودرس فقه الشافعي على ابي حامد الاسفرائيني وكان ثقة
فاضلا دينا وتوفي في رمضان هذه السنة
49 - عبد الله بن جعفر
ابو سعد ابن باكويه وزر لجلال الدولة ابي طاهر واعتقله ومات في اعتقاله في هذه
السنة وكان اديبا شاعرا
50 - عمر بن احمد
ابن ابراهيم بن عبدربه ابو حازم الهذلي النيسابوري سمع اسماعيل بن نجيد وابا بكر
الاسماعيلي وخلقا كثيرا روى عنه محمد بن ابي الفوارس والتنوخي وابو بكر الخطيب
وكان ثقة صادقا عارفا حافظا سمع الناس بافادته وكتبوا بانتخابه وتوفي في عيد الفطر
من هذه السنة
51 - عمر بن احمد
ابن عثمان ابو حفص البزاز العكبري ولد سنة عشرين وثلثمائة سمع النقاش وكان ثقة
مقبول الشهادة عند الحكام وتوفي في هذه السنة
52 - علي بن احمد
ابن عمر بن حفص ابو الحسن المقرى المعروف بابن الحمامي ولد سنة ثمان وعشرين
وثلثمائة وسمع ابا عمر وابن السماك والنجاد والخلدي وخلقا كثيرا وكان صدوقا دينا
فاضلا حسن الاعتقاد وتفرد بأسانيد القراآت وعلوها في وقتها وكان ينزل سوق السلاح
من دار المملكة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثني نصر بن ابراهيم الفقيه قال سمعت
سليم بن ايوب الرازي يقول سمعت ابا الفتح بن ابي الفوارس يقول لو رحل رجل من
خراسان ليسمع كلمة من اباالحسن الحمامي او من ابي احمد الفرضي لم تكن رحلته ضائعة
عندنا توفي ابو الحسن الحمامي رابع عشرين من شعبان هذه السنة عن تسع وثمانين سنة
ودفن بمقبرة باب حرب
53 - محمد بن احمد
ابن ابراهيم بن مشاذى ابو الحسن الهمذاني اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا احمد بن علي بن
ثابت قال كتبت عنه عند رجوعه من الحج وذلك في سنة تسع واربعمائة وكان ثقة
54 - محمد بن احمد
ابن الحسن بن الحسن بن اسحاق ابو الحسن البزاز اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا
احمد بن علي بن ثابت قال محمد بن احمد ابو الحسن البزار سمع بمكة من عبدالله بن
محمد بن اسحاق الفاكهي واحمد بن محبوب الفقيه كتبنا عنه بعد أن كف بصره وكان ثقة
وتوفي في سنة سبع عشرة واربعمائة
سنة 418
ثم دخلت سنة ثمان عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في آخر نهار الخميس العاشر من ربيع الآخر جاء برد كبار
بنواحي قطربل والنعمانية والنيل واثر في
غلات هذه النواحي وقتل كثيرا من الوحش والغنم وقيل انه كان في البردة منه ما وزنه
رطلان واكثر رجاء في ليلة الجمعة لاحدى عشرة ليلة خلت من هذا الشهر في مدينة
السلام برد كبير كقدر البيض واكبر بعد مطر متصل وورد الكتاب من واسط بانه سقط من
البرد ما كان وزن الواحدة منه ارطالا فهلكت الغلات ولم يصح منها الا الأقل
وفي ربيع الآخر قصد الاصفهسلارية والغلمان دار الخليفة وراسلوه بأنك انت مالك
الامور وقد كنا عند وفاة الملك مشرف الدولة اخترنا جلال الدولة تقديرا منا انه
ينظر في امورنا فأغفلنا فعدلنا الى ابي كاليجار ظنا منه انه يحقق ما يعدنا به فكنا
على اقبح من الحالة الاولى ولا بد من تدبير امورنا فخرج الجواب بأنكم ابناء دولتنا
وأول ما نأمركم به ان تكون كلمتكم واحدة وبعد فقد جرى الأمر من عقد الامر لأبي
طاهر ثم نقضه ثم ساعدناكم عليه وفيه قبح علينا وعليكم ثم عقدتم لأبي كاليجار عقد
لا يحسن حله من غير روية ولبنى بويه في رقابنا عهود لا يجوز العدول عنها والوجه ان
تدعونا حتى نكاتب ابا كاليجار ونعرف ما عنده ثم كوتب انك ان لم تتدارك الأمر خرج
عن اليد ثم آل الامر أن عادوا وسألوا التقدم بالخطبة لجلال الدولة ابي طاهر واقيمت
الخطبة له وكتب الامير يمين الدولة محمود الى الخليفة كتابا يذكر فيه ما فتحه من
بلاد الهند وكسره الصنم المعروف بسومنات وكان في كتابه ان اصناف الخلق افتتنوا
بهذا الصنم وربما اتفق برؤ عليل يقصده وكانوا يأتونه من كل فج عميق ويتقربون اليه
بالاموال الكثيرة حتى بلغت اوقاته عشرة آلاف قرية مشهورة في تلك البقاع وامتلأت
خزانة بالأموال ورتب له الف رجل للمواظبة على خدمته وثلثمائة يحلقون حجيجه وثلثمائة
وخمسون يرقصون ويغنون على باب الصنم وقد كان العبد يتمنى قلع هذا الوثن فكان يتعرف
الاحوال فتوصف له المفاوز اليه وقلة الماء واستيلاء الرمل على الطرق فاستخار العبد
الله تعالى في الانتداب لهذا الواجب ومثل في فهمه اضعاف المسموع من المتاعب طلبا
للثواب الجزيل ونهض العبد في شعبان سنة
ست عشرة في ثلاثين الف فارس اختارهم سوى المطوعة ففرق في المطوعة خمسين الف دينار
ليستعينوا على أخذ الآ هبة ثم مضى في مقارنة اصعب مما وصف وقضى الله الوصول الى
بلد الصنم واعان حتى ملك البلد وقلع الوثن واوقدت عليه النار حتى تقطع وقتل خمسون
الف من سكان البلد
وفي يوم السبت ثالث رمضان دخل جلال الدولة الى دار المملكة بعد أن خرج الخليفة
ليلقيه قبل ذلك بساعة فاجتمعا في دجلة ونزل الخليفة من داره في الطيار بين سرادقين
مضروبين ومعه الامير ابو جعفر وابو الحسن علي بن عبد العزيز والمرتضى ابو القاسم
الموسري ونظام الحضرتين ابو الحسن الزينبي والمصطنع ابو نصر منصور بن رطاس الحاجب
وانحدر الى ان قرب من مضرب الملك جلال الدولة فخرج اليه في زبزبه وصعد فقبل الارض
دفعات وجلس بين يديه على كرسي طرح له وسأله عن اخباره وعرفه انه يقرب داره فشكر
ودعا وعاد الى الزبزب فوقف فيه فتقدم اليه الخليفة بالجلوس فجلس وتبع الطيار على
سبيل الخدمة الى ان عبر الى درجة دار الخليفة وصعد الملك من الزبزب وجلس في خيمة
لطيفة ضربت له على شاطىء دجلة بقرب قصر عيسى ثم مضى الى دار المملكة وتقدم بأن
يضرب له الطبل على بابها في اوقات الصلوات الخمس على مثل ما كان سلطان الدولة فعله
عند وروده وغير مشرف الدولة بعده ورده الى الرسم وهو في اوقات الصلوات الثلاث وعلى
ذلك جرت العادة في ايام عضد الدولة وصمصامها وشرفها وبهائها فثقل ما فعله على
الخليفة لانه مساواة له وراسل في معناه فاحتج بما فعله سلطان الدولة فقيل ذلك على
غير اصل ومن غير اذن ولم تجر العادة بمماثلة الخليفة في هذا الأمر ثم تردد الرسائل
ما نتهى الى ان قطع الملك ضرب الطبل في الواحدة فأذن الخليفة في ضرب الطبل في
اوقات الصلوات الخمس
وفي هذه السنة حلف جلال الدولة لجنوده على الوفاء والصفاء وحلف
لامير المؤمنين ايضا على المخالصة
والطاعة
وفي يوم الاربعاء لثلاث بقيت من شوال وهو التاسع والعشرين من تشرين الثاني هبت ريح
من الغرب باردة ودام البرد الى يوم الثلاثاء ثالث ذي القعدة فجاوز العدة وجمدت منه
حافات دجلة وجمد الخل والنبيذ وابوال الدواب ورثيت ناعورة قد وقفت لجمود الماء وقد
صار الماء في أنقابها كالعمود وقلد ابو طاهر بن حماد واسطا والبطيحة ولقب عميد
الحضرة ذا الرتبتين وفيها زاد الامر في نقص دار معز الدولة بباب الشماسية وكان معز
الدولة قد بنى هذه الدار بناء صرف اليه عنايته فعظم المجالس وفخم البناء ووصل بها
من الاصطبلات ما يسع الوفا من الكراع وجعل على كل اصطبل بابا من حديد وانفق عليها
اثنى عشر الف الف درهم قيمتها الف الف دينار سوى ما كان من معادن الحص والنورة
والاسفيذاج ولم يعمل من مسناتها الا البعض لأنه اراد أن يصل المسناة بمسناة دار
الصيمري فعاجلته المنية فلما توفى جعلها ولده عز الدولة دار الموكب وكان لا يحضرها
الا عند البروز للعسكر وكانت داره التي ينزلها الدار الغربة التي كانت للمتقى لله
وتجددت دولة بعد دولة ودار العز مهجورة فلما عمر بهاء الدولة بسوق الثلاثاء التي
كانت معروفة بمونس فسخ في اخذ شيء من آجر الاصطبلات فدب الخراب فيها وبعث بهاء
الدولة لقلع السقف الساج المذهب من بيت المائدة وكانت قد انفقت عليه اموال عظيمة
فحمله الى مهروبان ليحوله الى دار المملكة بشيراز فلم يتم ذلك وبقي موضعه فهلك
وبذل في ثمنه من يحك ذهبه ثمانية آلاف دينار فلم يقبل الرجل ثم امتدت يد الجند الى
أخذ آجرها ثم اقيم من ينقضها ويبيع آلاتها
وتأخر في هذه السنة الحاج الخراسانية ولم يحج من خراسان والعراق احد
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
55 - احمد بن محمد
ابن عبدالله بن عبد الصمد بن المهتدى بالله ابو عبدالله الشاهد خطب في جامع
المنصور في سنة ست وثمانين وثلثمائة وكان
يخطب خطبة واحدة كل جمعة لا يغيرها وإذا سمعها منه الناس ضجوا بالبكاء وخشعوا
لصوته توفى في هذه السنة
56 - الحسين بن علي ابن الحسين أبو القاسم المغربي الوزير ولد بمصر في ذي الحجة
سنة سبعين وثلثمائة وهرب منها حين قتل صاحبها أباه وعمه وقصد مكة ثم الشام ثم
بغداد فوزر لمشرف الدولة بعد أبي على الرخجي وكان كاتبا عالما يقول الشعر الحسن ثم
وزر بعد ذلك لابن مروان بديار بكر ومات عنده قال أبو غالب بن بشران الواسطي رويت
له أن بعض الحكماء قال لبنيه تعلموا العلم فلأن يذم الزمان لكم خير من أن يذم بكم
ففكر ساعة وكتب ... ولقد بلوت الدهر أعجم صرفة ... فأطاع لي عصيانه وليانه ...
ووجدت عقل المرء قيمة نفسه ... وبجده جدواه وحرمانه ... فإذا جفاه المجد عيبت نفسه
... وإذا جفاه الجد عيبت زمانه ...
ومن شعره المستحسن ما أنبأنا به أبو القاسم السمرقندي قال أنشدنا أبو محمد التميمي
للوزير أبي القاسم المغربي ... وما ظبية ادماء تحنوا على الطلا ... ترى الإنس وحشا
وهي تأنس بالوحش ... غدت فارتعت ثم انثنت لرضاعه ... فلم تلق شيئا من قوائمه الحمش
... فطافت بذاك القاع ولها فصادفت ... سباع الفلا ينهشنه أي ما نهش ... بأوجع منى
يوم ظلت أنامل ... تودعني بالدر من شبك النقش ... واجمالهم تمشى وقد خيل الهوى ...
كأن مطاياهم على ناظري تمشي ... وأعجب ما في الأمر إن عشت بعدهم ... على أنه ما
خلفوا في من بطش ...
وكان المغربي إذا دخل عليه الفقيه سأله عن النحو والنحوى سأله عن الفرائض أو
الشاعر سأله عن القرآن قصدا ليسكتهم فدخل عليه شيخ معروف فسأله عن العلم فقال ما
أدري ولكني رجل يودعني الغريب الذي لا أعرفه الأموال
العظيمة ويعود بعد سنين وهي مختومها
فأخجله بذلك وآل الأمر الى أن زار رجلا من الصالحين المنقطعين إلى الله تعالى فقال
لو صحبتنا لنستفيد منك وتستفيد منا فقال ردني عن هذا بيت شعر ... إذا شئت أن تحيا
غنيا فلا تكن ... بمنزلة إلا رضيت بدونها ...
فأنا اكتفي بعيشي هذا فقال يا شيخ ما هذا بيت شعر هذا بيت مال ثم قال اللهم أغننا
كما أغنيت هذا الشيخ واعتزل السلطان فقيل له لو تركت المناصب في عنفوان شبابك فقال
... كنت في سفرة البطالة والجهل ... زمانا فحان مني قدوم ... تبت من كل مأثم فعسى
... يمحي بهذا الحديث ذاك القديم ... بعد خمس وأربعين لقد ما ... طلت إلا أن
الغريم كريم ...
ولما أحسن بالموت كتب كتابا إلى من يصل إليه من الأمراء والرؤساء الذين من ديار
بكر والكوفة يعرفهم أن حظية له توفيت وإن تابوتها يجتاز بهم إلى مشهد أمير
المؤمنين علي عليه السلام وخاطبهم في المراعاة لمن يصحبه ويخفره وكان قصده أن لا
يتعرض أحد لتابوته وإن ينطوي خبره فتم له ذلك وتوفي في رمضان بميا فارقين عن ست
وأربعين سنة وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام فدفن هناك
57 - محمد بن اسحاق ابن الطل ابن وائل أبو بكر الأزدي الأنباري سمع أحمد بن يعقوب
القرنجلي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال حدثني الصوري أنه سمع منه بالأنبار في
سنة ثمان عشرة وأربعمائة ومات في تلك السنة
58 - محمد بن الحسين ابن ابراهيم بن محمد أبو بكر الوراق ويعرف بابن الخفاف حدث عن
أحمد بن جعفر
القطيعي وغيره
اخبرنا القزاز ابو بكر بن علي الحافظ حدثنا محمد بن الحسين الخفاف عن جماعة كثيرة
لا تعرف ذكر أنه كتب عنهم في السفر وكان غير ثقة لا شك انه كان يركب الاحاديث
ويضعها على من يرويها عنه ويختلق اسماء وانسابا عجيبة وعندي عنه من تلك الأباطيل
اشياء وكنت عرضت بعضها علي هبة الله بن الحسن الطبري فخرق كتابي بها وجعل يعجب مني
كيف اسمع منه توفي الخفاف في ذي الحجة من هذه السنة
59 - هبة الله بن الحسن
ابن منصور ابو القاسم الرازي طبري الأصل ويعرف بالألكاني سمع عيسى بن علي بن عيسى
الوزير والمخلص وخلقا كثيرا ودرس الفقه على مذهب الشافعي عند ابي حامد الاسفرائيني
وكان يفهم ويحفظ كتبا وادركته المنية قبل ان ينتشر عنه شيء فتوفى بالدينور في
رمضان هذه السنة
اخبرنا الفزاز اخبرنا الخطيب قال حدثني علي بن الحسين بن جداء العكبري قال رأيت
ابا القاسم الطبري في المنام فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بماذا فكأنه
قال كلمة خفية بالسنة
60 - ابو القاسم بن القادر بالله
توفي ليلة الاحد الليلة خلت من جمادي الآخرة وصلى عليه ابو جعفر ومشى الناس بين
يدي جنازته من رأس الجسر الى التربة بالرصافة واعاد الصلاة عليه ابو محمد الحسن بن
عيسى بن المقتدر وقطع ضرب الطبل في دار الخلافة اياما لاجل المصيبة ولحق الخليفة
عليه من الحزن امر عظيم
61 - ابو الحسن ابن طباطبا
الشريف له شعر مليح ومنه أن رجلا كتب اليه فأجابه على ظهر رقعته فقال ... وقرأت
الذي كتبت وما زا ... ل نجيى ومؤنسي وسميري
وغدا الفال بامتزاج السطور ... حاكما
بامتزاجنا في الضمير ... واقتران الكلام لفظا وخطا شاهد باقتران ود الصدور ...
وتبركت باجتماع الكلامين رجاء اجتماعنا في سرور ... وتفاءلت بالظهور على الواشي
فصارت اجابتي في الظهور ... توفى في ذي القعدة من هذه السنة
سنة 419
ثم دخلت سنة تسع عشرة واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان العلمان اجتمعوا يوم الأحد ثاني عشر المحرم وتحالفوا على
اتفاق الكلمة واخرجوا الخيم واخرجوا اكابر الاصفهسلارية معهم فخرجوا يوم السبت
ثامن عشر المحرم ثم انفذوا يوم الاحد جماعة الى دار الخلافة برسالة يقولون فيها
نحن عبيد امير المؤمنين وهذا الملك متوفر على لذاته لا يقوم بامورنا ونريد أن توعز
اليه بالعود الى البصرة وانفاذ ولده ليقيم بيننا نائبا عنه في مراعاتنا فأجيبوا
ووعدوا بمراسلة جلال الدولة وأنفذ اليه المرتضى وابو الحسن الزينبي وابو نصر
المصطنع برسالة تتضمن ما قالوه فقال كل ما ذكروا من أغفالنا لهم صحيح ونحن معتذرون
عفا الله عما سلف ونحن نستأنف الطريقة التي تؤدى الى مرادهم فلما بلغهم ذلك قالوا
فاذا نحن مطيعون الا أننا نريد ما وعدنا به عاجلا قبل دخولنا الى منازلنا ثم نقرر
القواعد بعد ذلك واخرج من المصاغ والفضة اكثر من مائة الف درهم فلم يرضهم وباكروا
فنهبوا دار الوزير ابي علي ابن ما كولا وبعض دور الاصحاب والحواشي وعظمت الفتنة
وخرقت الهيبة ومد اقوام ايديهم الى دور العوام ووكلوا جماعة منهم بابواب دار
المملكة ومنعوا من دخول الطعام والماء فضاق الامر على من في الدار حتى اكلوا ما في
البستان وشربوا من الآبار فخرج الملك ودعا قوما من الموكلين بالابواب فلم يأوا
فكتب رقعة الى الغلمان بأني ارجع عن كل ما انكرتموه واعطيكم
فقالوا لو اعطيتنا ملء بغداد لم تصلح لنا
ولم نصلح لك فقال إذ كرهتموني فمكنوتي من الانحدار واستقر الأمر على انحداره
وابتيع له زبزب شعث فقال يكون نزولي بالليل فقالوا لا بل الآن والغلمان يرونه
قائما فلا يسلمون عليه ويدعوهم فلا يجيبونه فحمل قوم من الغلمان على السرادق فظن
انهم يريدون الحرام فخرج وفي يده طير وقال قد بلغ الامر الى الحرم فقال بعضهم ارجع
الى دارك فانك ملكنا وصاحوا جلال الدولة يا منصور وانتضبت السيوف وترجلوا وقبلوا
الارض واخرج المصاغ حتى حلي النساء فصرفه اليهم واخرج الثياب والفروش والآلات
الكثيرة فلم يف ببعض المقصود ثم اجتمعوا عند الوزير وهموا بقتله فقال لا ذنب له
واخرجت الآلات فبيعت وكان فيها كيس وسفرة وطست وقد ذكرنا ما جرى على النخل في
السنة الماضية من البرد والريح فلما جاءت هذه السنة عدم الرطب الا ما يجلب من بعد
فبيع كل ثلاثة ارطال بدينار جلالي واشتد البرد فجمدت حافات دجلة وونفت العروب
بعكبرا عن الدوران لجمود ما حولها وهلك ببغداد من النخل عشرات الوف وتأخر في هذه
السنة ورود الحاج من خراسان وبطل الحج من العراق والبصرة وتأخر عنه اهل مصر ومضى
قوم من خراسان الى مكران فركبوا في البحر من هناك الى جدة فحجعوا
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
62 - الحسين بن الحسن
ابن يحيى ابو عبدالله العلوي ويعرف بالنهرسابسى كتب عنه ابو بكر 2 الخطيب وكان
صدوقا قال وسألته عن مولده فقال ولدت بالكوفة سنة تسع وعشرين وثلثمائة ومات بواسط
في جمادي الآخرة من هذه السنة
63 - حمزة بن ابراهيم
ابو الخطاب اتصل ببهاء الدولة بعلمه النجوم ونزل منزلة لم يبلغها امثاله وكان
الوزراء يتعبونه وحمل اليه فخر الملك ابن
خلف لما فتح قلعة سابور مائة الف دينار فاستقلها وعاتبه فآل أمره الى ان مات بكرخ
سامرا غريبا مفوجا وذهب ما له وجاهه
64 - محمد بن محمد بن ابراهيم
ابن مخلد ابو الحسن التاجر سمع اسماعيل بن محمد الصغار ومحمد بن عمر الرزاز وعمر
بن الحسن الشيباني وهو آخر من حدث عنهم وسمع ابا عمرو بن السماك واحمد بن سليمان
النجاد وجعفر الخلدي وغيرهم ولم يكن بقي اعلى اسنادا منه وكانت له معرفة بشيء من
الفقه وكان ذا حال ونعمة وعرضت عليه الشهادة فأباها وأشفق من المصادرة فخرج الى
مصر فاقام بها سنة ثم عاد فالزم في التقسيط على الكرخ الذي وقع في سنة سبع عشرة ما
افقره حتى انه توفي في ربيع الاول من هذه السنة ولم يكن عنده كفن فبعث القادر
بالله اكفانه من عنده
65 - مبارك الانماطي
كان له مال عظيم وجاه كبير فتوفي بمصر وخلف ما يزيد على ثلثمائة الف دينار فترك
جميع ذلك على بنت كانت له ببغداد
66 - ابو الفوارس بن بهاء الدولة
توفي بكر مان فنادى اصحابه بشعار ابن اخيه ابي كليجار وكان ابو الفوارس ظالما كان
اذا شرب ضرب اصحابه وضرب وزيره في بعض الايام مائتي مقرعة واحلفه بالطلاق انه لا
يتأوه ولا يخبر بذلك احدا فقيل ان حواشيه سموه ودفنوه بشيراز
67 - محمد باشاذ
وزر لابي كاليجار فلقبه معز الدين فلك الدولة سيد الامة وزير الوزراء عماد الملك
ثم سلم الى جلال الدولة ابي طاهر فاعتل ومات
68 - ابو عبد الله بن التبان المتكلم
توفي في هذه السنة
سنة 420
ثم دخلت سنة عشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه انحدر ذو البراعتين احمد بن محمد الواسطي الى البصرة واليا
عليها في محرم هذه السنة
وورد الخبر لسبع خلون من ربيع الآخر بأن مطرا ورد بنواحي النعمانية ومعه برد كبار
في بردة ارطال وذكر أنه ورد بنواحي دير العاقول مطر معه بردوزن الواحدة منها خمسة
دراهم واقل وارتفعت بعده ريح سوداء فقلعت كثيرا من اصول الزيتون العامية العتيقة
وعبرت بها من شرقي النهروان الى غربيه وطرحتها علي بعد وقلعت الريح نخلة من اصلها
ثم حملت جذعها الى دار بينها وبينها ثلاث دور وقلعت الريح سقف مسجد الجامع ببعض
القرى وشوهد من البرد ما يكون في الواحدة ما بين الرطل الى الرطلين ووجدت بردة
عظيمة الحجم يزيد وزنها على مائة رطل فحزرت بمائة وخمسين رطلا وكانت كالثور النائم
وقد نزلت في الارض نحوا من ذراع
وورد الى الخليفة كتاب من الامير يمين الدولة ابي القاسم محمود وكان فيه سلام على
سيدنا ومولانا الامام القادر بالله امير المؤمنين فان كتاب العبد صدر من معسكره
بظاهر الرى غرة جمادي الآخرة سنة عشرين وقد أزال الله عن هذه البقعة ايدي الظلمة
وطهرها من دعوة الباطنية الكفرة والمبتدعة الفجرة وقد تناهت الى الحضرة المقدسة
حقيقة الحال في ماقصر العبد عليه سعيه واجتهاده من غزو أهل الكفر والضلالا وقمع من
نبغ ببلاد خراسان من الفئة الباطنية الفجار وكانت مدينة الري مخصوصة بالتجائهم
اليها واعلانهم بالدعاء الى كفرهم فيها يختلطون بالمعتزلة المبتدعة والغلية من
الروافض المخالفة لكتاب
الله والسنة يتجاهرون بشتم الصحابة ويرون اعتقاد الكفر ومذهب الاباحة وكان زعيمهم رستم بن علي الديلمي فعطف العبد عنانه بالعساكر فطلع بجرجان وتوقف بها الى انصراف الشتاء ثم دلف منها الى دامغان ووجه عليا الحاجب في مقدمة العسكر الى الري فبرز رستم بن علي من وجاره على حكم الاستسلام والاضطرار فقبض عليه وعلى اعيان الباطنية من فؤاده وطلعت الرايات أثر المقدمة بسواد الري غدوة الاثنين السادس عشر من جمادي الاولى وخرج الديللة معترفين بذنوبهم شاهدين بالكفر والرفض على نفوسهم فرجع الى الفقهاء في تعرف احوالهم فانفقوا على انهم خارجون من الطاعة وداخلون في اهل الفساد مستمرون على العناد فيجب عليهم القتل والقطع والنفي على مراتب جناياتهم وان لم يكونوا من أهل الالحاد فكيف واعتقادهم في مذاهبهم لا يعدو ثلاثة اوجه تسود بها الوجوه في القيامة التشبع والرفض والباطن وذكر هؤلاء الفقهاء أن اكثر القوم لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ولا يعرفون شرائط الاسلام ولا يميزون بين الحلال والحرام بل يجاهرون بالقذف وشتم الصحابة ويعتقدون ذلك ديانة والأمثل منهم يتقلد مذهب الاعتزال والباطنية منهم لا يؤمنون بالله عز و جل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر انهم يعدون جميع الملل مخاريق الحكماء ويعتقدون مذاهب الاباحة في الاموال والفروج والدماء وحكموا بأن رستم بن علي كان يظهر التستر ويتميز به عن سلفه الا أن في حبالته زيادة على خمسين امرأة من الحرائر ولدن ثلاثة وثلاثين نفسا من الذكور والاناث وحين رجع اليه في السؤال عن هذه الحال وعرف ان من يستجيز مثل هذا الضنيع مجاوز كل حد في الاستحلال ذكر أن هذه العدة من النساء ازواجه وان اولادهن اولاده وان الرسم الجاري لسلفه في ارتباط الحرائر كان مستمرا على هذه الجملة وأنه لم يخالف عادتهم في ارتكاب هذه الخطة وان ناحية من سواد الري قد خصت بقوم من المزدكية يدعون الاسلام باعلان الشهادة ثم يجاهرون بترك الصلاة والزكاة والصوم والغسل وأكل
الميتة فقضى الانتصار لدين الله تعالى
بتميز الباطنية عنهم فصلبوا على شارع مدينة طال ما امتلكوها غصبا واقتسموا اموالها
نهبا وقد كانوا بذلوا اموالا جمة يفتدون بها نفوسهم فعرفوا ان الغرض نهب نفوسهم
دون العرض وحول رستم ابن علي وابنه وجماعة من الديلمة الى خراسان وضم اليهم اعيان
المعتزلة والغلاة من الروافض ليتخلص الناس من فتنتهم ثم نظر فيما اخترته رستم بن
علي فعثر من الجواهر ما يقارب خمسمائة الف دينار ومن النقد على مائتين وستين الف
دينار ومن الذهبيات والفضيات على ما بلغ قيمة ثلاثين الف دينار ومن اصناف الثياب
على خمسة آلاف وثلثمائة ثوب وبلغت قيمة الدسوت من النسيج والخزوانيات عشرين الف
دينار ووقف اعيان على مائتي الف دينار وحول من الكتب خمسون حملا ماخلا كتب
المعتزلة والفلاسفة والروافض فانها احرقت تحت جذوع المصليين اذ كانت اصول البدع
فخلت هذه البقعة من دعاة الباطنية واعيان المعتزلة وانتصرت السنة فطالع العبد
بحقيقة ما يسره الله تعالى لانصار الدولة القاهرة
وفي وقت عتمة ليلة الثلاثاء لعشر بقين من رجب انقض كوكب عظيم اضاءت منه الارض وكان
له دوي كدوي الرعد وتقطع اربع قطع وانقض في ليلة الخميس بعده كوكب آخر دونه وانقض
في ليلة الاربعاء لليلتين بقيتا من الشهر كوكب ثالث اكبر من الاول واكثر اضاءة
وانتشار شعاع
وفي شعبان اضطرب البلد وكثرت العملات وكبس العيارون عدة محال منه وضعفت رجالة
المعونة
وفي يوم الاثنين الثامن عشر من هذا الشهر غار الماء في الفرات غورا شديدا وجزرت
فوهة نهر الرفيل وانقطع الماء عنه ووقفت الارحاء التي عليه وتعذرت الطحون وبلغت
اجرة الكارة في طحنها ثلاث دنانير ركنية قيمتها دينار وكانت الركينة نصفا من المس
ثم صارت مسا وحده
وفي هذا اليوم جمع الاشراف والقضاة
والشهود والفقهاء في دار الخلافة وقرئ عليهم كتاب طويل عمله الخليفة القادر بالله
يتضمن الوعظ وتفضيل مذهب السنة والطعن على المعتزلة وايراد الاخبار الكثيرة في ذلك
عن النبي صلى الله عليه و سلم والصحابة
وفي يوم الخميس لعشر بقين من رمضان جمع الاشراف والقضاة والشهود والفقهاء والوعاظ
والزهاد الى دار الخلافة وقرأ عليهم ابو الحسن بن حاجب النعمان كتابا طويلا عمله
الخليفة القادر بالله وذكر فيه اخبارا من اخبار النبي صلى الله عليه و سلم ووفاته
وما روى عنه في امور من من الدين وشرائعه وخرج من ذلك الى الطعن على من يقول بخلق
القرآن وتفسيقه وحكاية ما جرى بين عبد العزيز وبشر المريسي فيه ثم ختم القول
بالوعظ والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واخذت في آخر الكتاب خطوط الحاضرين
وسماعهم بماسمعوه
وفي يوم الاثنين غرة ذي القعدة جمع القضاة والشهود والفقهاء والوعاظ والزهاد الى
دار الخلافة وقرىء عليهم كتاب طويل جدا يتضمن ذكر ابي بكر وعمر وفضائلهما ووفاة
النبي صلى الله عليه و سلم والطعن على من يقول بخلق القرآن واعيد فيه ما جرى بين
بشر المريسي وعبد العزيز المكي في ذاك ويخرج من هذا الى الوعظ والامر بالمعروف
والنهي عن المنكر واقام الناس الى بعد العتمة حتى استوفيت قراءته ثم اخذت خطوطهم
في آخره بحضورهم وسماع ما سمعوه وكان يخطب في جامع براثا من يذكر في خطبته مذهبا
فاحشا من مذاهب الشيعة فقبض عليه من دار الخلافة وتقدم يوم الجمعة التاسع عشر من
ذي القعدة الى ابي منصور بن تمام الخطيب ليخطب بدلا عن الخطيب الذي كان مرسوما به
فلما صعد المنبر دقه بعقب سيفه على ما جرت به العادة والشيعة تنكر ذلك وخطب خطبة
قصر فيها عما كان يفعله من تقدمه في ذكر علي بن ابي طالب وختم قوله بان قال اللهم
اغفر المسلمين ومن زعم ان عليا مولاه فرماه العامة
حينئذ بالآجر ود موا ونزل من المنبر ووقف
المسالح دونه حتى صلى ركعتي الجمعة خفيفة وعرف الخليفة ذلك فغاظه واحفظه وخرج امره
باستدعاء الشريفين ابي القاسم المرتضى وأبي الحسن الزينبي نظام الحضرتين محمد بن
علي والقاضي ابي صالح وامر بمكاتبة الحضر الملكية والوزير ابي علي ابن ماكولا
والاصبهلارية في هذا المعنى بما تقام القيامة فيه فكان كما كتب
بسم الله الرحمن الرحيم اذا بلغ الامر اطال الله بقاء صاحب الجيش الى الجرءة على
الدين وسياسة الدولة والمملكة ثبتها الله من الرعاع والاوباش فلا صبر دون المبالغة
بما توجبه الحمية وبغير شك انه قد بلغه ما جرى في يوم الجمعة الماضية من مسجد
براثا الذي يجمع الكفرة والزنادقة ومن قد تبرأ الله منه فصار أشبه شيء بمسجد
الضرار وذلك ان خطيبا كان فيه يجري الى ما لا يخرج به عن الزندقة والدعوى لعلي بن
ابي طالب عليه السلام مالو كان حيا فسمعه لقتل قائله وقد فعل مثل ذلك في الغواة
امثال هؤلاء الغثاء الذين يدعون الله ما تكاد السموات يتفطرن منه فان فانه كان في
بعض ما يورده هذا الخطيب قبحه الله بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم
فيقول وعلى اخيه امير المؤمنين علي بن ابي طالب مكلم الجمجمة ومحي الاموات البشري
الالاهي مكلم فتية اصحاب الكهف الى غير ذلك من الغلو المبتدع الذي تقشعر منه
الجلود ويتحرك منه المسلمون وتنخلع قلوبهم ويرون الجهاد فيه كجهاد الثغر فلما ظهر
ذلك قبض على الخطيب وانقذ ابن تمام ليعتمد اقامة الخطبة القويمة فاورد الرسم الذي
يطرق الاسماع من الخطبة ولم يخرج عن قوله اللهم صلى على محمد وعلى آله الطاهرين
واصحابه المنتجبين وأزواجه الطاهرات امهات المؤمنين وذكر العباس وعليا عليهما
السلام ثم قال في التفاته المعهود عن يمينه اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد امام
ائمة الهدى وعن يساره اللهم صلي على محمد الشفيع المشفع في الورى واقام الدعوتين
الجليلتين ونزل فوافاه الآجر كالمطر فخلع كتفه وكسر أنفه وادمى وجهه وهو لمابه
واشط بدمه لولا انه كان هناك اربعة من الاتراك ايدهم الله
فنفروا واجهدوا في ان حموه لكان قد هلك
وهذه هجمة على دين الله وفتك في شريعة رسول الله صلى الله عليه و سلم وخلاعة ذكر
الربوبية والحاجة صادقة والضرورة ماسة الى أن يقصد الامتعاص البالغ في هذه الحال
العظيمة الهائلة التي ارتكبها الكفرة الفجرة واقدموا على ما اقدموا عليه وبقي
التظافر على اقتناصهم وأخذ البريء بالسقيم واباحة الدماء الواجب سفحها وكسر الايدي
والارجل التي تجب ابانتها عن أجسادها والشد على ايدي اصحاب المعونه فيها يقصدونه
من ذلك والعمل على ركوب الجم الغفير وجمهور كبراء العسكر أدام الله عزهم في يوم
الجمعة الآتية ليكون الخطيب ايده الله في صحبتهم ويجري الامر في الخطبة الاسلامية
على تقويمها ورغم من رغم ولا يكون ذلك الا بعد نكاية تظهر وتعم فان هؤلاء الشيع قد
درسوا الاسلام وقد بقيت منه بقية وان لم تدفع هؤلاء الزنادقة المرتدة عن سنن
الاسلام والاهدم وذهبت هذه البقية وله ادام الله تأييده سامى رأيه في الوف على ذلك
والجري على العادة في كفاية هذا المهم واجابتي عن هذه الرقعة بما انهيه فيقع
السكون اليه والاعتماد عليه ان شاء الله بعد فقد لحق تماما الخطيب في نفسه وولده
ما ستنشر معرفته وقد انهتك محرمه ويحتاج ان يستدعي صاحب المعونة ليستكشف عن حقيقة
الحال ومن الذي جنى هذه الجناية ويتعرف من الملاحين الذين في المشارع من اي جهة
وردوا والى أين صاروا ويتعرف ذلك من حراس الدروب بعد الارهاب الذي يعمل في مثله
ويطالع بما ينتهي اليه الاجتهاد ان شاء الله
وكان الذي لحق الخطيب انه كبسه نحو ثلاثين رجلا في ليلة الاثنين بالمشاعل واخذوا
ما كان في داره واعروا ولده وحرمه واشفق الوزير والاسفهسلارية في الجمعة الثانية
من حدوث فتنة بركوب الغلمان مع الخطيب فراسلوا ابا الحسن بن حاجب النعمان بالتوقف
عن انقاذه في هذا اليوم الى ان تسكن الفورة وترتب لهذا الأمر قاعدة يؤمن معها
الاختلاط والفساد فلم يحضر خطيب ولا اقيمت صلاة الجمعة في مسجد يراثا وقد كان شيوخ
الشيعة امتنعوا من
حضوره وتأهب الاحداث والسفهاء للفتنة
وفي هذا الوقت كثرت العملات والكبسات في الجانب الشرقي من المعروف بالبرجمي ومن
معه من الدعار المتغربين من الاجمة بالأحمرية وكانوا يدخلون على الدار التي يعينون
عليها من نقوب ينقبونها اليها فيصبح اهلها ويطلبون مغيثا او معينا من الاتراك
يجاورونهم فلا يخرج احد منهم داره ولا يمئعض لما يجري في جواره وزاد الأمر بخلو
الجانب الشرقي من ناظر في معونة ودخل على ابي بكر بن تمام الخطيب ومنزلة ملاصق مسجد
القهر مانة بازاء دار المملكة فصاح واستغاث بالملك ودعاه باسمه فلما كان في ليلة
السبت لئلاث بقين من ذي القعدة ارتفع الصباح ليلا في جوار دار المملكة لأن هؤلاء
الدعار قصدوا دارا لبعض الاتراك وحاولوا الوصول اليها فنذر بهم وسمع الملك الصوت
فركب في غلمانه وحواشيه وخرج الى باب درب حماد فطلب القوم وخرج كثير من العامة
يدعون له ويذكرون الاتراك بما يعجزونهم فيه فعاد الى داره وتعدى الفساد من الجانب
الشرقي الى الجانب الغربي وكبست فيه دور وفتحت دكاكين وكبس جامع الرصافة ليلا
وأخذت ثياب من فيه واستؤذن الخليفة في تحويل آلات الجامع من الستور والقناديل
فحولت الى التربة بالرصافة
وفي يوم الخميس التاسع من ذي الحجة حضر الاشراف والقضاة والشهود في دار الخلافة
وقرىء عليهم عهد ابي عبدالله الحسين بن علي بن ماكولا يتقلده قضاء القضاة وخلع
عليه ثم قرىء عهده بعد ذلك في جامع الرصافة وجامع المدينة
وفي يوم الجمعة الذي كان عيد النحر خرج الناس والجند الى ظاهر البلد بحضرة مسجد
براثا فلم يحضر خطيب ولا حضر صاحب معونة فلما طال الانتظار قيل لاحد المؤذنين في
الموضع تقدم فصل فتقدم وكبر في اول ركعة مالم يضبط عدد حيرة ودهشا وسجد قوم ولم
يسجد قوم وكبر في الركعة الثانية تكبيرة او تكبيرتين ووقعت الصيحة فظن انها من
فتنة فانزعج الناس واختاطوا وانقطعت
الصلاة وكان سبب انقطاع الخطباء عن هذا
الموضع ما سبق ذكره عن ابي منصور بن تمام الخطيب وغيظ الخليفة في ان لم يفعل
مقابلة ذلك لما كتب وأمر به ثم اجتمع بعد هذا قوم من مشايخ اهل الكرخ فصاروا مع
الشريف المرتضى الى دار الخلافة فاحالوا على سفهاء الاحداث فيما جرى على الخطيب
وسألوا الصفح عن هذه الجناية وان لا يخلى عن هذا المسجد من المراعاة واقامة الخطبة
فيه فاقيم لهم خطيب وعادت الصلاة في مسجد براثا منذ يوم الجمعة غرة المحرم بعد ان
عملت للخطيب نسخة يعمدها فيما يخطب واعفاءهم الخطيب من دق المنبر بعقب سيفه ومن
قوله اللهم اغفر للمسلمين ومن اعتقد ان عليا مولاه وفي ليلة الجمعة لعشر بقين من
ذي الحجة ورد ابو يعلى الموصلي وجماعة من العيارين كانوا مقيمين باوانا وعكبر
فقتلوا خمسة من الرجالة واصحاب المسالح وظهروا من الغد في الكرخ بالسيوف المسلولة
واظهروا ان كمال الدولة ابا سنان انفذهم لحفظ البلد وخدمة السلطان فثار بهم اهل
الكرخ فقتلوا وصلبوا
وفي هذه السنة جرد صاحب مصر جيشا لقتال صالح من مرداس صاحب حلب وبعث الجيش مع
انوشتكين التزبري فكانت الواقعة عند شاطئ نهر الاردن فاستظهر التزبري وقتل صالحا
وابنه وانفذ راسيهما الى مصر واقام نصرين صالح بحلب
وتأخر الحج في هذه السنة من خرسان والعراق
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
69 - الحسن بن ابي الهبيش
ويكنى ابا علي كان من الزهاد المتعبدين ودخل عليه ابو القاسم ابن المغربي الوزير
فقبل يده فقيل له كيف قبلت يده فقال كيف لا اقبل يدا ما امتدت الى قط الا الى الله
تعالى وحكى ابو عبد الله محمد بن علي العلوي قال بت عنده ليلة فلم اتمكن من النوم
لكثرة البق وهو واقف يصلي فلا ادري امنع البق منه
ام صبر عليه ورأيت مئزره قد انحل وسقط عن
كعبيه ثم استوى وعلا الى سرته وهو واقف يصلي ولا ادري ارتفع المئزر ام طالت يده
حتى اعادته وتوفي في هذه السنة وقبره ظاهر بالكوفة وقد عمل عليه مشهد وقد زرته في
طريق الحج
70 - الحسين بن عبد الله
ابن احمد بن الحسن ابن ابي علاثة ابو الفرج المقرئ تفقه في حداثته وقرأ بالقراآت
وكتب الحديث الكثير وحدث عن الشافعي وغيره ثم في كبره سخف امره وسقطت مروءته توفي
في جمادي الاولى من هذه السنة
71 - علي بن عيسى
ابن الفرج بن صالح ابو الحسن الربعي النحوى صاحب أبي علي الفارسي ولد سنة ثمان
وعشرين وثلثمائة ودرس ببغداد الادب على أبي سعيد السيرافي وخرج الى شيراز فدرس بها
على ابي علي الفارسي عشرين سنة ثم عاد فأقام ببغداد الى آخر عمره فكان أبو علي
يقول قولوا له لو سرت من الشرق الى الغرب لم تجد أنحى منك وكان علي بن عيسى يوما
يمشي على شاطئ دجلة فرأى الرضى والمرتضى في سفينة ومعها عثمان بن جني فقال لهما من
اعجب احوال الشريفين ان يكون عثمان جالسا معهما ويمشي على علي الشط بعيدا منهما
توفي في محرم هذه السنة عن اثنتين وتسعين سنة ودفن بمقبرة باب الدير واخبرنا ابن
ناصر عن ابي الفضل بن خيرون قال قيل انه تبع جنازته ثلاثة أنفس
سنة 421
ثم دخلت سنة احدى وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه اغلق اهل الكرخ اسواقهم وعلقوا المسوح على دكاكينهم رجوعا
الى عادتهم الاولى في ذلك وسكونا الى بعد الاتراك وكان السلطان قد انحدر عنهم
فحدثت الفتنة ووقع القتال بينهم وبين اهل القلائين وروسل
المرتضى في انفاذ من يحط التعاليق فحط
والفتنة قائمة بين العوام واستمرت بعد ذلك وقتل من الفريقين وخربت عدة دكاكين ورتب
بين الدقاقين والقلائين من يمنع القتال
وفي ليلة السبت مستهل صفر كبس جماعة من العيارين يزيدون على خمسين رجلا على مصلحي
بنهر الدجاج فقتلوه وقتلوا قوما كانوا معه واحرقوا الدار ولم يتجا سر احد من
الجيران أن ينذربهم خوفا منهم وفي هذا الشهر كثرت العملات والكبسات في الجانب
الشرقي من المعروف بالبرجمي متقدم العيارين ووصل الى عدة مخازن ومنازل واخذ منها
شيئا كثيرا واستمر ذلك فلقى الناس منه امرا عظيما
وفي يوم الاحد النصف من صفر عصفت ريح شديدة وسمع في اثنائها دوي افزع وتلاه برد
كهيئة التين في حجمه وتحدد رأسه
وفي يوم السبت الحادي عشر من ربيع الآخر ورد الكتاب بدخول الملك جلال الدولة
والاصفهسلارية الأهواز فضربت البوقات للبشارة بذلك وخلع على الركابية وطيف بهم في
الاسواق وذلك انه لما امتنع عليهم قتال من بواسط عملوا على قصد الاهواز واطمعوا
العسكر في النهب فلما مضوا اليها تخادل من كان بها من الاتراك وهرب الديلم فدخلوا
فنهبوا ما يتجاوز حد الحصر واستمر النهب ستة عشر يوما حتى انه اخذ من دار ميمون
البائع وخان انباره ما قدره سبع مائة الف دينار وزاد المأخوذ من البلد على خمسة
آلاف الف دينار والفى جارية وحرائر واتلف واحرق مالا يمكن ضبطه
وفي يوم الجمعة لليلتين خلتا من جمادي الاولى سقطت قنطرة الزياتين على نهر عيسى
وفي يوم الاحد الثامن عشر من هذا الشهر جلس الخليفة القادر بالله واذن للخاصة
والعامة فوصلوا اليه وشاهدوه وذلك عقب شكاه عرضت له شووقع الارجاف معهابه واظهر في
هذا اليوم تقليد الامير ابي جعفر عبد الله ولده ولاية
عهده وكانت الاقوال قبل هذا قد كثرت في
معنى الامير ابي جعفر وتوليته العهد وتوقف الخليفة عن ذلك ثم ابتديت الحال بأن ذكر
على المنابر بالحضرة في ذي الحجة من السنة الماضية في عرض الدعاء للخليفة وقيل
اللهم امتعه بذخيرة الدين المرجو لولاية عهده في المسلمين اشارة اليه من غير افصاح
باسمه ولا نص عليه فلما جلس في هذا اليوم تقدم الصاحب ابو الغنائم محمد بن احمد وقوم
من الاتراك وقال ابو الغنائم في اثناء ضجة وازدحام خدم مولانا امير المؤمنين
الغلمان داعون له باطالة البقاء وادامة الدولة وشاكرون لما بلغهم من نظره لهم
وللمسلمين باختيار الامير ابي جعفر لولاية العهد فقال الخليفة من هذا المتكلم ولم
يفهم قوله فقيل الناظر في امور الاتراك فقال للامير ابي جعفر اسمع ما يقوله فأعاد
الصاحب القول فقال الخليفة اذا كان الله قد اذن في ذلك فقد اذنا فيه فقال الامير
ابو جعفر مولانا يقول اذا كان الله قد اذن في ذلك فنرجو الخيرة فيه فقال الخليفة
وزحف من مخاده حتى اشرف على الناس من اعلى سريره بصوت عال وقد اذنا فقال نظام
الحضرتين ابو الحسن الزينبي ثد سمع قول مولانا امير المؤمنين وحفظ والله يقرن ذلك
بالخيرة والسعادة ومدت الستارة في وجهه وجلس الامير ابو جعفر على السرير الذي كان
قائما عليه بين يديه وخدمه الحاضرون بالدعاء والتهنيئة وتقدم ابو الحسن ابن حاجب
النعمان فقبل يده وهناه ودعا له فقال له ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا
خيرا وكفى لالله المؤمنين القتال اتها ما له بافساد رأي الخليفة فيه فبكى واكب على
تقبيل قدمه وتعفير خده ولحيته بين يديه وقال قولا كثيرا في التبري والاستعطاف فلما
كان يوم الجمعة لسبع بقين من الشهر ذكر الخطبة على منابر الحضرة بالقائم بأمر الله
ولي عهد المسلمين واثبت ذلك على سكة العين والورق
ثم ورد في يوم السبت لست بقين من الشهر كتاب الملك جلال الدولة الى الخليفة يسأله
فيه هذا الذي فعل فجمع الناس يوم الثلاثاء في بيت الموكب وقرئ عليهم وكان فيه سلام
على أمير المؤمنين اما بعد اطال الله بقاء سيدنا ومولانا
الامام القادر بالله امير المؤمنين فان
كتابي صادر الى الحضرة القاهرة القادرية المحفوظة بالبركات النبوية وما استأ من
فيه من امور الرعايا وحفظ نظام العسكر مستمر بمبذول الامكان والاجتهاد فما ازال
اعمل فكر في مصالح المسلمين وادأب سعيا في حراسة شملهم وعلم سيدنا و مولانا الامام
القادر بالله امير المؤمنين محيط بان الله تعالى جعل لكل شيء امدا وسوى في نقل
الخلق فلم يخل من حتمه نبيا ولا صفيا وقد سار مولانا الامام القادر بالله امير
المؤمنين باحسن السير حاميا للخواص والعوام من الغير ولاشه تسمية النظر في حاضر
يومه لغده واعداد ما سيظهره من عدده حتى لا يسأله الله يوم المعاد عن حق اهمل وقد
تعين وجوده وان اولى ما اعتمده النظر لا مة محمد ومن في ذمتها والنص على ما يعهد
الله بسياستها حتى لا تكون مهملة في وقت وان الحنبة العزيزة الجعفرية مستحقة
لولاية العهد بعد الامد الفسيح الذي نسأالله ان يطيله وارغب الى الموقف القادري ان
يشدازر الخلافة بامضاء العقد المتين لها وصلة اسمها بالاسم العزيز في اقامة الدعوة
وانشاء الكتب الى البلاد بما رأى في ذلك ليكون سيدنا ومولانا امير المؤمنين بعد
الامد الفسيح قد سلم الامة الى راع فان رأت الحضرة الشريفة النبوية الانعام
بالاجابة الى المرام انعمت بذلك واصدرت هذه الخدمة يوم الاحد لاثنتي عشرة ليلة
بقيت من جمادي الاولى سنة احدى وعشرين واربعمائة وأتبع هذا بكتاب عن الخليفة يذكر
ما قلده الامير ابا جعفر من ولاية عهده فقال فيه وان امير المؤمنين لما تأمل ما
وهبه الله تعالى من سلالته ابي جعفر عبد الله وجده شهابا لا يخبوه وخيرمن مغيبات
احواله ما لم يزل يستوضحه فولاه
وفي يوم الاثنين لليلة خلت من رجب قلد ابو محمد بن النسوى النظر في المعونة ولقب
الناصح واستحجب وخلع عليه واستدعى جماعة العيارين فأقامهم اعوانا واصحاب مسالح
وفي رمضان ورد الخبر من الموصل بتاريخ الجمعة لخمس بقين من شعبان ان
فضلون الكردي غزا الخزم فقتل منهم وسبى
وغنم من اموالهم غنما كثيرا وعاد الى بلده يقدر انه قد كسر شوكتهم وامن غائلتهم
فاتبعوه وكسبوه واستنقذوا الغنائم والسبي من يده قتلوا من الأكراد والمطوعة اكثر
من عشرة الآف واستباحوا اموالهم
وكان ملك الروم قد قصد حلب في ثلثمائة الف ومعه أموال على سبعين جمازة فأشرف على
عسكره مائة فارس من لعرب والف راجل فظن الروم انها كبسة فلبس ملكهم خفا اسود حتى
يخفي امره وافلت واخذوا من خاصته اربعمائة بغل محملة ثيابا وقتلوا مقتله كثيرة من
رجاله
ولليلة بقيت من رمضان كان اول تشرين الاول وينقضي ايلول عن حر شديد زاد على حر
تموز وحزيران زيادة كثيرة وعصفت في اليوم السابع منه ريح سموم تلاها رعد ومطر جود
وكان في هذه السنة موتان ببغداد وجرف عظيم في السواد
وفي سادس شوال جرت منازعة بين احد الاتراك النازلين بباب البصرة وبعض الهاشميين
فاجتمع الهاشميون الى جامع المدينة ورفعوا المصاحف واستنفروا الناس فاجتمع لهم
الفقهاء والعدد الكثير من الكرخ وغيرها وضجوا بالاستغفار من الاتراك وسبهم فركب
جماعة من الاتراك فلما رأوهم قد رفعوا اوراق القرآن على القصب رفعوا بازائهم قناة
عليها صليب وترامى الفريقان بالنشاب والآجر وقتل من الآجر قوم ثم اصلحت الحال
وفي ليالي هذه الايام كثرت العملات والكبسات الجانب الشرقي من البرجمي ورجاله
وقصدوا درب عليه ودرب الربع ففتحوا فيها عدة خانسارات ومخازن وأخذوا منها شيئا
كثيرا وكبسوا عدة دور واستولوا على ما فيها
وتجدد القتال بين القلائين والدقاقين واسمترت الفتنة ودخل من كان غائبا من
العيارين وكثر الاستقفاء وفتح الدكاكين وعمل العملات ليلا ولم يعمل الغدير ولا
الغار في هذه السنة لأجل الفتنة وفي هذا الوقت تجدد دخول
الاكراد المتلصصة ليلا واخذهم دواب
الاتراك من اصطبلاتهم وفعل ذلك في عدة اصطبلات بالجانبين حتى دعاهم الخوف الى نقل
دوابهم الى دورهم وشدها فيها ليلا ونقل السلطان ماله من كراع الى دار المملكة وعملت
هناك المعالف واغلق جلال الدولة بابه وصرف حواشيه لارتفاع الاقامة عنه وانصرف
الحاصل الى الاتراك
وتأخر الحاج من خراسان في هذه السنة ولم يخرج من العراق إلا قوم ركبوا من الكوفة
على جمال البادية وتحفروا من قبيلة إلا قبيلة وبلغت اجرة الراكب الى فيد اربعة دنانير
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
72 - ابراهيم بن الفضل
ابن حيان الحلواني قاضي سر من رأى نزل بغداد وحدث بها روى عنه المافى ابن زكريا
توفى في هذه السنة
73 - الحسن بن احمد
ابن محمد بن فارس بن سهل ابو الفوارس البزاز وهو أخو أبي الفتح بن زبي الفوارس ولد
سنة اربع واربعين وثلثمائة سمع ابا بكر الشافعي وابن الصواف وكان ثقة وتوفي في صفر
هذه السنة ودفن في مقبرة الخيزران
74 - الحسين بن محمد
ابو عبد الله الخالع الشاعر توفي في هذه السنة عن سن عالية
75 - على بن عبد العزيز
ابن ابراهيم بن بيان ابو الحسن المعروف بابن حاجب النعمان كان كاتب القادر بالله
ولد سنة اربعين وثلثمائة وذكر انه سمع من ابي بكر النجاد والشافعي وابن مقسم وكان
ابوه بخدم ابا عمر المهلبي في ايام وزارته وكتب هو للطائع لله
ثم كتب بعده للقادر في شوال سنة ست
وثمانين فكتب للخليفتين اربعين سنة وكان له لسان وبلاغة وتوفي في رجب هذه السنة
ودفن ببركة زلزل ثم نقل تابوته الى مقابر قريش ودفن بها في سنة خمس وعشرين
76 - عنبر ابو المسك
خادم بهاء الدولة كان قد بلغ مبلغا لم يبلغه امثاله ورأى اصحاب الاطراف يقبلون يده
ويترجلون عند لقائه وينفذ حكمه فيما ينفذ فيه حكم الملوك انحدر الى بغداد طمعا في
تملكها معونة للملك ابي كاليجار فتوفي
77 - محمد بن جعفر
ابن علان ابو جعفر الوراق الشروطى ويعرف بالطوابيقى اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن
علي الخطيب قال كان شيخا مستورا من اهل القرآن ضابطا لحروف قراءة كانت تقرأ عليه
وحدث عن احمد بن يوسف بن خلاد وأبي علي الطوماري وأبي جعفر بن المتيم كتبت عنه
وكان صدوقا ومات في ذي القعدة من سنة احدىوعشرين واربعمائة ودفن في مقابر باب
الدير
78 - محمود بن سبكتكين
يكنى ابا القاسم ويكنى ابوه ابا منصور كان ابو منصور صاحب جيش السامانية واستولى عليها
بعد وفاة منصور بن نوح وتوفى سبكتين في سنة سبع وثمانين وثلثمائة ببلخ فنازع بن
شبكتين اخاه محمود فكسره محمود وملك خراسنان وزالت على يده دولة سامان وكان ال
سامان قد ملكوا سمرقند وفرغانة وتلك النواحي اكثر من مائة سنة قصدهم محمود وقبض
عليهم وملك ديارهم واتام الخطبة للقادر بالله وراسل محمود بهاء الدولة ابا نصر بن
بويه بابي عمر البسطامي ونفذ اليه هدايا وخمسة فيلة وسأله خطاب الخليفة في توليته
فبعث بهاء الدولة بأبي عمر البسطامي الى فخر الملك ابي غالب وامره أن يقصد دار
الخلافة ويسأله في هذا المعنى فأجاب القادر بالله الى ذلك في شعبان سنة اربع
واربعمائة
وحصل له من الفتوح في بلاد الهند والكفر مالم يحصل لغيره وكان الخليفة قد بعث اليه الخلع ولقبه بيمين الدولة وامين الملة أضيف الى ذلك نظام الدين ناصر الحق ومالك محمود سجشتان وتملك مملكة واسعة وبلغ الى قلعة لملك الهند تسع خمسمائة الف انسان وخمسمائة فيل وعشرين الف دابة فأحاط بها فجاءة رسول على نعش يحمل قواذمة اربعة غلمان ويحقه مطرح ومخدة فقال له ان مفارقة ديننا لا سبيل اليه ولكن نصالحك فصالحهم علي خمسمائة فيل وثلاثة الاف ومائة بقرة فبعث محمود الى ملكهم قباء وعمامة وسيفا ومنطقة وفرسا ومركبا وخفا وخاتما عليه اسمه وأمره ان يقطع اصبعه وهي عادة للتو ثقة عندهم وكان عند محمود من اصابع من هادنه الكثير فلبس ملكهم الخلعة واخرج حديدة قطع اصبعه الصغرى من غيران يتغير وجهه واحضر دواء فطرحه عليها وشدها وفتح محمود قلعة سومنات وهدم البيت الذي يحجونه وفيه اصنام من الذهب والفضة مرصعة بالجواهر وقيمة ذلك تزيد على عشرين الف الف دينار وكانوا يحملون الى الصنم ماء من نهر بينه وبينه مائتا فرسخ ورتبوا ألفا من البراهمة يواظبون على خدمته ويحلقون رؤوس زواره ولحاهم واجروا على ثلثمائة رجل وخمسمائة امرأة كانوا يغنون للزوار فحاربهم محمود وقتل خمسين الفا وغنم الاموال وقبض على ابي طالب رستم بن فخر الدولة ابي الحسن وكتب الى القادر بالله بانه وجد الأبي طالب زيادة على خمسين امرأة حرة على على ما سبق ذكره وخطب لمحمود في الأطراف وعقد على جيحون جسرا ولم يقدر على ذلك احد قبله وانفق في سفرته الفى الف دينار ولم يخط بطائل فاتهم وزيره وقال اغرمتني هذا المال فأخذ منه خمسة الاف الف دينار واعتقله وكان قد عبر في غزوة الى ما وراء النهر فضمن له اهل سمرقند الف غلام حتى كف عنهم وكان معه اربعمائة فيل تقاتل وحمل اليه وهو بغزنه شخصان من النسناس الذين يكونون في بادية نحو الترك وهم على صور الناس في جميع اعضائهم الا ان ابدانهم ملبسة بالشعر
لا يكاد يبين منه ولهم كلام كصغير الوحش
فقدم لهذين المحمولين خبز وثريد ولحم فلم يأكلا وحملا الى موضع الفيلة فما خافا
وأكلا من الحشيش الذي يأكلونه كما يأكل الحمار وتغوطا كما تفعل البهائم واتراك
بلادهم يأكلونهم ويذكرون انهم اطيب اللحوم لحما ومرض محمود وكانت علته سوء المزاج
وانطلاق البطن وهو على غزواته ونهضاته لا ينثنى فلما اشتد به الأمر أمر بالجواهر
التي اقتناها من ملوك خرسان وما وراء النهر وعظماء الترك والهند فصفت في صحن فسيح
في قصره وكان قد جمع سبعين رطلا من الجوهر فلما نظر اليها بكى بكاء متحسر على ما
يخلفه ثم أمر بردها الى مكانها من القلعة بغزنه وتوفي يوم الخميس لسبع بقين من
ربيع الآخر من هذه السنة وهو ابن ثلاث وستين سنة ملك منها ثلاث وثلاثين سنة ومات وهو
مستند في دسته لم يضع جنبه الى الارض وكان ظاهر أمره التدين والتسنن وولى ابنه
مسعود مكانه
سنة 422
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في ليلة الخميس ثالث المحرم نقب قوم من اللصوص على دار
المملكة فأفضوا الى حجرة من حجر الحرم واخذوا منها شيئا من الثياب ونذربهم فهربوا
ورتب بعد ذلك حرس يطوفون حول الدار في كل ليلة وفي صفر عملت عملة في اصحاب الاكسية
فأخذت امتعة كثيرة وثار اهل الكرخ بالعيارين وطلبوهم فهربوا واقام التجار على
اغلاق دكاكينهم والمبيت في اسواقهم وراسلوا حاجب الحجاب وسألوه ان يندب الي
المعونة من يعاونونهم على اصلاح البلد فاعيد ابو محمد النسوى الى العمل فوجدوا احد
العيارين فقتلوه ونهبت الدار التي استترفيها ثم قوى العيارون وهرب ابن النسوى
وعادت الفتن وفي يوم الثلاثاء خامس ربيع الاول صرف ابو الفضل محمد بن علي بن عبد
العزيز بن حاجب النعمان عن كتابة القادر بالله وكانت مدة نظره شبعة اشهر وعشرين
يوما وسبب ذلك انه لما توفي والده ابو الحسن واقيم مقامه لم يكن له
دربة بالعمل
وفي يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الاول تجددت الفتنة بين السنة والرافض واشتدت
وكان سبب ذلك الخزلجي الصوفي الملقب بالمذكور اظهر العزم على الغزو واستأذن
السلطان فكتب له منشور من دار الخلافة واعطى منحوقا واجتمع اليه لفيف كثير وقصد في
هذا اليوم جامع المدينة للصلاة فيه وقرءة المنشور فاجتاز بباب الشعير وخرج منه الى
طاق الحراني وعلى رأسه المنحوق وبين يديه الرجال بالسلاح فصاح من بين يديه العوام
بذكر ابي بكر وعمر وقالوا هذا يوم مغازى فنافرهم اهل الكرخ ورموهم وثارت الفتنة
ومنعت الصلاة ونقبت دار المرتضىفخرج منها مرتاعا منزعجا فجاءه جيرانه من الاتراك
فدافعوا عنه وعن حرمه واحرقت احدى سميريتيه ونهبت دور اليهود وطلبوا وخانساراتهم
لانه قيل عنهم انهم اعانوا اهل الكرخ فلما كان من الغد اجتمع عامة اهل السنة من
الجانبين وانضاف اليهم كثير من الاتراك وقصدوا الكرخ فأحرقوا وهدموا الاسواق واشرف
اهل الكرخ على خطة عظيمة وكتب الخليفة الى الملك والاصفهسلارية ينكر ذلك عليهم
انكارا شديدا وينسب اليهم تخريق علامته التي كانت مع الغزاة وامر باقامة الحد في
الجناة فركب وزير الملك فوقعت في صدره آجرة وسقطت عمامته وقتل من اهل الكرخ جماعة
وانتهب الغلمان ما قدروا عليه ثم رتب الوزير قوما منعوا القتال واحترق وخرب من هذه
الفتنة سوق العروس وسوق الانماط وسوق الصفارين وسوق الدقاقين ومواضع اخرى
وفي ليلة الاحد لثمان بقين من ربيع الآخر كبس قوم من الدعار المسجد الجامع ببراثا
واخذوا ما فيه من حصر وسجادات وقلعوا شباكه الحديد وزاد الاختلاط في هذه الايام
وعاد القتال بين العوام وكثرت العملات واجتاز سكران بالكرخ فضرب بالسيف رأس صبي
فقتله ولم يجر في هذه الاشياء انكار من السلطان لسقوط هيبته
وفي جمادي الآخرة قتل العامة الكلالكى
وكان ينظر قديما في المعونة واحرقوه ثم زاد الاختلاط ببسط العوام كثيرا وأثاروا
الفتنة ووقع القتال في اصقاع البلد من جانبيه واقتتل اهل نهر طابق واهل القلائين
واهل الكرخ واهل باب البصرة وفي الجابن الشرقي اهل سوق السلاح وأهل سوق الثلاثاء
واهل باب الطلق والاساكفة واهل سوق يحى والرهادرة واهل الفرضة واهل درب سليمان حتى
قطع الجسر ليفرق بين الفريقين ودخل العيارون البلد وكبسوا ابا محمد النسوى قي داره
بدرب الزبرج وكثر الاستقفاء نهارا والكبس ليلا
وفي هذه الايام لحقت القادر بالله شكاة ارجف به فوقع الانزعاج وانتقل من كان ملتجأ
الى داره ومقيما بها ونقل ما كان فيها من الاموال وتكلم الغلمان في مطالبة الامير
ولي العهد بمال البيعة ثم استقل الخليفة مما وجده ثم وجد الغلمان واظهروا كراهية
الملك جلال وشكوا اطراحه تدبيرهم واشاعوا بأنهم يقطعون خطبته في الجمعة المقبلة
الى ان يستقر رأيهم على من يختارونه فعرف الملك ذلك فأقلقه وفرق مالا في بعضهم
ووعدهم وبذل أن يخلف لهم فخلف ثم عادوا الاجتماع والخوض في قطع خطبته وقالوا قد
وقفت امورنا وانقطعت موادنا ويأسنا من ان يجري لنا على يد هذا الملك خير وهوان
ارضى بعضنا فماذا يصنع الباقون وانفذوا الى دار الخلافة جماعة من طوائفهم يقولون
قد عرف امير المؤمنين صورتنا مع هذا الملك وما هو عليه من اطراحنا ونريد ان تأمر
بقطع خطبته فخرج الجواب بأننا على ما تعرفون من المراعاة لكم وهذا الرجل مولاكم
وشيخ بني بويه اليوم وله في عنقنا واذا انكرتم منه أمرا رددناه عنه وتوسطنا الامر
غير هذا فلا يجوز الاذن فيه فان قبلتم هذا والا فما ندخل فيها ولا نأمركم بها
فانصرفوا غير راضين وصليت الجمعة من غد ووقعت الخطبة على رسمها الا في جامع
الرصافة فان قوما من الاتراك حضروا عند المنبر ومنعوا ابا بكر بن تمام الخطيب من
ذكر الملك وضرب احدهم يد الخطيب وخاف الناس الفتنة فتفرقوا من غير صلاة ثم عاودوا
الشكوى حتى شارفت الحال
المكاشفة ثم توطنوا فسكتوا
وكان المهرجان في رمضان فلم يجلس السلطان فيه ولا ضرب له دبدية على ما جرى به
الرسم وقد كان الطبالون انصرفوا قبل ذلك بأيام وقطعوا ضرب الطبل في اوقات الصلوات
وذلك لانقطاع الاقامة عنهم وعن الحواشى ثم وقع عيد الفطر فجرت الحال على مثل هذه
السبيل ولم يركب الى الجامع والمصليان صاحب المعونة ولا ضرب بوق ولا نشر علم ولا
اظهرت زينة وزاد الاختلاط ووقعت الفتنة بين العوام واحرقت سوق الخراطين ومدبغة
الجلود وقبلها سوق القلائين وكثر الاستقفاء والكبسات ثم حدث في شوال فتنة بين
اصحاب الأكسية واصحاب الخلقان اشفى منها اهل الكرخ على خطر عظيم والفريقان متفقان
على مذهب التشيع
وثارت في هذا الوقت بين الغلمان فمالت العوام الى بعضهم فاوقعوا بهم وأخذوا سلاحهم
ثم نودى في الكرخ باخافة العيارين وباحلالهم يومين فلما كان اليوم اجتمعوا وكانوا
انحوا من خمسين ووقفوا على دجلة بازاء دار المملكة وعليهم السلاح وبين ايديهم
المشاعل وصاحوا بعد الدعاء للملك بانا يا مولانا عبيدك العيارون وما نريد ابن
النسوى واليا فإن عدل عنه والا احرقنا وافسدنا وانصرفوا فخرج قوم منهم الى السواد
ثم طلبوا فهربوا ثم عادوا الي الكبسات والعملات وفي اول ذي الحجة جرت فتنة وقتال
شديد على القنطرتين العتيقة والجديدة واعترض اهل باب البصرة قوما من القميين
لزيارة المشهدين بالكوفة والحائر وقتلوا منهم ثلاثة نفر وجرحوا آخرين وامتنعت
زيارة المشهد بمقابر قريش يومئذ وفي ذي الحجة توفي القادر بالله وولي القائم
باب ذكر خلافة القائم بامر الله
اسمه عبد الله بن القادر بالله ويكنى ابا جعفر
اخبرنا ابو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت
الخطيب قال سمعت ابا القاسم على بن
المحسن التنوخي يذكر أن مولد الامام القائم بأمر الله يوم الجمعة الثامن عشر من ذي
القعدة سنة احدى وتسعين وثلثمائة وامه ام ولد تسمى قطر الندى أرمنية ادركت خلافته
بويع للخلافة القاذم بأمر الله بعد موت أبيه القادر بالله يوم الاثنين الحادي عشر
من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين واربعمائة وكان القادر بالله جعله ولي عهده من بعده
ولقبه القاذم بامر الله وخطب له يذلك في حياته قال المصنف رحمه الله وذكر ابو الحسن
على بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب ان القائم بأمر الله ولد يوم الخميس ثامن
عشر ذي القعدة وانه بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء الثالث عشر من ذي الحجة وان امه
أم ولد اسمها بدر الدجى وانه كان سنة يوم ولى احدى وثلاثين سنة
ذكر البيعة
لما توفي القادر حضر الاشراف والقضاة الفقهاء والا ماثل وحفظت ابواب البلد مخافة
الفتنة وخرج القائم بأمر الله وقت العصر من وراء ستر فصلى بالحاضرين المغرب وصلى
بعدها على القادر فكبر اربعا ثم جلس في دار الشجرة على كرسي وعليه قميص ورداء
فبايعه الناس فكان يقال للرجل تبايع امير المومنين القاذم بامر الله على الرضا
بامامته والالتزام بشرائط طاعته فيقول نعم ويأخذ يده فيقبلها واول من بايعه
المرتضى وقال له ... فاما مضى جبل وانقضى ... فمنك لنا جبل قدرسا ... وانا فجعنا
ببدر المام ... فقد بعثت منه شمس الضحى ... لنا حزن في محل السرور ... وكم ضحك في
خلال الرجا ... قياصار ما اغمدته يد ... لنا بعدك الصارم المنتضى ... ولما حضرناك
عقد البياع ... عرفنا بهديك طرق الهدى ... فقابلتنا بوقار المشيب ... كما لا وسنك
سن الفتى ... وحضر الامير ابو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر من الغد وبايعه وكتب
الى
البلاد بأخذ البيعة وهم الاتراك بالشغب
لأجل رسم البيعة فتكلم تركى بما لا يصلح في حق الخليفة القائم فقتله هاشمي فثار
الاتراك وقالوا ان كان هذا بأمر الخليفة خرجنا عن البلد وان لم يكن فيسلم الينا
القاتل فخرج توقيع الخليفة انه لم يجر ذلك بارادتنا وانما فعله رعاع في مقابلة قول
تجاوز به عدوه ونحن نطلب القاتل ونقيم فيه حد الله تعالى ولم يركب السلطان الى
البيعة غضبا للاتراك ثم لجوا في طلب مال البيعة فقيل لهم ان القادر لم يخلف مالا
فأدى الملك بهاء الدولة من عنده الي الجند ثم تقرر الأمر على ما قيمته ثلاثة آلاف
ألف دينار فعرض الخليفة عند ذلك خانا بالقطيعة وبستانا وشيئا من انقاض الدار على
البيع ووزرله ابو طالب محمد بن ايوب وابو الفتح بن دارست وابو القاسم ابن المسلمة
وابو نصر بن جهير وكان قاضيه ابن ماكولا وابو عبد الله الدامغاني
ذكر طرف من سيرة القائم بامر الله
كانت للقائم عناية بالادب ولم يكن يرتضى اكثر ما ينشأ في الديوان حتى يصلح فيه
اشياء وروى الرئيس ابو الحسن على بن هبة الله بن عبد السلام عن ابي الفضل محمد بن
علي بن عامر اوكيل قال دخلت يوما الى المخزن فلم يبق احدالا واعطاني قصة وامتلأت
كمامي بالرقاع فلما رأيتها كثيرة قلت لو كان هذا الخليفة اخي او ابن عمي حتى اعرض
عليه هذه الرقاع لا عرض عني وألقيتها في بركة ماء والقائم ينظر الى ولا اعلم فلما
وقفت بين يديه امر الخدم بأخذ الرقاع من البركة فتبادروا اليها وبسطوها في الشمس
فكلما جفت قصة حملت اليه فلما تأملها وقع عليها جميعها باغراض اصحابها ثم قال يا
عامي وكان اذا ضجر يخاطبني بهذا ما جملك على هذا الفعل وهل كان عليك في ايصالها
درك فقلت بل وقع لي ان الضجر يقع منها فقال يحك ما اطلقنا من اموالنا شيئا نحن
وكلاء فلا تعد الى ما هذا سبيله ومتى ورد عليك وارد فاياك ان تنقاصى عن ايصال قصته
وفي يوم الاثنين الثامن عشر من ذي الحجة كان الغدير وقام العيارون بالاشغال في
ليلته ونحر جمل في صبيحته بعد أن جبوا الاسواق والمحال لذلك واشتد تبسط
هذه الطائفة وخلعوا جلباب المراقبة
وضربوا وقتلوا وفعل اهل السنة في محالهم ما كانوا يفعلونه من تعليق الثياب والسلاح
واظهار الزينة ونصب الاعلام واشعال النيران ليلا في الاسواق في يوم الاثنين المقبل
زعما منهم انه في هذا اليوم اجتمع رسول الله صلى الله عليه و سلم وابو بكر في
الغار
ثم ان العيارين اسعروا الناس ليلا كبسا لمنازلهم واخذا لاموالهم ثم ظهروا وعدلوا
بالكبسات عن الكرخ الى باقي المحال
وورد الخبر بان قوما من الدعار كبسوا ابا الطيب ابن كمارويه القاضي بواسط في داره
واخذوا ما وجدوه وضربوه ضربات كانت فيها وفاته
وخرجت هذه السنة ومملكة جلال الدولة ما بين الحضرة واسط والبطيحة وليس له من ذلك
الا الخطبة فاما الاموال والاعمال فمنقسمة بين الاعراب والاكراد والاطراف منها في
ايدي المقطعين من الاتراك والوزارة خالية من ناظر فيها
وتأخرت الامطار في هذه السنة وقلت الزراعة في السواد لقلة المياه وتجدد لاحتباس
القطر يبس في الابدان فأصاب اكثر الناس نزلات في رؤوسهم وصدورهم معها حمى وسعال
فكثر طباخو ماء الشعير حتى طبخه اصحاب الارز بالبن وبيع كل ثلاثين رمانة حلوة
بدينار سابورى ومناشراب بعشرة قراريط واصاب اهل الرى وهمذان وحلوان وواسط ونواحي
فارس وكرمان وارجان نحو ذلك وكان السبب تأخر المطر
ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان والعراق لانقطاع الطرق وزيادة الاضطراب
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
79 - احمد القادر بالله امير المؤمنين ابن اسحاق بن المقتدر
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا الخطيب قال توفي القادر بالله في ليلة الاثنين
الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين
وعشرين واربعمائة ودفن ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء في دار الخلافة بعد أن
صلى عليه ابنه القائم بامر الله ظاهرا وعامة الناس وراءه وكبر عليه اربعا فلم يزل
مدفونا في الدار حتى نقل تابوته وحمل في الطيار ليلا الى الرصافة فدفن بها في ليلة
الجمعة لخمس خلون من ذي القعدة سنة ثلاثة وعشرين واربعمائة وكان مبلغ عمر القادر
بالله ستا وثمانين سنة وعشرة أشهر واحدى وعشرين يوما وكانت مدة خلافته احدى
واربعين سنة وثلاثة اشهر ولم يبلغ هذا القدر احد في الخلافة غيره وقال غيره جلسوا
في عزائه سبعة ايام لمعنيين احدهما تعظيم المصيبة والثاني لاجتماع العامة واقامة الهيبة
خوفا من فتنة الغلمان
80 - الحسن بن علي
ابن جعفر ابو علي بن ماكولا وزر لجلال الدولة ابي طاهر وقتله غلام له بالأهواز في
ذي الحجة من هذه السنة وكان عمره ستا وخمسين سنة
81 - طلحة بن علي
ابن الصقر ابو القاسم الكناني سمع النجاد وابا بكر الشافعي وكان ثقة صالحا يسكن
درب الدجاج وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بالشونيزية
82 - عبد الوهاب بن علي
ابن نصر ابو محمد المالكي كان فقيها على مذهب مالك وولى قضاء بادرايا وباكسايا خرج
من بغداد لاضافته فحصل له مال كثير من المغاربة ومات بها في شعبان وقال شعرا يتشوق
فيه الى بغداد ... سلام على بغداد في كل موقف ... وحق لها مني سلام مضاعف ...
فوالله ما فارقتها عن قلى لها ... وإني بشطى جانبيها لعارف ... ولكنها ضاقت علي
بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف ... فكانت كخل كنت اهوى دنوه ... واخلاقه
تنأى به وتخالف
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال روى عبد
الوهاب عن ابن شاهين وكتبت عنه وكان ثقة ولم نلق من المالكين احدا أفقه منه
سنة 423
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان المطر تأخر في الشتوة وخرج الناس للاستسقاء لست خلون من
المحرم بامر من دار الخليفة فذهبوا الي الجوامع واستمر تأخر المطر وكثر الموتان
بنواحي النيل
وفي يوم الثلاثاء كان عاشوراء وعلقت المسوح في الاسواق واقيم النوح في المشاهد
وتولى ذلك العيارون
وفي يوم الاثنين سادس عشر المحرم قرئ في الموكب عهد خرج من حضرة القائم بامر الله
باقرار قاضي القضاة ابي عبد الله الحسين بن علي على ما يتولاه من قضاء القضاة وكان
في الكتاب وان امير المؤمنين اعمل فكره وادام سبره في اختيار من يسند اليه الاحكام
ويجعله حجة بينه وبين الله تعالى في هذا المقام وكان الحسين بن علي قاضي القضاة
متهى رأيه ومقر اختياره لما هو من عفافه واستقامه طريقته وامره في الكتاب بتقوى
الله والعدل في الحكم وترك لمحاباة واورد فيه اخبار كثيرة في العدل وحكايات
وفي يوم الجمعة لخمس خلون من صفر ثار أهل الكرخ بالعيارين وطلبوهم فهربوا فكبسوا
دورهم ونهبوا سلاحهم وراسلوا السلطان ليعاونهم وكان سبب هذا الفعل ان العيارين
دخلوا ليلا على احد البزازين فأخذوا ماله فتعصب له اهل سوقه فرد العيارون بعض ما
اخذوا ثم كبسوا في ليلة الاحد دار ابن الفلو الواعظ بدار القطن من نهر طابق فأخذوا
ماله وما كان للناس عنده ومروا على عادتهم في الكبسات واختلط بهم في العملات مولد
والاتراك وحواشيهم ثم أن الغلمان صمموا على عزل جلال الدولة ابي طاهر واظهار ابي
كاليجار وقال بعضهم لبعض هذا الملك مشغول عنا وقد طمع فينا حتى العوام وبلغ منا
الفقر
فحالفوا على خلعه واجتهدوا في اصلاحهم
فلم ينفع وقالوا له لا بد أن تخرج عنا وتنحدر الى واسط
وفي يوم الاثنين لثمان بقين من صفر قرئ في الموكب بدار الخلافة كتاب ورد من القاضي
ابي اسحاق محمد بن عبد المؤمن باسكاف وتوقيع اقرن به وامر الناس فيه بالخروج الى
الاستسقاء وكان في ذلك الكتاب انه ذكر عن رجل فيه حكى عن امرأة عربية ولدت ولدا لم
يظهر منه سوى رأس بفم واسنان وحلق كالخيارة منتفخة وبقية البدن كالحية والمصران
بلايد ولا رجل فحين سقط الى الارض تكلم وقال الناس تحت غضب منذ اربع سنين ويجب
عليهم الانابة وان يخرجوا الى الاستسقاء والاطفال والبهاذم فخرج التوقيع يذكر فيه
ان امتناع القطر لأجل ما اقام عليه المذنبون من المعاصي فتقدم الى الناس بالخروج
في يوم الجمعة والسبت والاحد بعد أن يصوموا هذه الايام الثلاثة ويخلصوا الدعاء
والابتهال فلم يخرج في يومي السبت والاحد الاعدد قليل لم يتجاوز عددهم يوم السبت
في جامع المدينة نيفا واربعين وببراثا عشرة نفر وخرج يوم الأحد الى جامع المدينة شبعة
عشر وببراثا خمسة نفر وكانت الجوامع الباقية علي نحو هذا فلم يسق الناس ولا اغيثوا
وفي يوم الجمعة الثالث من ربيع الاول ركب جماعة من القواد فقطعوا خطبة جلال الدولة
وبلغه ذلك فازعجه وانفذ خواص جواريه الي دار الخلافة وغيرها وخير الباقيات بين ان
يعتقن او يأخذن لنفوسهن ومنهن من اعتق ومنهن من مضى الى من كن له من قبل ثم اجتمع
الغلمان وراسلوا الملك فقالوا قد علمت ما وافقتنا عليه من الانحدار الى واسط
والوجه ان تستخير الله في ذلك فقال انما قررتم من يخرج معي من يسلم الى البصرة
فاما ان اخرج علي غير قاعدة فما افعل وامتلأ جانبا دجلة وشطها بالناس والسميريات
وترددت الرسل الي الملك بالمطالبة بالخروج فقال ابعثوا معي مائة غلام يحرسونني في
طريقي فقالوا لا يمكن مائة ولكن عشرون فقال اريد شفيقا يحملني ونفقة تتخصصني
فقرروا بينهم
اطلاق ستين دينارا لنفقة من يصحبه من الغلمان والتزم بعض القواد منها ثلاثة دنانير ونصفا فلما كان الليل من ليلة الاثنين سادس ربيع الاول خرج في نفر من غلمان فمضى الى عكبرا على وجه المخاطرة فتبادر الغلمان الى دار المملكة فنهبوا ما فيها وكتب الاصفهسلارية عن نفوسهم وعن فرق من الغلمان وطوائفهم كتبا الي الملك ابي كاليجار بما فعلوه في خدمته وهنأوه باجتماع الكلمة علي طاعته واستدعوا منه انفاذ من يدبر الامور ويحفظ نظام الجمهور واخرجوا بهار كابية فقال هؤلاء الاتراك يكتبون مالايعقدونالوقاء به ويعدون ولا يصدقون فان كانوا محقين في طاعتهم فليظهروا شعارنا وليخرجوا من عندهم ولا اقل من ان يخرجوا الينا منهم خمسمائة غلام ليكون توجهنا معهم فاما بالاغترار باقوال لا يعرف ما وراءها فلا الوجه ان يعلل القوم بالمدافعة وتوقعوا ما تحدثه الايام فانهم في كل يوم يضعفون وتدعوهم الضرورة الينا فنأخذ الامر عفوا ونربح المال الذي ننفقه والغرر الذي نركبه وكان من وزراء ابي كاليجار ابو منصور ابن فنة وكان فاضلا ومن آثاره دار كتب وقفها علي طلاب العلم جمع فيها تسعة عشر الف مجلد ما فيها الا اصل منسوب وفيها اربعة الاف ورقة بخط بني مقلة ثم اختلت المملكة وقطع عن جلال الدولة المادة حتى اخرج من ثيابه وآلاته الحقيرة وباعها في الاسواق وخلت داره من حاجب وفراش وبواب وصار اكثر الابواب مغلقا وقطع ضرب الطبل له في اكثر الايام لانقطاع الطبالين وظهر العيارون وكثر الاستقفاء والكبسات ومد الاتراك ايديهم الي الغصوب وتشاور القواد في ان يخطب للملك ابي كاليجار فقال بعضهم لانخطب لأحد حتى تستقر امورنا معه وخرج الملك الى عكبرا وقصد حلة كمال الدولة ابي سنان فاستقبله وقبل الارض بين يديه وقال له خزانتي واموالي وبلادي لك وانا اتوسط بينك وبين جندك وزوجه ابنته ثم مضى اليه جماعة من الجند واعتذروا مما فعلوا وأعيدت خطبة جلال الدولة في السابع عشر من ربيع الاول فاقيمت في جامع المدينة وجامع الرصافة ولم تقم في جامع الخليفة ثم اقيمت فيه
في الجمعة الثالثة
وفي يوم السبت الثامن عشر منه خرج ابو منصور بن طاس الحاجب وابو القاسم علي بن ابي
علي وخادمان الي حضرة الملك بكتاب من الخليفة يتضمن الاستيحاش لبعده ويهنئه
بالسلام واسفار الامور عن الاستقامة ثم بعث الخليفة القاضي ابا الحسن الماوردى
ومبشر الخادم الي الملك ابي كاليجار الى الاهواز بكتاب قال الماوردى قدمنا عليه
فتلقينا وانزلنا دار عامرة وحملت الينا انزل كثيرة ثم استدعينا الي حضرته وقد فرشت
دار الامارة بالفروش الجميلة ووقف الخواص والاصحاب على مراتبهم من جانبي سريره
واقيم الجند في المجلس والصحن صفين فما يتجاوز قدم قدما وفي آخر الصفين ستمائة
غلام دارية البزة الحسنة والأقبية الملونة فحدمنا وسلمنا واوصلنا الكتاب وتردد من
القول بين استخبار الاخبار وابتداء وجواب ما يتردد مثله وانصرفنا وأقيمت الخطبة في
يوم الجمعة السابعة ليوم اللقاء ثم جرى الخوض فيما طلبوه من اللقب واقترحوا ان
يكون اللقب السلطان المعظم مالك الأمم فقلت هذا لا يمكن لأن السلطان المعظم
الخليفة وكذلك مالك الامم فعدلوا الي ملك الدولة فقلت ربما جاز واشرت ان يخدم
الخليفة بالطاف فقالوا يكون ذلك بعد التلقيب فقلت الاولى بان يقدم ففعلوا وحملوا
معي الفى دينار سابورية وثلاثين الف درهم نقرة وعشرة امناء كافورو الف مثقال عنبر
والف مثقال نسكا وثلثمائة صحن صيني وعشرة اثواب خزا سوسيا ومائة ثوب ديباجيا
مرتفعة وماذة آخرى دونها وعشرين منا عودا ووقع بأقطاع وكيل الخدمة خمسة الاف دينار
مغربية من معاملات البصرة وان يسلم اليه ثلاثة الاف قوصرة كل سنة ويجاز بغير مؤنة
ولا ضريبة وافرد عميد الرؤساء ابو طالب بن طالب بن ايوب بخمسمائة دينار وعشرة الاف
درهم وعشرة اثواب ديباجا وعدنا الي بغداد فرسم لي الخروج الى جلال الدولة واعلامه
الحال فخرجت وتلطفت في اجراء حديث اللقب وما سأله الملك فثقل
عليه ذلك ثقلا اقتضاء وقوف الأمر فيه
وفي ربيع الآخر وكان في اذار جمد الماء جمودا ثخينا حتى في حافات دجلة وهبت ريح
رمت رملا احمر وقام الثلج ماجمع ودق واستمر تأخر الامطار واجدبت الارض وهلك
المواشي وتلف جمهور الثمار
وقوى أمر العيارين ويحبس رئيسهم البرجمى خانا فأخذ ما فيه فقوتل فقتل جماعة وكان
يأخذ كل مصعد ومنحدر وكبس دار بسوق يحيى وأخذ ما فيها واحرقها هذا والعسكر ببغداد
وفي هذا الشهر اجتمع الجند ومنعوا من الخطبة للخليفة لأجل رسوم البيعة فلم تصل
الجمعة فتلطف الأمر حتى اقيمت الخطبة في الجمعة الثانية علي العادة
وفي هذا الشهر حلف الملك للخليفة يمينا حضرها المرتضى وقاضي القضاة ابن ماكولا
وغيرهما وركب الوزير ابو القاسم من غد الى دار الخلافة فحضر عنده وحضر المرتضى
وقاضي القضاة فحلف الملك فكان فيها اقسم عبد الله ابو جعفر القائم بأمر الله امير
المؤمنين فقال والله الذي لا اله الا هو الطالب الغالب المدرك المهلك عالم السرو
والعلانية ووحق رسوله محمد صلى الله عليه و سلم ووحق القرآن العظيم والآيات والذكر
الحكيم لا قيمن لركن الدولة جلال الدولة أبي طاهر بن بهاء الدولة أبي نصر على
اخلاص النية والصفاء ولألتزمن له شروط الموافقة والوفاء من غير احلال بما يصلح
حاله ويحفظ عليه مكانه ولأكونن له على افضل ما يؤثره من حراسته في نفسه وما يليه
ولوزير الوزراء أبي القاسم وساذر حاشيته واقراره على رتبته وله على بذلك عهدا الله
وميثاقه وما أخذه على ملائكته المقربين وانبيائه المرسلين والله شهيد على ذلك وهذه
اليمين يميني والنية فيها نية جلال الدولة أبي طاهر وذلك في ربيع الآخر سنة ثلاث
وعشرين واربعمائة
وفي عشية يوم الاربعاء لخمس خلون من جمادي الاولى عند تصويب الشمس للغروب انقض
كوكب كبير الجرم كثير الضوء وعاد في هذا الوقت أمر العيارين
فاشتد وتجدد القتل بين العوام ثم ولى ابن
النسوى فردعهم ردعا تاما
وفي نصف رجب عصفت ريح شديدة ثلاثة ايام ليلا ونهارا واحتجبت مها السماء والشمس
ورمت ترابا احمر ورملا
وفي هذا الشهر زادت الاسعار ووردت الاخبار بتلف الغلات في الموصل وانه لم ترجع
البذور في كثير من النواحي وكذلك الأهواز وواسط ووردت الاخبار عن الأحساء وتلك
البلاد ان الأقوات عدمت فاضطر اهل بادية كانوا فيها الى مواشيهم ثم اولادهم وكان
الواحد يعارض بولده غيره كيلا تدركه رقة في ذبحه وأكله وفارق اهل البوادي منازلهم
وفي ليلة الاثنين ثاني شوال انقض كوكب اضاءت منه الارض وارتاع له الناس وكان في
شكل ولم يزل يتقلب حتى اضمحل
وفي يوم الاربعاء حادي عشر شوال نزل الملك ابو طاهر من داره على سكر وانحدر في
سميرية بمنكور الى دار الخلافة ومعه ثلاثة نفر من حواشيه وصعد الى بستان الدار
ورمى بعض معيناته القصب ودخله ثم جلس تحت شجرة واستدعى نبيذا فشربه وأمر الزامر
فزمر وعرف الخليفة ذلك فشق عليه وازعجه وغلقت أبواب الدار على وجه الاستظهار ثم
خرج اليه القاضي بو علي بن أبي موسى وابو منصور بن بكران الحاجب فخدماه ووقفا بين
يديه وقالا قد سر السلطان قرب مولانا وانبساطه وأما البيذ والزمر فانهما مما لا
يجوز في هذا الموضع فلم يقبل ولا امتنع وقال لأبي منصور بن بكر ان قل لمولانا امير
المؤمنين انا عبدك وقد حصل وزيري ابو سعد في دارك ووقف امري بذلك واريد ان يتقدم
بتسليمه الى فأراد ابو منصور ان يجيبه فزبره وقال له ليس الخطاب معك ولاالجواب
عليك وانما انت رسول فامض واعد ما قيل لك فمضى وعاد بجواب يقال فيه ما نعلم ان
الوزير في دارنا ولاها هنا امتناع عليك مما يؤدي الي صلاح امرك فرده وقال اريد
جوابا محصلا بفعل أو منع فعاد وقال الأمر يجري على ما تؤثره فقال للمختص ابي غانم
اشهد عليهم بأنهم
يسلمون وزيري فقال له الامرلك وجعلوا
يدارونه حتى نزل الى زبزبه واصعد الى داره واجتمع من العامة على دجلة خلق كثير
يهزؤن بالقول ويخرجون الى الحرق ومعهم سيوف وسكاكين مستورة فلما كان من غد استدعى
الخليفة المحتص والقائد ابا الوفاء وقال لهما قد عرفتما ما جرى وانه امر زاد علي
الحد وتناهى في القبح وقابلناه بالاحتمال والحلم وكان الاولى بجلال الدولة ان
يتنزه عن فعله وينزهنا عن مثله ويتخلق بأخلاق ابائه في مراعاة الخدمة والتزام
الحشمة ويكفي ما نحن محملوه من مجاري الافعال المحظورة ومتحملوه فيها من سوء
السمعة والاحدوثة فان جرائر متعلقة علينا واوزاره متعدية الينا اذ كانت هذه الامور
مصوبة بنا وانما فوضناها الى جلال الدولة احسانا للظن به واعتقاد للجميل فيه وليس
من حقوق ذلك وما نقضى عليه من الاسباب المذكورة ونتجرعه فيها من المرارة الشديدة
ان يرتكب معنا هذه المراكب المستنكرة ويجترئ علينا هذه الجراآت المستمرة ونعامل
حالا بعد حال ووقتا بعد وقت بما يفارق فيه المراقبة والمجاملة وكيف كانت الصورة
تكون لوجرى من ذلك الجمع نادرة غلط وهل كان الفائت يستدرك والآن فاما رجع معنا إلى
الاولى وسلك الطريق المثلى والافارقنا هذا البلد ودبرنا امورنا بما يجب فقبلا
الارض واقاما بعض العذر ومضيا الي الملك فاوردا عليه ما سمعاه واعتذارهما عنه فركب
يوم الجمعة في زبزبه واشعر الخليفة بحضوره للاعتذار فنزل اليه عميد الروساء ابو طالب
بن ايوب وخدم وقال له تذكر حضوري للخدمة وتجديد الاعتذار من تلك الخرمة التي لم
تكن بارادة ووقف حتى رجع بجواب يدل على قبول العذر وشكر مااستؤنف من الفعل ثم يمم
الى الميدان بالحلية ولعب فيه بالصولجان وعاد في زبزبه
وفي ليلة الجمعة لخمس خلون من ذي القعدة نقل تابوت القادر بالله من دار الخلافة
الى التربة بالرصافة واختبر هذا الوقت لاجل حضور حاج خراسان في البلد واجتمع
الاكابر وعليهم ثياب التعزية وحمل التابوت الى الطيار ثم حمل من
مشرعة باب الطاق على اعناق الرجال الى
التربة والجماعة مشاة بين يديه وصح عند الناس عدم المياه في طريق مكة والعلونة
فتأخروا وحضر الناس يوم الموكب لخمس بقين من هذا الشهر فاظهر ان ابا الحسن على بن
ميكائيل الوارد من خراسان قد بذل اطلاق الفي دينار تنفق على طريق مكة فرد الخليفة
ذلك واطلقه من خزانته وخلع علي ابن الاقساسي لتقلده النيابة عن المرتضى في الحج
وورد الكتاب من البصرة بما جرى على حاج البصرة من اخذ العرب لهم على ثلاثة ايام من
البصرة وانهم نهبوا وجاعوا فبعث اليهم الوزير ابو الفرج ابن فسانجس جمالا وتمرا
لحملهم ومعاونتهم وحج الناس من الامصار الا من بغداد وخراسان وورد مع المصرية كسوة
للكعبة ومال للصدقة وصلات لأمير مكة
ووودت الأخبار بما كان من الوباء والموت في بلاد الهند وغزنة وكثير من اعمال
خراسان وجرجان والرى واصبهان ونواحي الجبل والموصل وان ذلك زاد على مجاري العادة
وخرج من اصبهان في مدة قريبة اربعون الف جنازة وكان ببغداد من ذلك طرف قوى ومات من
الصبيان والرجال والنساء بالجدري ما زاد علي حد الاحصاء حتى لم تخل دار من مصاب
واستمر هذا الجدري في حزيران وتموز وآب وايلول وتشرين الاول والثاني وكان في الصيف
اكثر منه في الخريف وجاء كتاب من الموصل انه مات بالجدري اربعة آلاف صبي
وخرجت هذه السنة ومملكة جلال الدولة مشتملة علي ما بين الحضرة وواسط والبطيحة وليس
له من ذلك الا اقامة الخطبة والوزارة خالية عن ناظر فيها ورأى رجل من اصبهان في
النوم ان شخصا صعد منارة مسجد اصبهان وكان اهل اصبهان اذ ذلك في خفض من العيش
والراحة والا من وقال بصوت جهورى رفيع الى ان اسمع اهل اصبهان سكت نطق سكت نطق
ثلاث مرات
فا نتبه الرجل فزعا وحكىهذا المنام فما
عرف تأويله فقال رجل احذر يا اهل اصبهان فاني قرأت في شعر ابي العتاهية ... سكت
الدهر زمانا عنهم ... ثم ابكاهم دما حين نطق ...
فما مر على هذا الحديث الا ايام قلائل حتى جاء مسعود بن محمود بن سبكتكين فنهب
البلد وقتل عالما لا يحصى حتى قتل جماعة في الجوامع
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
83 - اسماعيل بن ابراهيم
ابن علي بن عروة ابو القاسم البندار ولد في رجب سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة وحدث عن
ابي سهل بن زياد وابي بكر الشافعي وكان صدوقا وتوفي في محرم هذه السنة
84 - روح بن محمد
ابن احمد ابو زرعة الرازي اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال جدروح ابو بكر ابن
السني الدينورى واسمه احمد بن محمد بن اسحاق بن ابراهيم بن اسباط بن عبد الله ابن
ابراهيم بن بديح مولى عبد الله بن جعفر بن ابي طالب سمع ابو زرعة جماعة وقدم علينا
حاجا فكتبنا عنه ولقيته بالكرخ فكتبت عنه هناك وكان صدوقا فهما اديبا يتقفه علي
مذهب الشافعي وولى قضاء اصبهان وبلغني انه مات بالكرخ في سنة ثلاث وعشرين
واربعمائة 85 علي بن احمد
ابن الحسن بن محمد بن نعيم ابو الحسن البصري المعروف بالنعيمي نسبة الي جده حدث عن
جماعة وكان حافظا فاضلا شاعرا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت محمد بن علي الصوري يقول
لم ارببغداد احدا اكمل من النعيمي كان جمع معرفة الحديث والكلام والادب ودرس شيئا
من فقه الشافعي قال وكان ابو بكر الشافعي يقول هو كامل
في كل شيء لولاتأدبه
انشدنا ابو نصر احمد بن محمد الطوسي قال انشدنا الحسين بن عاصم انشدنا ابو الحسن
البصري المعروف بالنعيمي لنفسه ... اذا اظمأتك أكف اللئام ... كفتك القناعة
شبعاوريا ... فكم رجلا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا ... ابيا لنائل ذي
ثروة ... تراه بما في يديه أبيا ... فإن اراقه ماء الحيا ... ة دون اراقة ماء
المحيا ... توفي النعيمي في ذي القعدة من هذه السنة
86 - محمد بن احمد
ابن السرى بن ابي عون ابو الحسن النهرواني سمع ابا بكر ابي مالك الاسكافي وغيره
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال قدم علينا هذا الرجل بغداد في حياة ابي
الحسين ابن بشران وكتبنا عنه وكان صدوقا
87 - محمد بن الطيب
ابن سعيد بن موسى ابو بكر الصباغ حدث عن احمد بن سليمان النجاد وابي بكر الشافعي
وكان صدوقا
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سمعت رئيس الرؤساء ابا القاسم علي بن
الحسن يقول تزوج محمد بن الطيب الصباغ زيادة علي تسعمائة امرأة قال الخطيب وسمعت
محمد بن الطيب يقول ولدت في سنة ثمان وثلاثين وثليمائة ومات يوم الجمعة تاسع ربيع
آخر سنة ثلاث وعشرين واربعمائة
سنة 424
ثم دخلت سنة اربع وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها أن الخليفة هنئ بدخول الحمام من جدرى ظهر به وكتم الامر فيه ان
برأ وذلك في المحرم
وفي يوم الاثنين لست بقين من صفر كبس
البرجمي العيار درب أبي الربيع ووصل الى مخازن فيها مال عظيم وتفاوض الناس ان
جماعة من الاصبهسلارية خرجوا اليه وآكلوه وشاربوه فظهر من خوف الخلق منه ما اوجب
نقل الاموال الي دار الخليفة وواصل الناس المبيت في الدروب والاسواق للجفظ وزيد في
حرس دار الخلافة وطيف وراء السوق وقتل صاحب الشرطة بباب الازج غيلة واتصلت العملات
وكبست دار تاجر فأخذ منها ما قيمته عشرة آلاف دينار وزادت المخالفة من هذا العيار
حتي صار اهل الرصافة وباب الطاق ودار الروم لا يتجاسرون علي ذكره الا ان يقولوا
القاذد ابو علي لئلا يصل اليه منهم غير ذلك وشاع عنه انه لا يتعرض لامرأة ولا يمكن
من اخذ شئ معها او عليها وفي ربيع الاول خرج جماعة من القود والاصبهسلارية في طلب
هذا البرجمي عند زيادة امره وتعاظم خطبه واتصال فساده فنزلوا الأجمة التي ياوى
اليها وهي اجمة ذات قصب وماء كثير تمتد خمس فراسخ وفي وسطها تل قد جعله معقلا
ومنزلا فترتب كل واحد من الاصبهسلارية علي باب من ابوابها فخرج اليهم البرجمي في
ركاه وعلى رزسه غلامه وقال لهم من العجب خروجكم الى وأنا كل ليلة عندكم فان شئتم
ان ترجعوا وادخل اليكم فعلت وان شئتم ان تدخلوا الي فافعلوا فذكر ان قوما منهم
راسلوه وقووا نفسه وأروه انهم يردون العسكر عنه وفي جمادي الاولى كثرت العملات
والكبسات ووقع القتال في القلائين وعلى القنطرتين وعاد الاختلاط وطرحت النار
فاحترق شئ عظيم واسواق ومساجد ووقع النهب في درب عون واخذت ابوابه ودرب القراطيس
ورواضعه الي نهر الدجاج
وفي هذه الايام تغيرت قلوب الجند فقدم الوزير ابو القاسم فظنوا ان وروده للتعرض
باموالهم ونعمهم واستوحشوا وانكروا ورود الوزير من غير اجماع منهم ولا اسقرار
قاعدة معهم في امره واظهروا المطالبة بما اخذه الملك من مال بادرويا فجاءت منهم
جماعة الي باب دار السلطان وصاحوا وجبلوا واخذوا
دواب من كان هناك وانزعج الوزير ومن معه من الاكابر وبادروا الدخول الى صحن الدار مبادرة ازدحموا فيها وانقضى ذلك اليوم واجتمعوا من غد في مسجد القهرمانة وتكلموا في اهمال السلطان لأمورهم واخذ اموالهم وعقدوا آراءهم على مراسلة الملك بتسليمه اقواما من اصحابه وخروجه من بغداد الى واسط أو البصرة واقامة احد اولاده الاصاغر عندهم ثم انفصلت طاذفة منهم فاجتازوا على دار المملكة فاذا باب البستان مفتوح فدخلوا بدوابهم فعرف الملك فخرج من دور الحرم اليهم فرأوه فتراجعوا قليلا فأطاف بهم غلمان الدار والحواشي فأمرهم بالانصراف فتبعه احد خواصه فضربه بآجرة فرجع ومشى وحده الي القوم وقال لهم تعالوا أسمع كلامكم وأنظر ما تريدون فأحاطوا به وأخذوه واخرجوه الى دجلة وهم لا يدرون ما يفعلون به لأن الذي جرى منهم لم يكن علي اصل ولا انفاق وانما كان تخليطا وانزلوه سميرية فلما حصل قال لعضهم لبعض هذا غلط وربما عبر الى الجانب الغربي واعتصم بالكرخ واستجاش العوام والصواب ان تحمله الى مجمع الغلمان ليدبروا امره بما يرون فتسرعوا الى رد السميرية وعلقوا بمجدافها واضطربت فدخلها الماء حتى ابتلت ثيابه وتكابوا عليه فرحموه واخرجوه ومشوابه خطوات كثيرة فأعطاه بعض الاتراك فرسه فحملوه الي الجمع بعد ان كلموه بكل قبيح واقاموه راكبا في الشمس زمانا وانزلوه فوقف علي عتبة الباب طويلا ثم دخل المسجد فوكلوا به ثم تفرقوا الي منازلهم وجاءت صلاة الظهر وهو مشتغل بالصلاة والدعاء ثم تآمروا علىنقله الى الدار المهلبية فخرج القاذد ابو الوفاء ومعه عشرون غلاما دارية وحواشى الدار العامة ومن تاب من العيارين وهجم عليهم فدفعهم عنه واستخرجوه من أيديهم فاعاده الي داره وكان ذلك في رمضان فنقل الملك ولده وحرمه وما بقى من ثيابه وآلاته ودوابه وفرش داره الي الجانب الغربي بعد أن نهب الغلمان ما نهبوا من ذلك ثم عبر في الليل الى الكرخ فتلقاه اهلها بالدعاء فنزل في دار
المرتضى بدرب جميل وعبر الوزير ابو القاسم بعبوره فنزل في دار تجاوره ثم اجتمع الغلمان وعزموا علي عقد الجسر والعبور للمطالبة لأهل الكرخ باخراج الملك عنهم ثم تشاوروا فاختلفوا فقال الخائفون من عقبي ما جنوا هذا الملك قد اقل مراعاتنا والمبالاة بنا وأخذ اوالنا وتركنا جياعا وما ينفع فيه عذل ولا يصلحه قبيح ولا جميل وقد كان منا اليه ما قد علمتم اولا واخيرا مالا يصفولنا معه نية منه وقال آخرون فما ترون وما الذي نفعل وهل ها هنا من نجعله عوضا عنه وما بقى من بني بويه الاهو وابو كاليجار ابن اخيه قد سلم الامر اليه ومضى الى فارس وتنحل الامر إلى ان كتبوا الى الملك رقعة يقولون فيها نحن عبيدك ومماليكك ملكناك امورنا ابتداء وقد ضيقت علينا مرة بعد مرة وتعدنا وتعتذر الينا ولا نجد أثر ذلك ولك ممالك كثيرة فيجوز أن تطرح كلك عنها مدة وترفر علينا هذه الصبابة من المادة وهذا امر قد اجتمعت عليه كلمتنا ومن الصواب ان لا تخالفنا فيه وتحوج هذا العسكر الى تجاوز ما قد وقفوا عنده وانفذوا الرقعة الي المرتضى ليعرضها وتنجز جوابها فعرضها عليه فأجاب بانا معترفون لكم بما ذكرتم وما يحصل لنا نصرفه اليكم واما خروجنا فالاحوال التي نقاسيها تدعوا اليها ولو لم تسألوه وهذه ايام صوم وحر واذا انقضت انحدرنا علي ما هو اجمل بنا وبكم فلما وصل الجواب نفروا وقالوا انما غرضه المدافعة لينتقض ما عقدنا من غرضنا ولا نتركه الا اليوم او غد فقال بعضهم هذا لا يحسن ولكن كاتبوه ليقتصر على مدة قريبة فكاتبوه فأجاب اذا قدرتم مدة قريبة يمكن انجاز اموري في مثلها ندبتم من يكون في صحبتي وعينتم على اليوم الذي تختارونه لم اتأخر عنه فوصل الجواب وجمعهم اقل من كل يوم فوجموا وقال بعضهم لبعض اذا خرج فعلى ما نعول بعده فكتبوا اليه قد شكرنا انعام مولانا ونحن نسأل قبل الخروج ان يحلف لنا على صلاح النية وان لا يريدبنا سوء او يرتب عندنا احد الامراء الاصاغر برسم النيابة عنه ثم ينحدر وأنفذ الملك في اثناء هذه المراجعات الى الاصاغر يستميلهم ويعدهم وجاءه
بعضهم ليلا فخاطبهم بما استصلحهم به
فوعدوه فل هذه العزيمة وراسل كلا من الأكابر واراه سكونه اليه وتعويله عليه والتمس
حاجب الحجاب منه تجديد اليمين على سلامة الاعتقاد فيه وان لا يستوزر ابا القاسم
ففعل فاجتمعوا في مسجد القهرمانة وقال بعضهم لبعض جلال الدولة ملكنا ونحن جنده
وباكروا دار المرتضى ودخلوا الي الملك وقبلوا الارض بين يديه واستصفحوا عما جرت
الهفوة فيه وسألوه العود الى داره فركب معهم الى دار المرتضى التي بناها علي شاطئ
دجلة وسكنت الثائرة ورضوا بالوزير أبي القاسم واقام جلال الدولة مكانه حتى تكرر
سؤالهم فغير الى داره
وفي هذه الايام تبسط العامة وانتشر العيارون وقتلوا وترددوا في الكرخ حاملين
السلاح وتبعهم اصاغر المماليك ومضت الايام علي كبس المنازل ليلا والاستقفاء نهارا
فنظمت المحنة وتعدوا الي الجانب الشرقي ففسد ووقع بين عوامه من اهل باب الطاق وسوق
يحيى قتال اتصل وهلك فيه جماعة فاجتمع الوزير وحاجب الحجاب على تدبير الامور وقلد
ابا محمد ابن النسوى البلد وضم اليه جماعة فطلب العيارين وشردهم ثم قتل رفيق لابن
النسوى فخاف واستتر وخرج عن البلد فعاد الامر كما كان وكبس البرجمي دارا في ظهر
دار المرتضى في ليلة الثلاثاء لعشر بقين من شوال واخذ منها شيذا كثيرا وصاح اهل
الدار والجيران فلم يجدوا مغيثا
فلما كان يوم الجمعة ثار العوام في جامع الرصافة ومنعوا من الخطبة ورجموا القاضي
ابا الحسين بن العريف الخطيب وقالوا إن خطبت للبرجمي والافلا تخطب لخليفة ولا لملك
ثم اقيم علي المعونة ابو الغنائم بن علي فركب وطاف وقتل فوقعت الرهبة ثم عادوا
واتفق ان بعض القواد اخذ اربعة من اصحاب البرجمى فاعتقلهم فأخذ البرجمي اربعة من
اصحاب ذلك القاذد وجاءبهم الى دار القائد فطرق عليه الباب فخرج فوقف خلف الباب
فقال له قد اخذت اربعة من اصحابك عوضا عمن اخذته من اصحابي فاما ان تطلق من عندك
لا طلق من عندي واما ان
أضرب رقابهم واحرق دارك وأنصرف وشأنك ومن
عندك فسلم القوم اليه ومما يشاكل هذا الوهن ان احد وجوه الاتراك بسوق يحيى اراد أن
يختن ولدا له فأهدى الى البرجمي جملانا وفاكهة وشرابا وقال هذا نصيبك من طهر فلان
ولدي واستذم منه على داره
وتأخرو رود الحاج الخراسانية في هذه السنة وتأخر المصريون خوفا من البادية وخرج
اهل البصرة فخفروا فغدروا بهم ونهبوهم وارتهنوهم
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
88 - احمد بن الحسين
ابن احمد ابو الحسن الواعظ المعروف بابن السماك ولد سنة ثلاثين وثلثمائة وحدث عن
جعفر الخلدي وغيره وكان يعظ بجامع المنصور وجامع المهدي ويتكلم على طريقة التصوف
اخبرنا ابو بكر محمد بن الحسين قال حكى لي ابو محمد التميمي ان ابا الحسين بن
السماك الواعظ دخل عليهم يوما وهم يتكلمون في ابا بيل فقال في اي شئ انتم فقالوا
نحن في الف أبابيل هل هي الف وصل اوالف قطع فقال لا الف وصل ولا الف قطع وانما هو
الف سخط الاترى انه بلبل عليهم عيشهم فضحك القوم من ذلك
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال قال لي ابو الفتح محمد بن
احمد المصري لم اكتب ببغداد عمن اطلق عليه الكذب غير اربعة منهم ابو الحسين بن
السماك توفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
سنة 425
ثم دخلت سنة خمس وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها عود العيارين الى الانتشار ومواصلة الكبسات بالليل والنهار
ومضى البرجمي الي العامل على الماصر
الاعلى بقطيعة الدقيق فقرر معه ان يعطيه في كل شهر عشرة دنانير من الارتفاع
ويطلقوا له سميريتين كبار بغير اعتراض واخذ عهده على مراعاة الموضع وواصل البرجمي
محال الجانب الشرقي حتى خرب كثير منه ودخل خان القوارير بباب الطاق بأخذ منه شيئا
عظيما وعبر الي الجانب الغربي وطلب درب الزعفراني فمنع اصحابه عن نفوسهم وتحارس
الناس واجتمعوا طول الليل في الدروب وعلي السطوح ثم وجد الخليفة والسلطان في طلب
العيارين
وورد كتاب من الموصل ذكر فيه ان ريحا سوداء هبت بنصيبين فقلعت من بساتينها اكثر من
مائتي اصل توثا وعنايا وجوزا ودحت بها على الارض خطوات وانه كان في بعض البساتين
قصر مبني بآجر وحجارة وكلس فرمته من اصله ومطر البلد بعد ذلك مطرا وقع معه برد
كبار في اشكال الاكف والزنود والاصابع وورد الخبر بأن البحر في تلك السواحل جزر
نحو ثلاثة فاراسخ وخرج الناس الي ما ظهر من الارض يبتغون السمك والصدف فجاء الماء
واخذ قوما منهم وكان بالرمالة زلازل خرج الناس منها بأولادهم وحرمهم وعبيدهم الى
ظهر البلد فأقاموا ثمانية ايام وهدمت تلك الزلزلة ثلث البلد تقديرا وتطعت المسجد الجامع
تقطيعا واهلكت من الناس قوما وتعدت الى نابلس فسقط نصف بنيانها وتلف ثلثمائة نفس
من سكانها وقلبت قرية بازاذها فخاست باهلها وبقرها وعنمهم وخسف بقرى اخر وسقط بعض
حائط بيت المقدس ووقع من محراب داود عليه السلام قطعة كبيرة ومن مسجد ابراهيم عليه
السلام قطعة الا ان الحجرة سلمت وسقطت منارة المسجد الجامع بعسقلان ورأس منارة غزة
واتفق في هذا الوقت كثرة الموتان ببغداد لا سيما في النساء وكان معظمه بالخوانيق
وكان مثل ذلك بالموصل واتصل الخبر بما كان بنواحي فارس وشيرازمن الموت حتى كانت
الدورتسد على اصحابها وان الفأر متن في الدور
ثم عاد العيارون فظهروا ثم بذلوا حفظ
البلد ولزوم الاسقامة فاقروا على ذلك وفسخ لهم في جباية ما كان اصحاب المسالح
يجبونه من الاسواق واعطوا ما كان لصاحب المعونة من ارتفاع المواخير والقيان وكانوا
يخاطبون بالقواد
وفي هذا الاوان خاطب الدينوري الزاهد الملك في ازالة ضرائب الملح وأعلمه ما يتطرق
على الناس من الأذى بذلك فأمر بذلك وكتب به منشور وقرىء في الجوامع وكتب علي
ابوابها بلعن من يتعرض لاعادة هذه الجباية وكانت جارية في الخاص وارتفاعها نحو
الفين دينار في كل سنة
ثم عاد امر العبارين فانتشروا واتصلت الفتن باهل الكرخ مع اهل باب البصرة
والقلائين واهل باب الطاق مع اهل سوق يحيى واهل نهر طابق مع اهل الارحاء وباب
الدير ثم اضاف الى ذلك قتال جرى بين الطائفتين من الاتراك وكثر قتل النفوس ولم
يقدر احد على جباية او يؤخذ بقود وانتشرت العرب ببادرويا وقطربل فنهبوا النواحي
وساقوا المواشي وقطعوا الطريق وبلغوا الى اطراف بغداد حتى وصلوا الى جامع المدينة
وسلبوا النساء ثيابهن في المقابر ثم عاد الجند الي التشعيب وقالوا قد كان قررت لنا
امور ما نرى لها اثرا ثم ادخلوا ايديهم في الاموال وخاص السلطان وقد روا ارتفاع
ذلك فكان اربعة وخمسين الف دينار سابورية وفتحوا الجوالي وطالبوا اهل الذمة بها
وخاضوا في امر دار الضرب واقامة صاغة فيها وفسروا متاعا ورد من الموصل واستوفوا
ضرائبه
وفي اول رمضان عمل ابنا الاصبهاني العياران اللذان كانا تابا وحصلا في دار المملكة
وخدما في جملة فراشيها ومن في جملتها من العيارين مجانيق مذهبة للخروج الى زيارة
قبر مصعب بن الزبير مقابلة لما عمله عيارو الكرخ في النصف من شعبان من مثلها
للخروج الى زيارة المشهد بالحائر ورفعواها وطافوا بالاسواق بها وبين ايديهم
البوقات ووقفوا بازاء دار المملكة ومعهم لفيف كثير ودعوا للسلطان واحدث ذلك وقوع
القتال بين هذه الطاذفة وبين اهل الكرخ
على باب درب الديزج وفي القلائين
والصغارين وعند القنطرتين وعظمت الفتنة واعترض كل فريق على من يجتاز من اهل محال
الفريق الآخر وقتلت النفوس واخذت الاموال ومنع ابناء الاصفهاني من حمل الماء من
دجلة الى الكرخ ورواضعه حتى تأذى الناس بذلك ولحقتهم المشقة وبيعت الراوية بدر
همين وثلاثة ثم توسط الامر بين الفيئتين فاصطلحتا
وفي ليلة الاحد سادس عشر رمضان غرق البرجمي اللص بفم الدجيل اخذه معتمد الدولة
فغرقه بعد أن بذل ما لا كثيرا علي ان يترك فلم يقبل منه ثم دخل اخو البرجمي الي
بغداد فاخذ اختا له من سوق يحيى وخرج فتبع وقتل
وقي يوم السبت ثالث عشر شوال روسل المرتضى باحضار العيارين الى داره وان يقول لهم
من اراد منكم التوبة قبلت توبته واقر في معيشته ومن اراد خدمة السلطان استخدم مع
صاحب البلد ومن اراد الانصراف عن البلد كان آمنا على نفسه ثلاثة ايام فعرض ذلك
عليهم فقالوا تخرج فخرجوا وتجدد الاستقفاء والفساد وقلد ابو محمد ابن النسوى
المعونة لسكون اهل الكرخ اليه ثم خاف فاستعفى واظهر التوبة ورد ابو الغنائم بن ابي
علي وقد حصلت له هيبة شديدة
وفي ليلة الاربعاء لسبع بقين من ذي القعدة انقض شهاب كبير هال منظره فلما جاءت
ليلة الجمعة وقت العتمة انقض شهاب كاعظم ما يكون من البرق حتى ملأ ضوءه الارض وغلب
ضوءه المشاعل وروع من رآه وتطاول مكثه من وقت انقضاضه زيادة على ما جرت به عادة
امثاله وقال من لا يعلم ان السماء انفرجت لعظم ما شهدوا منه
وفي ذي الحجة وقع الموت فذكر أنه تمات في بغداد سبعون الفا
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
89 - احمد بن محمد
ابن احمد بن غالب ابو بكر الخوارزمي المعروف بالبرقاني ولد سنة ست وثلاثين
وثلثمائة ورحل الى البلاد وسمع بها
الكثير وكتب الكثير وانتقل من دار الى دار فنقل كتبه في ثلاثة وستين سفطا وصندوقين
وكان اماما ثقة ورعا متقنا متثبتا فهما حافظا للقرآن عارنا بالفقه والنحو وصنف في
الحديث تصانيف وكان الازهري يقول اذا مات البرقاني ذهب هذا الشان وقيل له هل رأيت
انفس منه قال لا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال سمعت ابا محمد الخلال ذكر
البرقاني فقال كان نسيج وحده قال ابن ثابت وحدثني محمد بن يحيى الكرماني الفقيه
قال ما رأيت في اصحاب الحديث اكثر عبادة من البرقاني
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي قال قال لي محمد بن علي الصورى دخلت على
البرقاني قبل وفاته بأربعة ايام اعوده فقال لي هذا اليوم السادس والعشرون من جمادي
الآخرة وقد سألت الله تعالى ان يؤخر وفاتي حتى يهل رجب فقد روى ان لله فيه عتقاء
من النار عسى ان اكون منهم قال الصورى وكان هذا القول يوم السبت فتوفي صبيحة يوم
الاربعاء مسهل رجب
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال مات البرقاني يوم الاربعاء اول يوم من
رجب سنة خمس وعشرين واربعمائة ودفن في مقبرة الجامع مما يلي باب سكة الخرقي
90 - احمد بن محمد
ابن عبد الرحمن بن سعيد ابو العباس الابيوردي احد فقهاء الشافعيين من اصحاب ابي
حامد الاسفرائيني سكن بغداد وولي القضاء بها على الجانب الشرقي ومدينة المنصور في
ايام ابن الاكفائي ثم عزل وكان يدرس في قطيعة الربيع وله حلقه الفتوى في جامع
المنصور وقد سمع الحديث ورواه وكان حسن الاعتقاد جميل الطريقة فصيح اللسان يقول
الشعر وكان صبورا على الفقر كاتما له
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال ذكر لي عبيد الله بن
احمد بن عثمان الصيرفي عمن حدثه ان القاضي ابا العباس الا بيوردي كان يصوم
الدهر وان غالب افطاره كان على الخبز
والملح وكان فقيرا يظهر المروءة ومكث شتوة كاملة لا يملك جبة يلبسها وكان يقول
لأصحابه بي علة تمنعني من لبس المحشو فكانوا يظنونه يعني المرض وانما كان يعني
بذلك الفقر ولا يظهره تصونا
توفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
91 - الحسن بن عبيد الله
ابن يحيى ابو علي البندنيجي الفقيه القاضي سكن بغداد ودرس فقه الشافعي على ابي
حامد الاسفرائيني ولم يكن في اصحابه مثله وكان له حلقة في جامع المنصور للفتوى
وكان صالحا دينا ورعا وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة
92 - عبد الوهاب بن عبد العزيز
ابن الحارث بن اسد ابو الفرج التميمي ولد سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة وسمع من ابيه
وغيره وكان له في جامع المنصور حلقة للوعظ والفتوى على مذهب احمد بن حنبل
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز
ابن الحارث بن اسد بن الليث بن سليمان بن الاسود بن سفيان بن يزيد بن اكينة ابن
عبد الله التميمي قال سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول
سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت ابي يقول سمعت علي بن ابي طالب
عليه السلام وقد سذل عن الحنان المنان فقال الحنان الذي يقبل على من اعرض عنه
والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السوأل قال الخطيب بين ابي الفرج وبين على تسعة اباء
آخرهم اكينة توفي عبد الوهاب في ربيع الاول من هذه السنة ودفن عند قبر احمد
93 - محمد بن الحسن
ابن علي بن ثابت بن احمد ابو بكر المعروف بالنعماني ولد في سنة تسع واربعين
وثلثمائة وسمع من احمد بن سندى وغيره
وكان سماعه صحيحا توفي ليلة الخميس رابع جمادي الاولى من هذه السنة ودفن في مقربة
باب الدير وكان صدوقا ثقة سنة 426
ثم دخلت سنة ست وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه تجدد في المحرم ورود العرب المتلصصة اطراف البلد في الجانب
الغربي وحدث منهم انهم اذا اسروا من اسروه اخذوا ما معه وطالبوه يفدي نفسه ثم ظهر
قوم من العيارين ففتكوا وقتلوا فنهض ابو الغنائم ابن علي فقتل منهم نفس فعاودوا
الخروج وقتلوا رجلين وقاتلوا ابا الغنائم وتتابعت العملات والاستقفاء وأخذ ما يحضر
من جمال السقائين وبغالهم ونهض ابو الغنائم ففتك وأخذ وقتل ثم عاد الفساد وحصل
العيارون في دور الاتراك والحواشي يخرجون منها ليلا ويقيمون فيها نهارا وسقطت
الهيبة باهمال ما أهمل من الامر وكتب العيارون رقاعا يقولون فيها ان صرف ابو
الغنائم عنا حفظنا البلد وان لم يصرف فما نترك الفساد واتفق ان غلاما كبس قراحا
للخليفة ونهب من ثمرته فامتعض الخليفة من ذلك وكوتب الملك والوزير بالقبض على هذا
الغلام وتأديبه فوقع التواني عن ذلك لضعف الهيبة فزاد غيظ الخليفة فأمر القضاة
بالامتناع عن الحكم والفقهاء بترك الفتاوي والخطباء بان لا يحضروا املاكا ولا
يعقدوا عقدا وعمل على اغلاق باب الجامع ومنع الصلاة فحل الغلام ووكل به ثم اطلق وعادت
الفتن وكثر القتل ومنع اهل السوق يحيى حمل الماء من دجلة الي اهل باب الطاق
والرصافة وخذل الاتراك والسلطان في هذه الامور حتى لو حاولوا دفع فساد زاد وملك
العيارون البلد
وفي مستهل صفر زاد ماء المد في دجلة البصرة حتى علا على الضياع نحو ذراعين وسقط
بالبصرة في هذا اليوم وليلته اكثر من الفي دار
وفي شعبان وصل كتاب من الامير مسعود بن
محمود بن سبكتكين بفتح فتحه بالهند ذكر فيه انه قتل من القوم خمسين الفا وسبى
سبعين الفا وغنم منهم ما يقارب ثلاثين الف الف درهم فرجع وقد افسد الغزبلاده فاوقع
بهم وفتح جرجان وطبرستان
ووثب ابو الحسن بن ابي البركات بن ثمال الخفاجي على عمه نقتله واقام بامارة بني
خفاجة
ثم اشتد امر العيارين وكاشفوا بالافطار في رمضان وشرب الخمر وارتكاب الفروج وفي
شوال وقع حريق وسط العطارين احترق فيه عدة دور ودكاكين ومخازن ونهب العيارون من
اموال الناس وما كانوا يحصلونه من منازلهم وخانباراتهم ما يزيد على عشرة آلاف
دينار وكانت النهاية تنقل النار من موضع الى موضع فتجعل ذلك طريقا الى النهب وعاد
القتال بين اهل المحال وكثرت العملات واعيا الخرقي على الراقع وقال الملك انا اركب
بنفسي في هذا الامر
ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان ولا العراق
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
94 - احمد بن كليب الاديب الشاعر
اخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ اخبرنا ابو عبدالله محمد بن أبي نصر الحميدي
قال حدثني ابو محمد علي بن احمد الفقيه الحافظ اخبرنا ابو عبدالله محمد بن الحسن
المذحجي الاديب قال كنت اختلف في النحو الى أبي عبدالله محمد بن خطاب النحوي في
جماعة ايام الحداثة وكان معنا اسلم بن احمد بن سعيد بن قاضي قضاة الاندلس قال محمد
بن الحسن وكان من اجمل من رأته العيون وكان معنا عند محمد بن خطاب احمد بن كليب
وكان من اهل الادب والشعر فاشتد كلفه باسلم وفارق صبره وصرف فيه القول مستترا بذلك
الى ان فشت اشعاره فيه وجرت
على الالسنة وتنو شدت في المحافل فلعهدي
بعرس في بعض الشوارع والنكوري الزامر في وسط المحافل يزمر بقول احمد بن كليب في
اسلم ... واسلمني في هوا ... ه اسلم هذا الرشا ... غزال له مقلة ... يصيب بها من
يشا ... وشي بيننا حاسد ... يسأل عما وشى ... فلو شاء ان يرتشي ... على الوصل روحي
ارتشى ...
ومغن محسن يسايره فلما بلغ هذا المبلغ انقطع اسلم عن جميع مجالس الطلب ولزم بيته
والجلوس على بابه وكان احمد بن كليب لا شغل له الا المرور على باب دار اسلم سائرا
او مقبلا نهاره كله فانقطع اسلم من الجلوس على باب داره نهارا فاذا صلى المغرب
واختلط الظلام خرج مستروحا وجلس على باب داره فعيل صبر احمد ابن كليب فتحيل في بعض
الليالي ولبس جبة صوف من جباب اهل البادية واعتم بمثل عمائمهم واخذ باحدى يديه
دجاجا وبالاخرى قفصا فيه بيض كأنه قدم من بعض الضياع ونحن جلوس مع اسلم عند اختلاط
الظلام على بابه فتقدم اليه وقبل يده وقال يا مولاي من يقبض هذا فقال له اسلم من
انت فقال اجيرك في الضيعة الفلانية وقد كان يعرف اسماء ضياعة والعاملين فامر اسلم
غلمانه بقبض ذلك منه على عادتهم في قبول هدا يا العاملين في ضياعهم ثم جعل يسأله
عن احوال الضيعة فلما جاوبه انكر الكلام فتأمله فعرفه فقال يا اخي والى ها هنا
تتبعني اما كفاك انقطاعي عن مجالس الطلب وعن الخروج جملة وعن القعود على بابي
نهارا حتى قطعت على جميع مالي فيه واحة فقد صرت في سجنك والله لا فارقت بعد هذه
الليلة قعر منزلي ولا جلست بعدها على بابي ليلا ولا نهارا ثم قام وانصرف احمد بن
كليب حزينا كئيبا
قال محمد واتصل بنا ذلك فقلنا لاحمد بن كليب قد خسرت دجاجك وبيضك فقال هات كل ليلة
قبلة يده واخسر اضعاف ذلك فلما يئس من رؤيته البتة نهكته العلة واضجعه المرض قال
محمد بن الحسن فاخبرني شيخنا محمد بن خطاب قال عدته
فوجدته باسوأ حال فقلت له لم لاتتداوى فقال دوائي معروف واما الاطباء فلا حيلة لهم في البتة فقلت له فما دواؤك قال نظرة من اسلم فلو سعيت في ان يزوروني لاعظم الله اجرك بذلك واجره فرحمته وتقطعت نفسي له فنهضت الى أسلم فاستأذنت عليه فاذن لي وتلقاني بما يجب فقلت له لي حاجة فقال وما هي قلت قد علمت ما جمعك مع احمد بن كليب من ذمام الطلب عندي فقال نعم ولكن قد تعلم انه قد برح بي وشهر اسمى وآذاني فقلت له كل ذلك يغتفر في مثل هذه الحال التي هو فيها والرجل يموت فتفضل بعيادته فقال لي والله ما اقدر على ذلك فلا تكلفني هذا فقلت له لا بد من ذلك فليس عليك فيه شيء وانما هي عيادة مريض قال ولم ازل به حتى اجاب فقلت له فقم الآن قال لست والله افعل ولكن غدا فقلت له ولا خلف قال نعم فانصرفت الى احمد ابن كليب فاخبرته بوعده بعد تأبيه فسر بذلك فارتاحب نفسه فلما كان من الغد بكرت الى اسلم وقلت له الوعد فوجم وقال والله لقد تحملني على خطة صعبة وما ادري كيف اطبق ذلك قال وقلت له لا بد ان تفي بوعدك لي قال فأخذ رداءه ونهض معي راجلا فلما اتينا منزل احمد بن كليب وكان يسكن في درب طويل وتوسط الزقاق وقف واحمر وخجل وقال لي يا سيدي الساعة والله اموت وما استطيع ان انقل قدمي ولا استطيع ان اعرض هذا على نفسي فقلت لا تفعل بعد أن بلغت المنزل تنصرف قال لا سبيل والله الى ذلك البتة ورجع هاربا فاتبعته واخذت بردائه فتمادى وتمزق الرداء وبقيت قطعة منه في يدي لمده وامساكي له ومضى ولم ادركه فرجعت ودخلت على احمد بن كليب قال وقد كان غلامه قد دخل عليه اذرآني من اول الزقاق مبشرا قال فلما رآني تغير وجهه وقال ابن ابو الحسن فاخبرته بالقصة فاستحال من وقته واختلط وجعل يتكلم بكلام لا يعقل منه اكثر من الاسترجاع فاستبشعت الحال وجعلت اترجع وقمت قال فثاب اليه ذهنه فقال يا ابا عبدالله اسمع مني واحفظ مني ثم انشأ يقول
اسلم يا راحة العليل ... رفقا على الهائم
النحيل ... وصلك اشهى الى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل ...
قال فقلت له اتق الله ما هذه العظيمة فقال قد كان قال فخرجت عنه فوالله ما توسطت
الزقاق حتى سمعت الصراخ عليه وقد فارق الدنيا قال الحميدي قال لنا ابو محمد وهذه
قصة مشهورة عندنا ومحمد بن الحسن ثقة ومحمد بن خطاب ثقة واسلم هذا من بني خالد
وكانت فيهم وزارة وحجابة وابوه الآن في الحياة يكنى ابا الجعد قال ابو محمد ولقد ذكرت
هذه الحكاية لأبي عبدالله محمد بن سعيد الخولاني الكاتب فعرفها وقال لقد اخبرني
الثقة انه رأى اسلم هذا في يوم شديد المطر لا يكاد احد يمشي في طريق وهو جالس على
قبر احمد بن كليب المذكور زائرا له قد تحين غفلة الناس في مثل ذلك اليوم قال
الحميدي وانشدني ابو محمد علي بن احمد قال انشدني محمد بن عبد الرحمن النحوي لاحمد
بن كليب وقد اهدى الى اسلم كتاب الفصيح لتغلب ... هذا كتاب الفصيح ... بكل لفظ
مليح ... وهبته لك طوعا ... كما وهبتك روحي ...
95 - الحسن بن احمد
ابن ابراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان بن حرب بن مهران ابو علي البزار ولد في
ربيع الاول سنة تسع وثلاثين وثلثمائة وسمع عثمان بن احمد الدقاق والنجاد والخلدي
وخلقا كثيرا وكان ثقة صدوقا
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت قال حدثني محمد بن يحيى الكرماني
قال كنا يوما بحضرة ابي علي بن شاذان فدخل علينا شاب لا يعرفه منا احد فسلم وقال
ايكم ابو علي بن شاذان فاشرنا اليه فقال له ايها الشيخ رأيت رسول الله صلى الله
عليه و سلم في المنام فقال لي سل عن ابي علي بن شاذان فاذا لقيته فاقرئه السلام ثم
انصرف الشاب فبكى ابو علي وقال ما اعرف لي عملا استحق به هذا الا ان يكون صبري على
قراءة الحديث علي وتكرير الصلاة على رسول الله صلى الله
عليه وسلم كلما جاء ذكره قال ولم يلبث
ابو علي بعد ذلك الا شهرين او ثلاثة حتى مات توفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة
باب الدير
96 - الحسن بن عثمان
ابن احمد بن الحسن بن سورة ابو عمر الواعظ المعروف بابن الفلو ولد في ربيع الآخر
سنة سبع واربعين وثلثمائة وسمع الحديث من جماعة وكان يعظ وله بلاغة وفيه كرم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي واخبرنا ابن ناصر اخبرنا ابن
خيرون قال اخبرنا احمد بن الحسن المعدل قال انشدنا ابو عمر ابن الفلو لنفسه ...
دخلت على سلطان في دار عزه ... بفقر ولم اجلب بخيل ولا رجل ... وقلت انظروا ما بين
فقري وملككم ... بمقدار ما بين الولاية والعزل ...
توفي ليلة الاحد الرابع عشر من صفر في هذه السنة وصلى عليه بجامع المدينة ودفن
بمقبرة باب حرب الى جنب ابي الحسين بن السماك
97 - الحسين بن احمد
ابن عثمان بن شيطا ابو القاسم البزار سمع ابا بكر الشافعي قال ابو بكر الخطيب كتبت
عنه وكان ثقة وتوفي في صفر هذه السنة
98 - الحسين بن عمر
ابن محمد بن احمد بن عبدالله ابو عبدالله العلاف اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر
الخطيب قال قال لنا الحسين بن عمر ولدت في يوم الخميس الثالث من شوال سنة احدى
واربعين وثلثمائة قال وسمع ابا بكر الشافعي ويحيى بن وصيف واحمد ابن جعفر بن مسلم
كتبنا عنه وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي في درب السقائين قريبا من سوق السلاح وتوفي
في رجب هذه السنة
99 - حمزة بن يوسف
ابن ابراهيم بن موسى بن ابراهيم ابو القاسم الجرجاني روى الحديث الكثير
توفي في هذه السنة
100 - عبدالله بن احمد
ابن ابراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ابو محمد الصيرفي وهو اخو ابي علي سمع ابا
بكر بن مالك القطيعي وغيره وكان صدوقا توفي في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة باب
الدير
101 - عمر بن ابراهيم
ابن اسماعيل ابو الفضل بن ابي سعد الزاهد من اهل هراة ولد سنة ثمان واربعين
وثلثمائة قدم بغداد فحدث بها عن ابي بكر الاسماعيلي وابي احمد الغطريفي قال الخطيب
كتبنا عنه وكان ثقة وتوفي بهراة في هذه السنة
سنة 427
ثم دخلت سنة سبع وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان العيارين كبسوا في المحرم دار بلوربك التركي بباب خراسان
واخذوا ما فيها ورد ابو محمد النسوي الى باب البصرة لكشف العملة فأخذ هاشميا فقتله
فثار اهل الموضع ورفعوا المصاحف على القصب ومضوا الى دار الخلافة وجرى خطب طويل
وكانت قنطرة الشوك قد سقطت على نهر عيسى فبقيت مدة فأمر الملك بعمارتها فتكامل
عمارتها في المحرم وكان ابو الحسين بن القدوري يشارف الانفاق عليها وفي صفر تقدم
الخليفة بترك التعامل بالدنانير المغربية وأمر الشهود ان لا يشهدوا في كتاب ابتياع
ولا اجازة ولا مداينة يذكر فيها هذا الصنف فعدل الناس الى القادرية والنيسابورية
والقاشانية
وفي ليلة الثلاثاء ثاني ربيع الآخر دخل العيارون البلد في مائة رجل من الاكراد
والاعراب والسواد فاحرقوا دار ابن النسوي وفتحوا خانا واخذوا ما فيه وخرجوا
والكارات على رؤوسهم
وفي ربيع الآخر نقل ابو القاسم بن ماكولا
الوزير بعد ان قبض عليه وسلم الى المرتضى الى دار المملكة فمرض ويئس منه فروسل
الخليفة في معنى اخيه قاضي القضاة ابي عبدالله بن ماكولا وقبل هو يعرف امواله
فدافع عنه الخليفة وحامى وكادت الحال من الاتراك تشرف على احد حالين اما تسليمه
واما خرق لا يتلافى فكتب الى الخليفة في حقه فخرج في الجواب انه لم يبق من امرنا
الا هذا الناموس في حراسة من عندنا وهو لكم لا لنا وهذا القاضي لم يتصرف تصرفا
سلطانيا يلزمه فيه تبعة ثم زاد الامر في ذلك وروجع الخليفة فكتب الى حاجب الحجاب
رقعة قبل فيها قد زاد الامر في اطراح مراقبتنا واسقاط حشمتنا وصار الاولى ان نغلق
بابنا وندبر امرنا بما نحرس به جاهنا فامسك عن المراجعة ثم ان الجند شغبوا على
جلال الدولة وقالوا ان البلد لا يحتملنا واياك فاخرج من بيننا فانه اولى لك فقال
كيف يمكنني الخروج على هذه الصورة امهلوني ثلاثة ايام حتى آخذ حرمي وولدي وامضي
وقالوا لا تفعل ورموه بآجرة في صدر فتلقاها بيده واخرى في كتفه فاستجاش الملك
الحواشي والعوام وكان المرتضى والزينبي والماوردي عند الملك فاستشارهم في العبور
الى الكرخ كما فعل في المرة الاولى فقالوا ليس الامر كما كان واحداث الموضع قد
ذهبوا وحول الغلمان خيمهم الى ما حول الدار احاطة بها وبات الناس على اصعب خطة
فخرج الملك نصف الليل الى زقاق غامض فنزل الى دجلة فقعد في سميرية فيها بعض حواشيه
فغرقوها تقديرا أنه فيها ومضى الملك مستترا الى دار المرتضى وبعث حرمه الى دار
الخليفة ونهب الجند دار المملكة وابوابها وساجها ورتبوا فيها حفظة فكانت الحفظة
تخربها نهارا وتنقل ما اجتمع من ذلك ليلا وراسل الجند الخليفة في قطع خطبة جلال
الدولة فقيل لهم سننظر ثم خرج الملك الى او انا ثم الى كرخ سامرا ثم خرجوا اليه
واعتذروا وصلحت الحال
وفي جمادي الآخرة وردت ظلمة طبقت البلد حتى لم يشاهد الرجل صاحبه الماشي بين يديه
واخذت بالانفاس حتى لو تأخر انكشافها لهلك كثير من الناس
وفي ضحوة نهار يوم السبت لثمان بقين من
رجب انقض كوكب غلب ضوءه على ضوء الشمس وشوهد في آخره مثل التنين ازرق يضرب الى
السواد وبقي نحو ساعة
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
102 - الحسن بن وهب
ابن موصلايا الكاتب المجود توفي في هذه السنة
103 - علي ابو الحسن بن الحاكم
صاحب مصر الملقب بالظاهر لاعزاز دين الله في يوم الاحد النصف من شعبان هذه السنة
وكان عمره ثلاثين سنة الا شهر فكانت ولايته ست عشرة سنة وتسعة اشهر وولى بعده ولده
ولقب المصتنصر بالله
104 - محمد بن ابراهيم
ابن احمد ابو بكر الأردستاني اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كان الاردستاني يسكن
اصبهان وكان رجلا صالحا يكثر السفر الى مكة ويحج ماشيا وحدث ببغداد عن الدارقطني
وغيره وكان ثقة يفهم الحديث قال وبلغنا انه مات بهمذان في سنة سبع وعشرين
واربعمائة
105 - محمد بن الحسين
ابن عبيدالله بن عمر بن حمدون ابو يعلى الصيرفي المعروف بابن السراج ولد في سنة
ثلاث وسبعين وثلثمائة وسمع ابا الفضل الزهري وكان ثقة فهما يعلم القرآن والنحو
وتوفي ليلة الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
428
- ثم دخلت سنة ثمان وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الخليفة خلع على أبي
تمام محمد بن محمد بن علي الزينبي وقلده ما كان الى ابيه ابي الحسن من نقابة
العباسيين والصلاة
وتجدد شغب من الجند على جلال الدولة ثم آل الامر في هذه السنة الى أن قطعوا خطبته
وخطبوا الملك أبي كاليجار ثم عادوا وخطبوا لهما ثم صلحت حال جلال الدولة وحلف
الخليفة له وقبض على ابن ماكولا ووزر ابو المعالي ابن عبد الرحيم
وفي ربيع الآخر ورد كتاب من فم الصلح ذكر فيه ان قوما من اهل الجبيل وردوا وحكوا
انهم مطروا مطر كثير في اثنائه سمك وزن بعضه رطل ورطلين
وكان صاحب مصر بعث مالا ليتفق على نهر بالكوفة فجاء اهل الكوفة يستأذنون الخليفة
فجمع الفقهاء لذلك في جمادي الآخرة فقالوا هذا مال من فيء المسلمين وصرفه في
مصالحم صواب فأذن في ذلك
وفي ليلة السبت لتسع بقين من جمادي الآخرة ثار جماعة من العيارين فكبسوا الحبس
بالشرقية وقتلوا بضعة عشر نفسا من رجاله المعونة ثم عادوا في ذي الحجة فكثروا
واخذوا بغال السقائين وثياب القصارين وانبسطوا انبساطا زائدا عن الحد
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
106 - احمد بن محمد
ابن احمد بن جعفر ابو الحسن القدوري الفقيه الحنفي ولد سنة اثنتين وستين وثلثمائة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سمع القدوري من عبيدالله بن محمد الحوشي
ولم يحدث الا بشيء يسير كتبت عنه وكان صدوقا وكان ممن انجب في الفقه لذكائه وانتهت
اليه بالعراق رياسة اصحاب ابي حنيفة وارتفع جاهه وكان حسن العبارة في النظر مديما
لتلاوة القرآن وتوفي يوم الاحد الخامس من رجب هذه السنة ودفن من يومه في داره بدرب
ابي خلف
107 - الحسن بن شهاب
ابن الحسن بن علي بن شهاب ابو بكر العكبراوي ولد بعكبرا في محرم سنة خمس وثلاثين
وثلثماذة وسمع الحديث على كبر من أبي علي بن الصواف وأبي علي الطوماري وابن مالك
القطيعي وكان فقيها فاضلا يتفقه على مذهب احمد وكان يقرء القراآت ويعرف الادب
ويقول الشعر قال البرقاني هو ثقة امين
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بن ثابت حدثنا عيسى بن احمد الهمذاني قال
قال لي ابو علي بن شهاب يوما أرني خطك فقد ذكر لي انك سريع الكتابة فنظر فيه فلم
يرضه وقال لي كسبت في الوراقة خمسة وعشرين الف درهم راضية وكنت اشترى كاعدا بخمسة
دراهم فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال وأبيعه بمائتي درهم واقله بمائة
وخمسين درهما قال ابن ثابت وسمعت الازهري يقول اخذ السلطان من تركة ابن شهاب ما
قدره الف دينار وسوى ما خلفه الكروم والعقار وكان اوصى بثلث ما له لمتفقهة
الحنابلة فلم يعطوا شيئا توفي في ليلة النصف من رجب هذه السنة
108 - الحسين بن علي
ابن الحسين بن ابراهيم بن بطحا ابو عبدالله التميمي المحتسب سمع ابا بكر الشافعي
وكان ثقة سكن شارع دار الرقيق وتوفي في جمادي الاولى من هذه السنة
109 - عثمان بن محمد
ابن يوسف بن دوست ابو عمرو والعلاف هو اخو عبدالله وكان الاصغر ولد سنة اثنتين
واربعين وثلثمائة وسمع النجاد وكان صدوقا توفي في صفر هذه السنة
110 - لطف الله بن احمد
ابن عيسى ابو الفضل الهاشمي كان ذا لسان وولى القضاء والخطابة وسكن بدر زنجان واضر
وكان يروى حكايات واناشيد من حفظه
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال انشدنا
لطف الله بن احمد قال انشدنا ابو الحسن عمر بن احمد النوقاتي السجزى لنفسه ...
واني لاعرف كيف الحقوق ... وكيف يبر الصديق الصديق ... وكم من جواد وساع الخطى ...
يقصر عنه خطاه مضيق ... ورحب فؤاد الفتى محنة ... عليه اذا كان في الحال ضيق ...
111 - محمد بن احمد
ابن محمد بن ابي موسى واسم ابي موسى عيسى بن احمد بن موسى بن محمد بن ابراهيم ابن
عبدالله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب ابو علي الهاشمي القاضي ولد في ذي القعدة
سنة خمس واربعين وسمع محمد بن المظفر وابا الحسين بن سمعون وكان ثقة وهو احد فقهاء
اصحاب احمد بن حنبل وكان يدرس ويفتي وله تصانيف على مذهب احمد وقال ابو علي ضاق بي
الأمر مرة فبعت رجلا داري واذا رجل قد دخل علي فأنشد ... ليس من شدة تصيبك الا ...
سوف تمضي وسوف تكشف كشفا ... لا يضق ذرعك الرحيب فا ... ن النار يعلو ليبها ثم
تطفا ...
قال التميمي دخلت على أبي علي في مرضه فقال لي اسمع مني الاعتقاد ولا شك في عقلي
فما رأيت الملكين بعد وتوفي يوم الاحد الثالث من ربيع الآخر من هذه السنة ودفن
بباب حرب
112 - محمد بن الحسن
ابن احمد بن محمد بن موسى ابو الحسين الاهوازي ويعرف بإبن أبي علي الاصبهاني ولد
في سنة خمس واربعين وثلثمائة وقدم الى بغداد من الاهواز وخرج له ابو الحسن النعيمي
اجزاء من حديثه وسمع منه البرقاني الا انه بان كذبه
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي حدثنا ابو الوليد الحسن بن محمد
الدربندي قال سمعت ابا نصر احمد بن علي
بن عبدوس يقول كنا نسمي ابن ابي علي الاصبهاني جراب الكذب اقام الاهوازي ببغداد
سبع سنين ثم خرج الى الاهواز ووصل الخبر بوفاته في هذه السنة
113 - محمد بن علي
ابو الحسن الزيني نقيب العباسيين توفي بداء الصرع في هذه السنة وقلد ابنه ابو تمام
ما كان اليه
114 - مهيار بن مرزويه
ابو الحسن الكاتب الفارسي كان مجوسيا فاسلم سنة اربع وتسعين وثلثمائة وصار رافضيا
غاليا وفي شعره لطف الا انه يذكر الصحابة بما لا يصلح قال له ابو القاسم ابن برهان
يا مهيار انتقلت باسلامك في النار من زاوية الى زاوية قال وكيف ذاك قال لأنك كنت
مجوسيا فأسلمت فصرت تسب الصحابة وكان منزله بدرب رياح بالكرخ وكانت امرأة تخدمه
فكنست الغرفة فوجدت خيطا فجرته فاذا هو خيط هميان فيه مال وكان قد نزل الدار قوم
من الخراسانية الحاج فأخبرته فلم يتغير وقال لها قد تعبت حتى خبأته فلماذ انبشتيه
وكان فيه الفا دينار وسعى به الى جلال الدولة فقبض عليه ثم اطلقه ومن مستحسن شعره
قوله ... استنجد الصبر فيكم وهو مغلوب ... واسأل النوم عنكم وهو مسلوب ... وابتغى
عندكم قلبا سمعت به ... وكيف يرجع شيء وهو موهوب ... ومنها ... ما كنت اعرف ما
مقدار وصلكم ... حتى هجرم وبعض الهجر تأديب ... وله ... اجبر اننا بالغور والركب
متهم ... ايعلم حال كيف باب المتيم ... رحلتم وعمر الليل فينا وفيكم ... سواء ولكن
ساهرون ونوم
تناء تيم من ظاعنين وخلفوا ... قلوبا أبت
ان تعرف الصبر عنكم ... ولما جلا النوديع عما حذرته ... ولم يبق الا نظرة تتغنم
... بكيت على الوادي فحرمت ماءه ... وكيف يحل الماء اكثره دم ...
ولما رأيت شعره مستحسنا كله انتصرت على ما ذكرت و توفى في جمادي الآخرة من هذه
السنة
115 - هبة الله بن الحسن
ابو الحسين المعروف بالحاجب وكان من اهل الفضل والادب والتدين وله شعر مستحسن
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال انشدني ابو
الحسين الحاجب لنفسه
... يا ليلة سلك ا ... ن بطيبها في كل مسلك ... اذا ارتعى روض المسر ... ة مدركا
ما ليس يدرك ... والبدر قد فضح الظلا ... م فستره فيه مهتك ... وكأنما زهر النجو
... م بلمعها شعل تحرك ... والغيم احيانا يلوح ... ح كأنه ثوب مسك ... وكأنه تجعيد
الريا ... ح لدجلة ثوب مغرك ... وكأن نشر المسك ينفح ... في النسيم اذا تحرك ...
وكأنما المنثور مصفر ... الذرى ذهب مشبك ... والنور يبسم في الريا ... ض فان نظرت
اليه سرك ... شارطت نفسي في أن اقو ... م بحقها والشرط املك ... حتى تولى الليل
منهزما وجاء الصبح يضحك ... واه الفتى لو انه ... في ظل طيب العيش بترك ... والمرء
يحسب عمره ... فاذا أتاه الشيب فذاك ...
توفي في هبة الله فجاءة في رمضان هذه السنة
سنة 429
ثم دخلت سنة تسع وعشرين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد الكتاب من عكبرا بأن قوما من اهلها اجتمعوا في ليلة
الميلاد بأشعال النار على عادة لهم في ذلك وصعدت طائفة منهم الى روشن في عليه فسقط
على الباقين فمات ثلاثة واربعون نفسا منهم ست نسوة احداهن المكان وتكاثر وحبلى
وفي يوم الجمعة التاسع من جمادي الاولى حضر ابو الحسن ابن القزويني الزاهد الجامع
والخطيب على المنبر فاختلط الناس بين آت معه وناهض لتلقيه ومتشوق الى رؤيته ووقع
الصياح فظن قوم انه للصلاة فقاموا ووقفوا طويلا الى أن عرفوا الحال فجلسوا وقعد
القزويني عند المنبر فلما قضيت الصلاة وضع منبر من وراء الشباك دون المقصورة فوقف
عليه ابن المذهب الواعظ فحمد الله وأثنى عليه وقرأ احاديث الرؤية انكم ترون ربكم
فناداه ابن التميمي الواعظ اذكر في كل باب حديثا فلم يلتفت الى قوله فقام التميمي
فتخطا رقاب الناس وصعد على المنبر واخذ الكتاب من يده وقرأ احاديث الصفات ثم التفت
الى ابن القزويني فقال ان رأى الشيخ الزاهد أن يقول قولا لا تسمعه الجماعة فيروونه
عنه فقال ابلغهم عني أن القرآن كلام الله وان الجدال بدعة والمتكملين على ضلالة
فذكر نحو هذا
وفي رجب حلف جلال الدولة للملك أبي كاليجار وحلف له أيضا ان لا يجري من احدهما ما
يؤذي الآخر
وفي سلخ رجب جمع الاشراف والقضاة والشهود والفقهاء والوجوه الى بيت النوبة واستدعى
جاثليق النصارى ورأس جالوت اليهود وخرج توقيع الخليفة في امر العيار والزام اهل
الذمة اياه وكان في التوقيع بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فان الله تعالى بعزته
التي لا تحاول وقدرته التي لا تطاول اختار الاسلام دينا وارتضاه واعلاه وبعث به
محمدا واجتباه وأذل من ناواه فقال تعالى
وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله
هي العليا وقال ليظهره على الدين كله وامير المؤمنين يرى ان من اقرب الوسائل الى
الله به بقاء ما كان حافظا للشرع ومجددا لمعالمه وقد كان الخلفاء الراشدون فرضوا
على اهل الذمة المعاهدين حدودا معقودة على الاسشعار والاخبات والاستكانة والتفرد
عن المسلمين اعظاما للاسلام واهله لما تطرق على هذه السنة اغفال واستمر فيها
الاهمال اطرحت هذه الطائفة دواعي الاحتراس وتشبهت بالمسلمين في زيهم فرأى امير
المؤمنين الإيعاز الى جميع اهل الذمة بتغيير اللباس الظاهر مما يعرفون به عند
المشاهدة فليعلم ذلك من رأى امير المؤمنين فقالوا السمع والطاعة
وفي رمضان استقر أن يزاد في القاب جلال الدولة شاهان شاه الاعظم ملك الملوك فأمر
الخليفة بذلك فحطب له به فنفر العامة ورموا الخطباء بالآجر ووقعت فتنة وكتب الى
الفقهاء في ذلك فكتب ابو عبدالله الصيمري الحنفي ان هذه الاسماء يعتبر فيها القصد
والنية وقد قال الله تعالى ان الله قد بعث طالوت ملكا وقال تعالى وكان وراءهم ملك
واذا كان في الارض طول جاز أن يكون بعضهم فوق بعض لتفاضلهم في القوة والامكان
وجائز ان يكون بعضهم اعظم من بعض وليس في ما يوجب التكبر ولا المماثلة بين الخالق
والمخلوقين وكتب ابو الطيب الطبري ان اطلاق ملك الملوك جائز ويكون معناه ملك ملوك
الارض فاذا جاز أن يقال كافي الكفاة وقاضي القضاة جاز ملك الملوك فاذا كان في
اللفظ ما يدل على ان المراد به ملك الارض زالت الشبهة وفيه قولهم اللهم اصلح الملك
فينصرف الكلام الى المخلوقين وكتب التميمي نحو ذلك وقد حكى عن اقضى القضاة ابي
الحسن الماوردي انه كتب قريبا من ذلك وذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني ان الماوردي
منع من جواز ذلك وكان مختصا بخدمة جلال الدولة فلما امتنع عن الكتابة انقطع عن
خدمته واستدعاه جلال الدولة بكرة يوم العيد فمضى على وجل شديد يتوقع المكروه فلما
دخل على الملك قال له انا اتحقق انك لو حابيت احد لحابيتني لما بين وبينك مع كونك
اكثر الفقهاء مالا واوفاهم
جاها وحالا وما حملك على مخالفتي الا
الدين وقد قربك ذلك مني وزاد محلك في قلبي وقدمتك على نظائرك عندي قال المصنف الذي
ذكره الأكثرون في جواز أن يقال ملك الملوك هو القياس اذا قصد به ملوك الدنيا الا
أني لا ارى الا ما رآه الماوردي لأنه قد صح في الحديث ما يدل على المنع ولكن
الفقهاء المتأخرين عن النقل بمعزل
خبرنا هبة الله بن محمد بن الحصين اخبرنا الحسن بن علي بن المذهب اخبرنا ابو بكر
ابن مالك القطيعي حدثنا عبدالله بن احمد بن حنبل قال حدثني ابي حدثنا سفيان عن ابي
الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال اخنع اسم عند
الله يوم القيامة رجل تسمى بملك الاملاك قال احمد سألت ابا عمرو الشيباني عن اخنع
فقال اوضح اخرجه البخاري عن علي واخرجه مسلم عن الامام احمد كلاهما عن سفيان وقال
سفيان هو مثل شاهان شاه واخرجه مسلم من حديث همام عن ابي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال اغيظ رجل على الله يوم القيامة واخبثه رجل يسمى ملك الاملاك لا ملك
الا الله
واخبرنا ابن الحسين اخبرنا ابن المذهب اخبرنا احمد بن جعفر حدثنا عبدالله بن احمد
بن حنبل قال حدثني ابي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عوف عن الخلاس عن ابي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اشتد غضب الله على رجل قتله نبيه واشتد غضب
الله على رجل تسمى بملك الاملاك لا ملك الا الله سبحانه وتعالى
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
116 - اسحاق بن ابراهيم
ابن مخلد بن جعفر بن مخلد بن سهل ابو الفضل المعروف بابن الباقر حي ولد سنة خمس
وستين وثلثمائة توفي في ربيع الآخر من هذه السنة وكان صدوقا
117 - الحسين بن احمد
ابن سفيان ابو علي العطار قال الخطيب كتبت عنه كان صدوقا وتوفي
في هذه السنة
118 - علي بن الحسين
ابن مكرم ابو القاسم صاحب عمان توفي في هذه السنة وقام ابنه مقامه
119 - محمد بن عمر
ابن الاخضر الداودي ولد سنة ثلاث وخمسين وثلثمائة وكان ثقة كثر السماع يفهم الحديث
توفي في شوال هذه السنة
سنة 430
ثم دخلت سنة ثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في ليلة الثلاثاء لست بقين من ربيع الآخر سقط ثلج بجانبي
مدينة اسلام من وقت العتمة الى نصف الليل وعلا على وجه الارض قدر شبر فرماه الناس
من سطوحهم بالرفوش وبقي اياما في الدروب
وفي جمادي الآخرة ملك سلجوق خراسان والجبل وهرب مسعود بن محمود بن سبكتكين واخذوا
الدولة واستولى طغرل يك ابو طالب محمد واخوه داود ونيروز اولاد ميكائيل على البلاد
وتقسموا الاطراف
وفي يوم الثلاثاء لتسع بقين من جمادي الآخرة وكان العشرين من اذار وافي حر شديد
كاشد ما يكون في حزيران وتموز فلما كان يوم الثلاثاء والاربعاء بعدهما جاء برد
شديد جمد منه الماء
وفي يوم الخميس من شعبان جلس الخليفة وخلع على قاضي القضاة ابي عبدالله الحسين بن
علي بن ماكولا خلع الشريف قريبا مما طرقه من المصيبة بالوزير ابي القاسم اخيه
وقرىء توقيع جميل في أمره وفي يوم السبت النصف من هذا الشهر قبل قاضي القضاة ابو
عبدالله شهادة ابي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي
وفي هذه السنة خوطب ابو منصور ابن جلال الدولة بالملك العزيز وكان مقيما
بواسط وبه انقرض ملك بويه
ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان والعراق ومصر والشام كثير احد
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
120 - احمد بن عبدالله
ابن احمد بن اسحاق ابو نعيم الاصبهاني الحافظ سمع الكثير وصنف الكثير وكان يميل
الى مذهب الاشعري ميلا كثيرا
انبأنا محمد بن ناصر انبأنا ابو زكريا يحيى بن عبد الوهاب ابن مندة قال سمعت ان
ابا بكر احمد بن علي بن ثابت كان يقول كان ابو نعيم يخلط المسموع له بالمجاز ولا
يوضح احدهما من الآخر قال ابو زكريا وسمعت ابا الحسين القاضي يقول سمعت عبد العزيز
النخشبي يقول لم يسمع ابو نعيم مسند الحارث بتمامه من ابي بكر ابن خلاد فحدث به
كله توفي ابو نعيم في ثاني عشر محرم من هذه السنة
121 - الحسن بن احمد
ابن محمد بن عمر بن الحسن ابو محمد المعدل المعروف بابن المسلمة ولد في سنة تسع
وستين وثلثمائة وحدث عن محمد بن المظفر وكان صدوقا ينزل درب سليم من الجانب الشرقي
توفي في صفر هذه السنة
122 - الحسن بن احمد
ابن محمد بن الحسن بن حمزة ابو علي الخطيب البلخي ولد سنة اربع وثلاثين وثلثمائة
وحدث ببغداد وكان صدوقا توفي ببلخ في هذه السنة
123 - الحسن بن جعفر
ابو الفتوح العلوي امير مكة توفي في هذه السنة
124 - الحسن بن الحسين
ابو علي الزخجي وزر لمشرف الدولة ابي علي بن بهاء الدولة سنتين ثم عزل
وكان في زمان عطلته عظيم الجاه وتوفي في هذه السنة وقد قارب الثمانين وكان قد قيل ان واسط خالية عن مارستان وهي مصر من الامصار والكبار وتجاوزها البطائح واعمالها فاختار وضعا فجعله مارستانا وانفق عليه جملة وافرة وفتح في سنة ثلاث عشرة وحملت اليه الادوية ورتب له الخزان والاطباء ووقف عليه الوقوف وتولى اثارة اموال فخر الملك من غير ضرب بعصا فاستخرجها بأنظف شيء وكان فخر الدولة قد اودع اقواما ولحن باسمائهم وكنى عن القابهم فكان فيها عند الكوسج اللحياني عشرون الف دينار وعند بسرة بقمعها ثلاثون الف دينار فسلم يعرف من هذان فدخل عليه رجل كان يتطايب لفخر الملك ويأنس به وكان يلقبه الكوسج اللحياني لكثافة الشعر في احد عارضيه وخفته في الآخر فدخل على الرخجي متطلبا من جار له متقربا اليه بخدمة فخر الملك فقال له يا مولانا انه كان يطلعني فخر الملك على اسراره ويلقبني بالكوسج اللحياني فقال لأصحابه لا تفارقوه الا بعشرين الف دينار وتهدده بالعقوبة فحملها بختومها ثم تفكر في قوله عند بسرة بقعها فقال هو الصابىء فاحضر هلال ابن المحسن فخاطبه سرا وكان هذا احد كتاب فخر الملك فلم ينكر فقال له قم ايها الرئيس آمنا ولا تظهر هذا الحديث لاحد وأنفق المال على نفسك وولدك ثم حضر ابن الصائبي على ابي سعد بن عبد الرحيم في وزارته فقال له قد عرفت ما دار بينك وبين الرخجي وانت تعلم حاجتي الى حبة واحدة وتاولى عن من لا معاملة بيني وبينه ولا يسبقني الرخجي الى مكرمة وما كنت لأنكب مثلك والصواب ان تشتغل بتاريخ اخبار الناس فاشتغل ابن الصابئي من ذلك الوقت بتاريخه الذي ذيله على تاريخ سنان فاستخدمه الملوك فلم يحتج الى انفاق شيء من المال وخلف ولده ابا الحسن غرس النعمة وخلف له املاكا نفيسة على نهر عيسى وانفق مقتصدا في النفقة وعمر الاملاك ولم يطلع احد من اولاده على ذلك وظن اولاده ان تركته تقارب الالف دينار فوجدوا له تذكرة تشتمل على دفائن في داره فحفروها فكانت اثنى عشر الف دينار وكان ما خلفه من القماش وغيره
لا يبلغ خمسين دينار دينار وانفق اولاده
التركة في اسرع زمان
125 - الحسين بن محمد
ابن الحسن بن علي ابو عبدالله المؤدب وهو أخو ابي محمد الخلال سمع ابا حفص بن
الزيات وابا الحسن بن البواب وسافر الى خراسان فسمع صحيح البخاري من اسماعيل بن
محمد بن حاجب الكشمبهيني وتوفي في جمادي الاولى من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
126 - عبيد الله بن منصور
ابن علي بن حبيش ابو القاسم المقرى المعروف بالغزال من اهل الحربية اخبرنا القزاز
اخبرنا الخطيب انه كان شيخا صالحا ثقة ظاهر الخشوع كثير البكاء عند الذكر واقعد في
آخر عمره سألته عن مولده فقال سنة تسع واربعين وثلثمائة وتوفي في صفر هذه السنة
ودفن بمقبرة باب حرب
127 - عبد الملك بن محمد
ابن عبدالله بن محمد بن بشر بن مهران ابو القاسم الواعظ ولد في شوال سنة تسع
وثلاثين وسمع النجاد ودعلج بن احمد والآجري وغيرهم وكان يسكن درب الديوان من
الجانب الشرقي بالقرب من جامع المهدي وكان صدوقا ثبتا وكان يشهد عند الحكام قديما
ثم ترك الشهادة رغبة عنها وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وصلى عليه بجامع
الرصافة وكان الجمع يفوت الاحصاء ودفن في مقبرة المالكية الى جانب ابي طالب المكي
وصية منه بذلك
128 - محمد بن الحسين
ابن خلف بن الفراء ابو خازم اخو القاضي ابي يعلى سمع ابا الفضل الزهري وعلى ابن
عمر اسكري وابا عمر بن حيوية والدارقطني وابن شاهين وغيرهم
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر قال كتبنا عن ابي خازم وكان لا بأس
به رأيت له اصولا سماعه فيها ثم بلغنا
عنه انه خلط في التحديث بمصر واشترى من الوراقين صحفا فروى منها وكان يذهب الى
الاعتزال ومات بتنيس في يوم الخميس سابع عشر محرم هذه السنة
129 - محمد بن الحسين
ابن علي بن حمدون ابو الحسن اليعقوبي حدث عن ابي القاسم ابن الصيدلاني وولى القضاء
بيعقوبا والحسبة ببغداد وكان ثقة وقتله ابو الشوك امير الاكراد في ربيع الاول من
هذه السنة
130 - محمد بن عبيد الله
ابو بكر الدنيوري الزاهد وكان يسكن بغداد ناحية الرصافة وكان حسن العيش وكان ابو الحسن
القزويني يقول عند الدينوري فنظره خلف من بعده وراءه وكان السلطان جلال الدولة
يأتيه فيزوره وسأله يوما في ضريبة الملح كانت كل سنة الفي دينار فتركها السلطان
توفي في ليلة الأحد لسبع بقين من شعبان هذه السنة واجتمع الناس من اقطار البلد
وصلى عليه في جامع الرصافة ثم حمل الى جامع المدينة صلي عليه ثم جامع الحربية ايضا
ودفن في مقبرة باب حرب
131 - هبة الله بن علي
ابن جعفر ابو القاسم ابن ماكولا وزر لجلال الدولة ابي طاهر مرارا وكان حافظا
للقرآن عارفا بالشعر والاخبار وخنق بهيت في جمادي الآخرة من هذه السنة
132 - الفضل بن منصور
ابن الظريف ابو الرضا اخبرنا محمد بن ناصر عن ابي زكريا التبريزي قال انشدني ابو
العلاء المعري لابن الظريف
يا قالة الشعر قد نصحت لكم ... ولست ادهى
الا من النصح ... قد ذهب الدهر بالكرام وفي ... ذاك امور طويلة الشرح ... وتطلبون
النوال من رجل ... قد طبعت نفسه على الشح ... وانتم تمدحون بالحسن والظرف وجوها في
غاية القبح ... وانتم تمدحون بالجود والبذل لئاما في غاية الشح ... من اجل ذا
تحرمون رزقكم ... لأنكم تكذبون في المدح ... صونوا القوافي فما ارى احدا ... يغترف
فيه الرجاء بالنجح ... فان شككم فيما اقول لكم ... فكذبوني بواحد سمح ...
ويروى لابن الظريف
... ومخطف الخصر مطبوع على صلف ... عشقته ودواعي البين تعشقه ... فكيف اطمع منه في
مواصلة ... وكل يوم لنا شمل يفرقه ... وقد تسامح قلبي في مساعدتي ... على السلو
ولكن من يصدقه ... اهابه وهو طلق الوجه مبتسم ... فكيف يطمعني في السيف رونقه ...
سنة 431
ثم دخلت سنة احدى وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان دجلة زادت في يوم وليلة ستة عشرة ذراعا وحملت الجسر قطعة
واحدة ومن كان عليه
وفي ذي القعدة شغب الاتراك وخرجوا بالخيم الى شاطىء دجلة واجتمعوا وتفاوضوا في
الشكوى من تأخر الاقساط عليهم وامتناع الاقوات على كثير منهم ووقوع الاستيلاء على
اقطاعاتهم فعرف السلطان هذا فكاتب دبيس ابن علي بن مزيد وابا الفتح بن ورام وابا
الفوارس بن سعدي للاستظهار بهم في امر إن غلب وكتب الى الغلمان رقعة يستعلم السبب
فيما فعلوا ويقول فيها قد كان الاولى الاجتماع في دارنا ومطالعتنا بما تشكونه
فاعروضوا عن قراءة الرقعة وتفاوضوا فيما يؤكد الفساد وقالوا نريد أن يتوسط امرنا
الخليفة
ثم كمن قوم منهم تحت دار المملكة فنزل
قوم وثاوروهم وقتلوا بعضهم وأفلت قوم وألقى آخرون انفسهم في دجلة وركب جماعة منهم
في ذي الحجة على ان يحيطوا بدار المملكة ويحاصرون من فيها وعبر السلطان فانزعج
الناس وبذل لهم السلطان شيئا معروفا وقال ان قنعتم بما بذلنا والا فاعطونا قدر ما
نحتاج اليه لمؤمنتنا وتسلموا جميع المعاملات والا اعتزلناكم وعملتم ما تريدون
فقالوا اقوالا لا ترجع الى محصول وزادت البلوى بنهب النواحي فغلا السعر وصار الناس
لا يستطيعون الورود من المحول والياسرية والخروج اليها الا بخفير يأخذ من الماشي
دانقين ومن الراكب الحمار اربعة دوانيق واحرقت عدة دواليب وجرى على السواد في
جانبي بغداد من النهب والاجتياح واخذ العوامل والمواشي ما درسه حتى ان الخطيب صلى
يوم الجمعة يوم عيد الاضحى ببراثا وليس وراءه الا ثلاثة نفر ونودي في جمعة اخرى من
اراد الصلاة بجامع براثا فثلاثة انفس بدرهم خفارة وخرج الملك ابو طاهر لزيارة
المشهدين بالحائر والكوفة ومعه اولاده والوزير كما الملك وجماعة من الاتراك والاتباع
فبدأ بالحائر ومشى حافيا من القبر الى المشهد وزار الكوفة فمشى حافيا من الخندق
الى المشهد فقدر ذلك فرسخ
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
133 - اسماعيل بن احمد
ابن عبدالله ابو عبدالرحمن الضرير الحيري من اهل نيسابور ولد سنة احدى وستين
وثلثمائة وقدم الى بغداد حاجا سنة ثلاث وعشرين واربعمائة وحدث عن جماعة وكان فاضلا
عالما عارفا فهما ذا امانة وحذق وديانة وحسن خلق وقرأ عليه الخطيب ببغداد صحيح
البخاري بروايته عن ابي الهيثم الكشميهنى عن الفربري في ثلاثة مجالس
134 - بشرى بن مسيس
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال بشرى بن مسيس ابو الحسن الرومي مولى فاتن مولى
المطيع لله كان يذكر انه اسر من بلاد الروم وهو كبير قال واهداني بعض امراء بني
حمدان الفاتن فعلمني وادبني وسمعني الحديث وكان يروى عن محمد بن جعفر بن الهيثم
الانباري ومحمد بن بدر الحمامي ومحمد بن حميد المخرمي وعمر بن محمد الترمذي وسعد
بن محمد الصيرفي وأبي بكر بن مالك القطيعي واحمد ابن جعفر بن سلم الختلى وغيرهم من
البغداديين والغرباء كتبنا عنه وكان صدوقا صالحا دينا وحدثني ان اباه ورد بغداد
سرا ليتلطف في اخذه ورده الى بلاد الروم فلما رآني على تلك الصفة من الاشتغال
بالعلم والمثابرة على لقاء الشيوخ لم ثبوت الاسلام في قلبي ويئس مني فانصرف وكان
بشرى ينزل الجانب الشرقي في حريم الخلافة بالقرب من الباب النوبي ومات في يوم عيد
الفطر من سنة احدى وثلاثين واربعمائة وكان يوم سبت
135 - الحسن بن الحسين
ابن العباس ابو علي المعروف بابن دوما سمع ابا بكر الشافعي وخلقا كثيرا واكثر من
السماع وذكر الخطيب انه الحق سماعه في جزء قال المصنف رحمه الله ومن الجائز ان
يكون قد عارضه بأصل فيه سماعه توفي في هذه السنة
136 - عبد الغالب بن جعفر
ابن الحسن ابو معاذ الضراب سمع ابن شاهين والكتاني قال الخطيب كتبت عنه وكان عبدا
صالحا صدوقا توفي في شعبان هذه السنة
137 - محمد بن احمد
ابن عبدالله بن ابراهيم ابو الحسن الجواليقي مولى بني تميم من اهل الكوفة سمع
ابراهيم بن عبدالله بن ابي العزائم وجعفر بن محمد الأحمسى وخلقا كثيرا وقدم بغداد
وحدث بها وكان ثقة وتوفي بمصر في هذه السنة
138 - محمد بن علي
ابن احمد بن يعقوب بن مروان ابو العلاء ابو الواسطي ولد في صفر سنة تسع واربعين
وثلثمائة اصله من فم الصلح ونشأ بواسط وحفظ بها القرآن وقرأ على شيوخها وكتب بها
الحديث ثم قدم بغداد فسمع ورحل الى الكوفة والدينور ثم عاد واستوطن بغداد وقبلت
شهادته عندا لحكام ورد اليه القضاء بالحريم من شرقي بغداد وبالكوفة وغيرها من شقي
الفرات وكان قد جمع الكثير من الحديث وقد قدح في روايته القراآت جماعة من القراء
وفي روايته الحديث جماعته من المحدثين توفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن في
داره
سنة 432
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الغز نزلوا الري وانصرف مسعود بن محمود بن سبكتكين الى غزنة
وعاد طغرل بك الى نيسابور واستولت الغز على جميع خراسان وظهر من خرقهم الهيبة
واطراحهم الحشمة وقتلهم الناس ما خرج عن الحد وقصدوا خلقا كثيرا من الكتاب وغيرهم
فقتلوا منهم وصانعهم بعضهم
وفي يوم الاربعاء لثمان خلوان من جمادي الاولى تجددت الفتن ووقع القتال بين اهل
الكرخ وباب البصرة على القنطرتين واستمر ذلك وقتل في اثنائه جماعة وكان السبب
انخراق الهيبة وقلة الاعوان
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
139 - الحسن بن عبدالله
ابن محمد بن الحسين ابو علي المقرىء الصفار سمع من ابن مالك القطيعي وغيره وكان
ثقة يسكن نهر القلائين توفى في ربيع الاول من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
140 - صاعد بن محمد
ابو العلاء النيسابوري ثم الاستوائي من اهل استواء وهي تربة من رستاق نيسابور سمع
الحديث بنيسابور وولى قضاءها ثم عزل وكان عالما فاضلا صدوقا انتهت اليه رياسة
اصحاب الرأي بخراسان وتوفي في هذه السنة
141 - محمد بن الحسن
ابن احمد بن محمد بن إسحاق المظفر القرينيني وقرينين ناحية من نواحي مرو سكن بغداد
وحدث بها عن المخلص وغيره وكان صدوقا ثقة يذهب مذهب الشافعي وتوفي بناحية شهر زور
ذي القعدة من هذه السنة
142 - محمد بن الحسين
ابن الفضل بن العباس ابو يعلى البصري الصوفي اذهب عمره في السفر والتغرب وقدم
بغداد في سنة اثنتين وثلاثين واربعمائة فحدث بها عن ابي بكر بن ابي الحديد الدمشقي
وابي الحسين بن جميع الغساني وكان صدوقا ظريفا من اهل الأدب والفضل حسن الشعر
سنة 433
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه دخل ابو كاليجار همذان ودفع الغز عنها وان الاتراك شغبوا في
جمادي الآخرة وتبسطوا في اخذ ثياب الناس وخطف ما يرد الى البلد وغرقوا امرأتين من
نساء اصحاب المسالح وكثر الهرج الى ان وعدوا بأطلاق ارزاقهم
وفي شوال سقطت قنطرة بني زريق على نهر عيسى والقنطرة العتيقة التي تقاربها وورد
رجل من البلغر ذكرانه من كبار القوم في خمسين رجلا قاصدا للحج فروعي من دار الخلافة
بنزل يحمل اليه وكان معه رجل يعرف يعلى ابن اسحاق الحوارزمي ويدعى بالقاضي فسئل في
الديوان عن البلغر من اي الامم هم فقال
هو قوم تولدوا من بين الترك والصقالية
وبلادهم في اقصى بلاد الترك وكانوا كفارا ثم ظهر فيهم الاسلام وهم على مذهب ابي
حنيفة ولهم عيون تجري في انهار وزروعهم على المطر وعندهم كورات العسل وحكى ان
الليل يقصر عندهم حتى يكون ست ساعات وكذلك النهار
وفي هذه السنة قرىء الاعتقاد القادري في الديوان
اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا ابو الحسين محمد بن محمد بن الفراء قال اخرج
الامام القائم بامر الله امير المؤمنين ابو جعفر ابن القادر بالله في سنة نيف
وثلاثين واربعمائة الاعتقاد القادري الذي ذكره القادر فقرىء في الديوان وحضر
الزهاد والعلماء وممن حضر الشيخ ابو الحسن علي بن عمر القزويني فكتب خطه تحته قبل
ان يكتب الفقهاء وكتب الفقهاء خطوطهم فيه ان هذا اعتقاد المسلمين ومن خالفه فقد
فسق وكفر وهو يجب على الانسان ان يعلم ان الله عزو جل وحده لا شريك له لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفوا احدا لم يتخذ صاحبه ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك وهو
اول لم يزل وآخر لم يزل قادر على كل شيء غير عاجز عن شيء اذا اراد شيئا قال له كن
فيكون غنى غير محتاج الى شيء لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم يطعم
ولا يطعم لا يستوحش من وحده ولا يأنس بشيء وهو الغنى عن كل شي لا تخلفه الدهور
والازمان وكيف تغيره الدهور والازمان وهو خالق الدهور والازمان والليل والنهار
والضوء والظلمة والسموات والارض وما فيها من انواع الخلق والبر والبحر وما فيهما
وكل شيء حي او موات او جماد كان ربنا وحده لا شيء معه ولا مكان يحويه فخلق كل شيء
بقدرته وخلق العرش لا لحاجته اليه فاستوى عليه كيف شاء واراد لا استقرار راحة كما
يستريح الخلق وهو مدبر السموات والارضين ومدبر ما فيهما ومن في البر والبحر ولا
مدبر غيره ولا حافظ سواه يرزقهم ويمرضهم ويعافيهم ويميتهم ويحيهم والخلق كلهم
عاجزون والملائكة والنبيون والمرسلون والخلق كلهم اجمعون وهو القادر بقدرة والعالم
بعلم ازلي غير مستفاد
وهو السميع بسمع والمبصر ببصر يعرف صفتهما من نفسه لا يبلغ كنههما احد من خلقه متكلم بكلام لا بآلة مخلوقة كآلة المخلوقين لا يوصف الا بما وصف به نفسه او وصفه به نبيه عليه السلام وكل صفة وصف بها نفسه او وصفه بها رسوله فهي صفة حقيقة لا مجازية ويعلم ان كلام الله تعالى غير مخلوق تكلم به تكليما وانزله على رسوله صلى الله عليه و سلم على لسان جبريل بعد ما سمعه جبريل منه فتلاه جبريل على محمد وتلاه محمد على اصحابه وتلاه اصحابه على الامة ولم يصر بتلاوة المخلوقين مخلوقا لانه ذلك الكلام بعينه الذي تكلم الله به فهو غير مخلوق فبكل حال متلوا ومحفوظا ومكتوبا ومسموعا ومن قال انه مخلوق على حال من الاحوال فهو كافر حلال الدم بعد الاستتابة منه ويعلم ان الايمان قول وعمل ونية وقول باللسان وعمل بالاركان والجوارح وتصديق به يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وهو ذو اجزاء وشعب فارفع اجزائه لا اله الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الايمان والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد والانسان لا يدري كيف هو مكتوب عند الله ولا بماذا يختم له فلذلك يقول مؤمن ان شاء الله وارجو ان اكون مؤمنا ولا يضره الاستثناء والرجاء ولا يكون بهما شاكا ولا مرتابا لأنه يريد بذلك ما هو مغيب عنه عن امر آخرته وخاتمته وكل شيء يتقرب به الى الله تعالى ويعمل لخالص وجهه من انواع الطاعات فرائضه وسننه وفضائله فهو كله من الايمان منسوب اليه ولا يكون للايمان نهاية ابدا لأنه لا نهاية للفضائل ولا للمتبوع في الفرائض ابدا ويجب ان يحب الصحابة من اصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كلهم ونعلم انهم خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم وان خيرهم كلهم وافضلهم بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ابو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن ابي طالب رضي الله عنهم ويشهد للعشرة بالجنة ويترحم على ازواج رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن سب عائشة فلاحظ له
في الاسلام ولا يقول في معاوية الا خيرا
ولا يدخل في شيء شجر بينهم ويترحم على جماعتهم قال الله تعالى والذين جاؤا من
بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا
غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم وقال فيهم ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا
على سرر متقابلين ولا يكفر بترك شيء من الفرائض غير الصلاة المكتوبة وحدها فانه من
تركها من غير عذر وهو صحيح فارغ حتى يخرج وقت الاخرى فهو كافر وان لم يجحدها لقول
النبي صلى الله عليه و سلم بين العبد والكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر ولا
يزال كافرا حتى يندم ويعيدها فان مات قبل ان يندم ويعيد او يضمران يعيد لم يصل
عليه وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف وسائر الاعمال لا يكفر بتركها وان
كان يفسق حتى يجحدها ثم قال هذا قول اهل السنة والجماعة الذي من تمسك به كان على
الحق المبين وعلى منهاج الدين والطريق الواضح ورجى به النجاة من النار ودخول الجنة
ان شاء الله وقال النبي صلى الله عليه و سلم وعلم الدين النصيحة قيل لمن يا رسول
الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين ولعامتهم وقال عليه السلام ايما عبد
جاءته موعظة من الله في دينه فانها نعمة من الله سيقت إليه فان قبلها يشكر والا
كانت حجة عليه والله ليزداد بها اثما ويزاد بها من الله سخطا جعلنا الله لآلائه من
الشاكرين ولنعمائه ذاكرين وبالسنة معتصمين وغفر لنا ولجميع المسلمين
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
143 - بهر ام بن مافنة
ابو منصور وزير الملك ابي كاليجار ولد بكازرون سنة ست وستين وثلثمائة ونشأ عفيفا
وعمل بفيروز اباذ خزانة كتب تشتمل على سبعة آلاف مجلد فيها اربعة آلاف ورقة بخط
ابي علي وابي عبدالله ابني مقلة
144 - الحسين بن بكر
ابن عبيدالله بن محمد ابو القاسم ولد سنة خمسين وثلثمائة وسمع ابا بكر بن مالك
القطيعي وغيره وكان ثقة مقبول القول والشهادة عند القضاة وخلفه القاضي ابو محمد
الاكفاني على عمله بالكرخ وتوفي في رمضان هذه السنة
145 - محمد بن احمد
ابن عبدالله ابو بكر المؤدب الاعور ويعرف بابن ابي العباس الصابوني سمع ابا بكر
ابن مالك القطيعي واحمد بن ابراهيم بن شاذان وابا القاسم بن حبابة وكان سماعه
صحيحا وتوفي في شوال هذه السنة
146 - محمد بن احمد
ابن علي بن محمد بن جعفر بن هارون ابو الحسن المعروف بابن ابي شيخ حدث عن محمد بن
المظفر وكان ثقة من الشهود المعدلي
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت ابن ابي شيخ يقول ولدت يوم السبت للنصف من
ربيع الآخر سنة ست وخمسين وسمعت من ابن مالك القطيعي جميع مسند احمد بن حنبل وسمعت
من ابن المظفر شيئا كثيرا وذكر انه كتب الشيء الكثير من الحديث ولكن ذهبت كتبه
ومات في ليلة الثلاثاء السادس عشر من جمادي الاولى من سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة
ودفن في صبيحة تلك الليلة بمقابر قريش
147 - محمد بن جعفر
ابو الحسين المعروف بالجهرمي
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال هو احد الشعراء الذين لقيناهم وسمعنا منهم وكان
يجيد القول ولد في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة ومسكنه دار القطن ومات
يوم السبت التاسع عشر من جمادي الآخرة
سنة ثلاث وثلاثين واربعمائة ومن شعره ... يا ويح قلبي من تقلبه ... ابدا يحن الى
معذبه ... قالوا كتمت هواه عن جلد ... لو ان لي جلدا لبحت به ... بأبي حبيب غير
مكترث ... عني ويكثر من تعتبه ... حسبي رضاه من الحياة ويا ... قلقي وموتي من
تغضبه ...
148 - مسعود بن محمود
ابن سبكتيكن توفي وقام اخوه مقامه وخرج مودود بن مسعود على عمه محمد فقبض عليه
وعاد الى غزنة واستتب له الأمر
149 - بنت المتقى لله
توفيت في الحريم لطاهري في رجب هذه السنة عن احدى وتسعين سنة ودفنت في التربة
بالرصافة
سنة 434
ثم دخلت سنة اربع وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان الجوالى افتتحت في اول المحرم فانفذ الملك ابو طاهر من منع
اصحاب الخليفة عنها واخذ ما استخرجوه منها وأقام فيها من يتولى جبايتها وشق على
الخليفة ذلك وترددت فيه المراسلات ولم تنفع فاظهر العزم على مفارقة البلد وتقدم
باصلاح الطيار والزبازب وروسل وجوه الاطراف والقضاة والفقهاء والشهود بالتأهب
للخروج في الصحبة وتحدث بأن الخليفة قد عمل على غلق الجوامع ومنع الصلاة يوم
الجمعة هذا الشهر قال ابو الحسن علي بن محمد الماوردي اخرج التوقيع من الخليفة
وكنت انا الرسول فنفذ لعلي بن محمد بن حبيب ليس يختل على ذي عقل غلط ما أباه جلال
الدولة من عدو له عن عهوده والوفاء بعقود وأن الأيمان المؤكدة اشتملت على مالا
فسيحة
في نقضه ولا سبيل الى حله وفيما جرى من
الاعتراض على الجوالي في جبايتها بعد تسليمها الى الوكلاء نقض لما عقده والتعويل
على عهده فانطلقت الالسن بما يصان عن مثله فان ذكر ان ضرورة دعت الى ذاك قالا
راسلنا على الوجه الأجمل ولو أنه لما اراد ما اراد جعل الوكلاء القائمين يحملونه
اليه لكان ذلك اولى فأما العدول عن هذه الطريقة فظاهر الغرض فيه قصد الومقين ولولا
ما عليه الوكلاء من الاضافة ترى ترك القول في مال هذه الجوالي مع نزارة قدره لكن
للضرورة حكما تمنع من الاختيار وان روعي الوكلاء يدفعون ايامهم والا فلهم عند
الضرورات متسع في الارض ونحن نقاضيه الى الله تعالى وهو الحكم بيننا فكان الجواب
من الملك الاعتراف بوجوب الطاعة ثم قال ونحن نائبون عن الخدمة نيابة لا تنتظم الا
باطلاق ارزاق العساكر وقد التجأ جماعة ممن خدمنا الى الحريم واستعصم به حتى ان
احدهم اخذ من تلاعنا في دفعة واحدة تسعمائة بدرة ونحن نمنع من احضارها ونحن
محذورون عند الحاجة وورد كتاب أبي جعفر ابن الرق العلوي النقيب بالموصل بتاريخ
تاسع عشرين جمادي الاولى بما قال فيه وردت الاخبار الصحيحة بوقوع زلزلة عظيمة
بتبريز هدمت قلعتها وسورها ودورها ومساكنها وحماماتها واسواقها واكثر دار الامارة
وخلص الامير لكونه كان في بعض البساتين وسلم جنده لأنه كان قد انقذهم الى اخيه
وانه احصى من هلك تحت الهدم فكانوا قريبا من خمسين الف انسان وان الامير لبس
السواد وجلس على لمسوح لعظم هذا المصاب وانه على الصعود الى بعض قلاعه والتحصن بها
خوفا من توجه الغز الى بلد وهم الترك
وفي هذه السنة استولى طغرل بك على نيسابور وانقذ أخاه ابراهيم بن يوسف المعروف
بينال فأخذ الري والجبل
وولى القضاء بواسط ابو القاسم علي بن ابراهيم بن غسان
وفيها فرغ من عمل القنطرة على فوهة نهر ملك عملها دبيس بن علي
وفيها ملك ثمال بن صالح بن مرداس حلب
فانقذ المصريون اليه من حاربه
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
150 - حسين بن عمر
ابن محمد بن عبدالله ابو عبدالله ويعرف بابن القصاب سمع ابن مالك القطيعي
والدارقطني وكان صدوقا وتوفي في رجب هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
151 - الحسين بن يحيى
ابن عياش ابو عبدالله القطان ويقال التمار ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وثلثمائة
وسمع الحسن بن عرفة وغيره روى عنه الدارقطني ويوسف القواس وابو عمر بن مهدي وابن
مخلد وهلال الحفار وكان ثقة في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن عند قبر معروف
152 - عبيد الله بن عبد العزيز
ابن جعفر ابو القاسم البرذعي سمع محمد بن عبيدالله بن الشخير روى عن ابن المظفر
قال الخطيب كتبت عنه وكان صدوقا وسألته عن مولده فقال ولدت في مدينة ابي جعفر في
دار القاضي ابي بكر بن الجعابي في سنة ثلاث وستين وثلثمائة وتوفي في ذي الحجة من
هذه السنة
153 - عبد الودود بن عبد المتكبر
ابن هارون بن محمد بن عبيدالله بن المهتدي ولد في سنة اربعين وثلثمائة حدث عن أبي
بكر الشافعي وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بقرب القبة الخضراء
154 - عبد بن احمد
ابن محمد ابو ذر الهروي سافر الكثير وحدث وخرج الى مكة فسكنها مدة ثم
تزوج في المغرب واقام بالسروات وكان يحج
كل عام ويقيم بمكة ايام الموسم ويحدث ويرجع الى اهله وكان ثقة ضابطا فاضلا وتوفي
في ذي القعدة من هذه السنة وقيل انه كان يميل الى مذهب الاشعري
155 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن جعفر ابو الفتح الشيباني العطار ويعرف بقطيط سافر الكثير الى البصرة
ومكة ومصر والشام والجزيرة وبلاد الثغور وبلاد فارس وحدث عن ابي الفضل الزهري وابن
المظفر وابن شاهين وغيرهم وكان شيخا ظريفا مليح المحاضرة يسلك طريق النصوف وكان
يقول لما ولدت سميت قططا على اسماء اهل البادية ثم سماني بعض اهلي محمدا وتوفي في
هذه السنة
156 - ابو الحسن بن سفر يشوع
المهندس صاحب علم الهيئة توفي في هذه السنة
سنة 435
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ردت الجوالي على وكلاء الخدمة وسافر طغرل بك الى الجبل وورد
كتابه على جلال الدومة ابي طاهر من الري وكان اصحابه قد اخربوها ولم يبق منها لا
غير ثلاثة الف نفس وسدت ابواب المساجد وخاطب طغرل بك جلال الدومة بالملك الجليل
وخاطب عميد الدولة بالشيخ الاجل الرئيس ابي طالب محمد بن ايوب من طغرل بك محمد بن
ميكائيل ولى امير المؤمنين فخرج التوقيع الى اقضى القضاة الماوردي وروسل به طغرل
بك برسالة تتضمن تقبيح ما فعل في البلاد ويأمره بالاحسان في الرعية فمضى الماوردي
وخرج طغرل بك فتلقاه على اربعة فراسخ اجلالا لرسائله الخليفة
وارجف بموت ابي طاهر جلال الدولة ارحافا لورم لحقه في كبده وانزعج
الناس ونقوا اموالهم الى دار الخلافة وما
زال الارجاف حتى خرج الملك فقعد على كرسي فرآه الناس فسكتوا ثم توفي وغلقت الابواب
وخرج الامراء أولاده فأطلعوا من الروشن على الاتراك والاصبهسلارية وقالوا لهم انتم
اصحابنا ومشايخ دولتنا وقائمون مقام والدنا فأرعوا حقوقنا وصونوا حريمنا فانكم
تعلمون انه لا مال عندنا فقبلوا الارض وبكوا بكاء شديدا وقالوا السمع والطاعة وكان
ابنه الملقب بالملك العزيز بواسط فانشئت اليه تعزية من الديوان واجاب ثاني العيد
وفي هذه السنة دخل الغز الموصل واخذوا حرم قرواش وافسدوا فيها ووصل ابو البركات
ربيب ابي جعفر السمغائي الخليفة مستنفرا عليهم ثم ورد الشريف ابو الحسن بن جعفر
النسابة هاربا فاجتمع قرواش بن المقلد ودبيس بن علي بن مزيد على الايقاع بالغز
فقتلت منهم مقتلة عظيمة وخطب في بغداد الملك ابي كاليجار
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
157 - الحسين بن عثمان
ابن احمد بن سهل بن احمد بن عبد العزيز بن ابي دلف العجلي يكني ابا سعد رحل في طلب
الحديث الى اصفهان والري وبلاد خراسان ثم اقام ببغداد وحدث اخبرنا القزاز اخبرنا
ابو بكر الخطيب قال كتبنا عنه وكان صدوقا متنبها وانتقل في آخر عمره الى مكة
فسكنها حتى مات بها في شوال هذه السنة
158 - عبيد الله بن أبي الفتح
واسمه احمد بن عثمان بن الفرج بن الازهر ابو القاسم الصيرفي وهو الازهري ويعرف
بابن السوادي
اخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال ذكر لي عبيد الله أن جده عثمان كان من اهل اسكاف
قدم بغدد فاستوطنها فعرف بالسوادي وحده لأمه يعرف بالدبثائي
سمع ابا مالك القطيعي وابا محمد بن ماسى
وابا سعيد الخرقي وابا حفص بن الزيات ومن يطول ذكره وكان احد المكثرين من الحديث
كتابة وسماعا من المعتنين به والجامعين له مع صدق وامانة صحة واستقامة وسلامة مذهب
وحسن معتقد ودوام درس للقرآن وسمعنا منه المصنفات الكبار والكتب الطوال وكان يسكن
درب الآخر من نهر طابق وسمعته يقول ولدت يوم السبت التاسع من صفر سنة خمس وخمسين
وثلثمائة ومات في يوم الثلاثاء التاسع عشر من صفر سنة 3 خمس وثلاثين واربعمائة
ودفن من الغد في تربة كانت له آخر درب الآجر مما يلي نهر عيسى وكان مدة عمره
ثمانين سنة وعشرة ايام
159 - ابو طاهر جلال الدولة
ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة وكان يزور الصالحين ويتبرك بهم ويقصد
القزويني والدينوري وسأله الدينوري في ضريبة الملح فاسقطها وكانت في كل سنة الفي
دينار ولحقه ورم في كبده وتوفي في ليلة الجمعة خامس شعبان من هذه السنة وغسله ابو
القاسم بن شاهين الواعظ وعبد القادر بن السماك ودفن في بيته من دار المملكة في بيت
كان دفن فيه عضد الدولة وبهاء الدولة قبل نقلها وكانت ولايته لبغداد ستة عشر سنة
واحد عشر شهرا وخلف من الذكور ستة وخمس عشرة انثى وكان عمره احدى وخمسين سنة واشهر
سنة 436
ثم دخلت سنة ست وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انها جاء مطر في شعبان فيه رعد فوقعت رجفة عقيب الرعد وكان في
الصحراء غلام يرعى فرسا ومهرا فماتوا في الوقت ولحقت ثلاثة انفس كانوا على بعد
منها مثل الغشى فأفاقوا بعد عتمة
وفي سادس رمضان نقل تابوت جلال الدولة وبنته الكبرى من دار المملكة الى تربة لهم
في مقابر قريش
وفي يوم الخميس ثالث عشر رمضان حمل
الطيار الجلالي الى باب دار المملكة بعد مخاطبات جرت من اجله ومراجعات فيما استجد
من صفره وآلاته فقال الملك اننا نزلنا عنه لدار الخلافة وهذا طيار جليل لم يعمل
مثله وكان جلال الدولة قد اتفق عليه عشرة آلاف دينار ودخل ابو كاليجار بغداد وصرف
ابو المعالي بن عبد الرحيم عن الوزارة موقرا وفي يوم الجمعة رابع عشر هذا الشهر
استقر النظر في الوزارة للوزير ذي السعادات أبي الفرج محمد بن جعفر ابن العباس بن
فسانجس وقيل للاتراك اعترفوا له حقه
وتوفى المرتضى فتقلد ابو احمد عدنان ابن الرضى ما كان يتقلده عمه المرتضى وتوفى
الوزير الجرجرائي بمصر فوزر ابو نصر احمد بن يوسف وكان يهوديا فأسلم
واحدث ابو كاليجار ضرب الطبل في الصلوات الخمس ولم يكن الملوك يضرب لها الطبل
ببغداد فأكرم عضد الدولة بأن ضرب له فيها ثلاث نوب وجعلها ابو كاليجار خمسا
وفيها نظر رئيس الرؤساء ابو القاسم ابن مسلمة في كتابه القائم وكان عنده في منزلة
عالية
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
160 - الحسين بن علي
ابن محمد بن جعفر ابو عبدالله الصيمري منسوب الى نهر من انهار البصرة يقال له
الصيمر عليه عدة قرى ولد سنة احدى وخمسين وثلثمائة وكان احد الفقهاء المذكورين من
العراقيين حسن العبارة جيد النظر ولى قضاء المدائن ثم ولى القضاء بربع الكرخ وحدث
عن ابي بكر المفيد وابن شاذان وعن ابن شاهين وغيرهم وكان صدوقا وافر العقل جميل
المعاشرة عارفا بحقوق العلماء وتوفى في شوال هذه السنة ودفن في داره بدرب الزرادين
161 - طاهرة بنت احمد
ابن يوسف الازرق التنوخية ولدت سنة تسع وخمسين وثلثمائة وسمعت من ابي فهد بن ماسى
وجماعة وتوفيت بالبصرة في هذه السنة
162 - عبد الوهاب بن منصور
ابن احمد ابو الحسين المعروف بإبن المشتري الاهوازي كان له قضاء الاهواز ونواحيها
وكانت له منزلة عند السلطان وكان كثير المال مفضلا على طائفة من اهل العلم وكان
ينتحل مذهب الشافعي وكان صدوقا توفي في ذي القعدة من هذ السنة بالاهواز
163 - علي بن الحسين
ابن موسى بن محمد بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي
طالب ولد سنة خمس وخمسين وثلثمائة وهو اكبر من اخيه الرضى وكان يلقب بالمرتضى ذي
المجدين وكانت له نقابة الطالبين وكان يقول الشعر الحسن وكان يميل الى الاعتزال
ويناظر عنده في كل المذاهب وكان يظهر مذهبه الامامية ويقول فيه العجب وله تصانيف
على مذهب الشيعة فمها كتابهم الذي ذكره فيه فقههم وما انفردوا به نقلت منه مسائل
من خط ابي الوفاء بن عقيل وانا اذكر هاهنا شيئا منها فمنها لا يجوز السجود على ما
ليس بارض ولا من نباب الارض كالصوف والجلود والوبر وان الاستجمار لا يجزى في البول
بل في الغائط وان الكتابيات حرام وان الطلاق المعلق على شرط لا يقع وان وجد شرطه
وان الطلاق لا يقع الا بحضور شاهدين عدلين ومتى حلف ان فعل كذا فامرأته طالق لم
يكن يمينا وان النذر لا ينعقد اذا كان مشروطا بقدوم مسافر او شفاه مريض وان من نام
عن صلاة العشاء الى ان يمضي نصف الليل وجب عليه اذا استيقظ القضاء وان يصبح صائما
كفارة لذلك
وان المرأة اذا جزت شعرها فعليها كفارة
قتل الخطاء وان شق ثوبه في موت ابن له او زوجة فعليه كفارة يمين وان من تزوج امرأة
ولها زوج وهو لا يعلم لزمه ان يتصدق بخمسة دراهم وان قطع السارق من اصول الاصابع
وان ذبائح اهل الكتاب محرمة واشترطوا في الذبح استقبال القبلة وكل طعام تولاه
اليهود والنصارى او من قطع بكفره فحرام أكله وهذه مذاهب عجيبة تخرق الاجماع واعجب
منها ذم الصحابة
انبأنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا ابو الفضل احمد بن الحسين بن خيرون المعدل انه
نسخ من نسخه ذكرنا ناسخها انه كتبها عن المرتضى من تأليفه وكلامه قال المرتضى
سألني الرئيس الاجل عن السبب في نكاح امير المؤمنين بنته عمر بن الخطاب فكيف صح
ذلك مع اعتقاد الشيعة في عمر انه على حال لا يجوز معها انكاحه قال وانا اذكر من
الكلام في ذلك جملة كافية اعلم ان الزبدية القائلين بالنص على امير المؤمنين
بالامامة بعد الرسول يذهبون الى ان رفع النص فسق يستحق به فاعله الخلود في نار
جهنم وليس يكفر والفاسق يجوز انكاحه والنكاح اليه بخلاف الكافر ويبقى الكلام مع
الامامية الذين يذهبون ان رفع النص كفر ويسألون عن ذلك مسائل منها انكاح النبي صلى
الله عليه و سلم عثمان بن عفان بنته واحدة بعد واحدة وذلك مع القول بأنه يكفر بجحد
النص على امير المؤمنين غير جائز وليس لكم ان تقولوا جحد النص انما كان بعد وفاة
النبي صلى الله عليه و سلم فهو غير مناف كما وقع في حياته لأن رفع النص اذا كان
كفر والكافر عندكم لا يجوز ان يقع منه الايمان متقدم بل المستقر في مذهبهم ان من
آمن بالله طرفة عين لا يجوز ان يكفر بعد ايمانه فعلى هذا المذهب ان كل من كفر يدفع
النص لا يجوز ان يكون له حلة ايمان متقدمة وان اظهر الايمان فهو مبطن لخلافة
والمسألة لازمة مع هذا التحقيق ومن مسائلهم ايضا ان عائشة اذا كانت بقتالها امير
المؤمنين قد كفرت وبدفعها ايضا امامته وكانت حفصة ايضا شريكتها مع انكار امامته
والاختلاف عليه فقد اشتركتا في الكفر
وعلى مذاهبهم لا يجوز ان لا يكون الايمان واقعا في حالة متقدمة ممن كفر ومات على كفر وكيف ساغ للنبي صلى الله عليه و سلم ان ينكحها وهما في تلك الحال غير مؤمنين ومن المسائل تزويج امير المؤمنين على من عمر بن الخطاب وتحقيق الكلام في ذلك كتحقيقه في عثمان قال المرتضى والجواب ان نكاح الكافرة ونكاح الكافر لا يدفعه العقل وليس في مجرده ما يقتضي قبيحه وانما يرجع في قبيحه او حسنه الى ادلة السمع ولا شيء اوضح وادل على الاحكام من فعل النبي صلى الله عليه و سلم او فعل امير المؤمنين فاذا رأينا هما قد نكحا وانكحا الى من ذكرت حاله وفعلهما حجة وما لا يقع الا صحيحا صوابا قطعنا على جواز ذلك وانه قبيح ولا محظور وبعد فليست حال عثمان ونكاحه بنتي رسول الله صلى الله عليه و سلم وحال نكاح عائشة وحفصة كحال عمر في نكاحه بنت امير المؤمنين لأن عثمان كان في حياة النبي صلى الله عليه و سلم لم يظهر منه ما ينافي الايمان وانما كان مظهرا بغير شك الايمان وكذلك عائشة وحفصة وعمر في حال نكاح بنت امير المؤمنين كان مظهرا من جحد النص ما هو كفر والحال مفترقة فاذا قيل واي انتفاء الآن باظهار الايمان والنبي صلى الله عليه و سلم يقطع على كفره مظهرا في الباطن لانه اذا علم انه سيظهر ممن اظهر الايمان في تلك الاحوال كفر ويموت عليه فلا بد ان يكون في الحال قاطعا على ان الايمان المظهر انما هو نفاق كان الباطن بخلافة وقد عدنا الى انه انكح ونكح مع القطع على الكفر قلنا غير ممنوع ان يكون عليه السلام في حال نكاح عثمان لم يكن الله اطلعه على انه سيجحد النص بعده فان ذلك مما لا يجب الاطلاع عليه ثم اذا ظهر في مذاهب الامامية انه عليه السلام كان مطلعا على ذلك فليس معنا تاريخ بوقت اطلاعه ويجوز ان يكون عليه السلام انما علم ذلك بعد الانكاح او بعد موت المرأتين المنكوحتين وكذلك القول في عائشة وحفصة يجوز ان يكون ما علم باحوالهما الا بعد النكاح لهما فاذا قيل فكان يجب ان يفارقهما بعد العلم بما لا يجوز استمرار الزوجية معه امكن ان يقال ليس معنا قطع على انه عليه السلام اعلم ان المرأتين يجحدان النص فان ذلك مما
لم ترد به رواية واكثر ما وردت له الرواية وان كانت من جهة الآحاد ومما لا يقطع بمثله انه عليه السلام قال ستقاتليه وانت ظالمة له وهذا اذا صح وقطع عليه امكن ان يقال فيه ان محض القتال ليس بكفر وانما قد يكون كفر اذا وقع على سبيل الاستحلال له والجحود لامامته ونفي فرض طاعته واذا جازان يكون عليه السلام لم يعلم باكثر من مجرد القتال الذي يجوز ان يكون فسقا ويجوز ان يكون كفرا فلا يجب ان يكون قاطعا على نفاق في الحال لأن الفاسق في المستقبل لا يمتنع ان يتقدم منه الايمان وهذه المحاسبة والمناقشة لم تمض في كتاب احد من اصحابنا وفيها سقوط هذه المسألة على انا اذا سلمنا على اشد الوجوه انه عليه السلام علم انهما في الحال على نفاق وعلم ايضا في عثمان مثل ذلك في حال انكاحه لا بعد ذلك جازان يقول ان نكاح المنافق وانكاحه جائز في الشريعة ولا يجب ان يجري المنافق مجرى مظهر الكفر ومعلنه واذا جازان تفرق الشريعة بين الكافر الحربي والمرتد وبين الذمي في جواز النكاح فنقبح نكاح الذمية عند مخالفينا كلهم مع اختيار وعند موافقينا مع الضرورة وفقد المؤمنات ولا نبيح نكاح الحربية على كل حال جاز أن يفرق بين مظهر الكفر ومبطنه في جواز النكاح واذا فرقت الشريعة بين نكاح الذمي والنكاح اليه جاز الفرق بين المظهر للكفر والمنافق في جواز انكاحه والشيعة الامامية تقول ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعرف جماعة من المنافقين باعيانهم ويقطع على ان في بواطنهم الكفر بدلالة قوله تعالى ولا تصل على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره ومحال ان يتعبده بترك الصلاة والقيام على قبره الا وقد عينه تعالى له عليه السلام وبدلالة قوله تعالى ولو نشاء لاريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولنعرفتهم في لحن القول واذا كان عليه السلام عارفا باحوال المنافقين ومميزا لهم من غيرهم ومع هذا فما رأيناه فرق بين احد منهم وبين زوجته ولا خالف بين احكامهم واحكام المؤمنين وكان على الظاهر يعظمهم كما يعظم المؤمنين الذي لا يطلع على نفاقهم فقد بان ان الشريعة قد فرقت بين مظهر الكفر ومبطنه في هذه الاحكام
فان قيل افيجوز ان يكون نكح وانكح من يعلم خبث باطنه قلنا فعله ذلك يقتضي انه مباح غير اننا نبعد ان ينكح احدنا غيره مع قطعه على انه عدو في الدين وان جاز ان تبيح ذلك الشريعة والاشبه ان يكون عليه السلام اذا فرضنا انه عالم بخبث باطن من انكحه في الحال ان يكون انما فعل ذلك لتدبير وسياسة وتألف والا فمع الايثار وارتفاع الاسباب لا يجوز ان يفعل ذلك ومن حمل نفسه من عقلة اصحابنا على ان دفع كون رقية وزينب بنتي رسول الله صلى الله عليه و سلم على الحقيقة وانهما بنتا خديجة من ابي هالة دافع ظاهرا معلوما لأن العلم بذلك كالعلم بغيره من الامور والشك فيه كالشك في امر معلوم وما بنا الى المكابرات ودفع المعلومات حاجة فأما الكلام في نكاح عمر فقد تقدم ان العقل لا يمنع من مناكحة الكفار وان فعل امير المؤمنين قوي حجة واضح دليل وهذه الجملة كافية لو اقتصرنا عليها لكنا نقول ان امير المؤمنين لم ينكح عمر مختارا بل مكرها وبعد مراجعة وتهديد ووعيد وقد ورد الخبر بأنه راسله فدفعه بأجمل دفع فاستدعى عمه العباس فقال له مالي اي بأس بي فقال له العباس وما الذي اقتضى هذا القول فقال له خطبت الى ابن اخيك فدفعني وهذا يدل على عداوته لي وثنوه عني والله لأفعلن كذا وكذا ولأبلغن الى كذا وكذا وانما كتبنا عن التصريح بالوعيد عما روى لفحشه وقبحه وتجاوزه كل حد والالفاظ مشهورة في الرواية معروفة فعاد العباس الى امير المؤمنين فعاتبه وخوفه وسأله رد امر المرأة اليه فقال له افعل ما شئت فمضى وعقد عليها ومع الاكراه والتخويف قد تحل المحارم كالخمر والخنزير قال المرتضى وروى ان عبدالله الصادق سئل عن ذلك فقال ذاك فرج غصبنا عليه وبعد فاذا كانت التقية وخوف المخارجة قطع مادة المظاهرة وما حمل مجموعه وتفصيله على بيعة من حلس من مكانه واستولى على حقه واظهار طاعته والرضا بامامته واخذ عطيته فأهون من ذلك انكاحه فما النكاح باعظم بما ذكرنا فاذا حسن العذر في هذه الامور كلها ولولاه لكانت قبحة محظورة فكذلك العذر بعينه قائم في النكاح
وبعد ان النكاح اخف حالا واهون خطبا مما عددنا لأنه جائز في العقول يبيح الله انكاح الكافر مع الاختيار فليس في ذلك وجه ثابت لا بد من حصوله وليس تبيح العقول مع الايثار والاختياران يسمى بالامامة من لا يستحقها وان يطاع ويقتدي بمن لم يكن فيه شرائط الامامة فاذا اباحت الضرورة ما كان لا يجوز مع الايثار في العقول اباحته كيف لا تبيح الضرورة ما كان يجوز في العقل مع الايثار في القول استباحة نفسه من اصحابنا على ايثار هذه المظاهرة كمن حمل نفسه على انكار كون رقية وزينب بنتي رسول الله صلى اله عليه وسلم في دفع الضرورة والاشمات بنفسه اعداه فانه يطرق عليه انه لا يعلم حقائق الامور وانه في كل مذاهبه واعتقاداته على مثل هذه الحال التي لا تخفى على العقلاء ضرورة ومرتكبها او من قال من جهال اصحابنا ان العقد وقع لكن الله كان يبدل هذه العقود عليها بشيطانه عند القصد الى التمتع بها فما يضحك الثكلى لأن المسألة باقية عليه في العقد لكافر على مؤمنة هذا المطلوب منه فلا معنى لذلك المنع من المتمتع كيف سمح بالعقد المبيح للمتمتع من لا يجوز مناكحته ولا عقد النكاح له وإذا أباح بالعقد المبيح للمتمتع من لا يجوز مناحكته ولا عقد النكاح له فكيف منعه من لا يقتضيه العقد والمنع من العقد اولى من ايقاعه والمنع من مقتضاه وانما احوج الى ذلك العجز عن ذكر العذر الصحيح وهذه جملة مغنية عما سواها قال المصنف رحمه الله ومن تأمل ما صنعه المرتضى من الفقه المتقدم وكلامه في الصحابه وازواج رسول الله وبناته علم انه احق بما قرف به سواه ولولا ان هذا الكتاب لا يصلح التطويل فيه بالرد لبينت عوار كلامه على ان الامر ظاهر لا يخفى على من له فهم واول ما ذكر فيما ادعاه النص على علي عليه السلام وهل يروى الا في الاحاديث الموضوعة المحالات وانما يكفر الانسان لمخالفة النص الصحيح الصريح الذي لا يحتمل التأويل ومالنا ها هنا بحمد الله نص اصلاحتي ندعى على الصحابة الكفر والفسق بمخالفته ومن التخرص وعيد عمر لعلي اذ أبى تزويجه وغير دلك من المحالات والعجب انه يقول روى
حديث قتال عائشة لعلي من طريق الآحاد
افترى النص عليه ثبت عنده بطريق التواتر ولكن اذا لم تستحي فاصنع ما شئت توفى
المرتضى في هذه السنة ودفن في داره
اخبرنا ابن ناصر عن ابي الحسين بن الطيوري قال سمعت ابا القاسم بن برهان يقول دخلت
على الشريف المرتضى ابي القاسم العلوي في مرضه واذا قد حول وجهه الى الجدار فسمعته
يقول ابو بكر وعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما اما انا اقول ارتد ابعد ما اسلما
فقمت فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه
164 - محمد بن احمد
ابن شعيب بن عبدالله بن الفضل ابو منصور الروياني صاحب ابي حامد الاسفرائيني
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سكن هذا الرجل بغداد وحدث بها عن علي ابن محمد بن
احمد بن كيسان وابي حفص بن الزيات وابي بكر بن المقيد ومن في طبقتهم كتبنا عنه
وكان صدوقا يسكن قطيعة الربيع ومات في يوم الاربعاء السابع من ربيع الاول سنة ست
وثلاثين واربعمائة ودفن من الغد في مقبرة باب حرب
165 - محمد بن الحسين
ابن الحسين بن احمد بن عبدالله بن بكير ابو طالب التاجر سمع ابا بكر بن مالك
القطيعي وابا الفتح الازدي وغيرهما وكان صدوقا وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة
ودفن على نهر عيسى بين محلة التوتة ودرب الآجر
166 - محمد بن علي
ابن الطيب ابو الحسين البصري المتكلم المعتزلي سكن بغداد وكان يدرس هذا المذهب وله
التصانيف الواسعة فيه توفى في ربيع الآخر من هذه السنة وصلى عليه القاضي ابو
عبدالله الصيمري ودفن في الشونيزية ولا يعرف انه روى غير
حديث واحد
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا الخطيب اخبرنا محمد بن علي بن الطيب قال قرىء على
هلال بن محمد اخي هلال الراي بالبصرة وانا اسمع قيل له حدثكم ابو مسلم الكجى وابو
خليفة الفضل بن الحباب الجمحي والغلابي والمازني والزريقي قال حدثنا القعنبي عن
شعبة عن منصور عن ربعي عن عن ابن ابي منصور البدري قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستحى فاصنع ما شئت قال
الغلابي اسمه محمد والمازني محمد بن حيا والزريقي ابو علي محمد بن احمد بن خالد
البصري
سنة 437
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في المحرم قبل قاضي القضاة ابو عبدالله الحسين بن علي شهادة
ابي منصور عبدالملك بن محمد بن يوسف بأمر الخليفة
وفي يوم الاثنين لثمان بقين من ربيع الآخر لابي القاسم علي بن الحسن المسلمة من
حضرة الخليفة النظر في امور خدمته وتقدم الى الحواشي بتوفية حقوقه فيما جعل اليه
فجلس لذلك على باب دهليز الفردوس وعليه الطيلسان وبين يديه الدواة وحضر من جرت
عادته بحضور الموكب فهنأوه وفي يوم الخميس الثامن من جمادي الاولى خلع عليه واستدعى
الى حضره القائم بامر الله وخرج فجلس في الديوان في مجلس عميد الرؤساء ودسته وحمل
على بغلة بمركب ومضى الى داره بدرب سليم من الرصافة ومعه الخدم والحجاب والاشراف
والقضاة والشهود
وفي شوال حدثت فتنة بين اهل الكرخ وباب البصرة قتل جماعة فيها من الفريقين وجاء صاحب
المعونة ونفر من العامة على اليهود واحرقوا الكنيسة العتيقة ونهبوا دور اليهود
وفيها وقع الوباء في الخيل فهلك من معسكر
ابي كاليجار اثنا عشر الف رأس وعم ذلك في البلاد وامتلأت حافات دجلة من جيف الخيل
وورد الخبر بمجيء ابراهيم ينال اخي طغرل بك الى قرميسين وأخذها من يد ابي الشوك
فارس بن محمد وتلا ذلك مجيئه الى حلوان فانه عمرها في مدة
ومات ابو الحسين العلاء ابن ابي علي الحسين بن سهل النصراني بواسط فجلس قوم من
اقاربه في مسجد على بابه للعزاء به واخرج تابوته نهارا ومعه قوم من الاتراك فثار
العوام فاعروا الميت من اكفانه واحرقوه ورموا بقيته في دجلة ومضوا الى الدير
فنهبوه وعجز الاتراك عن دفعهم
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
167 - الحسين بن محمد بن الحسن
ابن بيان ابو عبدالله المؤذن في جامع المنصور ويعرف بابن مجوجا ولد في رجب سنة سبع
واربعين وثلثمائة وروى عن جماعة كتب عنه ابو بكر الخطيب وقال كان صدوقا وكان يسكن
في جوار الصيمري بدرب الزرادين وتوفي في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن في مقبرة
باب الكناس
168 - خديجة بنت موسى
ابن عبدالله الواعظة المعروفة ببنت البقال وتكنى ام سلمة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سمعت خديجة بنت موسى ابا حفص ابن شاهين
كتبت عنها وكانت فقيرة صالحة فاضلة تنزل ناحية التوثة وتوفيت في جمادي الآخرة من
سنة سبع وثلاثية واربعمائة ودفنت في مقبرة الشونيزي
169 - عبد الصمد بن محمد
ابن عبدالله ابو الفضل الفقاعي ولد سنة ثلاث وستين وثلثمائة سمع ابن مالك القطيعي
وابا علي بن حمكان
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كتبت
عنه وكان صدوقا يسكن قريبا من دار القطن ثم تولى الخطابة بالرخجية وهي قريبة على
نحو فرسخ من بغداد وراء باب الازج وتوفي بها في رمضان هذه السنة وبها دفن
170 - علي بن محمد
ابن نصر ابو الحسن الكاتب صاحب الرسائل
171 - فارس بن محمد
ابن عنان صاحب حلوان والدينور
سنة 438
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه وقع الموتان في الدواب فربما انفق في اليوم الواحد مائة
واكثر وكان ذلك يطرح في دجلة فاجتنب كثير من الناس الشرب منها وكان قوم يحضرون
لدوابهم الاطباء فيسقونها ماء الشعير ويدبرونها
وفي صفر خاطب ذو السعادات ابو الفرج بن فسانجس رئيس الرؤساء ابا القاسم ابن
المسلمة في معنى ابي محمد بن النسوي وكان قد صرف عن الشرطة فقال له هذا الرجل قد
ركب العظائم ولا سبيل الى الابقاء عليه فتقدم الخليفة بحبسه ورفع عليه انه كان
يتبع الغرباء والعجم من ارباب البضائع فيقبض عليهم ليلا ويأخذ اموالهم ويقتلهم
ويلقيهم في أبار وحفر معروفة المكان فحفرت فوجد فيها رمم بالية ورؤوس فنار العوام
ونشروا المصاحف وعبروا بالعظام الى الباب النوبي وكثرت الدعاوي عليه الى ان ادعى
وكيل لورثة ابي جبلة الهاشمي ان النسوي قتل ابن ابي جبلة بيده السيف عامدا فجعد
ذلك فشهد عليه ابن ابي الحندقوقي وابن ابي العباس الهاشميان وزكاهما ابن الغريق
وابن المهتدى فقال القاضي ابو الطيب الطبري قد امضيت شهادتكما وحكم عليه بالقتل
وشهد عليه بمال قال الامر الى ان ادى خمسة آلاف وخمسمائة دينار عن ثلاث ديات قتلهم
ومال اخذه فتناول ذلك جهبذا السلطان وصرف
في اقساط الجند
وفي هذه السنة فارق سعدي بن فارس بن عنان مهلهلا ومضى الى الغز وعاد ومعه عدة منهم
وغلب على حلوان وخطب بها لابراهيم ينال ونفسه ثم غلب مهلهل عليها بعد شهر ثم عاد
سعدي والغز عليها فنهبوها ومات بدران بن سلطان ابن ثمال الخفاجي ونأمر على بني
خفاجة رجب بن منيع بن ثمال واسر سرخاب ابن محمد ابا الفتح بن ورام وابنه واخاه بن
عمر وسعدي بن فارس وقتل وراما وابنيه وصلبهما
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
172 - الحسن بن محمد
ابن عمر بن القاسم ابو على النرسي البزار المعروف بابن عديسة ولد في سنة ثمانين
وثلثمائة وسمع ابن شاهين وغيره كان صدوقا من اهل القرآن والمعرفة بالقراآت وانتقل
بآخره الى مكة فسكنها وتوفى بها في ليلة النصف من رجب هذه السنة
173 - عبدالله بن احمد
ابن عبدالله ابو محمد الهاشمي من اولاد المعتصم سمع ابن مالك القطيعي وابا محمد بن
ماسى وكان صدوقا وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
174 - عبدالله بن يوسف
ابن عبدالله بن يوسف بن محمد بن حيويه ابو محمد الجويني والد ابي المعالي واصلهم
من قبيلة من العرب يقال لها سنبس وجوين من نواحي نيسابور سمع الحديث بمرو على
جماعة وبنيسابور وبهمذان وببغداد وبمكة وقرأ الادب على ابيه ابن يعقوب وتفقه على
ابي الطيب سهل بن محمد بن سليمان الصعلوكي ثم خرج الى مرو الى ابي بكر عبدالله بن
احمد القفال وعاد الى نيسابور فدرس وافنى وعقد
مجلس المناظرة وكان مهيبا لا يجري بين
يديه الا الجد وصنف التصانيف الكثيرة في انواع من العلوم وكان لا يدق وتدا في جدار
مشترك بينه وبين جاره ويحتاط في اداء الزكاة فربما اداة مرتين وتوفى في ذي القعدة
من هذه السنة
175 - محمد بن الحسن
ابن عيسى بن عبدالله ابو طاهر المعروف بابن شرارة الناقد ولد سنة ثلاث وخمسين
وثلثمائة وسمع ابا بكر بن مالك القطيعي وابا محمد بن ماسى وغيرهما وكان صدوقا يسكن
نهر طابق وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة
176 - محمد بن ابراهيم
ابن محمد ابو الحسن يعرف بالمطرز اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال هو اصبهاني
الاصل كان يتوكل بين يدي القضاة ومنزله بناحية نهر الدجاج وحدث عن محمد بن عبدالله
بن بخيت وغيره وكان صدوقا صحيح الاصول سألته عن مولده فقال يوم السبت لعشر بقين من
شوال ثمان وخمسين وثلثمائة قال وجدي من اهل اصبهان فاما ابي فانه ولد ببغداد وتوفى
محمد بن ابراهيم في شوال هذه السنة
177 - محمد بن الحسين
ابن ابي سليمان محمد بن الحسين بن علي ابو الحسين ابن الحراني الشاهد سمع ابا بكر
ابن مالك وابا محمد بن ماسى وابن المظفر وابا الفضل الزهري وغيرهم وكان صدوقا
وتوفى ليلة الجمعة لست عشرة ليلة خلت من هذه السنة ودفن بباب حرب
سنة 439
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه غدر الاكراد بسرخاب بن محمد بن عنان وحملوه مقبوضا
عليه الى ابراهيم ينال فقلع احدى عينيه
وظفر بنو نمير باصفر الغازي وكان قد اوغل في بلاد الروم فسلم الى ابن مروان فسد
عليه برجا من ابراج آمد وعاد القتال بين اهل الكرخ وباب البصرة حتى ان صاحب
المعونة فارق موضعه ومضى الى باب الازج
وفي رمضان غلا السفر ببغداد وورد كتاب من الوصل ان الغلاء اشتد بها حتى أكلوا
الميتة وكثر الموت حتى انه احصى جميع من صلى الجمعة فكانوا اربعمائة وعد اهل الذمة
في البلد فكانوا نحو مائة وعشرين
وفي شوال قبض على الوزير ذي السعادات ابي الفرج محمد بن جعفر فسانجس وفي ذي القعدة
كثر الوباء ببغداد وبيعت رمانة بقيراطين ونيلوفرة بقيراطين وفروج بقيراطين وخيارة
بقيراط ومائة منا سكر بتسعين دينارا وطباشير درهم بدرهم فضة وزاد الامر في ذي
الحجة وكثرت الامراض
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
178 - احمد بن محمد
ابن عبدالله بن احمد ابو الفضل القاضي الهاشمي الرشيدي من ولد الرشيد مروروذي
الاصل ولي القضاء بسجستان وسمع من ابي احمد الغطريفي وغيره
اخبرنا القزاز اخبرنا احمد بن علي قال انشدنا ابو الفضل الرشيدي لنفسه
... قالوا اقتصد في الجود انك منصف ... عدل وذو الانصاف ليس يجور ... فاجبتهم اني
سلالة معشر ... لهم لواء في الندى منثور ... تالله اني شائد ما قد بنى ... جدي
الرشيد وقبله المنصور
179 - الحسن بن محمد
ابن الحسن بن علي ابو محمد بن أبي طالب الخلال ولد سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة
وسمع القطيعي والخرقي وابن المظفر وابن حيويه وغيرهم وكان يسكن بنهر القلائين ثم
انتقل الى باب البصرة وكان ثقة له معرفة وتنبه وجمع وخرج
وتوفي في جمادي الاولى من هذه السنة ودفن
في مقبرة باب حرب
180 - الحسين بن علي
ابن عبيدالله بن احمد ابو الفرج الطناجيري ولد سنة خمسين وثلثمائة وكان يسكن درب
الدنانير قريبا من نهر طابق سمع محمد بن المظفر وابا بكر بن شاذان وخلقا كثيرا
وكان ثقة صدوقا وتوفي في ذي القعده من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب 1
181 - الحسين بن الحسن
ابن علي بن بندار ابو عبدالله الانماطي
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت قال حدث الحسينن ابن
الحسن عن عبدالله بن ابراهيم بن ماسى وأبي الحسن الدارقطني كتبت عنه وكان يسكن
الجانب الشرقي من ناحية مربعة ابي عبيدالله وكان ينتحل الاعتزال والتشيع وكان ظاهر
الحمق بادىء الجهل فيما ينتحله ويدعو اليه ويناظر عليه ووجد في منزله ميتا يوم
الاثنين الثالث عشر من شعبان سنة تسع وثلاثين واربعمائة ولم يشعر احد بموته حتى
وجد في هذا اليوم وقد أكلت الفار انفه وأذنيه
182 - عبد الوهاب بن علي
ابن الحسن ابو تغلب المؤدب ويعرف بأبي حنيفة الفارسي اللخمي من اهل الجانب الشرقي
كان يسكن شارسوك وحدث عن المعافى بن زكريا قال الخطيب كتبنا عنه وكان صدوقا وكان
احد حفاظ القرآن عارفا بالقراآت عالما بالفرائض وقسمة المواريث توفى في ذي الحجة من
هذه السنة
183 - عبد الملك بن عبد القاهر
ابن راشد بن مسلم ابو القاسم ولد بنصبين في سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة وكان
صدونا ينزل نهر القلائين وتوفي في ربيع
الاول من هذه السنة ودفن بمقبرة الشونزى
184 - عبد الواحد بن محمد
ابن يحيى بن ايوب ابو القاسم الشاعر المعروف بالمطرز وكان يسكن ناحية نهر الدجاج
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت الخطيب قال انشدني
المطرز لنفسه في الزهد ... يا عبدكم لك من ذنب ومعصية ... ان كنت ناسيها فالله
احصاها ... لا بد يا عبد من يوم تقوم له ... ووقفة لك يدعي انقلب ذكراها ... اذا
عرضت على قلبي تذكرها ... قد ساء ظني فقلت استغفر الله ...
توفي المطرز في جمادي الآخرة من هذه السنة
185 - محمد بن الحسين
ابن علي بن عبد الرحيم ابو سعد اصله من براز الروذوزر للملك ابي كاليجار دفعات
وتوفى بجزيرة ابن عمر في ذي القعدة من هذه السنة عن ست وخمسين سنة
186 - محمد بن احمد
ابن موسى ابو عبدالله الواعظ الشيرازي اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قدم هذا
الرجل بغداد واقام فيها مدة يتكلم بلسان الوعظ ويشير الى طريقة الزهد ويلبس
المرقعة ويظن عزوف النفس عن طلب الدنيا فافتن الناس به لما رأوا من حسن طريقته
وكان يحضر مجلس وعظه خلق لا يحصون وعمر مسجدا خرابا بالشونيزية فسكنه وسكن معه فيه
جماعة من الفقراء وكان يعلو سطح المسجد في جوف الليل ويذكر الماس ثم انه قبل ما
كان يوصل به بعد امتناع شديد كان يظهره وحصل له ببغداد مال كثير ونزع المرقعة وليس
الثياب الناعمة الفاخرة وجرت له اقاصيص
وصار له تبع واصحاب ثم اظهر انه يريد الغزو فحشد الناس اليه وصار معه عسكر كثير
ونزل بظاهر البلد من اعلاه وكان يضرب له الطبل في اوقات الصلاة ورحل الى الموصل ثم
رجع جماعة من اتباعه وبلغني انه صار الى نواحي آذربيجان واجتمع له ايضا جمع وضاهى
امير تلك الناحية وقد كان حدث ببغداد عن احمد بن محمد بن عمران الجندي وغيره وكبت
عنه احاديث يسيرة في سنة عشر واربعمائة وقد حدثني عنه بعض اصحابنا بشيء يدل على
ضعفه في الحديث وانشدني هو لبعضهم
... اذا ما اطعت النفس في كل مرة ... نسبت الى غير الحجي والتكرم ... اذا ما اجبت
النفس في كل دعوة ... دعتك الى الأمر القبيح المحرم ...
قال وحدثني المعمر بن احمد الصوفي ان ابا عبدالله الشيرازي مات بنواحي آذربيجان
سنة تسع وثلاثين واربعمائة
187 - محمد بن الحسين
ابن عمر بن برهان ابو الحسن الغزال سمع ابا الحسن ابن لؤلؤ ومحمد بن المظفر وابا
الفضل الزهري وغيرهم وكان صدوقا
188 - محمد بن علي
ابن ابراهيم ابو الخطاب الجبلي الشاعر كان من اهل الادب الفصحا مليح النظم سافر في
حداثته الى الشام فسمع الحديث وقال الشعر فمن شعره ... ما حكم الحب فهو ممتثل ...
وما جناه الحبيب محتمل ... يهوى ويشكو اللصبا وكل هوى ... لا يبخل الجسم فهو منحل
...
وورد على معرة النعمان فمدح ابا العلاء المعري بابيات فاجابه عنها بابيات وكان لما
خرج الى السفر له عينان كأنهما نرجستان حسنا فعاد وقد عمي فاقام ببغداد حتى توفى
بها في ذي القعدة من هذه السنة وذكر انه كان شديد الترخص
سنة 440
ثم دخلت سنة اربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان في ربيع الآخر جلس رئيس الرؤساء ابو القاسم في صحن السلام
لوفاة اخت الامير ابي نصر وهي زوجة الخليفة ولم يضرب الطبل في دار المملكة ايام
العزاء
وعاد القتال بين اهل الكرخ وباب البصرة
ومرض الملك ابو كاليجار في جمادي الاولى وقصد في يوم ثلاث مرات وهو في برية وحم
فركب المهد ثم شق عليه فعملت له محفة على أعناق الرجال وقضى في ليلة الخميس فانتهب
الغلمان الخزائن والسلاح والكراع واحراق الجواري الخيم فما تركن الا خيمة وخركاء
هو فيها مسجى وولى مكانه ابنه ابو نصر وسموه الملك الرحيم وخرج من معسكره الى دار
الخلافة فركب من شاطىء دجلة عند بيت النوبة حتى نزل من صحن السلام في الموضع الذي
نزل فيه عضد الدولة ومن بعده ووصل الى حضرة الخليفة فقبل الارض وجلس على كرسي
وتكلم عنه بما اكثر فيه الدعاء والشكر ثم انهض ولبس الخلع فلبس السبع الكاملة
والعمامة السوداء العمة الرصافية والطوق والسوارين وقلد سيفا بجزابل ووضع على رأسه
التاج المرصع وبرز له لو آن معقودان واحضر الكتاب بالتقليد والتلقيب فسلم اليه بعد
ان قرىء صوره ووصاه الخليفة باستعمال التقوى ومراعاة العقبى واتباع العدل في
الرعية ونهض فقدم اليه فرس ادهم بمركب ذهب وخرج فنزل الطيار الخليفي وصعد منه الى
مضربه وجلس على سدته ساعة خدمة فيها الناس وهنأوه ثم نهض ودخل خيمة ونزع ماكان
عليه وخرج وركب ومضى الى ديالي وكان يوما مشهودا
وفي يوم السبت لست بقين من جمادي الآخرة قبل القاضي ابو عبدالله بن ماكولا شهادة
القاضي ابي يعلى بن الفراء
وفيها دار السور على شيراز وكان دوره
اثنى عشر الف ذراع وطول حائطه ثمانية اذرع وعرضه ستة اذرع وكان له احد عشر بابا
وفيها أتى كثير من الغز من ما وراء النهر الى ينال فقال لهم نضيق عن مقامكم عندنا
والوجه ان نمضى الى غزاة الروم ونجاهد فساروا وسار بعدهم فبقى بينه وبين
القسطنطينية خمسة عشر يوما وحصل له من السبى زائدا على مائة الف رأس وغنم منهم
اربع آلاف درع وحمل ما وصل اليه على عشرة آلاف عجلة وعاد
وفي شعبان هذه السنة ختن ذخيرة الدين ابو العباس محمد بن القائم بأمر الله وذكر
على المنابر بانه ولى العهد
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
189 - الحسن بن عيسى
ابن المقتدر بالله ابو محمد ولد في محرم سنة ثلاث واربعين وثلثمائة وسمع من مؤدبه
احمد بن منصور اليشكرى وأبي الازهر عبد الوهاب بن عبد الرحمن الكاتب وكان فاضلا
دينا حافظا لاخبار الخلفاء عارفا بايام الناس صالحا زاهدا ترك الخلافة عن قدرة
وآثر بها القادر بالله وتوفي في هذه السنة ووصى ان يغسله ويصلي عليه القاضي ابو
الحسين بن الغريق ويحمل الى باب حرب في النهار ويدفن بغير تابوت حضر جنازته
الوزراء كمال الملك وزعيم الملك ومشى البساسيرى خلف جنازته من داره الى قبره ودفن
بقرب قبر احمد بن حنبل وجلس رئيس الرؤساء ابو القاسم من الغد للعزاء
190 - الحسن بن احمد
ابن الحسن بن محمد بن خداداذ ابو علي الباقلاوي كرخي الاصل ولد سنة اثنتين وثمانين
وثلثمائة سمع من ابي عمر بن مهدي وغيره وحدث وكان صدوقا
دينا خيرا من اهل القرآن والسنة وتوفي في
محرم هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
191 - عبيد الله بن عمر
ابن احمد بن عثمان ابو القاسم الواعظ المعروف بابن شاهين ولد في ربيع الاول سنة
احدى وخمسين وثلثمائة
اخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب قال سمع عبدالله اباه وابن مالك القطيعي وابا محمد
ابن ماسى وابا بحر البربهارى ومحمد بن المظفر كتبت عنه وكان صدوقا ينزل بالجانب
الشرقي المعترض وراء الحطابين ومات في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقبرة باب
حرب
192 - علي بن الحسن بن محمد
ابن المنتاب ابو القاسم المعروف بابن ابي عثمان الدقاق اخبرنا القزاز اخبرنا
الخطيب قال سمع علي بن الحسن ابا بكر بن مالك وابا محمد بن ماسى وابن المظفر
وغيرهم كتبت عنه وكان شيخا صالحا صدوقا دينا حسن المذهب سكن نهر القلائين وسألته
عن مولده فقال سنة خمس وخمسين وثلثمائة ومات في هذه السنة ودفن في مقبرة الشونيزي
193 - محمد بن جعفر
ابن ابي الفرج بن فسانجس ويكنى ابا الفرج ويلقب ذا السعادات وزر لابي كاليجار
بفارس ووزر له ببغداد وكانت له مروءة فائضة وكان مليح الشعر والترسل ومن شعره
... اودعكم واني ذو اكتئاب ... وارحل عنكم والقلب آبي ... وان فراتكم في كل حال
... لاوجع من مفارقة الشباب ... اسير وما ذممت لكم جوارا ... وما ملت مغازلكم
ركابي ... واشكر كلما اوطيئت دارا ... ليالينا القصا ربلا احتساب
واذكركم اذا هبت جنوب ... تذكرني غزارات
التصابي ... لكم مني المودة في اغترابي ... وانتم الف نفسي في اقترابي ... سقى عهد
الاحبة حيث كانوا ... سجال القطر من خلل السحاب ... فروعات الفراق وان اغامت ...
يقشعها مسرات الإياب
واشتهر عنه أن بعض شهود الاهواز كتب اليه ان فلانا مات وخلف حسين الف دينار مغربية
وعقارا بخمسين الف دينار وخلف ولدا له ثمانية اشهر فان رأى الوزير أن يفترض من
العين الى حين بلوغ الطفل فكتب على ظهر الرقعة المتوفي رحمه الله والطفل جبره الله
والمال ثمرة الله والساعي لعنه الله لا حاجة لنا الى مال الايتام اعتقل ذو
السعادات بقلعة بني وحام ببهند في احد عشر شهرا او نفذ ابو كاليجار من قتله بها في
رمضان هذه السنة وقد بلغ احدى وخمسين سنة
194 - ابو كاليجار المرزبان
ابن سلطان الدولة ابي شجاع بن بهاء الدولة ابي نصر ولد بالبصرة في شوال سنة تسع
وتسعين وثلثمائة وتوفي في هذه السنة وله اربعون سنة واشهر وولي العراق اربع سنين
وشهرين واياما ونهبت قلعة له وكان فيها ما يزيد على الف الف دينار
195 - محمد بن محمد بن ابراهيم
ابن غيلان بن عبدالله بن غيلان بن حكيم ابو طالب البزاز ولد سنة ست واربعين
وثلثمائة وروي عن ابي بكر الشافعي وهو آخر من حدث عنه روى عنه جماعة وكان صدوقا
دينا صالحا وكان قوي النفس على كبر السن قال ابو عبدالله محمد بن محمود الرشيدي
لما اردت سفر الحجاز اوصاني الشيوخ بسماع مسند احمد بن حنبل وفوائد ابي بكر
الشافعي من ابي طالب بن غيلان فجئت الى ابي علي التميمي الذي كان عنده مسند احمد
فراودته على السماع منه
فقال اريد مائتي دينار حمر لاقرئك الكتاب
فقلت ان جميع ما استصحبت من نفقتي للحج لا يبلغ مائة فان كان لا بد فاجزلي ذلك
فقال اريد عشرين دينارا احمر لأجيز لك فتركت ذلك الكتاب وقلت لأبي منصور بن حيدر
اريد ان اسمع من ابن غيلان فقال انه مبطون عليل فسألته عن سنة فقال هو ابن مائة
وخمس سنين قلت فاعجل قال لا حج فقلت شيخ ابن مائة وخمس سنين مبطون كيف يسمح قلبي
بتركه وكيف اعتمد على حياته قال اذهب فاني ضامن لك حياته فقلت وما سبب اعتمادك على
حياته قال ان له الف دينار حمر جعفرية يجاء بها كل ويوم وتصب في حجره فيقلبها
ويتقوى بذلك فخرجت وحججت فلما رجعت فلما رجعت سمعت عليه حدثنا ابو القاسم بن
الحصين عن أبي طالب بن غيلان بالأجزاء التي تسمى الغيلانيات التي خرجها الدارقطني
لابي غيلان وتحديثه عن المزكى توفي ابن غيلان في يوم الاثنين السادس من شوال سنة
اربعين واربعمائة ودفن من الغد في داره بدرب عبدة في قطيعة الربيع بباب مسجد ابن
المبارك وكان الامام في الصلاة ابو الحسين بن المهتدى
سنة 441
ثم دخلت سنة احدى واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه تقدم في ليلة عاشوراء الى اهل الكرخ ان لا ينوحوا ولا يعلقوا
المسوح على ما جرت به عادتهم خوفا من الفتنة فوعدوا واخلفوا وجرى بين اهل السنة
والشيعة ما يزيد عن الحد من الجرح والقتل حتى عبر الاتراك وضربوا الخيم
وفي يوم الاربعاء ثالث ربيع الاول قبل قاضي القضاة ابو عبدالله بن ماكولا شهادة
أبي عبدالله محمد بن علي الدامغاني
وفي شعبان نقض اهل الكرخ سوق الانماط دكاكينها وارحاءها وبنوا ابآجرها سورا من
ورائها يحصنون بها الكرخ ويقطعون به ما بين خراب القلائين وبينه
فلما رأى ذلك اهل السنة من القلائين ومن
يجري مجراهم شرعوا في بناء سور على سوق القلائين وبدأوا بعمل بابه محاذيا لباب
السماكين ونقضوا كل حائط امكنهم نقضه واخذوا كل آجر وجدوه واجتمع منهم جمع كثير
يحملون الآجر الى موضع العمل وعاونهم الاتراك بأموالهم وساعدوهم ببغالهم وجرى من
اجتماع الجموع مالم يجر مثله من قبل في شيء حتى جرت سفينة على العجل حمل فيها آجر
وعلى ملاحها قباء ديباج وعمامة قضب اهبة وعن لأهل الكرخ ان يبنوا بابا آخر من آجر
الدقاقين وحملوا الآجر الى موضعه على رؤوس الرجال في البافدانات المجللة بالثياب
الديباج والمناديل الدبيقي وقدامها الطبول والزمور والمخانيث معهم آلات الحكاية
وقابل اهل القلائين ذلك بأن حملوا آجرهم بين يدي حمالية البوقات والدبادب وزاد
الامر وسخف وافرط الوهن ونقضت ابنية كثيرة واخذ من تغانير الآجر الجديدة عدة وجرى
في عمل هذه الابواب وبنائها وجمع آجرها وآلاتها وتقسيط نفقاتها والخلع على بنائها
وطرح ماء الورد في أساساتها ما خرج عن الحد حتى ان امرأة اجتازت بباب القلائين
فنزعت جوكانية ديباج كانت عليها فأعطتها للبناء
وفي يوم عيد الفطر ثارت الفتنة بين اهل الكرخ واهل القلائين فاشتدت ووقع بينهما
جرح وقتل ونقل اهل القلائين آخر السور الذي على سوق الانماط فاستعملوه في بنائهم
وجعل مع كل جهة قوم من الاتراك يشدون منهم وامتنع على السلطان الاصلاح وعمل اهل
القلائين بابا آخر دون بابهم وسقفوا ما بينهما وبنوا دكاكين جانبيها وفرشوا الحصر
وعلقوا القناديل وخلقوا الحيطان واظهروا عمل ذلك مسجدا واذنوا للصلوات فيه وسمى
الباب المسعود وبطلت الاسواق وادعى ابو محمد ابن النسوي ورسم له العبور الى الجانب
الغربي وازالة الفتنة فقتل جماعة من المذكورين وانتهى الى الخليفة ان القضاة ابا
الحسن السمناني وابا الحسن البيضاوي وابا عبدالله الدامغاني وابن الواثق وابن
المحسن الوكيلين حضروا عند القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وجرى ذكر اهل
الكرخ
وما عملوا فقال التنوخي هذه طائفة نشأت
على سب الصحابة وما منعت منه الا وجدت به ولا كان لدار الخلافة امر عليها فما
تحاول الآن منها واني لاذكره وانا احمل رقاع ابن حاجب النعمان عن دار الخلافة
القادرية الى الرضى فلا يفضها ويقول ان كانت لك حاجة قضيتها فلما قام اخوه المرتضى
اظهر الطاعة حفظا لنعمته فكتب الوكيلان بما جرى الى الديوان وشهد بذلك شهود فتقدم
بما وقف عليه ابن عبد الرحيم الوزير فكاتب الخليفة وسأله في الصفح عن التنوخي فوقع
الاقتصار على ان كتب رئيس الرؤساء الى قاضي القضاه ليتوقف قاضي القضاة الحسين بن
علي عن شهادة التنوخي وليوغر عليه بملازمة منزلة الى ان يكشف عن حاله ثم لم يزل
يسأل فيه حتى اذن له في الشهادة ودخول الديوان ثم زادت الفتن بين السنة والشيعة
ونقضت المحال ورميت فيها النار
واشتد امر العيارين بالجانب الغربي حتى انتقل اهله الى الحريم وابتاعوا خرابات
وعمروها
وفي ذي الحجة عصفت ريح غبراء ترابية فاظلمت الدنيا فلم ير احد احد وكان الناس في
اسواقهم فحاروا ودهشوا دامت ساعة فقلعت رواشن دار الخلافة ودار المملكة وانحدر
الطيار ووقع الظلال في الاسواق وسقط من النخل والشجر الكثير
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
196 - احمد بن محمد بن احمد بن منصور
ابو الحسن المعروف بالعتيقي وكان بعض اجداده يسمى عتيقا فنسب اليه ولد في محرم سنة
سبع وستين وثلثمائة وسمع من ابن شاهين وغيره وكان صدوقا وتوفي في صفر هذه السنة
ودفن بمقبرة الشونيزي
197 - علي بن عبدالله بن الحسين
ابو القاسم العلوي ويعرف بابن ابي شيبة اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب
قال سمع علي بن عبدالله من ابن المظفر
وكتبت عنه وكان صدوقا دينا حسن الاعتقاد يورق بالاجرة ويأكل من كسب يده ويواسي
الفقراء من كسبه وسألته عن مولده فقال ليلة عيد الاضحى من سنة ستين وثلثمائة وتوفي
في رجب هذه السنة
198 - عبد الوهاب بن اقضى القضاة
ابي الحسن الماوردي ابو الفائز شهد عند ابن ماكولا في سنة احدى وثلاثين وقبل
شهادته في بيت النوبة ولم يفعل ذلك مع غيره احتراما لأبيه توفي في محرم هذه السنة
199 - محمد بن علي بن عبدالله
ابن محمد ابو عبدالله الصوري سمع بصداء من أبي الحسين بن جميع وهو اسند شيوخه ثم
صحب عبد الغني الحافظ فكتب عنه وعن غيره من المصريين وكتب عنه عبد الغني اشياء في
تصانيفه وانما طلب الحديث بنفسه في الكير وقدم بغداد سنة ثمان عشرة واربعمائة فسمع
من أبي الحسن بن مخلد ومن بعده فأقام يكتب الحديث وكان من احرص الناس عليه واكثرهم
كبانه واوفرهم رغبة في تحصيله فربما كرر قراءة الحديث على شيخه مرات ورأيت بخطه في
الوجهة الواحدة ثمانين سطر او كان له فهم ومعرفة بالحديث ومضى الى الكوفة فسمع بها
من اربعمائة شيخ وكان يظهر هناك السنة ويترحم على ابي بكر وعمر فثار اهل الكوفة
ليقتلوه فالتجأ الى ابي طالب بن عمر العلوي وكان ابو طالب يسب الصحابة فأجاره وقال
له احضر كل يوم عندي وارو لي ما سمعت في فضائل الصحابة فقرأ عنده فضائلهم فتاب ابو
طالب وقال قد عشت اربعين سنة اسب الصحابة وأشتهي اعيش مثلها حتى اذكرهم بخير وكان
الصوري يسرد الصوم دائما لا يفطر الا العيدين والتشريق اخبرنا جماعة من اشياخنا عن
ابي الحسين ابن الطيوري قال اكثر كتب الخطيب سوى تاريخ بغداد مستفادة من كتب
الصوري ابتدأ بها
وكان قد قسم اوقاته في نيف وثلاثين شيئا
وكان له اخت بصور وخلف عندها اثنى عشر عدلا من الكتب فحصل الخطيب من كتبه اشياء
قال واظنه لما خرج الى الشام اعطى اخته شيئا واخذ منها بعض كتبه قال وكان الصوري
طيب المجالسة حسن الخلق يصوم الدهر وذهبت احدى عينيه وكان يكتب المجلدة في جزء
وكان سبب موته فتورمت يده ومات في ذلك قال ابن الطيوري فحدثني ابو نصر علي بن هبة
الله بن ماكولا ان السبب في ذلك ان الطبيب الذي فصده وكان قد اعطى مبضعا مسموما
ليفصد غيره فغلط وفصده به وكان الصوري يفيد الناس واذا اراد أن يسمع شيئا اعلم
الناس كلهم ليحضروا المجلس قال وكان الخطيب اذا ظفر بجزء مرة واحدة فقرأ على الشيخ
اخبرنا محمد بن ناصر اخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال انشدنا الصوري لنفسه ...
تولى الشباب بريعانه ... وجاء المشيب بأحرانه ... فقلبي لفقدان ذا مؤلم ... كئيبا
بهذا ووجدانه ... وان كان ما جار في سيره ... ولا جاء في غير إبانه ... ولكن أتى
مؤذنا بالرحيل ... فويلي من قرب ايذانه ... ولولا ذنوب تحملنها ... لما راعني حال
اتيانه ... ولكن ظهري ثقيل بما ... جناه شبابي بطغيانه ... فمن كان يبكي زمانا مضى
... ويندب طيب ازمانه ... فليس بكائي وما قد ترو ... ن مني لوحشة فقد انه ... ولكن
لما كان قد جره ... على بوثبات شيطانه ... فولى وابقى على الهموم ... بما قد تحملت
في شانه ... فويل وعولى لئن لم يجد ... على مليكي يرضوانه ... ولم يتغمد ذنوبي وما
... جنيت بواسع غفرانه ... ويجعل مصيري الى جنة ... يحل بها أهل قربانه ... وان
كنت مالي من قربة ... سوى حسن ظني باحسانه
واني مقر بتوحيده ... عليم بعزة سلطانه
... اخالف في ذاك الجحود ... واهل الفسوق وعدوانه ... وارجو به الفوز في منزل ...
مقر لأعين سكانه ... ولن يجمع الله اهل الجحود ... ومن قد اقر بايمانه ... فهذا
ينجيه ايمانه ... وهذا يبوء بخسرانه ... وهذا ينعم في جنة ... وذلك في قعر نيرانه
...
قال وانشدنا الصوري لنفسه ... قال لمن عاند الحديث واضحى ... غائيا اهله ومن يدعيه
... أيعلم تقول هذا ابن لي ... ام بجهل فالجهل خلق السفيه ... أيعاب الذين هم
حفظوا الدين من الترهات والتمويه ... والى قولهم وما قد رووه ... راجع كل عالم
وفقيه ...
توفي الصوري بالمارستان في يوم الاربعاء سلخ جمادي الآخرة ودفن في مقبرة جامع
المدينة وقد نيف عن الستين
سنة 442
ثم دخلت سنة اثنتين واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ندب ابو محمد النسوي للعبور وضبط البلد ثم اجتمع العامة من
اهل الكرخ والقلائين وباب الشعير وباب البصرة على كلمة واحدة في انه متى غبر ابن
النسوي احرقوا اسواقهم وانصرفوا عن البلد فصار اهل الكرخ الى باب نهر القلائين
فصلوا فيه واذنوا في المشهد حي على خير العمل واهل القلائين بالعتيقة والمسجد
بالبزارين بالصلاة خير من النوم واختلطوا واصطلحوا وخرجوا الى زيارة المشهدين مشهد
علي والحسين واظهروا بالكرخ الترحم على الصحابة وكبس اهل الكرخ ودار الوزارة
واخرجوا منها ابا نصر بن مروان وخلصوه من المصادرة
ووقعت في ليلة الجمعة ثاني رمضان صاعقة
في حلة نور الدولة على خيمة لبعض العرب كان فيها رجلان فأحرقت نصفها ورأس احد
الرجلين ونصف بدنه ويدا واحدة ورجلا واحدة فمات وسقط الآخر مغشيا عليه لم يتكلم
يومين وليلة ثم أفاق وعصفت ريح شديدة وجاء مطر جود فقلعت رواسن دار الخلافة على
دجلة
واستهل ذو الحجة فعمل الناس على الخروج لزيارة المشهدين بالحائر والكوفة فبدأ اهل
القلائين بعمل طرد اسود عليه اسم الخليفة ونصبوه على بابهم واخرج اهل نهر الدجاج
والكرخ مناجيق ملونة مذهبات واختلط الفريقان من السنة والشيعة وساروا الى الجامع
بالمدينة فلقيهم مناجيق باب الشام وشارع دار الرقيق ثم عادوا والعلامات بين ايديهم
تقدمها العلامة السوداء والبوقات تضرب فجازوا بصيفية الكرخ فنثر عليهم اهل
الموضعين دراهم وخرج الى الزيارة من الاتراك واهل السنة من لم تجر له عادة بها
ورخص السعر حتى بيع الكر من الحنطة بسبع دنانير
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
200 - الحسن بن محمد
ابن الحسن بن بانة ابو يعلى الرازي سمع ابا بكر بن مالك وابا محمد بن ماسي وكان
صحيح السماع لكنه كان يتشيع توفي في ربيع الآخر من هذه السنة
201 - عمر بن ثابت
ابو القاسم الثمانيني الضرير النحوي هو الذي شرح اللمع وكان غاية في ذلك العلم
وكان أخذ على ذلك الاجر
202 - علي بن عمر
ابن محمد بن ابو الحسن الحربي المعروف بالقزويني ولد مستهل محرم سنة
ستين وهي الليلة التي توفى فيها ابو بكر الآجر
وسمع ابا حفص الزيات وابن حيويه وابا بكر بن شاذان وكان وافر العقل من كبار عباد
الله الصالحين يقرىء القرآن ويروى الحديث ولا يخرج من بيته الا للصلاة وله كرامات
وتوفي في شعبان هذه السنة وكان في كانون الاول ثمانية وعشرون يوما وتولى أمره ابو
منصور بن يوسف وغسله ابو محمد التميمي وصلى عليه في الصحراء بين الحربية والعتابين
وكان يوما مشهودا غلقت فيه الاسواق ببغداد قال ابو علي البرداني حضره مائة الف رجل
قال وانتبه اخي ابو غالب تلك الليلة وهو يبكي ويرتعد فسكنه والدنا وقال مالك يا
بني فقال رأيت في المنام كأن ابواب السماء قد فتحت وابن القزويني يصعد اليها فلما
كانت صبيحة تلك الليلة سمعت المنادي بموته
302 - قرواش بن المقلد ابو المنيع الامير
كان قد جلس له القادر في سنة ست وتسعين وثلثمائة ولقبه معتمد الدولة ثم تفرد
بالامارة وكانت له بلاد الموصل والكوفة وشقي الفرات واستنزل على ابن مزيد على ما
كان اليه من كوثى ونهر الملك ورد الى قرواش وكان قرواش قد جمع بين أختين فلامته
العرب فقال خبروني ما الذي نستعمله مما تبيحه الشريعة وكان يقول ما مارقبتي غير
خمسة او ستة من البادية قتلتهم فاما الحاضرة فلا يعبأ الله بهم وكان الحاكم الذي
بمصر يكاتبه ويراسله ويستميله فأقام له الدعوة بالموصل والكوفة ثم اعتذر الى
القادر وسأله العفو ولما دخل الغز إلى الموصل نهبوا من دار قرواش ما يزيد على
مائتي الف دينار وتوفي في هذه السنة وقام بالامر بعده قريش بن بدران بن المقلد
204 - محمد بن احمد
ابن الحسين بن محمد ابو الحسن القطان المعروف بابن المحامل سمع علي بن عمر
السكرى وابا القاسم بن حبابة بن الوزير
والمخلص وغيرهم اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال كتبت عن ابي الحسن القطان شيئا
يسيرا وكان صدوقا من اهل القرآن حسن التلاوة جميل الطريقة سمعته يقول ولدت في سحر
يوم الاحد العشرين من شوال سنة اثنن وثمانين وثلثمائة ومات في ليلة الثلاثاء من
ربيع الآخر سنة اثنتين واربعين واربعمائة ودفن يوم الثلاثاء في داره بدرب الآجر من
نواحي نهر طابق
205 - محمد بن احمد
ابن محمد بن عبدالله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله ابوالحسن الهاشمي خطيب جامع
المنصور ولد في سنة اربع وثمانين وثلثمائة وقرأ القرآن على ابي القاسم الصيدلاني
وحدث شيئا يسيرا عن الحسين بن احمد بن عبدالله بن بكير وكان صدوقا وشهد عند قاضي
القضاة ابي عبدالله بن ماكولا وقاضي القضاة ابي عبدالله الدامغاني فقبلاه
206 - محمد بن علي
ابن محمد ابو طاهر ابن العلاف سمع ابا بكر بن مالك القطيعي واحمد بن جعفر بن مسلم
في آخرين وكان صدوقا مستورا ظاهر الوقار حسن السمت ينزل بدرب الديوان في جوار ابي
القاسم بن بشران وله مجلس وعظ في جامع المهدي ثم اتخذ حلقة في جامع المنصور توفي
في ربيع الآخر من هذه السنة ودفن بمقبرة الخيزران
207 - مودود بن مسعود
ابن محمود بن سبكتكين توفي فقام مقامه عمه عبد الرشيد بن محمود
سنة 443
ثم دخلت سنة ثلاث واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في ليلة الاحد الخامس من المحرم وهو اليوم التاسع عشر
من ايار عصفت ريح مغرب ورد في اثنائها
مطر جود وقلعت رواشن دار الخليفة على دجلة ودار المملكة وعدة دور من الدور الشاطية
واثرت في ذلك الآثار البينة وانحل الطيار الممدود عن باب الغربة من رباطه فوقع على
الرواشن فقلعه من اوله الى آخره وغرق في انحداره عدة سقن فيها غلة وممروسميريات
كانت سائرة في دجلة هلك فيها قوم وخرجت سفن الجسر من الصراة وكانت مشدودة فيها
وانحدرت مع الماء وغرق بعضها ووقع الظلال على الاسواق من الجانبين وانقلع من النخل
والسرو والشجر والتوث في الصحراء والدور الشيء الكثير
وفي اول صفر تجددت الفتنة بين السنة والشيعة وكان الاتفاق الذي حكيناه في السنة
والشيعة غير مأمون الانتقاض لما في الصدور فمضت عليه مديدة وشرع اهل الكرخ في بناء
باب السماكين واهل القلائين في عمل ما بقي من بنائهم وفرع اهل الكرخ من بنيانهم
وعملوا ابراجا وعلى خير البشر فأنكر اهل السنة ذلك وأثاروا الشر وادعوا ان المكتوب
محمد وعلى خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن ابى فقد كفر فانكر اهل الكرخ هذه الزيادة
وثارت الفتنة وآلت الى اخذ ثياب الناس في الطرقات ومنه اهل باب الشعير من حمل
الماء من دجلة الى الكرخ ورواضعه وانصاف الى هذا انقطاع الماء عن نهر عيسى فبيعت
الراوية بقيراط اذا خفرت فلحق الضعفاء مشقة عظيمة وغلقت الاسواق ووقفت المعايش
ومضى بعض سفهاء اهل الكرخ بالليل فأخذوا من دجلة الصراة عدة روايا وصبوها في حباب
نصبها في الأسواق وخلطوا بها ماء الورد وصاحوا السبيل وعمدوا الى سمارية في مشرعة
باب الشعير فأخذوها وحملوها الى السماكين ومحا اهل الكرخ ما كتبوه من خير البشر
وجعلوا عوضه عليهما السلام وقال اهل السنة ما نقنع الا بقلع الآجر الذي عليه محمد
وعلي وتجاوزوا هذا الحال الى المطالبة باسقاط حي على خير العمل فلما كان يوم
الاربعاء لسبع بقين من صفر اجتمع من اهل السنة عدد يفوت الاحصاء
وعبروا الى دار الخلافة وملأوا الشوار
والرحاب واخترقوا الدهاليز والابواب وزاد اللفظ وقيل لهم سنبحث عن هذا وهجم اهل
القلائين على باب السماكين فاحرقوا بوادي كانت مسبلة في وجهه فبادر اهل الكرخ
وطفئت النار وبيضوا ما اسود من الباب وقويت الحرب وكثر القتل وانقطعت الجمعة في
مسجد براثا لان الشيعة نقلوا المنبر والقبلة منه واشفقوا من الاصحار وظهر عيار
يعرف بالطقطقى من اهل درزيجان وحضر الديوان واستتيب وجرى منه في معاملة اهل الكرخ
وتتبعهم في المحال وقتلهم على الاتصال ما عظمت فيه البلوي واجتمع اهل الكرخ وقت
الظهيرة فهدمت حائط باب القلائين ورموا العذرة على حائطه وقطع الطقطقى رجلين
وصليهما على هذا الباب بعد أن قتل ثلاثة من قبل وقطع رؤسهم ورمى بها الى اهل الكرخ
وقال تغدوا برؤس ومضى الى درب الزعفراني فطالب اهله بماذة الف دينار وتوعدهم ان لم
يفعلوا بالاحراق فلاطفوه فانصرف ووافاهم من الغد فقاتلوه فقتل منهم رجل هاشمي فحمل
الى مقابر قريش
واستنفر البلد ونقب مشهد باب التبن ونهب ما فيه واخرج جماعة من القبور فاحرقوا مثل
العوفى والناشي والجذوعي ونقل من المكان جماعة موتى فدفنوا في مقابر شتى وطرح
النار في الترب القديمة والحديثة واخترق الضريحان والقبتان الساج وحفروا احد
الضريحين ليخرجوا من فيه ويدفنونه بقبر احمد فبادر النقيب والناس فمنعوهم فلما عرف
اهل الكرخ ما جرى صاروا الى خان الفقهاء الحنفيين بقطيعة الربيع فاخذوا واحرقوا
الخان وكبسوا دور الفقهاء فاستدعى ابو محمد وامر بالعبور فقال تدجرى مالم يجر مثله
فان عبر معي الوزير عبرت فقويت يده واظهر اهل الكرخ الحزن وقعدوا في الاسواق
للعزاء وعلقوا المسوح على الدكاكين فقال الوزير إن واخذنا الكل خرب البلد فالا صلح
التغاضي
وفي يوم الجمعة لعشر بقين من ربيع الآخر خطب بجامع براثا واسقط حي على
خير العمل ودق المنبر وقد كانوا يمنعون
منه وذكر العباس في خطبته وفي عيد الاضحى حضر الناس في بيت النوبة واستدعى رئيس
الرؤساء فخلع عليه وقرىء توقيع بما لقب به من جمال الورى شرف الوزراء
وفي يوم الخميس لعشر بقين من ذي الحجة كبس العيارون ابا محمد بن النسوي وجرحوه جراحات
وفي هذه السنة ورد الخبر بفتح اصبهان ودخول طغر لبك اليها وكان طغر لبك قد عمر
الري عمارة حسنة وهدم دارا فوجد فيها مراكب مرصعة بالجوهر الثمين وقماقم دنانير
وبرنيتين صيني مملوءة بالجوهر النفيس ودفينا عظيما ووجد في عقد قد انشق برنية
خضراء فيها عشرون الف دينار
وكبس منصور بن الحسن بمن معه الغزاة الاهواز وقتل بها من الديلم والاتراك والعامة
واحرقها ونهبها ونجا الملك الرحيم ابن ابي كاليجار بنفسه وفقد كمال الملك ابن ابي
المعالي بن عبد الرحيم
وقبلها كانت وقعة بين المغاربة واهل مصر قتل فيها من المغاربة ثلاثون الفا وردت
كتب من صاحب المغرب بما فتحه الله تعالى منها وباقامة الدعوة للقائم ثم بامر الله
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
208 - بركة بن المقلد
الملقب زعيم الدولة امير بني عقيل فأقام مقامه قريش بن بدران
209 - عبيد الله بن محمد
ابن احمد بن ابراهيم بن لؤلؤ اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت
قال سمع ابن لؤلؤ ابن مالك وغيره وكان ثقة وسألته عن مولده فقال في رمضان سنة ست
وخمسين وثلثمائة ومات في شوال هذه السنة ودفن
بمقبرة باب حرب
210 - عبيد الله بن محمد
ابن عبيدالله ابو القاسم النجار المعروف بابن الدلو سمع ابن المظفر قال الخطيب
كتبت عنه وكان صدوقا يسكن وراء نهر عيسى وتوفي في رمضان هذه السنة
211 - محمد بن محمد
ابن احمد ابو الحسن البصروي الشاعر وبصرى قرية دون عكبرا سكن بغداد وكان متكلما
وله نوادر مطبوعة قال له رجل لقد شربت الليلة ماء عظيما فاحتجت كل ساعة الى القيام
كأني جدي فقال له لم تصغر نفسك يا سيدنا وله شعر مليح اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب
قال انشدنا ابو الحسن البصروي ... نرى الدنيا وزهرتها فنصبو ... وما يخلوا من
الشهوات قلب ... فضول العيش اكثرها هموم ... واكثر ما يضرك ما تحب ... فلا يغررك
زخرف ما تراه ... وعيس لين الاعطاف رطب ... اذا ما بلغة جاءتك عفوا ... فخذها
فالغنى مرعى وشرب ... اذا اتفق القليل وفيه سلم ... فلا ترد الكثير وفيه حرب
سنة 444
ثم دخلت سنة اربع واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا الحسن علي بن الحسين بن محمود البغدادي المعروف بالشباش
توفي بالبصرة وكان هذا الرجل هو وابوه وعمه مستقرين فيها ومستوعبين بها وكانت
الظنون تختلف في المذهب الذي يعتقدونه الا أن الاول في انهم من الشيعة الامامية
والغلاة الباطنية اغلب وكانت لهم نعم واسعة واملاك كثيرة وشيعة من سواد البصرة
والقرامطة والبطون المنفرقة
يسرون طاعتهم ويحملون اليهم ما يجرونه مجرى زكواتهم واما ابوه وعمه فكانا يتظاهران بالتجارة ويساتران عن اعتقادهما ويظهر ان من التدين والتصون ما يدفعان به عن انفسهما فأما ابو الحسن فان اشفاقه من هذه الاسباب وما كان يرمونه من اليسار دعاه الى ان خالط الاجناد وداخل العمال وتظاهر بالاكل والشرب وسماع الغناء والترخص في المحظورات وهو في ذلك يعتذر الى اصحابه بأنه يقصد نفي عنه فلما توفي ابو الحسن نشأ له ولد يكني ابا عبد الله فقام مقامه وسلك طريقه قال المصنف رحمه الله ونقلت من خط أبي الوفاء ابن عقيل قال كان ابن الشباش وابوه قبله له طيور سوابق واصدقاء في جميع البلاد فينزل به قوم فيرفع طائرا في الحال الى قريتهم يخبر له من هناك ينزولهم ويستعلمه عن احوالهم وما تجدد هناك قبل مجيئهم اليه فكيتب اليه ذلك الحوادث فيحدث القوم بأحوالهم حديث من هو عندهم ثم يقول قد تجدد الساعة كذا وكذا فيدهشون ويرجعون الى رستاقهم فيجدون الامر على ما قال ويتكرر هذا فيصير عندهم كالقطع على انه يعلم الغيب قال ومما فعل اخذ عصفورا وجعل في رجله بلفكا وشد في البلفك كتابا لطيفا وشد في رجل حمامة بلفكا وشد في طرف البلفك كتابا اكبر من ذلك وجعلها بين يديه وجعل العصفور بيد غلام له في سطح داره والحمامة بيد آخر وبعث طائرين برقعتين الى بقعتين معروفتين يمر بهما الاصحاب المنتدبون لهذا فلما تكامل مجلسه بمن يدخل عليه قال يا بارش يوهم انه يخاطب شيطانا اسمه بارش خذ هذا الكتاب الى قرية فلان فقد جرت بينهم خصوم فاجتهد في اصلاح ذات بينهم ويرفع صوته بذلك فيسرح غلامه المترصد لكلامه العصفور الذي في يده فيرتفع الكتاب بحضور الجماعة نحو السماء فيرونه عيانا من غير ان تدرك عيونهم البلفك فاذا ارتفع الكتاب نحو السطح جذبه غلامه فقيد العصفور وقطع البلفك حتى لا يرى ويرسل طاذرا الى ملك القرية ليصلح الامر وكذلك يفعل في الحمامة ويتحقق هذا في القلوب فلا يبقى شك
وفي يوم الخميس ثالث ذي القعدة حضر قاضي
القضاة ابن ماكولا والقضاة والشهود والفقهاء والاعيان بيت النوبة وخرج رئيس
الروساء ومعه توقيع من الخليفة تشريف قاضي القضاة وتحميله فقرأه رئيس الرؤساء
رافعا به صوته
وفي يوم الاربعاء لسبع بقين من ذي القعدة قبل قاضي القضاة ابو عبد الله الحسين ابن
علي شهادة ابي نصر عبد السيد بن محمد بن الصباغ
وفي ذي القعدة عادت الفتنة بين اهل الكرخ والقلائين واحترقت دكاكين وكتبوا على
مساجدهم محمد وعلى خير البشر واذنوا حي على خير العمل وشرع في رد ابي محمد بن
النسوى الى النظر في المعونة
وفي يوم الخميس بقين من ذي القعدة حمل اهل القلائين على اهل الكرخ حملة هرب منها
النظارة من الناس ودخل كثير منهم في مسلك ضيق فهلك من النساد نيف وثلاثون امراة
وستة رجال وصبيان وطرحت النار في الكرخ وعادوا في بناء الابواب والقتال
وفي يوم الثلاثاء سادس عشر ذي الحجة جرى بين اهل الكرخ وباب البصرة قتال فجمع
الطقطقى قوما من اصحابه وكبس بهم طاق الحراني وهو من محال الكرخ وقتل رجلين وقطع
رأسيهما وحملهما الى القلائين فنصبهما على حائط المسجد المستجد
وفي هذه السنة كانت بزرجان والاهواز وتلك النواحي زلازل عظيمة ارتجت منها الارض
وانقلعت منها الحيطان ووقعت شرافات القصور وحكى بعض من يعتمد على قوله انه كان
قاعدا في ايوان داره فانفرج حتى رأى السماء من وسطه ثم رجع الى حاله
وفيها كتب محاضر في الديوان ذكر فيها صاحب مصر ومن تقدم من اسلافه بما يقدح في
انسابهم التي يدعونهم وجحد الاتصال برسول الله صلى الله عليه و سلم وبعلي وفاطمة
وعزوا الى الديصانية من المجوس والقداحية من اليهود وانهم
خارجون عن الاسلام وما جرى هذا المجرى
مما قد ذكرنا مثله في ايام القادر بالله وأخذت خطوط الاشراف والقضاة والشهود
والعلماء بذلك
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
212 - الحسن بن علي بن محمد
ابن علي بن وهب بن شبل قرة ابن واقد ابو علي التميمي الواعظ المعروف بابن المذهب
ولد سنة وخمسين وثلثمائة سمع ابا بكر بن مالك القطيعي وابا محمد بن ماسي وابن
شاهين والدارقطني وخلقا كثيرا ولا يعرف فيه الا الحير والدين وقد ذكر الخطيب عنه
اشياء لا توجب القدح عند الفقهاء وانما يقدح بها عوام المحدثين فقال كان يروى عن
ابن مالك مسند احمد باسره وكان سماعه صحيحا الا في اجزاء فانه الحق اسمه فيها قال
االمصنف وهذا لا يوجب القدح لانه اذا تيقن سماعه للكتاب جازان يكتب سماعه بخطه لا
جلال الكتب والعجب من عوام المحدثين كيف يجيزون قول الرجل اخبرني فلان ويمنعون ان
كتب سماعه بخط نفسه او الحاق سماعه فيها بما يتيقنه ومن اين له انما كتب لم يعارض
به اصلافيه سماعه وحدث ابن المذهب عن ابن مالك عن ابن شعيب بحديث وجميع ما كان عند
ابن مالك عن ابي شعيب جزء واحد ليس الحديث فيه قال المصنف رحمه الله ومن الجاذز ان
يكون ذاك الحديث سقط من نسخة ووجد في اخرى ويجوز ان يكون سمعه منه في غير ذلك
الجزء قال الخطيب وكان يعرض على احاديث في اسانيدها اسماء فيها لين يسألني عنهم
فاذكر له انسابهم فيلحقها في تلك الاحاديث قال المصنف هذا قلة فقه من الخطيب فاني
إذا انتقيت في الرواية عن ابن عمرانه عبد الله جاز ان اذكر اسمه ولا فرق بين ان
اقول حدثنا ابن المذهب وبين ان اقول اخبرنا الحسن بن علي بن المذهب وقد كان في
الخطيب شيئان احدهما الجرى على عادة عوام المحدثين من قبله من قلة الفقه والثاني
التعصب
في المذهب ونحن نسأل الله السلامة توفي
ابن المذهب ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
213 - عبد الله بن محمد بن مكي
ابو محمد السواق المقرئ يعرف بابن ماردة سمع ابا الحسن ابن كيسان وكان صدوقا يسكن
نهر القلائين توفى في ذي القعدة من هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
214 - عبد الكريم بن ابراهيم
ابن محمد ابو منصور المطرز اصبهاني الاصل ولد سنة ست وستين وثلثمائة وكان يسكن
ناحية العتابين وحدث عن علي بن محمد بن كيسان وكان صدوقا توفى في رمضان هذه السنة
215 - محمد بن احمد بن محمد
ابو جعفر السمناني القاضي ولد سنة احدى وستين وثلاثمائة وسكن بغداد وحدث عن علي بن
عمر السكري وابي الحسن الدارقطني وابن حبابة وغيرهم وكان عالما فاضلا سخيا لكنه
كان يعتقد في الاصول مذهب الاشعري وكان له في داره مجلس نظر توفى في ربيع الاول من
هذه السنة بالموصل وهو القاضي بها بعد ان كف بصره
217 - محمد بن اسمعيل بن عمر
ابن محمد بن خالد بن اسحاق بن خالد بن عبد الملك بن جرير بن عبد الله البجلي ابو
الحسن ويعرف بابن سبنك ولد سنة خمس وستين وثلثمائة وكان احد الشهود المعدلين وحدث
عن ابي بكر بن شاذان وابن شاهين والدارقطني
وابن حبابة وغيرهم توفى ليلة الخميس رابع
عشرين رمضان هذه السنة
217 - محمد بن الحسن بن محمد
ابن جعفر بن داؤد بن الحسن ابو نصر سمع المخلص وغيره وكان صدوقا توفى ليلة الخميس
ثامن ربيع الآخر من هذه السنة
218 - محمد بن عبد العزيز بن العباس
ابن محمد بن المهدي ابو الفضل الهاشمي خطيب جامع الحربية سمع من ابي الحسين ابن
سمعون وغيره وكان صدوقا خيرا فاضلا من المعدلين وتوفى في محرم هذه السنة
سنة 445
ثم دخلت سنة خمس واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها عود الفتن بين السنة والشيعة وخرق السياسة وانه احضر ابن النسوى
وقويت يده وضربت الخيم بين باب الشعير وسوق الطعام فضرب وقتل ونقض ما كتب عليه
محمد وعلي خير البشر وطرحت النار في الكرخ بالليل والنهار
وورد الحبر ان الغز قد جاؤوا الى حلوان وانهم علي قصد العراق ونظر سابور ابن
المظفر في الوازاة قبل قاضي القضاة ابن ماكولا شهادة ابي الفتح اين شيطا
وفيها اعلن بنيسابور لعن ابي الحسن الأشعري فضج من ذلك ابو القاسم عبد الكريم بن
هوازن القشيري وعمل رسالة شماها شكاية اهل السنة لما نالهم من المحنة وقال فيها
ايلعن امام الدين ومحي السنة وكان قد رفع الى السلطان طغرلبك من مقالات الأشعري
شيء فقال اصحاب الأشعري هذا محال وليس بمذهب له فقال السلطان انما يوغر بلعن
الأشعري الذي قال هذه المقالات فان لم يدينوا بها ولم يقل الأشعري شيئا منها فلا
عليكم مما يقول قال القشيري
فأخذنا في الاستعطاف فلم يسمع لنا حجة
ولم يقض لنا حاجة فاغضبنا على قذى الاحتمال واحلنا علي بعض العلماء فحضرنا فظننا
انه يصلح الحال فقال الأشعري عندى مبتدع يزيد علي المعتزلة قال القشيرى يا معشر
المسلمين الغياث الغياث قال المصنف لو أن القشيرى لم يعمل في هذه رسالة كان استر
للحال لأنه انما ذكر فيها انه وقع اللعن وانه سئل السلطان ان يتقدم بترك ذلك فلم
يجب ثم لم يذكر حجة له ولا دفع شبهة للخصم وذكر مثل هذا نوع تغفيل
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
219 - احمد بن عمر
ابن روح النهرواني كان ينظر في العيار بدار الضرب وله شعر حسن قال كنت على شط
النهروان فسمعت رجلا يتغنى في سفينة منحدرة ... وما طلبوا سوى قتلى ... فهان على
ما طلبوا ...
فاستوقفته وقلت اضف اليه
... على قتلى الاحبة بالتمادى في الجفا غلبوا ... وبالهجران طيب النو ... م من
عيني قد سلبوا ... وما طلبوا سوى قتلى ... فهان على ما طلبوا ...
توفى في ربيع الآخر من هذه السنة
220 - ابراهيم بن عمر
ابن احمد بن ابراهيم بن اسماعيل بن مهران ابو اسحاق البرمكي كان سلفه قديما يسكنون
في محله ببغداد تعرف بالبرامكة وقيل بل كانوا يسكنون قرية تسمى البرمكية وهي قرية
بقرب باب البصرة فنسبوا اليها ولد في رمضان سنة احدى وستين وثلثمائة وسمع ابا بكر
بن مالك القطيعي وخلقا كثيرا وحدثنا اشياخنا عنه وكان صدوقا دينا فقيها على مذهب
احمد بن حنبل وكانت له حلقة للفتوى في جامع المنصور وتوفى يوم الاحد سابع ذي الحجة
من هذه السنة
ودفن بمقبرة باب حرب
221 - عمر بن محمد
بان علي بن عطية ابو حفص المعروف والده بابي طالب المكي ولد سنة ثلاث وستين
وثلثمائة وسمع اباه وابا حفص ابن شاهين وكان صدوقا يسكن باب الطاق وتوفى في ربيع
الآخر من هذه السنة
22 - محمد بن احمد
ابن عثمان بن الفرج بن الازهر ابو طالب المعروف بابن السوادى اخو ابي القاسم
الازهري ولد في ليلة الجمعة لعشربقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث وستين وثلثمائة
وسمع ابا حفص ابن الزيات ومحمد بن المظفر في اخرين
انبأنا عبد الرحمن بن احمد اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كتبنا عنه وكان صدوقا توفى
في ذي الحجة من سنة خمس واربعين واربعمائة
223 - محمد بن محمد
ابن ابي تمام الزينبي نقيب النقباء توفى في هذه السنة فولى ابنه ابو علي مكانه
سنة 446
ثم دخلت سنة ست واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها أن الاتراك اجتمعوا في دار المملكة وتفاوضوا بينهم الشكوى من
وزير السلطان فيما يشعره عليهم من الامتعة ويطلق لهم من الاموال المتفاوتة القيمة
وان الوزير قد استعصم بالحريم وتفرقوا على شغب اعتزموه فضربوا الخيم علي شاطئ دجله
وركبوا بالسلاح وصار قوم منهم الى الديوان فخاطبوا على امر الوزير وقالوا من
الواجب على صاحب الحريم ان يقوم بأمورنا ليلتزمنا طاعته وانصرفوا علي نفور كثرت
الاراجيف وخفيت الفتنة وغلقت الدروب وذلك في يوم الجمعة ولم يصل الجمعة يومئذ في
جامع القصر وصلى في غيره ونقل الناس اموالهم الي باب النوبى وباب المراتب وكان ذلك
من العجب لأن تلك
الاماكن كانت مقصودة ونودى في البلد متى
وجد الوزير في دار احد فقد حل دمه ماله ومن دل عليه حسنت مكافاته فركب الاتراك
بالسلاح الى دار الروم وفيها دور ابي الحسن بن عبيد كاتب البساسيرى وغيره فنهبوا
ودخلوا البيعة واخذوا اموالا كثيرة واحرقوا البيعة وعدة دور وقائلهم العوام وعبر
اهل الكرخ والقلائين ونهر طابق وباب البصرة الى باب الغربة للحراسة وراسل الخليفة
الاتراك وقال قد عرفتم طلبنا للوزير وقبضنا علي اصحابه وهذا غاية الممكن ولم يبق
الا الفتنة التي تهلك الناس فان كانت مطلوبكم فامهلونا اياما الى ان نتأهب لسفرنا
ونخرج الى حيث يعرف فيه حقنا فاجابوه بالطاعة وقررت لهم اشياء فاخذوها وسكنوا ثم
ان الوزير ظهر فطولب فخرج نفسه بسكين ثم تسلمه البساسيرى وتقلد الوزارة ابو الحسين
بن عبد الرحيم
وغزا طغرلبك بلاد الروم
وفي مستهل ربيع الآخر انقطع الماء من الفرات على نهر عيسى انقطاعا تلف به ما كان
من زرع وتعذرت الطحون وادرك الناس بذلك ضرر شديد
وفي هذا الشهر كان من الصراصير ما زاد وكثر وسمع لها بالليل دوى كدوى الجراد اذا
طار
وخلع الخليفة على رئيس الروساء خلعة حسنة وكتب له درجا قرأه قائما في يوم الخميس
لعشرين من جمادي الاولى من هذه السنة وعبر يوم الجمعة فصلى بجامع المنصور
وقصد قريش بن دران الانبار ففتحها وخطب بها وبالموصل وفتح السوق وورد ابو الحارث
المظفر البساسيرى الى بغداد منصوفا عن الوقعة مع بني خفاجة فسار الى داره الجانب
الغربي ولم يلم دار الخليفة على رسمه وتأخر عن الخدمة بعد ذلك وبانت منه آثار
النفرة وخرج الى دجيل فاجتازت به سفينة لبعض اقارب رئيس الرؤساء فاعتاقها وطالبها
بالضريبة وكثرت دواعي الوحشة فراسله الخليفة بما طيب قلبه فقال ما اشكو الا من
النائب في الديوان ثم خرج الى
طريق خرسان فثقل على ضياع الديوان
وفي ذي الحجة توجه الى الانبار فخرج اليه الاتراك والعوام طامعين في النهب فوصل
اليها ففتحها وقطع ايدي عالم فيها وكان معه دبيس بن علي بن مزيد وذلك بعد ان احرق
دمما والفلوجة ثم قدم فتقرر انه يحضر بيت النوبة ويخلع عليه فجاء الى ان حاذى بيت
النوبة وخدم وانصرف ولم يعبر
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
223 - ابراهيم بن محمد
ابن عمر بن يحيى ابو طاهر العلوى ولد ببابل سنة تسع وستين وثلثمائة وحدث عن ابي
المفضل الشيباني وكان سماعه صحيحا توفى ببغداد في صفر هذه السنة
225 - الحسين بن جعفر
ابن محمد بن جعفر بن داود ابو عبد الله السلماسي سمع من ابن حيويه والدارقطني وابن
شاهين وكان ثقة مشهورا باصطناع البر وفعل الخير الفقراء وكثرة الصدقة وكان قداريد
للشهادة فأبى
رحدثنا محمد بن ناصر الحافظ عن ابي الحسين ابن الطيورى قال ما كان يعلم نفقة ابي
الحسن القزويني من اين هي حتى مات ابو عبد الله السلماسي فوجدوا في روزنا مجة عشرة
دنانير في كل شهر نفقة ابي الحسن القزويني قال ودخل الى بغداد السلطان فاحتاج الى
نفقة فاستقرض من التجار واستقرض من أبي عبد الله عشرة الاف واتفق انه اشترى زيتا
بعشرة آلاف فباعه بعشرين الفا فلما دخل السلطان دخله بعث اليه بعشرة الاف فلم يأخذ
وقال قولوا للسلطان هو في اوسع حل منها وانا اسأل ان اعفى عنها فقيل للسلطان فقال
قولوا له اي شيء سبب هذا فقال يأكل من مالي اقوام ان علموا اني قد اخذت من مال
السلطان لم ياكلوا منه شيئا وقد أخلفها الله على في ثمن الزيت قال المصنف رحمه
الله وحدثني بعض
الاشياخ عن السلماسي انه سووم في ثمرة في
بستان له فبذل له خمسمائة دينار فسكت فدخل قوم فزادوه علي ذلك زيادة كبيرة فقال
جوارحي سكنت الى الاول لا اغير نيتي توفى ابو عبد الله في جمادي الاولى من هذه
السنة
226 - عبد الله بن محمد بن عبد الله
ابو عبد الله الاصبهاني المعروف بابن اللبان سمع باصبهان ابا بكر ابن المقرئ
وببغداد المخلص وبمكة ابا الحسن بن فراس ودرس فقه الشافعي علي ابي حامد
الاسفرائيني وولي قضاء ايذج وكان يسكن درب الآجر في نهر طابق ويصلى بالناس
التراويح ثم يقف بعدها مصليا الى الفجر وقال في آخر رمضان لم اضع جنبي في هذا
الشهر ليلا ولا نهارا توفى في جمادي الآخرة من هذه السنة
227 - محمد بن اسحاق
ابن محمد بن قدوية ابو الحسن الكوفي المعدل اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال قدم
علينا محمد بن اسحاق في سنة اربع وعشرين واربعمائة وحدث عن ابي الحسن بن ابي السرى
البكائي شيخا ثقة له هيئة حسنة ووقار ظاهر وكان الصورى يثنى عليه خيرا وقال اصوله
جياد وسماعه صحيح وهو في نفسه الاعتقاد من اهل السنة مات بالكوفة في اليوم السادس
4 من شوال سنة ست واربعين واربعمائة
سنة 447
ثم دخلت سنة سبع واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه وصل زورق فيه شراب للبساسيرى في ربيع الآخر الى مشرعة باب
الازج فنزل اليه ابن سكرة الهاشمي وجماعة من اصحاب عبد الصمد فكسروه
وفي آخر نهار الخميس لثمان بقين من ربيع الآخر انقص كوكب كبير الجرم فتقطع ثلاث
قطع
وزادت الاسعار بالاهواز فبلغت قيمة الكر
من الحنطة ثلثمائة دينار وبشيراز الف دينار
واتصلت الفتن بين اهل باب الطاق وسوق يحيى اتصالا مسرفا وركب صاحب الشرطة والاتراك
لاطفاء الفتنة فلم ينفع ذلك وانتقل القتال الى باب البصرة واهل الكرخ علي
القنطرتين ووقعت بين الحنابلة والاشاعرة فتنة عظيمة حتى تأخر الاشاعرة عن الجمعات
خوفا من الحنابلة وكان ابو الحارث البساسيرى قد احضر الديوان واحلف على اخلاص
الطاعة ثم ان الأتراك ضجوا بين يديه وذكروا انه لا يوصل اليهم حقوقهم ثم استأذنوا
في ماله واصحابه فأذن لهم واطلق رئيس الرؤساء لسانه فيه وذكر قبح افعاله وانه كاتب
صاحب مصر وخلع ما في عنقه للخليفة وعدد ما كان مطويا في قلبه ثم سذل الخليفة فيه
فقال ليس الآن اهلاكه
اخبرنا عبد الرحمن اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان ارسلان التركي المعروف
بالبساسيري قد عظم امره واستفحل لعدم نظرائه من متقدمي الاتراك فاستوى على البلاد
وطار اسمه وتهيبته امراء العرب والعجم ودعى له على كثير من المنابر العراقية
والاهواز ونواحيها وجبي الاموال ولم يكن القائم بأمر الله يقطع امرا دونه ثم صح
عند الخليفة شر عقيدته وشهد عنده جماعة من الاتراك ان البساسيرى عرفهم وهو اذ ذاك
بواسط عزمه على نهب دار الخلافة والقبض علي الخليفة فكاتب الخليفة ابا طالب محمد
بن ميكائيل المعروف بطغولبك امير الغز وهو بنواحي الرى يستنهضه علي المسير الى
العراق وانقض اكثر من كان مع البساسيرى وعادوا الى بغداد ثم اجمع رأيهم على ان
قصدوا دار البساسيرى وهي في الجانب الغربي في الموضع المعروف بدرب صالح بقرب
الحريم الظاهرى فاحرقوها وهدموا أبيتها
ووصل طغرلبك الى بغداد في رمضان سنة سبع واربعين واربعمائة ومضى البساسيرى على
الفرات الى الرحبة وتلاحق به خلق كثير من الأتراك البغداديين
وكاتب صاحب مصر يذكر له كونه في طاعته
وانه على اقامة الدعوة له بالعراق فأمده بالاموال وولاده الرحبة
قال المصنف ولما ظهر طغرلبك وانتشر عسكره في طريق خراسان فانزعج الناس وشملهم
الخوف ودخل الى الحريم اهل السواد ثم ورد رسول الى الديوان في نحو ثلاثين من الغزو
انزعج العسكر وركبوا بالسلاح فسلم الرسول كتابا يتضمن الدعاء والثناء وانه قصد
الحضرة الشريفة للتبرك بمشاهدتها والمسيرة بعد ذلك الي الحج وعمارة طريقة
والانتقال الى قتال اهل الشام وكل معاند ثم خطب لطغرلبك ثم للمسمى بالملك الرحيم
من بعده ثم خرج رئيس الرؤساء لتلقى السلطان معه الموكب فلقيه حاجب السلطان في
جماعة من الترك ومعه شهرى فقدمه اليه وقال هذا الفرس من مراكب السلطان الخاصة وقد رسم
ركوبك اياما فنزل عن بغلته وركبه وجاء بعده عميد الدولة ابو نصر الكندري وزير
السلطان فاستقبله ورام ان يترجل له فمنعه وتعانقا علي ظهور دوابهما وتمما الي
النهر وان ولقى السلطان فذكر له ما يصلح ذكره عن الخليفة فشكر وأومأ الي تقبيل
الارض وقال ما وردت الا منصرفا عن الاوامر السامية وممتثلا للمراسم العالية
ومتميزا عن مملوك خراسان بالدنو من هذه الخدمة الشريفة ومنتقما من اعدائها وسائرا
الى بلاد الشام لفتحها واصلاح طريق الحج فقال له رئيس الرؤساء ان الله تعالى اعطاك
الدنيا بأسرها فاشتر نفسك منه ببعضها وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة وسأله في
الملك الرحيم ان يجريه مجرى اولاده فأعطاه يده ثم استأسره بعد ذلك وقطعت خطبته سلخ
رمضان هذه السنة وحمل الى القلعة فاعتقل فيها اعتقالا جميلا قال المصنف فطغرلبك
اول ملك من الترك السلجوقية وهو الذي بنى لهم الدولة والمسمى بالملك الرحيم كان
آخر امراء الديلم وملوك بني بويه
وفي رمضان قبض على ابي الحسن بن نصر النصراني كاتب البساسيرى وختم على ماله
وخزانته بدار الخلافة وغيرها
وفي حادي عشر رمضان فرغ من طيار الخليفة
وحط الي الماء بدجلة بالقراء والأصحاب وثارت بين العوام والاتراك فتنة أدت الى قتل
واسر فنهب الجانب الشرقي بأسره وذهبت اموال الناس
وفي ثاني شوال نزل طغرلبك دار المملكة وتفرق عسكره في دور الاتراك وكان معه ثمانية
فيلة
وفي يوم الثلاثاء عاشر ذي القعدة قلد ابو عبد الله محمد بن علي الدامغاتي قضاء
القضاة وخلع عليه ثم خلع علي طغرلبك ايضا في يوم الاربعاء وعاد الى داره وبين يديه
بوقات ودبادب
وفي ذي القعدة توفى ذخيرة الدين ابو العباس محمد بن القائم وكان قد نشأ نشوءا حسنا
فعظمت الرزية وجلس رئيس الرؤساء للعزاء في رواق صحن دار السلام وحضر الناس وقد امر
بتخويق ثيابهم وتشويش عمائمهم والتخفي فلما صار وقت العتمة قطع الرواق بسرادق من
دونه سبنية وجعل وراءها التابوت وخرج الخليفة فصلى عليه والناس من بعد السرادق
وكبر اربعا ودخل رئيس الرؤساء وعميد الملك الي السبنية وعزيا الخليفة وخرجا وقطع
ضرب الطبل ايام التعزية من دار الخلافة ومن الخيم السلطانية ولما كان يوم الاحد
رابع الجلوس حضر عميد الملك وأدى عن السلطان رسالة تتضمن الدعاء والسؤال بالتقدم
بالهوض من مجلس التعزية وطلب السلطان مالا من الخليفة فبذل بعض الولاة تصحيح
المطلوب علي ان يطلق يده في الحريم ويبسط في التناول فقال الخليفة ما زال هذا
الحريم مصونا وقد جرى فيه ما رأينا مكافاته في ولدنا فما نشك ان دعوة فسمعت
والرعية سألت فاجيبت فعاودوه في ذلك الى ان تقدم بالرفق فيما يفعل
وفي هذه السنة استولى ابو كامل على بن محمد الصليحي الهمذاني علي اكثر اعمال اليمن
واعتزى الى صاحب مصر وقوى على الذي كان يخطب في هذه الاعمال للقائم
وفي هذه السنة قبض الملك الرحيم بواسط
علي الوزير شرف الامة ابي عبد الله ابن عبد الرحيم وقيل طرح في بئر
وكثر فساد الغز ونهبهم فثار العوام وقتلوا عددا من الغز وكثر النهب حتى بلغ الثور
خمسة قراريط الي عشرة والحمار قيراطين الي خمسة
وكان ابو دلف فولاذ بن خسرو بن كندي قد ملك شيراز وجمع اليه الديلم بها ثم حوصر
فبلغت الحنطة سبعة ارطال بدينار ومات اهلها جوعا فبقى فيها نحو الف انسان
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
228 - تمام بن محمد
ابن هارون بن عيسى ابو بكر الهاشمي الخطيب ولد سنة ثلاث وستين وثلثمائة وسمع من
يوسف القواس وابي عبيد الله المرزباني وكان صدوقا وشهد عند ابي عبد الله بن ماكولا
فقبل شهادته وتقلد الخطابة بجامع الرصافة سنة ست وثمانين وثلثمائة ثم اضيف الي ذلك
تقليده الخطابة بجامع القصر وكان بتناوب هو وابو الحسين بن المهتدى الصلاة في جامع
الرصافة واقتصر علي مناوبة تمام في جامع القصر وتوفى في ذي القعدة من هذه السنة
229 - الحسن بن علي
ابن عبد الله ابو المؤدب الاقراع المقرئ سمع الكتائي والمخلص وغيرهما وتوفى في صفر
هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب ولم يكن به بأس
230 - الحسن بن علي
ابن عيسى الربعي ابو البركات ينوب عن الوزير ببغداد وله معرفة بعلم الكتاب وجن في
شبيبته وادعى النبوة في جنونه ثم برأ وتوفى في شعبان هذه السنة بباب المراتب
231 - الحسين بن علي
ابن جعفر بن علكان بن محمد بن دلف بن ابي دلف العجلي ابو عبد الله المعروف بابن
ماكولا من اهل جرباذقان ولد سنة ثمان وستين وثلثمائة وولى القضاء بالبصرة من قبل
ابي الحسن بن ابي الشوارب ثم استحضره القادر بالله فولاه قضاء القضاة في سنة عشرين
واربعمائة فلما ولى القائم اقره على ولايته الي حين وفاته فمكث يتولى قضاء القضاة
سبعا وعشرين سنة وكان يقول سمعت من ابي عبد الله بن منده وكان ينتحل مذهب الشافعي
وكان يقول الشعر
اخبرنا محمد بن عبد الباقي بن احمد عن ابي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي
قال انشدنا قاضي القضاة ابو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا لنفسه
... تصابى نزهه من بعد شيب ... فما اغنى مع الشيب التصابي ... وسود عارضيه بلون
خضر ... فلم ينفعه تسويد الخضاب ... وابدى للأحبة كل لطف ... فما ازداد سوى فرط
اجتناب ... سلام الله عودا بعدبدء ... على ايام ريعان الشباب ... تولى غير مذموم
وابقى ... بقلبي حسرة تحت الحجاب ... وكان نزها صينا عفيفا فحكى ابن عبيد المالكي
وكان يتوكل للقائم بأمر الله قال امرني الخليفة ان احمل ببقاعين عليه في مراكن الى
النقيبين وقاضي القضاة ابن ماكولا الي جماعة ففعلت فكلهم قبل غير ابن ماكولا
فاجتهدت فلم يفعل فعدت بالمحمول وكتبت بما جرت الحال فلما قرأها الخليفة جعل يقول
ما اغثه ما اغثه أترى تقع اليه حكومه فيحابيني فيها وتوفى ابن ماكولا في شوال هذه
السنة وصلى عليه ابو منصور وابن يوسف ودفن في داره بالحريم قريبا من باب العامة
232 - عبد الغفار بن محمد
ابن عبد الغفار ابو طاهر القرشي الاموي
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال هو من ولد مسلمة بن عبد الملك ويعرف بابن
الاموي سمع اسحاق بن سعد بن سفيان كتبت
عنه وكان صدوقا يسكن باب البصرة سألته عن مولده فقال في ربيع الاول سنة ثلاث وستين
وثلثمائة ومات في ذي الحجة من هذه السنة
233 - علي بن المحسن
ابن علي بن محمد بن ابي الفهم ابو القاسم التنوخى وتنوخ الذين ينسب اليهم اسم لعدة
قبائل اجتمعوا قديما بالبحرين وتحالفوا على التوازر والتناصر واقاموا هناك فسموا
تنوخا ولد بالبصرة في شعبان سنة خمس وستين وثلثمائة واول سماعه في شعبان سنة سبعين
وقبلت شهادته عند الحكام في حداثته وكان محتاطا صدوقا الا انه كان معتزليا ويميل
الى الرفض وتقلد قضاء نواحي عدة منها المدائن واعمالها ودر زيجان والبردان
وقرميسين وتوفى في محرم هذه السنة ودفن في داره بدرب التل
234 - محمد بن القائم
ويلقب بالذخيرة توفى في ذي القعدة من هذه السنة وعظم المصاب به علي ما ذكرنا في
الحوادث
235 - ستيتة بنت القاضي ابي القاسم عبد الواحد
ابن محمد بن عثمان البجلي
اخبرنا ابو منصور اخبرنا الخطيب قال سمعت ستيتة من ابي القاسم عمر بن محمد بن سنبك
كتبت عنها وكانت صادقة فاضلة تنزل الجانب الشرقي في حريم دار الخلافة وماتت في رجب
من سنة سبع واربعين واربعمائة
سنة 448
ثم دخلت سنة ثمان واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في مستهل المحرم عقد عميد الملك ابو نصر الكندري وزير
طغرلبك على هزارسب بن بكير بن عياض
الكردي ضمان البصرة والأهواز واعمال ذلك لهذه السنة بثلثمائة الف دينار سلطانية
واطلقت يده واذن في ذكر اسمه في الخطبة بالاهواز
وفي المحرم ابتدئ بعقد الجسر من مشرعة الحطابين الي مشرعة الرواية زيد في زوارقه
لعلو الماء فعصفت ريح شديدة فقطعت الجسر فانحدرت زوارقه الى الدراعين وانحل الطيار
المربوط بباب الغربة وتكسر سكانه وتشعثت آلاته وفي هذه السنة عم ضرر العسكر
بنزولهم في دور الناس وارتكابهم المحظورات فأمر الخليفة رئيس الرؤساء باستدعاء
الكندرى وان يخاطبه في ذلك ويحذره العقوبة فان اعتمد السلطان ما اوجبه الله تعالى
والا فليسا عدنا في النزاع عن هذه النكرات فكتب رئيس الروساء الي الكندري فحضر
فشرح له ما جرى فمضى الى السلطان فشرح له الحال فقال انني غير قادر علي تهذيب
العساكر لكثرتهم ثم استدعاه في بعض الليل فقال اني نمت وقد تداخلتني الخشية لله
تعالى مما ذكرت لي فرأيت شخصا وقع في نفسى انه رسول اله صلى الله عليه و سلم وكأنه
واقف عند الكعبة فسلمت عليه فلم يلتفت نحوى وقال يحكمك الله في بلاده وعباده ولا
تراقبه فيهم ولا تستحي من جلاله فامضى الى الديوان وانظر ما يرسمه امير المؤمنين
لأطيع فانهى رئيس الروساء الحال فخرج التوقيع متضمنا للبشارة برؤية رسول الله صلى
الله عليه و سلم فلما وصل الى السلطان بكى وامر بازالة الترك واطلاق من وكل به
وفي هذه السنة ابتدأ السلطان طغرلبك ببناء سور عريض دخل فيه قطعة كثيرة من المخرم
وعزم علي بناء دار فيها وجمع الصناع لتجديد دار المملكة العضدية وخربت الدور
والدروب والمحال والاسواق بالجانب الشرقي وجميع ما يقارب الدار واخذت آلاتها
للاستعمال ونقضت دور الاتراك وسلت اخشابها بالجانب الغربي وقلع الفقراء اخشاب
السدور وباعوه علي الخبازين والفراشين
وفي يوم الخميس لثمان بقين من المحرم عقد للخليفة القائم بأمر الله على خديجة
بنت اخي السلطان طغرلبك على صداق مبلغه
مائة الف دينار وحضر قاضي القضاة ابو عبد الله الدامغاني واقضى القضاة ابو الحسن
الماوردى ورئيس الرؤساء ابو القاسم ابن المسلمة وهو الذي خطب ثم قال ان رأى سيدنا
ومولانا امير المؤمنين ان ينعم بالقبول فعل فقال قد قبلنا هذا النكاح بهذا الصداق
فلما دخل شهر شعبان مضى ابن المسلمة الى السلطان وقال له امير المؤمنين يقول لك ان
الله تعالى يأمركم ان تؤدوا الامانات الي اهلها وقد اذن في نقل الوديعة الكريمة
الى العزيزة فقال السمع والطاعة ومضت والدة الخليفة الي دار المملكة وارسلت خاتون
بورودها فانحدرت بها ودخلا باب الغربة وقت العتمة ودخل معها عميد الملك فقبل الارض
وقال الخادم ركن الدين قد امتثل المراسم العالية في حمل الوديعة وسأل فيها كرم
الملاحظة واجتناب الضيعة ثم انصرفوا فقبلت الجهة الارض دفعات عدة فادناها اليه
وقربها منه واجلسها الي جنبه وطرح عليها فرجية منظومة بالذهب وتاجا مرصعا بالجوهر
واعطاها من غدمائة ثوب ديباجا وقضبا مذهبا وطاسة من ذهب ق نبت فيها الياقوت
والفيروزج وافرد لها من اقطاع دجلة اثنى عشر الف دينار
وفي هذا الوقت غلت الاسعار فبلغ الكر الحنطة وقد كان يساوي نيفا وعشرين دينارا
بتسعين دينارا وتعذر التبن حتى كان يباع الكساء من التبن بعشرة قراريط وانقطعت
الطريق من القوافل للنهب المتدارك وكان اهل النواحي يجيؤن بأموالهم مع الحفر
فيبيعونها ببغداد مخافة النهب ولحق الفقراء والمتجملين من معاناة الغلاء ما كان
سببا للوباء والموت حتى دفنوا بغير غسل ولاتكفين وكان الناس يأكلون الميتة وبيع
اللحم رطلا بقيراط واربع دجاجات بدينار ونصف قفيز أرز بدينار ومائة كراثة بدينار
ومائة اصل خس بدينار وعدمت الأشربة فبلغ المن من الشراب دينارا والمكوك من بزر
البقلة سبعة دنانير والسفرجلة والرمانة دينار والخيارة واللينوفرة دينارا واغبر
الجو وفسد الهواء وكثر الذباب ووقع الغلاء والموت بمصر ايضا وكان يموت في اليوم
الف نفس وعظم ذلك في رجب وشعبان حتى كفن
السلطان من ماله ثمانية عشر الف انسان وحمل كل اربعة وخمسة في تابوت وباع عطار في
يوم الف قارورة فيها شراب وعم الوباء والغلاء مكة والحجاز وديار بكر والموصل
وخراسان والجبال والدنيا كلها وورد كتاب من مصر ان ثلاثة من اللصوص نقبوا بعض
الدور فوجدوا عند الصباح موتى احدهم على باب النقب والثاني على رأس الدرجة والثالث
علي الثياب المكورة
وفي هذه السنة تقدم رئيس الرؤساء ابو القاسم على بن الحسن ابن المسلمة بان تنصب
اعلام سود في الكرخ فانزعج لذلك اهلها وكان يجتهد في اذاهم وانما كان يدفع منهم عميد
الملك الكندري
وفيها هبت ريح شديدة وارتفعت معها سحابة ترابية فاظلمت الدنيا فاحتاج الناس في
الاسواق الى السرج
وفيها احتسب ابو منصور ابن ناصر السياري علي اهل الذمة والزمهم لبس الغيارات
والعمائم المصبوغات وذلك عن أمر السلطان فصرفت ذلك عنهم خاتون ومنعت المحتسب
وفي العشر الثاني من جمادي الآخرة ظهر في وقت السحر ذؤابة بيضاء طولها في رأي
العين نحو عشرة اذرع في عرض نحو الذراع ومكثت علي هذه الحال الي النصف من رجب ثم
اضمحلت وكانوا يقولون انه طلع مثل هذه بمصر فملكت وكذلك بغداد لما طلع هذا ملكت
وخطب فيها للمصريين
وفي عشية يوم الثلاثاء سلخ رمضان خرج الناس لترأى هلال شوال فلم يروه وصلى الناس
التراويح علي عادتهم ونووا صوم غدهم فلما كان بكرة يوم الاربعاء جاء الشريف ابو
الحسن بن المهتدى المعروف بالغريق الخطيب وقد لبس سواده وسيفه ومنطقته ووراءه
المكبرون لا بسين السواد علي هيئته الى جامع دار الخلافة فرآه مغلقا ففتحه ودخل
وقال اليوم يوم العيد وقد روئى الهلال البارحة بباب البصرة ورام الصلاة فيه وجمع
الناس به وعرف رئيس
الرؤساء الخبر فغاظه ذلك واحفظه ان لم
يحضر الديوان العزيز ويطالعه بما كان وما تجدد في رؤية الهلا فراسله واستحضره
فامتنع وقال حتى اصلى واعيد ثم نكفى الى الديوان فروجع واحضر وانكر عليه اقدامه
علي فتح الجامع وهو مغلق وقد علم انه لا خبر للناس من هذا الامر محقق وقال له قد
كان يحبب ان تحضر الديوان العزيز وتنهى الحال ليحيط به العلم الشريف ويتقدم فيما
يوجبه ويقتضيه واغلظ له فيما خاطبه فاعتذر وقال ما فعلت مما فعلته الا ثقة بنفسي
وبعد ان وضعت الصورة عندي وكان قد حضرني البارحة ثمانية انفس من جيراني اثق بقولهم
فشهدوا عندي جميعا بمشاهدة الهلال فقطعت بذلك وحكمت وافطرت وافطر الناس في باب
البصرة وخرجوا اليوم قاصدين جامع المدينة ولم اعلم ان هذا لم يشع فحضرت وانكرت كون
الجامع مغلقا ثم جاء قوم فشهدوا برؤية الهلال فقال رئيس الرؤساء لقاضي القضاة ابي
عبد الله الدامغاني ما عندك في هذا فقال اما مذهب ابي حنيفة الذي هو مذهبي فلا
تقبل مع صحوا السماء وجواز ما يمنع من مشاهدة الهلال الاقول العدد الكثير الذي
يبلغ مائتين واما مذهب الشافعي الذي هو مذهب هذا الشريف فانه يقطع بشهادة اثنين في
مثل هذا وطولع الخليفة بالحال فامر بالنداء ان لا يفطر احد فأمسك من كان أكل وكان
والد القاضي ابي الحسين قد مضى الى جامع القطيعة فصلى بالناس وعيد وكذلك في جامع الحربية
ولم يعلموا بما جرى
وفي هذه السنة اقيم الأذان في المشهد بمقابر قريش ومشهد العتيقة ومساجد الكرخ
بالصلاة خير من النوم وازيل ما كانوا يستعملونه في الأذان حي على خير العمل وقلع
جميع ما كان علي ابواب الدور والدروب من محمد وعلي خير البشر ودخل الى الكرخ منشدوا
اهل السنة من باب البصرة فانشدوا الاشعار في مدح الصحابة وتقدم رئيس الروساء الى
ابن النسوى بقتل ابي عبد الله بن الجلاب شيخ البزازين بباب الطاق لما كان يتظاهر
به من الغلو في الرفض فقتل
وصلب علي باب دكانه وهرب ابوجعفر الطوسي
ونهبت داره
وتزايد الغلاء فبيع الكر الحنطة بمائة وثمانين دينارا والكارة والخشكار الرديئة
بسبعة دنانير واتى البساسيرى الموصل فخطب بها للمصري فاستدعى عميد الملك محمد بن
النسوى وتقدم اليه باخراج ابي الحسن بن عبيد كاتب البساسيرى وقتله وكان قد اسلم في
الحبس ظنا ان ذلك ينجيه فقتل
وفي هذه السنة سار طغرلبك من بغداد يطلب الموصل وقد استصحب النجارين وعمل العرادات
والمجانيق وكانت مدة مقامة ببغداد ثلاثة عشر شهرا وثلاثة عشر يوما واجتهد به
الخليفة ان يقيم فلم يقم وخرج بعسكره فنهبوا أو انا وعكبرا وجميع البلاد وسبوا
نساءها ونهبت تكريت وحوصرت القلعة وعم الغلاء جميع الآفاق حتى بلغ الكر الحنطة
مائة وتسعين دينار وزاد ذلك في المعسكر فبيع الخبز رطل بنصف دانق وعاد ابن فسانجس
الى واسط ومعه الديلم وخطب للمصري وورد محمود بن الاخرم الخفاجي من مصر ومعه مال
فخطب بشفاتا وعين التمر وبالكوفة للمصري وكذلك فعل شداد بن اسد في النيل وسورا
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
236 - الحسن بن عبد الواحد
ابن سهل بن خلف ابو محمد ولد في سنة ثمان وسبعين وثلثمائة سمع من ابن حبابة
والدارقطني والمخلص وغيرهم وكان صدوقا توفي في ربيع الآخر من هذه السنة
237 - الحسين بن جريش
ابن احمد بن علي بن يعقوب ابو عبد الله الكاتب ولد سنة تسع وستين وثلثمائة وكان
يذكر ان اصله من الكرخ وانه من ولد ابي دلف العجلي سمع المخلص ويوسف بن عمر القواس
وغيرهما وكان سماعه صحيحا وتوفى في هذه السنة
238 - بدر بن جعفر
ابن الحسين بن علي ابو الحسن العلوى من ساكني الكوفة كتب عنه ابو بكر
الخطيب وقال كان صدوقا توفى في ذي الحجة
من هذه السنة
239 - عبد الملك بن محمد
ابن محمد بن سلمان ابو محمد العطار سمع ابا الحسن بن لؤلؤ وابن المظفر وكان صدوقا
وتوفى في ذي الحجة من هذه السنة
240 - علي بن احمد
ابن علي بن سلك ابو الحسن المؤدب المعروف بالفالى من اصل بلدة فالة قريبة من ايذج
اقام بالبصرة مدة وسمع بها من أبي عمر بن عبد الواحد الهاشمي وقدم بغداد فاستوطنها
وكان ثقة انشدنا محمد بن ناصر الحافظ قال انشدنا ابو زكرياء التبريزي قال انشدني
ابو الحسن الفالي من لفظه لنفسه
... لما تبدلت المجالس اوجها ... غير الذين عهدت من علمائها ... ورأيتها محفوفة
يسوعا الاولى ... كانوا ولاة صدورهاو فنائها ... أنشدت بيتا سائرا متقدما ...
والعين قد شرقت بجارى مائها ... أما الخيام فانها كخيامهم ... وأرى نساء الحي غير
نسائها ...
وانشد لنفسه
... تصدر للتدريس كل مهوس ... بليد يسمى بالفقيه المدرس ... فحق لأهل العلم ان
يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كل مجلس ... لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها
وحتى سامها كل مفلس ...
قال ابو زكريا وجدت بخط الفالي لنفسه وكان قد باع الجمهرة لابن دريد فندم بعد ذلك
... انست بها عشرين حولا وبعتها ... لقد طال وجدي بعدها وحنيني ... وما كان ظني
انني سأبيعها ... ولو خلدتني في السجون ديوني ... ولكن لضعف وافتقار وصبية ...
صغار عليهم تستهل جفوني ... فقلت ولم املك سوابق عبرتي ... مقالة مكوى الفؤاد حزين
لقد تخرج الحاجات يا ام مالك ... ذخائر
من رزء بهن ضنين ...
توفى الفالي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بمقبرة جامع المنصور
241 - فاطمة بنت القادر
أخت القائم بامر الله توفيت في هذه السنة فاخرج تابوتها وتابوت الذخيرة ابي العباس
بن القائم القاذم وصلى الخليفة عليهما في صحن السلام وجلس رئيس الرؤساء في الطيار
مع التابوتين وحملا الى الرصافة وحضر في العزاء عدد لا يتجاوزون اربعين لخلو البلد
وانقراض الناس بالموت والفقر
242 - محمد بن ايوب
ابو طالب الملقب عميد الرؤساء ومولده سنة سبعين وثلثمائة كتب للخليفة ستة عشر سنة
وتوفى عن ثمان وسبعين سنة
243 - محمد بن احمد
ابن علي ابو طاهر الدقاق يعرف بابن الاشناني سمع من ابي عمر بن مهدي وابن الصلت
وأبي عبد الله بن دوست وكان ثقة ومات يوم السبت للنصف من صفر هذه السنة
244 - محمد بن الحسن
ابن عثمان بن عمر ابو طاهر الانباري قدم بغداد في سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة وسمع
من الحسين بن هارون الضبي واتى عبد الله بن دوست وكان صدوقا وتوفى في النصف من
ربيع الاول من هذه السنة
245 - محمد بن الحسين
ابن عثمان بن الحسن ابو بكر الهمذاني الصيرفي سمع الدارقطني وابن حبابة ولم يكن به
بأس وتوفى في هذه السنة
246 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن سعدون ابو طاهر البزاز الموصلي نشأ ببغداد وسمع من ابن حيوية وابي بكر
بن شاذان والدارقطني وابن بطة وغيرهم وكان صدوقا وتوفى في جمادي الاولى من هذه
السنة
247 - محمد بن عبد الملك
ابن محمد بن بشر ان سمع محمد بن المظفر وابا عمر ابن حيوية ومحمد بن ابراهيم بن
مطر ابن عمران الضراب بن المحسن وابا بكر بن شاذان وابا الحسن الدارقطني وابا حفص
بن شاهين وابا الفضل الزهري وخلقا من هذه الطبقة كتبنا عنه وكان صدوقا وسألته عن
مولده فقال في جمادي الآخرة من سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة ومات في ليلة الجمعة ودفن
في مقبرة باب حرب يوم الجمعة التاسع والعشرين من جمادي الاولى سنة ثمانية واربعين
واربعمائة وصليت عليه في جامع المدينة
248 - هلال بن المحسن
ابن ابراهيم بن هلال ابو الحسين الكاتب الصابي صاحب التاريخ ولد سنة تسع وخمسين
وسمع ابا علي الفارسي وعلي بن عيسى الرماني وغيرهما وكان صدوقا وجده ابو اسحاق
الصابي صاحب الرسائل وكان ابوه المحسن صابئا فاما هو فاسلم متأخرا وكان قد سمع من
العلماء في حال كفره لانه كان يطلب الادب وتوفي في
رمضان هذه السنة
ذكر سبب اسلامه
انبأنا محمد بن ناصر حدثنا الرئيس ابو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب قال قال
هلال بن المحسن رايت في المنام سنة تسع وتسعين وثلثمائة رسول الله صلي الله عليه
وسلم قد وافى الىموضع مقامي والزمان شتاء والبرد شديد والماء جامد فاقعدني فارتعدت
حين رأيته فقال لا ترع فاني رسول الله وحملني الي بالوعة في الدار عليها دورق خزف
وقال توضاء وضوء الصلاة فأدخلت يدي في الدورق فاذا الماء جامد فكسرته وتناولت من
الماء ما امررته علي وجهي وذراعي وقدمي ووقف في صفه وصلى وجذبني الى جانبه وقرأ
الحمد واذا جاء نصر الله والفتح وركع وسجد وانا افعل مثل فعله وقام ثانيا وقرأ
الحمد وسورة لم اعرفها ثم سلم واقبل على وقال انت رجل عاقل محصل والله يريد بك
خيرا فلم تدع الاسلام الذي قامت عليه الدلائل والبراهين وتقيم علي ما انت عليه هات
يدك وصافحني فاعطيته يدي فقال قل اسلمت وجهي لله واشهد ان الله الواحد الصمد الذي
لم يكن له صاحبة ولا ولد وانك يا محمد رسوله الى عباده بالبينات والهدى فقلت ذاك
ونهض ونهضت فرأيت نفسي قائما في الصفة فصحت صياح الانزعاج والارتياع فانتبه اهلي
وجاؤا وسمع ابي فقال مالكم فصحت به فجاؤا وأوقدنا المصباح وقصصت عليهم قصتي فوجموا
إلا أبي فانه تبسم وقال ارجع الى فراشك فالحديث يكون عند الصباح وتأملنا الدورق
فاذا الجمد الذي فيه متشعث بالكسر وتقدم والدي الى الجماعة بكتمان ما جرى وقال يا
بني هذا منام صحيح وبشرى محمودة الا ان اظهار هذا الامر فجاءة والانتقال من شريعة
الى شريعة يحتاج الى مقدمة وأهبة ولكن اعتقد ما وصيت به فانني معتقد مثله وتصرف في
صلاتك ودعائك على احكامه ثم شاع الحديث ومضت مدة فرأيت رسول الله صلى الله عليه و
سلم ثانيا على دجلة في مشرعة باب البستان وقد تقدمت اليه وقبلت يده فقال ما فعلت
شيئا مما وافقتني عليه وقررته معي قلت بلى يا رسول الله ألم أعتقد
ما امرتني به وتصرفت في صلاتي ودعائي على
موجبه فقال لا واظن ان قد بقيت في نفسك شبهة تعال وحملني الى باب المسجد الذي في
المشرعة وعليه رجل خراساني نائم على قفاه وجوفه كالغرارة المحشوة من الاستسقاء
ويداه وقدماه منتفختان فأمر يده على بطنه وقرأ عليه فقام الرجل صحيحا معافى فقلت
صلى الله عليك يا رسول الله فما احسن تصديق امرك واعجز فعلك وانتهيت فلما كان في
سنة ثلاثا واربعمائة رأيت في بعض الليالي كأن رسول الله صلى الله عليه و سلم راكبا
علي باب خيمة كنت فيها فانحنى على سرجه حتى أراني وجهه فقمت وقبلت ركابه ونزل
فطرحت له مخدة وجلس وقال يا هذا كم أمرك بما اريد فيه الخير لك وانت تتوقف عنه قلت
يا مولاي اما أنا متصرف عليه قال بلى ولكن لا يغنى الباطن الجميل مع الظاهر القبيح
وان تراعي امرا فمراعاتك الله اولى قم الآن وافعل ما يجب ولا تخالف قلت السمع
والطاعة
فانتبهت ودخلت الى الحمام وجئت الى المشهد وصليت فيه وزال عني الشك فبعث الى فخر
الملك فقال ما الذي بلغني فقلت هذا أمر كنت اعتقده واكتمه حتى رأيت البارحة في
النوم كذا وكذا فقال قد كان اصحابنا يحدثوني انك كنت تصلى بصلاتنا وتدعو بدعائنا
وحمل الي دست ثياب ومائتي دينار فرردتها وقلت ما أحب ان اخلط بفعلي شيئا من الدنيا
فاستحسن ما كان مني وعزمت ان اكتب مصحفا فرأى بعض الشهود رسول الله صلى الله عليه
و سلم في المنام وهو يقول له تقول لهذا المسلم القادم نويت ان تكتب مصحفا فاكتبه
فيه يتم اسلامك قال وحدثتني امرأة تزوجتها بعد اسلامي قالت لما اتصلت بك قيل لي
انك على دينك الاول فعزمت على فراقك فرأيت في المنام رجلا قيل انه رسول الله صلى
الله عليه و سلم ومعه جماعة قيل هم الصحابة ورجل معه سيفان انه على بن أبي طالب
وكأنك قد دخلت فنزع على احد السيفين فقلدك اياه وقال ها هنا ها هنا وصافحك رسول
الله صلى الله عليه و سلم فرفع امير المؤمنين رأسه الي وانا مطلعة من الغرفة فقال
ماترين الى هذا هو اكرم عند الله وعند رسوله منك ومن كثير
من الناس وما جئناك الا لنعرفك موضعه
ونعلمك اننا زوجناك به تزويجا صحيحا فقرى عينا وطيبى نفسا فما ترين الا خيرا
فانتهيت وقد زال عني كل شك وشبهة قال ابو علي بن نبهان في اثر هذا الحديث عن جده
لأمه أبي الحسن الكاتب ان النبي صلى الله عليه و سلم قال له في المرة الثالثة
وتحقيق رؤياك اياي ان زوجتك حامل بغلام فاذا وضعته فسمه محمدا فكان ذلك كما قال
وانه ولد له ولد فسماه محمد وكنا ابا الحسن
سنة 449
ثم دخلت سنة تسع واربعين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه في المحرم فتح الذعار عدة دكاكين من نهر الدجاج ونهر طابق
والعطارين وكسروا دراباتها واخذوا ما فيها واستعفى ابن النسوي من الشرطة فاعفى
وفي العشر الاخير من المحرم بلغت الكارة الدقيق تسعة دنانير وكدى المتجملون وكثير
من التجار واكلت الكلاب والميتات ومات من الجوع كل يوم خلق كثير وشوهدت امرأة معها
فخذ كلب ميت قد اخضر وجاف وهي تنهشه ورمى من سطح طائر ميت فاجتمع عليه خمسة انفس
فاقتسموه واكلوه ورؤى رجل قد شوى صبية في اتون فاكلها فقتل وسددت ابواب دور مات
اهلها وكان الانسان يمشي في الطريق فلا يرى الا الواحد بعد الواحد
وفي صفر هذه السنة كبست دار ابي جعفر الطوسي متكلم الشيعة بالكرخ واخذ ما وجد من
دفاتره وكرسي كان يجلس عليه للكلام واخرج الى الكرخ وضيف اليه ثلاثة مجانيق بيض
كان الزوار من اهل الكرخ قديما يحملونها معهم اذا قصدوا زيارة الكوفة فاحرق الجميع
وفي جمادي الآخرة ورد كتاب من تجار ما وراء نهر قد وقع في هذه الديار وباء عظيم
مسرف زائد عن الحد حتى انه خرج من هذا الاقليم في يوم واحد ثمانية عشر الف جنازة
واحصى من مات الى ان كتب هذا الكتاب فكانوا
الف الف وستمائة الف وخمسين الفا والناس يمرون في هذه البلاد فلا يرون الا اسواقا فارغة وطرقات خالية وابوابا مغلقة حتى ان البقر نفقت وجاء الخبر من آذربيجان وتلك الاعمال بالوباء العظيم وانه لم يسلم الا العدد القليل ووقع وباء بالاهواز وأعمالها وبواسط وبالنيل ومطير اباذ والكوفة وطبق الارض حتى كان يخد للعشرين زبية فيلقون فيها وكان اكثر سبب ذلك الجوع وكان الفقراء يشوون الكلاب وينبشون القبور فيشوون الموتى ويأكلونها وكان لرجل جريبان ارضا دفع اليه في ثمنها عشرة دنانير فلم يبعها فباعها حينئذ بخمسة ارطال خبز وأكلها ومات من وقته وطويت التجارات وامور الدنيا وليس للناس شغل في الليل والنهار الا غسل الاموات والدفن وكان الانسان قاعدا فينشق قلبه عن دم المهجة فخرج الى الفم منه قطرة فيموت الانسان وتاب الناس كلهم وتصدقوا بمعظم اموالهم واراقوا الخمور وكسروا المعازف ولزموا المساجد لقراءة القرآن خصوصا العمال والظلمة وكل دار فيها خمر يموت اهلها في ليلة واحدة ووجدوا دار فيها ثمانية عشر نفسا موتى ففتشوا متاعهم فوجدوا خابية خمر فاراقوها ودخلوا على مريض طال نزعه سبعة ايام فاشار باصبعه الى خايبة خمر فقبلوها وخلصه الله تعالى من السكرة فقضى وقبل ذلك كان من يدخل هذه الدار يموت ومن كان مع امرأة حراما ماتا من ساعتهما وكل مسلمين بينهما هجران وأذى فلم يصطلحا ماتا معا ومن دخل الدار ليأخذ شيئا مما قد تخلف فيها وجدوا المتاع معه وهو ميت ومات رجل كان مقيما بمسجد فخلف خمسين الف درهم فلم يقبلها احد ووضعت في المسجد تسعة ايام بحالها فدخل اربعة انفس ليلا الى المسجد وأخذوها فماتوا عليها وتوصى الرجل الرجل فيموت الذي اوصى اليه قبل الموصى وخلت اكثر المساجد من الجماعات وكان ابو محمد عبد الجبار بن محمد الفقيه معه سبعمائة متفقه فمات وماتوا سوى اثنى عشر من الكل ودخل رجل على ميت وعليه لحاف فأخذه فمات ويده في طرف اللحاف وباقية على الميت
ودخل دبيس بن علي بلاده فوجدها خرابا لا
اكاربها ولا عالمة حتى انه انفذ رسولا الى بعض النواحي فلقيه جماعة فقتلوه وأكلوه
وجمع العميد ابو نصر الناس من الطرقات للعمل في دار المملكة وفيهم الهاشميون
والقضاة والشهود والنجار فكانوا يحملون اللبن على اكتفاهم وايديهم عدة اسابيع
وفي يوم الاربعاء لسبع بقين من جمادي الآخرة احترقت قطيعة عيسى وسوق الطعام والكبش
واصحاب السقط وباب الشعير وسوق العطارين وسوق العروس والانماط والخشابين والجزارين
والنجارين والصف والقطيعة وباب محول ونهر الدجاج وسويقة غالب والصفارين والصباغين
وغير ذلك من المواضع والرواضع
وعاد طغرلبك من الموصل الى بغداد وسلم الموصل واعمالها الى ابراهيم ينال ابن اخيه
فاحسن ابراهيم السيرة
وفي هذه السنة لقي السلطان طغرلبك الخليفة القائم بالله وكان السلطان يسأل في ذلك
الى ان تقرر كون هذا في ذي القعدة فجلس رئيس الرؤساء في صدر رواق صحن السلام وبين
يديه الحجاب ثم استدعى نقيبي العباسيين والعلويين وقاضي القضاة والشهود فلما تضاحى
النهار وكتب الى السلطان طغرلبك بما مضمونه الاذن عن امير المؤمنين في الحضور
فانفذ ذلك مع ابني المامون الهاشميين ومن خدم الخواص خادمين ومن الحجاب حاجبين
ولما وقف السلطان على ذلك نزل في الطيار وكان قد زين وانفذ اليه فانحدر ومعه عدة
زبازب سميريات وعلى الظهر فيلان يسيران بازاء الطيار فدخل الدار والأولاد والامراء
والملوك يمشون بين يديه ونحو خمسمائة غلام ترك فلما وصل الى باب دهليز صحن السلام
وقف طويلا على فرسه حتى فتح له ونزل فدخل الى الصحن ومشى وخرج رئيس الرؤساء الى
وسطه فتلقاه فدخل على امير المؤمنين وهو على سرير عال من الارض نحو سبعة اذرع عليه
قميص وعمامة مصمتان وعلى منكبه بردة النبي صلى الله عليه و سلم وبيده القضيب فحين
شاهد السلطان
امير المؤمنين قبل الارض دفعات فلما دنا
من مجلس الخليفة صعد رئيس الرؤساء الى سرير لطيف دون ذلك السرير بنحو قامة وقال له
امير المؤمنين اصعد ركن الدين اليك وليكن معه محمد بن منصور الكندري فاصعدهما اليه
وتقدم وطرح كرسي جلس عليه السلطان وقال امير المؤمنين لرئيس الرؤساء قل له يا علي
امير المؤمنين حامد لسعيك شاكر لفضلك آنس بقربك زائد الشغف بك وقد ولاك جميع ما
ولاه الله تعالى من بلاده ورد اليك في مراعاة عبادة فاتق الله فيما ولاك واعرف
نعمته عليك وعبدك في ذلك واجتهد في عمارة البلاد وصلاح العباد ونشر العدل وكف
الظلم ففسر له عميد الملك القول فقام وقبل الارض وقال انا خادم امير المؤمنين
وعبده ومتصرف على امره ونهبه ومتشرف بما اهلني واستخدمني فيه ومن الله تعالى استمد
المعونة والتوفيق واستأذن امير المؤمنين في ان ينهض ويحمل الى حيث تفاض الخلع عليه
فنزل الى بيت في جانب اليهود ودخل معه عميد الملك فألبس الخلع وهي سبع خلع في زي
واحد وترك التاج على رأسه وعاد فجلس بين يدي امير المؤمنين ورام تقبيل الارض فلم
يتمكن لأجل التاج واخرج امير المؤمنين سيفا من بين يديه فقلده اياه وخاطبه بملك
المشرق والمغرب واستدعى الوية وكانت ثلاثة اثنان خمرية بكتائب صفر وآخر بكتائب
مذهبه سمى لواء الحمد فعقد منهم امير المؤمنين لواء الحمد بيده واحضر العهد فقال
يسلم اليه ويقال له يقرأ عليك عهدنا وينشر لك لتعمل بموجبه وبمقتضى ما امرنا به
خار الله لنا ولك وللمسلمين فيما فعلنا وابرمناه امرك بما امرك الله به وانهاك عما
نهاك الله عنه
وهذا منصور بن احمد نائبا لديك وصاحبنا وخليفتنا عندك ووديعتنا فاحتفظ به وراعه
فانه الثقة السديد والامين الرشيد وانهض على اسم الله تعالى مصاحبا محروسا وكان من
السلطان طغرلبك في كل فصل يفصل له من الشكر وتقبيل
الارض ما ابان عن حسن طاعته وصادق محبته
وسأل مصالفحته باليد الشريفة فأعطاه امير المؤمنين يده دفعتين قبل لبسه الخلع وعند
انصرافه من حضرته وهو يقبلها ويضعها على عينيه ودخل جميع من في الدار من الاكابر
والاصاغر الى المكان فشاهدوا تلك الحال وخرج الى صحن السلام فسار والخيل والالوية
امامه ولما خرجت الالوية رفعت من سطح صحن السلام وحطت على روشن بيت النوبة ومنه
الى الطيار لئلا تخرج في الابواب فتنكس ومضى اليه رئيس الرؤساء في يوم الاثنين
وهنأه عن الخليفة وقال له ان امير المؤمنين يأمرك ان تجلس للهناء بما افاضه عليك
من نعمة وولاك من خدمته وحمل اليه خلعة فقام وقبل الارض وقال قد اهلني امير
المؤمنين لرتبة يستنفذ شكري ويستعبدني بما بقي من عمري واتاه بسدة مذهبه وقال له
امير المؤمنين يرسم لك ان تلبس هذا التشريف وتجلس في هذا الدست وتأذن للناس
ليشهدوا ما تواتر من انعامه فيبتهج الولي وينقمع العدو وحمل السلطان في مقابلة ذلك
خمسين غلاما اتراكا على خيول بسيوف ومناطق وعشرين رأسا من الخيل وخمسين الف دينار
وخمسين قطعة ثياب
وفي ذي الحجة من هذه السنة قبض على ابي محمد الحسن بن عبد الرحمن اليازوري بمصر
وعلى ثمانين من اصحابه وقررت عليه اموال عظيمة وكتب خطه بثلاثة آلاف الف دينار
واخذ من المختصين به الوف وكان في ابتداء امره قد حج واتى المدينة وزار رسول الله
صلى الله عليه و سلم فسقط على منكبه قطعة من الخلوق فقال احد القوام ايها الشيخ
ابشرك بأمر ولى الحباء والكرامة اذا بلغت اليه اعلمك انك تلي ولاية عظيمة وهذا
الخلوق الذي وقع عليك شاهدها وهو دليل على علو منزلة من يسقط عليه فضمن له ما طلبه
فلم يحل الحول حتى ولى الوزارة واحسن الى الرجل وتفقد الحرمين احسن تفقد وكان من
اصحاب ابي حنيفة وكان ابو يوسف القزويني يحكى سيرته ونفاق اهل العلم عليه وقال انه
التقاني يوما وقد توجه الى ديونه فلما رآني وقف ووقف الناس لأجله وقال لي الى
اين فقلت قصدتك لحوائج كلفني اقوام
قضاءها فقال لا ابرح من مكاني حتى تذكرها فجعلت اذكر له حاجة حاجة وهو يقول نعم
وكرامة حتى قال في الحاجة الاخيرة السمع والطاعة ثم انفرد امير كان معه بعد
انصرافه فقال له اي شيء انت فقلت انا لا شيء يقول له الوزير السمع والطاعة فقال
انا من اهل العلم فقال استكثر مما معك فانه اذا كان في شخص اطاعته الملوك
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر * 249 احمد بن عبدالله
ابن سليمان ابو العلاء التنوخي المعري ولد يوم الجمعة عند غروب الشمس لثلاث بقين
من ربيع الاول سنة ثلاث وستين وثلثمائة واصابه الجدري في سنة سبع أو أواخر سنة ست
فغشي حدقتيه ببياض فعمى فقال الشعر وهو ابن احدى عشرة سنة وله اشعار كثيرة وسمع
اللغة واملى فيها كتبا وله بها معرفة تامة ودخل بغداد سنة تسع وتسعين وثلثمائة
واقام بها سنة وسبعة اشهر ثم عاد الى وطنه فلزم منزله وسمى نفسه رهين المحبسين
لذلك ولذهاب بصره وبقي خمسا واربعين سنة لا يأكل اللحم ولا البيض ولا اللبن ويحرم
ايلام الحيوان ويقتصر على ما تنيب الارض ويلبس خشن الثياب ويظهر دوام الصوم ولقيه
رجل فقال لم لا نأكل اللحم فقال ارحم الحيوان قال فما تقول في السباع التي لا طعام
لها الا لحوم الحيوان فان كان الخالق الذي دبر ذلك فما انت بأرأف منه وان كانت
الطبائع المحدثة لذلك فما انت بأحذق منها ولا انقص عملا منك قال المصنف رحمه الله
وقد كان يمكنه ان لا يذبح رحمة فاما ما قد ذبحه غيره فأي رحمة قد بقيت في ترك أكله
وكانت احواله تدل على اختلاف عقيدته وقد حكى لنا عن أبي زكريا انه قال قال لي
المعري ما الذي تعتقد فقلت في نفسي اليوم اعرف اعتقاده فقلت ما انا الا شاك فقال
هذا شيخك وكان ظاهر امره يدل انه يميل الى مذهب البراهمة فانهم لا يرون ذبح
الحيوان ذبح الحيوان ويجحدون الرسل
وقد رماه جماعة من العلماء بالزندقة والالحاد وذلك امره ظاهر في كلامه واشعاره وانه يرد على الرسل ويعيب الشرائع ويجحد البعث ونقلت من خط ابي الوفاء ابن عقيل انه قال من العجائب ان المعري اظهر ما اظهر من الكفر البارد الذي لا يبلغ منه مبلغ شبهات الملحدين بن بل قصر فيه كل التقصير وسقط من عيون الكل ثم أعتذر بأن لقوله باطنا وانه مسلم في الباطن فلا عقل له ولا دين لانه تظاهر بالكفر وزعم انه مسلم في الباطن وهذا عكس قضايا المنافقين والزنادقة حيث تظاهروا بالاسلام وابطنوا الكفر فهل كان في بلاد الكفار حتى يحتاج الى ان يبطن الاسلام فلا اسخف عقلا ممن سلك هذه الطريقة التي هي اخس من طريقة الزنادقة والمنافقين اذا كان المتدين يطلب نجاة الآخرة لاهلاكها في الدنيا حين طعن في الاسلام في بلاد الاسلام وابطن الكفر واهلك نفسه في المعاد فلا عقل له ولا دين وهذا ابن الريوندى وابو حيان ما فيهم الا من قد انكشف من كلامه سقم في دينه يكثر التحميد والتقديس ويدس في اثناء ذلك المحن قال ابن عقيل وما سلم هؤلاء من القتل الا لأن ايمان الاكثرين ما صفا بل في قلوبهم شكوك تختلج وشكوك تعتلج مكتومة اما لترجح الايمان في القلوب او مخافة الانكار من الجمهور وفلما نطق ناطق شبهاتهم اصغوا اليه الا ترى من صدق ايمانه كيف قتل اباه واذا اردت ان تعلم صحة ما قلت فانظر الى نفورهم عند الظفر في عشائرهم وفي بعض اهوائهم او في صور يهوونها فانظر الى اراقه فاذا نذرت نادرة في الدين وان كثر وقعها لم يتحرك منها نابضة قال المصنف رحمه الله وقد رأيت للمعرى كتابا سماه الفصول والغايات يعارض به السور والآيات وهو كلام في نهايات الركة والبرودة فسبحان من اعمى بصره وبصيرته وقد ذكر على حروف المعجم في آخر كلماته فما هو على حرف الالف طوبى لركبان النعال المعتمدين على عصى الطلح يعارضون الركائب في الهواجر والظلماء يستغفر لهم قحة القمر وضياء الشمس وهنيا لتاركي النوق في غيطان الفلا يحوم عليها ابن داية يطيف بها السرحان وشتان او ارك قوة الالبان وجرى لبنها افقد من لبن العطاء
وكله على هذا البارد وقد نظرت في كتابة المسمى لزوم مالا يلزم وهو عشرة مجلدات وحدثني ابن ناصر عن أبي زكريا عنه بأشعار كثيرة فمن اشعاره ... اذا كان لا يحظى برزتك عاقل ... وترزق مجنونا وترزق احمقا ... فلا ذنب يا رب السماء على امرىء ... رأى منك مالا يشتهي فتزندقا ... وله ... وهيهات البرية في ضلال ... وقد نظر اللبيب لما اعتراها ... تقدم صاحب التوراة موسى ... واوقع في الخسار من افتراها ... فقال رجاله وحتى اتاه ... وقال الناظرون بل افتراها ... وما حجى الى احجار بيت ... كؤوس الخمر تشرب في ذراها ... اذا رجع الحليم الى حجاه ... تهاون بالمذاهب وازدراها ... وله ... هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ... ويهود حارت والمجوس مضلله ... اثنان اهل الارض ذو عقل بلا ... دين وآخر دين لا عقل له ... وله ... فلا تحسب قال الرسل حقا ... ولكن قول زور سطروه ... وكان الناس في عيش رغيد ... فجاؤا بالمحال وكدروه ... وله ... ان الشرائع القت بيننا احنا ... واورثتنا افانين العدوات ... وهل ابيح نساء الروم عن عرض ... للعرب الا بأحكام النبوات ... وله ... افيقوا افيقوا يا غواة فانما ... دياناتكم مكر من القدماء ... وله ... تناقض ماله الا السكوت له ... وان نعوذ بمولانا من النار ... يد لخمس مئين من عسجد فديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
وله ... لا يكذب الناس على ربهم ... ما
حرك العرش ولا زلزلا ... وله ... ضحكنا وكان الضحك بنا سفاهة ... وحق لسكان
البسيطة ان يبكوا ... تحطمنا الايام حتى كأننا ... زجاج لا يعادلنا السبك ... وله
... كون يرى وفساد جاء يتبعه ... تبارك الله ما في خلقه عبث ... وان يؤذن بلال
لابن آمنة ... فبعده لسجاح ما دعى شبث ...
اراد بالبيت الأول المجون ومعناه هل هذا الا عبث وعنى بالبيت الثاني شبث ابن ربعي
فانه اذن لسجاح التي ادعت النبوة وذكر نبينا عليه السلام باسم أمه واراد أن كان
تدله هذا فقد جرى مثله لامرأة وله في هذا المعنى فساد وكون حادثان كلاهما
وله في مثل ذلك
شهيد بأن الخلق صنع حكيم
وله مثل الذي قبله ... فربما حل موصوف يراقبه ... فكيف يمحن اطفال بايلام ... وله
... امور تستخف بها حلوم ... وما يدري الفتى لمن الثبور ... كتاب محمد وكتاب موسى
... وانجيل ابن مريم والزبور ... وله ... قلتم لنا خالق قديم ... صدقتم هكذا نقول
... زعمتموه بلا زمان ... ولا مكان الا فقولوا ... هذا كلام له خبىء ... معناه
ليست لنا عقول ...
انظر الى حماقة هذا الجاهل انكر أن يكون الخالق موجود الا في زمان ولا في
مكان ونسي انه أوجدهما وانما ذكرت هذا من
اشعار ليستدل بها على كفره فلعنه الله وذكر ابو الحسن محمد بن هلال ابن الحسن
الصابي في تاريخه قال ومن اشعار المعري ... صرف الزمان مفرق الإلفين ... فاحكم الا
هي بين ذاك وبيني ... انهيت عن قتل النفوس تعمدا ... وبعثت انت لاهلها ملكين ...
وزعمت ان لها معادا ثانيا ... ما كان اغناها عن الحالين ...
مات المعري في ربيع الاول من هذه السنة بمعرة النعمان عن ست وثمانين سنة الا اربعة
وعشرين يوما وقد روى لنا انه قد انشد على قبره ثمانون مرثية رثاه بها اصحابه ومن
قرأ عليه ومال اليه فقال بعضهم
... ان كنت لم ترق الدماء زهادة ... فلقد ارقت اليوم من جفني دما ...
وهؤلاء بين امرين اما جهال بما كان عليه واما قليلوا الدين لا يبالون به ومن سير
خفيات الامور بانت له فكيف بهذا الكفر الصريح في هذه الاشعار قال ابن الصابىء ولما
مات المعري رأى بعض الناس في منامه كان افعيين على عاتقي رجل ضرير تدليا الى صدره
ثم رفعا راسيهما فهما ينهشان من لحمه وهو يستغيث فقال من هذا فقيل المعري الملحد
250 - الحسين بن احمد
ابن القاسم بن علي بن محمد بن احمد بن ابراهيم بن طباطبا بن اسمعيل بن ابراهيم ابن
الحسن بن الحسين بن علي بن ابي طالب النسابة ولد في ذي القعدة سنة ثمانين وثلثمائة
وتوفي في صفر هذه السنة
اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال كان متميزا من بين اهله بعلم النسب
ومعرفة أيام الناس وله حظ في الادب وعلقت عنه حكايات ومقطعات من الشعر
251 - الحسين بن محمد
ابن عثمان ابو عبدالله ابن النصيبي سمع علي بن عمر السكري والدارقطني والمخلص
قال الخطيب كتبت عنه وكان صحيح السماع
وكان يذهب الى الاعتزال وتوفي في هذه السنة
252 - سعد بن أبي الفرج محمد
ابن جعفر ابن ابي الفرج ابن فسانجس يكنى ابا الغنائم ويلقب علاء الدين وزرمدة
للملك ابي نصر بن ابي كاليجار ونظر في اول ايام الغز بواسط وخطب للمصريين فحمل الى
بغداد وشهر بها وصلب بازاء التاج في هذه السنة وكان عمره سبعا وثلاثين سنة
253 - عبيد الله بن الحسين
ابن نصر ابو محمد العطار سمع ابن المظفر والدارقطني اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب
قال كتبت عنه وكان ثقة وسألته عن مولده فقال سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة وتوفي في
هذه السنة
254 - عدنان بن الرضى الموسوي
ولى نقابة الطابيين وتوفي في هذه السنة
سنة 450
ثم دخلت سنة خمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه وقع في يوم الثلاثاء سادس عشر المحرم برد كبار وهلك كثير من
الغلات وزنت منه واحدة بصريفين فكانت نيفا وثلاثين درهما وزادت دجلة هذا اليوم
خمسة عشر ذراعا وفي يوم السبت رابع عشر صفر وقع برد بالنهروان وما يقاربها من
السواد كبيض الدجاج فأهلك الغلات وقتل جماعة من الاكراد ووقعت واحدة منه على رجل
ففتحت رأسه وضربت اخرى رأس فرس فرمى راكبه وشرد
وزاد العبث من اصحاب السلطان فكانوا يأخذون عمائم الناس حتى انه عبر في
جمادي الآخرة ابو منصور ابن يعقوب الى
نقيب العلويين ومعه ابو الحسين بن المهتدى فلما بلغوا الى باب الكرخ اخذت عمامة
ابن المهتدى فاسرعت العامة الى اخذها فاستردوها واخذت بعد ذلك بيوم عمامة ابي نصر
ابن الصباغ وطيلسانه
وفي شهر رمضان تجدد للعوام المتدينين المتسمين باصحاب عبد الصمد الزام اهل الذمة
بلبس الغيار وحضر الديوان رجل هاشمي منهم يعرف بابن سكرة فخاطب رئيس الرؤساء ابن
المسلمة في ذلك وذكر ما عليه اهل الذمة من الانبساط وكلمه بكلام فيه غلظة فكتب الى
الخليفة بذلك فخرج ما قوى امر ابن سكرة وكان ابو علي ابن فضلان اليهودي كاتب خاتون
فأمره ابن المسلمة بالتأخر في داره وان يتقدم الى اليهود واهل المعايش بمثل ذلك
وامر ابن الموصلايا النصراني كاتب الديوان بمثل ذلك فانقطعوا عن المعاملات وتأخر
الكتاب والجهابذة عن الديون فبان للخليفة باطن الامر فتشدد فيه ولم يجد ابن
المسلمة مساغا لما يريد فصار اهل الذمة ينسلون ويخرجون الى اشغالهم
وفي ثامن شوال نقب جامع المدينة واخذت منه الاعلام السود والتستر وما وجد
وفي ثامن عشر شوال بين المغرب والعشاء كانت زلزلة عظيمة لبثت ساعة عظيمة ولحق
الناس منها خوف شديد وتهدمت دور كثيرة ثم وردت الاخبار انها اتصلت من بغداد الى
همذان وواسط وعانة وتكريت وذكر ان ارجاء كانت تدور فوقفت وبعد هذه الزلزلة بشهر
اخرج القائم من داره وجرت محن عظيمة
وكان السلطان طغرلبك قد خرج الى الموصل ثم توجه الى نصيبين ومعه اخوه ابراهيم ينال
فخالف عليه اخوه ابراهيم وانصرف بجيش عظيم معه يقصد الري وكان البساسيري راسل
ابراهيم يشير عليه بالعصيان لأخيه ويطمعه بالتفرد بالملك وبعده معا ضدته فسار
طغرلبك في أثر اخيه وترك العساكر وراءه
فتفرقت غير ان وزيره المعروف بالكندري وربيبه انوشروان وزوجته خاتون وردوا بغداد بمن بقي معهم من العسكر في شوال هذه السنة وانتشر الخبر باجتماع طغرلبك مع اخيه ابراهيم بهمذان وان ابراهيم استظهر على طغرلبك وحصر في همذان فعزمت خاتون وابنها انوشروان والكندري على المسير الى همذان لانجاد طغرلبك فاضطرب امر بغداد اضطرابا شديد وارجف الرجفون باقتراب البساسيرى فبطل عزم الكندري عن المسير فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى ابنها لتركها مساعدتها على انجاد زوجها فنفرا الى الجانب الغربي من بغداد وقطعا الجسر وراءهما وانتهبت داراهما واستولى من كان مع خاتون من الغز على ما تضمنتها من العين والثياب والسلاح وغير ذلك من صنوف الاموال ونفذت خاتون بمن انضوى اليها وهم جمهور العسكر متوجهة نحو همذان وخرج الكندري وانوشروان يؤمان طريق الاهواز فلما خلا البلد من العساكر انزعج الناس وقيل للناس من اراد ان يخرج فليخرج فبكى الناس والاطفال وعبر كثير من الناس الى الجانب الغربي فبلغت المعيرة دينارا ودينارين وثلاثة وطار في تلك الليلة على دار الخليفة نحو عشر بومات مجتمعات يصحن صياحا مزعجا فقال ابو الاعز بن مزيد رئيس الرؤساء ليس عندنا من يرد والرأي خروج الخليفة عن البلد الى البلاد السافلة فأجاب الخليفة ثم صعب عليه مفارقة داره وامتنع واظهر رئيس الرؤساء قوة النفس لأجل موافقة الخليفة وجمعوا من العوام من يصلح للقتال وركب رئيس الرؤساء وعميد العراق الى دار المملكة واخذا ما يصلح من السلاح وضربا في الباقي النار فلما كان يوم الجمعة السادس من ذي القعدة تحقق الناس كون البساسيرى بالانبار ونهض الناس الى صلاة الجمعة بجامع المنصور فلم يحضر الامام فاذن المؤذنون ونزلوا فأخبروا انهم رأوا عسكر البساسيرى حذاء شارع دار الرقيق وجاء العسكر وصلى الناس الظهر بغير خطبة ثم ورد في السبت نحو مائتي فارس ثم دخل البساسيرى بغداد يوم الاحد ثامن ذي القعدة
ومعه الرايات المصرية فضرب مضاربه على شاطىء دجلة فتلقاه اهل الكرخ فوقفوا في وجه فرسه وتضرعوا اليه ان يجتاز عندهم فدخل الكرخ وخرج الى مشرعة الروايا فخيم بها وكان على رأسه اعلام عليها مكتوب الامام المستنصر بالله ابو تميم معد امير المؤمنين وكان قد جمع العيارين واهل الرساتيق واطمعهم في نهب دار الخلافة والناس اذ ذاك في ضر ومجاعة ونزل قريش ابن بدران في نحو مائتي فارس عل مشرعة باب البصرة فلما استقر بالقوم المنزل ركب عميد العراق من الجانب الشرقي في العسكري وحواشي الدولة والهاشميين والعوام والعجم الى آخر النهار فلم يجابوا عسكر البساسيرى بشيء ونهبت دار قاضي القضاة ابي عبدالله الدامغاني وهلك اكثر السجلات والكتب الحكمية فبيعت على العطارين ونهبت دور المتعلقين بالخليفة ونهب اكثر باب البصرة بأيدي أهل الكرخ تشفيعا لأجل المذهب وانصرف الباقون عراة فجاؤا الى سوق المارستان وقعدوا على الطريق ومعهم النساء والاطفال وكان البرد حينئذ شديد وعاود اهل الكرخ الأذان بحي على خير العمل وظهر فيهم السرور الكثير وعملوا رأيه بيضاء ونصبوها وسط الكرخ وكتبوا عليها اسم المستنصر بالله واقام بمكانه والقتال يجري في السفن بدجلة فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة دعى لصاحب مصرفي جامع المنصور وزيد في الاذان حي على خير العمل وشرع البساسيرى في اصلاح الجسر فعقده بباب الطاق وعبر عسكره عليه فنزلوا الزاهر وحضرت الجمعة يوم العشرين من ذي القعدة فدعى لصاحب مصر بجامع الرصافة وخندق الخليفة حول داره ونهر معلى خنادق وحفرت آبار في الحلية وغطيت حتى يقع فيها من يقاتل وبنيت ابراج على سور دار الخليفة وخرج رئيس الرؤساء فوقف دون باب الحلبة يفرق النشاب ثم فتح الباب فاستجرهم البساسيرى ثم كر عليهم فانهزموا وامتلأ باب الخليفة بالقتلى واجفل رئيس الرؤساء الى دار الخليفة فهرب اهل الحريم وعبروا الى الجانب الغربي ونهب العوام من نهر معلى وديوان الخاص
ما لا يحصى واحرقوا الاسواق فركب الخليفة لابسا للسواد على كتفه البردة وعلى رأسه اللواء وبيده سيف مجرد وحوله زمرة من الهاشميين والجواري حاسرات منشرات معهن المصاحف على رؤوس القصب وبين يديه الخدم بالسيوف المسلولة فوجد عميد العراق قد استأمن الى قريش بن بدران وكان قريش قد طافر البساسيرى واقبل معه فصعد الخليفة الى منظرة له واطلع ابو القاسم ابن المسلمة وصاح بقريش يا علم الدين امير المؤمنين يستدنيك فدنا فقال له قد اتاك الله رتبة لم ينلها امثالك فان امير المؤمنين يستذم منك على نفسه واهله واصحابه بذمام الله تعالى وذمام رسوله صلى الله عليه و سلم وذمام العرب فقال له قريش قد اذم الله تعالى له فقال وكن معه قال نعم وخلع قلنسوته من تحت عمامته فأعطاها الخليفة ذما ما فتسرح ابن المسلمة اليهم من الحائط ونزل الخليفة ففتح الباب المقابل لباب الحلبة وخرج فقبل قريش الارض بين يديه دفعات فبلغ البساسيرى ذلك فراسل وقال اتذم لهما وقد استقر بيني وبينك ما استحلفتك عليه وكانا قد تحالفا ان لا ينفرد احدهما بأمر دون الآخر وأن يكون جميع ما يتحصل من البلاد والأموال بينهما فقال له قريش اعدلت عما استقر بيننا وعدوك هو ابن المسلمة فخذه وانا آخذ الخليفة بازائه فقنع بذلك وحمل ابن المسلمة الى البساسيرى فلما رآه قال مرحبا بمدفع الدول ومهلك الامم ومخرب البلاد ومبيد العباد فقال له ايها الاجل العفو عند القدرة فقال قد قدرت فما عفوت وانت تاجر وصاحب طيلسان ولم تستبق من الحرم والاطفال والاجناد فكيف اعفو عنك وانا صاحب سيف وقد اخذت اموالي وعاقبت حرمي ونفيتهم في البلاد وشتتني ودرست دوري ولكن هذا ايضا من قصورك الفاسد وعقلك الناقص واجتمع العامة فسبوه وهموا به فاخذه البساسيرى الى جنبه خوفا فاعلية من العامة ولم يزل يوبخه وهو يعتذر وحل الركابية حزام البر ذون الذي كان تحته يسقط فيتمكن العامة من قتله فسقط فوقف البساسيرى يذب عنه الى ان اركبه ومضى به الى الخيمة فقيده ووكل
به وضرب ضربا كثيرا او قيد ثم ظفر
بالسيدة خاتون زوجة الخليفة فأكرمها وسلمها الى ابي عبدالله ابن جردة ومضى الخليفة
الى المعسكر وقد ضرب له قريش خيمة ازاء بيته بالجانب الشرقي فدخلها ولحقه قيام
الدم واذم قريش لابن جردة ابن يوسف وكان ابن جردة قد ضمن لقريش لأجل داره ومن
التجأ اليها من التجار عشرة آلاف دينار ونهبت العوام دار الخليفة واخذوا منها ما
يعتذر حصره من الديباج والجواهر واليواقيت واحرقوا رباط ابي سعد الصوفي ودار بن
يوسف ثم نودي برفع النهب وحمل البساسيرى الطيار الى عسكره ثم نقله الى الحريم
الظاهري وعليه المطارد البيض فلما جاء يوم الجمعة الرابع من ذي الحجة لم يخطب
بجامع الخليفة وخطب في سائر الجوامع لصاحب مصر وفي هذا اليوم انقطعت دعوة الخليفة
من بغداد وجرى بين البساسيرى وقريش بن بدران في امر الخليفة من التجاذب ما ادى الى
نقله عن بغداد وان لا يكون في يد احدهما وتسليمه الى بدوي يعرف بمهارش صاحب حديث
عانة واعتقاله فيها الى ان يتقرر لهما عزم فعرف الخليفة ذلك فراسل قريش بالمجيء
اليه فلم يفعل فقام ومشى الى خيمته فدخل فعلق بذيله وقال له ما عرفت ما استقر
العزم عليه من ابعادي عنك واخراجي عن يدك وما سلمت نفسي اليك الا لما اعطيتني
الذمام الذي يلزمك الوفاء به وقد دخلت الآن اليك ووجب لي ذمام فاني عليك فالله
الله في نفسي فمتى اسلمتني اهلكتني وضيعتني وما ذاك معروف في العرب فقال ما ينالك
سوء ولا يلحقك ضيم غير ان هذه الخيمة ليست دار مقام مثلك وابو الحارث لا يؤثر
مقامك في هذا البلد وانا انقلك الى الحديثة واسلمك الى مهاوش ابن عمي وفيه دين فلا
تخف واسكن الى مراعاتي لك وعد الى مكانك فلما يئس منه قام عنه وهو يقول لله امر هو
بالغه ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
وعبر قريش ليلة الاربعاء التاسع من ذي الحجة الى الجانب الغربي وضرب خيمة بقرب
جامع المنصور وحمل الخليفة الى المشهد بمقابر قريش وقال له تبيت الليلة
فيها فامتنع وقال هؤلاء العلويون الذين
بها يعادوني فالزم الدخول وبات ليلته في بعض الترب وحضر من الغد جماعة من اصحاب
البساسيرى واصحاب قريش فتسلموه من موضعه واقعدوه في هودج على جمل وسيروه الى
الانبار ثم الى حديثة عانة على الفرات وكان صاحب الحديثة مهارش البدوي حسن الطريقة
فكان يتولى خدمة الخليفة ولما بلغ الخليفة الانبار شكا وصول البرد الى جسمه فأخرج
شيخ من مشايخ الانبار يعرف بابن مهدوية جبة برد فيها قطن ومقيارا ولحافا وكتب
الخليفة من هناك رقعة الى بغداد يلطف فيها بالبساسيرى وقريش يدعوهما الى اعادته
الى بغداد واحسان العشرة ويحلف بالايمان المؤكدة على براءة ساحته من جميع ما نسب
اليه فلم يقع الالتفات اليها ولا أجيب عنها فأقام الخليفة بالحديثة
وذكر عبدالملك بن محمد الهمذاني عن بعض خواص القائم انه قال لما كنت بحديثة عانة
قمت في بعض الليالي للصلاة ووجدت في قلبي حلاوة المناجاة فدعوت الله تعالى فيما
سنح ثم قلت اللهم اعدني الى وطني واجمع بيني وبين اهلي وولدي ويسر اجتماعنا واعد
روض الانس زاهرا وربع القرب عامرا فقد قل الاعزاء وبرح الخفاء فسمعت قائلا على
شاطىء الفرات يقول بأعلى صوته نعم نعم فقلت هذا رجل يخاطب آخر ثم اخذت في السؤال
والابتهال فسمعت ذلك الصائح يقول الى الحول الى الحول فعلمت ان هاتف انطقه الله
تعالى بما جرى الأمر عليه فكان خروجه من داره حولا كاملا خرج في ذي القعدة ورجع في
ذي القعدة وأورد محمود بن الفضل الاصبهاني ان القائم كتب في السجن دعاء وسلمه الى
بدوي وامره ان يعلقه على الكعبة الى الله العظيم من عبده المسكين اللهم انك العالم
بالسرائر والمحيط بمكنونات السرائر اللهم انك غنى بعلمك واطلاعك على امور خلقك عن
اعلامي بما انا فيه عبد من عبادك قد كفر بنعمتك وما شكرك وابقى العواقب وما ذكرها
اطغاه حلمك وتجير بأناتك حتى تعدى علينا بغيا واساء الينا عتوا و عدوانا اللهم قل
الناصرون لنا واغتر الظالم وانت المطلع العالم والمنصف
الحاكم بك نعتز عليه وإليك نهرب من يديه
فقد تعزز علينا بالمخلوقين ونحن نعتز بك يا رب العالمين اللهم إنا حاكمناه إليك
وتوكلنا في انصافنا منه عليك وقد رفعت ظلامتي إلى حرمك ووثقت في كشفها بكرمك فاحكم
بيني وبينه وأنت خير الحاكمين وأرنا به ما نرتجيه فقد أخذته العزة بالإثم فاسلبه
عزه ومكنا بقدرتك من ناصيته يا أرحم الراحمين فحملها البدوي وعلقها على الكعبة
فحسب ذلك اليوم فوجد أن البساسيرى قتل وجىء برأسه بعد سبعة أيام من التاريخ ومن
شعر القائم الذي قاله في الحديثة ... خابت ظنوني فيمن كنت آمله ... ولم يخب ذكر من
واليت في خلدي ... تعلموا من صروف الدهر كلهم ... فما أرى أحد يحنو على أحد ...
وقال أيضا
... مالي من الأيام إلا موعد ... فمتى أرى ظفرا بذاك الموعد ... يومي يمر وكلما
قضيته ... عللت نفسي بالحديث إلى غد ... احيا بنفس تستريح إلى المنا ... وعلى
مطامعها تروح وتغتدي ...
وأما حديث البساسيرى فأنه ركب يوم الخميس عاشر ذي الحجة من سنة خمسين إلى المصلى
في الجانب الشرقي وعلى رأسه الألوية والمطارد المصرية وعيد ونحر وبين يديه أبو
منصور بن بكران حاجب الخليفة على عادته في ذاك وكان قد أمنه ورد أبا الحسين بن
المهتدي إلى منبره بجامع المنصور ولبس الخطباء والمؤذنون البياض ونقل العسكر إلى
مشرعة المارستان في الجانب الغربي وضرب دنانير سماها المستنصرية وكان عليها من فرد
جانب لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله علي ولي الله ومن الجانب
الآخر عبد الله ووليه الإمام أبو تميم معد المستنصر بالله أمير المؤمنين وكان يقبض
على أقوام يغرقهم بالليل وغرق جماعة عزموا على الفتك به وخرج الناس من الحريم ودار
الخلافة حتى لم يبق لها إلا الضعيف وخلت الدور
وفي الاثنين لليلتين بقيتا من ذي الحجة أخرج أبو القاسم ابن المسلمة من محبسه
بالحريم الظاهري وعليه جبة صوف وطنطور من
لبد أحمر وفي رقبته مخنقة من من جلود كالتعاويذ واركب جملا وطيف به في محال الجانب
الغربي ووراءه من يصفعه بقطعة من جلد وابن المسلمة يقرأ قل اللهم مالك الملك تؤتي
الملك من تشاء الآية وشهر في البلد ونثر عليه أهل الكرخ لما اجتاز بهم خلقان
المداسات وبصقوا في وجهه ولعن وسب في جميع المحال ووقف بإزاء دار الخليفة ثم أعيد
إلى المعسكر وقد نصبت له خشبة بباب خراسان فحط من الجمل وخيط عليه جلد ثور قد سلخ
في الحال وجعلت قرونه على رأسه وعلق بكلابين من حديد في كتفيه واستقى في الخشبة
حيا فقال لهم قولوا للأجل قد بلغك الله أغراضك مني فاصطنعني لتنظر خدمتي وإن
قتلتني فربما جرى من سلطان خراسان ما يهلك به البلاد والعباد فسبوه واستقوه ولبث
إلى آخر النهار يضطرب ثم مات وكان الباسيري قد أمر بترك الكلابين في ترقوته ليبقى
حيا أياما يشاهد حاله وأمر أن يطعم كل يوم رغيفين ليحفظ نفسه فخاف من تولي أمره أن
يعفو عنه البساسيري فضرب الكلابين في مقتله فقال عند موته الحمد لله الذي أحياني
سعيدا وأماتني شهيدا
ثم أفرج عن قاضي القضاء الدامغاني بعد أن قرر عليه ثلاثة آلاف دينار فصحح منها
سبعمائة وأمسك البساسيري عن مطالبة الباقي ثم إن السلطان طغرلبك خرج من همذان وهزم
عسكر أخيه وفي هذه السنة ولي أبو عبد الله بن أبي طالب نقابة الطالبين وفيها عصى
على بن أبي الخير بالبطائح وكان متقدم بعض نواحيها فكسر جيش طغرلبك ومعهم عميد
العراق أبو نصر
ذكر من توفى في هذه السنة من الأكابر
255 - الحسن بن محمد أبو عبد الله الولي الفرضي كان إمام ثقة وقتل في الفتنة ودفن
يوم الجمعة تاسع
ذي الحجة من هذه السنة
256 - الحسين بن محمد
ابن طاهر بن يونس ابو عبدالله مولى المهدي سمع الدارقطني وابن شاهين وغيرهما وكان
صدوقا حسن الاعتقاد كثير الدرس للقرآن وينزل شارع دار الرقيق وتوفي في ربيع لآخر
من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب
257 - داود جغريبك
اخو طغرلبك الاكبر كان ببلخ بازاء اولاد محمود بن سبكتكين
258 - طاهر بن عبدالله بن طاهر
ابن عمر ابو الطيب الطبري الفقيه الشافعي ولد بآمل سنة ثمان واربعين وثلثمائة وسمع
بجرجان من ابي احمد الغطريفي وبنيسابور من ابي الحسن الماسرجسي وعليه درس الفقه
وسمع في بغداد من الدارقطني والمعافى وغيرهما وولي القضاء بربع الكرخ بعد موت
الصيمري وكان ثقة دينا ورعا عارفا بأصول الفقه وفروعه حسن الخلق سليم الصدر
اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سمعت ابا الحسن محمد بن محمد بن عبدالله القاضي
يقول ابتدأ القاضي ابو الطيب الطبري بدرس الفقه وتعلم العلم وله اربع عشرة سنة فلم
يخل به يوما واحدا الى ان مات اخبرنا محمد بن ناصر عن المولى بن احمد قال سمعت ابا
اسحاق الشيرازي يقول دفع القاضي ابو الطيب الطبري خفا له الى خفاف ليصلحه فكان يمر
عليه ليتقاضاه وكان الخفاف كلما رأى القاضي أخذ الخف فغمسه في الماء وقال الساعة
الساعة فلما طال عليه قال انما دفعته اليك لتصلحه ولم ادفعه اليه لتعلمه السباحة
توفي الطبري يوم السبت لعشر بقين من ربيع الأول سنة خمسين واربعمائة وصلى عليه ابو
الحسين ابن المهتدي بجامع المنصور ودفن بمقبرة باب حرب وقد بلغ من السن مائة وستين
سنة وكان صحيح العقل ثابت الفهم سليم الاعضاء يفتي ويقضي الى حين وفاته
259 - عبيدالله بن احمد
ابن عبدالله ابو القاسم الرقي العلوي اخبرنا القزاز اخبرنا ابو بكر الخطيب قال سكن
الرقي بغداد في درب أبي خلف من قطيعة الربيع وكان قد احد العلماء بالنحو والادب
واللغة عارفا بالفرائض وقسمة المواريت وحدث شيئا يسيرا وكتبت عنه وكان صدوقا
وسالته عن مولده فقال سنة احدى وستين وثلثمائة وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة
ودفن في مقبرة باب حرب
260 - عبد الواحد بن الحسين
ابن احمد بن معروف سمع عيسى بن علي الوزير وغيره وكان ثقة بصيرا بالعربية عالما
بوجوه القراءات حافظا لمذاهب القراء اخبرنا عبد الرحمن بن محمد اخبرنا احمد بن علي
بن ثابت قال سألت ابن شيطا عن مولده فقال ولدت يوم الاثنين السادس عشر من رجب سنة
سبعين وثلثمائة ومات يوم الاربعاء الخامس والعشرين من صفر سنة خمس واربعمائة ودفن
من يومه في مقبرة الخيزران
261 - عبد العزيز بن علي
ابن محمد بن عبد الله بن بشران ابو الطيب سمع ابن المظفر وابن حيويه وغيرهما قال
الخطيب كتبت عنه وكان سماعه صحيحا سألته عن مولده فقال سنة ثمان وستين وثلثمائة
وتوفى في صفر هذه السنة ودفن في مقبرة باب الدير
262 - علي بن محمد
ابن حبيب ابو الحسن الماوردي البصري كان من وجوه فقهاء الشافعية وله تصانيف كثيرة
في اصول الفقه وفروعه وله المقترن والنكت في التفسير والاحكام السلطانية وقوانين
الوزراء والحكم والامثال وولى القضاء ببلدان كثيرة وكان يقول بسطت الفقه في اربعة
آلاف ورقة وقد اختصرته في اربعين يربد بالمبسوط الحاوي وبالمختصر الاقناع وكان
وقورا متأدبا لا يرى اصحابه
ذراعه وكان ثقة صالحا وتوفي في ربيع
الاول من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب وبلغ ستا وثمانين سنة
263 - علي بن عمر
ابو الحسن البرمكي اخو أبي اسحاق سمع من ابن حبابة والمعافى توفي في هذه السنة
ودفن بمقبرة باب حرب
264 - علي بن الحسن
ابن احمد بن محمد بن عمر ابو القاسم ابن المسلمة سمع ابا احمد الفرضي وغيره وكان
احد الشهود المعدلين ثم استكتبه الخليفة القائم بأمر الله واستوزره ولقبه رئيس
الرؤساء شرف الوزراء جمال الورى وكان مضطلعا بعلوم كثيرة مع سداد رأي ووفور عقل
قال المصنف رحمه الله ونقلت من خط ابي الوفاء بن عقيل انه قال ذكر بعض اهل العلم
المحققين ان رئيس الرؤساء قال للشيخ ابي اسحاق في مسألة القائل لزوجته ان دخلت او
خرجت الا باذني فأنت طالق لا يقتضى التكرار ولا فيه لفظ من الفاظ التكرار وانما هو
حرف من حروف الشرط فاذا كان كذلك فلا وجه لاعتبار تكرار الاذن والتكرار الوقوع
بعدم الاذن فكان الشيخ ابو اسحاق يقول عولوا على هذا دليلا في المسألة
اخبرنا ابو منصور القزاز اخبرنا ابو بكر بنثابت قال سمعت علي بن الحسن الوزير يقول
ولدت في شعبان سنة سبع وتسعين وثلثمائة فرأيت في المنام وانا حدث كأني اعطيت شبه
النبقة الكبيرة وقد ملأت كفي والقى في روعي انها من الجنة فعضضت منها عضة ونويت
بذلك حفظ القرآن وعضضت اخرى ونويت درس الفقه وعضضت اخرى ونويت درس الفرائض وعضضت
اخرى ونويت درس النحو وعضضت اخرى ونويت درس العروض فما من هذه العلوم الا وقد
رزقني الله منه قتل الوزير ابو القاسم يوم الاثنين ثامن عشر ذي الحجة من هذه السنة
قتله البساسيرى وطيف برأسه في بغداد
خامس عشر ذي الحجة سنة خمسين واربعمائة
وذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني المؤرخ قال من عجيب الاتفاق لما ولى ابن المسلمة
وزارته ركب الى جامع المنصور بعدان خلع عليه فأتى الى تل فنزل في موكبه وصلى عليه
ركعتين وقال هذا موضع مبارك وكان قديما بيت عبادة وعنده صلب الحسين بن منصور
الحلاج ثم اصابت رئيس الرؤساء عند ذلك رعدة شديدة وكان الناس يقولون انه جلاجلي
المذهب فبقي في الوزارة اثنتى عشرة سنة واشهر وصلب في ذلك المكان بعينه فعلم الناس
ان رعدته كانت كذلك وبلغ من العمر اثنتين وخمسين سنة وخمسة اشهر
265 - منصور بن الحسين
ابو الفوارس الاسدي صاحب الجزيرة توفي واجتمعت العشيرة على ولده صدفة
سنة 451
ثم دخلت سنة احدى وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان ابا منصور بن يوسف انتقل عن معسكر قريش الى داره بدرب خلف بعد
ان حمله البساسيرى وجمع بينهما حتى رضي عنه واصلح بينه وبينه والتزم ابو منصور له
شيئا قرره عليه وركب البساسيرى اليه في هذا اليوم نظرية لجاهه وخاطبه بالجميل وطيب
نفسه بما بذله له ووعد به وركب قريش ابن بدران من غد اليه ايضا وعاد جاهه طريا الا
انه خائف من البساسيرى وفي هذا الشهر كتبت والدة الخليفة الى البساسيرى من مكان
كانت فيه مستترة رقعة تشرح فيها ما لحقها من الأذى والضرر والفقر حتى ان القوت
يعتذر عليها فأحضرها وهي جارية أرمينية قد ناهزت التسعين واحد ودبت وافرد لها دارا
في الحريم الطاهري واعطاها جاريتين تخد ما نها واجرى عليها في كل يوم اثنى عشر
رطلا خبر او اربعة ارطال لحما
وفي يوم الاثنين ثاني عشر صفر احضر
البساسيرى قاضي القضاة ابا عبدالله الدامغاني وابا منصور بن يوسف وابا الحسين بن
الغريق الخطيب وجماعة من وجوه العلويين والعباسيين واخذ عليهم البيعة للمستنصر
بالله واستحلفهم له ودخل الى دار الخلافة بعد ايام وهؤلاء الجماعة معه
وفي ليلة الاحد ثاني ربيع لاول نقلت جثة ابي القاسم بن المسلمة الى ما يقارب
الحريم الطاهري ونصبت على دجلة
وفي بكرة الثلاثاء رابع هذا الشهر حرج البساسيرى الى زيارة المشهد بالكوفة على ان
ينحدر من هناك الى واسط واستصحب معه غلة في زوراق ليرتب العمال في حفر النهر
المعروف بالعلقمي ويجريه الى المشهد بالحائر وفاء بنذر كان عليه وانفذ من ابتدأ
بنقض تاج الخليفة فنقضت شرافاته فقيل له هذا لا معنى فيه والقباحة فيه اكثر من
الفائدة فأمسك عن ذلك
ثم ان السلطان طغرلبك ظفر باخيه ابراهيم فقتله وقتل الوفا من التركمان وانقذ الى
قريش يلتمس خانون ويخلط بذلك ذكر الخليفة ورده الى مكانه فرد خاتون وأجاب عما
يتعلق بالخليفة بان ما جرى كان من فعل ابن المسلمة ومتى وقع تسرع في المسير الى
العراق فلست آمن ان يتم على الخليفة أمر يفوت وسبب يسوء ولسنا بحيث تقف لك ولا
نحاربك وانما نبعد وندعك فربما ماست العساكر من بلادها ففتحت البثوق وخرب السواد
وانا اتوصل في جميع ما يراد من البساسيرى وراسل قريش البساسيرى يشير عليه بما التمسه
السلطان طغرلبك ويحذره المخالفة له ويقول قد دعوت الى السلطان على ستمائة فرسخ
فخدمناه وفعلنا مالم يكن يظنه ومضى لنا ستة اشهر مذ فتحنا العراق ما عرفنا منه
خبرا ولا كتب الينا حرفا ولا فكر فينا وقد عادت رسلنا بعد سنة وكسر صفرا من شكر
وكتاب فضلا عن مال ورجال ومتى تجدد خطب نما يشفى به غيري وغيرك والصواب المهادنة
والمسالمة ورد الخليفة الى أمره والدخول تحت طاعته وان يستكتب امنه
وفي هذه السنة كان بمكة رخص لم يشاهد
مثله وبلغ البر والتمر مائتي رطل بدينار وهذا غريب هناك
وورد كتاب المسافرين من دمشق بسلامتهم من طريق السماوة وانهم مطروا في نصف تموز
حتى كانت الجمال تخوض في الماء وامتلأت المصانع والمزبى
وفيها زادت الغارات حتى أن قوما من التجار اعطوا على وجه الخمارة من النهروان
أربعة عشر الف دينار ومائة كر ومائتي رأسا من الغنم
وفي شوال عاد لقريش بن بدران رسول يقال له نجدة من حضرة السلطان وكان قريش قد انفذ
هذا الصاحب في صحبة السيدة ارسلان خاتون امرأة القائم بأمر الله واصحبه رسالة الى
السلطان يعده برد الخليفة الىداره ويشير عنه بالقرب ليفعل ذلك ويتمكن منه وكان قد
ورد كتاب من السلطان الى قريش عنوانه للامير الجليل علم الدين ابي المعال قريش بن
بدران مولى امير المؤمنين من شاهان المعظم ملك المشرقي والمغرب طغرلبك ابي طالب
محمد بن ميكايل بن سلجوق وعلى رأس الكتاب العلامة السلطانية بخط السلطان حسبي الله
وكان في الكتاب والآن قد سرت بنا المقادير الى كل عدو للدين والملك ولم يبق لنا وعلينا
من المهمات الا خدمة سيدنا ومولانا الامام القائم بأمر الله امير المؤمنين واطلاع
ابهة امامته على سرير غزه فان الذي يلزمنا ذلك ولا فسحة في التضجيع فيه ساعة من
الزمان وقد اقبلنا بخيول المشرق الى هذا المهم العظيم ونريد من الامير الجليل علم
الدين اتمام السعى البخيح الذي وفق له وتفرد به وهو ان يتم وفاءه من امانته وخدمته
في باب سيدنا ومولانا القائم بأمر الله امير المؤمنين من احد الوجهين اما ان يقبل
به الى ذكر عزه ومثوى امامته وموقف خلافته من مدينة السلام وينتدب بين يديه موليا
امره ومنفذا حكمه وشاهرا سيفه ونلمه وذلك المراد وهو خليفتنا في تلك الخدمة
المفروضة وتولية العراق باسرها وتصفى له مشارع برها وبحرها لا يطأ حافر خيل من
خيول العجم شبرا من اراضي تلك الممالك الا بالتماسه لمعاونته ومظاهرته واما ان
يحافظ على شخصه الكريم العالي بتحويله من
القلعة الى حلته او في القلعة الى حين لحاقنا بخدمته فنتكفل باعادته وليكون الامير الجليل مخيرا بين ان يلتقي بنا او يقيم حيث شاء فنوليه العراق ونستخلفه في الخدمة الامامية ونصرف اعنتنا الى الممالك الشرقية فهممنا لا تقتضي الا هذا الغرض من العرض ولا نسف الى مملكة من تلك الممالك بل الهمة دينية وهو ادام الله تمكينه يتقن ما ذكرنا ويعلم ان توجهنا اثر هذا الكتاب لهذا الغرض المعلوم ولا غرض سواه فلا يشعرن قلوب عشائره رهبة فأنهم كلهم اخواننا وفي ذمتنا وعهدنا وعلينا به عهد الله وميثاقه ما داموا موافقين للامير الجليل في موالينا ومن اتصل به من سائر العرب والعجم والاكراد فانهم مقرون في جملته وداخلون في عهدنا وذمتنا ولكل مخترم في العراق عفونا واماننا مما بدر منه الا البساسيرى فانه لا عهد له ولا أمان وهو موكول الى الشيطان وتساويله وقد ارتكب في دين الله عظيما وهو ان شاء الله مأخوذ حيث وجد معذب على ما عمل فقد سعى في دماء خلق كثير بسوء دخيلته ودلت افعاله على فساد عقيدته فان سرب في الارض فالى ان يلحقه المكتوب على جبهته وان وقف فالقضاء سابق الى مهجته والله تعالى يجازي الامير الجليل على كل سعى تجشم في مصالح الدين وفي خدمة امام المسلمين وقد حملنا الاستاذ العالم ابا بكر احمد بن محمد بن ايوب بن فورك ومعتمد الدولة ابا الوفاء زيرك ما يؤديانه من الرسائل وهو يصغي اليهما ويعتمد عليهما ويسرحهما الى القلعة ليخد ما مجلس سيدنا ومولانا امير المؤمنين عنا وكتب في رمضان سنة احدى وخمسين وحمل مع هذين الرسولين خدمة الى الخليفة اربعون ثوبا انواعا وعشرة دسوت ثياب مخيطة وخمسة الاف دينار وخمسة دسوت مخيطة من جهة خاتون زوجة القائم فحكى نجدة لقريش ان السلطان طغرلبك بهمدان في عساكر كثيرة هو بنية المسير الي العراق متى لم يرد الخليفة الى بغداد فخاف قريش وارتاع فابتاع جمالا عدة واصلح بيوتا كثيرة وانفذ الى البرية من يحفر فيها ويعمرها ليدخلها ثم انفذ الكتاب الوارد مع نجدة الى البساسيرى ليدبر الأمر على مقتضاه فانفذ البساسيرى الى بغداد فأخذ دوابه
وجماله ورحله الى مقره بواسط وكاتب اهله
يطيب نفوسهم ويقول متى صح عزم هذا الرجل على قصد العراق سرت اليكم وأخذتكم فلا
تشغلوا قلوبكم وتقدم بان يسلخ ثور اسود ويؤخذ جلده فيكسى به رمة ابي القاسم بن
المسلمة ويجعل قرناه على رأسه وفوقهما طرطور احمر ففعل ذلك ثم اجاب البساسيرى الى
عود الخليفة وشرط في ذلك شروط منها ان يكون هو النائب على باب الخليفة والخادم دون
غيره ورد حوزستان والبصرة اليه علي قديم عادته وان يخطب للخليفة فقط دون ان يشاركه
في الخطبة ركن الدين وبعث مع رسل السلطان طغرلبك الى الخليفة من يتولى احلاف
الخليفة له على ما اشترط وعرف البساسيرى قرب السلطان فكاتب أصحابه بالبصرة ليصعدوا
اليه ليقصد بغداد فاعجل الأمر عن ذلك وانحدر حرم البساسيرى واولاده وأصحابهم واهل
الكرخ والمتشبهون في دجلة وعلى الظهر وبلغت اجرة السمارية الى النعمانية عشرة
دنانير ونهب الاعراب والاكراد اكثر المشاة ولما وصل السائرون على الظهر الى صرصر
غرق في عبورهم قوم منهم وبقى اكثرهم لم يعبروا فعطف عليهم بنو شيبان فنهبوهم
وقتلوا اكثرهم وعروا نساءهم وتقطعت قطعة منهم في السواد وكان خروج أصحاب البساسيرى
في اليوم السادس من ذي القعدة وكذلك كأن دخولهم الى بغداد في سادس ذي القعدة وكان
تملكهم سنة كاملة وثارالها شميون واهل باب البصرة الى الكرخ فنهبوها وطرحوا النار
في اسواقها ودورها واحترقت دار الكتب التي وقفها سابور بن اردشير الوزير في سنة
ثلاث وثمانين وثلثمائة وكان فيها كتب كثيرة واحترق درب الزعفراني وكان فيه الف
ومائتا دينار لكل دار منها قيمة ونهبت الكوفة نيفا وثلاثين يوما
واما الخليفة فان مهارشا العقيلي صاحب الحديثة الذي كان مودعا عنده حلف له ووثق من
نفسه في حراسة مهجته وان لا يسلمه الى عدو وكان قد تغير على البساسيرى لو عود وعده
بها ولم يف له واجفل قريش في البرية مصعدا
الى الموصل بعد ان بعث الى مهارش يقول له
قد علمت اننا اودعنا الخليفة عندك ثقة بأمانتك وقد طلبوه الآن وربما قصدوك وحاصروك
وأخذوه منك فخذه وارحل به واهلك وولدك الى فانهم اذا علموا حصوله بأيدينا لم
يقدموا على طرق العراق ثم تقرر الامر في عوده على قاعدة نكون معها سالمين ونقترح
ما نريد من البلاء عوضا عن رده وما اروم تسليمه منك بل يكون في يدك علي جملته بحيث
لا يمكن ان يؤخذ قهرا من ايدينا فقال مهارش للرسول قل له ان البساسيرى غدرني ولم
يف بما ضمنه لي وبعثت بصاحبي الى بغداد وقلت له برئت من اليمين التي لكم في عنقي
فأنفذوا وتسلموا صاحبكم الذي عندي فلم يفعل وعرف الخليفة خلاص رقبتي من اليمين
التي كانت علي فاستحلفني لنفسه وتوثق مني بما لا يمكن فسخه وقال مهارش للخليفة
الرأى الخروج والمضي الى بلد بدران بن مهلهل لننظر ما يجدد من امر هذا السلطان
الوارد ونكون في موضع نأمن به وندبر امورنا بمقتضى الامر فما آمن ان يجئينا
البساسيرى فيحضرنا فلا نملك اختيارنا فقال له افعل ما ترى
فسارا من الحديثة في يوم الاثنين الحادي عشر من ذي القعدة الى ان حصلا بقلعة تل
عكبرا فلقيه ابن فرك هناك وسلم اليه ما انفذه السلطان وكتب الى السلطان يخبره
الحال ويسأله انفاذ سرادق كبير وخيم وفروش وكان السلطان حينئذ قد وصل الى بغداد
ففرح السلطان بذلك ونهب عسكر السلطان ما بقى من نهر طابق وباب البصرة وجميع البلد
ولم يسلم من ذلك الاحريم الخليفة وكان اكثره خاليا واخذ الناس فعوقبوا واستخرجت
منهم الاموال بانواع العذاب وتشاغل بعمارة دار المملكة فوقع النقض في اكثر ما سلم
وبعث السلطان عميدا الملك ومن استعقله من الامراء والحجاب في نحو ثلثمائة غلام
واصحبهم اربع عشرة بختية عليها السرادق الكبير والعدد من الخيم والخركاهات والآلات
والفروش وستة ابغل عليها الثياب والاواني وبغلا عليه مهد مسجف وثلاثة افراس
بالمراكب الذهب قال ابن فورك فاستقبلتهم فاستشرحني عميد الملك
ما جرى فشرحته فقال تقدم واضرب السرادق
والخيم وانقل أمير المومنين من حيث هواليها ليقاه اليها وذا حضرنا فليؤخذ الاذن
لنا ساعة كبيرة فسبقت وفعلت ذلك ودخل عميد الملك فأورد ما أوجب ايراده من سرور
السلطان وابتهاجه بما يسره الله تعالى له من خلاصه وشكر مهارشا علي جميل فعله وسأل
الخليفة السير فقال بل نستريح يومين ونرحل فقد لحقنا من النصب ما يجب ان يحلل
بالراحة كما قال براء وكتب عميد الملك الى السلطان كتابا فشرح له ما جرى فيه واحب
اخذ خط الخليفة علي رأسه تصديقا لما يتضمنه فلم يكن عنده دواة حاضرة فاحضر عميد
الملك من خيمته داوة فتركها بين يديه واضاف اليها سيفا منتخبا وقال هذه خدمة محمد
بن منصور يعنى نفسه جمع في هذه الدولة بين خدمة السيف والقلم فشكره الخليفة
وأقاموا يومين ثم وقع الرحيل فوصلوا الى النهروان يوم الاحد الرابع والعشرين من ذي
القعدة فأشعر السلطان بذلك فقال قولوا لأبي نصر يعنى عميد الملك يقيم الى ان ينزل
الخليفة ويستريح ويصلى ويتناول الطعام ثم يعرفني حتى اجئ واخدمه
فلما جاء وقت العصر جاء عميد الملك فاخبر السلطان بعد ان استأذن له الخليفة فركب
فلما وقعت عينه على السرادق نزل عن فرسه ومشى الى ان وصله فدخل فقبل الارض سبع
مرات فأخذ الخليفة مخدة من دسته فطرحها له بين يديه وقال اجلس فأخذ المخدة نقبلها
ثم تركها وجلس عليها واخرج من قبائه الجبل الياقوت الاحمر الذي كان لبني بويه
فطرحه بين يديه واخرج اثنى عشرة حبة لؤلؤا كبارا مثمنة فقال ارسلان خاتون يعنى
زوجة الخليفة تخدم وتسأل ان تسبح بهذه السبحة فقد انفذتها معي وكان يكلم عميد
الملك وهو يفسره واعتذر عن تأخره عن الورود الى الحضرة الشريفة واستخلاص المهجة
الكريمة بما كان من عصيان اخيه ابراهيم وقال كان من الاخوة الحسدة وقد جرت له
بالعصيان عوائد عفوت عنه فيها فاطمعه ذلك فلما عاد فعله بالضرر على امير المؤمنين
والدين والدولة العباسية خنقته بوترقوسه وشفع ذلك وفاة الأخ الأكبر داود فاحواجني
الامر
الى ترتيب حتى رتبت اولاده مكانه فلم
يمكن ان اصمد لهذه الخدمة ثم اعددت لأصل الى الحديثة واخدم المهجة الشريفة فوصل
الى الخبر بما كان من تفضل الله تعالى في خلاصها وخدمة هذا الرجل يعني مهارشا بما
ابان عن صحيح ديانته وصادق عقيدته وانا ان شاء الله امضي وراء هذا الكلب يعني
البساسيرى واقتنصه وايمم الى الشام وافعل بصاحب مصر فيها ما يكون جزاء لفعل
البساسيرى هاهنا فدعا له الخليفة وشكره وقلده بيده سيفا كان الى جنبه وقال انه لم
يسلم مع امير المؤمنين وقت خروجه غير هذا السيف وقد تبرك به وشرفك بتقليده فتقلده
وقبل الارض ونهض واستأذن للعسكر فاذن فدخل الاتراك من جوانب السرادق وكشفت اغطية
الخركاه المضروبة على الخليفة حتى شاهدوه وخدموه وانصرفوا ووقع السير من غد والدخول
الى بغداد
وتقدم الخليفة بضرب خيمة في معسكر السلطان وقال اريد أن اكون معه الى ان يكفي الله
من امر هذا اللعين فما تأمن الخدمة الشريفة المقام في مكان لا يكون فيه فقال
السلطان الله الله ما هذا مما يجوز ان يكون مثله ونحن الذي يصلح للحرب والسفر
والتهجم والخطر دون امير المؤمنين واذا خرج بنفسه فأي حكم لنا وأي خدمة تقع منا
وامتنع ان يجيبه الى ذلك فدخل الخليفة البلد وتقدم السلطان الى باب النوبي وقعد
مكان الحاجب على دكنه الى ان ورد الخليفة والعسكر محنفون به ولم يكن في بغداد من
يستقبله سوى قاضي القضاة وثلاثة انفس من الشهود وذلك لهرب الناس عن ابلد ومن بقي
منهم فهو في العقوبات واثار النهب فلما وصل الى الدار اخذ لجام بغلته حتى وصل الى
باب الحجرة وذلك في يوم الاثنين لخمس بقين من ذي القعدة فلما نزل الخليفة خدمة
السلطان واستأذنه في المسير وراء البساسيرى فأذن له فانصرف وعبر الى معسكره فجاءه
سرايا ابن منيع متقدم بني خفاجة فقال له الرأي ايها السلطان ان تنفذ معي الفي غلام
من العسكر حتى امضى الى طريق الكوفة فاشغل البساسيرى عن الاصعاد الى الشام ويأخذه
من عرقوب فلم يعجب السلطان ذلك الا انه خلع عليه واعطاه سبعمائة دينار
وانزل في العسكر
فلما انتصف الليل انتبه السلطان فاستدعى خمارتكين فقال له اعلم اني قد رأيت الساعة
في منامي كأني قد ظفرت بالبساسيرى وقتلته وينبغي ان يسير عسكر اليه من طريق الكوفة
كما قال سرايا فان نشطت انت فكن مع القوم فقال السمع والطاعة فسار وسار معه
انوشروان وجماعة من الامراء وتبعهم السلطان في يوم الجمعة تاسع وعشرين من الشهر
فاما مهارش فانه اقترح اقتراحات كثيرة فاطلق له السلطان طغرلبك عشرة آلاف دينار
ولم يرض واما البساسيرى فانه اقام بواسط متشاغلا بجمع الغلات والتمور وحطها في
السفن ليصعد بها الى بغداد مستهينا بالامور الى ان ورد عليه الخبر بانحدار اهله
وولده ودخول الغز فاصعد الى النعمانية بالسفن التي جمع فيها الغلات فورد عليه
الخبر بدخول السلطان بغداد فكاتب ابن مزيد ليجمع العرب ولم يتصوران السلطان نيته
الانحدار فجاء ابن مزيد الى نصف الطريق ثم عاد ثم جاء ثم عاد خوفا وخورا فانحدر
البساسيرى اليه وكان قد وكل بأبي منصور بن يوسف فأزال ابن مزيد التوكيل عنه وقال
له هذا وقت التقبيح وكان البساسيرى شاكا في ابن مزيد مستشعرا منه الا ان الضرورة
قادته اليه
وعلمت العرب ان السلطان نيته قصدهم وبوادي الشام فتفرقوا ولم يشعروا الا بورود سرية
اليهم وذلك في يوم السبت ثامن ذي الحجة من طريق الكوفة فقال البساسيرى لابن مزيد
الرأي كبسهم الليلة فانهم قد قدموا على كلال وتعب فامتنع وقال نباكرهم غدا فراسل
انوشروان ابن مزيد والتمس الاجتماع معه فالتقى به فقال له انوشروان ان عميد الملك
يقرئك السلام ويقول لك قد مكنت في نفسي السلطان من امرك ما جعلت لك فيه المحل
اللطيف والمواقع المنيف وشرحت له ما انت عليه من الطاعة والولاء ويجب ان تسلم هذا
الرجل ويسلم كل من في صحبتك فما الغرض سواه ولا القصد يتعداه لما اقترف من عظيم
الجرم وان امتنعت واحتججت بالعربية وذمامها وحرمة
نزوله عليك فانصرف عنه ودعنا واياه فقال
ما انا الا خادم السلطان مطيع الا أن للبدوية حكمها وقد نزل هذا الرجل على نزولا
وما آثرته ولا اخترته بل كرهته وقد طال امر هذا الرجل والصواب ان نشرح في صلاح
حاله واستخدمه فقال انوشروان هذا الصواب ونحن نبعد عنكم مرحلة وتبعدون عنا مثلها
حتى لا يتطرق بعضنا الى بعض واراسل السلطان بما رأيته فانه على نية اللحاق بنا ولا
شك في وصوله الى النعمانية وما نخالفك على شيء تراه وما في الرجلين الا من قصد
خديعة صاحبه فأما ابن مزيد فانه اراد المدافعة بالحال لتحققه بانحدار السلطان حتى يبعد
عنه السرية فيصعد الى البرية الى حيث يأمن الى حلته وعشيرته ويدبر امر انفصاله عن
البساسيرى واما أنوشروان فأراد ان يبعد عن القوم ليفسخ لهم طريق الانصراف وعاد ابن
مزيد فأخبر البساسيرى بما جرى فرد التدبير اليه وقال الامر امرك وتأهبت السرية
واستظهرت بأخذ العلوفة ورحل البساسيرى وابن مزيد يوم الثلاثاء حادي عشر ذي الحجة
والاتراك يراصدونهم فلما ابعدوا عن اعينهم تبعوهم فحاربوهم فثبت البساسيرى وجماعته
واسرع ابن مزيد الى اوائل الظعن ليحطه ويرد العرب الى القتال فلم يقبلوا منه واسر
منصور وبدران وجماعة اولاد ابن مزيد وانهزم البساسيرى على فرسه فلم ينجه وضرب فرسه
بنشابة فرمته الى الارض وادركه بعض الغلمان فضربه ضربة على وجهه ولم يعرفه واسره
كمشتكين دواتي عميد الملك وحز رأسه وحمله الى السلطان وساق الترك الظعن واخذت
اموال عظيمة عجزوا عن حملها وهلك من البغداديين الذين كانوا معهم خلق كثير واخذت
اموالهم وتبددوا في البراري والآجام واخذت العرب من سلم
وقد ذكرنا ان اصحاب البساسيرى دخلوا الى بغداد في اليوم السادس من ذي القعدة
وخرجوا منها في سادس ذي القعدة وكان ملكهم سنة كاملة واتفق اخراج الخليفة من داره
يوم الثلاثاء ثامن عشر كانون الثاني ومقتل
البساسيرى يوم الثلاثاء ثامن عشر كانون
الثاني من السنة الآتية وهذا من الاتفاقات الظريفة
ولما حمل الرأس الى السلطان حكى له الذي اسره انه وجد في جيبة خمسة دنانير واحضرها
فتقدم السلطان الى ان يفرغ المنح من رأسه ويأخذ الخمسة دنانير ثم انفذه حينئذ الى
دار الخلافة فوصل في يوم السبت النصف من ذي الحجة فغسل ونظف ثم ترك على قناة وطيف
به من غد وضربت البوقات والدبادب بين يديه واجتمع من النساء والنفاطين وغيرهم
بالدفوف ومن يغني بين يديه ونصب من بعد ذلك على رأس الطيار بازاء دار الخلافة ثم
اخذ الى الدار
وعرض في يوم السبت المذكور من الجو انقضاض كواكب كثيرة ورعد شديد قبل طلوع الشمس
بساعة وكان ذلك مفرطا
وهرب ابن مزيد الى البطيحة ونجا معه ابن البساسيرى وبنته واخواه الصغيران
ووالدتهما وكانت العرب سلبتهم فاستهجن ابن مزيد ذلك وارتجع ما اخذ ثم هرب ابن
البساسيرى الى حلب ثم توسط امر ابن مزيد مع السلطان فأطلق اولاده واخوته وحضر فداس
البساط واصعد معه الى بغداد ونهب العسكر ما بين واسط والبصرة والاهواز
وفي هذا الشهر انفذ السلطان من واسط والدة الخليفة ووالدة الأمير ابي القاسم عدة
الذين بن ذخيرة الدين ووصال القهرمانة وكن في أسر البساسيرى فتبعهم جمع كثير من
الرجال والنساء المأخوذين في الوقعة
وفي هذا الشهر عول من الديوان علي بن ابي علي الحسن بن عبد الودود بن المهتدي في
الخطابة بجامع المنصور بدلا من ابي الحسن محمد بن احمد بن المهتدي وعزلا له لاجل
ما اقدما عليه في ايام البساسيرى من تولى الخطبة في هذا الجامع لصاحب مصر
قال محمد بن عبدالملك الهمذاني ولما عاد القائم من الحديثة لم ينم على وطاه ولم
يمكن احد يقرب اليه فطوره وطهوره لانه نذر ان يتولى ذلك بنفسه وعقد مع الله
سبحانه العفو عمن اساء اليه والصفح وجمع
من تعدى عليه فوفى بذلك واشرف في بعض الايام على البنائين والنجارين في الدار فرأى
فيهم روز جاريا فأمر الخادم باخراجه من بينهم فلما كان في بعض الايام عاد فرآه
معهم فتقدم الى الخادم ان يبره بدينار وان يخرجه ويتهدده ان عاد فاتاه الخادم فقتل
ما رسم له وقال ان رأيناك هاهنا قتلناك فسئل الخليفة عن السبب فقال ان هذا
الروزجاري بعينه اسمعنا عند خروجنا من الدار الكلام الشنيع وبعثنا بذلك الى المكان
الذي نزلناه من مشهد باب التبن ولم يكفه ذلك حتى نقب السقف فاذا انا بغباره وتبعنا
الى عقرقوف فبدر من جهله ما امسكنا عن معاقبته رجاء ثواب الله تعالى وما عاقبت من
عصى الله فيك باكثر من ان تطيع الله فيه
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
266 - ارسلان ابو الحارث
ولقب بالمظفر وهو البساسيرى التركي كان مقدما علي الاتراك وكان القائم بأمر الله
لا يقطع امرا دونه فتجبر وذكر عنه انه اراد تغيير الدولة ثم اظهر ذلك وخطب للمصري
فجرى له ما ذكرنا في الحوادث الى ان قتل
267 - الحسن بن علي
ابن محمد بن خلف بن سليمان ابو سعيد الكتبي ولد سنة خمس وسبعين وثلثمائة سمع من
ابن شاهين وغيره وكان صدوقا وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة
268 - الحسن بن ابي الفضل
ابو علي الشرمقاني المؤدب وشرمقان قرية من قرى نسا نزل بغداد وكان احد حفاظ القرآن
العالمين باختلاف القراء ووجوه القراآت وحدث عن جماعة وكان صدوقا وجرت له قصة
ظريفة رواها محمد بن الفضل الهمذاني عن ابيه قال كان الشرمقاني المقرىء يقرأ على
ابن العلاف وكان يأوى الى مسجد بدرب
الزعفراني فانفق ان ابن العلاف رآه ذات
يوم في وقت مجاعة وقد نزل الى دجلة واخذ من اوراق الحسن ما يرمى به اصحابه وجعل
يأكله فشق ذلك عليه واتى الى رئيس الرؤساء فاخبره بحانه فتقدم الى غلام له بالمضي
الى المسجد الذي يأوى اليه الشرمقاني وان يعمل لبابه مفتاحا من غير أن يعلمه ففعل
وتقدم ان يحمل في كل يوم ثلاثة ارطال خبزا سميذا ومعها دجاجة وحلوى وسكر ففعل
الغلام ذلك وكان يحمله على الدوام فاتى الشرمقاني في اول يوم فرأى ذلك في القبلة
مطروحا ورأى الباب مغلقا فتعجب وقال في نفسه هذا من الجنة ويجب كتمانه وان لا
اتحدث به فان من شرط الكرامة كتمانه وانشد
... من أطلعوه على سر فباح به ... لم يأمنوه على الاسرار ما عاشا ...
فلما استوت حاله وأخصب بدنه سأله ابن العلاف عن سبب ذلك وهو عارف به وقصد المزاح
معه فأخذ يورى ولا يصرح ويكنى ولا يفصح ولم يزل ابن العلاف يستخبره حتى اخبره ان
الذي يجد في المسجد كرامة نزلت من الجنة اذ لا طريق لمخلوق عليه فقال ابن العلاق
يجب ان تدعو لابن المسلمة فانه هو الذي فعل ذلك فنغص عليه عيشه وبانت عليه شواهد
الانكسار وتوفي الشرمقاني في صغر هذه السنة
269 - الحسين بن أبي عامر
علي بن ابي محمد بن أبي سليمان ابو يعلى الغزال حدث عن ابن شاهين وكان سماعه صحيحا
وكان يسكن باب الشام وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة
270 - حمدان بن سليمان
ابن حمدان هو ابو القاسم الطحان حدث عن المخلص والكتاني قال الخطيب كتبت عنه وكان
صدوقا توفي في ذي الحجة من هذه السنة
271 - عبيد الله بن احمد
ابن علي ابو الفضل الصيرفي يعرف بابن الكوفي سمع الكتاني والمخلص
اخبرنا القراز اخبرنا الخطيب قال كتبت
عنه وكان سماعه صحيحا وكان من حفاظ القرآن والعارفين باختلاف القراآت ومنزله بدرب
الدنانير من نواحي نهر طابق وسمعته يذكر أنه ولد في سنة سبعين وثلثمائة وتوفي في
هذه السنة
272 - علي بن محمود
ابن ابراهيم بن ماخرة ابو الحسن الزوزني وكان ماحرة مجوسيا ولد ابو الحسن سنة ست
وستين وثلثمائة وصحب ابا الحسن الحصري وروى عن ابي عبد الرحمن السلمي وصار شيخ
الصوفية والرباط المقابل لجامع المنصور ينتسب الى الزوزني هذا وانما بني للحصري
والزوزني صاحب الحصري فنسب اليه وكان يقول صحبت الف شيخ احدهم الحصري احفظ عن كل
شيخ حكاية توفي الزوزني في رمضان هذه السنة ودفن بالرباط
273 - محمد بن علي بن الفتح
ابن محمد بن علي ابو طالب الحربي المعروف بالعشارى ولد في محرم سنة ست وستين
وثلثمائة وكان جسده طويلا فقيل له العشارى لذلك وسمع من ابن شاهين والدارقطني وابن
حبابة وخلقا كثيرا و كان ثقة دينا صالحا توفي ليلة الثلاثاء تاسع عشر جمادي الاولى
من هذه السنة وقد اناف عن الثمانين ودفن بباب حرب
سنة 452
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان السلطان اصعد من واسط فدخل بغداد في يوم الخميس السابع عشر من
صفر وجلس له الخليفة فوصل اليه يوم الاثنين الحادي والعشرين من الشهر فخلع عليه
وحمل الى دار الخليفة على رواق الروشن المشرف على دجلة بعد أن اعيدت شرافاته التي
قلعها البساسيرى ورم شعثه في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من هذا الشهر سماطا حضر
السلطان طغرلبك والامراء اصحاب
الاطراف ووجوه الاتراك والحواشي وتبع ذلك
سماط عمله السلطان في داره واحضر الجماعة في يوم الخميس ثاني ربيع الاول وخلع على
الامراء من الغد وتوجه الى الجبل في يوم الأحد الخامس من الشهر وتأخر بعده عميد
الملك لتدبير الامور ودخل الى الخليفة فودعه فشكره واعتد بخدمته ولقبه سيد الوزراء
مضافا الى عميد الملك
وفي سادس عشرين هذا الشهر قبل قاضي القضاة ابو عبد الله الدامغاني شهادة ابي بكر
محمد بن المظفر الشامي
وفي يوم الاربعاء ثالث جمادي الآخرة انقض كوكب عظيم القدر عند طلوع الشمس من ناحية
المغرب الى ناحية المشرق فطال لبثه
وفي يوم الثلاثاء تاسع جمادي الآخرة ورد الامير عدة الدين ابو القاسم عبدالله ابن
ذخيرة الدين وجدته وعمته وسنه يومئذ اربع سنين مع ابي الغنائم ابن المحلبان
واستقبله الناس وجلس في زبزب كبير وعلى رأسه ابو الغنائم الى باب الغربة قدم له
فرس فحمله ابو الغنائم على كتفه فأركبه الفرس ودخل به الى الخليفة فشكره على خدمته
له ثم خرج وكان ابو الغنائم ابن المحلبان قد دخل الى دار بباب المراتب في ايام
البساسيرى فوجد فيها زوجة ابي القاسم بن المسلمة واولاده وكان البساسيرى شديد
الطلب لهم فقالوا له قد تحيرنا وما ندري ما نعمل ولما استثرنا صاحبنا اين نأخذ
يعنون ابن المسلمة قال مالكم غير ابن المحلبان فخلطهم بحرمه ثم اخرجهم الى ميا
فارقين وجاء محمد الوكيل فقال له قد علمت ان ابن الذخيرة وبنت الخليفة ووالدتها
يبيتون في المساجد وينتقلون من مسجد الى مسجد مع المكدين ولا يشبعون من الخبز ولا
يدنؤن من البرد وقد علموا ما قد فعلته مع بنت ابن المسلمة فسألوني خطابك في مضائهم
وقد ذكروا انهم اطلعوا ابا منصور بن يوسف على حالهم فأرشدهم اليك وكان البساسيرى
قد اذكى العيون عليهم وشدد في البحث عنهم فلم يعرف لهم خبرا فقال ابن المحلبان
لمحمد الوكيل واعدهم المسجد الفلاني حتى انفذ زوجتي اليهم تمشي بين ايديهم الى ان
يدخلوا دارها ففعل وحمل اليهم الكسوة
الحسنة واقام بهم وخاطر بذلك فلما علموا بمجيء السلطان انزعجوا وقالوا ان خوفنا من
هذا كخوفنا من البساسيرى لأجل ان خاتون ضرة لجدة هذا الصبي تكره سلامته فأخرجهم
الى قريب من سنجار ثم حملهم الى حران فلما سكنت الثائرة مضى واقدمهم الى بغداد
وفي جمادي الآخرة وقع في الخيل والبغال موتان وكان مرضها نفخة العينين والرأس وضيق
الحلق
وفي رجب وقف ابو الحسن محمد بن هلال الصابي دار كتب بشارع ابن ابي عوف من غربي
مدينة السلام ونقل اليها نحو الف كتاب
وكان السبب ان الدار التي وقفها سابور الوزير بين السورين احترقت ونهب اكثر ما
فيها فبعثه الخوف على ذهاب العلم ان وقف هذه الكتب
وفي شعبان ملك محمود بن نصر حلب والقلعة فمدحه ابن ابي حصينة فقال ... صبرت على
الاهوال صبر أبن حرة ... فأعطاك حسن الصبر حسن العواقب ... واتعبت نفسا يا ابن نصر
نفيسة ... الى أن اتاك النصر من كل جانب ... وانت امرؤتيني العلي غير عاجز ...
وتسعى الى طرق الردى غير هائب ... تطول بمحمود بن نصر وفعله ... كلاب كما طالت
تميم بحاجب
وعاد طغرلبك الى الجبل في هذه السنة بعد أن عقد بغداد واعمالها على ابي الفتح
المظفر بن الحسين العميد في هذه السنة بمائة الف دينار ولسنتين بعدها بثلثمائة الف
دينار فشرع العميد في عمارة سوق الكرخ وتقدم الى من بقي من اهلها بالرجوع اليها
ونهاهم عن العبور الى الحريم والتعايش فيه وابتدأت العمارة ثم تزايدت مع الايام
حتى عاد السوق كما كان دون الدروب والخانات والمساكن
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
274 - باي بن جعفر
ابن باي ابو منصور الحيلي الفقيه اخبرنا القزاز اخبرنا الخطيب قال سكن بالى
بغداد ودرس فقه الشافعي علي ابي حامد
الاسفرائيني وسمع من ابي الحسن ابن الجندي وابي القاسم الصيدلاني وعبد الرحمن بن
عمر بن حمة الخلال كتبنا عنه وكان ثقة وولى القضاء بباب الطاق وبحريم دار الخلافة
ومات في المحرم سنة اثنتين وخمسين واربعمائة
275 - الحسن بن ابي الفضل
ابو محمد النسوي الوالي سمع الحديث من ابن حبابة والمخلص وحدث بشيء يسير وكانت له
في شغله فظنه عظيمة وحدثني ابو محمد المقرىء قال كان اصحابه اصحاب الحديث اذا جاؤا
الى ابن النسوي يقول ويلكم هذا سمعناه على ان يكون فينا خير وانه سمع ليلة صوت برادة
تحط وكان ذلك في زمان الشتاء نأمر بكبس الدار فوجدوا رجلا مع امرأة فسألوه من اين
علمت فقال برادة لا تكون في الشتاء وانما هي علامة بين اثنين قال واتى بجماعة
متهمين فاقامهم بين يديه واستدعى بكوز ماء فلما جيء به شرب ثم رمى بالكوز من يده
فانزعجوا الا واحد منهم فانه لم يتغير فقال خذوه فكانت العملة معه فقيل له من اين
علمت فقال اللص يكون قوي القلب وشاع عنه انه كان يقتل اقواما ويأخذ اموالهم وقد
ذكرنا فيما تقدم انه شهد قوم عند ابي الطيب الطبري على ابن النسوي انه قتل جماعة
وان ابا الطيب حكم بقتله فصانع بمال فرق على الجند وسلم وتوفى في رجب هذه السنة
276 - قطر الندى
والده الخليفة القائم بامر الله هكذا اسماها ابو القاسم التنوخي وقال ابو الحسن بن
عبد السلام اسمها بدر الدجى وقال غيرهما اسمها علم وكانت جارية ارمينية توفيت ليلة
الحادي عشر من رجب وقدم تابوتها وقت المغرب فصلى عليها الخليفة بمن حضر في الرواق
بصحن السلام بعد صلاة المغرب وحملت الى التراب بالرصافة وجلس للعزاء بها في بيت
النوبة
277 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن الحسن بن علي بن بكران ابو علي المعروف بالجازري النهرواني حدث
عن المعافي بن زكرياء وغيره وكان صدوقا
وتوفي في ربيع الاول من هذه السنة
278 - محمد بن عبيد الله
ابن احمد بن محمد بن عمرو بن ابو الفضل البزار وكان من القراء المجودين وسمع ابا
القاسم بن حبابة وابن شاهين والمخلص وغيرهم وانتهت الفتوى في الفقه على مذهب مالك
اليه وكان دينا ثقة وقبل قاضي القضاة ابو عبدالله الدامغاني شهادته وتوفي في محرم
هذه السنة
سنة 453
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان ارسلان خاتون زوجة الخليفة حملت الى السلطان طغرلبك في يوم
البساسيرى على ما سبق ذكره فأريد ردها الى دار الخليفة والسلطان بعد ذلك ولا ينجزه
ثم خطب طغرلبك بنت الخليفة لنفسه بعد موت زوجته وكانت زوجته سديدة عاقلة وكان يفوض
امره اليها فأوصلته قبل موتها بمثل هذا واتفق ان قهرمانة الخليفة لوحت للسلطان
بهذا وقد نسب الى عميد الدولة ايضا فبعث ابا سعد بن صاعد يطلب هذا فثقل الأمر على
الخليفة وانزعج منه فأخذ ابن صاعد يتكلم في بيت النوبة بكلام يشبه التهدد ان لم
تقع الاجابة فقال الخليفة هذا مالم تجر العادة به ولم يسم احد من الخلفاء مثله
ولكن ركن الدين امتع الله به عضد الدولة والمحامي عنها وما يجوز ان يسومنا هذا ثم
اجاب اجابة خلطها بالاقتراحات التي طن انها تبطلها فمنها تسليم واسط وجميع ما كان
لخاتون من الاملاك والاقطاع والرسوم في سائر الاصقاع وثلثمائة الف دينار عينا
منسوبة الى المهر وان يرد السلطان الى بغداد ويكون مقامه فيها ولا يحدث نفسه
بالرحيل عنها فقال العميد ابو الفتح اما الملتمس وغيره فجاب اليه من جهتي عن السلطان
ولو انه اضعافه فان امضيتم الامر وعقدتم العهد سلم جميعه وأما مجيء السلطان الى
بغداد ومقامه فيها فهذا أمر لا بد من عرضه عليه واخذ رأيه فيه وندب
للخروج الى الرى في ذلك ابو محمد رزق
الله بن عبد الوهاب واصحب تذكرة بذلك ورسم له الخطاب على الاستقصاء في الاستعفاء
فان تم فهو المراد والا عرضت التذكرة وانفذ طراد بن محمد الزينبي نقيب الهاشميين
في ذلك ايضا وانفذ ابو نصر غانم صاحب قريش بن بدران برسالة من الخليفة الى السلطان
في معنى قريش واظهار الرضاعة والتقدم برد أعماله المأخوذة منه وكان قد بذل للخليفة
عند تمام ذلك عشرة الآف دينار وحلف له الخليفة على صفاء النية وخلوص السريرة
والتجاوز عما مضى فلما وصل القوم وقد حملوا معهم الخلع للسلطان فقام حين وضعت بين
يديه وخدم ثم استحضروا في غد وطيف بهم في مجالس الدار حتى شاهدوا المفارس والآلات
وقيل لهم هذا كله للجهة الملتمسة وكان من جملة ذلك بيت في صدره دست مؤزر ومفروش
بالنسيج ووسطه سماط من ذهب فيه تماثيل الحكم والبلور والكافور والمسك والعنبر يوفي
وزن ما في السماط على اربعمائة الف دينار وبيت مثله يوفي ما فيه على مائة الف
دينار في اشياء يطول شرحها فاجتمع ابو محمد التميمي بعميد الملك وفاوضه في ذلك
الامر وعرض عليه التذكرة فقال له هذه الرسالة والتذكرة لا يحسن عرضها فان الامتاع
لا يحسن في جواب الضراعة ولا المطالبة بالاموال في مقابلة الرغبة في التجمل ومتى
طرق هذا سمع السلطان حتى يعلم ان الرغبة في الشيء لا فيه والايثار للمال لا له
تغيرت نيته وهو يفعل في جواب الاجابة اكثر مما يطلب منه فقال له ابو محمد الامر
اليك ومهما رأيت فافعل فطالع السلطان بذلك فسروا علم الاكابر به ثم نقدم الى عميد
الملك بأن ياخذ خط التميمي بذلك فراسله بان السلطان قد شكر ما أعلمته من خدمتك في
هذا الامر وتقدم بالمسيرفيه واريد انه تكتب خطاك بذاك لأطلعه عليك فكتب خطه بمقتضى
الرسالة والتذكرة فشق ذلك على عميد الملك
وفي يوم الثلاثاء ثاني ربيع الاول قبل قاضي القضاة ابو عبدالله الدامغاني شهادة
الشريف ابي جعفر بن ابي موسى الهاشمي وابي علي يعقوب بن ابراهيم الحنبلي
وفي يوم الخميس لثمان بقين من جمادي الاولى وردت ارسلان خاتون الى دار الخلافة ومعها عميد الملك ابو نصر وقاضي الري وفي الصحبة المهر والجهاز الجديد وامر الوصلة بابنة الخليفة وبعث مائة الف دينار منسوبة الى المهر واشياء كثيرة من آلات الذهب والفضة والحلي والنثار والجواري والكراع والفان ومائتان وخمسون قطعة من الجوهر من جملتها سبعمائة وعشرين قطعة وزن الواحدة ما بين ثلاثة مثاقيل الى مثقال فبان للخليفة ان الشروط التي نشرها مع ابي محمد التميمي والاقتراحات لم يكن عنها جواب محرر والمهر انما حمل منه مائة الف وقبح للخليفة الامر من كل جهة وقيل ان تشنع فيه ما لا خفاء به اذ كان مالم تجربه عادة احد من الملوك بأحد من الخلفاء مثله فامتنع من العقد وقال ان اعفيت والا خرجت من البلد واطلق عميد الملك لسانه بالقبيح وقال قد كان يجب الامتناع في اول الامر ولا يكون اقتراح وتذكرة ثم غضب واخرج نوبه فضربها بالنهروان وسأله قاضي القضاة وابو منصور بن يوسف التوقف وكاتبا الخليفة وارهباه وساقا الامر الى العقد على ان يشهد عميد الملك وقاضي الري بحكم وكالتهما على نفوسهما انهما لا يطالبان بالجهة المطلوبة مدة اربع سنين ثم استفتى الفقهاء في ذلك فقال الحنفيون العقد يصح والشرط يلغو وقال الشافعيون العقد يبطل اذا دخله شرط ووصل عميدالملك الى الخليفة في ليلة الجمعة ثامن من جمادي الآخرة فوعظه ونهاه عما قد لج فيه فقال نحن نحضر جماعة من الواردين صحبتك ونرد هذا الأمر الى رأيك وتدبيرك فيظهر جلوسنا واجابتنا للخاص والعام وتكفينا انت بحسن نياتك في هذا الامر في الباطن ففيه الغضاضة والوهن ولم تجر لبني العباس بمثله عادة من قبل وجاء كتاب من السلطان الى عميد الملك يأمره بالرفق وان لا يخاطب في هذا الأمر الا بالجميل وذلك في جواب كتاب من الديوان الى خمارتكين يشتكي فيه مما يجري من عميدالملك ويؤمر باطلاع السلطان عليه فعاد جواب خمارتكين ان السلطان غير مؤثر لشي مما يجري ولا يكرهه على هذه الحال فبقيت الحال على ما هي عليه وعميد الملك يقول ويكثر
والخليفة يحتمل ويصبر وجاء يومأ الى
الديوان بثياب بيض وتوسط الامر قاضي القضاء الدامغاني وابو منصور بن يوسف واستقر
الأمر على ان كتب الخليفة لعميد الملك الناقذ استخلفناك على هذا الأمر ورضيا بك
فيما تفعله مما يعود بمرضاتنا ومرضاة ركن الدين فاعمل في ذلك برأيك الصائب الموفق
تزجية للحال ودفعا بالأيام وترقبا لأحد امرين اما قناعة السلطان بهذا الامر او طلب
الاتمام فلا يمكن المحالفة ثم دخل عميد الملك يوما الى الخليفة ومعه قاضي القضاة
وجماعة من الشهود وقال اسأل مولانا امير المؤمنين التطول بذكر ما شرف به ركن الدين
الخادم الناصح فيما رغب فيه وسمت نفسه اليه ليعرفه الجماعة من رأيه الكريم وأراد
ان يقول الخليفة ما يلزمه به الحجة بالاجابة ففطن لذلك فقال قد شرط في المعنى ما
فيه كفاية والحال عليه جارية فانصرف مغتاظا ورحل في عشية يوم الثلاثاء السادس
والعشرين من جمادي الآخرة ورد المال والجواهر والآلات الى همذان وبقي الناس رجلين
من هذه المنازعة
وفي يوم الاربعاء لليلتين بقيتا من جمادي الاولى على ساعتين منه انكسفت الشمس
جميعها واظلمت الدنيا كلها وسقطت الطيور في طيرانها وكان المنجمون قد زعموا انه
يبقى سدسها فلم يبق منها شيء وكان انجلاؤها على اربع ساعات وكسر ولم يكن الكسوف في
غير بغداد واقطارها عاما في جميع الشمس
وفي رجب ورد رسول من عميد الملك يذكر ان كتاب السلطان ورد عليه بان الخليفة ان لم
يجب الى الوصلة التي سألناها فطالبه بتسليم ارسلان خاتون اليك واعدها معك لأسير
بنفسي واتولى الخطاب على هذا وانه أراد العود من الطريق لفعل ما رسم له من هذا
فخاف ان لا ينضبط له العسكر اذا عادوا الى بغداد يقول اني قد اعدت هذا الرسول لحمل
ارسلان خاتون الى دار المملكة الى حين اجتماعي بالسلطان واصلاح هذه القصة وكاتب
ارسلان بمثل ذلك وبانتقالها عن الدار فتجدد الإنزاع والخوف ودافع الخليفة عن
الجواب وتبسط اصحاب في اشياء توجب خرق الحشمة فاظهر الخلية الخروج من بغداد وتقدم
باصلاح
الطيار فحل صفره ورم شعثه وانزعج الناس
من ذلك وخافوا فنودي فيهم انه ما يبرح فسكتوا ثم جاء امر السلطان الى شحنته ببغداد
يأمره بما يوجب دفع المراقبة وقيل في ذلك وهذا في مقابلة خرق حرمتنا ورد اصحابنا
على اقبح حال والى سيده رسال بالانفصال عن الدار العزيزة والمقام في دار المملكة
الى ان يرد من يسيرها وادخلوها أيديهم في الجواري فروسلوا بأن هذا يقبح فأمسكوا
وفي يوم الخميس لاربع بقين من رجب خلع في بيت النوبة على طراد الزينبي وردت اليه
نقابة العباسيين او تقلد نقابة الطالبين ابو الفتح اسامة بن ابي عبدالله ابن احمد
بن علي بن أبي طالب العلوي وانحدر من بغداد الى البصرة واستخلف ببغداد اخاه وضمن
ابو اسحاق ابراهيم بن علان اليهودي جميع ضياع الخليفة من واسط الى صرصر مذة سنة
واحدة بستة وثمانين الف دينار وسبعة عشر الف كر وسبع مائة كر
وفي سابع رمضان رأى انسان زمن طويل المرض من نهر طابق رسول الله صلى الله عليه و
سلم في المنام قائما مع اسطوانة وقد جاءه انفس فقالوا له قم فان رسول الله صلى
الله عليه و سلم قائم فقال لهم انا زمن ولا يمكنني الحركة فقالوا هات يدك واقاموه
فأصبح قائما يمشي في حوائجه ويتصرف في امور
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
279 - احمد بن مروان
ابو نصر الكردي صاحب ديار بكر وميا فارقين لقبه القادر نصر الدولة فاستولى على
الامور بديار بكر وهو ابن اثنين وعشرين سنة وعمر الثغور وضبطها وتنعم تنعما لم
يسمع به عن احد من اهل زمانه وملك من الجواري والمغنيات ما اشترى بعضهن بخمسة آلاف
دينار وشترى منهن بأربعة عشر الف وملك خمسمائة سرية سوى توابعهن خمسمائة خادم وكان
يكون في مجلسه من آلات الجواهر ما تزيد قيمته على مائتي الف دينار وتزوج من بنات
الملوك حملة وكان اذا قصده عدو يقول كم يلزمني من النفقة على قتال هذا فاذا قالوا
خسمون الفا بعث بهذا القدر او ما يقع
عليه الاتفاق وقال ادفع هذا الى العدو واكفه بذلك وآمن على عسكره من المخاطرة
وانفذ للسلطان طفرلبك هدايا عظيمة ومها الجبل الياقوت الذي كان لبني بويه وابتاعه
من ورثة الملك ابي منصور بن ابي طاهر وانقذ مع ذلك مائة الف دينار عينا ووزر له
ابو القاسم المغربي نوبتين ووزرله ابو نصر محمد بن محمد بن جهير ورجت الاسعار في
زمانه وتظاهر الناس بالاموال ووفد اليه الشعراء وسكن عنده العلماء والزهاد ولغه ان
الطيور في الشتاء تخرج من الجبال الى القرى فتصاد فتقدم بفتح الأهراء وان يطرح لها
من الحب ما يشبعها فكانت في ضيافته طول عمره توفى في هذه السنة عن سبع وسبعين وقيل
عبر الثمانين سنة وكانت امارته اثنتين وخمسين سنة
سنة 454
ثم دخلت سنة اربع وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه خرج في يوم الخميس غرة صفر ابو الغنائم بن المحلبان الى باب
السلطان طغرلبك من الديون العزيز بالاجابة الى الوصلة وكان السبب ان الكتب وردت من
السلطان الى بغداد وواسط والبصرة بادخال اليد في الاقطاع المفردة لوكلاء الدر
العزيزة والحواشي والاصحاب والى اصحاب الاطراف وغيرهم بتعديد ما فعل من الجميل
دفعة بعد دفعة وما كان من المقابلة في الرد عما وقعت الرغبة فيه على اقبح حال وخرج
الكلام في ذلك الى ما ينافى مايكون بالطاعة ومقتضى الخدمة وقطعت المكاتبة الى
الديون ووصل الكتاب الى قاضي القضاة عنوانه الى قاضي القضاة من شاهنشاه المعظم ملك
المرشق والمغرب محي الاسلام خليفة الامام يمين خليفة الله امير المومنين فكان في
الكتاب ان قاضي القضاة يعلم ان تلك الوصلة لم تكن جفوة قصدناها حتى يستوجب قبح
المكافاة على جميع ما قدمناه من الماثرات وان كنا لا نؤهل للاجابة ولا نحض
بالمساءة وليس يخفي على العوام ما قدمناه من الاهتمام واوجبناه من الانعام
واظهرناه من التذلل والخضوع الذي ما كان لنا به عهد ظننا باننا نتقرب الى الله
تعالى بذلك فصارت كلها وبالا علينا ولكنا
واثقين بصنع الله تعالى انه لا يضيع جميل أفعالنا ونرى سوء المغبة لمن يضمر سوأ
فينا واقتضى الرأي استرداد جميع ما كان للديوان الخاص وقصر وكلاء تلك الجهة عنها
ليقصر واعلى ما كان لهم يوم وردت راياتنا العراق فيجب ان نشير عليهم بالتخلية عنها
وترك المراجعة فيها فانا لا نفيد غير الجدال والنزاع وقد خاطبنا الشيخ الزكي ابا
منصور ابن يوسف بكتاب أشبعنا فيه القول فيجب أن يتأمله ويعمل به لئلا يتكرر الكلام
والسلام وكتب في منصف شعبان سنة ثلاث وخمسين ثم ما زالت المشورة على الخليفة بما
في هذا الامر قبل ان لا يتلافي فعين على أبي الغنائم بن المحلبان في الخروج الى
السلطان واستسلال ما حصل في نفسه فقال متى لم يقترن بخروجي اليه اجابته الى غرضه
من الوصلة كان قصدى زائدا في غيظه وتوقف عن الخروج ودافع واتسع الخرق بما قصد به
الخليفة من الأذى فأجاب حينئذ مكرها بعد ان يمنع ثلاث سنين وكتب وكالة لعميد الملك
في العقد وأذن في الوصول لقاضي القضاة ابي عبدالله الدامغاني وأبي منصور بن يوسف
حتى شهدا بما سمعاه من الاجابة وخرج ابو الغنائم وورد بعد خروجه بخمسة ايام ركابية
يكتب تتضمن رد الاقطاع الى وكلاء الدار العزيزة وكثر الاعتذار مما جره سوء المقدار
من تلك الاسباب المكروهة والتقدم بانفاذ أبي نصر بن صاعد رسولا بخدمة وهدية
ومشافهة بالتنصل مما جرى وشاع هذا فطابت النفوس ووقعت البشائر في الدار العزيزة وخلع
منها على الركابية وضربت الدبادب والبوتات بين ايديهم وطيف بهم في البلد واعيد
الاقطاع الى ايدي الوكلاء
وورد كتاب من عميد الملك الى ابي منصور بن يوسف يخبره بأن تلك اللوثة زالت من غير
مذكر بل برأي رآه السلطان حشما لفالة تظهر أو وعد وبشمت وكوتب ابو الغنائم بن
المحلبان بالتوقف حيث وصل من الطريق الى ان يصل ابو نصر بن صاعد ويصدر في صحبته
على ما يقتضيه جوابه ورسم له طي ذلك وستره فوصله الأمر وهو بشهر زور فأقام متعللا
بالأمطار والثلوج وجرح
ساقه ثم اظهر أن مادة قد نزلت فمنعته من
الركوب
وفي ربيع الاول وكان ذلك في السابع عشر من آذار ورد سيل شديد ليلا ونهار فوقف
الماء في الدروب وسقطت منه الحيطان واتصل المطر والغيم بقية آذار وجميع نيسان حتى
لم يجد يوم ذاك وكان في اثنائه من البرد الكبار ما اهلك كثيرا من الثمار ووزنت
واحدة فاذا فيها رطل وتحدث المسافرون انه كان مثل ذلك بفارس والجبال واعمال الثغور
وانه قد ورد مطر ثمانين يوما متوالية ما طلعت فيها الشمس وجاء سيل على حلة الاكراد
فاقلعتها وشوهدت الخيل المقيدة غرقى على رأس الماء وفي هذا الشهر زادت دجلة فبلغت
الزيادة احدى وعشرين ذراعا ورمت عدة دور وعملت السكور على نهر معلى وباب المراتب
وباب الازج والزاهر وخرج الخليفة من باب البشري الى دجلة ليلا وغمس القضيب النبوي
في الماء دفعتين فكان ينقص ثم يزيد بعد وزادت تامرا اثنين وعشرين ذراعا وكسرا
وتفجرت فيه بثوقه ودار الماء من جلولا وتامرا على الوحش فحصرها فلم يكن لها مسلك
فكان اهل السواد يسبحون فيأخذونه بأيديهم فيحصل للواحد منهم في اليوم مائتي رطل
لحما
وفي ربيع الآخر عطلت المواخير وغلقت ونودي بازالنهاو كان السبب انه كثر الفساد
وشرب الخمر وشرب رجل يهودي وتغنى بالقرآن
ولما طالت ايام ابن المحلبان في تأخره ببلد شهرزور عن السلطان علم انه أمر بالتوقف
فحرك الخليفة كتابا الى الجهة الخاتونية مع جابر بن صقلاب يتضمن اشتياقا اليها
وايثار لمشاهدتها ورسم لها السير اليه والخروج من دار الخلافة على أي حال أوجبته
ومضيق العذر في التأخر وكتاب الى الحاجب ترمس بملازمتها الى ان تسير وتردد الخطاب
في السبب الموجب لذلك الى ان افصح به ابن صقلاب وانه بسبب تأخر ابي الغنائم بن
المحلبان فقيل انما توقف لانتظارنا ابن صاعد الرسول الذي ذكرتم انفاذه الى بابنا
لنسمع رسالته ويكون انقاذهما
جميعا وحيث تأخر ذلك واوجب هذا الاستشعار
فنحن فكانت ابن المحلبان ونأمره بالاتمام ففعل ذلك
وفي يوم الخميس ثالث عشر شعبان كان العقد للسلطان على السيدة بنت الخليفة بظاهر
تبريز فكتب ابن المحلبان الى الخليفة يخبره انه عمل سماط عظيم وانه قرىء نسخة
التوقيع الشريف الى السلطان على الناس والسلطان حاضر وانه سلم الوكالة الى عميد
الملك فقبلها ورفع يده بها الى السلطان فقام عند مشاهدتها وقبلها وقبل الارض ودعام
اعادها الى عميد الملك فقرأها وقد رسم فيها تعيين المهر وهو اربعمائة الف دينار
فارتفعت الأصوات بالدعاء للخليفة وعقد العقد ونثر الذهب واللؤلؤ وتكلم السلطان بما
معناه الشكر والدعاء وانه المملوك الفن الذي قد سلم نفسه ورقه وما حوته يده وما
يكسبه باقي عمره الى الخدمة الشريفة ونفذ في شوال خدمة للديوان العزيز تشتمل على
ثلاثين غلاما اتراكا على ثلاثين فرسا وخادمين وفرس بمركب وسرج من ذهب مرصع
بالجواهر الثمينة وعشرة آلاف دينار للخليفة وعشرة آلاف دينار لكريمته وعقد جوهر
فيه نيف وثلاثون حبة في كل حبة مثقال وجميع ما كان الخاتون المتوفاة من الاقطاع
بالعراق وثلاثة آلاف دينار لوالدتها وخمسة آلاف للامير عدة الذين فتولت ارسلان
خاتون تسليم ذلك ووردت الكتب في ذي القعدة بتوجيه السلطان السلطان الى بغداد
وفي ذي الحجة كثر الارجاف بالسلطان طغرلبك ووفاته واختلط الناس الى ان جاءت
البشارة بعد ايام بسلامته من مرض شديد
وفي هذه السنة عم الرخص جميع الاصقاع وبيع بالبصرة كل الف رطل تمر بثمانية قراريط
وفيها عزل ابو الفتح محمد بن منصور بن دارست عن وزارة القائم واقبل ابو منصور محمد
بن محمد بن جهير من ميا فارقين وقد سفر له في الوزارة تقلدها ولقب فخر الدولة شرف
الوزراء
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
280 - ثمال بن صالح
الملقب بمعز الدولة صاحب حلب كان كريما فأغنى اهل البلد وكان حليما بينا الفراش
يصب عليه ضربت بلبلة الابريق ثنينة فسقطت في الطست فعفا عنه فقال له ابن ابي حصينة
... وسن العدل في حلب فأخلت ... بحسن العدل بقعته البقاعا ... حليم عن جرائمنا
اليه ... وحي عن ثنيته انقلاعا ... مكارم ما افتدى فيها بخلق ولكن ركبت فيه طباعا
... اذا فعل الكريم بلا قياس ... فعا لا كان ما فعل ابتداعا ...
281 - الحسن بن علي
ابن محمد ابو محمد الجوهري ويعرف بابن المقنعي ولد في شعبان سنة ثلاث وستين
وثلثمائة وكان يسكن درب الزعفراني وهو شيرازي الاصل وسمع الكثير واول املائه في
رمضان سنة احدى واربعين وختم الاسناد وهو آخر من حدث عن ابي بكر بن مالك القطيعي
وابن صالح الابهري وابن العباس الوراق وابن شاذان وابن ايوب القطان وابن اسحاق
الصغار وعن ابي الحسن ابن كيسان النحوي وابن لؤلؤ أبي الحسن الجراحي وابن اسمعيل
الانباري وابن أبي عزة العطار وابن العباس الرفاء وابن ابي القصب الشاعر وابيه ابي
الحسن الجوهري وعن أبي عبيدالله الحسين بن الضراب وابن بطة وابن مروان الكوفي وابن
مهدي الازدي وابن عبيد الدقاق وعن أبي القاسم الخرقي وابن جعفر المقرىء وطلحة
الشاهد وعن ابي جعفر بن الجهم الكاتب وابن العباس الجوهري وعن ابي محمد ابن
عبدالله بن ما هود الاصبهاني وعبد العزيز بن ابي صابر وعن أبي علي العطشي والفارسي
وعن ابي العباس بن يعقوب المقرىء وأبي حفص جعفر بن علي القطان وأبي سعيد بن الوضاح
وكان ثقة امينا وتوفي في ذي القعدة من السنة
ودفن في الجانب الشرقي من مقبرة باب أبرز
282 - الحسين بن ابي زيد
ابو علي الدباغ واسم أبي زيد منصور واصله من الصفد سمع سفيان بن عيينة وابا معاوية
في آخرين روى عنه الباغندي وكان من الثقات
اخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز اخبرنا احمد بن علي بن ثابت قال اخبرنا محمد بن
احمد بن يعقوب اخبرنا محمد بن نعيم الضبى قال سمعت ابا بكر محمد بن جعفر يقول سمعت
ابا الحسن السراج يقول سمعت الحسين بن ابي زيد يقول رأيت النبي صلى الله عليه و
سلم في المنام فقلت يا رسول الله ادع الله ان يحييني على الاسلام فقال لي والسنة
وجمع ابهامه وسبابته وحلق حلقة وقال ثلاث مرات والسنة والسنة والسنة توفي في شوال
هذه السنة
283 - سعد بن محمد
ابن منصور ابو المحاسن الجرجاني كان رئيسا في ايام والده في سنة عشر واربعمائة
فدرس الفقه وتخرج علي يده جماعة وروى الحديث ووجه رسولا الى محمود بن سبكتكين فخرج
وعقد له مجلس النظر في جميع البلدان بنيسابور وهراة وغزنة وقتل طلما باستراباذ في
رجب هذه السنة
سنة 455
ثم دخلت سنة خمس وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان السلطان وصل الى ازاء القفص فعزم الخليفة على تلقيه فاستعفى
فاعفى من ذلك فأخرج اليه الوزير ابو منصور فلما دخل العسكر نزلوا في دور الناس
وأخرجوهم واوقدوا أخشاب الدور ليرد عظيم كان وكانوا يتعرضون لحرم الناس حتى ان قوما
من الاتراك صعدوا الى جامات حمام ففتحوها وطالعوا النساء ثم نزلوا فهجموا عليهن
فأخذوا من ارادوا منهن وخرج
الباقيات عراة الى الطريق فاجتمع الناس
وخلصوهن من ايديهم فعلوا هذا بحمامين وجاء عميد الملك الى دار الخلافة وخدم عن
السلطان فأوصله الخليفة وخاطبه بالجميل واعطاه عدة اقطاع ثياب تشريفا له وتردد
الخطاب في نقل الجهة الى دار المملكة وبعث السلطان الى الجهة بخاتمه وكان ذهبا
وعليه فص ماس وزنه درهمان وبعث جبتين في مسلحد ولازم عميد الملك المطالبة بها حتى
بات في الديوان فكان مما قاله الخليفة يا منصور بن محمد انت كنت تذكر ان الفرض في
هذه الوصلة التشرف بها والذكر الجميل وكنا نقول لك اننا ما نمتنع من ذاك الا خوفا
من المطالبة بالتسليم وجرى ما قد علمته ثم اخرجنا ابن المحلبان وقرر معكم قبل
العقد ما أخذ به خطك وانه ان كان يوما ما يطالبه برؤية واجتماع كان ذلك في الدار العزيزة
النبوية ولم يسم اخراج هذه الجهة من دارنا فقال عميد الملك هذا جميعه صحيح
والسلطان مقيم عليه وعازم على الانتقال الى هذه الدار العزيزة حسب ما استقر وهو
يسأل ان يفرد لحجابه وغلمانه وخواصه فيها مواضع يسكنونها فما يمكنه بعدهم عنه فقطع
بهذا الكلام الحجة ثم راجع وكرر الى ان استقر انتقالها الى دار المملكة على ان لا
تخرج من بغداد وان تكون بها اذا سافر السلطان واحضر قاضي القضاة الدامغاني حتى
استخلفه على الاجتهاد في ذلك
وحمل السلطان الى الخليفة مائة الف دينار ومائة وخمسين الف درهم واربعة آلاف ثوب
فيها عشرة طميم كل ذلك منسوب اليه
وفي ليلة الاثنين خامس عشر صفر زفت السيدة ابنة الخليفة الى دار المملكة ونصب لها
من دجلة الى الدار سرادق وضربت البوقات والكوسات عند دخولها الدار فجلست على سرير
ملبس بالذهب ودخل السلطان اليها فقبل الارض لها وخدمها وشكر الخليفة وخرج من غير ان
يجلس ولا قامت له ولا كشفت برقعا كان على وجهها ولا ابصرته وكان السلطان والحجاب
ووجوه الاتراك يرقصون في صحن الدار فرحا وسرورا وانفذ لها مع ارسلان خاتون وكانت
قد مضت في صحبتها عقدين فاخرين وقطعة
ياقوت احمر كبيرة ودخل من الغد فقبل الارض وخدمها وجلس على سرير ملبس بالفضة
بازائها ساعة ثم خرج وانفذ اليها جواهر كثيرة مثمنة وفرجية نسيج مكللة بالحب وما
زال على مثل ذلك كل يوم يحضر ويخدم فظهر منه سرور شديد من الخليفة تألم لم الزمه
من ذلك وخلع السلطان في بكرة يوم الاثنين على عميد الملك وزاد في القابه جزاء على
توصله الى هذا الامر واتصل في دار المملكة السماط اسبوعا ثم كان في يوم الاحد لتسع
بقين من الشهر سماط كبير وخلع على جميع الامراء
وفي يوم الخميس تاسع ربيع الاول حضر عميد الملك بيت النوبة واستأذن للسلطان طغرلبك
في الانصراف وللسيدة خاتون في المسير صحبته وانه يستردها مدة سنة اشهر فاذن
الخليفة للسلطان ولم يأذن لارسلان وقال هذا لا يحسن وتردد من المراجعة ما أدى الى
اذن الخليفة وكانت شاكية من اطراحه لها وانه لم يقرب منها منذ اتصل اليها
وانفذ للسلطان في يوم السبت حادي عشر الشهر خلع من حضرة الخليفة وخرج من الغد وهو
ثقيل من علته مأيوس من سلامته واستصحب السيدة ابنة الخليفة معه بعد ان امتنعت
فالزمها ولم يتبعها من دار الخلافة الا ثلاث نسوة برسم خدمتها ولحق والدتها من
الحزن مالم يمكن دفعه عنها
وفي ليلة الاثنين لخمس بقين من ربيع الآخر انقض كوكب كبير كان له ضوء كبير وفي
صبيحته جاءت ريح ومطر فيه برق متصل لحق منه قافلة وردت من دجيلة عند قبر احمد بن
حنبل ما احرق واحدا من اهلها فمات من وقته وكان الموضع الذي احترق من جسمه وثوبه
ابيض لم يتغير لونه فلما ارادوا قلع القميص عنه لم يتغير القميص في منظر العين
ووجدوه عند مسه هباء منثورا
وفي ليلة الاربعاء لثمان يقين من شعبان رأت امرأة هاشمية في منامها النبي صلى الله
عليه و سلم وعلي بن ابي طالب في مسجد صغير بالمأمونية من الحريم الشريف فقال له
النبي صلى الله عليه و سلم مربهم ان يعمروا هذا المسجد فقالت
لا يصدقونني في رؤيتي لكم فمد يده الى
حائط عقد هناك قديم مبني بالجص والآجر وهو من احد حيطان المسجد وجرآجرة من وسطها
حتى برز بثلثها وقال لها هذا دليل على صدق قولك وصحة رؤياك
وفي هذا الشهر كانت زلزلة بأنطاكية واللاذقية وقطعة من بلاد الروم وطرابلس وصور
واماكن من الشام ووقع من سور طرابلس قطعة
وورد الخير بموت طغرلبك الى بغداد من جهة السيدة ابنة الخليفة ليلة الاحد الرابع
والعشرين من رمضان بأنه توفي في ثامن رمضان وشرى العيارون بهمذان فقتلوا العميد
وسبعمائة رجل من اصحاب الشحنة واحضروا المخانيث بالطبول والزمور وأكلوا نهارا
وشربوا على القتلى وكانوا كذلك بقية الشهر ولما توفي طغرلبك بعث الى عميد الملك
الكندري وكان على سبعين فرسخا فجاء قيل ان يدفن واخذ البيعة لسليمان بن داود بن
أخي طغرلبك وكان طغرلبك قد نص عليه وحط من القلعة سبعمائة الف دينار وكسر وستة عشر
الف ثوب من ديباج وسقلاطون وسلاحا تساوى مائتي الف دينار ففرقها على العسكر فسكن
الناس ولم يبق لهم خوف الا من الملك الب ارسلان وهو محمد بن داود فان العسكر مالوا
اليه
وانتشرت في هذه الايام الاعراب في سواد بغداد وما حولها وقطعوا الطرقات وأخذوا
ثياب الناس حتي في الزاهر واطراف البلد واستاقوا من عقر قوف من الجواميس ما قيمته
ألوف دنانير وتحدث الناس بما عليه مسلم بن قريش من دخول بغداد والجلوس في دار
المملكة وحصار دار الخلافة ونهبها فانزعج الناس وتعرض مسلم للنواحي الخاصة جميعها
وقرر على اهلها مالا ونهب من امتنع من ذلك ونهب المواشي والعوامل وامتنعت الزراعة
الا على المخاطرة وكثرت استغاثة اهل السواد على الابواب العزيزة وخرج العسكر
لمقاومته فبعث يعتذر ويقول انا الخادم وكان عميدا الملك الجهة الخليفة بجواهر كانت
للسلطان معها وذكر زيادة قيمتها وحاجته الى صرفها الى الغلمان فأنكرت ذلك فاعترض
نواحيها كذلك واقطاعها ثم استظهر عليها
وفي ذي الحجة كانت زلزلة بأرض واسط لبثت طويلا
وفي هذه السنة وقع موتان بالجدري والفجاءة ونقص في هذا الوقت الدور الباقية بمشرعة
الزاويا والفرضة ومن بقايا المسنيات والدور الشاطية وغيرها شيء كبير واخذت اخشاب
الدور وحملت الانقاض الى دار الخليفة فكانت عدة الدور ذوات المسنيات في الماء في
سنة سبع واربعين واربعمائة عند دخول طغرلبك الى بغداد مائة ونيف وسبعين دارا
ووقع الوباء بمصر وكان يخرج منها في اليوم الواحد نحو الف جنازة وقبض على ابي
الفرج المغربي وزير مصر ونظر ابو الفرج عبد الله بن محمد البابلي مدة ثم عزل
وفيها دخل صاحب اليمن مكة فأحسن السيرة وجلب اليها الاقوات وفعل الجميل
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
284 - الحسن بن علي
ابن علي بن حرام ابو النصر الجذامي ورد بغداد وتفقه على ابي حامد الاسفرائيني وسمع
المخلص وانحدر الى البصرة فسمع سنن ابي داود من القاضي ابي عمر الهاشمي وحدث
بالكثير وكان يرجع اليه في الفتاوى والمشكلات وتوفى بسرخس
285 - سعيد بن مروان
صاحب آمد توفى هذه السنة وقيل ان ابا الفرج الخازن سقاه السم باتفاق من نصر بن
سعيد صاحب ميا فارقين فاحس سعيد وأمر بقتل ابي الفرج فقطع قطعا
286 - محمد بن احمد
ابن محمد بن حسنون ابو الحسين القرشي ولد في صفر سنة سبع وستين وتوفى
في يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر هذه السنة
قال ابو الفضل بن خيرون هو ثقة ثقة ثقة
287 - محمد بن ميكائيل
ابن سلجوق ابو طالب السلطان الذي يقال له طغرلبك واصله من جيل من التركمان وكان
ابن سلجوق قد زوج ابنته من رجل يعرف بعلى تكين فاستفحل امرهما وافسدا على محمود بن
سبكتكين فقصدهما فاما على تكين فأفلت من محمود وابن سلجوق فقبض عليه محمود وحصل من
اصحابه اربعة الاف حركاه منتقلة في البلاد وتوفى محمود فاشتغل ابنه مسعود بلذاته
فاجتمع اصحاب ابن سلجوق وشنوا الغارات على سواد نيسابور واستولى العيارون على
نيسابور فورد طغرلبك فهذبها فمال اليه المستورون فحصل الاموال فسار مسعود طغرلبك
حين استفحل امره فالتقيا فانهزم مسعود واستولى طغرلبك على خراسان وذلك في سنة
ثلاثين وولى اخاه لامه ابراهيم ينال بن يوسف قهستان وخراسان وقصد بنفسه الرى
فخربها اصحابه ووقع على دفائن واموال وفتح اصبهان سنة ثلاث واربعين واربعمائة
واسطابها وعول على ان يجعلها دار مقامه ونقل اليها امواله من الرى وولى اخاه داود
في سنة ثلاثين مرو وسرخس وبلخ الى نيسابور وولى ابن عمه الحسن بن موسى هراة وبوشنج
وسحستان وكان قد كتب الى دار الخليفة في سنة وثلاثين كتابا الى عميد الرؤساء
الوزير وخاطبه بالشيخ الاجل ابي طالب محمد بن ايوب فمضى في الجواب اليه من دار
الخلافة اقضى القضاة ابو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردى ولقيه بجرجان
فاستقبله على اربعة فراسخ اجلالا لرسالة الخليفة ثم أعطاه على التشريف الذي صحبه
ثلاثين الف دينار وعشرين الف للخليفة وعشرة آلاف لحواشيه وسارت عساكر طغرلبك الى
الاهواز فنهبوها ثم قدم بغداد وجلس له القائم وفوض اليه الاعمال وخاطبه بملك
المشرق والمغرب وطغرلبك اول ملك من
السلجوقية وهو الذي بنى لهم الدولة وكان
مدبرا حكيما يطلع على افعال تسوءه فلا يؤاخذ بها ولقد كتب بعض خواصه سوء سيرته الى
ابي كالجار فرأى الملطفة ولم يعاتبه وبعث اليه ملك الروم اموالا كثيرة وقد ذكرنا
فيما تقدم وذكرنا احواله على ترتيب السنين وكيف رد القائم من حديثه عانة وقتل
البساسيرى وتزوج ابنة الخليفة وتوفى بالرى يوم الجمعة ثامن رمضان هذه السنة وكانت
مملكته ثلاثين سنة وعمره سبعين
سنة 456
ثم دخلت سنة ست وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه لما افسدت الاعاريب في سواد بغداد واطرافها حملت العوام
السلاح لقتالهم وكان ذلك سببا الى كثرة العيارين وانتشارهم في محرم هذه السنة
ووقع الارجاف بان السلطان الب ارسلان محمد بن داود بن ميكائيل وارد الى بغداد فغلت
الاسعار ثم ورد الخبر ان السلطان الب ارسلان قبض على عميد الملك ابي نصر منصور بن
محمد بن الكندري في عشية يوم السبت السابع من المحرم واخذ ماله ثم انفذ الى
مروالروذ واعتقل بها وخلع على وزيره نظام الملك ابي علي الحسن بن اسحاق الطوسي في
ذلك اليوم وروسلت السيدة ابنة الخليفة في الحال بالاذن لها في المسير الى بغداد
وانفذ اليها خمسة آلاف دينار للنفقة فأبت ان تقبل فقبح لها ان ترد فقبلت ووصلت الى
بغداد عشية يوم الاحد ثالث عشر ربيع الآخر واجتمع الناس لمشاهدة دخولها فدخلت ليلا
وكان في صحبتها القاضي ابو عمر ومحمد بن عبد الرحمن فحضر بيت النوبة وسأل قاضي
القضاة الدامغاني ان يكون جلوس هذا القاضي الوارد دونه فلم يجب وأمر أن يجلس على
روشن بيت النوبة بمعزل من المجلس فقام هذا القاضي فخطب خطبة وصف فيها الب ارسلان
وشكر وزيره نظام الملك ثم جلس وسلم الكتب الواصلة معه وكانت كتابين الى الخيفة
وكتاب الى الوزير فخر الدولة أبي نصر بن جهير فخرج الجواب
يتضمن شكر السلطان الب ارسلان والاعتداد
بخدمته في تسير السيدة وتقدم الى الخطباء باقامة الدعوة فقيل في الدعاء اللهم اصلح
السلطان المعظم عضد الدولة وتاج الملة ابا شجاع الب ارسلان محمد بن داود فبعث عشرة
آلاف دينار وزنا ومائتي ثوب ابريسمية انواعا وحوالة على الناظر ببغداد بعشرة آلاف
اخرى وعشرة افراس وعشرة بغلات وقيل للسلطان في امر عميدا الملك وانه لا فائدة في
بقائه غير مأمون ان يفسد فأمر بالمكاتبة الى مقدم مرو الروز بقتله وصلبه وانفذ
ثلاثة غلمان لذلك
وبيعت في هذا الزمان دار بنهر طابق بثلاثة قراريط ويبعت دار بواسط بدرهم وفي ربيع
الاول شاع ببغداد ان قوما من الاكراد خرجوا متصيدين فرأوا في البرية خيما سودا
سمعوا فيها لطما شديدا وعويلا كبيرا وقائلا يقول قد مات سيدوك ملك الجن وأي بلد لم
يلطم به عليه ولم يقم له فيه ماتم قلع اصله واهلك اهله فخرج النساء العواهر من
حريم بغداد الى المقابر يلطمن ثلاثة ايام ويخرقن ثيابهن وينشرن شعورهن وخرج رجال
من السفساف يفعلون ذلك وفعل هذا في واسط وخوزستان من البلاد وكان هذا فنا من الحمق
لم ينقل مثله
ولما فرغت خلع السلطان سأل العميد ابو الحسن ان يجلس الخليفة جلوسا عاما لذلك فجلس
يوم الخميس سابع جمادي الآخرة في البيت المستقبل بالتاج المشرف على دجلة واوصل
اليه الوزير فخر الملك وتقدم بايصال العميد والقاضي ابي عمرو فدخلا فشافههما
بتولية عضد الدولة واستدعى اللوائين فعقدهما بيده وسلمت الخلع بحضرته ورتب للخروج
بالخلع ابو الفوارس طراد الزينبي وابو محمد التميمي وموفق الخادم وكتب معهم الى
السلطان كتاب بتوليته ولقب العميد شيخ الدولة ثقة الحضرتين ولقب نظام الملك قوام
الدين والدولة رضى امير المؤمنين وهو يذكر في تلك البلاد بخواجا بزرك
وفي يوم الجمعة الثاني عشر من شعبان هجم قوم من اصحاب عبد الصمد علي ابي على بن
الوليد المدرس لمذهب المعتزلة فسبوه وشتموه لامتناعه من الصلاة في
الجامع وتدريسه لهذا المذهب فقال لهم لعن
الله من لا يوثر الصلاة ولعن الله من يمنعني منها ويخيفني فيها ايماء اليهم والى
امثالهم من العوام لما يعتقدونه في اهل هذا المذهب من استحلال الدم ونسبتهم الى
الكفر وأوقعوا به وجرحوه وصاح صياحا خافوا اجتماع اهل الموضع معه عليهم فتركوه ثم
اغلق بابه واتصل اللعن للمعتزلة في جامع المنصور وجلس ابو سعد بن ابي عمامة فلعن
المعتزلة
وفي يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من رمضان جمع ابو عبد الله ابن جردة جمعا كثيرا من
الضعفاء ليتصدق عليهم فكثروا فمنهم بواب باب المراتب فاثخنوه ضربا ففرق على نحو
مائتي نفس قميصا ودرهمين درهمين ثم كثر الجمع وجاء النفاطون الركابية فخافهم على
نفسه فرمى الثياب والدراهم عليهم ومضى فازدحموا فمات خمسة رجال واربع نسوة وصار
الرجل يلقى الرجل فيقول كنت في وقعة ابن جردة فيقول نعم فيقول الحمد لله على
سلامتك
وفي شوال ورد الخبر بغزاة السلطان ابي الفتح الروم وانه دخل بلدا عظيما كان لهم
فيها سبعمائة الف دار والف بيعة ودير وقتل به مالا يحصى وأسر خمسمائة الف منهم
وفي ذي القعدة وكان تشرين الاول وامتد الى تشرين الثاني حدث وباء عظيم تفاقم بنهر
الملك وتعدى الى بغداد وكان فيها حر شديد وفساد هواء وزيادة انداء وعدم التمر
الهندي حتى بلغ الرطل منه اربع دنانير وكذلك الشيرخشك وخلع في ذي القعدة على
النقيب ابي الغنائم المعمر بن محمد بن عبيدالله العلوي في بيت النوبة وقلد نقابة
الطاليبين والحج والمظالم ولقب بالطاهر ذي المناقب وقرىء عهده في الموكب
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
288 - عبد الواحد بن علي
ابن برهان ابو القاسم النحوي كان مجودا في النحو وكان له اخلاق شرسة
ولم يلبس سراويلا قط ولا قبل عطاء احد وكان لا يغطي رأسه وذكر محمد بن عبد الملك كان ابن برهان يميل الى المرد الصباح ويقبلهم من غير ريبة قال المصنف وقوله من غير ريبة اقبح من التقبيل لأن النظر اليهم ممنوع منه اذا كان بشهوة فهل يكون التقبيل بغير شهوة قال ابن عقيل وكان يختار مذهب المرجيئة المعتزلة وينفي خلود الكفار ويقول قوله خالدين فيها ابدا اي ابدا من الآباد ومالا غاية له لا يجمع ولا يقبل التثنية فيقال ابدان وآباد ويقول دوام العقاب في حق من لا يجوز عليه التشفي لا وجه له مع ما وصف به نفسه من الرحمة وهو انما يوجد من الشاهد لما يعتري الغضبان من غليان قلبه للانتقام وهذا مستحيل في حقه سبحانه وتعالى قال ابن عقيل هذا كلام يرده على قائله جميع ما ذكره وذلك انه اخذ صفات الباري في صفات الشاهد وذكر ان المثير للغضب ما يدخل على قلب الغضبان من غليان الدم طلبا للانتقام واوجب بذلك منع دوام العقاب حيث لا يوجد في حقه سبحانه التشفي والشاهد يرد عليه ما ذكره لأن المانع من التشفي عليه الرأفة والرحمة وكلاهما رقة طبع وليس البارىء بهذا الوصف وليس الرحمة والغضب من اوصاف المخلوقين بشيء وهذا الذي ذكره من عدم التشفي كما يمنع الدوام يمنع ابتداء العقوبة اذا كان المحيل للدوام من عدم التشفي وفورة الغضب وغليان الدم كما يمنع دخوله في الدوام يمنع دخوله عليه ووصفه به فينبغي بهذه الطريقة ان يمنع اصل الوعيد ويحيله سبحانه كسائر المستحيلات لا يختلف نفس وجودها وداومها فلا افسد اعتقادا ممن أخذ صفات الله تعالى من صفاتنا وقاس افعاله على افعالنا والعقل اوجب قطعة من الشاهد فانه قادر ان يجعل القوت من النبات فجعله من الحيوان ينال بعد المه فأي افعاله ينطبق على افعالنا وأي اوصافه تلحق بأوصافنا قال المصنف وكان ابن برهان يقدح في اصحاب احمد ومن يخالف اعتقاد المسلمين اذ كلهم اجمعوا على خلود الكفار ولا ينبغي ان يؤثر قدحه في احد توفي في جمادي الآخرة من هذه السنة وقد اناف على الثمانين
سنة 457
ثم دخلت سنة سبع وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان اهل باب البصرة قلعوا باب مشهد العتيقة وأخذوه ليلا وكان من
حديد فبحث عمن فعله حتى عرف واخذ منه
وفيها ان السلطان الب ارسلان نفذ الى عميد الملك تركيا فقتله
وفي جمادي الاولى عقد مسعود الرازي الحنفي حلقه بجامع المنصور وحضرها قاضي القضاة
الدامغاني وجماعة الشهود الا القاضي أبا يعلى والشريف ابا جعفر فان قاضي القضاة
استدعاهما فلم يحضرا ولم يفارقا حلقتهما
وفي ليلة الثلاثاء ثالث رمضان انقض كوكب عظيم وانبسط نوره كالقمر ثم تقطع قطعا
واسمع دويا مفزعا
وفيها خرج جماعة من الحاج بخفر فعدوا بهم فرجعوا الى الكوفة بعد ان خاصموهم في
ثامن ذي القعدة
وفي ذي الحجة بدىء بعمل المدرسة النظامية ببغداد ونقض لأجل بنيانها بقية الدور
الشاطية بمشرعة الزوايا والفرضة وباب الشعير ودرب الزعفراني
وتوفي ابو منصور بن بكران حاجب الباب فولي مكانه ابو عبدالله المردوسي
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
289 - محمد بن احمد
ابن محمد بن علي ابو الحسين ابن الآبنوسي الصيرفي ولد سنة ست وسبعين وثلثمائة وروى
عن الدارقطني وغيره وتوفي في هذه السنة وصلى عليه في جامع الشرقية ودفن في مقبرة
باب حرب
290 - محمد منصور
ابو نصر الكندري وزير طغرلبك وكان يلقب عميد الملك منسوب الى كندر
طريثيت قرية من قراها وقد ينسب الكندري
الى قرية يقال لها كندر قريبا من قزوين ومنها ابو غانم وابو الحسن ابنا عيسى بن
الحسن الكندري سمعا ابا عبد الرحمن السلمي وكتبا تصانيفه ووقفا كتبا كثيرة وينسب
الكندري الى بيع الكندر منهم عبد الملك بن سليمان ابو حسان سمع حسان بن ابراهي
ذكره ابو سعيد بن يونس في تاريخ مصر وكان الكندري له فضل وله شعر وكان طغرلبك قد
بعثه ليتزوج له امرأة فتزوجها فحصاه طغرلبك ثم اقره على خدمته فلما مات وتمكن الب
ارسلان بعثه الى مرو الروذ فقيل له انه لا يؤمن فبعث غلمانا لقتله فدخلوا عليه
فقال له احدهم قم فصل ركعتين وتب الى الله تعالى فقال ادخل اودع اهلي فقالوا افعل
فدخل الى زوجته وارتفع الصياح وعلق الجواري به نشرن شعورهن وحثون التراب على
رؤوسهن فدخل الغلام فقال قم قال خذ بيدي فقد منعني هؤلاء الجواري من الخروج فخرج
الى مسجد هناك فصلى فيه ركعتين ثم مشي حافيا الى وراء المسجد فجلس وخلع فرجية
سمورا عليه فأعطاهم اياها وخرق قميصه وسراويله حتى لا يؤخذا فجاؤا بشاروفة فقال
لست بعيار ولا لص فأخنق والسيف اروح لي فشدوا عينيه بخرقه خرقه هو من طرف كمه
وضربوه بالسيف واخذوا رأسه وتركوا جثته فأخذتها أخته فحملتها الى كندر بلده وكان
عمر نيفا واربعين سنة
291 - ابو منصور بن بكران الحاجب
قد ذكرنا وفاته
سنة 458
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان اهل الكرخ اغلقوا دكاكينهم يوم عاشوراء واحضروا نساء فنحن على
الحسين عليه السلام على ما كانوا قديما يستعملونه واتفق انه حمل جنازة رجل من باب
المحول الى الكرخ ومعه الناحة فصلى عليها وناح الرجال
بحجتها على الحسين وانكر الخليفة على
الطاهر ابي الغنائم المعمر بن عبيدالله نقيب الطالبين تمكينه من ذلك فذكر انه ان
لم يعلم به الا بعد فعله وانه لما علم انكره وأزاله فقيل له لا تفسخ بعدها في شيء
من البدع التي كانت تستعمل
واجتمع في يوم الخميس رابع عشر المحرم خلق كثير من الحربية والنصرية وشارع دار
الرقيق وباب البصرة والقلائين ونهر طابق بعد ان أغلقوا دكاكينهم وقصدوا دار
الخلافة وبين ايديهم الدعاة والقراء وهم يلعنون اهل الكرخ وازدحموا على باب الغربة
وتكلموا من غير تحفظ في القول فراسلهم الخليفة ببعض الخدم اننا قد انكرنا ما
انكرتم وتقدمنا بان لا يقع معاودة ونحن تغفل في هذا ما لا يقع به المراد فانصرفوا
وقبض على ابن الفاخر العلوي في آخرين ووكل بهم في الديوان وهرب صاحب الشرطة لأنه
كان اجاز لأهل الكرخ ما فعلوا وركب اصحاب السلطان فارهبوا العامة وقد كانوا على
التعرض بأهل الكرخ وايقاع الفتنة واصل اهل الكرخ التردد الى الديوان والتنصل مما
كان والاحتجاج بصاحب الشرطة وانه امرهم بذلك والسؤال في معنى المعتقلين فافرج عنهم
ثامن عشر المحرم بعد ان خرج توقيع بلعن من يسب الصحابة ويظهر البدع وفي شهر ربيع
الاول ولد بباب الازج صبية لها راسان ووجهان ورقبتان مفترقتان واربع ايد على بدن
كليل ثم ماتت
وفي هذا الشهر مرض الامير عدة الدين ابو القاسم وتعدى ذلك الى الخليفة جده ولحق
الناس من الانزعاج والارتياع امر عظيم لانه لم يكن بقي من يلتجأ اليه غير هذا
الجناب فتفضل الله تعالى بعافيتهما فاجتمع العوام الى باب الغربة داعين وشاكرين
الله تعالى على نعمة
وفي العشر الاول من جمادي الاولى ظهر في السماء كوكب كبير له في المشرق ذؤابة
عرضها نحو ثلاثة اذرع وطولها اذرع كثيرة الى حد المجرة من وسط السماء مادة الى
المغرب ولبث الى ليلة الاحد لست بقين من هذا الشهر وغاب ثم طهر في ليلة الثلاثاء
عند الشمس قد استدار نوره عليه كالقمر فارتاع الناس
وانزعجوا ولما اعتم الليل رمى ذؤابة نحو
الجنوب وبقى عشرة ايام حتى اضمحل ووردت كتب التجار من بعد بأن ستة وعشرين مركبا
خطفت من سواحل البحر طالبة لعمان فغرقت في الليلة الاخيرة من طلوع هذا الكوكب وهلك
فيها نحو من ثمانية عشر الف انسان وجميع المتاع الذي حوته وكان من جملته عشرة آلاف
طبلة كافور
وفي جمادي الآخرة كانت زلزلة بخراسان لبثت اياما فصدعت منها الجبال واهلكت جماعة
وخسفت بعدة قرى وخرج الناس الى الصحراء واقاموا هناك
وفي يوم الاحد تاسع جمادي خلع على فخر الدولة ابي نصر بن جهير بعد ان شافهه بما
طاب به قلبه ورفع من مرتبته
وفي هذا اليوم عند مغيب الشمس وقع حريق بنهر معلى في دكان خباز فاحترق من باب
الجديد الى آخر السوق الجديد في الجانبين وتلف من المال والعقار ما لايحصى ونهب
الناس بعضهم بعضا وكان الذي احترق مائة دكان وثلاثة دور
وفي شعبان وقع قتال في دمشق فضربوا دار كان مجورا للجامع بالنار فاحترق جامع دمشق
وفي شعبان ذكر رجل من اهل سوق يحيى يقال له اخو جمادي وكانت يده اليسرى قد خبثت
واشرف على قطعها انه رأى النبي صلى الله عليه و سلم في منامه كأنه يصلي في مسجد
يدرب داود فدنا منه وأراه يده وسأله العافية فأمر يده عليها فأصبح معافى وانثال الناس
لمشاهدته وكان يغمس يده في الماء فيقتسمونه وستأتي قصته مستوفاة فس السنة التي مات
فيها ان شاء الله تعالى
ورخصت الاسعار في هذه السنة رخصا بينا حتى صار الكر الجيد من الحنطة بعشرة دنانير
وفي ليلة الاحد لأربع بقين من شعبان انقض كوكبان كان لأحدهما ضوء كضوء القمر
وتبعهما في نحو ساعة بضعة عشر كوكبا صغارا الى نحو المغرب
وفي رمضان نقص الماء من دجلة فاستوعبه
القاطول وتعلق نهر الدجيل عليه فهلكت الثمار وزادت الاسعار وامتنعت السفن من عكبرا
واوانا من الانحدار فكان اقوام يعبرون الى اوانا بمداساتهم على الآجر غارت المياه
في الآبار ببغداد
وفي هذا الشهر كسى جامع المنصور وفرش بالبواري فدخل فيه اربع وعشرون الف ذراع
وثلثمائة منا خيوط واخذ الصناع الخياطين لها اجرتهم عشرين دينار
وفي شوال انفذ خادم خاص الى السلطان للتهنئة بسلامته في غزوته واقامة تشريفات عليه
واضيف الى الخادم ابو محمد التميمي ورسم لهما الخطاب فيما يستعمله النظام مع حواشي
الدار من التعرض لما في ايديهم والخطاب على التقدم الى السيدة ارسلان خاتون
بالمسير الى دار الخلافة فقد طالت غيبتها واخرج الوزير ابو نصر حاجبا له مع
الجماعة بقود وتحف
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
292 - احمد بن الحسين
ابن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي ابو بكر ولد سنة اربع وثمانين وثلثمائة وكان
واحد زمانه في الحفظ والاتقان حسن التصنيف وجمع علم الحديث والفقه والاصول وهو من
كبار اصحاب الحاكم ابي عبد الله ومنه تخرج وسافر وجمع الكثير وله التصانيف الكثيرة
الحسنة وجمع نصوص الشافعي في عشر مجلدات وكان متعففا زاهدا وورد نيسابور مرارا
وبها توفى ونقل تابوته الى بيهق في جمادي الاولى من هذه السنة
293 - الحسن بن غالب
ابن علي بن غالب بن منصور بن صعلوك ابو علي التميمي ويعرف بابن المبارك ولد لعشر
بقين من ذي الحجة سنة ست وستين وثلثمائة وصحب ابن سمعون اخبرنا ابو منصور القزاز
اخبرنا ابو بكر احمد بن علي بن ثابت قال كان الحسن ابن غالب زوج بنت ابراهيم بن
عمر البرمكي وحدث عن عبيدالله بن عبد الرحمن
الزهري وابن اخي سمي وغيرهما وكان له سمت
وهيئة وظاهر صلاح وكان يقرىء فأقرأ بحروف في خرق بها الاجماع وادعى فيها رواية عن
بعض الأئمة المتقدمين وجعل لها اسانيد باطلة مستحيلة فأنكر أهل العلم عليه ذلك الى
ان استتيب منها وذكر انه قرأ على ادريس المؤدب وادريس قرأ على ابن شنبوذ وابن
شنبوذ قرأ على ابي خالد وكل ذلك باطل لأن ابن شنبوذ لم يدرك ابا خالد وادريس لم
يقرأ على ابن شنبوذ وادعى اشياء غير ذلك يتبين فيها كذبة واختلافه وقال ابو علي
ابن البرداني كان الحسن بن غالب متهم في سماعه من ابي الفضل الزهري وجرت له امور
مع ابي الحسن القزويني بسبب قراآت اقرىء بها عن ادريس وكتب عليه بذلك محضر وقال
ابو محمد بن السمرقندي كان كذابا وتوفي في ليلة السبت العاشر من رمضان هذه السنة
ودفن صبيحة تلك الليلة عند قبر ابراهيم الحربي
294 - عبد العزيز بن محمد
ابن الحسين بن محمد بن الفضل ابو القاسم القطان سمع المخلص وكان يسكن دار القطن
وكان صدوقا وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة
295 - محمد بن الحسين
ابن محمد بن خلف بن احمد بن الفراء ابو يعلى ولد في محرم سنة ثمانين وسمع الحديث
الكثير وحدث عن ابي القاسم بن حبابة واول ما سمع من ابي بكر الطيب بن علي بن معروف
البزاز وعلى بن عمر الحربي واملي الحديث وهو آخر من حدث عن ابي القاسم موسى السراج
وكان عنده مصنفات قد تفرد بها منها كتاب الزاهر لابن الأنباري حدث به ابن سويد عنه
وكتاب المطر لابن دريد وكتاب التفسير ليحيى بن سلام وغير ذلك وكان من سادات وشهد
عند قاضي القضاة ابي عبدالله بن ماكولا والدامغاني فقبلا شهادته
وتولى النظر في الحكم بحريم دار الخلافة
وكان اماما في الفقه له التصانيف الحسان الكثيرة في مذهب احمد ودرس وافتى سنين
وانتهى اليه المذهب وانتشرت تصانيفه واصحابه وجمع الامامة والفقه والصدق وحسن
الخلق والتعبد والتقشف والخشوع وحسن السمت والصمت عما لا يعني واتباع السلف حدثنا
عنه ابو بكر بن عبد الباقي وابو سعد الزوزني وتوفي في ليلة الاثنين وقت العشاء
ودفن يوم الاثنين العشرين من رمضان هذه السنة وهو ابن ثمان وسبعين سنة وغسله
الشريف ابو جعفر بوصية اليه وكان من وصيته اليه ان يكفن في ثلاث اثواب وان لا يدفن
معه القبر غير ما غزله لنفسه من الاكفان ولا يخرق عليه ثوب ولا يقعد لعزاه واجتمع
له خلق لا يحصون وعطلت الاسواق ومشى مع جنازته القاضي ابو عبدالله الدامغاني
وجماعة الفقهاء والقضاة والشهود ونقيب الهاشميين ابو الفوارس طراد وارباب الدولة
وابو منصور بن يوسف وابو عبدالله ابن جردة وصلى عليه ابنه وكان قد خلف عبيد الله
وابا الحسن وابا حازم وافطر جماعة ممن تبعه لشدة الحر لأنه دفن في اليوم الثالث من
آب وقبره ظاهر بمقبرة باب حرب قال ابو علي البرداني رأيت القاضي ابا يعلى فقلت له
يا سيدي ما فعل الله بك فقال لي وجعل يعد بأصابعه رحمني وغفر لي ورفع منزلتي
واكرمني فقلت بالعلم فقال لي بالصدق
سنة 459
ثم دخلت سنة تسع وخمسين واربعمائة
فمن الحوادث فيها ان السيدة ارسلان خانون زوجة الخليفة دخلت الى بغداد في جمادي
الاولى وخرج الناس لتلقيها واستقبلها الوزير فخر الدولة على نحو فرسخ وخدمها
بالدعاء على ظهر فرسه وحضر العميد ابو سعد المستوفى في بيت النوبة حتى قرئت الكتب
الواردة في هذه الصحبة وهي مشتملة على التمسك بالطاعة والتصرف على قوانين الخدمة
والاجابة الى المرسوم و خوطب فيها الوزير بالوزير الاجل بعد أن كان يكتب اليه
الرئيس الاجل
وفي هذه الايام بنى ابو سعد المستوفى
الملقب شرف الملك مشهد ابي حنيفة وعمل لقبره ملبنا وعقد القبة وعمل المدرسة بازائه
وانزلها الفقهاء ورتب لهم مدرسا فدخل ابو جعفر ابن البياضى الى الزيارة فقال
ارتجالا
... الم تر أن العلم كان مضيعا ... فجمعه هذا المغيب في اللحد ... كذلك كانت هذه
الارض ميتة ... فأنشرها جود العميد أبي سعد ...
قال المصنف رحمه الله قرأت بخط ابي الوفاء بن ابي عقيل قال وضع اساس مسجد بين يدي
ضريح ابي حنيفة بالكلس والنورة وغيره فجمع سنة ست وثلاثين واربعمائة وانا ابن خمس
سنين او دونها بأشهر وكان المنفق عليه تركي قدم حاجا ثم قدم ابو سعد المستوفى وكان
حنفيا متعصبا وكان قبر ابي حنيفة تحت سقف عمله بعض امراء التركمان وكان قبل ذلك
وانا صبي عليه خربشت خاصا له وذلك في سني سبع او ثمان وثلاثين قبل دخول الغز بغداد
سنة سبع واربعين فلما جاء شرف الملك ثلاث وخمسين عزم على احداث القبة وهي هذه فهدم
جميع ابنية المسجد وما يحيط بالقبر وبنى هذا المشهد فجاء بالقطاعين والمهندسين
وقدر لها ما بين الوف آجر وابتاع دورا من جوار المشهد وحفر اساس القبة وكانوا
يطلبون الارض الصلبة فلم يبلغوا اليها الا بعد حفر سبعة عشر ذراعا في ستة عشر ذرعا
فخرج من هذا الحفر عظام الاموات الذين كانوا يطلبون جوار النعمان اربعمائة صن
ونقلت جميعها الى بقعة كانت ملكا لقوم فحفر لها ودفنت وخرج في ذلك الاساس شخص
منتظم العظام له ريح كريح الكافور قال ابن عقيل فقلت وما يدريكم لعل النعمان قد
خرجت عظامه في هذا العظام وبقيت هذه القبة فارغة من مقصود قال فبعث شرف الملك الى
ابي منصور بن يوسف شاكيا مني وطالبه منه مقابلتي على ذلك فكان غاية ما قال لي بعد
أن احضرني في خلوة يا سيدي ما نعلم كيف حالنا مع هؤلاء الاعاجم والدولة لهم فقلت
يا سيدي رأيت منكرا فاشيا فما ملت نفرتي الدينية قال ابن عقيل وكانت العمارة في
سنة تسع وخمسين وساجد وابوابه غصب من بعض
بيع سامرا فما عند هؤلاء من الدين خبر
اخبرنا محمد بن ناصر الحافظ انبأنا ابو الحسين المبارك ابن عبد الجبار الصيرفي قال
سمعت ابا الحسين ابن المهتدى يقول لا يصح أن قبر ابي حنيفة في هذا الموضع الذي
بنوا عليه القبة وكان الحجيج قبل ذلك يردون ويطوفون حول المقبرة فيزورون ابا حنيفة
لا يعينون موضعا
وفي شعبان هبت ريح حارة فقتلت بضعة عشر نفسا كانوا مصعدين من واسط وخيلا كثيرة
واهلكت ببغداد شجر الاترج والليمون
وفي ليلة الاحد سلخ شعبان ان احترقت تربة معروف الكرخي وكان السبب ان القيم بها
كان مريضا فطبخ له شعير فبعدت النار الى خشب وبواري هناك وارتفعت الى السقوف فأتت
على الكل فاحترقت القبة والساباط وجميع ما كان ثم أمر القائم بأمر الله بعمارة
المكان
وفي شوال لحق الدواب موتان وانتفخت رؤوسها واعينها حتى كانوا يصيدون حمر الوحش بأيديهم
فيعافبون اكلها ووقع عقيب ذلك بنيسابور واعمال خراسان الغلاء الشديد والوباء
المفرط وكذلك بدمشق وحلب وحران
وفي هذه السنة قبل قاضي القضاة ابو عبدالله الدامغاني شهادة الشريف ابي الحسن محمد
بن علي بن المهتدي وابي طاهر عبد الباقي ابن محمد البزار وفي يوم السبت عاشر ذي
القعدة جمع العميد ابو سعد القاشي الناس على طبقاتهم الى المدرسة النظامية التي
بناها نظام الملك ببغداد للشافعية وجعلها برسم ابي اسحاق الشيرازي بعد أن وافقه
على ذلك فلما كان يوم اجتماع الناس فيها وتوقعوا مجيء ابي اسحاق فلم يحضر فطلب فلم
يظهر وكان السبب ان شابا لقيه فقال يا سيدنا تريد تدرس في المدرسة فقال نعم فقال
وكيف تدرس في مكان مغصوب فغير نيته فلم يحضر فوقع العدول الى ابي نصر بن الصباغ
فجعل مكانه وضمن له ابو منصور بن يوسف ان لا يعدل عنه ولا يمكن ابو اسحاق من
الافساد عليه فركن الى قوله فجلس وجرت مناظرة وتفرقوا واجرى للتفقهة لكل واحد
اربعة ارطال خبز كل يوم وبلغ نظام الملك
فاقام القيمة على العميد وظهر ابو اسحاق في مسجد بباب المراتب فدرس على عادته
فاجتمع الناس فدعوا واثنوا عليه وكان قد بلغ اليهم انه قال اني لم اطب نفسا
بالجلوس في هذه المدرسة لما بلغني ان ابا سعد القاشي غصب اكثر آلاتها ونقض قطعة من
البلد لاجلها ولحق أصحابه غم وراسلوه لما عرضوا فيه بالانصراف عنه والمضي الى ابن
الصباغ ان لم يجب الى الجلوس في المدرسة ويرجع عن هذه الاخلاق الشرسة فأرضاهم
بالاستجابة تطيبا لقلوبهم وسعوا وهو ايضا في ذلك الى ان استقر الأمر في ذلك له
وصرف ابن الصباغ فكانت مدة مقامه بها عشرين يوما وجلس ابو اسحاق فيها في عشرذي
الحجة وكان اذا حضر وقت الصلاة خرج منها وقصد بعض المساجد فأداها
انبأنا ابو زرعة طاهر بن محمد المقدسي عن ابيه قال سمعت ابا القاسم منصور بن محمد
بن الفضل وكان فقيها متورعا يقول سمعت ابا علي المقدسي ببغداد يقول رأيت ابا اسحاق
الشيرازي في المنام فسألته عن حاله فقال طولبت بهذه البينة يعني المدرسة النظامية
ولولا اني ما اديت فيها الفرض لكنت من الهالكين وفي هذه السنة عقدت البصرة وواسط
على هزار سب بثلثمائة الف دينار
ذكر من توفي في هذه السنة من الاكابر
296 - عبد الكريم بن علي
ابن احمد ابو عبدالله التميمي المعروف بالسنى القصري من قصر ابن هيبرة ولد سنة
احدى وسبعين وثلثمائة سكن بغداد وحدث بها عن ابي محمد بن الاكفائي كان صدوقا وقاد
بنا كثير التلاوة بالقرآن وتوفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب
297 - محمد بن اسمعيل
ابن محمد ابو علي القاضي من اهل طوس ولي القضاء بطوس ولقب بالعراقي
لظرافته وطول مقامه ببغداد وكان فقيها
فاضلا مبرزا بفقهه ببغداد اختل الى ابي محمد الباقي ثم ابي حامد الاسفرائيني وسمع
الحديث من ابي طاهر المخلص وتوفي في هذه السنة
سنة 460
ثم دخلت سنة ستين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه خلع على ابي القاسم عبدالله بن احمد بن رضوان في دار الخلافة
الخلع الكاملة والطيلسان ورد اليه النظر في المارستان
وبنيت تربة قبر معروف في ربيع الاول وعقد مشهده ازاجا بالجص والآجر وفي جمادي
الاولى كانت زلزلة بارض فلسطين اهلكت بلد الرملة ورمت شرافتين من مسجد رسول الله
صلى الله عليه و سلم ولحقت وادي الصفراء وخيبر وانشقت الارض عن كنوز من المال وبلغ
حسها الى الرحبة والكوفة وجاء كتاب بعض التجار في هذه الزلزلة ويقول انها خسفت
الرملة جميعها حتى لم يسلم منها الادربان فقط وهلك منها خمسة عشر الف نسمة وانشقت
الصخرة التي ببيت المقدس ثم عادت فالتأمت بقدرة الله تعالى وغار البحر مسيرة يوم
وساح في البر وخرب الدنيا ودخل الناس الى ارضه يلتقطون فرجع اليهم فأهلك خلقا
عظيما منهم قال المصنف وقرأت بخط ابي علي بن البناء قال اجتمع الاصحاب وجماعة
الفقهاء واعيان اصحاب الحديث في يوم السبت النصف من جمادى الاولى من سنة ستين
بالديوان العزيز وسألوا اخراج الاعتقاد القادري وقراءته فأجيبوا وقرىء هناك بمحضر
من الجمع وكان السبب ان ابن الوليد المعتزلي عزم على التدريس وحرضه على ذلك جماعة
من اهل مذهبه وقالوا قد مات الاجل ابن يوسف وما بقي من ينصرهم فعبر الشريف ابو
جعفر الى جامع المنصور وفرح اهل السنة بذلك وكان ابو مسلم الليثي البخاري المحدث
معه كتاب التوحيد لابن حزمة فقرأه على الجماعة وكان الاجتماع يوم السبت في الديوان
لقراءة الاعتقاد القادر والقائمي وفيه قال السلطان وعلى الرافضة لعنة الله
وكلهم كفار قال ومن لا يكفرهم فهو كافر
ونهض ابن فورك قائما فلعن المبتدعة وقال لا اعتقاد لنا الا ما اشتمل عليه فشكرته
الجماعة على ذلك وكان الشريف ابو جعفر والزاهد ابو طاهر الصحراوي وقد سألا أن يسلم
اليهم الاعتقاد فقال لهما الوزير ابن جهير ليس هاهنا نسخة غير هذه ونحن نكتب لكم
نسخة لنقرأ في المجالس فقال هكذا فعلنا في ايام القادر قرىء في المساجد والجوامع
وقال هكذا تفعلون فليس اعتقاد غير هذا وانصرفوا شاكرين
وفي يوم الاحد سابع جمادي الآخرة قرأ الشريف ابو الحسين بن المهتدي الاعتقاد
القادري والقائمي بباب البصرة وحضر الخاص والعام وكان قد سمعه من القادر وفي يوم
الثلاثاء ثامن ذي القعدة خرج توقيع الخليفة الى الوزير فخر الدولة ابي نصر محمد بن
محمد بن جهير متضمنا بعزله بمحضر من قاضي القضاة الدامغاني وعددت فيه ذنوبه فمنها
انه قيل له انك بدلت اشياء في الخدمة فوفيت توفيت بالبعض ومنها انك تحضر باب
الحجرة من غير استئذان وقد قلت ما يجب ان يدخل هذا المكان غيري ومنها انك لبست خلع
عضد الدولة في الدار العزيزة في اشياء اخر وقيل له انظر الى اي جهة تحب ان تقصد لنوصلك
اليها فبكى في الجواب بكاء شديدا وقلق قلقا عظيما واعتذر عن كل ذنب بما يصلح وقال
اذا رؤى ابعادي فاذا حلة ابن مزيد وبعد فانا اضرع الى العواطف المقدسة في اجرائي
على كريم العادة المألوفة في ترك المواخذة فخرج الجواب عن الفصل الأخير المتعلق
بالمسير الى الحلة بأن الامر يجري عليه واطرح جواب مساعده ثم اذن له في بيع غلاته
والتصرف في ماله وباع اصحابه ما لهم من الرحل والقماش وطلقوا النساء وظهر من
الاغتمام عليه من جميع اهل دار الخليفة الامر العظيم وكانوا يحضرون عنده فيبكي
ويبكون وخرج غلمانه واصحابه في يوم الخميس عاشر ذي القعدة وقدم له وقت العتمة من
ليلة الجمعة سميرية خالية من فرش وبارية وجاء هو وأولاده حتى وقف عند شباك المدورة
وظن ان الخليفة في الشباك فقبل الارض عدة دفعات وبكى بكاء شديدا وقال الله بيني
وبين من ثقل قلبك علي يا أمير المؤمنين فارحم
شيبتي واولادي وذلي وموقفي وارع لحرمتي
فلما يئس نزل الى دجلة معضدا بين نفسين وهو يبكي العامة تبكي لبكائه وتدعو له فيرد
عليهم ويودعهم ثم اعيد الى الوزارة بشفاعة دبيس بن مزيد
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
298 - خديجة بنت محمد
ابن علي بن عبدالله الواعظة المعروفة بالشاهجانية ولدت سنة اربع وسبعين وثلثمائة
وروت عن ابن سمعون وابن شاهين وكانت صادقة صالحا تسكن قطيعة الربيع وتوفيت في هذه
السنة ودفنت الى جنب ابن سمعون وكانت قد صحبته
299 - عبدالملك بن محمد
ابن يوسف ابو منصور الملقب بالشيخ الأجل ولم يكن في زمانه من يخاطب بالشيخ الاجل
سواه ولد في سنة خمس وتسعين وثلثمائة وسمع ابا عمر بن مهدي وابا الحسن بن الصلت
وابا الحسين بن بشران وغيرهم وكان اوحد اهل زمانه في فعل المعروف والقيام بامور
العلم والنصرة لاهل السنة والقمع لاهل البدع وافتقاد المستورين بالبر ودوام الصدقة
وكان اذا وصله احد وصل في سر حيث لا يراه احد فاذا شكره المعطي قال انما انا في
هذه العطية وسيط وليست من مالي ولما انحدر البساسيرى الى واسط اخذ اين يوسف معه
فنزل على رجل طحان فلما رحل عنه اعطاه شيئا ثم مضت مدة فركب الطحان ديون فقصد
بغداد ودخل على ابن يوسف فاكرمه وافرد له حجرة وكساه وامر بعض اصحابه ان يسأله سبب
قدومه فأخبره فحدث ابن يوسف بذلك فارسل رجلا الى واسط واكترى له سفينة وحمل فيها
ما يصلح حمله من الفواكة والتحف وكسوة كبيرة واعطاه مائتي دينار وقال له ناد في
الجامع من له دين على فلان فليحضر ومعه وثيقته فاذا حضروا فعرفهم فقره وان رجلا
اقرضه شيئا ليصالحوه على بعض ديونهم ففعل ذلك واشهد عليهم بالقبض وحمل تلك التحف
الى بيت الطحان وعاد الطحان
فظن ان ابن يوسف قد نسيه فأحضره وسأله عن سبب قدومه فأخبره الوثائق واعطاه مائة دينار قال المصنف رحمه الله قرأت بخط ابي الوفاء بن عقيل قال كان ابو منصور بن يوسف عين زماننا وكان قد انتقد اهل زمانه فاستعمل كل واحد منهم فيما يصلح لهم فاستعمل للحجر والباعة افره من وجد من الاحداث الاقوياء الشطار فما قهر على رأي ولا كسر له غرض في بيع واستعمل في اقامة الديانة الحنابلة مشايخ افراد زهاد متنزهين عن معاشرة السلاطين ومكاثرة ابناء الدنيا يقصدون ولا يقصدون العوام تعظمهم وتحبهم والسلاطين توقرهم واخذ بالعطاء والكفاية اصحاب عبد الصمد وهم اصحاب المساجد والزهاد واستعبد القصاص والوعاظ واكرم بني هاشم والاشراف بالعطاء الجزيل ثم عطف على الشحن والعمداء والعرب والتركمان فعقدعهم باللطائف والهدايا فصار في الحشمة والمحبة الذي لا يناله احد فاحتاج الى جاهه الخلفياء والملوك وما كان يسمع منه كلمة تدل على فعل فعله ولا انعام اسداه ولا منة على احد وصمد لحوائج الناس وكان يعظم من يقصده في حاجة اكثر من تعظيمه من يقصده في غير حاجة وتولى ابن يوسف المارستان وهو لا يوجد فيه دواء ولا طبيب والمرضى ينامون على بواري النقض فطبقه بخمسه وعشرين الف طابق ورتب فيه ثمانية وعشرين طبيبا وثلاثة خزان وابتاع له املاكا نفيسة وكان مقدما عند السلاطين ولقد ماتت ابنته وكانت زوجه ابي عبداله بن جردة فتبعها الاكابر والقضاة ومشوا بعض الطريق وجاءت صلف القهرمانة بطعام وشراب من عند الخيلفة وتوفي ابن يوسف في داره بباب المراتب يوم الثلاثاء ودفن يوم الاربعاء لاربع عشرة من محرم هذه السنة بقبر احمد وابيه وجده لأمه أبي الحسين بن السوسنجردى وغسله القاضي ابو الحسين بن المهتدي وصلى عليه ابنه ابو محمد الحسن داخل المقصورة وتبعه مائة الف رجل سوى النساء وعطلت اسواق بغداد قال محمد بن الفضل الهمذاني حدثني رجل من اهل النهروان ان ابن يوسف كان يعطيه كل سنة عشرة دنانير فأتى بعد
وفاته الى ابن رضوان فأذكره بها فأعرض
عنه فألح عليه فقال له اطلب ممن كان يعطيك فمضى الى قبر ابن يوسف وجلس عنده يترحم
عليه ويقرأ القرآن فوجد عنده قرطاسا فيه عشرة دنانير فأخذه وجاء الى ابن رضوان
فعرفه الحال فتعجب وتفكر فذكر انه زار ا لقبر وفي صحبته كواعذ فيها دنانير قد
اعدها للصداقة فسقط احدها فقال ابن رضوان خذه ولن اقطعك اياه كل سنة ما دمت حيا
ومن العجائب ما ذكره هبة الله بن المبارك السقطي قال توفى الأجل ابو منصور بن يوسف
فورث عنه ابناه ثلاثين الف دينار فتزوجها بابنتين على ابن جردة ورثتا عن ابيهما
ثلاثين الف دينار عقارا وعينا فانفق الجماعة ذلك في ايسر زمان حتى ظل قوم منهم
يتكففون الناس
300 - ابو جعفر الطوسي
فقيه الشيعة توفي بمشهد امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
461
- ثم دخلت سنة احدى وستين واربعمائه
فمن الحوادث فيها ان الرغبات في الوزارة زادت فطلبها من لا يصلح واستقر أمر ابن
عبد الرحيم فكتب العوام الرقاع والصقوها في الجامع باللعن لمن يسعى في هذا لان ابن
عبد الرحيم كان مع البساسيرى نهب الحرم وقالت خاتون للخليفة هذا الرجل من جملة من
نهبني وكان ابن جهير يواصل السؤال في العفو عن نفسه وتكلمت القهرمانة في حقه وبذل
عنه خمس عشرة الف دينار فوقعت الاجابة واعفى من المال وبعث حاجب الباب ابو عبدالله
المردوسي ومعه خادمان لاستدعائه فاقبل الى بغداد في يوم الاربعاء ثاني عشر صفر
وفرح الناس بمجيئه حتى صام بعضهم وتصدق وصعد الخليفة الى المنظرة التي على الحلبة
لمشاهدته فلما نزل الى هناك نزل تحتها وقبل الارض ودعا ثم ركب والعوام حوله فلما
وصل الى باب النوبي نزل فقبل العتمة ثم دخل الى الديوان وانتهى حضوره
فخرج في التوقيع وقف على ما انهبته
وحصولك واستقرارك بمقر عز خدمتك من الديوان مشمولا بعز الخدمة الشريفة قد اكمل
الله لك بيمن بركتها كل بغية واعادك الى افضل ما عهدته وليس فيما جرى بقادح في
موضعك فاكثر حمد الله على ما اولاك ثم جمع الناس الى بيت النوبة في يوم الاربعاء
ثالث ربيع الاول وجلس الخليفة في التاج واوصل الوزير وولداه الى حضرته فقال للوزير
الحمد لله جامع الشمل بعد شتاته وواصل الحبل بعد بتاته ثم خلع عليهم وركبوا في يوم
الجمعة سادس ربيع الاول الى جامع المدينة في موكب كبير والناس يضجون بالدعاء
والسرور به ومدحه ابن الفضل فقال
... قد رجع الحق الى نصابه ... وانت من دون الورى اولى به ... ما كنت الا السيف
سلته يد ... ثم ادعادته الى قرابه ... هزته حتى ابصرته صارما ... رؤيته تغنيك عن
ضرابه ... اكرم بها وزارة ما سلمت ... ما استودعت الا الى اربابه ... مشوقة اليك
مذ فارقتها ... شوق اخي الشيب الى شبابه ... حاولها قوم ومن هذا الذي ... يخرج
ليثا خادرا من غابة ... يدمى ابو الاشبال من زاحمه ... في خيسه بظفره ونابه ...
وهل رأيت او سمعت لابسا ... ما خلع الارقم من ثيابه ... ان الهلال يرتجى طلوعه ...
بعد السرار ليلة احتجابه ... والشمس لا يوءس من طلوعها ... وان طواها الليل في
جلبابه ... ما اطيب الاوطان الا انها ... احلى عليه اثر اغترابه ... لو قرب الدر
على جالبه ... ما لجج الغائص في طلابه ... ولو اقام لازما اصرافه ... لم تكن
التيجان في حسابه ... ما لؤلؤ البحر ولا مرجانه ... الاوراء الهول من عبابه
من يعشق العلياء يلق عندها ... ما لقى
المحب من احبابه ... طورا صدودا ووصالا مرة ... ولذة الوامق في عتابه ... ذل الفخر
الدولة الصعب الذرى ... وعلم الامام من آدابه ...
وفي ربيع الآخر جرت فتنة لاجل ابي الوفاء بن عقيل وكان اصحابنا قد نقموا عليه
تردده الى ابي علي بن الوليد في اشياء قريبة يقولها وكان في ابن عقيل فطة وذكاء
فأحب الاطلاع على كل مذهب يقصد ابن الوليد وقرأ عليه شيئا من الكلام في السر وكان
ربما تأول بعض اخبار الصفات فاذا انكر عليه ذلك حاول عنه واتفق انه مرض فاعطى رجلا
ممن كان يلوذ به يقال له معالي الحائك بعض كتبه وقال له ان مت فاحرقها بعدى فاطلع
عليها ذلك الرجل فرأى فيها ما يدل على تعظيم المعتزلة والرحم على الحلاج وكان قد
صنف في مدح الحلاج جزءا في زمان شبابه وذلك الجزء عندي بخطه تأول فيه اقواله وفسر
اسراره واعتذر له فمضى ذلك الحائك فاطلع على ذلك الشريف ابا جعفر وغيره فاشتد ذلك
على اصحابنا وراموا الايقاع به فاختفى ثم التجأ الى باب المراتب ولم يزل في الامر
يختبط الى ان آل الى الصلاح في سنة خمس وستين
وفي جمادي الاولى بلغت زيادة الماء احدى وعشرين ذراعا وثلثين وبلغ الى الثريا
وفجرت بثقا فوق دار الغربة وبلغ الماء الى مشهد النذور ومشهد السبتي وتلو في وسد
وفي عشية يوم الاربعاء رابع رجب ولد للامير عدة الدين مولود كنى ابا الفضل وسمى
احمد وجلس الوزير فخر الدولة من غد للهناء به بباب الفردوس وابتدأ العوام بتعليق
الاسواق ونصب القباب وتوفى وقت الظهر وحمل سرا الى الترب بالرصافة فحط ما علق
وورد من بلاد الروم من اخبر ان الامنشين الامير الافشين التركي ومن معه من الغزاة
خربوا بلادا كثيرة من بلاد الروم وبلغوا الى عمورية واتفق ان ملك الروم قبض على
بطريق كبير من بطارقته وهرب اخوه عند علمه بذلك فصادف افشين
في طريقه فعرفه ما لحق اخاه من الملك
ووعده ان يحتال على عمورية فيأخذها له وتحالفا علي ذلك وقصد البطريق ومن معه من
الروم عمورية وبين يديه الصلبان وراسل من فيها بان الملك انفذني اليكم لاعاونكم
واسد منكم لاجل هؤلاء الغزاة العائثين في اعمالكم فخرجوا فتلقوه ومشوا بين يديه
فحين ملك البطريق ومن معه البلد لحقه الافشين فدخل البلد فنهبه وقتل وسبى واخذ من
الاموال شيئا عظيما واسرى الى قريب بحيرة قسطنطينية فارغا على خير بلاد الروم هناك
واخذ منه نحو ستة آلاف دينار وعاد الى انطاكية فحصرها فتقرر عليها عشرين الف دينار
انبانا محمد بن ناصر الحافظ اخبرنا ابو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي قال
بيع السمك النيى عندنا بالكوفة في هذه السنة حدود اربعين رطلا بحبة وما رأينا
بالكوفة هكذا ولا حدثنا
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
301 - احمد بن الحسن
ابن الكاتب من ساكني الحريم الطاهرى ولد سنة ست وسبعين وثلثمائة وسمع ابني بشران
ابا الحسين وابا القاسم وغيرهما وكان صالحا ثقة توفى في ليلة السبت ثامن عشر ربيع
الآخر ودفن يوم السبت بباب حرب
302 - احمد بن ابي حنيفة
ابو طاهر حدث عن ابي الحسين السوسنجردي وتوفى يوم الخميس خامس عشر ربيع الاول ودفن
بباب حرب
303 - عبد الباقي بن محمد
ابن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بصهر عبد الله البزار المعدل ولد سنة
احدى وثمانين وثلثمائة وحدث عن أبي الحسن بن الصلت وتوفىفي صفر وقيل في محرم سنة
احدى وستين وكان ثقة
سنة 462
ثم دخلت سنة اثنتين وستين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه كان ثلاث ساعات من يوم الثلاثاء الحادي عشر من جمادي الاولى
وهو الثامن عشر من آذار زلزلة عظيمة بالرملة واعمالها فذهب اكثرها وانهدم سورها
وعم ذلك ببيت المقدس وتنيس وانخسفت ايلةكلها وانجفل البحر في وقت الزلزلة حتى
انكشفت ارضه ومشى الناس فيه ثم عاد الى حاله وتغيرت احدى زوايا الجامع بمصر وتبع
هذه الزلزلة في ساعتها زلزلتان
وتوجه ملك الروم من قسطنطينية الى الشام في ثلثمائة الف ونزل علي منبج ستة عشر
يوما وسار اليه المسلمون فانهزم المسلمون وقتل جماعة منهم واحرق ما بين بلد الروم
ومنبج من الضياع والقرى وقتل رجالهم وسبي نساءهم وخاف اهل حلب خوفا شديدا ثم
انقطعت الميرة عن ملك الروم فهلك من معه جوعا فرجع
وفي هذه السنة فسدت احوال ملك مصر وقوتل فاحتاج فأخذ ما في مشهد ابراهيم الخليل
عليه السلام وضاقت يد ابن ابي هاشم امير مكة لانقطاع ما كان يصله من مصر وغيرها
فعمد الى باب الكعبة فقلع الذي فيه وسبكه والى قبلتها وميزابها وحلق بابها فكسره
وضربه دنانيز ودراهم ثم عدل الى مصادارت اهل مكة حتى رحلوا عنها وكذلك صنع امير
المدينة فأخذ قناديل وآلات فضة كانت هناك فسبكها
وفي يوم الاثنين السادس والعشرين من جمادي الآخرة جمع الامير العميد ابو نصر
الوجوه فاحضر ابا القاسم بن الوزير فخر الدولة والنقيبين والاشراف وقاضي القضاة
والشهود الى المدرسة النظامية وقرئت كتب وقفتها ووقف كتب فيها ووقف ضياع واملاك
وسوق ابنيت على بابها عليه وعلى اولاد نظام الملك على شروط شرطت فيها
وفي شهر رجب وصل رسول السلطان للخدمة
والدعاء واجيب بما اشرف به واضحت توقيعا للديوان بعشرة آلاف دينار على الناظر
ببغداد وتوقيعا باقطاع مبلغ ارتفاعه سبعة آلاف دينار كل سنة من واسط والبصرة
وفي ذي القعدة من مصر والشام عدد كثير من رجال ونساء هاربين من الجرف والغلاء
واخبروا أن مصر لم يبق بها كبير احد من الجوع والموت وان الناس أكل بعضهم بعضها
وظهر علي رجل قد ذبح عدة من الصبيان والنساء وطبخ لحومهم وباعها وحفر حفيرة دفن
فيها رؤرسهم واطرافهم فقتل وأكلت البهائم فلم يبق الا ثلاثة افراس لصاحب مصر بعد
الوف من الكراع وماتت الفيلة وبيع الكلب بخمسة دنانير وأوقية زيت بقيراط واللوز
والسكر بوزن الدراهم والبيضة بعشرة قراريط والراوية الماء بدينار لغسل الثياب وخرج
وزير صاحب مصر الي السلطان فنزل عن بغلته وما معه الاغلام واحد لعدم ما يطعم
الغلمان فدخل وشغل الركابي عن البغلة لضعف قوته فأخذها ثلاثة انفس ومضوا بها
فذبحوها واكلوها فانهى ذلك الى صاحب مصر فتقدم بقتلهم وصلبهم فصلبوا فلما كان من
الغد وجدت عظامهم مرمية تحت خشبهم وقد اكلهم الناس وكانت البادية تجلب الطعام
فتبيع الحمل بثلاثمائة دينار خارج البلد ولا يتجاسرون ان يدخلوا البلد ومن اشترى
منه فربما نهبه الناس منه وبيع من ثياب صاحب مصر وآلاته ما اشترى منه في دار
الخلافة فوجدت فيه اشياء كانت نهبت عند القبض على الطائع واشياء نهبت في نوبة
البساسيرى وخرج من خزانة السلاح التي لصاحب مصر احد عشر الف درع وتجفاف وعشرون الف
سيف محلى وثمانون الف قطعة بلور كبار وخمسة وثمانون الف وسبعون الف قطعة من
الديباج القديم وبيعت ثياب النساء وسجف المهود وبيع من ذلك طست وابريق بلور باثنى
عشر دينارا وبيع من هذا الجنس وحده نحو ثمانين الف قطعة وبيع نحو خمس وسبعين
الف قطعة من الثياب الديباج وبيعت عشر
حبات وزنها عشرة مثاقيل باربعمائة دينار وباع رجل دارا بمصر كان ابتاعها بتسعمائة
دينار بسبعين دينار فاشترى بها دون الكارة من الدقيق
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
304 - احمد بن محمد
ابن سياووش الكازروني سمع ابا احمد الفرضى وهلالا الحفار وابا عبد الله بن دوست
وغيرهم وكان مكثرا ثقة صالحا من اهل السنة صحيح السماع حدثنا عنه ابو عبد الله بن
السلال وتوفى في جمادي الآخرة من هذه السنة ودفن قريبا من رباط عتاب بالجناب
الغربي
305 - احمد بن الحسن
اللحيانى الصغار توفى في رجب وكان يقرئ القرآن
306 - احمد بن علي
الاسد آباذى ابو منصور حدث عن الصيدلانى وغيره روى عنه ابو الفضل ابن خيرون واطلق
عليه الكذب الصريح واختلاف الشيوخ الذين لم يكونوا وادعى مالم يسمع
307 - الحسن بن علي
ابن محمد بن بارى الجوائز الكاتب الواسطى ولد سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة سكن
بغداد دهرا طويلا وكان أديبا شاعرا مليح الشعر اخبرنا ابو بكر محمد بن عبد الباقي
قال انشدنا ابو الجوائز الحسن بن علي بن بارى الواسطى لنفسه
... واحربا من قولها ... خان عهودي ولها ... وحق من صيرني ... وقفا عليها ولها ...
ما خطرت بخاطري ... الاكستنى ولها
308 - عبد الله بن عبد العزيز
ابن باكوية روى الحديث وتوفى في رجب ودفن في باب حرب
309 - محمد بن احمد
ابن سهل ابو غالب بن بشران النحوى الواسطى ويعرف بابن الخالة ولد سنة ثلاثين
وثلثمائة وكان عالما بالادب وانتهت اليه الرحلة في اللغة سمع ابا الحسين علي بن
محمد بن عبد الرحيم وابا القاسم علي بن طلحة وابا عبد الله الحسين بن الحسن العلوي
في آخرين حدث عنه ابو بكر الحميدى وغيره وله من الشعر المستحسن اخبرنا محمد بن
ناصر قال انشدنا ابو عبد الله الحميدي قال انشدني ابو غالب بن بشران لنفسه
... ياشائد للقصور كهلا ... اقصر فقصر الفتى الممات ... لم يجتمع شمل اهل قصر ...
الا وقصراهم الشتات ... وانما العيش مثل ظل ... متنقل ماله ثبات ... قال وانشدني
لنفسه ... سيان ان لاموا وإن غدروا ... مالى عن الأحباب مصطبر ... ان واصلوا شكروا
وانهجروا ... عذروا وما اجترموه مغتفر ... لا غرو ان اغر بحبهم ... اذ ليس لى في
غيرهم وطر ... فليفعلوا ما حاولوا فهم ... منى بحيث السمع والبصر ... لا بدلى منهم
وان تركوا ... قلبي بنار الهجر يستعر ... وعلى ان ارضى بما اصطنعوا ... واطيعهم في
كل ما امروا ... قال وانشدني لنفسه ... ولما اثاروا العيس بالبين بينت ... غرامي
لمن حولي دموع وانفاس ... فقلت لهم لا بأس بي فتعجبوا ... وقالوا الذي ابديته كله
بأس
تعوض بانس الصبر من وحشة الاسى ... فقد
فارق الاحباب من قبلك الناس ...
قال وانشدني لنفسه
... ودعتهم ولي الدنيا مودعه ... ورحت مالي سوى ذكراهم وطر ... وقلت يا لذتي بيني
لبينهم ... فان صفو حياتي بعدهم كدر ... لولا تعلل قلبي بالرجاء لهم اذحدوا بالعيس
ينفطر ... يا ليت عيسهم يوم النوى نحرت ... اوليتها للضوارى بالفلاجزر ... يا ساعة
البين انت الساعة اقتربت ... يالوعة البين انت النار تستعر ... قال وانشدني لنفسه
... طلبت صديقا في البرية كلها ... فاعيا طلابي ان اصيب صديقا ... بلى من تسمى
بالصديق مجازة ... ولم يك في معنى الواداد صدوقا ... فطلقت ود العالمين صريمة ...
واصبحت من اسر الحفاظ طليقا ...
توفى ابن بشران في منتصف رجب هذه السنة
310 - محمد بن الحسين
ابن عبد الله بن احمد بن الحسن بن ابي علانة ولد في سنة ثمانين وثلثمائة وحدث عن
ابي طاهر المخلص روى عنه ابو بكر الخطيب وكان سماعه صحيحا وتوفى فجاءة يوم الخميس
العشرين في شعبان ودفن يوم الجمعة عند قبر معروف الكرخي
سنة 463
ثم دخلت سنة ثلاث وستين واربعمائة
فمن الحوادث فيها انه ورد علىالسلطان خبر ملك الروم في جمعة العساكر الكثير ومسيره
نحو البلاد الاسلامية وكان السلطان في فل من العسكر لأنهم عادوا من الشام جافلين
الى خراسان للغلاء الذي استنفذ اموالهم فطلبوا مراكزهم راجعين وبقى السلطان في نحو
اربعة آلاف غلام ولم ير مع ذاك ان يرجع الى بلاده ولم يجمع عساكره فيكون هزيمة على
الاسلام واحب الغزاة والصبر فيها فأنفذ خاتون السفرية ونظام الملك والاثقال الى
همذان وتقدم اليه
بجمع العساكر وانفاذها اليه وقال له ولوجوه عسكره انا صابر في هذه الغزاة صبر المحتسبين وصائر اليه مصيرا المخاطرين فان سلمت فذاك ظني في الله تعالى وان تكن الاخرى فانا اعهد اليكم ان تسمعوا لولدي ملك شاه وتطيعوه وتقيموه مقامي وتملكوه عليكم فقد وقفت هذا الأمر عليه ورددته اليه فأجابوه بالدعاء والسمع والطاعة وكان ذلك من فعل نظام الملك وترتيبه ورأيه وبقى السلطان مع القطعة من العسكر المذكورة جريدة ومع كل غلام فرس يركبه وفرس يجنبه وسار قاصدا لملك الروم فحاربهم فنصر عليهم وأخذ الصليب وهربوا بعد ان اثخنوا قتلا وجراحا وحمل مقدمهم الى السلطان فأمر بجدع انفه وانفذ الصليب وكان خشبا وعليه فضة واقطاع من الفيروزج وإنجيلا كان معه في سفط من فضة الى همذان وكتب معه الى نظام الملك بالفتح وامرأن يحمل الى حضرة الخلافة ووصل ملك الروم فالتقيا يموضع يقال له الرهوة في يوم الاربعاء لخمس بقين من ذي القعدة وكثر عسكر الروم وجملة من كان مع السلطان يقاربون عشرين الفا وأما ملك الروم فانه كان معه خمسة وثلاثون الفا من الافرنج وخمسة وثلاثون الفا في مائتين بطريق ومتقدم مع كل رجل منهم بين الفى فارس الى خمسمائة وكان معه خمسة عشر الف من الغز الذين من وراء القسطنطينية ومائة الف نقاب وحفار ومائة الف روز جارى واربعمائة عجلة عليها السلاح والسروج والعرادات والمجانيق منها منجنيق يمده الف رجل ومائتا رجل فراسل السلطان ملك الروم بان يعود الى بلاده واعود انا وتتم الهدنة بيننا التي توسطنا فيها الخليفة وكان ملك الروم قد بعث رسوله يسأل الخليفة ان يتقدم الى السلطان بالصلح والهدنة فعاد جواب ملك الروم بأني قد انفقت الاموال الكثيرة وجمعت العساكر الكثيرة للوصول الى مثل هذه الحالة فاذا ظفرت بها فكيف اتركها هيهات لا هدنة الا بالرى ولا رجوع الا بعد ان افعل ببلاد الاسلام مثل ما فعل ببلاد الروم فلما كان وقت الصلاة من يوم الجمعة صلى السلطان بالعسكر ودعا الله تعالى وابتهل
وبكى وتضرع وقال لهم نحن مع القوم تحت
الناقص واريد ان اطرح نفسى عليهم في هذه الساعة التي يدعى فيها لنا وللمسلمين علي
المنابر فاما ان ابلغ الغرض واما ان امضى شهيدا الى الجنة فمن احب ان يتيعنى منكم
فليتبعنى ومن احب ان ينصرف فليمض مصاحبا عنى فما ها هنا سلطان يأمر ولا عسكر يؤمر
فانما انا اليوم واحد منكم وغاز معكم فمن تبعني ووهب نفسه لله تعالى فله الجنة
والغنيمة ومن مضى عليه النار والفضيحة
فقالوا له ايها السلطان نحن عبيدك ومهما فعلته تبعناك فيه واعناك عليه فأفعل ما
تريد فرمى القوس والنشاب ولبس السلاح واخذ الدبوس وعقد ذنب فرسه بيده وركبها
ففعلوا مثله وزحف الى الروم وصاح وصاحوا وحمل عليهم وثار الغبار واقتتلوا ساعة
اجلت الحال فيها عن هزيمة الكفار فقتلوا يومهم وليلتهم القتل الذريع ونهبوا وسبوا
النهب والسبي العظيم ثم عاد السلطان الى موضعه فدخل عليه الكهراى الخادم فقال يا
سلطان احد غلماني قد ذكر ان ملك الروم في أسره هذا الغلام عرض على نظام الملك في
جملة العسكر فاحتقره واسقطه فخوطب في امره فأبى ان يثبته وقال مستهزيا لعله ان
يجيئنا بملك الروم اسيرا فأجرى الله تعالى اسر ملك الروم على يده واستبعد السلطان
ذلك واستحضر غلاما يسمى شاذى كان مضى دفعات مع الرسل الى ملك الروم فامره بمشاهدته
وتحقيق امره فمضى فرآه ثم عاد فقال هو هو فتقدم بضرب خيمة له ونقله اليها وتقييده
وغل يده الي عنقه وان يوكل به مائة غلام وخلع على الذي اسره وحجبه واعطاه ما
اقترحه واستشرحه الحال فقال قصدته وما اعرفه وحوله عشرة صبيان من الخدم فقال لي
احدهم لا تقتله فانه الملك فأسرته وحملته فتقدم السلطان باحضاره فاحضر بين يديه
فضربه بيده ثلاث مقارع أو أربعا ورفسه مثلها فقال له الم اذن لرسل الخليفة في قصدك
وامضاء الهدنة معك واجابتك في ذلك الى ملمسك الم ارسلك الآن وابذل لك الرجوع عنك
فابيت الا ما يشبهك وأي شئ حملك على البغي فقال قد
جمعت ايها السلطان واستكثرت واستظهرت
وكان النصر لك فافعل ما تريد ودعني من التوبيخ قال فلو وقعت معك ماذا كنت تفعل بي
قال القبيح قال صدق والله ولو قال غير ذلك لكذب وهذا رجل عاقل جلد لا ينبغي ان
يقتل قال وما تظن الآن ان يفعل بك قال احد ثلاثة اقسام الاولى قتلى والثاني اشهاري
في بلادك التي كدت بقصدها واخذها والثالث لا فائدة في ذكره فانك لا تفعله قال
فاذكره قال العفو عني وقبول الاموال والفدية مني واصطناعي وردى الى ملكي مملوكا لك
نائبا في ملك الروم عنك فقال ما اعتزمت فيك الا هذا الذي وقع يأسك منه وبعد ظنك
عنه فهات الاموال التي تفك رقبتك فقال يقول السلطان ما شاء فقال اريد عشرة آلاف
الف دينار فقال والله انك تستحق مني ملك الروم اذا وهبت لي نفسي ولكني قد انفقت
واستملكت من اموال الروم عشر الف دينار منذ وليت عليهم في تجديد العساكر والحروب
التي بليت بها الى يومي هذا فافقرتهم بذلك ولولا هذا ما استكثرت شيئا تقترحه فلم
يزل الخطاب يتردد الى ان استقر الامر على الف الف وخمسمائة الف دينار وفي الهدنة
على ثلاثمائة الف وستين الف دينار في كل سنة واطلاق كل اسير في الروم وحمل ألطاف
وتحف مضافة الي ذلك وان يحمل من عساكر الروم المزاحة العلل ما يلتمس اي وقت دعت
حاجة اليها فقال له اذا كنت قد مننت على فعجل تسريحي قبل ان تنصب الروم ملكا غيري
ولا يمكنني ان اقرب منهم ولا أفي بشئ مما بذلته
فقال السلطان اريد أن تعيد أنطاكية والرها ومنبح فانها اخذت من المسلمين عن قرب
وتطلق اسارى المسلمين فقال اذا رجعت الى ملكي فأنفذ الى كل موضع منها عسكرا وحاصره
لا توصل الى تسليمها فاما ان ابتدئ بذلك فلا يقبل مني واما الاسارى فانا اسرحهم
وافعل الجميل معهم فتقدم السلطان يفك قيده وغله ثم قال اعطوه قدحا ليسقينيه فاعطى
فظن انه له فاراد ان يشربه فمنعه منه وامر ان يخدم السلطان ويتقدم اليه ويناوله
اياه وأومأ الى الارض ايماء قليلا
على عادة الروم وتقدم اليه فأخذ السلطان القدح وجز شعره فجعل وجهه على الارض وقال اذا خدمت الملوك فافعل هكذا وكان لذلك سبب اقتضاه وهو ان السلطان قال بالرى ها انا امضي الى قتال ملك الروم واخذه اسيرا واقيمه على رأسى ساقيا وانصرف ملك الروم الى خيمته فاقترض عشرة آلاف دينار فاصلح منها شأنه وفرق في الحواشي والاتباع والموكلين به واشترى جماعة من بطارقته واستوهب آخرين فلما كان من الغد احضره وقد ضرب له سريره وكرسيه اللذان ان اخذا منه فأجلسه عليهما وخلع قباءه وقلنسوته فألبسه اياهما وقال له قد اصطنعتك وقنعت بقولك وانا اسيرك الى بلادك واردك الى ملكك فقبل الارض وقال له أليس ينفذ اليك خليفة الله تعالى في ارضه رسولا يحملك به ويقصد اصلاح امرك فتأمر بأن يكشف رأسه ويشد وسطه ويقبل الارض بين يديك وكان بلغه انه فعل هذا بابن الحلبان فقال ما فعلت فقال أليس الأمر على ما يقول وبان له منه تغير فقال يا سلطان في اي شئ وفقت حتى اوفق في هذا وقام وكشف رأسه وأومأ الى الارض وقال هذا عوض عما فعلته برسوله فسر السلطان بذلك وتقدم بأن عقدت له رأية عليها مكتوب لا اله الا الله محمد رسول الله فرفعها على رأسه وانفذ حاجبين ومائة غلام يسيرون معه الى قسطنطينية وشيعة نحو فرسخ فلما ودعه اراد ان يترجل فمنعه السلطان واعتنقا ثم افترقا وهذا الفتح في الاسلام كان عجبا لا نظير له فان القوم اجتمعوا ليزيلوا الاسلام واهله وكان ملك الروم قد حدثته نفسه بالمسير الى السلطان ولو الى الرى واقطع البطارقة البلاد الاسلامية وقال لمن اقطعه بغداد لاتتعرض لذلك الشيخ الصالح فانه صديقنا يعني الخليفة وكانت البطارقة تقول لا بد ان نشتو بالرى ونصيف بالعراق ونأخذ في عودنا بلاد الشام فلما كان الفتح ووصل الخبر الى بغداد ضربت الدبادب والبوقات وجمع الناس في بيت النوبة وقرئت كتب الفتح ولما بلغ الروم ما جرى حالوا بينه وبين الرجوع الى بلادهم وملكوا غيره فأظهر الزهد ولبس الصوف وانفذ الى السلطان مائتي الف دينار وطبق
ذهب عليه جواهر قيمتها تسعون الف دينار
وحلف بالانجيل انه ما يقدر على غير ذلك وقصد ملك الارمن مستضيفا به وكحله وبعث الى
السلطان يعلمه بذلك
ذكر من توفى في هذه السنة من الاكابر
311 - احمد بن محمد
ابن عبد العزيز ابو طاهر العكبرى ولد سنة تسعين وثلثمائة وسمع الحديث مع اخيه ابي
منصور النديم وتوفى في ربيع الآخر من هذه السنة وكان سماعه صحيحا
312 - احمد بن علي
ابن ثابت بن احمد بن مهدي الخطيب ابو بكر ولد يوم الخميس لست بقين من جمادي الآخرة
سنة احدى وتسعين وثلثمائة كذا رأيته بخط ابي الفضل بن خيرون واول ما سمع الحديث في
سنة ثلاث واربعمائة وهو ابن احد عشرة سنة ونشأ ابو بكر ببغداد وقرأ القرآن
والقراآت وتفقه على ابي الطيب الطبري واكثر من السماع من البغدادين ورحل الى
البصرة ثم الى نيسابور ثم الى اصبهان ودخل في طريقه همذان والجبال ثم عاد الى
بغداد وخرج الى الشام وسمع بدمشق وصور ووصل الى مكة وقد حج في تلك السنة ابو عبد
الله محمد بن سلامة القضاعي فسمع منه وقرأ صحيح البخاري على كريمة بنت احمد
المروزية في خمسة ايام ورجع الى بغداد فقرب من ابي القاسم بن المسلمة الوزير وكان
قد اظهر بعض اليهود كتابا وادعى انه كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم باسقاط
الجزية عن اهل خيبر وفيه شهادات الصحابة وان خط علي بن ابي طالب فيه فعرضه رئيس
الرؤساء ابن المسلمة على ابي بكر الخطيب فقال هذا مزور قيل من اين لك قال في
الكتاب شهادة معاوية بن ابي سفيان ومعاوية اسلم يوم الفتح وخيبر كانت في سنة سبع
وفيه شهادة سعد بن معاذ وكان قد مات يوم الخندق فاستحسن
ذلك منه فلما جاءت نوبة البساسيرى استتر الخطيب وخرج من بغداد الى الشام واقام بدمشق ثم خرج الى صور ثم الى طرابلس ثم الى حلب ثم عاد الى بغداد في سنة اثنتين وستين واقام بها سنة ثم توفى فروى تاريخ بغداد وسنن أبي داود وغير ذلك وانتهى اليه علم الحديث وصنف فأجاد فله ستة وخمسون مصنفا بعيدة المثل منها تاريخ بغداد وشرف اصحاب الحديث وكتاب الجامع لاخلاق الراوي وآداب السامع والكفاية في معرفة اصول علم الرواية وكتاب المتفق والمفترق وكتاب السابق واللاحق وتلخيص المتشابه في الرسم وكتاب باقي التلخيص وكتاب الفصل والوصل والمكمل في بيان المهمل والفقيه والمتفقة وكتاب غنية المقتبس في تمييز الملتبس وكتاب الاسماء المبهمة والانباء المحكمة وكتاب الموضح اوهام الجمع والتفريق وكتاب المؤتنف بكلمة المختلف والمؤتلف وكتاب لهج الصواب في ان التسمية من فاتحة الكتاب وكتاب الجهر بالبسملة وكتاب رافع الارتياب في المقلوب من الاسماء والألقاب وكتاب القنوت وكتاب التبيين لأسماء المدلسين وكتاب تمييز المزيد في متصل الاسانيد وكتاب من وافق كنيته اسم أبيه وكتاب من حدث فنسى وكتاب رواية الآباء عن الابناء وكتاب الرحلة وكتاب الرواة عن مالك وكتاب الاحتجاج عن الشافعي فيما اسند اليه والرد على الطاعنين بجهلهم عليه وكتاب التفصيل لمبهم المراسيل وكتاب اقتفاء العلم بالعمل وكتاب تقييد العلم وكتاب القول في علم النجوم وكتاب روايات الصحابة عن التابعين وكتاب صلاة التسبيح وكتاب مسند نعيم بن حماد وكتاب النهي عن صوم يوم الشك وكتاب الاجازة للمعدوم المجهول وكتاب روايات السنة من التابعين وكتاب البخلاء فهذا الذي ظهرلنا من مصنفاته ومن نظر فيها عرف قدر الرجل وما هيئ له مما لم يتهيأ لمن كان احفظ منه كالدارقطني وغيره وقد روى لنا عن ابي الحسين ابن الطيوري انه قال اكثر كتب الخطيب مستفادة من كتب الصورى ابتدأ بهما قال المصنف وقد يضع الانسان طريقا فتسلك وما قصر الخطيب علي كل حال
وكان حريصا على علم الحديث وكان يمشي في
الطريق وفي يده جزء يطالعه وكان حسن القراءة فصيح اللهجة عارفا بالأدب يقول الشعر
الحسن انبأنا ابو الحسن محمد بن احمد بن ابراهيم الصائغ قال انبأنا ابو بكر الخطيب
انه قال لنفسه
... لعمرك ما شجاني رسم دار ... وقفت به ولا ذكر المغاني ... ولا اثر الخيام اراق
دمعي ... لأجل تذكري عهد الغراني ... ولا ملك الهوى يوما قيادي ... ولا عاصيته
فثنى عناني ... عرفت فعاله بذوي التصابي ... وما يلقون من ذل الهوان ... فلم اطمعه
في وكم قتيل ... له في الناس ما يحصى وعان ... طلبت اخا صحيح الود محضا ... سليم
الغيب مأمون اللسان ... فلم اعرف من الاخوان الا ... نفاقا في التباعد والتداني
... وعالم دهرنا لا خير فيه ... ترى صوراتروق بلا معاني ... ووصف جميعهم هذا فما
ان ... اقول سوى فلان أو فلان ... ولما لم اجد حرا يؤاتي ... على ما ناب من صرف
الزمان ... صبرت تكرما الفراغ دهرى ... ولم اجزع لما منه دهاني ... ولم اك في
الشدائد مستكينا ... اقول لها ألا كفى كفاني ... ولكني صليب العود عود ... ربيط
الجأش مجتمع الجنان ... أبي النفس لا اختار رزقا ... يجيء بغير سيفى او سنانى ...
لعز في لظى باغية يشوى ... الذ من المذلة في الجنان ... ومن طلب المعالي وابتغاها
... ادار لها رحى الحرب العون ...
قال المصنف رحمة الله هذه الابيات نقلتها من خط ابي بكر قالها لنفسه وله اشعار
كثيرة وكان ابو بكر الخطيب قديما علي مذهب احمد من حنبل فمال عليه اصحابنا لما
رأوا من ميله الي المبتدعة وآذوه فانتقل الى مذهب الشافعي وتعصب في تصانيفه عليهم
فرمز الى ذمهم وصرح بقدر ما امكنه فقال في ترجمة احمد بن حنبل سيد المحدثين وفي
ترجمة الشافعي تاج الفقهاء فلم يذكر احمد بالفقه وحكى
في ترجمة حسين الكرابيسى انه قال عن احمد ايش نعمل بهذا الصبي ان قلنا لفظنا بالقرآن مخلوق قال بدعة وان قلنا غير مخلوق قال بدعة ثم التفت الي اصحاب احمد فقدح فيهم بما امكن وله دسائس في ذمهم من ذلك انه ذكر مهنأ بن يحيى وكان من كبار اصحاب احمد وذكر عن الدارقطني انه قال مهنأ ثقة نبيل وحكى بعد ذلك عن أبي الفتح الازدي انه قال مهنأ منكر الحديث وهو يعلم ان الازدي مطعون فيه عند الكل قال الخطيب حدثني ابو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الارموي قال رأيت اهل الموصل يهينون ابا الفتح الازدي ولا يعدونه شيئا قال الخطيب حدثني محمد بن صدقة الموصلى ان ابا الفتح قدم بغداد على ابن بديه فوضع له حديثا ان جبريل عليه السلام كان ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم في صورنا فأعطاه دراهم فلا يستحي الخطيب ان يقابل قول الدارقطني في مهنا بقول هذا ثم لا يتكلم عليه هذا ينبئ عن عصبية وقلة دين قال الخطيب على أبي الحسن التميمي بقول أبي القاسم عبد الواحد بن علي الاسدي وهو ابن برهان وكان الاسدي معتزليا وقد انتصرت للتميمي من الخطيب في ترجمته وقال الخطيب علي أبي عبد الله بن بطة بعد ان ذكر عن القاضي أبي حامد الدلوي والعتيقي انه كان صالحا مستجاب الدعوة ثم عاد يحكى عن أبي ذر الهروى وهو اول من ادخل الحرم مذهب الاشعري القدح في ابن بطة ويحكى عن ابي القاسم بن برهان القدح فيه وقد انتصرت لا بن بطة من الخطيب في ترجمته ومال الخطيب علي ابي علي بن المذهب بما لا يقدح عند الفقهاء وانما يقدح ما ذكره في قلة فهمه وقد ذكرت ذلك في ترجمة ابن المذهب وكان في الخطيب شيئان احدهما الجرى على عادة عوام المحدثين في الجرح والتعديل فانهم يجرحون بما ليس يجرح وذلك لقلة فهمهم والثاني التعصب على مذهب احمد واصحابه وقد ذكر في كتاب الجهر احاديث نعلم انها لا تصح وفي كتاب القنوت ايضا وذكر في مسإلة صوم يوم الغيم حديثا يدرى انه موضوع فاحتج به ولم يذكر عليه شيئا وقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال من روى حديثا يرى انه
كذب فهو احد الكاذبين وقد كشف عن جميع ذلك في كتاب التحقيق في احاديث التعليق وتعصبه على ابن المذهب ولاهل البدع مألوف منه وقد بان لمن قبلنا فانبأنا ابو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عن أبيه قال سمعت اسمعيل بن أبي الفضل القومسي وكان من اهل المعرفة بالحديث يقول ثلاثة من الحافظ لا احبهم لشدة تعصبهم وقلة انصافهم الحاكم ابو عبد الله وابو نعيم الاصبهاني وابو بكر الخطيب قال المصنف لقد صدق اسمعيل وقد كان من كبار الحفاظ ثقة صدوقا له معرفة حسنة بالرجال والمتون غزير الديانة سمع ابا الحسين بن المهتدى وجابر بن ياسين وابن النقور وغيرهم وقال الحق فان الحاكم كان متشيعا ظاهر التشيع والآخران كانا يتعصبان للمتكلمين والاشاعرة وما يليق هذا بأصحاب الحديث لأن الحديث جاء في ذم الكلام وقد اكد الشافعي في هذا حتى قال رأئى في اصحاب الحديث ان يحملوا على البغال ويطاف بهم وكان للخطيب شئ من المال فكتب الى القائم بأمر الله اني اذا مت كان مالي لبيت المال واني استأذن ان افرقه على من شئت فأذن له ففرقه على اصحاب الحديث وكان مائتي دينار ووقف كتبه على المسلمين وسلمها الى ابي الفضل فكان يعزها ثم صارت الى ابنه الفضل فاحترقت في داره ووصى الخطيب ان يتصدق بجميع ما عليه من الثياب وكان يقول شربت ماء زمزم على نية ان ادخل بغداد واروى بها التاريخ وان اموت بها وادفن بجنب بشر بن الحارث وقد رزقني الله تعالى دخولها ورواية التاريخ بها وانا ارجوا الثالثة واوصى ان يدفن الىجانب بشر توفى ضحوة نهار يوم الاثنين سابع ذي الحجة من هذه السنة في حجرة كان يسكنها بدرب السلسلة في جوار المدرسة النظامية وحمل جنازته ابو اسحاق الشيرازي وعبر به على الجسر وجازوا به في الكرخ وحمل الى جامع المنصور وحضر الاماثل والفقهاء والخلق الكثير وصلى عليه ابو الحسين بن المهتدى ودفن الى جانب بشر وكان احمد بن علي الطريثيني قد حفر هناك قبر النفسه فكان يمضي الى ذلك الموضع ويختم فيه القرآن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق